مبادرة غول.. إرباك للمشهد أم بحث عن مخرج؟
08-12-2018, 05:11 AM





زادت المبادرة التي أطلقها رئيس تجمع أمل الجزائر (تاج)، عمار غول، والتي عنونها “مبادرة الإجماع الوطني لبناء جزائر جديدة”، المشهد السياسي إرباكا، لأنها انحرفت بالنقاش، برأي مراقبين، إلى مسائل هامشية لا تفيد الجزائر ولا الممارسة الديمقراطية في شيء.


فعلى بعد نحو أربعة أشهرمن موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، وبينما يفترض أن يكون المعترك السياسي يعجّ بالمترشحين لهذا الاستحقاق، خرج الوزير السابق، المحسوب على معسكر الموالاة، بمبادرة استنسخها من مشروع سابق، لم تتفاعل معه مفردات الطبقة السياسية في السلطة وفي المعارضة، بالكيفية التي يجب.
غول، قال في معرض التسويق لمشروعه والذي أعطاه أكثر مما يستحق: “نحن لا ننطلق من فراغ، وهذه الندوة أكثر أهمية من الرئاسيات المقبلة، لأن الرئاسيات محطة ثانوية مقارنة بالمبادرة، وأفضل أن تكون قبل الرئاسيات، في علاقة بالصعوبات والتطورات الشائكة، سعيا لطي صفحة العداوات والتراشق، وتحقيقا للحصانة من التهديدات الداخلية والخارجية”.
وأيا كان الهدف الذي خطط له من أطلق هذه المبادرة أو من أوحى لصاحبها بإطلاقها، إن تعلق الأمر بمساع لتأجيل الرئاسيات المقبلة، أو بتمديد عمر العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، فهي جاءت في الوقت الضائع، ما يجعل الاستفادة منها على صعيد الارتقاء بالممارسة الديمقراطية، محدودة أو معدومة تماما.
كان يمكن لمبادرة عمار غول أن تكون ذات جدوى سياسي، لو طرحت مثلا قبل نحو سنة من موعد الانتخابات الرئاسية، أو جاءت في سياق التعاطي الإيجابي مع مبادرة “مرشح التوافق الوطني”، التي أطلقها رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، الصائفة المنصرمة.
غير أنها جاءت متأخرة عنها بكثير، بل إنها لم تطلق إلا بعد أن وُئدت مبادرة مقري، ولم يعد لها أثر على المشهد، جراء جدار الصد، الذي قوبلت به من قبل أحزاب الموالاة، باستثناء حزب الحركة الشعبية، الذي احتضنها ودخل بسبب ذلك، في سجال مع الأمين العام المطاح به من الأمانة العامة لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس.
في مثل هذا الوقت (بالنظر لاقتراب موعد الانتخابات الرئاسية)، في الدول الديمقراطية، يفترض أن يكون النقاشان السياسي والإعلامي قد أخذا مداهما.. لكن العكس تماما هو الذي يطبع المشهد. إذ إلى حد الساعة لم يعلن أي من المرشحين المحتملين لانتخابات أفريل المقبل ترشحهما.
هذا المعطى لا يقود إلا إلى نتيجة واحدة مفادها أن هناك إرادة في مستوى ما، تستهدف إبعاد الجزائريين عن النقاش السياسي الحقيقي بخصوص الرئاسيات المقبلة. فالمرحلة التي توجد فيها البلاد حاليا، يفترض أن يكون المرشحون المفترضون معروفين ومشاريعهم السياسية بين أيدي الجزائريين، يمحصونها حتى يكون لهم الوقت الكافي لبلورة موقف بشأن فارسهم المفضل في استحقاق أفريل.
ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن مبادرة غول لم تقدم جديدا، إلا ما تعلق بتشتيت انتباه الجزائريين وإرباكهم.. لقد دفعتهم إلى التراجع خطوة إلى الوراء، ودفعتهم إلى التفكير في إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، بدل البحث عن مرشحهم المفضل في استحقاق انتخابي لا يفوقه أي استحقاق آخر من حيث الأهمية.