القدس قبل الإسلام
02-01-2011, 08:29 AM
لقد قر في ضمائر الازمان ان القدس هي قلب فلسطين النابض وهي بوصلة الكرامة العربية والإسلامية التي مازالت الدليل القاطع علي قوة وضعف هذه الكرامة.

ارتبطت القدس بشعب فلسطين منذ اقدم العصور فقد سكن الانسان في منطقتها منذ عصر ما قبل التاريخ وهناك اثار له اكتشفت فيها تعود إلي العصر البلستوسيني، وآثار من العهد الباليوليثي ، وقد استقر المناخ فيها واصبح كما هو اليوم في العهد المسيوليثي ، وهناك موقعان في المدينة يترابط وجودهما بتلك الفترة ، ويشار إلي ستة عشر موقعا تعود الي العهد النيوليثي الذي شهد حدوث الثورة الزراعية .
ظهرت القدس كمدينة في بداية العصر البرونزي حين بناها الكنعانيون مع مجموعة مدن اقاموها علي طريق المياه بين الشمال والجنوب واختاروا لها موقعا متميزا علي مرتفع الظهور الذي توجد علي مقربه منه عين الماء جيهون ، وكان بناؤها حوالي الالف الرابعة ق.م وخدم هدفا دفاعيا واخر دينيا وقد بنوا فيها هيكلا لمعبودهم الأعلى " سالم " وكان ملك القدس هو كاهن الاله الاعلى، ومن هنا اكتسبت المدينة قدسيتها التي استمرت بعد ذلك لاسباب اخرى .
عرفت القدس أول ما عرفت باسم " سالم " الجد المؤسس او الاله الاعلى وقد كونت " مملكة مدينة " كغيرها من المدن الكنعانية وعرف من اسماء ملوكها " قدوم سالم " و " ملكي صادق " و " ادوني صادق " و " ادوني بازق " واول ذكر لها ورد في نصوص الطهارة المصرية في القرنين التاسع عشر والثامن عشر قبل الميلاد بصورة " يورشاليم " ومعناها علي الارجح " مدينة سالم ".
وورد ذكر القدس في رسائل تل العمارنة في القرن الرابع عشر ق. م باسم " يوروسالم " وفي النقوش الاشورية باسم " اورسليمو " واقدم اسم لها في العهد القديم هو " شاليم " وقد ورد في سفر التكوين بمناسبة قدوم إبرام ... إلي أرض الكنعانين إذ خرج الملوك الي استقباله ومنهم " ملكي صادق " ملك شاليم ، كما ورد ذكرها في سفر يشوع باسم " اورشليم " وكان ملكها آن ذاك هو " ادوني صادق " وفي سفر القضاه حين حارب بنو اسرائيل الكنعانين ، وجاء ذكرها في سفر القضاه مرة اخرى باسم " يبوس " نسبة الي اليبوسيين العرب الذين كانوا يعيشون فيها ، وورد في العهد القديم اسم " صهيون " الذي دل بداية علي جزء من المدينة اليبوسية كان يقوم فيها الحصن الذي استولي عليه داوود حين انتزع المدينة من اليبوسيين ، ولم يلبث ان سمي ذلك الجزء باسم مدينة داود واصبح يطلق علي المدينة ككل مع مضى الزمن وسميت المدينة ايضا " ارئيل " في سفر اشعيا ، وعرفت تل الصخري الذي بنى علية سليمان الهيكل باسم " موريا " .

القدس فترة ما قبل التاريخ :

وجاء ذكره في احبار الايام الثاني ومع تعدد الاسماء فإن اسم " اورشليم " هو الذي كان شائعا منذ فتح داود المدينة إلي منتصف القرن الثاني للميلاد ، حيث اطلق عليها الامبراطور الروماني " ايلياؤس هادريانوس " إسمه الأول بعد ان أعاد بناءها فعرفت بايلياء وهو الذي هدم مدينة اورشليم عام 135 ميلادي بعد أن هدمها تيتوس قبل ذلك عام 70 م وقد ظل اسم ايلياء سائدا نحو قرنين إلي أن جاء الامبرطور قسطنطين فأعاد اليها اسم اورشليم ، وبقي اسم ايلياء مستعملا حتي كان الفتح العربي الاسلامي .
اشتهرت المدينة بعد الفتح باسم " بيت المقدس " ووردت لهذا الإسم صور مختلفة منها البيت المقدس ، وبيت المقدس ، والقدس الشريف ، والمدينة المقدسة ، ولقبت المدينة بألقاب منها دار السلام ومدينة السلام وقرية السلام
الواضح أن تعدد اسماء القدس مرتبط بتاريخها الطويل الحافل ، وباهميتها المتميزة ولقد كانت كل هذه الاسماء عدا اسم ايلياء اسماء كنعانية عربية تحمل مدلولا واحدا في معظمها، فما " اورسالم " إلا " اورشليم " وما أورشليم إلا " القدس " ، وحتي اسم " اليا " الروماني جرى تعريبه حين تداوله شعب فلسطين والمنطقة مثلما عربوا اسم " نابلس " وغيرة ، وقد اقترنت هذه الاسماء في اذهان الناس بمعني قدسية المدينة وكونها بيتا مقدسا .
علي مدي القرون التي مضت علي بناء " اور سالم " مرت المدينة المقدسة وهي قلب فلسطين بجميع المراحل التي مرت بها فلسطين ، ويمكننا ونحن نستحضر تاريخها ان نقف عند اهم الحقائق البارزة فيها فنذكرها بايجاز وننظم منها عقدا يبرز وحدة هذا التاريخ .
واضح بداية ان شعب فلسطين الكنعاني العربي هو الذي اسس المدينة في زمان بعيد في الماضي وهو الذي اطلق عليها اسمها ، وقد اقام فيها بيتا للعبادة يذكر فيه اسم الله واصبحت قبلة ومحجا ، واستمرت هذه صفة المدينة مع تتابع الرسالات السماوية وانتقال شعب فلسطين والمنطقة من الديانة الكنعانية الي اعتناق اليهودية ثم النصرانية ثم بعد ذلك الإسلام .