تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
abchir
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-02-2014
  • المشاركات : 1,075
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • abchir is on a distinguished road
abchir
عضو متميز
رد: تفسير حزب سبح
11-06-2014, 05:37 PM

يقول الله تبارك وتعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( هل في ذلك قسم لذي حجر )) ، يقول الله تعالى (( ألم تر كيف فعل ربك بعاد. إرم ذات العماد )) الخطاب هنا لكل من يوجه إليه هذا الكتاب العزيز وهم البشر كلهم بل والجن أيضاً ألم تر أيها المخاطب ((كيف فعل ربك بعاد. إرم ذات العماد )) يعني ما الذي فعل بهم؟ وعاد قبيلة معروفة في جنوب الجزيرة العربية، أرسل الله تعالى إليهم هوداً عليه الصلاة والسلام فبلغهم الرسالة ولكنهم عتوا وبغوا وقالوا من أشد منا قوة قال الله تعالى: (( أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون )). فهم افتخروا في قوتهم ولكن الله بين أنهم ضعفاء أمام قوة الله ولهذا قال: (( أولم يروا أن الله الذي خلقهم )) ولم يقل أن الله أشد منهم قوة بل قال: (( الذي خلقهم )) ليبين ضعفهم وأنه جل وعلا أقوى منهم، لأن الخالق أقوى من المخلوق (( أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون. فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون )). كنا نقول: (( ألم تر كيف فعل ربك بعاد )) والذي فعل الله بهم أنه أرسل عليهم الريح العقيم (( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً ، فترى القوى فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ))، (( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ))، وهذا الاستفهام الذي لفت الله فيه النظر إلى ما فعل بهؤلاء يراد به الاعتبار يعني اعتبر أيها المكذّب للرسول محمد صلى الله عليه وسلّم بهؤلاء كيف أُذيقوا هذا العذاب، وقد قال الله تعالى: (( وما هي من الظالمين ببعيد )). وقوله: (( إرم )) هذه اسم للقبيلة، وقيل اسم للقرية، وقيل غير ذلك، فسواء كانت اسما للقبيلة أو اسما للقرية فإن الله تعالى نكل بهم نكالاً عظيماً مع أنهم أقوياء. وقوله: (( ذات العماد ))، (( التي لم يخلق مثلها في البلاد )) يعني أصحاب (( العماد )): الأبنية القوية ،(( التي لم يخلق مثلها في البلاد )): أي لم يصنع مثلها في البلاد؛ لأنها قوية ومحكمة، وهذا هو الذي غرهم وقالوا: مَن أشد منا قوة؟ وفي قوله تعالى: (( لم يخلق مثلها في البلاد )) مع أن الذي صنعها الآدمي دليل على أن الآدمي قد يوصف بالخلق فيقال خلق كذا، ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام في المصورين ( يقال لهم أحيوا ما خلقتم )، لكن الخلق الذي ينسب للبشر بل الخلق الذي ينسب للمخلوق ليس هو الخلق المنسوب إلى الله. الخلق المنسوب إلى الله إيجاد بعد إعدام وتحويل وتغيير، أما الخلق المنسوب لغير الله فهو مجرد تحويل، تحويل وتغيير، وأضرب لكم مثلاً: هذا الباب من خشب، من الذي خلق الخشب؟ الله، لا يمكن للبشر أن يخلقوه، لكن البشر يستطيع أن يحول جذوع الخشب وأغصان الخشب إلى أبواب، إلى دواليب، وما أشبه ذلك، فالخلق المنسوب للمخلوق ليس هو الخلق المنسوب للخالق؛ والفرق ؟ أجيبوا، الخلق المنسوب للخالق إيجاد من عدم وهذا لا يستطيعه أحد، والمنسوب للمخلوق تغيير وتحويل يحول الشيء من صفة إلى صفة، أما أن يغير الذوات بمعنى يجعل الذهب فضة، أو الفضة حديداً، أو ما أشبه ذلك فهذا مستحيل لا يمكن إلا لله وحده لا شريك له. ثم قال: (( وثمود الذين جابوا الصخر بالواد )) ثمود :هم قوم صالح ومساكنهم معروفة الآن، كما قال تعالى: (( ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين )). في سورة (( الر )) ذكر الله أن ثمود كانوا في بلاد الحجر وهي معروفة مر عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في طريقه إلى تبوك وأسرع وقنّع رأسه صلى الله عليه وسلّم وقال: ( لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم مثل ما أصابهم )، هؤلاء القوم أعطاهم الله قوة حتى صاروا يخرقون الجبال، والحصى، والصخور العظيمة ويصنعون منها بيوتاً ولهذا قال: (( جابوا الصخر بالواد )) أي: وادي ثمود، وهو معروف، هؤلاء أيضاً فعل الله بهم ما فعل من العذاب والنكال حيث قيل لهم تمتعوا في داركم ثلاثة أيام، ثم بعد الثلاثة الأيام أخذتهم الصيحة والرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين، فعلينا أيها الأخوة أن نعتبر بحال هؤلاء المكذبين الذين صار مآلهم إلى الهلاك والدمار، وليُعلم أن هذه الأمة لن تُهلك بما أهلكت به الأمم السابقة بهذا العذاب العام، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سأل الله تعالى أن لا يُهلكهم بسنة بعامة ولكن قد تهلك هذه الأمة بأن يجعل الله بأسهم بينهم، فتجري بينهم الحروب والمقاتلة، ويكون هلاك بعضهم على يد بعض، لا بشيء ينزل من السماء كما صنع الله تعالى بالأمم السابقة، ولهذا يجب علينا أن نحذر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن نبتعد عن كل ما يثير الناس بعضهم على بعض، وأن نلزم دائماً الهدوء، وأن نبتعد عن القيل والقال وكثرة السؤال، فإن ذلك مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكم من كلمة واحدة صنعت ما تصنعه السيوف الباترة، فالواجب الحذر من الفتن، وأن نكون أمة متآلفة متحابة، يتطلب كل واحد منا العذر لأخيه إذا رأى منه ما يكره. نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير والصلاح وأن يجمع قلوبنا على طاعته. قال الله تبارك وتعالى: (( ألم تر كيف فعل ربك بعاد. إرم ذات العماد. التي لم يخلق مثلها في البلاد . وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ))، قال: (( وفرعون ذي الأوتاد ))(( فرعون )) فرعون هو الذي أرسل الله إليه موسى عليه الصلاة والسلام، وكان قد استذل بني إسرائيل في مصر، يذبح أبنائهم ويستحيي نسائهم، وقد اختلف العلماء في السبب الذي أدّى به إلى هذه الفعلة القبيحة، لماذا يقتل الأبناء ويبقي النساء؟! فقال بعض العلماء: إن كهنته قالوا له إنه سيولد في بني إسرائيل رجل يكون هلاكك على يده فصار يقتل الأبناء ويستبقي النساء. ومن العلماء من قال: إنه فعل ذلك من أجل أن يضعف بني إسرائيل؛ لأن الأمة إذا قُتلت رجالها واستبقيت نسائها ذلت بلا شك، فالأول تعليل أهل الأثر، والثاني تعليل أهل النظر ـ أهل العقل ـ ولا يبعد أن يكون الأمران جميعاً قد صارا علة لهذا الفعل، ولكن بقدرة الله عز وجل أن هذا الرجل الذي كان هلاك فرعون على يده تربى في نفس بيت فرعون، فإن امرأة فرعون التقطته وربته في بيت فرعون، فرعون استكبر في الأرض وعلا في الأرض وقال لقومه: (( أنا ربكم الأعلى )) وقال لهم: (( ما علمت لكم من إله غيري )) وقال لهم: (( أم أنا خير من هذا الذي هو مهين )) يعني موسى (( ولا يكاد يبين )) ، قال الله تعالى: (( فاستخف قومه فأطاعوه )). وتعلمون أنه قال لقومه مقرراً لهم: (( أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون )). فافتخر بالأنهار وهي المياه فأغرق بالماء........
