نقض الدكتور علال كبير حفظه الله لبعض شبه أعداء السنة
31-01-2015, 03:00 PM
نقض الدكتور علال كبير الجزائري حفظه الله لبعض شبه أعداء السنة
1 - زعمهم أن الحديث النبوي قد تمّ جمعه في أتون الصراع السياسي
2 - أنّ السلف قد تواطؤوا على وضع الأحاديث
3 - زعمهم أنهم يردّون الحديث :
- دفاعا عن القرآن
- و تركاً للظن من أجل اليقين
- و إطلاقاً للعقل الإسلامي
فقال حفظه الله [ والنقل هنا من كتابه ( وقفات مع أدعياء العقلانية) راجعه على الرابط الموجود في توقيعي فضلا لا أمرا ] بتصرق يسير إقتضته ضرورة التنسيق :
1 - زعمهم أن الحديث النبوي قد تمّ جمعه في أتون الصراع السياسي
و أقول:
إن قوله هذا عير صحيح في معظمه، و فيه مبالغات و تحريفات ، و مُغالطات و افتراءات على الشرع و التاريخ معا . لأنه أولا ليس صحيحا أن جمع الحديث و تدوينه ليس له سند شرعي ، فهذا افتراء على الشرع و رد له . لأن تدوين السنة هو مطلب شرعي ، و ضرورة شرعية و عملية . بدليل الشواهد الآتية:
أولها : هو أن الله تعالى أمرنا بإتباع السنة و أوجبها علينا ، و جعل طاعة رسوله هي من طاعة الله ،و توعّد من خالف سنة رسوله بالخسران المُبين ،و بشّر من أطاعه و اتبع سنته بالفوز العظيم . و شرع لنا عبادات كثيرة جعلها مرتبطة بالسنة النبوية ارتباطا وثيقا ، كتفاصيل الصلاة ، و مقادير الزكاة . و بما أن الأمر كذلك ، و أن دين الإسلام هو دين الله تعالى ،و أن رسوله هو النبي الخاتم ،و أن الله تعالى لا يقبل دينا إلا الإسلام ، فإن هذا كله يستلزم بالضرورة بقاء السنة النبوية مع بقاء القرآن الكريم. و هذا لا يتم إلا بجمعها و تدوينها ، و عدم القيام بذلك يعني ضياعها ،و من ثم نقصان دين الإسلام ،و ذهاب أمور كثيرة منه . و بما أن الله تعالى تكفل بحفظ دينه ،و جَعَله حجة على البشر إلى يوم القيامة ، فإن هذا يستلزم ضرورة تدوين السنة النبوية ، و أنها ستبقى محفوظة إلى يوم القيامة .
الشاهد الثاني :مفاده هو أن النبي-عليه الصلاة و السلام- الذي نهى أصحابه عن تدوين أحاديثه ، إلا القرآن الكريم للحفاظ عليه ،و الاهتمام به ،و لكي لا يختلط بالحديث ، فإنه هو نفسه سمح لبعض أصحابه بتدوين أحاديثه ، كعبد الله بن عمرو بن العاص صاحب الصحيفة الصادقة ، و جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب صحيفة جابر . و هذا دليل دامغ على أن تدوين السنة هو مطلب شرعي ،و إنما حدث تأخيره في بسبب ما ذكرناه . فالرسول لم يُحرم و لا منع تدوين السنة مُطلقا ، و إنما نهى نهيا ظرفيا لسبب موضوعي جدير بذلك من جهة ، كما أن شروع الصحابة في تدوين السنة زمن النبي هو دليل دامغ على إدراكهم لأهمية تدوينها ،و على حاجتهم الماسة إلى ذلك .
