هل الأشاعرة أهل السنة أم من أهل السنة أم هم شيعة الاشعري
10-05-2007, 08:16 AM
والاكيد ان هؤلاء اسمهم شيعة ( شيعة الاشعري )
وهذا رد على كل من يقعقع منهم بأنهم اهل السنة
بسم الله الرحمن الرحيم
سلف الأشاعرة:
قبل أن نذكر مواقف أهل العلم من ادعاء الأشاعرة أنهم أهل السنة، أرى أن نتعرف على سلف الأشاعرة، وموقف علماء أهل السنة من السلف منهم.
تشير المصادر التي بين أيدينا بما فيها كتب الأشاعرة أنفسهم - إلى أن سلفهم في مقالتهم هو عبد الله بن سعيد بن كلاب[1]، وأبو العباس القلانسي [2]، والحارث المحاسبي [3].
يقول الشهرستاني (479-548هـ) - بعد أن بين أن جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون صفات الله عز وجل من غير تفرقة بين الصفات الذاتية منها والصفات الفعلية...-: (حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكلابي، وأبي العباس القلانسي، والحارث بن أسد المحاسبي. وهؤلاء كانوا من جملة السلف إلا أنهم باشروا علم الكلام، وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية، وبراهين أصولية، وصنف بعضهم، ودرس بعض، حتى جرى بين أبي الحسن الأشعري وبين أستاذه [4] مناظرة في مسائل من مسائل الصلاح والأصلح فتخاصما، وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة، فأيد مقالتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهباً لأهل السنة والجماعة، وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية" [5].
وكلام الشهرستاني يفيد صراحة؛ أن مذهب الأشعرية إنما تلتمس أصوله لدى جماعة من الصفاتية باشروا الكلام وأثبتوا الصفات من أمال الكلابي، والقلانسي والمحاسبي [6].
ويعتبر الأشاعرة ابن كلاب، إمام أهل السنة في عصره، ويعدونه شيخهم الأول فيقولون: (ذهب شيخنا الكلابي عبد الله بن سعيد إلى...) [7].
كما يذكرونه وكذا القلانسي في كتبهم مشيرين إلى أنهما من أصحابهم [8].
فهؤلاء هم سلف الأشعرية، وقد كانوا من جملة السلف، ثم باشروا علم الكلام، فجرهم ذلك إلى مخالفة السلف في بعض ما يقولون وموافقة المعتزلة في بعض أصولهم، وأشهر ما خالفوا فيه السلف ووافقوا المعتزلة مسألة قيام الأفعال الاختيارية بذات الله تعالى.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكان الناس قبل أبي محمد بن كلاب صنفين:
فأهل السنة والجماعة: يثبتون ما يقوم بالله تعالى من الصفات والأفعال التي يشاؤها ويقدر عليها.
والجهمية من المعتزلة وغيرهم: تنكر هذا، وهذا.
فأثبت ابن كلاب: قيام الصفات اللازمة به، ونفى أن يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغيرها ووافقه على ذلك أبو العباس القلانسي وأبو الحسن الأشعري [9] وغيرهما) [10].
فوافق السلف والأئمة من أهل السنة في إثبات الصفات، و وافق الجهمية في نفي قيام الأفعال الاختيارية وما يتعلق بمشيئته وقدرته.
فكان في مسلكهم ميل إلى البدع ومخالفة للسنة ومفارقة للكلام مما جعل علماء السلف من أهل السنة يحذرون منهم.
وقد كان الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة (164-241هـ) من أشدهم في ذلك، فقد هجر الحارث بن أسد المحاسبي لأجل ذلك. كما يقول: أبو القاسم النصر أباذي [11]: (بلغني أن الحارث المحاسبي تكلم في شيء من الكلام فهجره أحمد بن حنبل فاختفى، فلما مات لم يصل عليه؛ إلا أربعة نفر) [12].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما الحارث المحاسبي فكان ينتسب إلى قول ابن كلاب، ولهذا أمر أحمد بهجره، وكان أحمد يحذر عن ابن كلاب وأتباعه...) [13].
