هذه أسرار مسابقات جمال الرّجال في الجزائر!
03-11-2017, 02:51 PM



كريمة خلاّص

صحافية بقسم المجتمع في جريدة الشروق اليومي

زحفت مسابقات جمال العالم على الرجال بعد أن حقّقت نجاحا كاسحا لدى الجنس اللطيف، وبلغ هذا الزحف إلى الجزائر بعد المشاركات المعتبرة للرجال في مختلف المسابقات الدولية على مر السنوات القليلة الماضية، بل أكثر من هذا حقّق الكثير منهم ألقابا قارية ودولية، ومنهم محمّد رغيس، الذي حصد لقب أوسم رجل في العالم.
ورغم أنّ المجتمع الجزائري إلى غاية الآن لم يهضم فكرة مسابقات الجمال لدى النساء، إلاّ أنّ العدوى انتقلت إلى الرجال لتلقى انتقادات لاذعة من قبل المجتمع، بعد أن ركب الكثير من الرجال موجة الموضة والعالمية في التنافس على لقب أوسم رجل سواء على المستوى الوطني أم الدولي.
وقد خاض العديد من الرجال مجال التنافس وحقّقوا ألقابا عالمية منهم ملك جمال العالم لعام 2016 روهيت خان، وهو عارض أزياء هندي وممثل يبلغ من العمر 26 عاماً، كما توّج بول إسكندر ملكاً على عرش جمال لبنان لعام 2016، بعد أن تنافس على اللقب 18 شابا.
وفي الجزائر، توّج الشاب بلقدج إسكندر من قسنطينة بلقب ملك جمال الجزائر 2016 بمشاركة 10 متسابقين شبان ينحدرون من عدة ولايات من الوطن، وكذا محمد رغيس ابن مدينة خنشلة الذي افتك لقب أوسم رجل في العالم لعام 2016.
وسبق لمنظم مسابقة ملك وملكة جمال الجزائر 2016 محمد مهاودي التصريح بأنّ هذه المسابقة كانت قبل 15 سنة حلما يراوده، وأنه نظم الدورة بإمكانياته الخاصة في ظل قلة الرعاية، وهذا من أجل تشريف الجزائر بمسابقة مثل هذه، داعيا السلطات والممولين إلى فهم واستيعاب فكرة المسابقة من أجل دعمها لأنها مكنت عدّة شبان من تحقيق أحلامهم للمشاركة في مثل هذه المنافسات التي تستقطب الكثير، لأنها أيضا تفتح لهم أبوابا نحو المستقبل.
مختصون:مسابقات ملك الجمال في الجزائر تغرّد خارج السرب


أوضح فيصل مقداد، رئيس مسابقة ملكة الجزائر في حديثه إلى "الشروق"، أن مسابقات الجمال الرجالية قليلة جدا في بلادنا تنظم عادة في ولاية وهران، كما أن تسمية ملك الجمال ليس لها سوى اسمها، أمّا المضمون فيتعلق بمسابقة عارضي الأزياء وحتى المقاييس والمعايير المفروضة لا تطابقها.
وأضاف مقداد: "اللّقب موجود، لكن المضمون منعدم ولا يعدو كونه مسابقة لاختيار عارض الأزياء لا يوجد أي تربص أو تكوين أو معايير خاصة بالمستوى والثقافة وغيرها".
وحسب مقداد، فإن المقاييس الدولية المعمول بها في هذا النوع لدى فئة الذكور تتعلق ببنية جسدية لائقة جميلة وجذابة لا يقل فيها طول المتنافس عن 184 سم بالإضافة طبعا إلى طريقة المشي والكلام وعادة تدعّم بدروس لمدّة يوم أو يومين.
وكشف محدثنا أن إقبال الشباب على الموضة وكل ما هو جديد في العالم أكثر ما شجعهم اليوم للانخراط في مثل هذه المسابقات لا سيما من قبل المنتمين إلى عالم التجميل والموضة والشهرة والأضواء في المجال السمعي البصري.
وبخصوص الانتقادات التي يتعرض لها المتسابقون وحتى الفائزون أكد محدثنا أن "منها البناءة ولكن كثيرا منها سلبي، وأنا ضدها لأن أغلبية المنتقدين لم يحتكوا بالعالم الخارجي ويترصدون خلف شاشات الكمبيوتر لكل ما هو جديد حتى يكيلوا له التهم والانتقاد في عالم افتراضي يعتقدون أنه يعكس الواقع."
وفي نفس السياق، صبّ رأي علي بن شاوي كوريغراف مدرّب ومكوّن في مسابقة ملكة جمال الجزائر ومشرف على عارضي الأزياء، حيث أكد أنّ الجزائر تفتقر إلى هذا النوع من المسابقات إلا واحدة فقط في ولاية وهران، غير أن هذا لم يمنع الشباب الجزائريين من المشاركة الفردية في مسابقات عالمية اعتمادا على مهاراتهم وعلاقاتهم الخاصة حققوا فيها نجاحا وفوزا بألقاب عالمية وقارية ومنهم آخر مشاركين وهما حمزة منصوري الذي شارك في مسابقة عالمية بجورجيا وكذا بلال كسي الذي شارك في مسابقة بإندونيسيا وحقق بها لقب ملك جمال إفريقيا.
عارض أزياء فملك جمال فنجم فني مشهور...


