تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
أبو طيبة
عضو جديد
  • تاريخ التسجيل : 10-09-2007
  • المشاركات : 3
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • أبو طيبة is on a distinguished road
أبو طيبة
عضو جديد
الرد على شمس الدين
17-09-2007, 12:06 PM
﴿مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ

إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ؛ من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أما بعد : إن السلفية – بحق – هي الإسلام المصفى ، ودعوة الحق ، ونسبة الصدق ، لا عيب على من اعتزى إليها ، ولا ضيم على من نافح عليها ، يسلقها اللداغون بألسنة حداد ، ويسودون صحائفهم في ثلبها بالمداد ، وينشرون شبهاتهم في الصحف السيارة بالبلاد ، فما أحوج أن يغسلوا بالأسواط ، وأن يشد على ألسنتهم بنسع ذات أنواط !!!
ومن هؤلاء المسعورين المدعو شُمّس الدين الذي طلع بين قرنيه الشيطان في طامور الشروق ؛ ليصيب السلفيين على غرة ، كأنه مصاب منهم بعرة ، وهو يطقطق في كلامه ، ويتشفى بهم بملامه ، وما درى أبو الدغفاء أن الطائفة المنصورة والفرقة الناجية الثابتة على ما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ظاهرة على الحق ، لا يضرها من خذلها أو خالفها حتى يأتي أمر الله وهي كذلك ، ولولا أنه عترس في الأمر ، وشركه أبو مرة في الزمر ، ما كنت لألقي له أسماعا ، ولا لأحرك له يراعا .
وها هو ذا في العدد التاسع والثمانين بعد الألفين يسود – سود الله وجهه - في صحيفة الشروق صفحتين ملأهما بالكذب والبتر وسوء الفهم وإثارة الفتنة ؛ تحت عنوان " عناوين للتكفير وأخرى للتضليل تسوق للشباب خارج رقابة الدولة ، فتاوى متطرفة وكتب دينية شاذة في السوق الجزائرية" ، أتى فيها بالعجائب ، ورمى فيها أهل السنة السلفيين بالغرائب ، قال الشاعر :
وَكَم مِن عائِبٍ قَولاً صَحيحاً وَآفَتُهُ مِنَ الفَهمِ السَقيمِ
وسأجمل الرد عليه في الأجزاء التالية :


الجزء الأول : حول الفقرة الأولى من وغر شمس الدين .
أولا - أساس المنهج السلفي العودة إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة وفهمهما على النهج الذي كان عليه السلف الصالح ؛ قال سيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- :" ثم مِنْ طَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ اتِّبَاعُ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَاطِنًا وَظَاهِرًا ، وَاتِّبَاعُ سَبِيلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، وَاتِّبَاعُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، حَيْثُ قَالَ : « عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي ، تَمَسَّكُوا بِهَا ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ » .
وَيَعْلَمُونَ أَنَّ أَصْدَقَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، وَيُؤْثِرُونَ كَلَامَ اللَّهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ أَصْنَافِ النَّاسِ ، وَيُقَدِّمُونَ هَدْيَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى هَدْيِ كُلِّ أَحَدٍ ؛ وَلِهَذَا سُمُّوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَسُمُّوا أَهْلَ الْجَمَاعَةِ ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ هِيَ الِاجْتِمَاعُ ، وَضِدُّها الْفُرْقَةُ ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْجَمَاعَةِ قَدْ صَارَ اسْمًا لِنَفْسِ الْقَوْمِ الْمُجْتَمِعِينَ . وَالْإِجْمَاعُ هُوَ الْأَصْلُ الثَّالِثُ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ .
وَهُمْ يَزِنُونَ بِهَذِهِ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَعْمَالٍ بَاطِنَةٍ أَوْ ظَاهِرَةٍ مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالدِّينِ .
وَالْإِجْمَاعُ الَّذِي يَنْضَبِطُ هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ ؛ إِذْ بَعْدَهُمْ كَثُرَ الِاخْتِلَافُ ، وَانْتَشَرَ فِي الْأُمَّةِ ".
فالسلفيون – بحق – هم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية وأهل السنة والجماعة والغرباء ، من خالف أصلا من أصولهم ووالى وعادى عليه ، أو أغرق في الجزئيات بعد قيام الحجة عليه، فقد خرج من السنة إلى فرق الضلال الهالكة كفرقة الدعوة والتبليغ مثلا . عن زكريا بن يحيى قال : سمعت أبا بكر بن عياش ، وقال له رجل : يا أبا بكر من السني ؟ فقال : « السني الذي إذا ذكرت الأهواء لم يغضب (وفي رواية :لم يتعصب) لشيء منها » .
ثانيا – علامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية ؛ قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم- رحمه الله- : وسمعت أبي يقـول : « علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر ، وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الآثار» . وفي رواية: « وعلامة الزنادقة أن يسموا أهل الأثر حشوية ، ويريدون إبطال الآثار عن رسول الله - صلى الله عليـــه وسلم - » .
قال ابن قيم الجوزية - رحمه الله- :
وَمِنَ العَجائِبِ قَوْلهُمْ لِمَنِ اقْتَدى ‍
حَشْوِيَّة يَعْنونَ حَشْوا في الوُجو ‍
وَيَظُنُّ جاهِلُهمْ بِأنَّهُمُ حَشوا ‍
إذْ قَوْلُهُمْ فَوْقَ العِبادِ وَفي السَّما ‍
ظَنَّ الحَمِيْرُ بأنَّ "فِي" لِلظَّرفِ وال ‍
وَاللّهِ لمْ يُسْمَعْ بذَا من فرْقَةٍ ‍
لا تَبْهَتوا أهْلَ الحديثِ بِهِ فَما ‍
بَلْ قَوْلُهُم: إِنَّ السَّماواتِ العُلا ‍
حَقّا كَخَرْدَلَةٍ تُرى في كَفِّ ‍
أَتُرَوْنَهُ المَحْصورَ بَعْدُ أم السّما؟ ‍
كَمْ ذَا مُشَبِّهَة وَذا حَشْوِيَّة ‍
تدْرونَ مَنْ سَمَّتْ شُيوخكمُ ‍
سمى بِهِ عمرو لعَبد اللّهِ ذا ‍
فوَرِثتم عَمروا كما وَرِثوا لِعَبد الله ‍
تَدْرونَ مَنْ أَولى بِهَذَا الاسمِ ‍
مَنْ قَدْ حَشا الأوراقَ والأذْهانَ مِنْ ‍
هَذَا هو الحشوِيُّ لا أهلُ الحَديثِ ‍
ورَدوا عذَاب مَناهل السّنَنِ التي ‍
ووَرَدتُمُ القَلُّوطَ مَجْرى كُلِّ ذِي ال ‍
وَكسلْتم أنْ تَصْعدوا لِلورْدِ من ‍