الشاهد الثالث : مفاده هو أن دين الإسلام قد اكتمل بوفاة النبي –عليه الصلاة و السلام - ، فكان مصدره الأول مدونا محفوظا ، و هو القرآن الكريم ، و كان مصدره الثاني معروفا مُطبقا ، و محفوظا لدي الصحابة و هو السنة النبوية الشريفة . لكن انقضاء جيل الصحابة و التابعين يجعل اكتمال الدين في خطر، لأن قسما هاما من الحديث النبوي سيضيع بذهابهم . و لبقاء الدين كاملا ،و لأنه يجب أن يبقى كاملا ، فقد أصبح من الضروري جمع السنة النبوية و تدوينها.
الشاهد الأخير- الرابع- : يتمثل في الضرورة العملية ،و الحاجة المُلحة إلى السنة النبوية . و ذلك أن المجتمع الإسلامي- في العهد الراشدي و ما بعده – زادت حاجته إلى السنة النبوية من جهة ، و أن انتشار الكذب على النبي زمن الفتنة الكبرى و ما بعدها، أخلط الأمر على المسلمين ،و أصبح ذلك يُمثل خطرا على الحديث النبوي الصحيح من جهة أخرى . و عليه فأنه أصبح من الضروري تدوين السنة النبوية و تنقيتها للحفاظ عليها .
و ثانيا إن الرجل بالغ في تضخيم تأثير دور العامل السياسي في مضمون السنة النبوية . فاتخذه مُبررا لرفض السنة النبوية كلها ، و هذا لا يصح ، لأنه بالغ في تضخيم ذلك العامل إلى حد التطرف و تحميله ما لا يحتمل . علما بأن السنة النبوية مجالاتها واسعة ،و لا يُمثل الجانب السياسي منها إلا جانبا من جوانبها الكثيرة . منها ما يتعلق بالأنبياء و دعواتهم و أقوامهم ، و منها جانب العبادات و الشعائر المعروفة ، و منها ما يتعلق بالمعاملات الاقتصادية ، و منها الجانب الأخلاقي و الفضائل و الرقائق ، و منها ما يتعلق بالمفاهيم و التصورات الكونية .
و بما أن الأمر كذلك فإن السنة النبوية كانت مُنتشرة بين المسلمين و محفوظة عند الصحابة و تلامذتهم . و قد دوّن هؤلاء كثيرا من السنة النبوية في كراريس، و مدونات و صحف شخصية ، و صلنا بعضها كالصحيفة الصادقة ، و صحيفة جابر ، و صحيفة هام بن مُنبه تلميذ الصحابي أبي هريرة –رضي الله عنه- .
و معنى ذلك أن السنة النبوية كانت معروفة و منتشرة بين المسلمين عامة و أهل العلم خاصة ، فلما حدثت الفتنة الكبرى ، و انقسم المسلمون إلى طوائف متناحرة سياسيا و مذهبيا ، ظهر دور العاملين السياسي و المذهبي في اختلاق الروايات الحديثية المكذوبة على رسول الله . فهذان العاملان ظهرا مُتأخرين ،و كانا مسبوقين بانتشار السنة النبوية و تخصص العلماء فيها ،و حفظهم لها . و قد تمكن أهل الحديث من التصدي للكذابين و مروياتهم المكذوبة بثلاث وسائل أساسية :
الأولى هي معرفتهم السابقة بالسنة النبوية ، و هذا سهل لهم تمييز كثير من صحيح السنة النبوية من سقيمها .
و الوسيلة الثانية هي تصديهم للكذابين و مروياتهم و مقاومتهم عمليا ، فقد تتبعوهم و فضحوهم و كشفوهم للناس .
و الثالثة هي استخدام النقد و التحقيق العلميين ، و ذلك بوضع منهج علمي لتمييز صحيح الراويات من سقيمها إسنادا و متنا .