أجمع أغلب من تحدثنا إليهم في الموضوع على أنّ ملوك الجمال شقوا بداياتهم بعروض الأزياء التي أماطت اللثام عن كثير من أناقتهم ومهاراتهم ليعتزموا على إثرها المشاركة في المسابقات الدولية للجمال رغم كلفتها إلا أن ما توفره لهم من حظوظ وفتح للآفاق يجعلهم يخوضون غمار المنافسة.. وبالفعل، أثبت أغلب المشاركين وسامة الرجل الجزائري، بحسب تصريحات هؤلاء دوما، ومنهم بن شاوي علي الذي قال إنّ "الجزائر غالبا ما تفتك ألقابا محلية قارية أو عالمية في مختلف مشاركاتها".
وأضاف أن هذه الألقاب التي يحصدونها تفتح لهم الأبواب نحو النجومية والعالمية ويطلبون في مجال الفن والتمثيل وهي الحال بالنسبة إلى كثير من الممثلين الدوليين.
مقاييس جسدية بالسنتمتر لدخول المنافسة
كل شيء يحسب بالسنتمتر إن لم نقل بالميلمتر لقبول مشاركة المترشحين الخطوات محسوبة والهفوات غير مسموحة. ومن بين أهم الشروط ألا يقل الطول عن 185 سم وألا يقل مقاس الخصر عن 38 وألا يزيد عن الـ40 وإلا فلا أمل لك في الالتحاق بالمنافسة ونيل لقب ملك الجمال لأن من الشروط الرئيسة للمسابقة ما سلف ذكره، بالإضافة إلى مقاس الحذاء وتناسق الجسم وجاذبيته.
من جهته، كشف بلال كسي عن مقاييس أخرى تعتمدها لجنة التحكيم بعد قبول المشاركة تتعلق بمستوى الخطاب وضبط النفس والثقة فيها والأزياء التقليدية المختارة للمشاركة بها مع تقديم نبذة عنها وعن المنطقة التي تشتهر بها وفي الأخير القدرة على الإقناع، لا سيما بالنسبة إلى الجمهور المصوت.
ويتخلل المسابقة عدّة مراحل منها مرحلة المساعدة أو العمل الإنساني والأنشطة الاجتماعية، حيث نزور دار الأيتام والمرضى في المستشفيات ونساعد المحتاجين، وتليها مرحلة الوسامة، وكذا مرحلة عرض الأزياء.
جدول التقييم خلال المنافسة، يقول بلال، يبدأ من الخطاب الترحيبي ويشمل طريقة المشي والكلام والتعامل واللّباقة بالإضافة إلى أسئلة عن المستوى الخطابي والمعرفي والثقافي.
تركيا ودبي وإيطاليا دول تخطف أضواؤها "ملوك" الجمال الجزائريين
يجمع المختصون وأغلب المشاركين في مسابقات الجمال على انعدام الفرص في بلادنا وهو ما دفعهم إلى المشاركة في المسابقات العالمية التي تنظمها دول أخرى معتمدين في ذلك على تكوينهم العصامي وقدراتهم الخاصة فهم لا يلاقون، حسب تصريحاتهم، أيّ رعاية أو دعم مادي من قبل المؤسسات التي ترعى عادة هذا النوع من الأحداث.
بن شاوي علي أكد أن أغلب الوجهات التي باتت تستقطب الشباب للمشاركة العالمية هي تركيا ودبي وإيطاليا وغيرها من الدول الأخرى، مضيفا أن المعلومة يتناقلها الأشخاص عادة من الفم إلى الأذن أو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال بن شاوي إن كل المشاركات الجزائرية أثمرت بتحقيق ألقاب وهذا دليل على قدرة الشاب الجزائري في النجاح مهما كانت الظروف.
ملك الجمال بلال كسي: شاركت ببرنوس جدّي والمهاجمون مزدوجو الشخصية وحاقدون
بلال كسي، شاب من منطقة بوفاريك غرب العاصمة في الخامسة والعشرين من العمر دخل عالم عرض الأزياء عام 2014 وخاض منذ نحو شهر تقريبا مسابقة سفير الجمال العالمي "ميستر أونيفارسال أومباسادور" حيث افتك فيها اللقب الإفريقي، وفاز على 50 بلدا مشاركا و24 متسابقا بلغ النهائيات.
ويقول بلال إنه خاض التجربة لوحده دون أن يشرف عليه هيئة أو ترعاه أي جهة عكس كثير من المشاركين الذين حضروا مدججين برعاية.
وفنّد كسي بلال كل الاتهامات التي تكال للمشاركين في هذا النوع من المتسابقات مؤكدا على أن الأمر ليس انتقاصا للرجولة ولا تشكيكا فيها بل على العكس من كل هذا أسهمت بحسبه هذه المسابقة في تطوير الكثير من كفاءاته ومهاراته وجعلته يكون نفسه في أمور ما كان ليقوم بها على غرار اللغة الإنجليزية وتكثيف مطالعته وزرع الثقة في نفسه وغيرها من الأمور المهمة.
وأضاف: خلال مشاركتي انتقدني الكثير وهاجموني على مواقع التواصل الاجتماعي ودعمني كثير، لكنني لكل هؤلاء أقول إنها اتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة تنظر دوما بعين ناقصة إلى كل ما هو جزائري، بينما يتابع جميع هؤلاء هذا النوع من المسابقات على القنوات التلفزيونية فلماذا هذه الازدواجية.
وأضاف بلال كسي: "فوزي يعني فوز الجزائر وأنا مثلت بلادي وكنت سفيرا لها كما عرفت بتقاليدها وتراثها واكتشفت بدوري ثقافات دول أخرى ونسجت علاقات اجتماعية مع كثير من الأشخاص".
وحسب بلال، فإن الهدف من هذا النوع من المسابقات ليس الجمال الظاهري فقط، بل إن الهدف الحقيقي يتعلق بكيفية فرض ثقافة البلد المنتمي إليه وفرض المتسابق لنفسه من خلال شخصيته وكاريزمته.
المختص النفسي البروفيسور أحمد قوراية: هذه المسابقات انسلاخ من الذكورة وذوبان في الجنس الآخر