وقال: (والإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة كانوا يحذرون عن هذا الأصل الذي أحدثه ابن كلاب ويحذرون عن أصحابه.
وهذا هو سبب تحذري الإمام أحمد عن الحارث المحاسبي ونحوه من الكلابية) [14].
وقال الإمام أبو بكر ابن خزيمة (ت 311هـ) لما قال له أبو علي الثقفي [15]: (ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟
قال: ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره) [16].
وكان ابن خزيمة رحمه الله شيخ الإسلام وإمام الأئمة في زمنه، شديداً على الكلابية، منابذاً لهم.
فإذا كان هذا موقف إمام أهل السنة أحمد بن حنبل من الكلابية الذين هم سلف الأشاعرة، مع موافقتهم لأهل السنة في أكثر أقوالهم كما يدل عليه قول أبي الحسن الأشعري: (فأما أصحاب عبد الله بن سعيد القطان، فإنهم يقولون بأكثر ما ذكرناه عن أهل السنة...) [17].
وكان ابن كلاب والمحاسبي يثبتون لله صفة العلو، والاستواء على العرش، كما يثبتون الصفات الخبرية كالوجه واليدين وغيرهما [18].
فكيف بمتأخري الأشاعرة الذين يؤولون ذلك كله، ويوافقون المعتزلة والجهمية في كثير من أقوالهم، مخالفين بذلك أئمة السلف من أهل السنة بل مخالفين سلفهم ابن كلاب وأصحابه.
فما هو موقف علماء أهل السنة منهم؟ وهل أقروهم على دعواهم أنهم أهل السنة؟
موقف علماء أهل السنة من دعوى الأشاعرة أنهم أهل السنة:
بتتبع كلام أهل العلم من العلماء أهل السنة نجد أقوالهم في ذلك متفاوتة ما بين متشدد، دعاه لذلك ما وقف عليه من مخالفة القول للسنة، وموافقتهم للجهمية والمعتزلة في بعض أقوالهم، فبدعهم وحذر منهم ولم ير استحقاقهم للقب "أهل السنة" الذي يدعونه.
وبين متساهل معدهم من أهل السنة، لما رأى من موافقتهم للسنة في بعض المسائل.
وبين هؤلاء وهؤلاء حاول بعض أهل العلم التدقيق في المسألة، والقول فيها بشيء من التفصيل.
وفرق بعض أهل العلم بين متقدميهم ومتأخريهم، فعد المتقدمين منهم أقرب إلى أهل الحديث والسنة، والمتأخرين أقرب إلى الجهمية والمعتزلة.
وإليك تفصيل أقوالهم مرتبة حسب التصنيف الذي ألمحنا إليه:
القول الأول:
قول بعض أهل العلم: أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة وإنما هم أهل كلام، عدادهم في أهل البدعة.
وممن ذهب إلى ذلك: الإمام أبو نصر السجزي [19] (ت 444هـ). حيث يرى أنهم محدثة وليسوا أهل سنة، فيقول في فصل عقدة لبيان السنة ما هي؟ ويم يصير المرء من أهلها؟
(... فكل مدع للسنة يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله، فإن أتى بذلك علم صدقه، وقبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف، عُلم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغا إليه أو ينظر في قوله، وخصومنا المتكلمون معلوم منهم أجمع اجتناب النقل والقول به بل تمحينهم لأهله ظاهر، ونفورهم عنهم بين، وكتبهم عارية عن إسناد بل يقولون: قال الأشعري، وقال ابن كلاب، وقال القلانسي، وقال الجبائي...
