•• الشـهـود الحـضـاري للأمّـة الإسلامـيـة
11-06-2017, 04:00 AM

•• الشُّهُـود الحَـضَاري للأمَّـة الإسلاَميّة


قال الله تعـالى :
({ وَكذلك ‬جَعَـلناكم أمَّةً ‬وسطًا ‬لتكونُوا شُـهداءَ ‬عَـلى الناس ‬ويكون ‬الرسولُ ‬عَـليكم ‬شَهيدا }) (‬البقـرة 143 ) . ‬المسألة هـنا ليست اختيارية لمن أراد ، فليست تكليفا لفرد ، وإنما تكليف لأمة الإسلام بكاملها ، ولا مناص من حمل المسؤولية ، ولا تراجع عـنها. ‬
هذه الأمة الوسط ، تحمل رسالة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عـليه وسلم ، وهي ‬المنوطة بهذا التكليف الإلهي ‬الفريد ، فكانت وسطا بين الإفـراط والتفريط اللذين تبادلتهما أمة «‬المغـضوب عَـليهم والضالين» ، من اليهود والنصارى . ‬ولماذا هذا التوسط والوسطية في ‬سياق الآية؟
نجد الجواب : لتكونوا شهداء عَـلى الأمم والحضارات السابقة ، شُهودا حضاريا وتاريخيا وإنسانيا.. ‬فما هي ‬شروط أن نكون في ‬هـذه الحالة الفريدة ، وأن نشهد عَـلى الجميع ، ويقبل الله شهادتنا عـلى كل الأمم ، بعـد أن ‬يشهد عَتلينا رسول الله صلى الله عَـليه وسلم ؟
الشرط الأهـم لأي ‬شاهد في ‬أي ‬محكمة هـو العَـدالة ، ‬ ‬فعَـدالة الشاهد هي ‬السبيل الوحيد لتطبيق القانون ، ‬وعَـدالة هذه الأمة آتية من قرأنها العَـظيم وسنة نبيها الكريم ، وسلوكها القويم ، وعَـدم اجتماعها عَـلى ‬غِـواية أو ضلالة ، ‬ ‬كما أن هـذه الأمة ، تتبع نبيها الذي ‬جاء ليتمم مكارم الأخلاق ، فهي ‬أيضا تعـمل عـلى تتمّة مكارم الاخلاق ، وغـرس القيم الفاضلة في ‬هـذا العالم ، وتاريخها ‬يقول ذلك ، ‬كما أن قيم المساواة والحرية هي ‬من أبرز القيم التي ‬حرص عـليها الاسلام منذ نشأته في ‬مكة سرا ، فقد ربَّى في أتباعـه ‬ هـذه القيم ، فحملوها للعـالم ، لأنهم عـانوا من العـبودية والجشع والأهـواء ، ‬وتُضاف إلى هذه القيم ، الحقوق والحريات التي ‬أتى نظام الشورى في ‬الاسلام ليُقـرَّها ، ويجعـل الباب مفتوحا لكل ما ‬يساهـم في ‬رفع مستواها ، ‬ولذلك لم ‬يتصادم الفكر الاسلامي ‬الوسطي ‬مع مبادئ حقوق الإنسان ، ووجد أن القوم نَسخوها من قيم الاسلام ، ودمجوها بما أنتجته حضارتهم ، وكذلك لم ‬يتصادم مع الديمقراطية ، واعـتبرها الأقرب لتطبيق الشورى واقعا ملموسا ومجرَّبا.
‬إن مهمة الشهود الحضاري ‬تتطلب منا كأمة ، أن نرتقي ‬إلى أعـالي ‬الأخلاق ، وقـمم السمو ، وأعـلى مراتب الانسانية ، لنكون عـادلين في ‬قول الحق ، ولو عـلى انفسنا ، لنفيد هـذا العالَم ، الذي ‬أصبح أكثر شوقا لنظام عادل ، ‬يجلب الخير والسعـادة لسكانهل ، المتنوعـين في دياناتهم وأعـراقهم ولغـاتهم .‬
هـذا الشهـود الحضاري ‬التاريخي ‬الإنساني ، ‬لا ‬يكون فقط في ‬الآخـرة ، وإنما ‬يبدأ من هنا من الدنيا ، ‬ولذا عـلينا أن نرتقي ‬إلى مستوى هـذا الشهود ، كأمة متكاملة ، ولْيَـسْـعَ كل فرد في ‬هـذا المجال ، ولْـتُستنفَـر الطاقات لهذه المهمة ، امتثالاً لأمـر الله ، الذي ‬ألـزمنا بقـوله: (( ‬ لِتَكُونُوا شُـهَـدَاءَ عَـلَى النَّاسِ )) ،
‬فَـلْنَكنْ كما أمرنا ربنا جل وعَـلا ، ونسأله أن ‬يُعِـزنا بطاعـته ، وأن لا ‬يُـذلنا بمعـصيته .

ــ بقـلم : فـيصل عَــلي ــ
« رَبِّ اغْـفِـرْ لِي وَلأَِخِي وَأَدْخِلْـنَا فِي رَحْمَتِـكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ »

التعديل الأخير تم بواسطة ** رشاد كريم ** ; 11-06-2017 الساعة 04:37 AM