فالعامل السياسي جاء مُتأخرا، و لم يُؤد إلى ضياع السنة النبوية ،و لا تمكن من شراء ذمم أهل الحديث كما زعم قاسم أحمد . و الغالب عليهم الصلاح و الاستقامة ،و التفرغ لجمع السنة النبوية و الحرص على البعد عن السلطان . و الشاهد على ذلك أيضا أنهم رووا أحاديث ليست في صالح الخلفاء الأمويين و لا العباسيين ، منها: ( الخلافة بعدي ثلاثون ثم ملك بعد ذلك ) ، و( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ،و( أول من يُغير سنتي رجل من بني أمية ) . علما بأن أهل الحديث رووا و جمعوا و حققوا الروايات الحديثية على اختلاف موضوعاتها ، سواء كانت في صالح السياسيين أو كانت ضدهم . فأهل الحديث كانوا أصحاب غاية و منهج ، فتفرّغوا لعملهم ،و تفانوا فيه ،و ضربوا أمثلة رائعة في الجد و الإخلاص . لكن قاسم أحمد هو المُبالغ و المُغالط ، فضخم دور العامل السياسي و نسف به السنة النبوية كلها ظلما و عدوانا من جهة . و اتهم أهل الحديث بالعمالة للسلطان زورا و بهتانا من جهة ثانية . و أغفل جهود أهل الحديث في حفظ السنة النبوية ،و التصدي للكذابين، و ممارستهم للتحقيق العلمي بنقدهم للمرويات من جهة ثالثة .
2- أنّ السلف قد تواطؤوا على وضع الأحاديث
و ثالثا إن الرجل اتهم أهل السنة بأنهم أول من بدأ في اختلاق الأحاديث لخدمة أهدافهم المذهبية و السياسية ، ثم تبعتهم الطوائف الأخرى . و هذا اتهام باطل مُخالف للحقائق التاريخية مُخالفة صريحة و صارخة و لا أدري هل أخطأ في ذلك، أو أنه تعمد قوله لغايات في نفسه ؟ . لأن الثابت تاريخيا أن الكذب على النبي و الصحابة ظهر جليا قبيل الفتنة الكبرى و ما بعدها ، على يد الشيعة السبئية و أمثالهم من طلاب الدنيا ، ثم انتشر الكذب بين مخُتلف الطوائف . لكنه كان أكثر انتشارا بين الشيعة الرافضة و الزنادقة . فنهض علماء أهل السنة و تصدوا للكذابين –على اختلاف طوائفهم- دفاعا عن السنة النبوية .
و أما دعوته إلى إسقاط السنة النبوية كمصدر للتشريع ،و العودة إلى القرآن وحده ، فهي دعوة باطلة، و مُتناقضة مع القرآن نفسه . فهي باطلة لأنها مُخالفة للشرع و ضرورياته، لأن السنة النبوية نصّ عليها القرآن الكريم و أمر بها ،و أوجب الأخذ بها ،و جعلها المصدر الثاني في التشريع ،و أكد على أن طاعة الرسول هي من طاعة الله . و هذا أمر سبق أن بيناه و وثقناه فلا نعيده هنا .
و أما تناقضها مع القرآن ، فهو واضح أيضا، لأن الرجل أنكر السنة النبوية ، و دعا إلى إسقاطها و الاكتفاء بالقرآن وحده . و هذا تناقض صارخ مع القرآن نفسه ، لأن من يُؤمن بالقرآن حق الإيمان فإنه بالضرورة يُؤمن بوجود السنة النبوية ، و وجوب إتباعها ، و أنها هي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم . و من ينكر هذا فهو في الحقيقة مُكذب للقرآن ، و مُتناقض معه و مع نفسه ، بل إنه لا يُؤمن بالقرآن حق الإيمان ، فهو إما أنه جاهل ، أو أنه مريض مِشكاك ، أو أنه منافق . و أما الذي يُؤمن بالقرآن حق الإيمان فلا يمكن أن يصدر منه ذلك .
3 - زعمهم أنهم يردّون الحديث دفاعا عن القرآن وإطلاقا لطاقات العقل
و أما زعم الرجل بأنه نقد الحديث دفاعا عن القرآن ، فهذا تغليط و تدليس ، و تحريف للقرآن و افتراء عليه ، لأن الذي يُدافع عن القرآن حقائقه و أوامره و ضرورياته ، يحب عليه أن يلتزم بأوامره و نواهيه . فالرجل في الحقيقة لم يُدافع عن القرآن ،و إنما كذّبه و أنكر حقائقه من جهة ، و دافع عن هواه و مذهبيته و مصالحه من جهة أخرى .