ومعلوم أن القائل بما ثبت من طريق النقل الصحيح عن الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لا يسمى محدثاً بل سنياً متبعاً، وأن من قال في نفسه قولاً وزعم أنه مقتضى عقله، وأن الحديث المخالف لا ينبغي أن يلتفت إليه، لكونه من أخبار الآحاد، وهي لا توجب علماً، وعقله موجب للعلم يستحق أن يسمى محدثاً مبتدعاًـ ومخالفاً، ومن كان له أدنى تحصيل أمكنه أن يفرق بيننا ونبين مخالفينا بتأمل هذا الفصل في أول وهلة، ويعلم أن أهل السنة نحن دونهم، وأن المبتدعة خصومنا دوننا) [20].
بل يذهب رحمه الله أبعد من ذلك فيرى أن ضررهم أكثر من ضرر المعتزلة، فيقول: (ثم بلي أهل السنة بعد هؤلاء؛ - أي: المعتزلة – بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع، وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم وهم أبو محمد بن كلاب وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري...) [21].
معللاً رأيه هذا بقوله: (فهؤلاء يردون على المعتزلة بعض أقاويلهم ويردون على أهل الأثر أكثر مما ردوه على المعتزلة) [22]. وقوله: (... لأن المعتزلة قد أظهرت مذهبها ولم تستقف ولم تُمَوِّه.
بل قالت: إن الله بذاته في كل مكان وإنه غير مرئي، وإنه لا سمع له ولا بصر... فعرف أكثر المسلمين مذهبهم وتجنبوهم وعدوهم أعداء. والكلابية، والأشعرية قد أظهروا الرد على المعتزلة والذب عن السنة وأهلها، وقالوا في القرآن وسائر الصفات ما ذكرنا بعضه [23]) [24].
وممن عدهم من أهل البدع محمد بن احمد بن خويز منداد المصري المالكي [25]، فقد روى عنه ابن عبد البر: أنه قال في كتاب الشهادات من كتابه "الخلاف"، في تأويل قول مالك: لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء [26] قال: (أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً، ويهجر ويؤدب على بدعته...) [26].
ومن المتأخرين: الشيخ ابن سمحان [27]، والشيخ عبد الله أبو بطين [28] كما سيأتي ذكر قولهما في ذلك في معرض ردهما على السفاريني في اعتباره الأشاعرة والماتريدية من أهل السنة.
القول الثاني:
السفاريني (1114-1188)؛ حيث قسم أهل السنة إلى ثلاث فرق فقال: (أهل السنة والجماعة ثلاث فرق:
1) الأثرية: وإمامهم أحمد بن حنبل...
2) والأشعرية: وإمامهم أبو الحسن الأشعري [31].
3) والماتريدية: وإمامهم أبو منصور الماتريدي) [32].
ولم يُسَلّم ذلك له فقد تعقبه في الحاشية بعض أهل العلم ولعله الشيخ ابن سمحان فقال: (هذا مصانعة من المصنف رحمه الله تعالى في إدخاله الأشعرية والماتريدية في أهل السنة والجماعة، فكيف يكون من أهل السنة والجماعة من لا يثبت علو الرب سبحانه فوق سماواته، واستواءه على عرشه ويقول: حروف القرآن مخلوقة، وإن الله لا يتكلم بحرف وصوت، ولا يثبت رؤية المؤمنين ربهم في الجنة بأبصارهم، فهم يقرون بالرؤية ويفسرونها بزيادة علم يخلقه الله في قلب الرائي. ويقول: الإيمان مجرد التصديق وغير ذلك من أقوالهم المعروفة المخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة) [33].
كما علق على ذلك أيضاً الشيخ عبد الله بابطين (ت 1282هـ) بقوله: (تقسيم أهل السنة إلى ثلاث فرق فيه نظر، فالحق الذي لا ريب فيه أن أهل السنة فرقة واحدة، وهي الفرقة الناجية التي بينها النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حين سئل عنها بقوله: (هي الجماعة)، وفي رواية: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، أو (من كان على ما أنا عليه وأصحابي). قال: وبهذا عرف أنهم المجتمعون على ما كان عليه النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وأصحابه ولا يكونون سوى فرقة واحدة. – قال -: والمؤلف نفسه يرحمه الله لما ذكر في المقدمة هذا الحديث، قال في النظم:
وليس هذا النص جزماً يعتبر = في فرقة إلا على أهل الأثر
يعني بذلك: الأثرية. وبهذا عرف أن أهل السنة والجماعة هم فرقة واحدة الأثرية والله أعلم) [34].
