المرأة الفاتنة بلا رحمة !
15-03-2014, 08:32 AM
المرأة الفاتنة بلا رحمة !
شعر:
جون كيتس
ترجمة:
حسن حجازي
مصر
////
أوه ما الذي ألَمَ بكَ ,
أيا الفارس المغوار
وحيداً متثاقلَ الخطى
تتسكعُ في الدروب ,
يضنيكَ المرار ؟
فقد ذبُلَت أوراقُ البردي
وهجرت البحيرة البهجة
واختفى شدوُ الطيور .
أوه ! ما الذي ألَمَ بكَ ,
أيها الفارس الشجاع
في ساحةِ الوغى ,
أضناك النوى ,
خائرَ القوى ,
وألَمْت بكَ الخطوبْ ؟
مخازنُ السناجب
مُمْتَلِئة بالحبوبْ
وانتهى موسمُ الحصاد
فلم يعتريكَ الأسى
ويبدو عليكً الشحوب ؟
****
أرى سوسنةً على جبينك .
مبللةً بقطراتِ الألم
وندى الحُمى الشديدة ,
وعلى خديكَ زهرة ذابلة
سرعان ما أدركها الشحوبْ
وأتى عليها الغروب .
****
صادفتُ سيدةً
تتهادي بين الرياضْ .
مكتملة الحسنِ
رائعةُ الجمالْ - طفولية البراءة
كالجنية تسبحُ في السحر ,
تملكُ الألباب .
شعرها طويلٌ , خطوها ضياء ,
عيناها بَرية , وحشية ,
تأسرُ القلوبْ ,
يشعُ منها السحرُ
ويطلُ منها البهاءْ
كأحلام ِ الكرى ,
كالخمرِ المُذاب .
صنعتُ لها تاجاً
وزينتهُ بالزهورْ .
وسواراً من البهجة ,
وأريجاً من الندى والنور
ومتكأً كبناتِ الحُور ,
نَظَرتْ إليّ ,
كأنها تبادلني الغرامْ ,
ومن بين شفتيها أنسابَ الوجد ُ
وفاحت أطايبُ السحرِ
و أناتُ الهُيام .
أجلستُها على جوادي
الرتيبِ الخطا .
ولم أنعم برؤية أي شيء ٍ
سواها , طوالَ النهار .
فكانت تتثنى ,
تتغنى بأنغامِ السِحرِ
بترانيم الوجد
وأياتِ الجمال ْ
كأنهُ الجنُ ,
ينشدْ , يترنمْ ,
يتغنى بألحانِ الصِبا
في سحرٍ ودلالْ .
أحضَرتْ لي جذوراً
مُحلاة بالعذوبة
والشهدِ المُذاب .
من الرحيقِ البري ,
من المَن المُعطر بالندى
وحلوَ الشراب ,
وبهمسٍ رائقٍ غريبْ ,
بحروفٍ يفوحُ منها السحرُ
ويسكنها العبيرْ , قالت :
" ملكتَ من فؤادي ,
حقيقةً أسرتني بسحرِ الوجدِ
وملكتني بتباريحِ الغرامْ " .
أخذتني إلى كهفها المسكون
بالفتنة والجمالْ .
وهناكَ كم بكت في حرقةٍ
وتنهدت , يقتلها الوجدُ
ويضنيها الغرامْ ,
وهناك احتويتُ عينيها
الجميلتين المتوحشتين البَريتين
بأربع قبلاتٍ
لعلها تطفاُ نارَ الوجدِ
من مكنونِ صدرها البض
وأهاتِ الهُيامْ .
هناكَ داعبتني , هدهدتني
حتى غرقتُ في النومِ
وسبحتُ في عالمِ الأحلامْ
- آهٍ ! وا أسفاه على ما جرى !-
آخر حلمٍ قد تراءى لي
على جانبِ هذا التلِ البارد .
خائرَ القوى مسلوبَ العقلِ
ضائعَ الجَنَانْ "
رأيتُ ملوكاً يعتريهم الشحوبُ
وفرساناً يقتلهم الضنى
ومحاربين بلا عزمٍ ,
خائري القوى ,
شحوبُ الموتِ يطلُ من العيونِ
يكادُ يقتلهم الحزن
ويفترسَهم الجنونْ
صاحوا جميعاً , صرخوا :
- (تلكَ السيدة الجميلة
الفاتنة .. الساحرة
بلا رحمة .. بلا شفقة ,
لقد وقعتَ في الشَركْ
والتفت حولَكَ القيودْ
وانضممتَ يا فارسَ الوغى
إلى طابورِ العبيد !"
رأيتُ شفاهِهم العطشى
المقتولة من الظمأ
تلمعُ في ساعةِ الشَفقْ .