بالوَحْي منْ أثَرٍ وَمِنْ قُرْآنِ
د وفَضْلَةً في أمَّةِ الإِنْسانِ
رَبّ العِبادِ بداخلِ الأكْوان
ء الرَّبُّ ذُو المَلَكوتِ والسُّلْطانِ
رحمنُ مَحْوِيّ بِظَرْفِ مَكانِ
قَالَتْهُ في زَمَنٍ مِنَ الأزْمانِ
ذَا قَوْلهم تَبًّا لِذي البُهْتانِ
في كَفِّ خالقِ هَذِهِ الأكْوانِ
ممسِكِها تَعالى الله ذُو السُّلْطانِ
يا قَوْمَنا ارْتَدِعوا عَنِ العُدْوانِ
صرف بلا جحد ولا كتمان
بِهذا الاسم في الماضي مِنَ الأزْمانِ
ك ابن الخَليفةِ طارِدِ الشيطانِ
أنَّى يسْتوي الإرثانِ
وَهو مُناسِبٌ أحواله بِوِزانِ
بِدَعٍ تُخالِفُ مقتضى القرآن
أئمَّةُ الإِسْلامِ والإِيْمانِ
لَيْسَتْ زبالَةُ هَذِهِ الأذهانِ
أوساخ والأقذارِ والأنْتانِ
أثر الشرائع خَيْبةَ الكَسلانِ


ثالثا – كتاب " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين من بعدهم" للحافظ أبي القاسم هبة الله ابن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي من أجمع كتب العقيدة الصحيحة المسندة وأشهرها ، لا يطعن فيه إلا زنديق .
وما ذكره هذا الشّمّس واستغربه ثابت عن أبي حنيفة بالسند الصحيح : قال اللالكائي – ثقة حافظ- أنا علي بن محمد بن عيسى- ثقة - قال : أنا علي بن محمد – ثقة أمين - قال : أنا نصر بن عمار التنيسي ، قال : نا أبو صالح الفراء محبوب بن موسى – ثقة - قال : سمعت أبا إسحاق الفزاري – إمام ثقة حافظ - قال : قال أبو حنيفة: « إيمان أبي بكر وإيمان إبليس واحد ، قال أبو بكر : يا رب ، وقال إبليس : يا رب » ، قال أبو إسحاق : ومن كان من المرجئة ثم لم يقل هذا انكسر عليه قوله.
وتابع التنيسي عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ ، قال الخطيب البغدادي في تاريخه : أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج – ثقة جليل - بنيسابور أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي – ثقة - حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي- ثقة - حدثنا محبوب بن موسى الأنطاكي- ثقة - قال: سمعت أبا إسحاق الفزاري – ثقة – يقول : سمعت أبا حنيفة يقول : « إيمان أبي بكر وإيمان إبليس واحد ، قال أبو بكر : يا رب ، وقال إبليس : يا رب » ، قال أبو إسحاق : ومن كان من المرجئة ثم لم يقل هذا انكسر عليه قوله.
وقال ابن الجوزي في المنتظم : أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبدوس قال: أخبرنا عثمان بن سعيد الدارمي قال: حدثنا محبوب بن موسى الأنطاكي قال: سمعت أبا إسحاق الفزاري يقول: سمعت أبا حنيفة يقول: «إيمان أبي بكر الصديق وإيمان إبليس واحد ، قال إبليس: يا رب، وقال أبو بكر: يا رب ». قال أبو إسحاق: ومن كان من المرجئة ثم لم يقل هذا أنكر عليه قوله.
قال الخطيب : حدثني على بن الحسين بن جد العكبرى قال : رأيت هبة الله الطبري في المنام ؛ فقلت : ما فعل الله بك ؟ فقال: غفر لي. قلت: بماذا ؟ قال - كلمة خفية -: بالسنة.
فلتمت غيظا وكمدا أيها الشُّمّس الشارد عن السنة الجامح عن الحق المشاغب بالباطل .
رابعا – خيانة الأمانة العلمية محق لبركة العلم : زعم شُمّس الدين أن الدكتور أحمد بن سعد علق على الرواية السابقة عن أبي حنيفة وهو محض الكذب ، وإنما علق على "سياق ما نقل من مقابح مذاهب المرجئة" ص 1068 ، ثم إن قوله : قلت: إن الذي يبدو أنه هو الصحيح ... يتعلق بكتاب السنة لعبد الله بن أحمد ، وليس بنسخ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة .
وما أحسب هذا الأبتثي الزماخر الذي تزبب قبل أن يتحصرم يدافع عن أبي حنيفة من باب النصيحة وإنما من باب الشنيعة، مما يشتم منه انتماؤه إلى فرقة الدعوة والتبليغ الضالة التي تتعصب لأبي حنيفة بالباطل، وقد قال الإمام البخاري في التاريخ الكبير – في ترجمة أبي حنيفة - : " نعمان بن ثابت أبو حنيفة الكوفي مولى لبني تيم الله بن ثعلبة روى عنه عباد بن العوام وابن المبارك وهشيم ووكيع ومسلم بن خالد وأبو معاوية والمقري ، كان مرجئا ، سكتوا عنه وعن رأيه وعن حديثه ، قال أبو نعيم : مات أبو حنيفة سنة خمسين ومائة".
قال الشاعر :
يا أيها الرجل المعلم غيره ‍
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى ‍
ونراك تصلح بالرشاد عقولنا ‍
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ‍
فهناك يقبل ما تقول ويقتدى ‍
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ‍


هلا لنفسك كان ذا التعليم؟
كيما يصح به وأنت سقيم
أبداً وأنت من الرشاد عديم
فإن انتهت عنه فأنت حكيم
بالرأي منك وينفع التعليم
عار عليك إذا فعلت عظيم!






