رد: تفسير حزب سبح
11-06-2014, 05:37 PM
يقول الله تبارك وتعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( هل في ذلك قسم لذي حجر )) ، يقول الله تعالى (( ألم تر كيف فعل ربك بعاد. إرم ذات العماد )) الخطاب هنا لكل من يوجه إليه هذا الكتاب العزيز وهم البشر كلهم بل والجن أيضاً ألم تر أيها المخاطب ((كيف فعل ربك بعاد. إرم ذات العماد )) يعني ما الذي فعل بهم؟ وعاد قبيلة معروفة في جنوب الجزيرة العربية، أرسل الله تعالى إليهم هوداً عليه الصلاة والسلام فبلغهم الرسالة ولكنهم عتوا وبغوا وقالوا من أشد منا قوة قال الله تعالى: (( أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون )). فهم افتخروا في قوتهم ولكن الله بين أنهم ضعفاء أمام قوة الله ولهذا قال: (( أولم يروا أن الله الذي خلقهم )) ولم يقل أن الله أشد منهم قوة بل قال: (( الذي خلقهم )) ليبين ضعفهم وأنه جل وعلا أقوى منهم، لأن الخالق أقوى من المخلوق (( أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون. فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون )). كنا نقول: (( ألم تر كيف فعل ربك بعاد )) والذي فعل الله بهم أنه أرسل عليهم الريح العقيم (( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً ، فترى القوى فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ))، (( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ))، وهذا الاستفهام الذي لفت الله فيه النظر إلى ما فعل بهؤلاء يراد به الاعتبار يعني اعتبر أيها المكذّب للرسول محمد صلى الله عليه وسلّم بهؤلاء كيف أُذيقوا هذا العذاب، وقد قال الله تعالى: (( وما هي من الظالمين ببعيد )). وقوله: (( إرم )) هذه اسم للقبيلة، وقيل اسم للقرية، وقيل غير ذلك، فسواء كانت اسما للقبيلة أو اسما للقرية فإن الله تعالى نكل بهم نكالاً عظيماً مع أنهم أقوياء. وقوله: (( ذات العماد ))، (( التي لم يخلق مثلها في البلاد )) يعني أصحاب (( العماد )): الأبنية القوية ،(( التي لم يخلق مثلها في البلاد )): أي لم يصنع مثلها في البلاد؛ لأنها قوية ومحكمة، وهذا هو الذي غرهم وقالوا: مَن أشد منا قوة؟ وفي قوله تعالى: (( لم يخلق مثلها في البلاد )) مع أن الذي صنعها الآدمي دليل على أن الآدمي قد يوصف بالخلق فيقال خلق كذا، ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام في المصورين ( يقال لهم أحيوا ما خلقتم )، لكن الخلق الذي ينسب للبشر بل الخلق الذي ينسب للمخلوق ليس هو الخلق المنسوب إلى الله. الخلق المنسوب إلى الله إيجاد بعد إعدام وتحويل وتغيير، أما الخلق المنسوب لغير الله فهو مجرد تحويل، تحويل وتغيير، وأضرب لكم مثلاً: هذا الباب من خشب، من الذي خلق الخشب؟ الله، لا يمكن للبشر أن يخلقوه، لكن البشر يستطيع أن يحول جذوع الخشب وأغصان الخشب إلى أبواب، إلى دواليب، وما أشبه ذلك، فالخلق المنسوب للمخلوق ليس هو الخلق المنسوب للخالق؛ والفرق ؟ أجيبوا، الخلق المنسوب للخالق إيجاد من عدم وهذا لا يستطيعه أحد، والمنسوب للمخلوق تغيير وتحويل يحول الشيء من صفة إلى صفة، أما أن يغير الذوات بمعنى يجعل الذهب فضة، أو الفضة حديداً، أو ما أشبه ذلك فهذا مستحيل لا يمكن إلا لله وحده لا شريك له. ثم قال: (( وثمود الذين جابوا الصخر بالواد )) ثمود :هم قوم صالح ومساكنهم معروفة الآن، كما قال تعالى: (( ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين )). في سورة (( الر )) ذكر الله أن ثمود كانوا في بلاد الحجر وهي معروفة