يامن عدى ثم اعتدى ثم اقترف**** ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشِر بقول الله في تنزيله**** ان ينتهو يغفر لهم ماقد سلف
  • ملف العضو
  • معلومات
abchir
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-02-2014
  • المشاركات : 1,075
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • abchir is on a distinguished road
abchir
عضو متميز
رد: تفسير حزب سبح
12-06-2014, 10:50 AM
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(( وفرعون ذي الأوتاد ))
: أي ذي القوة، لأن جنوده كانوا له بمنزلة الوتد، والوتد كما نعلم تربط به حبال الخيمة فتستقر وتثبت، فله جنود أمم عظيمة ما بين ساحر وكاهن وغير ذلك لكن الله سبحانه فوق كل شيء. قال تعالى: (( الذين طغوا في البلاد )) الطغيان مجاوزة الحد ومنه قوله تعالى: (( إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية )). أي لما زاد الماء حملناكم في الجارية يعني بذلك السفينة التي صنعها نوح عليه الصلاة والسلام، فمعنى (( طغوا في البلاد )) أي: زادوا عن حدهم واعتدوا على عباد الله. (( فأكثروا فيها الفساد )) الفساد، هل هو الفساد الحسي أو المعنوي؟ الجواب هو: الفساد المعنوي، والفساد المعنوي يتبعه الفساد الحسي،أنتم معنا؟ الفساد المعنوي يتبعه الفساد الحسي، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: (( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون )). ولهذا قال بعض العلماء في قوله تعالى: (( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها )). قالوا: لا تفسدوها بالمعاصي، وعلى هذا فيكون قوله (( فأكثروا فيها الفساد )) أي: الفساد المعنوي، لكن الفساد المعنوي يتبعه الفساد الحسي، وكان فيما سبق من الأمم أن الله تعالى يدمر هؤلاء المكذبين عن آخرهم، لكن هذه الأمة رفع الله عنها هذا النوع من العقوبات، وجعل عقوبتها أن يكون بأسهم بينهم، هم فيما بينهم يدمر بعضهم بعضاً، وعلى هذا فما حصل من المسلمين من اقتتال بعضهم بعضاً، ومن تدمير بعضهم بعضاً إنما هو بسبب إيش؟ إنما سببه المعاصي والذنوب، يسلط الله بعضهم على بعض ويكون هذا عقوبة من الله سبحانه وتعالى. ولهذا قال :(( فأكثروا فيها الفساد )). (( فصب عليهم ربك سوط عذاب )) (( صب عليهم )): والصب معروف أنه يكون من فوق، والعذاب الذي أتى هؤلاء من فوق من عند الله عز وجل. و(( سوط عذاب )) السوط هو العصا الذي يضرب به، ومعلوم أن الضرب بالعصا نوع عذاب، لكن هل هذا السوط الذي صبه الله تعالى على عاد، وثمود، وفرعون، هل هو العصا المعروف الذي نعرف، أو أنه عصا عذاب أهلكهم؟ الجواب: الثاني عصا عذاب أهلكهم وأبادهم. نسأل الله تعالى أن يجعل لنا ولكم فيما سبق من الأمم عبرة نتعظ بها وننتفع بها، ونكون طائعين لله عز وجل غير طاغين، إنه على كل شيء قدير. قال الله تعالى: (( إن ربك لبالمرصاد )): الخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو لكل من يتوجه إليه الخطاب، يبين الله عز وجل أنه بالمرصاد لكل من طغى واعتدى وتكبر، فإنه له بالمرصاد سوف يعاقبه ويؤاخذه، وهذا المعنى له نظائر في القرآن الكريم منها قوله تبارك وتعالى: (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها )). وكقول شعيب لقومه: (( أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد )). فسنة الله سبحانه وتعالى واحدة في المكذبين لرسله، المستكبرين عن عبادته هو لهم بالمرصاد، وهذه الآية تفيد التهديد والوعيد لمن حاول، أو لمن استكبر عن عبادة الله، أو كذب خبره. ثم قال عز وجل: (( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول رب أكرمن. وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن )) الابتلاء من الله عز وجل يكون بالخير وبالشر كما قال تعالى: (( ونبلوكم بالشر والخير فتنة )). فيُبتلى الإنسان بالخير ليبلوه الله عز وجل أيشكر أم يكفر، ويبتلى بالشر ليبلوه أيصبر أم يفجر، وأحوال الإنسان كما تعلمون جميعاً دائرة بين خير وشر، بين خير يلائمه ويسره، وبين شر لا يلائمه ولا يسره، وكله ابتلاء من الله، والإنسان بطبيعته الإنسانية المبنية على الظلم والجهل إذا ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه يقول (( رب أكرمن )): يعني أنني أهل للإكرام ولا يعترف بفضل الله عز وجل، وهذا كقوله تعالى: (( قال إنما أوتيته على علم عندي )). لما ذكر بنعمة الله عليه قال: (( إنما أوتيته على علم عندي )) ولم يعترف بفضل الله، وما أكثر الناس الذين هذه حالهم إذا أكرمهم الله عز وجل ونعمهم، قالوا: هذا إكرام من الله لنا؛ لأننا أهل لذلك، ولو أن الإنسان قال: إن الله أكرمني بكذا اعترافاً بفضله وتحدثاً بنعمته لم يكن عليه في ذلك بأس، لكن إذا قال: أكرمني، يعني أنني أهل للإكرام، كما يقول مثلاً كبير القوم إذا نزل ضيفاً على أحدهم قال: أكرمني فلان؛ لأنني أهل لذلك. (( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه )): يعني ضيق عليه الرزق (( فيقول ربي أهانن )): يعني يقول إن الله تعالى ظلمني فأهانني، ولم يرزقني كما رزق فلاناً، ولم يكرمني كما أكرم فلاناً، فصار عند الرخاء لا يشكر، يعجب نفسه ويقول هذا حق لي، وعند الشدة لا يصبر بل يعترض على ربه ويقول (( ربي أهانن ))، وهذا حال الإنسان باعتباره إنساناً، أما المؤمن فليس كذلك، المؤمن إذا أكرمه الله ونعّمه شكر ربه على ذلك، ورأى أن هذا فضل من الله عز وجل وإحسان، وليس من باب الإكرام الذي يقدم لصاحبه على أنه مستحق، وإذا ابتلاه الله عز وجل وقدر عليه رزقه صبر واحتسب، وقال هذا بذنبي، والرب عز وجل لم يهني ولم يظلمني، فيكون صابراً عند البلاء، شاكراً عند الرخاء، وفي الآيتين إشارة إلى أنه يجب على الإنسان أن يتبصر فيقول مثلاً: لماذا أعطاني الله المال؟ ماذا يريد مني؟ يريد مني أن أشكر. لماذا ابتلاني الله بالفقر، بالمرض وما أشبه ذلك؟ يريد مني أن أصبر. فليكن محاسباً لنفسه حتى لا يكون مثل حال الإنسان المبنية على الجهل والظلم، ولهذا قال تعالى: (( كلا )) يعني لم يعطك ما أعطاك إكراماً لك لأنك مستحق ولكنه تفضل منه، ولم يهنك حين قدر عليك رزقه، بل هذا مقتضى حكمته وعدله. ثم قال تعالى: (( بل لا تكرمون اليتيم )) يعني أنتم إذا أكرمكم الله عز وجل بالنعم لا تعطفون على المستحقين للإكرام وهم اليتامى، فاليتيم هنا اسم جنس، ليس المراد يتيماً واحداً بل جنس اليتامى، واليتيم قال العلماء: هو الذي مات أبوه قبل بلوغه من ذكر أو أنثى، وأما من ماتت أمه فليس بيتيم (( بل لا تكرمون اليتيم )) ، وقوله تعالى: (( اليتيم )): يشمل الفقير من اليتامى، والغني من اليتامى، حتى الغني من اليتامى ينبغي الإحسان إليه وإكرامه لأنه انكسر قلبه بفقد أبيه ومن يقوم بمصالحه، فأوصى الله تعالى به حتى يزول هذا الكسر الذي أصابه. (( ولا تحاضون على طعام المسكين )): يعني لا يحض بعضكم بعضاً على أن يطعم المسكين، وإذا كان لا يحض غيره فهو أيضاً لا يفعله بنفسه، فهو لا يطعم المسكين ولا يحض على طعام المسكين، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي لنا أن نكرم الأيتام، وأن يحض بعضنا بعضاً على إطعام المساكين؛ لأنهم في حاجة، والله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. (( وتأكلون التراث أكلاً لما. وتحبون المال حبًّا جًّما )) : (( التراث )) ما يورثه الله العبد من المال، سواء ورثه عن ميت، أو باع واشترى وكسب، أو خرج إلى البر وأتى بما يأتي به من عشب وحطب وغير ذلك، المهم أن التراث ما يرثه الإنسان، أو ما يورثه الله للإنسان من المال فإن بني آدم يأكلونه أكلاً لما، وأما المال فقال: (( وتحبون المال حبًّا جًّما )): أي عظيماً، وهذا هو طبيعة الإنسان، ولكن الإيمان له مؤثراته قد يكون الإنسان بإيمانه لا يهتم بالمال وإن جاءه شكر الله عليه، وأدّى ما يجب وإن ذهب لا يهتم به، لكن طبيعة الإنسان من حيث هو كما وصفه الله عز وجل في هاتين الآيتين، نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير والصلاح وأن يقينا شر أنفسنا إنه على كل شيء قدير........
