معلقة خرائط الجمال العربي
22-05-2017, 05:54 PM
معلقة خرائط الجمال العربي للشاعر محمد جربوعة

شامية:
شاميّةٌ عيناكِ أختا الخنجرِ
قولي : ((نعم شاميّةٌ))..لا تُنكري
فأنا خبيرٌ بالجمالِ ..أشمُّهُ
شمّا، كوردِ (النيربيْن)(1) الأحمرِ
والشامياتُ وإنْ يكُنَّ بعُسرةِ
يَبقينَ أحلى غازلاتِ السّكرِ
مَن دقّ مثل الشامياتِ بغنّةٍ
مِهراس هيلٍ .. أو توابلِ عُصفُرِ؟
(يُقبِرنني) .. مَن مثلهنّ بنظرةٍ
يُغرقن قلبكَ في إناء العنبرِ
يختار قلبُكَ في البلاد جميعِها
إلا هنا.. بلدِ المحبّ المجبَرِ

ليبية:
عيناكِ يا (رئمَ الفلا) ليبيةٌ
مِن دونِ أن تتكلّمي أو تُخبِري
في حاجبيكِ زوابع رمليةٌ
وشوارعٌ مملوءة بالعسكرِ
وأنا أحبّكِ غير أنّي متعبٌ
من طبعك (النكديّ) والمتضجّرِ
إنّ الدلالَ له شروطٌ خمسةٌ
منها (إذا أحببتِ لا تتهوري)
سيميل سطرك إن كتبتِ حبيبتي
في دفترٍ في الأصل غير مسطّرِ
فتسوسني عاما ليكبر بيننا
ميثاق وردٍ سوسنيٍّ مُزهِرِ

لبنانية:
العطر في لبنانَ لا يخفى ولا
تخفى أناقةُ سيّداتِ المظهرِ
أرض الدمى الحسناءَ..تبا للدمى
إن جاوزتْ حدّ احتمالِ الأبهرِ
أنا ما سكرتُ طوال عمري مرة
إلا هناكَ وبالجمال المسكِرِ
والحسنُ في لبنان أطولُ قامةً
مني، وأكثر حِدةً مِن منحري
أنا لست أقصدُ مَن تحبّ معمّما
مِن (قمَّ).. بنتَ الفارسيّ المفتري

مغربية:
ويقال إن أخذتْ تكحِّل عينَها
في المغرب الأقصى كَحيلةُ أحْورِ:
لا تسرفي ..فالكحل يصبح نقمةً
في شُفرِ توتيِّ النواظر ،فاحذري
أنا لا أهمُّ.. فخفّفي ..لا تسرفي
خافي على الكحل الثمينِ.. ووفّري
كُحل الأوانس لا أمان له إذا
ألقى التحيةَ ضاحكا في معبرِ
والمغرب الأقصى له أعرافهُ
ونساؤه كقصائد في دفترٍ
يشغلنَ بالكَ بعد بيت واحدٍ
و يُبدنَ قلبكَ بعد ستة أشطرِ

أردنية:
عيني على الأردنّ..أجملُ نسوةٍ
ظبياتُ عمّانَ الحسانَ..تذكّري
من يا ترى أفتى النساءَ بقتلنا
بمدرّج البتراءِ.. كالمستهترِ؟
ومن استدلّ لهنّ حين سألنهُ
بقصائدٍ غزلية للبحتري
مَن قال للحسناءِ (يفتح عينَها):
((إن تذبحي رجلا بحسنك تؤجَري))
ملكاتُ إربدَ، خيرُ ما مسّ الهوى
مِن نبض بنتٍ غرّة لم تسهرِ
أرقى النساء إذا عشقن حقيقةً
كخواتمٍ طوعا تدار ببنصرِ
بسماتهنّ تمرّ مثل سحابةٍ
فوق الشفاه بعصر يوم ممطرِ
خبِّئْ عن الإعجاب قلبكَ.. فجأةً
سيجيئه،ومن الطريق الأقصرِ

مصرية:
مصريةٌ إن تطرَفي.. مصريةٌ
إن تُغمضي.. مصرية إن تنظُري
النيلُ لا يخفى بأنثى رَمّمتْ
حناءَ كفيها بِطينِ (الأُقصُرِ)
والحسنُ لا يخفى بمن دأبتْ على
غسْلِ الأساورِ في أذان (الأزهرِ)
عيناكِ أحلى ما يرى متشوّقٌ
لعيون أنثى بعد عَشرة أشهرِ
هرمانِ عيناكِ ، السياحة فيهما
تُعطي لهذا القلبِ ما للقيصرِ

