رجلاً سلماً لرجل.
19-09-2010, 02:43 PM
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, بسم الله الرحمان الرحيم,قال رب العالمين عز وجل:"ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاءمتشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بلأكثرهم لا يعلمون"(الزمر 29).
قال ابن القيم الجوزية رحمه الله:"هذا مثل ضربه لله للمشركوالموحد, فالمشرك بمنزلة عبد يملكه جماعة متنازعون مختلفون,والموحد لما يعبد الله وحده فمثله كمثل عبد لرجل واحد".
إذا كان هذا المثل قد ضرب لعامة الناس ليخيرهم بين أمرين أيهما أحسن وأمثل,فالمفروض أن منهم العبد لجماعة والعبد لمالك واحد ومنهم كذلك الحرّ,وإذا كان العبد لمالك واحد أفضل من العبد لشركاء يتنازعون ملكه, فلا شك في أن الحر أفضل منهما معا.
وإذا كان لا يضرب لعامة الناس , بل لفئة العبيد فقط, حتى يميزوا بين الحالتين, فإن العبد يتوق إلى الحرية والإنعتاق وهي حالة ثالثة أفضل من حالتي العبودية للجماعة والعبودية للبشر الواحد, وهذا القصور إن لم يكن في فهمي , فإنه ولا ريب في التفسير المذكور...
ثم إن قلبي لا يطمئن إلى تسوية الله تعالى بالبشر في المثل , وبالصنم والعياذ بالله في الواقع الذي ضرب عليه المثل, فإذا فهمنا المثل على أن المشرك عبد لرجال عدّة, والموحد مثل عبد لرجل واحد, فإنه لا فرق واضح بين هذا الرجل الواحد والرجال المتشاكسين,والواقع يقول أن الله تعالى أعلى عما يشرك به سبحانه , ومن هذا يتبين أن قوله عز وجل:"رجلا سلما لرجل" لا تعني عبودية رجل لرجل آخر.
وأنا أرى والله أعلم , أن المثل الذي ضرب في هذه الآية يعود في قوله:"رجلا فيه شركاء متشاكسون" على المشرك الذي فقد حريته بأن أصبح عبدا لرجال يتنازعون فيه ويتشاحنون , ولا يبلغونه مصلحته ونفعه أبدا,و يعود في قوله:" رجلا سلمالرجل" على الموحد الذي أعتق رقبته من رق الشرك , ومَلَكها, فكان سلما لنفسه يتوجه بها إلى ربه دون وسيط أو شريك.
وأعتمد في هذا على عدة أمور:
1-الآية الثالثة من ذات السورة:"ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما يختلفون فيه إن الله لا يهدي من هو كاذب كفَّار"(الزمر 3), وفيها دعوة ربانية صريحة إلى التخلص من قيود الوسائط , والتحرر لله , لإخلاص الدين له وحده.
2-وهذه آية أخرى من سورة أخرى ,حيث الإشارة الصريحة إلى عبودية المشرك وحرية العابد المؤمن المُوّحِد:"ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهوينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون"(النحل 75).
لاحظ معي هنا تكرار :"الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون" في الآية 29 من سورة الزمر وفي هذه الآية,ألا يدل هذا على التناسب بين الآيتين؟
فالمثل في الثانية ضُرب كما في الأولى على المشرك والموحدوالمؤمن والكافر, ومرة أخرى أجدني مضطرا لمخالفة تفسير ابن القيم وأنا كُلّي خجل, حيث قال رحمه الله بأن الله ضرب هذا المثل لنفسه سبحانه وللأوثان, فالله عز وجل هو المالك لكل شيئ , ينفق كيف يشا على عبيده, والأوثان مملوكة لعابديها, ولعله استند في قوله على تناسب الآية (أي الآية 75 من سورة النحل) مع التي قبلها :" ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والارض شيئا ولا يستطيعون"(النحل 73) , إلا انني أرى هذا التناسب بصورة اخرى, فمنطلق المثل الذي ضربه لنا الله عز وجل هو كلمة " ويعبدون" (في الآية 73 من سورة النحل ) وليست كلمة "من دون الله مالا يملك لهم رزقا" ,لتكون المقارنة بين من يعبدون الأوثان وبين من يعبدون الرازق سبحانه وهم لا يستوون, وليس بين من لا يملكون رزقا ومن يرزق الرزق الحسن من السماوات والأرض , والله تعالى أعلم.
3-حديث رواه الترمذي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال له:"يا غلام إني أعلمك كلمات, إحفظ الله يحفظك, إحفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله, واعلم أن الامة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيئ , لم ينفعوك إلا بشيئ قد كتبه الله لك, وإن اجتمعوا على أن يشروك بشيئ لم يضروكإلا بشيئ قد كتبه الله لك", وهذه أيضا دعوة إلى الإستغناء بالله عن مخلوقاته, عن طريق الاستعانة به في هذه الدنيا, والإستعانة بالله في كلام المؤمنين , هي الإعتماد على النفس
في كلام غيرهم, إذ أن الإنسان الذي هو خليفة الله في الارض, أجدر به أن يكون خليفته سبحانه على نفسه, فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
فالآية "ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون" تُقارن إذن بين المشرك كعبد لأصنامه, وبين الموَّحد كحرّ بنفسه عبدا لربه ومستعينا به في ذات الوقت, وليس المُشرك كالموحد, وليس العبد الرقيق كالحرّ العابد المستعين والحمد لله رب العالمين.
قال ابن القيم الجوزية رحمه الله:"هذا مثل ضربه لله للمشركوالموحد, فالمشرك بمنزلة عبد يملكه جماعة متنازعون مختلفون,والموحد لما يعبد الله وحده فمثله كمثل عبد لرجل واحد".
إذا كان هذا المثل قد ضرب لعامة الناس ليخيرهم بين أمرين أيهما أحسن وأمثل,فالمفروض أن منهم العبد لجماعة والعبد لمالك واحد ومنهم كذلك الحرّ,وإذا كان العبد لمالك واحد أفضل من العبد لشركاء يتنازعون ملكه, فلا شك في أن الحر أفضل منهما معا.
وإذا كان لا يضرب لعامة الناس , بل لفئة العبيد فقط, حتى يميزوا بين الحالتين, فإن العبد يتوق إلى الحرية والإنعتاق وهي حالة ثالثة أفضل من حالتي العبودية للجماعة والعبودية للبشر الواحد, وهذا القصور إن لم يكن في فهمي , فإنه ولا ريب في التفسير المذكور...
ثم إن قلبي لا يطمئن إلى تسوية الله تعالى بالبشر في المثل , وبالصنم والعياذ بالله في الواقع الذي ضرب عليه المثل, فإذا فهمنا المثل على أن المشرك عبد لرجال عدّة, والموحد مثل عبد لرجل واحد, فإنه لا فرق واضح بين هذا الرجل الواحد والرجال المتشاكسين,والواقع يقول أن الله تعالى أعلى عما يشرك به سبحانه , ومن هذا يتبين أن قوله عز وجل:"رجلا سلما لرجل" لا تعني عبودية رجل لرجل آخر.
وأنا أرى والله أعلم , أن المثل الذي ضرب في هذه الآية يعود في قوله:"رجلا فيه شركاء متشاكسون" على المشرك الذي فقد حريته بأن أصبح عبدا لرجال يتنازعون فيه ويتشاحنون , ولا يبلغونه مصلحته ونفعه أبدا,و يعود في قوله:" رجلا سلمالرجل" على الموحد الذي أعتق رقبته من رق الشرك , ومَلَكها, فكان سلما لنفسه يتوجه بها إلى ربه دون وسيط أو شريك.
وأعتمد في هذا على عدة أمور:
1-الآية الثالثة من ذات السورة:"ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما يختلفون فيه إن الله لا يهدي من هو كاذب كفَّار"(الزمر 3), وفيها دعوة ربانية صريحة إلى التخلص من قيود الوسائط , والتحرر لله , لإخلاص الدين له وحده.
2-وهذه آية أخرى من سورة أخرى ,حيث الإشارة الصريحة إلى عبودية المشرك وحرية العابد المؤمن المُوّحِد:"ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهوينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون"(النحل 75).
لاحظ معي هنا تكرار :"الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون" في الآية 29 من سورة الزمر وفي هذه الآية,ألا يدل هذا على التناسب بين الآيتين؟
فالمثل في الثانية ضُرب كما في الأولى على المشرك والموحدوالمؤمن والكافر, ومرة أخرى أجدني مضطرا لمخالفة تفسير ابن القيم وأنا كُلّي خجل, حيث قال رحمه الله بأن الله ضرب هذا المثل لنفسه سبحانه وللأوثان, فالله عز وجل هو المالك لكل شيئ , ينفق كيف يشا على عبيده, والأوثان مملوكة لعابديها, ولعله استند في قوله على تناسب الآية (أي الآية 75 من سورة النحل) مع التي قبلها :" ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والارض شيئا ولا يستطيعون"(النحل 73) , إلا انني أرى هذا التناسب بصورة اخرى, فمنطلق المثل الذي ضربه لنا الله عز وجل هو كلمة " ويعبدون" (في الآية 73 من سورة النحل ) وليست كلمة "من دون الله مالا يملك لهم رزقا" ,لتكون المقارنة بين من يعبدون الأوثان وبين من يعبدون الرازق سبحانه وهم لا يستوون, وليس بين من لا يملكون رزقا ومن يرزق الرزق الحسن من السماوات والأرض , والله تعالى أعلم.
3-حديث رواه الترمذي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال له:"يا غلام إني أعلمك كلمات, إحفظ الله يحفظك, إحفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله, واعلم أن الامة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيئ , لم ينفعوك إلا بشيئ قد كتبه الله لك, وإن اجتمعوا على أن يشروك بشيئ لم يضروكإلا بشيئ قد كتبه الله لك", وهذه أيضا دعوة إلى الإستغناء بالله عن مخلوقاته, عن طريق الاستعانة به في هذه الدنيا, والإستعانة بالله في كلام المؤمنين , هي الإعتماد على النفس
في كلام غيرهم, إذ أن الإنسان الذي هو خليفة الله في الارض, أجدر به أن يكون خليفته سبحانه على نفسه, فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
فالآية "ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون" تُقارن إذن بين المشرك كعبد لأصنامه, وبين الموَّحد كحرّ بنفسه عبدا لربه ومستعينا به في ذات الوقت, وليس المُشرك كالموحد, وليس العبد الرقيق كالحرّ العابد المستعين والحمد لله رب العالمين.
![[SIGPIC]](image.php?u=120000&type=sigpic&dateline=1434668192)