يامن عدى ثم اعتدى ثم اقترف**** ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشِر بقول الله في تنزيله**** ان ينتهو يغفر لهم ماقد سلف
  • ملف العضو
  • معلومات
abchir
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-02-2014
  • المشاركات : 1,075
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • abchir is on a distinguished road
abchir
عضو متميز
رد: تفسير حزب سبح
13-06-2014, 09:13 AM
قال تبارك وتعالى: (( كلا إذا دكت الأرض دكًّا دكًّا. وجاء ربك والملك صفًّا صفًّا. وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى )): يذكر الله سبحانه وتعالى الناس بيوم القيامة (( إذا دكت الأرض دكًّا دكًّا )): أي دكاً بعد دك حتى لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، تُدك الجبال، ولا بناء، ولا أشجار، تمد الأرض كمد الأديم، ويكون الناس عليها في مكان واحد يُسمعهم الداعي وينفذهم البصر في هذا اليوم (( يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى. يقول يا ليتني قدمت لحياتي )) ولكن قد فات الأوان، إلا أننا في الدنيا في مجال العمل في زمن المهلة يمكن للإنسان أن يكتسب لمستقره، كما قال مؤمن آل فرعون (( يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار )). متاع يتمتع به الإنسان كما يتمتع المسافر بمتاع السفر حتى ينتهي سفره، فهكذا الدنيا، واعتبر يا أخي، اعتبر ما يستقبل بما مضى، كل ما مضى كأنه ساعة من نهار، كأننا الآن مخلوقون، فكذلك ما يستقبل سوف يمر بنا سريعاً ويمضي جميعاً، وينتهي السفر إلى مكان آخر ليس مستقرًّا، إلى الأجداث إلى القبور ومع هذا فإنها ليست محل استقرار لقول الله تعالى: (( ألهاكم التكاثر. حتى زرتم المقابر )). سمع أعرابي رجلاً يقرأ هذه الآية فقال: " والله ما الزائر بمقيم ولابد من مفارقة لهذا المكان "، وهذا استنباط قوي وفهم جيد يؤيده الآيات الكثيرة الصريحة في ذلك كما في قوله تعالى: (( ثم إنكم بعد ذلك لميتون. ثم إنكم يوم القيامة تبعثون )). وذكر الله سبحانه وتعالى ما يكون في هذا اليوم فقال: (( وجاء ربك والملك صفًّا صفًّا )): أي صفًّا بعد صف، (( وجاء ربك )): وهذا المجيء هو مجيئه ـ عز وجل ـ لأن الفعل أسند إلى الله، وكل فعل يسند إلى الله فهو قائم به لا بغيره، هذه القاعدة في اللغة العربية، والقاعدة في أسماء الله وصفاته كل ما أسنده الله إلى نفسه فهو له نفسه لا لغيره، وعلى هذا فالذي يأتي هو الله عز وجل، وليس كما حرّفه أهل التعطيل حيث قالوا إنه جاء أمر الله، فإن هذا إخراج للكلام عن ظاهره بلا دليل، فنحن من عقيدتنا أن نجري كلام الله ، ورسوله على ظاهره وأن لا نحرف فيه. ونقول: إن الله تعالى يجيء يوم القيامة هو نفسه، ولكن كيف هذا المجيء؟ هذا هو الذي لا علم لنا به لا ندري كيف يجيء؟ والسؤال عن مثل هذا بدعة كما قال الإمام مالك ـ رحمه الله ـ حين سُئل عن قوله تعالى: (( الرحمن على العرش استوى ))، كيف استوى؟ سائل يسأل كيف استوى؟ كيف الاستواء؟ فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء ـ يعني العرق ـ لشدة هذا السؤال على قلبه، لأنه سؤال عظيم سؤال متنطع، سؤال متعنت، أو مبتدع يريد السوء، ثم رفع رأسه وقال: " الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة "، الشاهد الكلمة الأخيرة ـ السؤال عنه بدعة ـ واعتبر هذا في جميع صفات الله فلو سألنا سائل قال: إن الله يقول: (( لما خلقت بيدي )). يعني آدم، كيف خلقه؟ كيف خلقه بيده؟ نقول: هذا السؤال بدعة، قال: أنا أريد العلم لا أحب أن يخفى علي شيء من صفات ربي فأريد أن أعلم كيف خلقه؟ نقول: نحن نسألك أسئلة سهلة هل أنت أحرص على العلم من الصحابة رضي الله عنهم؟ إما أن يقول نعم، وإما أن يقول لا، والمتوقع أن يقول لا. طيب، هل الذي وجهت إليه السؤال أعلم بكيفية صفات الله عز وجل أم الرسول عليه الصلاة والسلام؟ سيقول: الرسول، إذاً الصحابة أحرص منك على العلم والمسئول الذي يوجه إليه السؤال أعلم من الذي تسأله ومع ذلك ما سألوا؛ لأنهم يلتزمون الأدب مع الله عز وجل، ويقولون بقلوبهم وربما بألسنتهم إن الله أجل وأعظم من أن تحيط أفهامنا وعقولنا بكيفيات صفاته، والله عز وجل يقول في كتابه في الأمور المعقولة (( ولا يحيطون به علماً )). وفي الأمور المحسوسة: (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار )). فنقول: يا أخي الزم الأدب، لا تسأل كيف خلق الله آدم بيده؟ فإن هذا بدعة، وكذلك بقية الصفات لو سأل كيف عين الله عز وجل؟ قلنا له: هذا بدعة، لو سأل كيف اليد؟ يد الله عز وجل قلنا: هذا بدعة وعليك أن تلزم الأدب، وأن لا تسأل عن كيفية صفات الله عز وجل. لما قال هنا في الآية الكريمة (( وجاء ربك )) وسأل كيف يجيء؟ ماذا نقول له؟ أجيبوا؟ نقول: هذا بدعة ـ هذه القاعدة التزموها ـ هذا السؤال بدعة، وكل إنسان يسأل عن كيفية صفات الله فهو مبتدع متنطع، سائل عما لا يمكن الوصول إليه، فموقفنا من مثل هذه الآية (( وجاء ربك )) أن نؤمن بأن الله سيجيء ولكن على أي كيفية ؟ الله أعلم. طيب، لو قال قائل: هل يحتمل أن يكون مجيئه كمجيء الإنسان؟ أو كمجيء الملك إلى مكان الاحتفال؟ الجواب: لا،هذا نعلم أنه لا يكون والدليل قوله تعالى: (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )). فنحن نعلم النفي ولا نعلم الإثبات، أي نعلم أنه لا يمكن أن يأتي على كيفية إتيان البشر، ولكننا لا نثبت الكيفية وهذا هو الواجب علينا، وقوله: (( والملك )) " أل " هنا للعموم يعني جميع الملائكة يأتون ينزلون ويحيطون بالخلق، تنزل ملائكة السماء الدنيا، ثم ملائكة السماء الثانية وهلم جرا يحيطون بالخلق إظهاراً للعظمة، وإلا فإن الخلق لا يمكن أن يفروا يميناً ولا شمالاً لكن إظهاراً لعظمة الله وتهويلاً لهذا اليوم العظيم، تنزل الملائكة يحيطون بالخلق، وهذا اليوم يوم مشهود يشهده الملائكة والإنس والجن والحشرات وكل شيء (( وإذا الوحوش حشرت )). فهو يوم عظيم لا ندركه الآن ولا نتصوره لأنه أعظم مما نتصور. الأمر الثالث مما به الإنذار في هذا اليوم بعد أن عرفنا الأمر الأول وهو مجيء الله، ثم صفوف الملائكة قال: (( وجيء يومئذ بجهنم )) (( جيء يومئذ )) ولم يذكر الجائي لكن قد دلت السنة أنه يؤتى بالنار تقاد بسبعين ألف زمام كل زمام منها يقوده سبعون ألف ملك، وما أدراك ما قوة الملائكة؟ قوة ليست كقوة البشر، ولا كقوة الجن بل هي أعظم وأعظم بكثير، ولهذا لما قال عفريت من الجن لسليمان (( أنا آتيك به )) بعرش بلقيس (( قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين. قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرًّا عنده )). قال العلماء: لأن الرجل هذا دعا الله، فحملته الملائكة فجاءت به إلى سليمان في الشام من اليمن ، فقوة الملائكة عظيمة، وهم يجرون هذه النار بسبعين ألف زمام، كل زمام يجره سبعون ألف ملك، إذاً هي عظيمة- نسأل الله العافية ونسأل الله أن يجيرنا وإياكم منها-، هذه النار إذا رأتهم أي رأت أهلها من مكان بعيد، سمعوا لها تغيظاً وزفيراً، وليست كزفير الطائرات أو المعدات، زفير تنخلع منه القلوب - والعياذ بالله-، (( كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير )). وقال الله عز وجل: (( تكاد تميز من الغيظ )) تكاد تقطع من شدة الغيظ على أهلها - والعياذ بالله-، فلهذا أنذرنا الله تعالى منها فهذه ثلاثة أمور كلها إنذار: مجيء الرب جل جلاله، صفوف الملائكة، الثالث: الإتيان بجهنم. (( يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى )) يتذكر: يتعظ، لكن أنى له الاتعاظ فات الأوان، انقطع الاتعاظ بحضور الأجل في الدنيا قبل أن يصل الإنسان إلى الآخرة، (( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار ))، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من المتعظين بآياته ونسأله تعالى أن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً ورزقاً طيباً واسعاً........
يامن عدى ثم اعتدى ثم اقترف**** ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشِر بقول الله في تنزيله**** ان ينتهو يغفر لهم ماقد سلف
  • ملف العضو
  • معلومات
abchir
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-02-2014
  • المشاركات : 1,075
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • abchir is on a distinguished road
abchir
عضو متميز
رد: تفسير حزب سبح
14-06-2014, 03:21 PM
نواصل...

يقول: (( يا ليتني قدمت لحياتي. فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد )): وهذا هو آخر سورة الفجر يقول الله عز وجل: (( يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى )): يعني إذا جاء الله في يوم القيامة، وجاء الملك الملائكة صفوفاً صفوفاً، وأحاطوا بالخلق، وحصلت الأهوال والأفزاع يتذكر الإنسان، يتذكر أنه وعد بهذا اليوم، وأنه أعلم به من قبل الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنذروا وخوفوا، ولكن من حقت عليه كلمة العذاب فإنه لا يؤمن ولو جاءته كل آية - والعياذ بالله -، حينئذ يتذكر لكن يقول الله عز وجل (( وأنى له الذكرى )) أين يكون له الذكرى في هذا اليوم الذي رأى فيه ما أخبر عنه يقيناً؟! والإيمان عن المشاهدة لا ينفع، الإيمان عن المشاهدة لا ينفع، لأن كل إنسان يؤمن بما شاهد، الإيمان النافع هو الإيمان بالغيب (( الذين يؤمنون بالغيب )). فيصدق بما أخبرت به الرسل عن الله عز وجل وعن اليوم الآخر، في ذلك اليوم يتذكر الإنسان ولكن قال الله عز وجل: (( أنى له الذكرى )) أي بعيد أن ينتفع بهذه الذكرى التي حصلت منه حين شاهد الحق يقول الإنسان: (( يا ليتني قدمت لحياتي )) يتمنى أنه قدم لحياته وما هي حياته؟ أتظنون أنه يريد الحياة الدنيا؟ لا والله، الحياة الدنيا انتهت وقضت، وليست الحياة الدنيا حياة في الواقع، الواقع أنها هموم وأكدار، كل صفو يعقبه كدر، كل عافية يتبعها مرض، كل اجتماع يعقبه تفرق، انظروا ما حصل أين الآباء؟ أين الإخوان؟ أين الأبناء؟ أين الأزواج؟ هل هذه حياة؟ أبداً، ولهذا قال بعض الشعراء الحكماء:
لا طيب للعيش مادامت منغصة *** لذاته بادكار الموت والهرم
كل إنسان يتذكر أن مآله أحد أمرين: إما الموت، وإما الهرم، نحن نعرف أناساً كانوا شباباً في عنفوان الشباب عُمّروا لكن رجعوا إلى أرذل العمر، يَرقُ لهم الإنسان إذا رآهم في حالة بؤس، حتى وإن كان عندهم من الأموال ما عندهم، وعندهم من الأهل ما عندهم، لكنهم في حال بؤس، وهكذا كل إنسان إما أن يموت مبكراً، وإما أن يُعمّر فيرد إلى أرذل العمر فهل هذه حياة؟ الحياة هي ما بينه الله عز وجل: (( وإن الدار الآخرة لهي الحيوان )) يعني لهي الحياة التامة (( لو كانوا يعلمون )). يقول هذا: (( يا ليتني قدمت لحياتي )) يتمني لكن ما يحصل (( أنى له الذكرى )). قال تعالى: (( فيومئذ لا يعذِّب عذابه أحد، ولا يُوثَق وثاقه أحد )): يعني في هذا اليوم لا أحد يعذب عذابه، ولا أحد يوثق وثاقه، ومعلوم أن هذا الكافر، المؤمن يأتينا ذكر المؤمن إن شاء الله، الكافر لا يعذب أحد عذابه في ذلك اليوم و أخبركم لماذا؟ لأنه يُلقى على أهل النار في الموقف العطش الشديد، فينظرون إلى النار كأنها السراب، والسراب هو ما يشاهده الإنسان في أيام الصيف في شدة الحر من البقاع حتى يخيل إليه أنه الماء، ينظرون إلى النار كأنها سراب وهم عطاش، فيتهافتون عليها يذهبون إليها سراعاً يريدون أي شيء؟ يريدون الشرب، فإذا جاؤوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها: (( ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا )). قد قامت عليكم الحجة فيوبخونهم قبل أن يدخلوا النار، والتوبيخ عذاب قلبي وألم نفسي قبل أن يذوقوا ألم النار - أعاذنا الله وإياكم منها -، في النار يوبخهم الجبار عز وجل توبيخاً أعظم من هذا. ويقولون (( ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين. ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون )) قال الله تعالى وهو أرحم الراحمين: (( اخسئوا فيها ولا تكلمون )). أبلغ من هذا الإذلال،- والعياذ بالله -: (( اخسئوا فيها ولا تكلمون )) يقوله أرحم الراحمين، فمن يرحمهم بعد الرحمن؟! لا راحم لهم، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن أهون أهل النار عذاباً من عليه نعلان يغلي منهما دماغه، ولا يرى أن أحداً أشد منه عذاباً يرى أنه أشد الناس عذاباً وهو أهونهم عذاباً، وعليه نعلان يغلي منهما الدماغ، النعلان في أسفل البدن والدماغ في أعلاه، فإذا كان أعلى البدن يغلي من أسفله، فالوسط من باب أشد ـ أجارنا الله وإياكم من النار ـ (( فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد )) لأنهم ـ والعياذ بالله ـ يوثقون (( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه )). أدخلوه في هذه السلسلة تغل أيديهم ـ نسأل الله العافية ـ ولا أحد يتصور الآن ما هم فيه من البؤس والشقاء والعذاب، والله إن الإنسان أحياناً ليتمنى أنه لم يخلق خوفاً من النار، هذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: " ليت أمي لم تلدني، ليتني شجرة تعضد "، لأن الإنسان ما يدري، ما يدري ما هو عليه الآن هل هو على صواب أو هو على خطأ؟ هل في عباداته رياء؟ هل في عباداته بدعة؟ ثم لا يرى أيضاً وهو أخطر لا يرى ماذا يختم له به؟ ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها )، من الذي يأمن عند الموت أن يصد أو يضل ويأتيه الشيطان ويقول أنا أبوك، اترك يا بني الإسلام وكن نصرانياً أو يهودياً، إن بعض الناس - والعياذ بالله - عند الموت يفتن، تعرض عليه الأديان، ويقال له اختر النصارى اختر اليهود فأعرض عن الإسلام، ولهذا نعوذ من فتنة المحيا وإيش؟ والممات، ومن الذي يأمن؟ أسأل الله أن يحسن لي ولكم الخاتمة، من الذي يأمن؟ إذن على الإنسان أن يستعد قبل أن (( يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد )) . ثم ختم الله تعالى هذه السورة بما يبهج القلب ويشرح الصدر فقال: (( يا أيتها النفس المطمئنة ))- اللهم اجعل نفوسنا مطمئنة-، (( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية )) : (( ارجعي إلى ربك )) يقال هذا القول للإنسان عند النزع في آخر لحظة من الدنيا، يقال لروحه: اخرجي أيتها النفس المطمئنة، اخرجي إلى رحمة من الله ورضوان، فتستبشر وتفرح، ويسهل خروجها من البدن، لأنها بشرت بما هو أنعم مما في الدنيا كلها، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( لموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها )، سوط الإنسان العصا القصير، موضع السوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، وليست دنياك أنت، بل الدنيا من أولها إلى آخرها، بما فيها من النعيم، والملك، والرفاهية وغيرها، موضع سوط خير من الدنيا وما فيها، فكيف بمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي عام، ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه، نعيم لا يمكن أن ندركه بنفوسنا ولا بتصورنا (( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون ))............
يامن عدى ثم اعتدى ثم اقترف**** ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشِر بقول الله في تنزيله**** ان ينتهو يغفر لهم ماقد سلف
  • ملف العضو
  • معلومات
abchir
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-02-2014
  • المشاركات : 1,075
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • abchir is on a distinguished road
abchir
عضو متميز
رد: تفسير حزب سبح
16-06-2014, 07:11 PM
نتم نقل آخر جزء من تفسير سورة الفجر،
معنى (( المطمئنة )): يعني المؤمنة الآمنة، المؤمنة الآمنة لأنك لا تجد أطمن نفسًا من نفس المؤمن أبداً، المؤمن يا أخواني نفسه طيبة مطمئنة، ولهذا تعجب الرسول صلى الله عليه وسلّم من المؤمن قال: ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته ضَّراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سَّراء شكر فكان خيراً له )، مطمئن ماش مع الله في قضاءه وقدره، لا يسخط عند المصائب، ولا يبطر عند النعم، بل هو شاكر عند النعم، صابر عند البلاء، فتجده مطمئناً، لكن الكافر أو ضعيف الإيمان لا يطمئن، إذا أصابه البلاء جزع وسخط، ورأى أنه مظلوم من قبل الله ـ والعياذ بالله ـ حتى إن بعضهم ينتحر ولا يصبر، ولا يطمئن، بل يكون دائماً في قلق، ينظر إلى نفسه وإذا هو قليل المال، قليل العيال ليس عنده زوجة، ليس له قوم يحمونه، فيقول: أنا لست في نعمة، لأن فلانًا عنده مال، عنده زوجات، عنده أولاد، عنده قبيلة تحميه، أنا ليس عندي، فلا يرى لله عليه نعمة، لا يرى لله عليه نعمة لأنه ضعيف الإيمان فليس بمطمئن، دائماً في قلق، ولهذا نجد الناس الآن يذهبون إلى كل مكان ليرفهوا عن أنفسهم ليزيلوا عنها الألم والتعب، لكن ما في، لا يزيل ذلك عنك إلا الإيش؟ إلا الإيمان، الإيمان الحقيقي هو الذي يؤدّي إلى الطمأنينة، فالنفس المطمئنة هي المؤمنة الإيش؟ الآمنة، مؤمنة في الدنيا، آمنة من عذاب الله يوم القيامة - اللهم اجعل نفوسنا هكذا -، يا إخواني قال بعض السلف كلمة عجيبة قال: " لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف "، هل تجدون أنعم في الدنيا من الملوك وأبنائهم، أجيبوا؟ لا، لا يوجد أحد أنعم منهم في الظاهر يعني نعومة الجسد، لكن قلوبهم ليست كقلوب المؤمنين، المؤمن الذي ليس عليه إلا ثوب مرقع، وكوخ لا يحميه من المطر، ولا من الحر، ولكنه مؤمن، دنياه ونعيمه في الدنيا أفضل من الملوك وأبناء الملوك، لأن قلبه مستنير بنور الله، بنور الإيمان، وها هو شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ حبس وأوذي في الله عز وجل، فلما أدخل الحبس وأغلقوا عليه الحبس قال رحمه الله: (( فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب )). يقول هذا تحدثاً بنعمة الله لا افتخاراً ثم قال: " ما يصنع أعدائي بي ـ أي شيء يصنعون ـ إن جنتي في صدري ـ ما هي الجنة؟ الإيمان والعلم واليقين ـ وإن حبسي خلوة، ونفيي ـ إن نفوه من البلد ـ سياحة وقتلي شهادة " سبحان الله هذا اليقين، هذه الطمأنينة، الإنسان لو دخل الحبس عندنا كان يخمس ويسدس، بناء مستقبلي، ما مستقبل أولادي، أهلي، قومي، هذا يقول: " جنتي في صدري " وصدق. ولعل هذا هو السر في قوله تبارك وتعالى: (( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى )) . يعني في الجنة لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى، ومعلوم أن الجنة لا موت فها لا أولى ولا ثانية، لكن لما كان نعيم القلب ممتداً من الدنيا إلى دخول الجنة صارت كأن الدنيا والآخرة كلها جنة وليس فيها إلا موتة واحدة، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يحسن لنا ولكم الخاتمة، وأن يجمعنا وإياكم وعموم المسلمين الذين أنعم الله عليهم في الجنة من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين إنه على كل شيء قدير.