وممن ذهب مذهب السفاريني. الأستاذ: أحمد عصام الكاتب، فقال في بيان أهل السنة من هم: (وبالجملة فهم: أهل الحديث، والأشاعرة، والماتريدية؛ لأنهم جميعاً التزموا أسس العقيدة وأصولها...) [35].
ولا يخفى ما في هذا الكلام من تجوز وتساهل، فإن الخلاف بينهم ولاسيما بين أهل الحديث، وبين الأشعرية والماتريدية، هو في أسس العقيدة وأصولها، ومن أهم هذه الأسس مسألة النقل [36].
ومن هؤلاء الدكتور/ أحمد محمود صبحي. حيث قال في كتابه "في علم الكلام": (... ولكن ليس للأشعرية حق الإدعاء أنها تعبر عن فرقة أهل السنة والجماعة، وإنما تجاذب هذه الفرقة فريقان:
1) مذهب السلف من أهل السنة منذ الإمام أحمد بن حنبل إلى أن بلغ به ابن تيمية ذروة التبلور والتماسك.
2) مذهب الخلف من أهل السنة وتشارك الصفاتية والأشعرية فيه مذاهب أخرى أهمها الماتريدية) [37].
فعد الأشعرية من أهل السنة، وإن كان لا يرى انفرادها بذلك.
وهذا رد على كل من يقعقع منهم بأنهم اهل السنة
بسم الله الرحمن الرحيم
سلف الأشاعرة:
قبل أن نذكر مواقف أهل العلم من ادعاء الأشاعرة أنهم أهل السنة، أرى أن نتعرف على سلف الأشاعرة، وموقف علماء أهل السنة من السلف منهم.
تشير المصادر التي بين أيدينا بما فيها كتب الأشاعرة أنفسهم - إلى أن سلفهم في مقالتهم هو عبد الله بن سعيد بن كلاب[1]، وأبو العباس القلانسي [2]، والحارث المحاسبي [3].
يقول الشهرستاني (479-548هـ) - بعد أن بين أن جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون صفات الله عز وجل من غير تفرقة بين الصفات الذاتية منها والصفات الفعلية...-: (حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكلابي، وأبي العباس القلانسي، والحارث بن أسد المحاسبي. وهؤلاء كانوا من جملة السلف إلا أنهم باشروا علم الكلام، وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية، وبراهين أصولية، وصنف بعضهم، ودرس بعض، حتى جرى بين أبي الحسن الأشعري وبين أستاذه [4] مناظرة في مسائل من مسائل الصلاح والأصلح فتخاصما، وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة، فأيد مقالتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهباً لأهل السنة والجماعة، وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية" [5].
وكلام الشهرستاني يفيد صراحة؛ أن مذهب الأشعرية إنما تلتمس أصوله لدى جماعة من الصفاتية باشروا الكلام وأثبتوا الصفات من أمال الكلابي، والقلانسي والمحاسبي [6].
ويعتبر الأشاعرة ابن كلاب، إمام أهل السنة في عصره، ويعدونه شيخهم الأول فيقولون: (ذهب شيخنا الكلابي عبد الله بن سعيد إلى...) [7].
كما يذكرونه وكذا القلانسي في كتبهم مشيرين إلى أنهما من أصحابهم [8].
فهؤلاء هم سلف الأشعرية، وقد كانوا من جملة السلف، ثم باشروا علم الكلام، فجرهم ذلك إلى مخالفة السلف في بعض ما يقولون وموافقة المعتزلة في بعض أصولهم، وأشهر ما خالفوا فيه السلف ووافقوا المعتزلة مسألة قيام الأفعال الاختيارية بذات الله تعالى.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكان الناس قبل أبي محمد بن كلاب صنفين:
فأهل السنة والجماعة: يثبتون ما يقوم بالله تعالى من الصفات والأفعال التي يشاؤها ويقدر عليها.
