ورقة طريق لاقتفاء أثر الحليب من المصانع إلى المستهلك
31-03-2018, 12:58 AM



كريمة خلاص
صحافية بقسم المجتمع في جريدة الشروق اليومي

لا تزال أزمة توزيع الحليب تضرب أطنابها بالعديد من مناطق الوطن لا سيما المدن الكبرى، ومازالت طوابير المصلين فجرا والمواطنين تمثل المشهد العام أمام محلات بيع المواد الغذائية عبر أغلب الأحياء، التي عادة ما يتم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي لتصنع الجدل وتعري واقع البزنسة بغبرة الحليب.
ورغم أن وزارتي التجارة والفلاحة تنفيان وجود أي أزمة في غبرة الحليب المدعم، إلا أن الواقع المرير الذي يعيشه المواطن مغاير لذلك تماما، وهو ما دفع بوزارة التجارة إلى الإسراع في اتخاذ تدابير استعجالية وقائية لتطويق “البزنسة” في غبرة الحليب أو في تحويله عن مساره الأصلي الموجه إلى الاستهلاك المنزلي، لاسيما قبيل حلول شهر رمضان.
وكشف محمّد مقراني، مدير متابعة تموين الأسواق بوزارة التجارة، في تصريح خصّ به “الشروق” عن غلق 4 ملبنات في المدة الأخيرة بسبب تحايلها في طريقة توزيع الحليب المدعّم وغبرته وتحويلها عن مسارها الأصلي آخرها كان خلال شهر مارس ويتعلق الأمر بملبنتين في العاصمة واثنتين أخريين بكل من ولايتي سيدي بلعباس ومعسكر، وتجنبا لأي نقص قد يسجل في التموين بهذه المادة أعيد توجيه حصص الخواص نحو الملبنات العمومية.
ويضيف المتحدث أن الأزمة الراهنة في توزيع الحليب جعلت وزارة التجارة تفكر في آليات لتكثيف الرقابة على توزيع هذه المادة الأساسية المدعمة وتقفي أثرها درءا لأي احتيال قد يطالها، ومنها الإجراء الأخير المتعلق بورقة الطريق التي تضمن الرقابة في كلا الاتجاهين بين الملبنات والموزعين وبين الموزعين والمجزئين.
وحسب مقراني، فإن الإجراء الجديد يقتفي أثر الحليب من لحظة خروجه من الملبنة إلى غاية بلوغه المستهلك، حيث إن كل موزع يخصص له حيز توزيع يتكفل بتغطيته ويحاسب في حال تقصيره، كما أنه مطالب بختم استلام من قبل بائع التجزئة الذي يثبت استلامه الكمية الممنوحة له، وهو ما يسهّل على أعوان الرقابة تحقيقاتهم الميدانية، حيث تعكف المصالح ذاتها على ضبط قائمة بائعي التجزئة لإحداث مراقبات فجائية لاتباع مسار الحليب.
الإجراء دخل حيّز التطبيق في ولاية بومرداس كتجربة نموذجية وتعمّم عبر التراب الوطني بموجب تعليمة وزارية أرسلت منذ مدة، حيث تستلم حاليا وزارة التجارة تقارير التقييم الأوّلي للعملية التي ترافقها عملية تحسيسية مع وزارة الفلاحة خاصة في الوجهة النهائية للمنتج.
وفي حال المخالفة يتم اتخاذ إجراءات عقابية منها تجميد التمويل نهائيا وحذفهم من قائمة الموزعين وكذا المتابعات القضائية والغرامات المالية، يضيف ذات المصدر، مؤكدا وجود خطة احتياطية بعد إلغاء نشاط الملبنات من الجهاز.
25 دج للكيس و300 دج لكأس الحليب

واستعرض ممثل وزارة التجارة العديد من الممارسات الاحتيالية التي تستنزف مادة الحليب، حيث وقف أعوان الرقابة في وقت سابق على تموين بعض الفنادق الفخمة منها “5 نجوم” بهذه المادة التي يشترونها بـ25 دج للتر ويبيعون الفنجان الواحد منها بـ 300 دج، بالإضافة إلى تحويل غبرة الحليب والحليب أحيانا إلى إنتاج مشتقاته على غرار الجبن والياغوورت.
وأحيانا لا تكلف بعض الملبنات نفسها عناء الإنتاج وتعيد بيعها في السوق السوداء بأضعاف قيمتها، وبحسب مقراني، فإن سعر الكلغ من غبرة الحليب يقدر بـ 157 دج وهو سعر مدعم، يقلبه المبزنسون بالغبرة إلى 500 دج/ للكلغ أي إن الربح 200 في المائة.. وهذا ممنوع في القانون، موضحا أن أعوان التجارة لهم طرقهم الحسابية لمعرفة ورقة الإنتاج والوقوف على الاختلالات.
فراغ قانوني وراء الأزمة

وبحسب ممثل وزارة التجارة، فإن فراغا قانونيا كان مسجلا في القانون السابق حال دون التمكن من تقييد العديد من المخالفات وهو ما دفع إلى تعديل المرسوم التنفيذي السابق رقم 01/50 المؤرخ في 12/02/2001 الذي يحدد أسعار إنتاج الحليب المبستر في جميع مراحل التوزيع بما يناسب المعطيات الجديدة وذلك من خلال المرسوم التنفيذي رقم 17/362 المؤرخ في 25/ ديسمبر 2017.
وذكّر مقراني بحصة استيراد غبرة الحليب التي بلغت 175 ألف طن في العام توزع على 118 ملبنة، حيث تقدر الحصة الشهرية بـ 14464 طن موزعة بـ 6710 طن للملبنات العمومية و7754 طن للخواص، في حين بلغ عدد الموزعين 1528 موزع، 728 عمومي “جيبلي” و800 الباقية للخواص.
وبحسب مقراني، فإن المشكل الكبير لأغلب الاختلالات يكمن في العاصمة ووهران، ويضمن 217 موزع في العاصمة مهمة إيصال الحليب إلى 4335 تاجر تجزئة من خلال 10 ملبنات تضمن توزيع العاصمة، 2 منها في بومرداس.