علما بأن الأخذ بالسنة النبوية لا يتنافى مع اليقين ،و إتباعها لا يعني الظن و الاحتمال . لأن السنة النبوية درجات من حيث الصحة و القوة ، فمنها المتواتر الذي لاشك فيه ، و منها الصحيح الذي قامت الأدلة الشرعية و التاريخية و العقلية على صحته ، و منها الظني ، و منها الضعيف ، و منها المكذوب المُختلق .
و أما حكاية الاجتهاد التي تذرّع بها الرجل ، فهي كلمة حق أُريد بها باطل ، لأن الاجتهاد مشروع بالقرآن و السنة ، و قد مارسه الصحابة و التابعون و من جاء بعدهم قبل انتشار التقليد المذهبي و غلق باب الاجتهاد . و بفضل الاجتهاد أبدع أهل الحديث منهجهم النقدي في نقد و تحقيق الروايات الحديثية و التاريخية . و عليه فإن إتباع السنة النبوية الصحيحة لا يمنع الاجتهاد ، و لا يُعطل العقل ،و ليس من الاجتهاد إنكار السنة النبوية الصحيحة . و بذلك تسقط شبهات و مزاعم الرجل التي أثارها حول السنة النبوية .
1 - زعمهم أن الحديث النبوي قد تمّ جمعه في أتون الصراع السياسي
2 - أنّ السلف قد تواطؤوا على وضع الأحاديث
3 - زعمهم أنهم يردّون الحديث :
- دفاعا عن القرآن
- و تركاً للظن من أجل اليقين
- و إطلاقاً للعقل الإسلامي
فقال حفظه الله [ والنقل هنا من كتابه ( وقفات مع أدعياء العقلانية) راجعه على الرابط الموجود في توقيعي فضلا لا أمرا ] بتصرق يسير إقتضته ضرورة التنسيق :
1 - زعمهم أن الحديث النبوي قد تمّ جمعه في أتون الصراع السياسي
و أقول:
إن قوله هذا عير صحيح في معظمه، و فيه مبالغات و تحريفات ، و مُغالطات و افتراءات على الشرع و التاريخ معا . لأنه أولا ليس صحيحا أن جمع الحديث و تدوينه ليس له سند شرعي ، فهذا افتراء على الشرع و رد له . لأن تدوين السنة هو مطلب شرعي ، و ضرورة شرعية و عملية . بدليل الشواهد الآتية:
أولها : هو أن الله تعالى أمرنا بإتباع السنة و أوجبها علينا ، و جعل طاعة رسوله هي من طاعة الله ،و توعّد من خالف سنة رسوله بالخسران المُبين ،و بشّر من أطاعه و اتبع سنته بالفوز العظيم . و شرع لنا عبادات كثيرة جعلها مرتبطة بالسنة النبوية ارتباطا وثيقا ، كتفاصيل الصلاة ، و مقادير الزكاة . و بما أن الأمر كذلك ، و أن دين الإسلام هو دين الله تعالى ،و أن رسوله هو النبي الخاتم ،و أن الله تعالى لا يقبل دينا إلا الإسلام ، فإن هذا كله يستلزم بالضرورة بقاء السنة النبوية مع بقاء القرآن الكريم. و هذا لا يتم إلا بجمعها و تدوينها ، و عدم القيام بذلك يعني ضياعها ،و من ثم نقصان دين الإسلام ،و ذهاب أمور كثيرة منه . و بما أن الله تعالى تكفل بحفظ دينه ،و جَعَله حجة على البشر إلى يوم القيامة ، فإن هذا يستلزم ضرورة تدوين السنة النبوية ، و أنها ستبقى محفوظة إلى يوم القيامة .
