ساركوزي "يتوعّد" مجدّدا بمراجعة اتفاقيات فرنسا مع الجزائر!
05-09-2016, 09:31 PM
محمد مسلم مسؤول الملف السياسي بجريدة الشروق
ADVERTISEMENT
وضع مرشح اليمين الفرنسي المحتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة، نيكولا ساركوزي، مراجعة بعض الاتفاقيات التي تربط بلاده مع الجزائر، في مقدمة أولوياته في حال فاز في ذلك الاستحقاق، هذا إن نجا من مقصلة القضاء الفرنسي التي تترصّده.وتُحرّك ساركوزي جملة من الخلفيات في عداوته المستحكمة تجاه الجزائر دون غيرها من المستعمرات الفرنسية السابقة، مثل الجارتين تونس والمغرب، اللتان يعتبرهما أعمدة يمكن للسياسة الخارجية لبلاده أن ترتكز عليهما في الحفاظ على الاستقرار في فرنسا ومن ورائهما جنوب القارة العجوز، أما الجزائر فيعتبرها مصدر إزعاج وتهديد لاستقرار المنطقة برمتها.
وينطلق "كبير الجمهوريين" في مشروع حملته الانتخابية، من ملفات كلها تعني الجزائر بطريقة أو بأخرى، مثل الهجرة، الهوية الفرنسية، الأمن.. وقد سبق للرجل أن كشف عما يكنه من أحقاد تجاه المستعمرة السابقة لبلاده، سواء خلال زيارته لتونس، والتي اتهم فيها الجزائر بأنها سبب مشاكل القلاقل الأمنية التي تعيشها بلاد "ثورة الياسمين"، كما اعتبر تراجع أسعار النفط يهدد استقرار الجزائر القريبة من الحدود الجنوبية لأوروبا، في محاضرة ألقاها بالإمارات العربية المتحدة.
كل هذه المقدمات تدفع للاعتقاد بأن ساركوزي يبني جزءا من حملته الانتخابية على استعداء الفرنسيين ضد الجزائر، من خلال الإيحاء بأنها مصدر الكثير من متاعب باريس، وهو يسعى من خلال خطابه هذا، لاستحضار آلام الأوساط التي ما تزال لم تتخلص بعد من كوابيس ضياع حلم "الجزائر فرنسية"، في صورة "الأقدام السوداء" وجماعات "الحركى" ومن يشاطرهم هذه القناعات في اليمين المتطرف.
أما غيره من مرشحي اليمين (حزب الجمهوريين أو الاتحاد من أجل حركة شعبية سابقا)، في صورة الوزير الأول ووزير الخارجية الفرنسي الأسبق، ألان جوبي، والوزير الأول الأسبق، فرانسوا فييون، فلم يبديا لحد الآن، ما يضعهما في موقع العداوة المعلنة مع الجزائر.
ويعتبر جوبي أقرب مرشحي اليمين الفرنسي للجزائر، التي زارها في فيفري من العام الجاري، ووقع اتفاقيات بين مدينتي وهران وبوردو باعتباره عمدة هذه المدينة، واستقبل من قبل عدد من المسؤولين الجزائريين، في زيارة اعتبرت محاولة من جوبي لتجاوز المشاكل التي سببها ساركوزي للحزب اليميني عندما كان في الرئاسة الفرنسية (2007 /2012)، مع السلطات الجزائرية.
وإن باتت حظوظ ساركوزي في الترشح ضئيلة في ظل قرار العدالة الفرنسية إعادة فتح قضايا فساد تورط فيها في وقت سابق، إلا أن السلطات الجزائرية مدعوة للتبصر بمخاطر إمكانية عودة هذا السياسي المغامر، إلى قصر الإيليزي، بسبب ما يمكن أن تتسبب فيه مواقفه وسياساته الشوفينية تجاه الجزائر ومصالحها وامتداداتها في فرنسا.
ويبقى ثقل الجالية الجزائرية، أبرز سلاح يمكن توظيفه ضد ساركوزي في الاستحقاق الرئاسي المقبل، غير أن هذه الورقة تتطلب جهودا حثيثة لتبصير الفرنسيين من أصل جزائري وعموم الجاليات المسلمة والمهاجرة، بالمخاطر التي تهدد مستقبلهم في حال فاز ساركوزي بالسباق نحو قصر الإليزيه.
ومن شأن نجاح خطة إفشال ساركوزي في التقدم للرئاسيات الفرنسية باسم اليمين، أن يحصر السباق بين مرشحين عن اليمين واليسار معا، لا يهددان مصالح الجزائر، طالما أن الرئيس الحالي فرانسوا هولاند (المرشح المحتمل لليسار)، يعتبر من أفضل الرؤساء الذين تعاقبوا على الإليزيه فيما تعلق بالعلاقات الجزائرية الفرنسية.