الجزء الثاني : حول الفقرة الثانية من وغر شمس الدين .
لم أطلع على تلك المطوية التي أشار إليها هذا الفسل الجموح ، وما أظن أن طالب علم سلفي - ناهيك عن عالم - يصف ليلة مولد النبي – صلى الله عليه وسلم – بالمشؤومة ، ومن قالها فعلا فقد أخطأ ، ولو كنت يا شُمَّس الدين تحب النصيحة لاحتسبتها ، ولكنك مولع بتعيير كل من كانت فيه رائحة السنة ، وقد جعلت هذه الكلمة تكأة للطعن في السلفيين ، ولو كنت تحب النبي – صلى الله عليه وسلم – حقا لاتبعته ؛ وقد قال ربنا – عز وجل - :﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ كيف وأنت تطعن في كتب السنة وفي أهلها ؟ قال الشافعي- رحمه الله- :
تَعصي الإِلَهَ وَأَنتَ تُظهِرُ حُبَّهُ هَذا مَحالٌ في القِياسِ بَديعُ
لَو كانَ حُبُّكَ صادِقاً لَأَطَعتَهُ إِنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ
وأنى لشامت مثلك أن يعرف التربية الصحيحة أو يشم رائحتها !! ونبيينا – بأبي وأمي هو – سيدنا وسيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وقد علمنا كيف نصلي عليه ، ولكن لم يذكر لفظ السيادة فيما علمنا ، فهل هو أعلم أم أنت أيها الكاذب ؟ ، ثم إنه لم يمنع أحد من السلفيين من تسييد النبي – صلى الله عليه وسلم – مطلقا ، بل قد روى الطبراني في " الكبير " بسند صحيح عَنِ الأَسْوَدِ بن يَزِيدَ قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : « إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَسِّنُوا الصَّلاةَ عَلَيْهِ ، فإِنكُمْ لا تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ » ، قَالَ : فَعَلَّمَنَا قَالَ : « قُولُوا : اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلاتَكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ ، وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، إِمَامِ الْخَيْرِ وَقَائِدِ الْخَيْرِ وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ ، اللَّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا يَغْبِطُهُ بِهِ الأَوَّلُونَ وَالآخَرُونَ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ».
وأما شد الرحال لزيارة قبره – صلى الله عليه وسلم – ؛ فقد قال – صلى الله عليه وسلم - « لا تشد الرحال إلا ( وفي رواية : إنما يسافر ) إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومسجد الأقصى » ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : « لا تشد ( وفي لفظ : لا تشدوا ) الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى » .
وعن أبي بصرة الغفاري أنه لقي أبا هريرة وهوجاء فقال : من أين أقبلت ؟ قال : أقبلت من الطور صليت فيه قال : أما إني لو أدركتك لم تذهب إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى » .
وعن قزعة قال : أردت الخروج إلى الطور فسألت ابن عمر فقال : أما علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسجد الأقصى» ودع عنك الطور فلا تأته. وهذه كلها أحاديث صحيحة ، وأما زيارة قبره وفق الضوابط الشرعية فمستحبة ، فنعمت السنة وبئست البدعة .
وأما تكفير المتوسلين بجاه النبي – صلى الله عليه وسلم – فلم يقل به أحد من أهل السنة السلفيين ، وهو كذب من شمس الدين ، وقد سئل الشيخ ابن باز - رحمه الله- عن حكم التوسل بسيد الأنبياء ، وهل هناك أدلة على تحريمه؟ . فقال: « التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فيه تفصيل ، فإن كان ذلك باتباعه ومحبته وطاعة أوامره وترك نواهيه والإخلاص لله في العبادة ، فهذا هو الإسلام ، وهو دين الله الذي بعث به أنبياءه ، وهو الواجب على كل منا ، وهو الوسيلة للسعادة في الدنيا والآخرة، أما التوسل بدعائه والاستغاثة به وطلبه النصر على الأعداء والشفاء للمرضى- فهذا هو الشرك الأكبر ، وهو دين أبي جهل وأشباهه من عبدة الأوثان ، وهكذا فعل ذلك مع غيره من الأنبياء والأولياء أو الجن أو الملائكة أو الأشجار أو الأحجار أو الأصنام . وهناك نوع ثالث يسمى التوسل وهو التوسل بجاهه - صلى الله عليه وسلم - أو بحقه أو بذاته مثل أن يقول الإنسان : أسألك يا الله بنبيك ، أو جاه نبيك ، أو حق نبيك ، أو جاه الأنبياء ، أو حق الأنبياء ، أو جاه الأولياء والصالحين ، وأمثال ذلك فهذا بدعة ومن وسائل الشرك ولا يجوز فعله معه - صلى الله عليه وسلم - ولا مع غيره ؛ لأن الله - سبحانه وتعالى- لم يشرع ذلك ، والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما دل عليه الشرع المطهر وأما توسل الأعمى به في حياته - صلى الله عليه وسلم - فهو توسل به - صلى الله عليه وسلم - ليدعو له ويشفع له إلى الله في إعادة بصره إليه ، وليس توسلا بالذات أو الجاه أو الحق كما يعلم ذلك من سياق الحديث ، وكما أوضح ذلك علماء السنة في شرح الحديث . وقد بسط الكلام في ذلك شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - في كتبه الكثيرة المفيدة ، ومنها كتابه المسمى" القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة "، وهو كتاب مفيد جدير بالاطلاع عليه والاستفادة منه. وهذا الحكم جائز مع غيره - صلى الله عليه وسلم - من الأحياء ؛ كأن تقول لأخيك أو أبيك أو من تظن فيه الخير: ادع الله لي أن يشفيني من مرضى ، أو يرد علي بصري ، أو يرزقني الذرية الصالحة، أو نحو ذلك بإجماع أهل العلم . والله ولي التوفيق » .
وأما تبديع المحتفلين بمولد النبي – صلى الله عليه وسلم – مطلقا ، فلم يقل به أحد من أهل العلم ، وإنما قالوا أن الاحتفال بالمولد بدعة ، وليس كل واقع في بدعة مبتدعا ، وهم يفرقون بين الفعل والفاعل ، وبين الإطلاق و التعيين ، وبين الشروط والموانع ، سئل فضيلة الشيخ عبيد الجابري – حفظه الله- : متى يقال : إن الإنسان مبتدع ؟ هل عند إقامة الحجة وانتفاء الشبهة عنه..؟ فقال : « المبتدع هو من أتى بدعة ، وأحدث في دين الله ما لم يكن فيكتابٍ ولا سنةٍ ولا إجماع ، فهو مبتدع محدث فيدين الله بهذا ما ليس منه ، هذا حاله وهذا وصفه عندنا على سبيل الإطلاق. فإذا عرفنا أن ذلك المُحدَث مخالفٌللكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح ، حكمنا عليه (بدعة) بدلالة الشرع ؛ ثم ننظر في هذا المخالف الذي أدخل علينا المحدث ، وهو نفسه مُحدِث ، فإنا نحتاج بعد ما سبق إلى انطباق الوصف عليه ، وانطباق الوصف على هذا المُحدِث لا بد فيه من اجتماع الشروط وانتفاءالموانع ؛ ومن الشروط التي إذا اجتمعت حكم على الإنسان بما توجبه منه مخالفته: (أولاً) التكليف وهو شامل للبلوغ والعقل ، (الثاني) العلم بما توجبه مخالفته ، (الثالث) أنيكون ذاكراً ، (الرابع) أن يكون عامداً ، (الخامس) أن يكون مختاراً لا مكرهاً (السادس) أنلا يكون وقع في شبهةٍ لبست عليه أمره ، فلا بد من كشفها ؛ ومن هنا أقول لكم إنالمخالف على ضربين : أحدهما من هو على السنة لكن زلت به القدم ـ ركب خطأً ـ فهذايرد خطأه ، ولا يتابع على زلته ، وتحفظ كرامته ؛ الثاني من كان من أهل البدع والأهواء ودعاة الضلال والفتنة ، فهذا لا كرامة له، يرد خطأه ويحذر منه.
واعلموا أنه إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع قامت الحجة ـ هذا ما سألت عنه (أما بعد إقامةالحجة.. ـ إقامة الحجة تكون باجتماع الشروط وانتفاء الموانع ».اهـ
وأما عمن مات على الكفر فهو في النار ، فقد روى أنس – رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ : « فِي النَّارِ » فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : « إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ » رواه مسلم، وقال النووي في شرحه : «قَوْله : ( أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُول اللَّه أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ : فِي النَّار ، فَلَمَّا قَفَى دَعَاهُ قَالَ : إِنَّ أَبِي وَأَبَاك فِي النَّار ) فِيهِ : أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْر فَهُوَ فِي النَّار ، وَلَا تَنْفَعهُ قَرَابَة الْمُقَرَّبِينَ، وَفِيهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَة عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْعَرَب مِنْ عِبَادَة الْأَوْثَان فَهُوَ مِنْ أَهْل النَّار ، وَلَيْسَ هَذَا مُؤَاخَذَة قَبْل بُلُوغ الدَّعْوَة ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَة إِبْرَاهِيم وَغَيْره مِنْ الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه تَعَالَى وَسَلَامه عَلَيْهِمْ . وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَبِي وَأَبَاك فِي النَّار ) هُوَ مِنْ حُسْن الْعِشْرَة لِلتَّسْلِيَةِ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْمُصِيبَة وَمَعْنَى ( قَفَى ) وَلَّى قَفَاهُ مُنْصَرِفًا ». وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي ». رواه مسلم ، وقال النووي- رحمه الله - عقبه : « فِيهِ جَوَاز زِيَارَة الْمُشْرِكِينَ فِي الْحَيَاة ، وَقُبُورهمْ بَعْد الْوَفَاة ؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَتْ زِيَارَتهمْ بَعْد الْوَفَاة فَفِي الْحَيَاة أَوْلَى ، وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : ﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ وَفِيهِ : النَّهْي عَنْ الِاسْتِغْفَار لِلْكُفَّارِ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه - : سَبَب زِيَارَته - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْرهَا أَنَّهُ قَصَدَ قُوَّة الْمَوْعِظَة وَالذِّكْرَى بِمُشَاهَدَةِ قَبْرهَا ، وَيُؤَيِّدهُ قَوْله - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِر الْحَدِيث : ( فَزُورُوا الْقُبُور فَإِنَّهَا تُذَكِّركُمْ الْمَوْت ) ».
أما عن تحريق قبر أم النبي – صلى الله عليه وسلم – بالبنزين فلا أعلم أنه يفعله إلا غلاة أهل البدع كالرافضة الذين يشاكلهم شمس الدين ، وأما المطالبة بإخراج قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – من المسجد النبوي فليأتي لنا شمس الدين بصورة من هذا الطلب إن كان صادقا ، والنبي – صلى الله عليه وسلم – إنما دفن ببيته الذي كان بجوار مسجده .









