فيما تحولت قضية بوحجة إلى أزمة تعليمة منع ارتداء النقاب.. خلفيات الظرف!
22-10-2018, 05:31 AM




محمد مسلم مسؤول الملف السياسي بجريدة الشروق





على الرغم من أن النقاب غير مستعمل على نطاق واسع في المؤسسات والإدارات العمومية في الجزائر، إلا إنه كان محل تعليمة صادرة عن المديرية العامة للوظيفة العمومية، تؤكد فيها منع ارتدائه في كل أماكن العمل العمومية.
القرار ومنذ تعميمه، خلف جدلا كبيرا وأدى إلى سجال واسع بين الجزائريين وعبر شبكات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، في وقت تبدو فيه البلاد ليست بحاجة إلى مثل هذه القرارات المثيرة للجدل.
الجدل الكبير الذي خلفته هذه التعليمة، دفعت مراقبين إلى البحث في خلفيات هذا القرار، وقرأت فيه حسابات أخرى لا علاقة لها بتنظيم العمل وطريقة اللباس، بل إنهم ربطوه بالظرف السياسي الخاص، الذي تمر به البلاد.
وجاء في التعليمة الموقعة من قبل المديرية العامة للوظيف العمومي، والتابعة رأسا للوزير الأول، أنه “يتعين على الموظفين والأعوان العموميين احترام قواعد ومقتضيات الأمن والاتصال على مستوى مصالحهم والتي تستوجب تحديد هويتهم بصفة آلية ودائمة”. وأضافت: “فهم ملزمون بتجنب كل فعل مهما كانت طبيعته، بما في ذلك طريقة اللباس، يتنافى مع طبيعة مهامهم ووظائفهم”.
بعض المراقبين ربطوا بين توقيت تعميم منع ارتداء النقاب، وبين الأزمة التي يعيش المجلس الشعبي الوطني على وقعها منذ أزيد من ثلاثة أسابيع، وهي الحادثة التي كانت قد فتحت بدورها نقاشا واسعا حول الصراع على منصب رئيس المجلس، ومدى دستورية الإجراءات التي اتخذت بحق رئيسه السعيد بوحجة، الذي منع بالقوة من الوصول إلى مكتبه.
ففي غياب أي تدخل من قبل المؤسسات الدستورية المخولة، في الصراع الدائر على رئاسة المجلس الشعبي الوطني بين بوحجة وخصومه من النواب الموالين للأغلبية، والذي أدى كما هو معلوم، إلى تجميد عمل الغرفة السفلى للبرلمان، وما خلفه من تداعيات على عمل الهيئة التشريعية برمتها.
ويدرك من وقّع تعليمة منع ارتداء النقاب في المؤسسات العمومية، أن مثل هذه المسائل تنطوي على حساسية كبيرة بين الجزائريين، بالنظر لكون الجزائر بلدا محافظا، حتى وإن كان النقاب مجرد لباس موروث من تقاليد الجزائريين، وهو في طريق الانقراض، ومع ذلك اتخذ هذا القرار، الأمر الذي خلف تساؤلات تبدو أكثر من مشروعة.
هذا المعطى إذن كان وراء ذهاب تحليلات إلى القول بأن توقيع تعليمة منع ارتداء النقاب في المؤسسات العمومية في هذا الظرف بالذات، جاء لشغل الرأي العام بقضية أخرى، ومن ثم تشتيت التركيز المنصب على ما يجري داخل المجلس الشعبي الوطني، والذي أخذ كما هو معلوم، منحنيات قانونية ودستورية أوحت بأن الدستور محل انتهاك.
من وقّع تعليمة النقاب يبدو أنه استشرف وقوع تصعيد في السجال الدائر على رئاسة المجلس الشعبي الوطني، بداية من مطلع الأسبوع الجاري، بعد ما قطع خصوم رئيس الغرفة السفلى أشواطا في عزل السعيد بوحجة، مع تهديد هذا الأخير، بالرد على خصومه برد أقوى مما تم التعامل به، ولذلك يريد البعض خلق قضية أخرى على أمل إزاحة أزمة رئاسة الغرفة السفلى من اهتمام الجزائريين، أو على الأقل دحرجتها في سلم اهتمامهم.