مفتوحة من الرعبِ
ترسلُ تحذيرا ً
من اليأسِ وسوءِ المصير .
واستيقظتُ ووجدتني هنا وحيداً
على جانبِ هذا التل البارد
خائرَ القوى ومن الوجدِ أسيرْ.
لهذا أقيمُ مؤقتاً هنا
وحيداً شريداً طريداً ,
مثقلُ الخطى شاحبَ الوجهِ ,
أشكو النوى , أتسكعُ في الدروب .
فقد ذَبُلَت نباتاتُ البردي ,
فهَجرتْ البحيرة
التي كم تشكو النوى
وتعتريها الهمومْ
فقد رحلتْ البهجة
ولم تعد تشدو الطيور .
/////////////////////////
النص الأصلي للقصيدة
La Belle Dame Sans Merci, 1819
by John Keats
////////////
Oh what can ail thee, knight-at-arms,
Alone and palely loitering?
The sedge has withered from the lake,
And no birds sing.
Oh what can ail thee, knight-at-arms,
So haggard and so woe-begone?
The squirrel's granary is full,
And the harvest's done.
I see a lily on thy brow,
With anguish moist and fever-dew,
And on thy cheeks a fading rose
Fast withereth too.
I met a lady in the meads,
Full beautiful - a faery's child,
Her hair was long, her foot was light,
And her eyes were wild.
I made a garland for her head,
And bracelets too, and fragrant zone;
She looked at me as she did love,
And made sweet moan.
I set her on my pacing steed,
And nothing else saw all day long,
For sidelong would she bend, and sing
A faery's song.
She found me roots of relish sweet,
And honey wild, and manna-dew,
And sure in language strange she said -
'I love thee true'.
She took me to her elfin grot,
And there she wept and sighed full sore,
And there I shut her wild wild eyes
With kisses four.
And there she lulled me asleep
And there I dreamed - Ah! woe betide! -
The latest dream I ever dreamt
On the cold hill side.
I saw pale kings and princes too,
Pale warriors, death-pale were they all;
They cried - 'La Belle Dame sans Merci
Hath thee in thrall!'
I saw their starved lips in the gloam,
With horrid warning gaped wide,
And I awoke and found me here,
On the cold hill's side.
And this is why I sojourn here
Alone and palely loitering,
Though the sedge is withered from the lake,
And no birds sing.
منقول من مركز النور
شعر:
جون كيتس
ترجمة:
حسن حجازي
مصر
////
أوه ما الذي ألَمَ بكَ ,
أيا الفارس المغوار
وحيداً متثاقلَ الخطى
تتسكعُ في الدروب ,
يضنيكَ المرار ؟
فقد ذبُلَت أوراقُ البردي
وهجرت البحيرة البهجة
واختفى شدوُ الطيور .
أوه ! ما الذي ألَمَ بكَ ,
أيها الفارس الشجاع
في ساحةِ الوغى ,
أضناك النوى ,
خائرَ القوى ,
وألَمْت بكَ الخطوبْ ؟
مخازنُ السناجب
مُمْتَلِئة بالحبوبْ
وانتهى موسمُ الحصاد
فلم يعتريكَ الأسى
ويبدو عليكً الشحوب ؟
****
أرى سوسنةً على جبينك .
مبللةً بقطراتِ الألم
وندى الحُمى الشديدة ,
وعلى خديكَ زهرة ذابلة
سرعان ما أدركها الشحوبْ
وأتى عليها الغروب .
****
صادفتُ سيدةً
تتهادي بين الرياضْ .
مكتملة الحسنِ
رائعةُ الجمالْ - طفولية البراءة
كالجنية تسبحُ في السحر ,
تملكُ الألباب .
شعرها طويلٌ , خطوها ضياء ,
عيناها بَرية , وحشية ,
تأسرُ القلوبْ ,
يشعُ منها السحرُ
ويطلُ منها البهاءْ
كأحلام ِ الكرى ,
كالخمرِ المُذاب .
صنعتُ لها تاجاً
وزينتهُ بالزهورْ .
وسواراً من البهجة ,
وأريجاً من الندى والنور
ومتكأً كبناتِ الحُور ,
نَظَرتْ إليّ ,
كأنها تبادلني الغرامْ ,
ومن بين شفتيها أنسابَ الوجد ُ
وفاحت أطايبُ السحرِ
و أناتُ الهُيام .
أجلستُها على جوادي
الرتيبِ الخطا .
ولم أنعم برؤية أي شيء ٍ
سواها , طوالَ النهار .