الجزء الثالث: حول الفقرة الثالثة من وغر شمس الدين .
لم أظفر بكتاب " جذور البلاء الفتن – الزلازل – المحن " كذا قال شُمَّس الدين ، ولعله أوتي من سوء فهم ، نعم التنازع والتفرق والاختلاف من أسباب الابتلاء ، قال ربنا- سبحانه- : ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾ وعن أبي بردة قال : " بينما أنا واقف في السوق في إمارة زياد ، إذ ضربت بإحدى يدي على الأخرى تعجبا ، فقال رجل من الأنصار - قد كانت لوالده صحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - : مما تعجب يا أبا بردة ؟ قلت : أعجب من قوم دينهم واحد ، ونبيهم واحد ، ودعوتهم واحدة ، وحجهم واحد ، وغزوهم واحد ، يستحل بعضهم قتل بعض، قال : فلا تعجب ، فإني سمعت والدي أخبرني أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :« أمتي أمة مرحومة ، ليس عليها عذاب في الآخرة ، عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل » ، حديث صحيح رواه أحمد و الحاكم وغيرهما . ومع هذا نسعى نحن السلفيين إلى العودة بالأمة إلى الدين الصحيح الذي كان عليه النبي – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه -رضي الله عنهم - .
وهذه الفرق الضالة والأحزاب المنحرفة في الأمة هي التي مزقت شملها ، وأضعفت قوتها ، وأذهبت ريحها ، وجعلتها غثاء كغثاء السيل ، وسببت لها الذل و الهوان ، كحزب الإخوان المسلمين وجماعة الدعوة والتبليغ ونحوهما من الفرق التي قامت على الآراء المنحرفة والعقائد الفاسدة للفرق الثنتين والسبعين ، لذلك أنصارها يتآلفون ويتعاونون مع الرافضة والصوفية والأشاعرة والمعتزلة ؛ ولا يتسامحون أبدًا مع السلفيين ، أهل السنة والجماعة ، أصحاب الفرقة الناجية ، أهل الحديث والأثر.