فلسطينية:
إن قيلَ إنّ صبيةً حِنطيةً
مِن شارع في القدسِ نصفِ مدمَّرِ
وقفتْ تبيعُ دقائقا من ساعةٍ
بعْ نصفَ قلبكِ ،لا تفكّرْ..واشترِ
ستكون أقربَ من يديها مرةً
ومِن الجمالِ (الناصريّ) المبهرِ
ستشمّ فيها (بيت جالا) ..خبزَها
بيّارة الليمون.. كوب الزعترِ
ماذا تريدُ إذا ظفرتَ بنظرةٍ
مِن خيرِ مَن شمّت بخور المجمرِ؟

يمنية:
يمنيةٌ كانت تمشّطُ نهرَها
في حضرة الكتفِ ( السعيد) الأيسرِ
نظرتْ إليّ..تبسّمتْ.. وتمايلتْ
فصرخْتُ: (( قلبي ليّنٌ لا تنظري))
قالتْ:((سلامتكَ)).. ارتبكتُ كبردةٍ
لعبت بها ريح الصَّبا في منشرِ
سبحان من خلقَ العيونَ خطيرةً
حتى إذا بهجومها لم تُؤمرِ
والحسن في صنعاء يُخفي نفسهُ
لكنه يُردي ولو لم يَظهرِ
مثلا .. عطور السيداتِ خفيفةٌ
لكنها إن أنذرتْ لم تَعذُرِ

تونسية:
في تونسٍ حسنُ الصبايا مجرمٌ
كالمستحيل وفوق كلِ تصوّرِ
حسنٌ طبيعيّ الخطوطِ ..مشاغبٌ
ومدللٌّ مثلَ الشقيق الأصغرِ
قلِقٌ..كبارود البنادقِ..قاتلٌ
متلاعبٌ كالزئبقِ المتفجّرِ
والمرء يَشرَقُ حين يُبصرُ غادةً
ويَضيعُ منه المشيُ كالمتعثّرِ
ونساءُ تونسَ .. ليناتٌ كالصَّبا
وقلوبهنّ رقيقةٌ في الأكثرِ
ولهنّ شيءٌ مِن طقوسٍ، بينها
نسجُ الضفائر بالحريرِ الأخضرِ

خليجية:
خَوفي مِنَ الرِّمشِ الخليجيّ الذي
يجتاحني..ومن الجمال الأسمرِ
لغزالةِ الصحراءِ ألفُ طريقةٍ
لتجنّن الصيادَ.. ذاك المفتري
ولها عيونٌ لا يعيشُ قتيلها
يبقى بمستشفى .. لسبعة أشهرِ
لا يعرف الزوارَ..يمسك قلبهُ
ويذبّلُ العينين مثل مخدَّرِ

عراقية:
لا ليس شرطا أن تكون صبيةٌ
- لتكون أحلى- مِن حرائرِ (شمّرِ)(2)
ما كالعراقِ.. نساؤه منحوتةٌ
مِن سِحرِ بابلَ والجنونِ السومري
أضلاعهنَّ من النحاسِ..وخلفَها
قلبٌ من الذهب الثمين الأصفرِ
وتموت كل صبية في موجةٍ
مِن نهر دجلة دون كل الأنهرِ
مِن قصر (هارون الرشيدَ) وعصرهِ
يخرجنَ..مِن بلدِ الجمال الأشهرِ
كالؤلؤ المكنونِ.. أعرف قطعةً
منهن أودى ومضُها بالجوهري
بغداد تلعب في المسائل كلِّها
لكنّها في الحسنِ..ضربة سمْهري(3)

جزائرية:
بنتَ الجزائرِ أنتِ..أدري جيدا
بمزاجكِ الثوريّ والمتوتّرِ
الكحل في عينيك مهرةُ فارسٍ
سوداء تصهلُ في اللجام البربري
حسناءُ.. ينقصكِ الهدوءُ.. ووردةٌ
في تاجكِ الفضيّ كي تتأمّري
خدعوكِ، قالوا (فحلةٌ) و(قويةٌ)
أرجوكِ كوني قطةً.. لا تزأري
تكفي جمالكِ لمسةٌ شعريةٌ
كي تكسري الدنيا ..وكي تتكسّري
فضعي يديك على الحرير برقّةٍ
كي تفهمي سرّ الجمال الأكبرِ

هامش:
1- النيربيْن : اسم لحديقة متدرجة بهيجة في دمشق ، لها طابع الحدائق المعلقة
2- شمّر: قبيلة عربية.
3- السمهري: الرمحُ الصليبُ العودِ .