يقول الله تعالى: (( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية )) : (( راضية )): بما أعطاك الله من النعيم، (( مرضية )): عند الله عز وجل كما قال تعالى: (( رضي الله عنهم ورضوا عنه )). (( فادخلي في عبادي )) أي: ادخلي في عبادي الصالحين، من جملتهم، لأن الصالحين عباد الله هم خير طبقات البشر، والبشر طبقاته ثلاث: منعم عليهم، ومغضوب عليهم، وضالون، كل هذه الطبقات مذكورة في سورة، واش هي؟ سورة الفاتحة (( اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم. غير المغضوب عليهم ولا الضالين )).وأنا أسألكم، أنتم عندما تقرؤون هذه الآية في أحدكم يشعر بأن الذين أنعم الله عليهم هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون، ويشعر بأنه يسأل الله أن يهديه صراط هؤلاء؟ أكثر الناس لا يشعر لكن ما يشعر أن هذه تاريخ يشير إلى تاريخ الأمم. وأما الطبقة الثانية: (( المغضوب عليهم )): هم اليهود وأشباه اليهود من كل من علم الحق وخالفه، فكل من علم الحق وخالفه ففيه شبه من اليهود، كما قال سفيان بن عيينة ـ رحمه الله ـقال : " من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود ". و : (( الضالون )) من؟ النصارى، هم الذين جهلوا الحق، أرادوه لكن عموا عنه - والعياذ بالله -، ما اهتدوا إليه، قال ابن عيينة: و" كل من فسد من عبّادنا ففيه شبه من النصارى "؛ لأنهم العبّاد يريدون الخير يريدون العبادة لكن ما عندهم علم ، فهم ضالون. فأقول يا أخواني الناس طبقات ثلاثة :المنعم عليهم والمغضوب عليهم. والضالون. ولذا يقول:(( ادخلي في عبادي ))، من العباد؟ المراد أي الطبقات؟ الطبقة الأولى المنعم عليهم. (( وادخلي جنتي )) أي جنته التي أعدها الله عز وجل لأوليائه - نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها -، أضافها الله إلى نفسه تشريفاً لها وتعظيماً، وإعلاماً للخلق بعنايته بها جل وعلا، والله سبحانه وتعالى قد خلقها خلقاً غير خلق الدنيا، خلق لنا في الدنيا فاكهة، ونخلا، ورمانا، في الجنة فاكهة، ونخل، ورمان، أتظنون أن ما في الجنة كما في الدنيا؟ كلا، أبداً لا يمكن، لأن الله يقول: (( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين )). ولو كان ما في الجنة كالذي في الدنيا لكنا نعلم، إذاً هو مثله في إيش؟ في الاسم، لكن ليس مثله في الحقيقة ولا في الكيفية ولهذا قال: (( ادخلي جنتي )) فأضافها الله إلى نفسه للدلالة على شرفها وعناية الله بها، وهذا يوجب للإنسان أن يرغب فيها غاية الرغبة، كما أنه يرغب في بيوت الله التي هي المساجد، لأن الله أضافها إلى نفسه، فكذلك يرغب في هذه الدار التي أضافها الله إلى نفسه، والأمر يسير، قال رجل للرسول صلى الله عليه وسلّم: دلني على عمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، فقال: ( لقد سألت عن عظيم )- وهو صحيح عظيم -، (( فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز ))، ولكن- ( وإنه ليسير على من يسره الله عليه ) - اللهم يسرنا لليسرى-، ( تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة ... )، وذكر الحديث، المهم أن الدين والحمد لله يسير سهل، لكن النفوس الأمّارة بالسوء هي التي تحول بيننا وبين ديننا ، والشهوات، والشبهات، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.
يامن عدى ثم اعتدى ثم اقترف**** ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشِر بقول الله في تنزيله**** ان ينتهو يغفر لهم ماقد سلف
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أقحوان
أقحوان
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 24-02-2014
  • المشاركات : 672
  • معدل تقييم المستوى :

    11

  • أقحوان is on a distinguished road
الصورة الرمزية أقحوان
أقحوان
عضو متميز
  • ملف العضو
  • معلومات
abchir
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-02-2014
  • المشاركات : 1,075
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • abchir is on a distinguished road
abchir
عضو متميز
رد: تفسير حزب سبح
26-06-2014, 06:37 PM
و فيك بارك الله
سأتوقف عن النقل طيلة أيام رمضـــان و هذا لغيابي ونتواصل إن شاء الله بعده،من أراد أن يتم ما بدأته فلهو ذلك
تحياتي أبشِـــــر
يامن عدى ثم اعتدى ثم اقترف**** ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشِر بقول الله في تنزيله**** ان ينتهو يغفر لهم ماقد سلف
  • ملف العضو
  • معلومات
abchir
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-02-2014
  • المشاركات : 1,075
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • abchir is on a distinguished road
abchir
عضو متميز
رد: تفسير حزب سبح
19-09-2014, 04:11 PM
السلام عليكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه
لعلّي مع هذا اليوم المبارك أواصل نقل تفسير حزب سبح (لشيخ إبن عثيمين رحمه الله وغفر لنا وله لعلّ الله ينفع به.....
سورة البلد
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
يقول الله عز وجل :(( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )) والبسملة: آية مستقلة وهي من كتاب الله، ولكن ليست من السورة التي قبلها ولا من السورة التي بعدها، بل هي آية مستقلة تفتتح بها السور إلا سورة براءة، فإن افتتاح سورة براءة بالبسملة من البدع والخروج عن منهج الصحابة رضي الله عنهم، ونحن نعلم أنها لم تنزل البسملة بين سورة الأنفال وسورة التوبة لأنها لو نزلت لحفظت، لقول الله تبارك وتعالى: (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ))، لكنها لم تنزل، إلا أن الصحابة عند جمع القرآن، إلا أن الصحابة عند كتابة القرآن الكتابة الأخيرة أشكل عليهم هل سورة براءة من الأنفال أم هي مستقلة؟ فوضعوا فاصلاً دون البسملة . يقول الله عز وجل : :(( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )) ، )) لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ . وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ((، ولي تعريجة يسيرة على ما سبق في الدرس الماضي في قوله تعالى: (( فيومئذ لا يعذّب عذابه أحد، ولا يُوثَق وثاقه أحد ): فإني قرأتها هكذا- بالفتح- وفسرتها على هذه القراءة لأن في الآيتين المذكورتين قرائتين: القراءة الأولى التي في المصحف: (( فيومئذ لا يعذّب عذابه أحد، ولا يُوثَق وثاقه أحد ))- بالكسر-: أي لا يعذب عذاب الله أحد بل عذاب الله أشد، ولا يوثق وثاق الله أحد بل هو أشد. أما على قراءة: (( لا يعذّب عذابه أحد، ولا يُوثَق وثاقه أحد )) - بالفتح-: أي لا يعذب عذاب هذا الرجل، ولا يوثق وثاق هذا الرجل، وهذا هو الذي قرأنا به الآية عليه وفسرناها به، لأجل هذا جرى التنبيه. يقول الله عز وجل :(( لا أقسم بهذا البلد )): (( لا )) هذه للاستفتاح، أي: استفتاح الكلام وتوكيد الكلام، وليست نافية، لأن المراد إثبات القسم، يعني أنا أقسم بهذا البلد لكن (( لا )) هذه تأتي هنا للتنبيه والتأكيد و(( أقسم )): القسم تأكيد الشيء بذكر معظم على وجه مخصوص. إذا كل شيء محلوف به لابد أن يكون معظماً لدى الحالف، وقد لا يكون معظمًا في حد ذاته. فمثلاً الذين يحلفون باللات والعزّى هي معظمة عندهم، لكن هي في الواقع ليست عظيمة ولا معظمة. فالحلف إذاً، أو القسم، أو اليمين المعنى واحد، هي تأكيد الشيء بذكر معظم عند من؟ عند الحالف على صفة مخصوصة. وحروف القسم هي: الباء، والواو، والتاء، والذي في الآية الكريمة هنا (( لا أقسم بهذا البلد )) أي الحروف؟ (( الباء )). (( بهذا البلد )) البلد هنا مكة، وأقسم الله بها لشرفها وعظمها، فهي أعظم بقاع الأرض حرمة وأحب بقاع الأرض إلى الله عز وجل، ولهذا بعث منها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم الذي هو سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه، فجدير بهذا البلد الأمين أن يقسم به، ولكن نحن لا نقسم به، لأنه مخلوق، وليس لنا الحق أن نقسم بمخلوق. كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك )، أما الله عز وجل فإنه يقسم بما شاء، ولهذا أقسم هنا بمكة (( وأنت حل بهذا البلد )) قيل المعنى: أقسم بهذا البلد حال كونك حالاًّ فيه، لأن حلول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم في مكة يزيدها شرفاً إلى شرفها. وقيل المعنى: وأنت تستحل هذا البلد، فيكون إقسام الله تعالى بمكة حال كونها حلاًّ للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وذلك عام الفتح؛ لأن مكة عام الفتح أُحلت للرسول عليه الصلاة والسلام ولم تحل لأحد قبله، ولا تحل بعد ذلك لأحد، كما قال عليه الصلاة والسلام: ( وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس )، فيكون إقسام الله تعالى بهذا البلد مقيداً بما إذا كانت حلاًّ للرسول صلى الله عليه وسلّم، متى؟ عام الفتح؛ لأنها في ذلك اليوم تزداد شرفاً إلى شرفها، حيث طُهِّرت من الأصنام وهزم المشركون، وفتحت عليهم بلادهم عنوة، وصارت هذه البلد بعد أن كانت بلاد كفر صارت بلاد إيمان، وبعد أن كانت بلاد شرك صارت بلاد توحيد، وبعد أن كانت بلاد عناد صارت بلاد إسلام، فأشرف حال لمكة ، أشرف حال لها كانت؟ عند الفتح. إذاً: عند قوله: (( وأنت حل بهذا البلد )) معنيان، أرجوا أن يكون على بالكم.(( لا أقسم بهذا البلد . وأنت حل بهذا البلد )) (( ووالد وما ولد )): يعني وأقسم بالوالد وما ولد، فمن المراد بالوالد ومن المراد بالولد؟ قيل: المراد بالوالد آدم، وبالولد بنو آدم وعلى هذا تكون (( ما )) بمعنى " من " أي: ووالد ومن ولد، لأن " من " للعقلاء، و" ما " لغير العقلاء. وقيل: المراد بالوالد وما ولد كل والد وما ولد، الإنسان والبهائم وكل شيء، لأن الوالد والمولود كلاهما من آيات الله عز وجل، كيف يخرج هذا المولود حيًّا سويًّا سميعاً بصيراً من نطفة من ماء، فهذا دليل على كمال قدرة الله عز وجل، هذا الولد السوي يخرج من نطفة (( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين )). كذلك الحشرات وغيرها تخرج ضعيفة هزيلة، ثم تكبر إلى ما شاء الله تعالى من حد. (( ووالد وما ولد )): إذاً، والصحيح أن هذه عامة تشمل كل والد وكل مولود . (( لقد خلقنا الإنسان في كبد )) اللام هنا واقعة في جواب القسم، لتزيد الجملة تأكيداً، و(( قد)) تزيد الجملة تأكيداً أيضاً فتكون جملة (( لقد خلقنا الإنسان )) مؤكدة بثلاثة مؤكدات، وهي: القسم، والثاني؟ اللام، والثالث؟ قد. (( لقد خلقنا الإنسان في كبد )) الإنسان اسم جنس يشمل كل واحد من بني آدم .(( في كبد )) فيها معنيان:
المعنى الأول: في استقامة، يعني أنه خلق على أكمل وجه في الِخلقة، مستقيماً يمشي على قدميه، ويرفع رأسه، وبدنه معتدلاً. والبهائم بالعكس الرأس على حذاء الدبر، أما بنو آدم فالرأس مرتفع أعلى البدن، فهو كقوله تعالى: (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )).
وقيل: المراد بـ(( كبد )) مكابدة الأشياء ومعاناتها، وأن الإنسان يعاني المشقة في أمور الدنيا، في طلب الرزق، في إصلاح الحرث، إلى غير ذلك. ويعاني أيضاً معاناة أشد مع نفسه ومجاهدتها على طاعة الله، واجتناب معاصي الله، وهذا هو الجهاد الذي أشق من معاناة طلب الرزق، ولاسيما إذا ابتلي الإنسان ببيئة منحرفة وصار بينهم غريباً، فإنه سيجد المشقة في معاناة نفسه، وفي معاناة الناس أيضاً.
فإن قال قائل: أفلا يمكن أن تكون الآية شاملة للمعنيين؟ فالجواب: بلى، وهكذا ينبغي إذا وجدت في الكتاب العزيز آية تحتمل معنيين وليس بينهما مناقضة فاحملها أيش؟ على المعنيين، لأن القرآن أشمل وأوسع، فإن كان بينهما مناقضة فانظر الراجح. فمثلاً، قوله تعالى: (( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء )). (( قروء )) جمع قرء بفتح القاف فما هو " القرء "؟ قيل: هو الحيض، وقيل: هو الطهر. هنا لا يمكن أن تحمل الآية على المعنيين جميعاً لماذا؟ للتناقض، لكن اطلب المرجح لأحد القولين وخذ به. فهنا نقول: (( لقد خلقنا الإنسان في كبد )) يصح أن تكون الآية شاملة للمعنيين أي في حسن قامة واستقامة، و (( في كبد )) في معاناة لمشاق الأمور. في قوله تبارك وتعالى : (( لقد خلقنا الإنسان في كبد .أيحسب أن لن يقدر عليه أحد. يقول أهلكت مالاً لبداً . أيحسب أن لم يره أحد )) .وبينا أن قوله تعالى: (( لقد خلقنا الإنسان في كبد )) لها معنيان عند أهل العلم: المعنى الأول: الكبد يعني الاهتمام والرفعة في العقل والبدن وغير ذلك. والمعنى الثاني: أي مكابدة المشاق في الأعمال الدنيوية والأخروية. والقاعدة في تفسير كتاب الله عز وجل يا إخواننا، القاعدة أن الآية إذا كانت تحتمل معنيان ولا تناقض بينهما فإنها تحمل على المعنيين جميعاً لأن ذلك أوسع في التفسير والعلم.
يُتبع بإذن الله....