والجهمية من المعتزلة وغيرهم: تنكر هذا، وهذا.
فأثبت ابن كلاب: قيام الصفات اللازمة به، ونفى أن يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغيرها ووافقه على ذلك أبو العباس القلانسي وأبو الحسن الأشعري [9] وغيرهما) [10].
فوافق السلف والأئمة من أهل السنة في إثبات الصفات، و وافق الجهمية في نفي قيام الأفعال الاختيارية وما يتعلق بمشيئته وقدرته.
فكان في مسلكهم ميل إلى البدع ومخالفة للسنة ومفارقة للكلام مما جعل علماء السلف من أهل السنة يحذرون منهم.
وقد كان الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة (164-241هـ) من أشدهم في ذلك، فقد هجر الحارث بن أسد المحاسبي لأجل ذلك. كما يقول: أبو القاسم النصر أباذي [11]: (بلغني أن الحارث المحاسبي تكلم في شيء من الكلام فهجره أحمد بن حنبل فاختفى، فلما مات لم يصل عليه؛ إلا أربعة نفر) [12].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما الحارث المحاسبي فكان ينتسب إلى قول ابن كلاب، ولهذا أمر أحمد بهجره، وكان أحمد يحذر عن ابن كلاب وأتباعه...) [13].
وقال: (والإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة كانوا يحذرون عن هذا الأصل الذي أحدثه ابن كلاب ويحذرون عن أصحابه.
وهذا هو سبب تحذري الإمام أحمد عن الحارث المحاسبي ونحوه من الكلابية) [14].
وقال الإمام أبو بكر ابن خزيمة (ت 311هـ) لما قال له أبو علي الثقفي [15]: (ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟
قال: ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره) [16].
وكان ابن خزيمة رحمه الله شيخ الإسلام وإمام الأئمة في زمنه، شديداً على الكلابية، منابذاً لهم.
فإذا كان هذا موقف إمام أهل السنة أحمد بن حنبل من الكلابية الذين هم سلف الأشاعرة، مع موافقتهم لأهل السنة في أكثر أقوالهم كما يدل عليه قول أبي الحسن الأشعري: (فأما أصحاب عبد الله بن سعيد القطان، فإنهم يقولون بأكثر ما ذكرناه عن أهل السنة...) [17].
وكان ابن كلاب والمحاسبي يثبتون لله صفة العلو، والاستواء على العرش، كما يثبتون الصفات الخبرية كالوجه واليدين وغيرهما [18].
فكيف بمتأخري الأشاعرة الذين يؤولون ذلك كله، ويوافقون المعتزلة والجهمية في كثير من أقوالهم، مخالفين بذلك أئمة السلف من أهل السنة بل مخالفين سلفهم ابن كلاب وأصحابه.
فما هو موقف علماء أهل السنة منهم؟ وهل أقروهم على دعواهم أنهم أهل السنة؟
موقف علماء أهل السنة من دعوى الأشاعرة أنهم أهل السنة:
بتتبع كلام أهل العلم من العلماء أهل السنة نجد أقوالهم في ذلك متفاوتة ما بين متشدد، دعاه لذلك ما وقف عليه من مخالفة القول للسنة، وموافقتهم للجهمية والمعتزلة في بعض أقوالهم، فبدعهم وحذر منهم ولم ير استحقاقهم للقب "أهل السنة" الذي يدعونه.
وبين متساهل معدهم من أهل السنة، لما رأى من موافقتهم للسنة في بعض المسائل.
وبين هؤلاء وهؤلاء حاول بعض أهل العلم التدقيق في المسألة، والقول فيها بشيء من التفصيل.
وفرق بعض أهل العلم بين متقدميهم ومتأخريهم، فعد المتقدمين منهم أقرب إلى أهل الحديث والسنة، والمتأخرين أقرب إلى الجهمية والمعتزلة.