وفي السّياق، أوضح المختص في علم النفس الاجتماعي أحمد قوراية أنه مع ازدياد الاهتمام بالتنسيق الجمالي الجسدي برزت ظاهرة جديدة وهي ملك الجمال عند فئة الرجال بعد أن كنا نسمع بها لدى النساء فقط.
وأرجع المختص الأمر إلى سببن مهمين هما ذوبان المجتمع في قالب الآخر حيث أصبحنا أتباعا لهؤلاء الغرب ونقلدهم تقليدا أعمى حتى أصبحنا دون هوية أو تفكير نتبع ما ينتجه الآخرون حتى وإن لم يوافق معتقداتنا وهذا يرجع أساسا إلى ضعف الشخصية.
أما السبب الثاني، فيتعلق بالوجدان التفكيري والتغيرات الطارئة على المجتمع، حيث بدأ كل جنس ينسلخ من ذاته وينغمس في الآخر واستشهد المتحدث بأطروحة دكتوراه أشرف عليها أثبتت نتائجها أنّ 15 بالمائة من النساء يسترجلن مقابل 30 بالمائة من الرجال يتأنّثن نفسيا وجسديا، حيث أفاد قوراية بأن المرأة بات لها استعداد نفسي للاسترجال. وهو ما أحدث في الواقع ظاهرة العنف ضد الرجال وإن كانت غير مصرّح بها للعلن، حيث إن 7 بالمائة من الرجال معنّفون.
وأضاف البروفيسور قوارية أنّ الذين يدخلون هذا العالم بمظاهر التأنيث الخارجية فهم ينافسون المرأة في الجمال والتناسق والريجيم والنحافة وحتى المشية، ويتدربون على هذا السلوك الأنثوي.
وأفاد المختص بأنّ الذكر عندما يتقمّص دور المرأة يسجله في تصوّره الذهني الداخلي ويأخذ بعد ذلك الرداء النفسي.
وختم قوراية بالقول إنّ هذا النوع من المسابقات لا يرتكز على معايير الذكورة مثل القوة والشدة والتبصر والحكمة والصلابة والخشونة وإنّما على معايير أنثوية بحتة فهي ذوبان ذكوري في الحالة النفسية.