يامن عدى ثم اعتدى ثم اقترف**** ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشِر بقول الله في تنزيله**** ان ينتهو يغفر لهم ماقد سلف
  • ملف العضو
  • معلومات
abchir
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-02-2014
  • المشاركات : 1,075
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • abchir is on a distinguished road
abchir
عضو متميز
رد: تفسير حزب سبح
20-09-2014, 08:12 AM
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
يقول الله تعالى: (( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد )) يعني: أن الإنسان في نفسه وقوته يظن أن لن يقدر عليه أحد، لأنه في عنفوان شبابه وقوته وكبريائه وغطرسته، فيقول لا أحد يقدر علي، أنا أعمل ما شئت، ومنه قوله تبارك وتعالى: (( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة )). قال الله تعالى: (( أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة )). إذاً، فالإنسان في حال صحته وعنفوان شبابه يظن أنه لا يقدر عليه أحد، ، وهذا لا شك بالنسبة للكافر، حتى الرب عز وجل يظن أنه لا يقدر عليه، أما المؤمن فإنه يعلم أن الله قادر عليه، وأنه على كل شيء قدير فيخاف الله. (( يقول أهلكت مالاً لبداً )): يقول الإنسان أيضاً في حال غناه وبسط الرزق له (( أهلكت مالاً لبداً )) أي: مالاً كثيراً في شهواته وفي ملذاته. يقول الله عز وجل: (( أيحسب أن لم يره أحد )) أيظن هذا أنه لا يراه أحد في تبذيره المال، وصرفه في ما لا ينفع، وكل هذا تهديد للإنسان أن يتغطرس، وأن يستكبر من أجل قوته البدنية، أو كثرة ماله. قال الله تعالى: (( ألم نجعل له عينين. ولساناً وشفتين. وهديناه النجدين )). هذه ثلاث نعم من أكبر النعم على الإنسان (( ألم نجعل له عينين )): يعني يبصر بهما ويرى فيهما، وهاتان العينان تؤديان إلى القلب ما نظر إليه الإنسان، إن نظر نظرة محرمة كان آثماً، وإن نظر نظراً يقربه إلى الله كان غانماً، وإن نظر إلى ما يباح له فإنه لا يحمد ولا يذم ما لم يكن هذا النظر مفضياً إلى محظور شرعي فيكون آثماً بهذا النظر. (( ولساناً وشفتين )) لساناً ينطق به، وشفتين يضبط بهما النطق، وهذه من نعم الله العظيمة، لأنه بهذا اللسان والشفتين يستطيع أن يعبر عما في نفسه، ولولا هذا ما استطاع، لو كان لا يتكلم فكيف يؤدي ما في قلبه؟ كيف يعلم الناس بما في نفسه؟ اللهم إلا بإشارة تتعب، يتعب هو المشير ويتعب الذي أشير لهم. ولكن من نعمة الله أن جعل له لساناً ناطقاً، وشفتين يضبط بهما النطق، وهذا من نعمة الله، وهو أيضاً من عجائب قدرته: من أين يأتي النطق؟ من هواء يكون من الرئة يخرج من مخارج معينة، إن مر بشيء صار حرفاً، وإن مر بشيء آخر صار حرفاً آخر، وهو هواء واحد من مخرج واحد، لكن يمر بشعيرات دقيقة في الحلق، وفي الشفتين، وفي اللثة هذه الشعرات تُكوّن الحروف. فتجد مثلاً الباء والشين كلها بهواء يندفع من الرئة ومع ذلك تختلف باختلاف ما تمر عليه في هذا الفم، ومخارج الحروف المعروفة، هذا من تمام قدرة الله عز وجل. قال :(( وهديناه النجدين )) هديناه: أي بينا له طريق الخير، وطريق الشر، هذا قول. القول الثاني: (( هديناه النجدين )): دللناه على ما به غذاؤه وهو الثديان؛ فإنهما نجدان لارتفاعهما فوق الصدر، فهداه الله تعالى وهو رضيع لا يعرف، من حين أن يخرج وتضعه أمه يطلب الثدي، من الذي أعلمه؟ الله عز وجل، فبيّن الله عز وجل منته على هذا الإنسان من حين أن يخرج يهتدي إلى النجدين. وفي بطن أمه يتغذى عن طريق السرة؛ لأنه لا يستطيع أن يتغذى من غير هذا، فلو تغذى عن طريق الفم لاحتاج إلى بول وغائط، وكيف ذلك؟ لكنه عن طريق السرة يأتيه الدم من دم أمه وينتشر في عروقه حتى يحيا إلى أن يأذن الله تعالى بإخراجه. ثم قال الله تعالى: (( فَلاَ اقتَحَمَ الْعَقَبَةَ . وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ . فَكُّ رَقَبَةٍ ))الخ السورة.(( فلا اقتحم )): أي الإنسان الذي كان يقول : (( أهلكت مالاً لبداً )). (( فلا اقتحم العقبة )) يعني هلا اقتحم العقبة؟ والاقتحام هو التجاوز بمشقة، تجاوز الشيء بمشقة يسمى اقتحاماً، و(( العقبة )) هي الطريق في الجبل الوعر ولا شك أن اقتحام هذه العقبة لا شك أنه شاق، شاق على النفوس، لا يتجاوزه أو لا يقوم به إلا من كان عنده نية صادقة في تجاوز هذه العقبة. (( وما أدراك ما العقبة )): هذا الاستفهام للتشويق والتفخيم أيضاً، يعني: ما الذي أعلمك شأن هذه العقبة التي قال الله عنها : (( فلا اقتحم العقبة )) بيّنها الله في قوله : (( فك رقبة. أو إطعام في يوم ذي مسغبة. يتيماً ذا مقربة. أو مسكيناً ذا متربة. ثم كان من الذين آمنوا ))الخ.
فقوله: (( فك رقبة )) هي خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: " هي فك رقبة " وفك الرقبة له معنيان: المعنى الأول: فكها من الرق، بحيث يعتق الإنسان العبيد المملوكين سواء كانوا في ملكه فيعتقهم، أو كانوا في ملك غيره فيشتريهم ويعتقهم، هذا نوع. النوع الثاني: فك رقبة من الأسير، فإن فكاك الأسير من أفضل الأعمال إلى الله عز وجل. والأسير ربما لا يفكه العدو إلا بفدية مالية، وربما تكون هذه الفدية فدية باهظة كثيرة لا يقتحمها إلا من كان عنده إيمان بالله عز وجل بأن يخلف عليه ما أنفق، وأن يثيبه على ما تصدق. فصار فك الرقبة له معنيان: المعنى الأول: فك الرقبة من الرق، بحيث يحررها إن كانت في ملكه ففي ملكه وإلا اشتراها وحررها . والثاني: فك الرقبة من الأسر. قال: (( أو إطعام في يوم ذي مسغبة )): (( أو )) هذه للتنويع يعني : وإما (( إطعام في يوم ذي مسغبة )) أي: ذي مجاعة شديدة، لأن الناس قد يصابون بالمجاعة الشديدة، إما لقلة الحاصل من الثمار والزروع، وإما لأمراض في أجسامهم يأكل الإنسان ولا يشبع، وهذا قد وقع فيما نسمع عنه وقع في البلاد النجدية وربما في غيرها أيضاً، أن الناس يأكلون ولا يشبعون، يأكل الواحد مأكل العشرة ولا يشبع، ويموتون من الجوع في الأسواق ويتساقطون في الأسواق من الجوع، هذه من المساغب. أو قلة المحصول بحيث لا تثمر الأشجار، ولا تنبت الزروع، فيقل الحاصل وتحصل المسغبة، ويموت الناس جوعاً، وربما يهاجرون عن بلادهم، هذه إطعام في يوم ذي مسغبة.........

نواصل بعونه و توفيقه
يامن عدى ثم اعتدى ثم اقترف**** ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشِر بقول الله في تنزيله**** ان ينتهو يغفر لهم ماقد سلف
  • ملف العضو
  • معلومات
abchir
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 19-02-2014
  • المشاركات : 1,075
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • abchir is on a distinguished road
abchir
عضو متميز
رد: تفسير حزب سبح
20-09-2014, 08:32 AM
ملاحظة

قد يعتبُ عليّ إخواني من الإطالة في النقل ولكن والله أعلم أني لمّا أجد من خير وغزارة علم في هذا التفسير البسيط لإبن عثيمين عليه رحمة الله تجدني لا أستطيع لذلك سبيلا وأقول لعلّ الإخوة والأخوات يصبرون مع كلام ربنا الدقيقة والدقيقتين خير من التجول في جنبات المنتدى لإرسال الابتسامات والردود هنا وهناك ،فالصبر مفتاح كل خير وبه يُحصّل العلم وخذ مثلا لذلك قصة موسى عليه السلام مع الخضر كيف أنه لم يصبر فلم يستفد من الخضر إلا ثلاث مسائل فقط؛ لأنه لم يصبر وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في الصحيح «وددنا لو أن موسى صبر» يعني فتعلمنا وأخذنا وعلمنا ما عند عبد الله الخضر.
كما أن هذا التفسير يبقى هنا (في المنتدى) كمرجع كلما احتيج رُجِع له


والله الموفق ومعذرة
]
يامن عدى ثم اعتدى ثم اقترف**** ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشِر بقول الله في تنزيله**** ان ينتهو يغفر لهم ماقد سلف
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 09:34 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى