أيهما أفضل ؟
20-06-2015, 02:02 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

قال ابن القيم رحمه الله :
" اختلف الناس في الأفضل من الترتيل وقلة القراءة ، أو السرعة مع كثرة القراءة :
أيهما أفضل ؟ على قولين :
فذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما إلى أن الترتيل
والتدبر مع قلة القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها .
واحتج أرباب هذا القول بأن المقصود من القراءة فهمه ، وتدبره ، والفقه فيه ، والعمل به ،
وتلاوته وحفظه وسيلة إلى معانيه ، كما قال بعض السلف : نزل القرآن ليعمل به ، فاتخذوا تلاوته عملا
، ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به ، والعاملون بما فيه ، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب ،

وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله ، وإن أقام حروفه إقامة السهم .
قالوا : ولأن الإيمان أفضل الأعمال ، وفهم القرآن وتدبره هو الذي يثمر الإيمان ،

وأما مجرد التلاوة من غير فهم ولا تدبر فيفعلها البر والفاجر والمؤمن والمنافق ،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( ومثل المنافق الذي يقرأ القران كمثل الريحانة : ريحها طيب ، وطعمها مر ).
والناس في هذا أربع طبقات : أهل القرآن والإيمان ، وهم أفضل الناس . والثانية :
من عدم القرآن والإيمان . الثالثة : من أوتي قرآنا ولم يؤت إيمانا .
الرابعة : من أوتي إيمانا ولم يؤت قرآنا .
قالوا : فكما أن من أوتي إيمانا بلا قرآن أفضل ممن أوتي قرآنا بلا إيمان ،
فكذلك من أوتي تدبرا وفهما في التلاوة أفضل ممن أوتي كثرة قراءة وسرعتها بلا تدبر .
قالوا : وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان يرتل السورة
حتى تكون أطول من أطول منها ، وقام بآية حتى الصباح .
وقال أصحاب الشافعي رحمه الله : كثرة القراءة أفضل ،
واحتجوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ،
ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف ) رواه الترمذي وصححه .
قالوا : ولأن عثمان بن عفان قرأ القرآن في ركعة ، وذكروا آثارا عن كثير من السلف في كثرة القراءة .
والصواب في المسألة أن يقال :
إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرا ، وثواب كثرة القراءة أكثر عددا :
فالأول : كمن تصدق بجوهرة عظيمة ، أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدا .
والثاني : كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم ، أو أعتق عددا من العبيد قيمتهم رخيصة .
وفي " صحيح البخاري " عن قتادة قال : سألت أنسا عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
( كان يمد مدا ) .
وقال شعبة : حدثنا أبو جمرة ، قال : قلت لابن عباس : إني رجل سريع القراءة ،
وربما قرأت القرآن في ليلة مرة أو مرتين ، فقال ابن عباس :

لأن أقرأ سورة واحدة أعجب إلي من أن أفعل ذلك الذي تفعل ،
فإن كنت فاعلا ولا بد فاقرأ قراءة تسمع أذنيك ، ويعيها قلبك .
وقال إبراهيم : قرأ علقمة على ابن مسعود - وكان حسن الصوت – فقال :
رتل فداك أبي وأمي ، فإنه زين القرآن .
وقال ابن مسعود : لا تهذُّوا القرآن هذَّ الشعر ، ولا تنثروه نثر الدقل ،
وقفوا عند عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة .
- والهذّ : سرعة القراءة ، والدَّقَل : رديء التمر -.
وقال عبد الله أيضا : إذا سمعت الله يقول : ( يأيها الذين آمنوا ) فأصغ لها سمعك ،
فإنه خير تؤمر به ، أو شر تصرف عنه . " اهـ
[ زاد المعاد ظ،/ ظ£ظ£ظ§-ظ£ظ¤ظ* ].

المصدر: ساهلة ماهلة

--------------------------------------------------------------------

مذكرة تخرج

مواضيع دكتوراه سابقة

مصادر ومراجع

--------------------------------------------------------------------
التعديل الأخير تم بواسطة saif.m ; 13-10-2021 الساعة 09:08 PM