لماذا سميت جدة بهذا الاسم؟
26-08-2018, 12:40 PM


مدينة جدة

مدينة جدة، هي إحدى المدن الشهيرة في منطقة جزيرة العرب، تقع جدة على ساحل البحر الأحمر عند منتصف الشاطئ من الشرق، وتُعتبر حاليًّا العاصمة الاقتصادية والسياحية للمملكة العربية السعودية، ومساحتها تصل لأكثر من (5460) كم، ويبلغ عدد سكانها حوالي (3.456.259) نسمة، وتُعتبر جدة ثاني أكبر مدن السعودية بعد العاصمة الرياض، وهي أكبر مدينة في منطقة مكة المكرمة، وتُعتبر بوابة مكة، وبها ميناء جدة الإسلامي الميناء الرئيس للحركة التجارية.

اشتهرت جدة قديمًا بأسوارها الضاربة في القدم، وقد قسمت داخل أسوارها إلى عدَّة أحياء مثل: (حارة المظلوم)، (حارة الشام)، (حارة اليمن)، (حارة البح )، (حارة الكرنتينة). وكان لها أبوابٌ خارج السور الذي يُحيط بها وهي: باب مكة، باب المدينة، باب شريف، باب جديد، باب البنط، باب المغاربة، وقد أزيل هذا السور عام (1947م=1366هـ).




الأصل اللغوي لكلمة جدة

واختلف المؤرخون واللغويون حول تشكيل لفظة (جدة)، وصحَّة طريقة نطق اسم هذه المدينة العريقة؛ هل ينطق بضمِّ الجيم أم كسرها أم غير ذلك؟ والراجح أنَّ النطق بالوجهين (جُدَّة – جِدَّة) يصح، مع اعتبار ترتيبها من حيث الفصاحة؛ حيث إن جُدَّة بالضم هي فصيحة لكن مهملة، أمَّا جِدَّة بالكسر فهو صحيح والذي يستخدمه أهل المدينة الآن، ولكن كلاهما جائز، أمَّا الوجه الثالث (جَدَّة) فمع اعتراض كثيرٌ من اللغويِّين؛ لأنَّه لم يذكر في المعاجم بهذا المعنى ولكنه يعني أم الأب أو الأم، ومع ذلك فنجد أنه يُستعمل في مصر وأصبح ممَّا يشيع ذكره ويصعب تصويبه، فالبعض أجازه لذلك[1].

هل قبر حواء في جدة؟!

جدة هي إحدى مدن الجزيرة العربية القليلة التي لها تاريخ عريق ضارب في القدم، وقد ذهب البعض إلى أنها سميت جدة نسبةً لِجَدَّة البشر حواء رحمها الله، التي ذُكر أنَّ هذه المدينة ربَّما كانت مسرحًا لحياتها أو أنَّها حاضنة لقبرها ورُفَاتِها، ولكن البعض اعترض على هذا التفسير قائلين إنَّ العرب تسمي حواء أم البشر لا جَدَة البشر، وقالوا -كما ذكرنا- أنَّ جُدَّة بضمِّ الجيم ليس بفتحها.

وبعد البحث في الكتب المختصة بـ الجغرافيا خاصَّةً والتاريخ، وجدنا أنَّ ذلك الخبر لم يذكره أغلب الجغرافيين الأوائل؛ بل لم يشيروا إليه ولو مجرد إشارة عابرة، ومن هؤلاء: (ياقوت الحموي، الإدريسي، ابن الفقيه، ابن بطوطة، اليعقوبي، الاصطخري، ابن خلدون، السيرافي.. وغيرهم الكثير). مما يدعم الرأي بعدم صحة القصة المشهورة.

ومع ذلك نجد هذا الخبر عند بعض الجغرافيين وهم: الحميري في كتابه (الروض المعطار في خبر الأقطار) ص157، وابن جبير في رحلته (رحلة ابن جبير) - ط دار الهلال ص47، وابن الحائك الهمداني في كتابه (صفة جزيرة العرب) ص222.




سبب تسمية جدة

وقد ذكر ياقوت الحموي سبب تسمية جُدَّة وهو:
وبجدَّة وُلِد جدَّة بن حزم بن ريَّان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة فسُمِّي جدَّة باسم الموضع، وقال: ولمـَّا تفرقت الأمم عند تبلبل الألسن صار لعمرو بن معدِّ بن عدنان، وهو قضاعة، لمساكنهم ومراعي أغنامهم جُدَّة من شاطئ البحر[2]، وما دونها إلى منتهى ذات عرق إلى حيز البحر من السهل إلى الجبل، فنزلوا وانتشروا فيها وكثروا بها[3].

وعند العودة إلى العلماء المعاصرين وجدنا أن المؤرخ الجغرافي الموسوعي الفلسطيني محمد حسن شُرَّاب، في كتابه (المعالم الأثيرة في السنة والسيرة) قد نفى هذه القصة نفيًا قاطعًا. حيث يقول:
جُدَّة: بضم الجيم، قولٌ واحدٌ لا يقبل النقض: بمعنى الطريق. والجُدَّة -أيضًا-:
الخطة التي في ظهر الحمار تُخالف سائر لونه، وليس صحيحًا ما يُقال إنَّها مقبرة الجدَّة حواء، ولذلك فتحوا جيمها (جَدَّة). وهي المدينة المشهورة على ساحل البحر الأحمر، كان الخليفة عثمان بن عفان أول من اتخذها ميناء. وتكون غرب مكة على مسافة 73 كيلو مترًا. وتكون جنوب المدينة على بعد 420 كيلو مترًا[4].



[1] انظر: معجم الصواب اللغوي 1/288.
[2] ومعنى جدة في اللغة هي شاطئ البحر. انظر: ابن منظور: لسان العرب، 3/107، والمعجم الوسيط 1/110.
[3] انظر: الحموي: معجم البلدان، 2/114-115.
[4] محمد حسن شُرَّاب: المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، ص88.
- قصة الإسلام .