الشاهد الثاني :مفاده هو أن النبي-عليه الصلاة و السلام- الذي نهى أصحابه عن تدوين أحاديثه ، إلا القرآن الكريم للحفاظ عليه ،و الاهتمام به ،و لكي لا يختلط بالحديث ، فإنه هو نفسه سمح لبعض أصحابه بتدوين أحاديثه ، كعبد الله بن عمرو بن العاص صاحب الصحيفة الصادقة ، و جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب صحيفة جابر . و هذا دليل دامغ على أن تدوين السنة هو مطلب شرعي ،و إنما حدث تأخيره في بسبب ما ذكرناه . فالرسول لم يُحرم و لا منع تدوين السنة مُطلقا ، و إنما نهى نهيا ظرفيا لسبب موضوعي جدير بذلك من جهة ، كما أن شروع الصحابة في تدوين السنة زمن النبي هو دليل دامغ على إدراكهم لأهمية تدوينها ،و على حاجتهم الماسة إلى ذلك .
الشاهد الثالث : مفاده هو أن دين الإسلام قد اكتمل بوفاة النبي –عليه الصلاة و السلام - ، فكان مصدره الأول مدونا محفوظا ، و هو القرآن الكريم ، و كان مصدره الثاني معروفا مُطبقا ، و محفوظا لدي الصحابة و هو السنة النبوية الشريفة . لكن انقضاء جيل الصحابة و التابعين يجعل اكتمال الدين في خطر، لأن قسما هاما من الحديث النبوي سيضيع بذهابهم . و لبقاء الدين كاملا ،و لأنه يجب أن يبقى كاملا ، فقد أصبح من الضروري جمع السنة النبوية و تدوينها.
الشاهد الأخير- الرابع- : يتمثل في الضرورة العملية ،و الحاجة المُلحة إلى السنة النبوية . و ذلك أن المجتمع الإسلامي- في العهد الراشدي و ما بعده – زادت حاجته إلى السنة النبوية من جهة ، و أن انتشار الكذب على النبي زمن الفتنة الكبرى و ما بعدها، أخلط الأمر على المسلمين ،و أصبح ذلك يُمثل خطرا على الحديث النبوي الصحيح من جهة أخرى . و عليه فأنه أصبح من الضروري تدوين السنة النبوية و تنقيتها للحفاظ عليها .
و ثانيا إن الرجل بالغ في تضخيم تأثير دور العامل السياسي في مضمون السنة النبوية . فاتخذه مُبررا لرفض السنة النبوية كلها ، و هذا لا يصح ، لأنه بالغ في تضخيم ذلك العامل إلى حد التطرف و تحميله ما لا يحتمل . علما بأن السنة النبوية مجالاتها واسعة ،و لا يُمثل الجانب السياسي منها إلا جانبا من جوانبها الكثيرة . منها ما يتعلق بالأنبياء و دعواتهم و أقوامهم ، و منها جانب العبادات و الشعائر المعروفة ، و منها ما يتعلق بالمعاملات الاقتصادية ، و منها الجانب الأخلاقي و الفضائل و الرقائق ، و منها ما يتعلق بالمفاهيم و التصورات الكونية .
و بما أن الأمر كذلك فإن السنة النبوية كانت مُنتشرة بين المسلمين و محفوظة عند الصحابة و تلامذتهم . و قد دوّن هؤلاء كثيرا من السنة النبوية في كراريس، و مدونات و صحف شخصية ، و صلنا بعضها كالصحيفة الصادقة ، و صحيفة جابر ، و صحيفة هام بن مُنبه تلميذ الصحابي أبي هريرة –رضي الله عنه- .
و معنى ذلك أن السنة النبوية كانت معروفة و منتشرة بين المسلمين عامة و أهل العلم خاصة ، فلما حدثت الفتنة الكبرى ، و انقسم المسلمون إلى طوائف متناحرة سياسيا و مذهبيا ، ظهر دور العاملين السياسي و المذهبي في اختلاق الروايات الحديثية المكذوبة على رسول الله . فهذان العاملان ظهرا مُتأخرين ،و كانا مسبوقين بانتشار السنة النبوية و تخصص العلماء فيها ،و حفظهم لها . و قد تمكن أهل الحديث من التصدي للكذابين و مروياتهم المكذوبة بثلاث وسائل أساسية :
الأولى هي معرفتهم السابقة بالسنة النبوية ، و هذا سهل لهم تمييز كثير من صحيح السنة النبوية من سقيمها .