الجزء الرابع: رد الطعن عن كتاب "شرح السنة" لأبي محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري .
"شرح السنة" لشيخ الحنابلة للبربهاري كتاب عقيدة جليل، طعن فيه شُمَّس الدين بلا حجة ولا دليل ، سئل أبو عبد المعز محمد علي فركوس – حفظه الله -: ما هو قولكم في كتاب "شرح السنة" للبربهاري ؟ وما قولكم فيمن يطعن فيه ؟ فقال: « الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين. أمّا بعد : فالبربهاري هو أبو محمد الحسن بن علي بن خلف شيخ الحنابلة بالعراق في عصره ، كان محدثا ، حافظا ، فقيها ، توفي سنة:329هـ([1])من مصنفاته "شرح السنة" الذي يقرر فيه منهج أهل السنة والجماعة في النواحي الاعتقادية ، سواء تعلقت بذات الله وأسمائه وصفاته ، أو بمسائل الإيمان ، ولا شك أنّ من يطعن في منهج أهل السنة والجماعة وعقيدتهم ويتحامل عليهم إلاّ إذا كان مطبوعا بعقيدة أهل الأهواء والبدع ؛ لأنّ "من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر"، ولا يصدر هذا إلاّ من جاهل ، أو معاند حاقد ؛ لذلك ينبغي إظهار السنة وتعريف المسلمين بها ، وقمع البدعة بما يوجبه الشرع من ضوابط ، وعدم الاشتغال بسفاسف الأمور وأهلها لدنو منزلتهم ، وعلى المسلم أن يسعى إلى إدراك المطالب العالية التي تمكنه من العزة الدينية ، وتجنب أسباب المذلة المخزية ﴿ولِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾[المنافقون:8]. والعلم عند الله ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ».
فشُمَّس الدين شانيء أبتر ، ودحروجة حُواز أصعر ، يحرف الكلم عن مواضعها ، ويأتي بأعجاز لا صدور لها ، يلبس الحق بالباطل ، ويخلط الحابل بالنابل ، انظر إليه كيف حرّف عبارة البربهاري ، وبترها في وضح النهار ، كأنما طعامه القفعاء والتأويل ، ونصحه الشنعاء والتهويل ، فهو طامر بن طامر حذار ، يلفق الحديث في الطومار ، ويزعم بأنه نصوح في طمره شوّالة تلوح ، قال الشاعر :
قد تجرت في سوقنا عقرب لا مرحباً بالعقرب التاجره
كل عدو يتقي مقبــــــــــــــــــــــلاً وعقرب يخشى من الدابره
كل عدو كيده في إستـــــــــــــه فغير مخشي ولا ضـــــائـره
إن عادت العقرب عدنا لها وكانت النعل لها حاضره
وهذه عبارة البربهاري كاملة: « وجميع ما وصفت لك في هذا الكتاب فهو عن الله تعالى ، وعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وعن أصحابه ، وعن التابعين ، وعن القرن الثالث إلى القرن الرابع .
فاتق الله يا عبد الله ، وعليك بالتصديق والتسليم والتفويض والرضى لما في هذا الكتاب ، ولا تكتم هذا الكتاب أحدا من أهل القبلة فعسى يرد الله به حيران عن حيراته ، أو صاحب بدعة عن بدعته، أو ضالا عن ضلالته ؛ فينجو به.
فاتق الله ، وعليك بالأمر الأول العتيق ، وهو ما وصفت لك في هذا الكتاب ؛ فرحم الله عبد - ورحم والديه – قرأ هذا الكتاب ، وبثه ، وعمل به ، ودعا إليه ، واحتج به ، فإنه دين الله ودين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه من استحل سيئا خلاف ما في هذا الكتاب ؛ فإنه ليس يدين لله بدين، وقد رده كله ، كما لو أن عبدا آمن بجميع ما قال الله تبارك وتعالى إلا أنه شك في حرف ؛ فقد رد جميع ما قال الله تعالى ، وهو كافر ، كما أن شهادة أن لا إله إلا الله لا تقبل من صاحبها إلا بصدق النية وإخلاص اليقين ، كذلك لا يقبل الله شيئا من السنة في ترك بعض ، ومن ترك من السنة شيئا ؛ فقد ترك السنة كلها ، فعليك بالقبول ، ودع عنك المحك واللجاجة ، فإنه ليس من دين الله في شيء ، وزمانك – خاصة – زمان سوء ، فاتق الله ».
أجزم يا بتيراء الدين أنك لم تفهم ما يقول البربهاري – رحمه الله – رغم وضوح كلامه ، وعليك أن تجلس أمام سبورة لتتعلم من الصبية معاني السنة والاستحلال والشك في دين الله ، وإن لم يسعك كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وآثار الصحابة – رضي الله عنهم – فلا وسعتك الدنيا.
وأما قول البربهاري : « وإذا سمعت الرجل تأتيه بالأثر فلا يريده ، ويريد القرآن ؛ فلا شك أنه قد احتوى على الزندقة ، فقم من عنده ودعه » ، فهو قول صحيح ، ولكنك يا بتيراء الدين لم تفهمه ولن تفهمه ، أو أنك من القرآنيين الضالين ، وإلا فكيف يحتج بالقرآن من يرد السنة ، وربنا يقول : ﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ ، وقد ثبت عن ابن سيرين – رحمه الله – أنه قال : « كانوا يرون أنهم على الطريق ما داموا على الأثر » ، وقال الشاعر :
دين النبي محمد أخبـــــــــــــــار نعم المطية للفتى الآثـــــــــار
لا ترغبن عن الحديث وأهله فالرأي ليل والحديث نهار
ولربما جهل الفتى أثر الهدى والشمس بازغة لها أنــــــوار