وإليك تفصيل أقوالهم مرتبة حسب التصنيف الذي ألمحنا إليه:
القول الأول:
قول بعض أهل العلم: أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة وإنما هم أهل كلام، عدادهم في أهل البدعة.
وممن ذهب إلى ذلك: الإمام أبو نصر السجزي [19] (ت 444هـ). حيث يرى أنهم محدثة وليسوا أهل سنة، فيقول في فصل عقدة لبيان السنة ما هي؟ ويم يصير المرء من أهلها؟
(... فكل مدع للسنة يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله، فإن أتى بذلك علم صدقه، وقبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف، عُلم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغا إليه أو ينظر في قوله، وخصومنا المتكلمون معلوم منهم أجمع اجتناب النقل والقول به بل تمحينهم لأهله ظاهر، ونفورهم عنهم بين، وكتبهم عارية عن إسناد بل يقولون: قال الأشعري، وقال ابن كلاب، وقال القلانسي، وقال الجبائي...
ومعلوم أن القائل بما ثبت من طريق النقل الصحيح عن الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لا يسمى محدثاً بل سنياً متبعاً، وأن من قال في نفسه قولاً وزعم أنه مقتضى عقله، وأن الحديث المخالف لا ينبغي أن يلتفت إليه، لكونه من أخبار الآحاد، وهي لا توجب علماً، وعقله موجب للعلم يستحق أن يسمى محدثاً مبتدعاًـ ومخالفاً، ومن كان له أدنى تحصيل أمكنه أن يفرق بيننا ونبين مخالفينا بتأمل هذا الفصل في أول وهلة، ويعلم أن أهل السنة نحن دونهم، وأن المبتدعة خصومنا دوننا) [20].
بل يذهب رحمه الله أبعد من ذلك فيرى أن ضررهم أكثر من ضرر المعتزلة، فيقول: (ثم بلي أهل السنة بعد هؤلاء؛ - أي: المعتزلة – بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع، وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم وهم أبو محمد بن كلاب وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري...) [21].
معللاً رأيه هذا بقوله: (فهؤلاء يردون على المعتزلة بعض أقاويلهم ويردون على أهل الأثر أكثر مما ردوه على المعتزلة) [22]. وقوله: (... لأن المعتزلة قد أظهرت مذهبها ولم تستقف ولم تُمَوِّه.
بل قالت: إن الله بذاته في كل مكان وإنه غير مرئي، وإنه لا سمع له ولا بصر... فعرف أكثر المسلمين مذهبهم وتجنبوهم وعدوهم أعداء. والكلابية، والأشعرية قد أظهروا الرد على المعتزلة والذب عن السنة وأهلها، وقالوا في القرآن وسائر الصفات ما ذكرنا بعضه [23]) [24].
وممن عدهم من أهل البدع محمد بن احمد بن خويز منداد المصري المالكي [25]، فقد روى عنه ابن عبد البر: أنه قال في كتاب الشهادات من كتابه "الخلاف"، في تأويل قول مالك: لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء [26] قال: (أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً، ويهجر ويؤدب على بدعته...) [26].
ومن المتأخرين: الشيخ ابن سمحان [27]، والشيخ عبد الله أبو بطين [28] كما سيأتي ذكر قولهما في ذلك في معرض ردهما على السفاريني في اعتباره الأشاعرة والماتريدية من أهل السنة.
القول الثاني:
السفاريني (1114-1188)؛ حيث قسم أهل السنة إلى ثلاث فرق فقال: (أهل السنة والجماعة ثلاث فرق:
1) الأثرية: وإمامهم أحمد بن حنبل...
2) والأشعرية: وإمامهم أبو الحسن الأشعري [31].
3) والماتريدية: وإمامهم أبو منصور الماتريدي) [32].