و الوسيلة الثانية هي تصديهم للكذابين و مروياتهم و مقاومتهم عمليا ، فقد تتبعوهم و فضحوهم و كشفوهم للناس .
و الثالثة هي استخدام النقد و التحقيق العلميين ، و ذلك بوضع منهج علمي لتمييز صحيح الراويات من سقيمها إسنادا و متنا .
فالعامل السياسي جاء مُتأخرا، و لم يُؤد إلى ضياع السنة النبوية ،و لا تمكن من شراء ذمم أهل الحديث كما زعم قاسم أحمد . و الغالب عليهم الصلاح و الاستقامة ،و التفرغ لجمع السنة النبوية و الحرص على البعد عن السلطان . و الشاهد على ذلك أيضا أنهم رووا أحاديث ليست في صالح الخلفاء الأمويين و لا العباسيين ، منها: ( الخلافة بعدي ثلاثون ثم ملك بعد ذلك ) ، و( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ،و( أول من يُغير سنتي رجل من بني أمية ) . علما بأن أهل الحديث رووا و جمعوا و حققوا الروايات الحديثية على اختلاف موضوعاتها ، سواء كانت في صالح السياسيين أو كانت ضدهم . فأهل الحديث كانوا أصحاب غاية و منهج ، فتفرّغوا لعملهم ،و تفانوا فيه ،و ضربوا أمثلة رائعة في الجد و الإخلاص . لكن قاسم أحمد هو المُبالغ و المُغالط ، فضخم دور العامل السياسي و نسف به السنة النبوية كلها ظلما و عدوانا من جهة . و اتهم أهل الحديث بالعمالة للسلطان زورا و بهتانا من جهة ثانية . و أغفل جهود أهل الحديث في حفظ السنة النبوية ،و التصدي للكذابين، و ممارستهم للتحقيق العلمي بنقدهم للمرويات من جهة ثالثة .
2- أنّ السلف قد تواطؤوا على وضع الأحاديث
و ثالثا إن الرجل اتهم أهل السنة بأنهم أول من بدأ في اختلاق الأحاديث لخدمة أهدافهم المذهبية و السياسية ، ثم تبعتهم الطوائف الأخرى . و هذا اتهام باطل مُخالف للحقائق التاريخية مُخالفة صريحة و صارخة و لا أدري هل أخطأ في ذلك، أو أنه تعمد قوله لغايات في نفسه ؟ . لأن الثابت تاريخيا أن الكذب على النبي و الصحابة ظهر جليا قبيل الفتنة الكبرى و ما بعدها ، على يد الشيعة السبئية و أمثالهم من طلاب الدنيا ، ثم انتشر الكذب بين مخُتلف الطوائف . لكنه كان أكثر انتشارا بين الشيعة الرافضة و الزنادقة . فنهض علماء أهل السنة و تصدوا للكذابين –على اختلاف طوائفهم- دفاعا عن السنة النبوية .
و أما دعوته إلى إسقاط السنة النبوية كمصدر للتشريع ،و العودة إلى القرآن وحده ، فهي دعوة باطلة، و مُتناقضة مع القرآن نفسه . فهي باطلة لأنها مُخالفة للشرع و ضرورياته، لأن السنة النبوية نصّ عليها القرآن الكريم و أمر بها ،و أوجب الأخذ بها ،و جعلها المصدر الثاني في التشريع ،و أكد على أن طاعة الرسول هي من طاعة الله . و هذا أمر سبق أن بيناه و وثقناه فلا نعيده هنا .