الجزء الخامس: الذب عن الشيخ أبي عبد الرحمن الألباني – رحمه الله - .
« الألبانيُّ رجلٌ من أهل السنة - رحمه الله - ، مدافعٌ عنها، إمامٌ في الحديث، لا نعلم أنَّ أحداً يُباريه في عصرنا، لكنَّ بعضَ الناس، نسأل الله العافية ، يكون في قلبه حقدٌ إذا رأى قبول الشخص ذهب يلمزه بشيءٍ ، كفعل المنافقين الذي يلمزون المُطَّوِّعين من المؤمنين في الصدقات، والذين لا يجدون إلاَّ جهدَهم، يلمزون المتصدِّق المُكثر من الصدقة، والمتصدِّق الفقير».
ومن هؤلاء اللمازين الهمازين المدعو شمس الدين الذي هو في حور وبور وسعر وجور ، وغر صدره بكل ضغينة ، وجاشت قدوره بكل قولة مشينة ، فاتبع الشبهات ، ومضى على المخيلات ، كحرباء تنضبة ما يرسل الساق إلا ممسكا ساقا، لم تسلم منه لا كتب السنة ولا علماؤها فضلا عن محبيها ومتبعيها ، فله الويل من حاطب ليل ، يرد الحق، ويشوه نقاوة الخلق .
قال ابن قيم الجوزية – رحمه الله - :
يا مبغضا أهل الحديث وشاتما ‍
أو ما علمت بأنهم أنصار دي ‍
أو ما علمت بأن أنصار الرسو ‍
هل يبغض الأنصار عبد مؤمن ‍
شهد الرسول بذاك وهي شهادة ‍
أو ما علمت بأن خزرج دينه ‍
ما ذنبهم إذ خالفوك لقوله ‍
لو وافقوك وخالفوه كنت تش ‍
ما ضرهم والله بغضكم لهم ‍
يا من يعاديهم لأجل مآكل ‍
تهنيك هاتيك العداوة كم بها ‍
ولسوف تجني غيها والله عن ‍


أبشر بعقد ولاية الشيطان
ن الله والإيمان والقرآن
ل هم بلا شك ولا نكران
أو مدرك لروائح الإيمان
من أصدق الثقلين بالبرهان
والأوس هم أبدا بكل زمان
ما خالفوه لأجل قول فلان
هد أنهم حقا أولو الإيمان
إذ وافقوا حقا رضا الرحمن
ومناصب ورياسة الإخوان
من جسرة ومذلة وهوان
قرب وتذكر صدق ذي الإيمان


