موعد خارج المدن العربية للخوف
09-11-2007, 11:32 AM
هذا مقطع من الفصل الأول من الجزء الثالث لرواية أحلام مستغانمي(ذاكرةالجسد)

*تأملوا معي هذه اللغة*


كنا مساء اللهفة الأولى ، عاشقين في ضيافة المطر ، رتبت لهما المصادفة
موعدا خارج المدن العربية للخوف

نسينا لليلة أن نكون على حذر ، ظنا منا أن باريس تمتهن حراسة العشاق
إن حبا عاش تحت رحمة القتلة ، لابد أن يحتمي خلف أول متراس متاح للبهجة
أكنا إذن نتمرن رقصا على منصة السعادة ، أثناء إعتقادنا أن الفرح فعل مقاومة؟
أم أن بعض الحزن من لوازم العشاق

في مساء الولع العائد مخضبا بالشجن
يصبح همك كيف تفكك لغم الحب بعد عامين من الغياب و تعطل فتيله الموقوت
دون أن تتشظى بوحا

بعنف معانقة بعد فراق ، تود لو قلت أحبك كما لو تقول مازلت مريظا بك

تريد أن تقول كلمات متعذرة اللفظ ، كعواطف تترفع عن التعبير
كمرض عصي على التشخيص

تود لو إستطعت البكاء ، لا لأنك في بيته ، لا لأنكما معا ، لا لأنها أخيرا جاءت
لا لأنك تعيس ولا لكونك سعيدا
بل لجمالية البكاء أمام شيء فاتن لن يتكرر كمصادفة

التاسعة والربع وأعقاب سجائر

وقبل سيجارة من ضحكتها الماطرة التي رطبت كبريت حزنك
كنت ستسألها : كيف ثغرها في غيابك بلغ سن الرشد؟

وبعيد قبلة لم تقع ، كنت ستستفسر : ماذا فعلت بشفتيها في غيبتك؟
من رأت عيناها؟
لمن تعرى صوتها؟
لمن قالت كلاما كان لك؟

هذه المرأة التي على إيقاع الدفوف القسنطينية ، تطارحك الرقص كما لو كانت تطارحك البكاء
ما الذي يدوزن وقع أقدامها ، لتحدث هذا الإضطراب الكوني من حولك؟

كل ذلك المطر وأنت عند قدميها ترتل صلوات الإستسقاء
تشعر بإنتمائك إلى كل أنواع الغيوم
إلى كل أحزاب البكاء
إلى كل الدموع المنهطلة بسبب النساء

هي هنا وماذا تفعل بكل هذا الشجن؟
أنت الرجل الذي لا يبكي بل يدمع
لا يرقص بل يطرب
لا يغني بل يشجى

أمام كل هذا الزخم العاطفي ، لا ينتابك غير هاجس التفصيل ، متربصا دائما برواية
تبحث عن الأمان في الكتابة ؟ يا للغباء!

ألأنك هنا لا وطن لديك ولا بيت ، قررت أن تصبح من نزلاء الرواية
ذاهبا إلى الكتابة ، كما يذهب آخرون إلى الرقص
كما يذهب كثيرون إلى النساء
كما يذهب الأغبياء إلى حتفهم؟

أتنازل الموت في كتاب؟
أم تحتمي من الموت بقلم؟

منقول