فكانت تتثنى ,
تتغنى بأنغامِ السِحرِ
بترانيم الوجد
وأياتِ الجمال ْ
كأنهُ الجنُ ,
ينشدْ , يترنمْ ,
يتغنى بألحانِ الصِبا
في سحرٍ ودلالْ .
أحضَرتْ لي جذوراً
مُحلاة بالعذوبة
والشهدِ المُذاب .
من الرحيقِ البري ,
من المَن المُعطر بالندى
وحلوَ الشراب ,
وبهمسٍ رائقٍ غريبْ ,
بحروفٍ يفوحُ منها السحرُ
ويسكنها العبيرْ , قالت :
" ملكتَ من فؤادي ,
حقيقةً أسرتني بسحرِ الوجدِ
وملكتني بتباريحِ الغرامْ " .
أخذتني إلى كهفها المسكون
بالفتنة والجمالْ .
وهناكَ كم بكت في حرقةٍ
وتنهدت , يقتلها الوجدُ
ويضنيها الغرامْ ,
وهناك احتويتُ عينيها
الجميلتين المتوحشتين البَريتين
بأربع قبلاتٍ
لعلها تطفاُ نارَ الوجدِ
من مكنونِ صدرها البض
وأهاتِ الهُيامْ .
هناكَ داعبتني , هدهدتني
حتى غرقتُ في النومِ
وسبحتُ في عالمِ الأحلامْ
- آهٍ ! وا أسفاه على ما جرى !-
آخر حلمٍ قد تراءى لي
على جانبِ هذا التلِ البارد .
خائرَ القوى مسلوبَ العقلِ
ضائعَ الجَنَانْ "
رأيتُ ملوكاً يعتريهم الشحوبُ
وفرساناً يقتلهم الضنى
ومحاربين بلا عزمٍ ,
خائري القوى ,
شحوبُ الموتِ يطلُ من العيونِ
يكادُ يقتلهم الحزن
ويفترسَهم الجنونْ
صاحوا جميعاً , صرخوا :
- (تلكَ السيدة الجميلة
الفاتنة .. الساحرة
بلا رحمة .. بلا شفقة ,
لقد وقعتَ في الشَركْ
والتفت حولَكَ القيودْ
وانضممتَ يا فارسَ الوغى
إلى طابورِ العبيد !"
رأيتُ شفاهِهم العطشى
المقتولة من الظمأ
تلمعُ في ساعةِ الشَفقْ .
مفتوحة من الرعبِ
ترسلُ تحذيرا ً
من اليأسِ وسوءِ المصير .
واستيقظتُ ووجدتني هنا وحيداً
على جانبِ هذا التل البارد
خائرَ القوى ومن الوجدِ أسيرْ.
لهذا أقيمُ مؤقتاً هنا
وحيداً شريداً طريداً ,
مثقلُ الخطى شاحبَ الوجهِ ,
أشكو النوى , أتسكعُ في الدروب .
فقد ذَبُلَت نباتاتُ البردي ,
فهَجرتْ البحيرة
التي كم تشكو النوى
وتعتريها الهمومْ
فقد رحلتْ البهجة
ولم تعد تشدو الطيور .
/////////////////////////
النص الأصلي للقصيدة
La Belle Dame Sans Merci, 1819
by John Keats
////////////
Oh what can ail thee, knight-at-arms,
Alone and palely loitering?
The sedge has withered from the lake,
And no birds sing.
Oh what can ail thee, knight-at-arms,
So haggard and so woe-begone?
The squirrel's granary is full,
And the harvest's done.
I see a lily on thy brow,
With anguish moist and fever-dew,
And on thy cheeks a fading rose
Fast withereth too.
I met a lady in the meads,
Full beautiful - a faery's child,
Her hair was long, her foot was light,
And her eyes were wild.
I made a garland for her head,
And bracelets too, and fragrant zone;
She looked at me as she did love,
And made sweet moan.
I set her on my pacing steed,
And nothing else saw all day long,
For sidelong would she bend, and sing
A faery's song.
She found me roots of relish sweet,
And honey wild, and manna-dew,
And sure in language strange she said -
'I love thee true'.
She took me to her elfin grot,
And there she wept and sighed full sore,
And there I shut her wild wild eyes
With kisses four.
And there she lulled me asleep
And there I dreamed - Ah! woe betide! -
The latest dream I ever dreamt
On the cold hill side.
I saw pale kings and princes too,
Pale warriors, death-pale were they all;
They cried - 'La Belle Dame sans Merci
Hath thee in thrall!'
I saw their starved lips in the gloam,
With horrid warning gaped wide,
And I awoke and found me here,
On the cold hill's side.
And this is why I sojourn here
Alone and palely loitering,
Though the sedge is withered from the lake,
And no birds sing.
منقول من مركز النور