قال حافظ بن أحمد الحكمي – رحمه الله - في "أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة " : « س : ما الواجب التزامه في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته ؟ جـ : الواجب لهم علينا سلامة قلوبنا وألسنتنا لهم ، ونشر فضائلهم والكف عن مساويهم وما شجر بينهم ، والتنويه بشأنهم كما نوه تعالى بذكرهم في التوراة والإنجيل والقرآن ، وثبتت الأحاديث الصحيحة في الكتب المشهورة من الأمهات ، وغيرها في فضائلهم ، قال الله عز وجل : ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾. وقال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾، وقال تعالى : ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ﴾. الآية ، وقال تعالى : ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ . الآية ، وغيرها كثير . ونعلم ونعتقد أن الله تعالى اطلع على أهل بدر فقال : " « اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم » ، وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر ، وبأنه « لا يدخل النار ممن بايع تحت الشجرة » بل قد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا ألفا وأربعمائة وقيل : خمسمائة ، قال الله تعالى : ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ . الآية ، ونشهد بأنهم أفضل القرون من هذه الأمة التي هي أفضل الأمم ، وأن من أنفق مثل أحد ذهبا ممن بعدهم لم يبلغ مد أحدهم ولا نصيفه ، مع الاعتقاد أنهم لم يكونوا معصومين ، بل يجوز عليهم الخطأ ، ولكنهم مجتهدون للمصيب منهم أجران ولمن أخطأ أجر واحد على اجتهاده ، وخطؤه مغفور ، ولهم من الفضائل والصالحات والسوابق ما يذهب سيئ ما وقع منهم إن وقع ، وهل يغير يسير النجاسة البحر إذا وقعت فيه ، رضي الله عنهم وأرضاهم ، وكذلك القول في زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، ونبرأ من كل من وقع في صدره أو لسانه سوء على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته ، أو على أحد منهم ، ونشهد الله تعالى على حبهم وموالاتهم والذب عنهم ما استطعنا حفظا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وصيته إذ يقول : « لا تسبوا أصحابي». وقال : « الله الله في أصحابي » ، وقال : « إني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به » ، ثم قال: « وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي » . الحديث في الصحيحين وغيرهما » ا هـ.
قال الألباني – رحمه الله – في " السلسلة الصحيحة " ( 6 / 26- 35 ) تحت عنوان "عائشة – رضي الله عنها- محفوظة غير معصومة ": « 2507 - ( أما بعد يا عائشة ! فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، [ إنما أنت من بنات آدم ] ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه . و في رواية : فإن التوبة من الذنب الندم ) .
أخرجه البخاري ( 8 / 363 - 364 - فتح ) ، ومسلم ( 8 / 116 ) ، وأحمد ( 6 / 196 ) والرواية الأخرى له ( 6 / 364 ) ، وأبو يعلى ( 3 / 1208 و 1218 ) ، والطبري في "التفسير" ( 18 / 73 و75 ) والبغوي ( 6 / 74 ) من حديث عائشة - رضي الله عنها - ، في حديثها الطويل عن قصة الإفك ، ونزول الوحي القرآني ببراءتها في آيات من سورة النور : ﴿ إن الذين جاؤا بالإفك عصبة منكم ... ﴾ الآيات (11 - 20 ) ، والزيادة التي بين المعقوفتين هي لأبي عوانة في " صحيحه " ، والطبراني في"معجمه " كما في " الفتح " ( 8 / 344 و 364 ) .
وقوله : " ألممت " . قال الحافظ : أي وقع منك على خلاف العادة ، وهذا حقيقة الإلمام ، ومنه : ألمت بنا والليل مرخ مستورة .
قال الداوودي : " أمرها بالاعتراف ، ولم يندبها إلى الكتمان ؛ للفرق بين أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهن ، فيجب على أزواجه الاعتراف بما يقع منهن ولا يكتمنه إياه ، لأنه لا يحل لنبي إمساك من يقع منها ذلك ؛ بخلاف نساء الناس؛ فإنهن ندبن إلى الستر " .
ثم تعقبه الحافظ نقلا عن القاضي عياض فيما ادعاه من الأمر بالاعتراف ، فليراجعه من شاء ، لكنهم سلموا له قوله : إنه لا يحل لنبي إمساك من يقع منها ذلك . وذلك غيرة من الله تعالى على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه سبحانه صان السيدة عائشة - رضي الله عنها - وسائر أمهات المؤمنين من ذلك كما عرف ذلك من تاريخ حياتهن ، ونزول التبرئة بخصوص السيدة عائشة - رضي الله عنها - وإن كان وقوع ذلك ممكنا من الناحية النظرية لعدم وجود نص باستحالة ذلك منهن ، ولهذا كان موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - في القصة موقف المتريث المترقب نزول الوحي القاطع للشك في ذلك الذي ينبئ عنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الترجمة : " إنما أنت من بنات آدم ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله .. " ، ولذلك قال الحافظ في صدد بيان ما في الحديث من الفوائد : " وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يحكم لنفسه إلا بعد نزول الوحي . نبه عليه الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به " .
يعني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقطع ببراءة عائشة - رضي الله عنها- إلا بعد نزول الوحي . ففيه إشعار قوي بأن الأمر في حد نفسه ممكن الوقوع ، وهو ما يدندن حوله كل حوادث القصة وكلام الشراح عليها ، ولا ينافي ذلك قول الحافظ ابن كثير ( 8 / 418 ) في تفسير قوله تعالى : ﴿ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ﴾ ( التحريم : 10) . " وليس المراد بقوله : ﴿فخانتاهما﴾ في فاحشة ، بل في الدين ؛ فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة لحرمة الأنبياء كما قدمنا في سورة النور " .
وقال هناك ( 6 / 81 ) : " ثم قال تعالى : ﴿ وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ﴾ ، أي : تقولون ما تقولون في شأن أم المؤمنين ، وتحسبون ذلك يسيرا سهلا ، ولو لم تكن زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان هينا ، فكيف وهي زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمي خاتم الأنبياء وسيد المرسلين ، فعظيم عند الله أن يقال في زوجة نبيه ورسوله ما قيل ، فإن الله سبحانه وتعالى يغار لهذا ، وهو سبحانه لا <1> يقدر على زوجة نبي من الأنبياء ذلك ، حاشا وكلا ، ولما لم يكن ذلك ، فكيف يكون هذا في سيدة نساء الأنبياء زوجة سيد ولد آدم على الإطلاق في الدنيا والآخرة ، ولهذا قال تعالى: ﴿ وتحسبونه هينا و هو عند الله عظيم ﴾ " .
أقول : فلا ينافي هذا ما ذكرنا من الإمكان ، لأن المقصود بـ " العصمة " الواردة في كلامه - رحمه الله - وما في معناها إنما هي العصمة التي دل عليها الوحي الذي لولاه لوجب البقاء على الأصل ، وهو الإمكان المشار إليه ، فهي بالمعنى الذي أراده النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله : " فالمعصوم من عصمه الله " في حديث أخرجه البخاري وغيره ، وليس المراد بها العصمة الخاصة بالأنبياء – عليهم الصلاة والسلام - ، وهي التي تنافي الإمكان المذكور ، فالقول بهذه في غير الأنبياء إنما هو من القول على الله بغير علم ، وهذا ما صرح به أبو بكر الصديق نفسه في هذه القصة خلافا لهواه كأب ، فقد أخرج البزار بسند صحيح عن عائشة – رضي الله عنها- أنه لما نزل عذرها قبل أبو بكر - رضي الله عنها -رأسها ، فقالت : ألا عذرتني ؟ فقال : أي سماء تظلني ، وأي أرض تقلني إن قلت ما لا أعلم ؟! <2> وهذا هو الموقف الذي يجب على كل مسلم أن يقفه تجاه كل مسألة لم يأت الشرع الحنيف بما يوافق هوى الرجل ، ولا يتخذ إلهه هواه .