ولم يُسَلّم ذلك له فقد تعقبه في الحاشية بعض أهل العلم ولعله الشيخ ابن سمحان فقال: (هذا مصانعة من المصنف رحمه الله تعالى في إدخاله الأشعرية والماتريدية في أهل السنة والجماعة، فكيف يكون من أهل السنة والجماعة من لا يثبت علو الرب سبحانه فوق سماواته، واستواءه على عرشه ويقول: حروف القرآن مخلوقة، وإن الله لا يتكلم بحرف وصوت، ولا يثبت رؤية المؤمنين ربهم في الجنة بأبصارهم، فهم يقرون بالرؤية ويفسرونها بزيادة علم يخلقه الله في قلب الرائي. ويقول: الإيمان مجرد التصديق وغير ذلك من أقوالهم المعروفة المخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة) [33].
كما علق على ذلك أيضاً الشيخ عبد الله بابطين (ت 1282هـ) بقوله: (تقسيم أهل السنة إلى ثلاث فرق فيه نظر، فالحق الذي لا ريب فيه أن أهل السنة فرقة واحدة، وهي الفرقة الناجية التي بينها النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حين سئل عنها بقوله: (هي الجماعة)، وفي رواية: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، أو (من كان على ما أنا عليه وأصحابي). قال: وبهذا عرف أنهم المجتمعون على ما كان عليه النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وأصحابه ولا يكونون سوى فرقة واحدة. – قال -: والمؤلف نفسه يرحمه الله لما ذكر في المقدمة هذا الحديث، قال في النظم:
وليس هذا النص جزماً يعتبر = في فرقة إلا على أهل الأثر
يعني بذلك: الأثرية. وبهذا عرف أن أهل السنة والجماعة هم فرقة واحدة الأثرية والله أعلم) [34].
وممن ذهب مذهب السفاريني. الأستاذ: أحمد عصام الكاتب، فقال في بيان أهل السنة من هم: (وبالجملة فهم: أهل الحديث، والأشاعرة، والماتريدية؛ لأنهم جميعاً التزموا أسس العقيدة وأصولها...) [35].
ولا يخفى ما في هذا الكلام من تجوز وتساهل، فإن الخلاف بينهم ولاسيما بين أهل الحديث، وبين الأشعرية والماتريدية، هو في أسس العقيدة وأصولها، ومن أهم هذه الأسس مسألة النقل [36].
ومن هؤلاء الدكتور/ أحمد محمود صبحي. حيث قال في كتابه "في علم الكلام": (... ولكن ليس للأشعرية حق الإدعاء أنها تعبر عن فرقة أهل السنة والجماعة، وإنما تجاذب هذه الفرقة فريقان:
1) مذهب السلف من أهل السنة منذ الإمام أحمد بن حنبل إلى أن بلغ به ابن تيمية ذروة التبلور والتماسك.
2) مذهب الخلف من أهل السنة وتشارك الصفاتية والأشعرية فيه مذاهب أخرى أهمها الماتريدية) [37].
فعد الأشعرية من أهل السنة، وإن كان لا يرى انفرادها بذلك.
من مواضيعي
0 اذا توافرت لك كل الامكانيات فكم ــــــــــــــ
0 الغش .. تعريفه ، مظاهره ومضاره
0 هل حقا وجود المـال يلغي عيوب الرجال عند النسـاء؟؟ موضوع للنقاش
0 فضائل سور القران
0 .:.:.i دعـــوة لــنــقــاش : أتفضل الجينز والملابس القصيره على زِي أجدادك و أبا
0 افتتاح الموقع الرسمي للشيخ سلطان العيد حفظه الله
0 الغش .. تعريفه ، مظاهره ومضاره
0 هل حقا وجود المـال يلغي عيوب الرجال عند النسـاء؟؟ موضوع للنقاش
0 فضائل سور القران
0 .:.:.i دعـــوة لــنــقــاش : أتفضل الجينز والملابس القصيره على زِي أجدادك و أبا
0 افتتاح الموقع الرسمي للشيخ سلطان العيد حفظه الله