مر عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في طريقه إلى تبوك وأسرع وقنّع رأسه صلى الله عليه وسلّم وقال: ( لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم مثل ما أصابهم )، هؤلاء القوم أعطاهم الله قوة حتى صاروا يخرقون الجبال، والحصى، والصخور العظيمة ويصنعون منها بيوتاً ولهذا قال: (( جابوا الصخر بالواد )) أي: وادي ثمود، وهو معروف، هؤلاء أيضاً فعل الله بهم ما فعل من العذاب والنكال حيث قيل لهم تمتعوا في داركم ثلاثة أيام، ثم بعد الثلاثة الأيام أخذتهم الصيحة والرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين، فعلينا أيها الأخوة أن نعتبر بحال هؤلاء المكذبين الذين صار مآلهم إلى الهلاك والدمار، وليُعلم أن هذه الأمة لن تُهلك بما أهلكت به الأمم السابقة بهذا العذاب العام، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سأل الله تعالى أن لا يُهلكهم بسنة بعامة ولكن قد تهلك هذه الأمة بأن يجعل الله بأسهم بينهم، فتجري بينهم الحروب والمقاتلة، ويكون هلاك بعضهم على يد بعض، لا بشيء ينزل من السماء كما صنع الله تعالى بالأمم السابقة، ولهذا يجب علينا أن نحذر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن نبتعد عن كل ما يثير الناس بعضهم على بعض، وأن نلزم دائماً الهدوء، وأن نبتعد عن القيل والقال وكثرة السؤال، فإن ذلك مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكم من كلمة واحدة صنعت ما تصنعه السيوف الباترة، فالواجب الحذر من الفتن، وأن نكون أمة متآلفة متحابة، يتطلب كل واحد منا العذر لأخيه إذا رأى منه ما يكره. نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير والصلاح وأن يجمع قلوبنا على طاعته. قال الله تبارك وتعالى: (( ألم تر كيف فعل ربك بعاد. إرم ذات العماد. التي لم يخلق مثلها في البلاد . وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ))، قال: (( وفرعون ذي الأوتاد ))(( فرعون )) فرعون هو الذي أرسل الله إليه موسى عليه الصلاة والسلام، وكان قد استذل بني إسرائيل في مصر، يذبح أبنائهم ويستحيي نسائهم، وقد اختلف العلماء في السبب الذي أدّى به إلى هذه الفعلة القبيحة، لماذا يقتل الأبناء ويبقي النساء؟! فقال بعض العلماء: إن كهنته قالوا له إنه سيولد في بني إسرائيل رجل يكون هلاكك على يده فصار يقتل الأبناء ويستبقي النساء. ومن العلماء من قال: إنه فعل ذلك من أجل أن يضعف بني إسرائيل؛ لأن الأمة إذا قُتلت رجالها واستبقيت نسائها ذلت بلا شك، فالأول تعليل أهل الأثر، والثاني تعليل أهل النظر ـ أهل العقل ـ ولا يبعد أن يكون الأمران جميعاً قد صارا علة لهذا الفعل، ولكن بقدرة الله عز وجل أن هذا الرجل الذي كان هلاك فرعون على يده تربى في نفس بيت فرعون، فإن امرأة فرعون التقطته وربته في بيت فرعون، فرعون استكبر في الأرض وعلا في الأرض وقال لقومه: (( أنا ربكم الأعلى )) وقال لهم: (( ما علمت لكم من إله غيري )) وقال لهم: (( أم أنا خير من هذا الذي هو مهين )) يعني موسى (( ولا يكاد يبين )) ، قال الله تعالى: (( فاستخف قومه فأطاعوه )). وتعلمون أنه قال لقومه مقرراً لهم: (( أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون )). فافتخر بالأنهار وهي المياه فأغرق بالماء........
يامن عدى ثم اعتدى ثم اقترف**** ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشِر بقول الله في تنزيله**** ان ينتهو يغفر لهم ماقد سلف
أبشِر بقول الله في تنزيله**** ان ينتهو يغفر لهم ماقد سلف