واعلم أن الذي دعاني إلى كتابة ما تقدم ، أن رجلا عاش برهة طويلة مع إخواننا السلفيين في حلب، بل إنه كان رئيسا عليهم بعض الوقت ، ثم أحدث فيهم حدثا دون برهان من الله ورسوله ، وهو أن دعاهم إلى القول بعصمة نساء النبي- صلى الله عليه وسلم- وأهل بيته وذريته من الوقوع في الفاحشة، ولما ناقشه في ذلك أحد إخوانه هناك ، وقال له : لعلك تعني عصمتهن التي دل عليها تاريخ حياتهن ، فهن في ذلك كالخلفاء الأربعة وغيرهم من الصحابة المشهورين ، المنزهين منها ومن غيرها من الكبائر ؟ فقال : لا ، إنما أريد شيئا زائدا على ذلك وهو عصمتهن التي دل عليها الشرع ، وأخبر عنها دون غيرها مما يشترك فيها كل صالح وصالحة ، أي العصمة التي تعني مقدما استحالة الوقوع ! ولما قيل له : هذا أمر غيبي لا يجوز القول به إلا بدليل ، بل هو مخالف لما دلت عليه قصة الإفك ، وموقف الرسول وأبي بكر الصديق فيها ، فإنه يدل دلالة صريحة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يعتقد في عائشة العصمة المذكورة ، كيف وهو يقول لها : إنما أنت من بنات آدم ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ... الحديث : فأجاب بأن ذلك كان من قبل نزول آية الأحزاب 33 : ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ﴾ ! جاهلا أو متجاهلا أن الآية المذكورة نزلت قبل قصة الإفك ، بدليل قول السيدة عائشة - رضي الله تعالى عنها - عن صفوان بن المعطل السلمي : " فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل الحجاب " ، وفيه أنها احتجبت منه . ودليل آخر ، وهو ما بينه الحافظ رحمه الله بقوله ( 8 / 351 ) : " ولا خلاف أن آية الحجاب نزلت حين دخوله - صلى الله عليه وسلم - بزينب بنت جحش ، وفي حديث الإفك : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل زينب عنها . فثبت أن الحجاب كان قبل قصة الإفك " ... إلى أن قال – بعد كلام طويل - : فطالبه بعض الحاضرين بالدليل على العصمة التي يزعمها ، فتلى آية التطهير : ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ﴾ ، فقيل له : الإرادة في هذه الآية شرعية أم كونية ، فأجاب : كونية ! فقيل له : هذا يستلزم أن أولاد فاطمة أيضا معصومون ! قال : نعم . قيل وأولاد أولادها ؟ فصاح وفر من الجواب . وواضح من كلامه أنه يقول بعصمة أهل البيت جميعا إلى يوم يبعثون، ولكنه لا يفصح بذلك لقبحه . فقام صاحب الدار وأتى برسالة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ، وقرأ منها فصلا هاما في بيان الفرق بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية ، فالأولى محبته تعالى ورضاه لما أراده من الإيمان والعمل الصالح ، ولا تستلزم وقوع المراد، بخلاف الإرادة الكونية ، فهي تستلزم وقوع ما أراده تعالى ، ولكنها عامة تشمل الخير والشر ، كما في قوله تعالى : ﴿ إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ﴾ ( يس : 82 ) ، فعلى هذا ، فإذا كانت الإرادة في آية التطهير إرادة شرعية فهي لا تستلزم وقوع المراد من التطهير ، وإنما محبته تعالى لأهل البيت أن يتطهروا ، بخلاف ما لو كانت إرادة كونية فمعنى ذلك أن تطهيرهم أمر كائن لابد منه ، وهو متمسك الشيعة في قولهم بعصمة أهل البيت ، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - ضلالهم في ذلك بيانا شافيا في مواطن عديدة من كتابه " منهاج السنة " ، فلا بأس من أن أنقل إلى القراء الكرام طرفا منه لصلته الوثيقة بما نحن فيه ، فقال في صدد رده على الشيعي المدعي عصمة علي - رضي الله عنه - بالآية السابقة : "وأما آية ( الأحزاب 33 ) : ﴿ ويطهركم تطهيرا ﴾ فليس فيها إخبار بذهاب الرجس وبالطهارة ، بل فيها الأمر لهم بما يوجبهما ، وذلك كقوله تعالى ( المائدة 6 ) : ﴿ ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم ﴾ ، و( النساء : 26 ) : ﴿ يريد الله ليبين لكم و يهديكم ﴾ ، و ( النساء : 28 ) : ﴿ يريد الله أن يخفف عنكم ﴾ . فالإرادة هنا متضمنة للأمر والمحبة والرضا ليست هي الملتزمة لوقوع المراد ، ولو كان كذلك لتطهر كل من أراد الله طهارته . وهذا على قول شيعة زماننا أوجه ، فإنهم معتزلة يقولون : إن الله يريد ما لا يكون ، فقوله تعالى : ﴿ يريد الله ليذهب عنكم الرجس ﴾ إذا كان بفعل المأمور وترك المحظور ، كان ذلك متعلقا بإرادتهم وبأفعالهم ، فإن فعلوا ما أمروا به طهروا . ومما يبين أن ذلك مما أمروا به لا مما أخبر بوقوعه أن النبي - صلى الله عليه وسلم – أدار الكساء على علي وفاطمة والحسن والحسين ثم قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " . رواه مسلم من حديث عائشة . ورواه أهل السنن من حديث أم سلمة ، وفيه دليل على أنه تعالى قادر على إذهاب الرجس والتطهير ، وأنه خالق أفعال العباد ، ردا على المعتزلي . ومما يبين أن الآية متضمنة للأمر والنهي قوله في سياق الكلام : ﴿ يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينه - إلى قوله - ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى و أقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا واذكرن ما يتلى في بيوتكن ﴾ ( الأحزاب 30 - 34 ) ، فهذا السياق يدل على أن ذلك أمر ونهي ، وأن الزوجات من أهل البيت ، فإن السياق إنما هو في مخاطبتهن ويدل الضمير المذكر على أنه عم غير زوجاته كعلي وفاطمة وابنيهما " <3> .
وقال في " مجموعة الفتاوى " ( 11 / 267 ) عقب آية التطهير : " والمعنى أنه أمركم بما يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ، فمن أطاع أمره كان مطهرا قد أذهب عنه الرجس بخلاف من عصاه " .
وقال المحقق الآلوسي في تفسير الآية المذكورة بعد أن ذكر معنى ما تقدم عن ابن تيمية ( 7 / 47 - بولاق ) : " وبالجملة لو كانت إفادة معنى العصمة مقصودة لقيل هكذا : إن الله أذهب عنكم الرجس أهل البيت وطهركم تطهيرا . وأيضا لو كانت مفيدة للعصمة ينبغي أن يكون الصحابة لاسيما الحاضرين في غزوة بدر قاطبة معصومين لقوله تعالى فيهم : ﴿ ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون ﴾، بل لعل هذا أفيد لما فيه من قوله سبحانه : ﴿ وليتم نعمته عليكم ﴾، فإن وقوع هذا الإتمام لا يتصور بدون الحفظ عن المعاصي وشر الشيطان "» اهـ .
------------------------------
[1] كذا الأصل ، ولعل الصواب " لم " كما يدل عليه قوله الآتي : " ولما لم يكن ذلك ... " .
[2] كذا في " روح المعاني " للآلوسي ( 6 / 38 ) وعزاه الحافظ في " الفتح " ( 8 / 366 ) للطبري وأبي عوانة .
[3] " المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال " ( ص 168 ) ، وراجع منه ( ص 84 ، 427 - 428 و446 - 448 و473 و551 ) . اهـ .






الجزء السادس : الذب عن الشيخ أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي - رحمه الله - .

([1])انظر ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد (2/319) ، ومعجم المؤلفين لكحالة (3/253).
  • ملف العضو
  • معلومات
بيبي
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 12-09-2007
  • المشاركات : 14
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • بيبي is on a distinguished road
بيبي
عضو مبتدئ
رد: الرد على شمس الدين
17-09-2007, 12:55 PM
ربي يهديكم في هذا رمضان مهما طعنتم في الشيخ شمس الدين يبقي دائما الداعيه و المفتي الذي نثق فيه و في فتاويه التي لا تخالف لا الشرع ولا السنه الا تعلموا ان الغيبه حرمها ديننا الحنيف
من مواضيعي 0 صح عيدكم
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية gamalove2002
gamalove2002
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 11-09-2007
  • الدولة : تلمسان العالية
  • العمر : 39
  • المشاركات : 15,900
  • معدل تقييم المستوى :

    32

  • gamalove2002 is on a distinguished road
الصورة الرمزية gamalove2002
gamalove2002
شروقي
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 12:44 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى