عـيون الـمها بين الرصافةِ والجسرَِ جلبن الهوى من حيثُ أدري ولا أدري!
11-01-2013, 02:25 AM
قدم علي بن الجهم على المتوكل "الشاعر العراقي" - و كان بدويًّا جافياً جاف الألفاظ - فأنشده قصيدة قال فيها :

أنتَ كالكلبِ في حفاظك للودِّ
و كالتيسِ في قراعِ الخُطوبِ

أنت كالدلوِ لا عدمناك دلواً
من كبار الدلاءِ كثير الذّنوبِ

فعرف المتوكل قوته ، و رقّة مقصده و خشونة لفظه ، وذ لكـ لأنه وصف كما رأى و ‏لعدم المخالطة و ملازمة البادية . فأمر له
بدار حسنة على شاطئ دجلة فيها بستان يتخلله نسيم ‏لطيف و الجسر قريب منه ، فأقام ستتة اشهر على ذلك ثم استدعاه الخليفة
لينشد ، فقال :‏
عيون المها:
عـيون الـمها بين الرصافةِ والجسرَِ
جلبن الهوى من حيثُ أدري ولا أدري!

خـليلــي مـا أحـلى الـــــــهوى وأمـرَّهُ
أعـرِّفـني بـالحلوِ مـنهُ وبـالمرِّ!

كـفى بـالهوى شغلاً وبالشيب زاجراً
لـو أن الـهوى مـما ينهنه بالزجر ِ

بـما بـيننا مـن حـرمة هــــــل علمتما
أرق من الشكوى وأقسى من الهجر ِ؟

و أفـضح مـن عـين المحب لسِــــرِّهِ
ولا سـيما إن أطـلقتْ دمـعة ً تجري

وإن أنـستَ لـلأشياءِ لا أنسى قولـَها
جـارتها : مـا أولـعَ الـحبَّ بالحرِّ

فـقالت لـها الأخـرى : فما لصديقنا
مـعنى وهـل في قتلهِ لكِ من عذر ِ؟

صَِـليهِ لـعلَّ الوصلَ يحييهِ واعلمي
بـأنَّ أسـيرَ الـحبَِّ في أعظم ِ الأسر ِ

فـقـالت أذودُ الـناسَ عـنه وقـلـَّمـا
يـطيبُ الـهوى إلا لـمنهتكِ الستر ِ

و أيـقـنتا أن قـد سـمعتُ فـقالتـــــــا
مـن الطارق المصغي إلينا وما ندري !

فـقلت: فـتى إن شـئتما كـتم الهوى
وإلا فـخـلاع الأعـنـة والـغـدر ِ

فقال المتوكل : أوقفوه ، فأنا أخشى أن يذوب رقة و لطافة ً .