المقدس و المقدس المطلق في الفكر التواتي .
19-12-2015, 03:06 PM
كاد الباحثون في الغالب ان يختلفوا على مفهوم المقدس و لما كانت الكلمة في الغالب مردودة الى الديانات و العقائد جعلت الجمع على مفهوم المقدس مسالة خلافية بين الفكر و الفكر الديني بل و في غير ما مرة فتحت ابواب التصادم بين الفكرين .نحن من جيهتنا نرى ان مفهوم المقدس من غير تجاذب و تدافع لا يكون الا برد الكلمة الى مجالها العقلي و المنطقي من حيث التعريف لتبقى المسالة الدينية و العقائدية لازمة موضوعية و اجتماعية تحدد في مجالات ضيقة و لباس ان نختلف عليها في مجالات التنوع لا التضاد .

لما ناخذ كلمة (المقدس) في الفكر التواتي كانموذج جغرافي جزائري و كمحل من محلات الدين الاسلامي نجد ان المقدس في هذه المنطقة يكتسي مفهوما للطبيعة الصحراوية يد فيه و للدين الاسلامي يد فيه ناهيك على العوامل الاجتماعية الاخرى و ثقافة المنطقة و هي عوامل لا نهملها و لا ننكر جزئيتها في صناعة المقدس لكن نتاناول الاقليم و الدين كعاملين لهما اليد الطولى في تلك الصناعة.
اولا علينا ان نسلم ان المقدس هو عامل يكتسي مشروعية القداسة من مصدر سبقه يتصف هو الاخر بصفة المقدس هذا من جيهة و من جيهة اخرى يجب على المقدس ان يحمل شروط القداسة و صفاتها ضمن جوهره و علينا ان نسلم ان قداسة الجوهر يجب ان تحمل الدلالة على قداسة المصدر . هنا اريد ان اضرب مثلا لتوضيح هذا الخلط . نحن نؤمن بقداسة القران الكريم و قداسة الجوهر فيه لا منتهية ( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ). فلما ابلغنا الله ببطلان الباطل في حق النص ارجع ذلك الى قداسة المصدر و هو الذات المقدسة على الاطلاق .لما ناخذ النصوص القرانية نجدها بالفعل كذلك فلا تناقض في نصوصه التي اخبرتنا بعوالم الغيب و الشهادة في نسق لا يكون الا قرءاني كما علمتنا تجارب الحياة ان ما جاء به القران لا يتناقض مع تلك التجارب فهو يتحدث عن الاهلة و بروجها و سيرورة الزمن فيها كما يتحدث عن المعصرات و الرياح الصرصار و اللواقح و تعاقب الليل و النهار وجود اكثر من 600 آية تتحدث عن ظواهر كونية بدقة علمية عالية الوضوح ضمن اكثر من 6000 آية هي مجمل عدد آيات القرآن الكريم,وتتوزع محاور آيات الاعجاز العلمي على مختلف التخصصات العلمية مثل :البيولوجيا-علم الطب البشري-علم النبات -علم الحيوان- علم الارصاد- علم الفلك- علوم البحار- علم الجيولوجيا- علم الرياضيات-علم الفزياء-علم الكيمياءو غير ذلك فوجد الانسان المطابقة الكاملة في بيئته و في كونه كما جاء بها النص القرءاني فادرك ذات الانسان ان النص في حد ذاته يحمل شروط قداسته .
﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾تلك هي البيئة الصحراوية لقريش بيئة الحل و الترحال التي من الله فيها عليهم بان جعلها بيئة لا خوف فيها و لا جوع فيها ليتم الاعجاز ناضجا لا غبار عليه فلو قيل نفس الكلام في بيئة الانهار و البحار و الثمار و الفواكه لقيل شيء طبيعي ان لا نجوع لاننا في بيئة مؤها نعم الارض بمختلف اشكالها لكن ان يجعل الله ذلك في بيئة صحراوية فتلك قمة الاعجاز .
لذلك نجد سكان الصحاري اقرب الناس للتامل في الطبيعة و الكون و المخلوقات الاخرى و لما كانت توات طبيعة صحراوية اشتدت فيها مثل تلك الظواهر في طباعهم فشبوا على الروحيات اكثر من غيرها و تلك الروحيات هي التي جعلتهم شغوفين بالبحث عن المقدسات فكثر تعلقهم باولياء الله الصالحين و الارتباط بالاضرحة و قيام الذكريات لكل مقدس في المخيال التواتي .... يتبع.../..
التعديل الأخير تم بواسطة العراب النبيل ; 19-12-2015 الساعة 03:08 PM