و أما تناقضها مع القرآن ، فهو واضح أيضا، لأن الرجل أنكر السنة النبوية ، و دعا إلى إسقاطها و الاكتفاء بالقرآن وحده . و هذا تناقض صارخ مع القرآن نفسه ، لأن من يُؤمن بالقرآن حق الإيمان فإنه بالضرورة يُؤمن بوجود السنة النبوية ، و وجوب إتباعها ، و أنها هي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم . و من ينكر هذا فهو في الحقيقة مُكذب للقرآن ، و مُتناقض معه و مع نفسه ، بل إنه لا يُؤمن بالقرآن حق الإيمان ، فهو إما أنه جاهل ، أو أنه مريض مِشكاك ، أو أنه منافق . و أما الذي يُؤمن بالقرآن حق الإيمان فلا يمكن أن يصدر منه ذلك .
3 - زعمهم أنهم يردّون الحديث دفاعا عن القرآن وإطلاقا لطاقات العقل
و أما زعم الرجل بأنه نقد الحديث دفاعا عن القرآن ، فهذا تغليط و تدليس ، و تحريف للقرآن و افتراء عليه ، لأن الذي يُدافع عن القرآن حقائقه و أوامره و ضرورياته ، يحب عليه أن يلتزم بأوامره و نواهيه . فالرجل في الحقيقة لم يُدافع عن القرآن ،و إنما كذّبه و أنكر حقائقه من جهة ، و دافع عن هواه و مذهبيته و مصالحه من جهة أخرى .
علما بأن الأخذ بالسنة النبوية لا يتنافى مع اليقين ،و إتباعها لا يعني الظن و الاحتمال . لأن السنة النبوية درجات من حيث الصحة و القوة ، فمنها المتواتر الذي لاشك فيه ، و منها الصحيح الذي قامت الأدلة الشرعية و التاريخية و العقلية على صحته ، و منها الظني ، و منها الضعيف ، و منها المكذوب المُختلق .
و أما حكاية الاجتهاد التي تذرّع بها الرجل ، فهي كلمة حق أُريد بها باطل ، لأن الاجتهاد مشروع بالقرآن و السنة ، و قد مارسه الصحابة و التابعون و من جاء بعدهم قبل انتشار التقليد المذهبي و غلق باب الاجتهاد . و بفضل الاجتهاد أبدع أهل الحديث منهجهم النقدي في نقد و تحقيق الروايات الحديثية و التاريخية . و عليه فإن إتباع السنة النبوية الصحيحة لا يمنع الاجتهاد ، و لا يُعطل العقل ،و ليس من الاجتهاد إنكار السنة النبوية الصحيحة . و بذلك تسقط شبهات و مزاعم الرجل التي أثارها حول السنة النبوية .
وعند الله تجتمع الخصوم ... [ وداعا ]
أيّ عذر والأفاعي تتهادى .... وفحيح الشؤم ينزو عليلا
وسموم الموت شوهاء المحيا .... تتنافسن من يردي القتيلا
أيّ عذر أيها الصائل غدرا ... إن تعالى المكر يبقى ذليلا
موقع متخصص في نقض شبهات الخوارج
الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض
نقض تهويشات منكري السنة : هدية أخيرة
الحداثة في الميزان
مؤلفات الدكتور خالد كبير علال - مهم جدا -
المؤامرة على الفصحى موجهة أساساً إلى القرآن والإسلام
أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية
مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة
أيّ عذر والأفاعي تتهادى .... وفحيح الشؤم ينزو عليلا
وسموم الموت شوهاء المحيا .... تتنافسن من يردي القتيلا
أيّ عذر أيها الصائل غدرا ... إن تعالى المكر يبقى ذليلا
موقع متخصص في نقض شبهات الخوارج
الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض
نقض تهويشات منكري السنة : هدية أخيرة
الحداثة في الميزان
مؤلفات الدكتور خالد كبير علال - مهم جدا -
المؤامرة على الفصحى موجهة أساساً إلى القرآن والإسلام
أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية
مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة