تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية rohit8687
rohit8687
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 14-09-2007
  • الدولة : الجزائر . بروحي افديها ...
  • المشاركات : 319
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • rohit8687 is on a distinguished road
الصورة الرمزية rohit8687
rohit8687
عضو فعال
أَسْبَابُ السَّعَادَة
06-08-2010, 01:24 PM

حاول القراءة بتمعن ....


إنّ السعادة مطلب جميع البشرية، ومقصد كلّ الناس، كلٌّ يرجوها وكلٌّ يطلبها وكلٌّ يسعى في نيلها وتحصيلها.
ومن يتأمَّل أحوال الناس وآراءهم في سُبل نيل السعادة يجد وجهات متباينة وآراءً مختلفة؛ فمن الناس من يطلب السعادة بالجاه والرئاسة، ومنهم من يطلب السعادة بالغنى والمال، ومنهم من يطلب السعادة باللهو واللعب ولو كان بالحرام، ومنهم من يطلب السعادة بتعاطي أمور محرمة كالخمور والمخدرات ونحو ذلك من المسكرات والمفترات، ومنهم... ومنهم...
وكل من هؤلاء إن قيل له: عن ماذا تبحث؟ وأي شيء تطلب؟ يقول: أبحث عن السعادة.. أريد الراحة.. أريد اللذة.. أريد قُرَّة العين.. أريد انشراح الصدر.. أريد طرد الهموم وزوال الهموم والبعد عن الأحزان والآلام، ولكن الآراء والأفهام تتبايَن، والعقول والمدارك تتفاوت ولكلٍّ وجهته هو مولِّيها؛ بل ربما بعض الناس؛ بل كثيرٌ منهم يطلب سعادته فيما فيه شقاؤه وهلاكه في الدنيا والآخرة، مثله في ذلك كمثل الباحث عن حتفه بظلفه.
ولكن المسلم بما آتاه الله - تبارك وتعالى - من بصيرة بدينه ومعرفة بهدى ربِّه - جلّ وعلا - يدرك أن سعادته بيد الله وأنه لن ينالها إلا برضا الله - سبحانه وتعالى -، وهذه جملةٌ مختصرةٌ تُغني عن كلام مطول، يدرك أن سعادته بيد الله وأنه لن ينالها إلا برضا الله - سبحانه وتعالى -.
قال - جلّ وعلا -: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: 123]، ونفي الضلال فيه إثبات الهداية ونفي الشقاء فيه إثبات السعادة، وقال تعالى: {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1، 2]؛ أي: بل أنزلناه عليك لتسعد.
فالسعادة بيد الله ولا ينالها العبد إلا بطاعة الله - تبارك وتعالى -، ومهما بحَثَ الإنسانُ عن سعادة نفسه في غير هذا السبيل فلن يحصل إلا الشّقاء والنّكد والنّصب والتعب وسوء الحال وضياع الأوقات في غير طائل.
فالسعادة بيد الله, وهو - جلّ وعلا - مُيسِّرُ الأمور، وشارحُ الصدور، والمُعينُ والهادي والمُوفِّق، بيده - جلّ وعلا - أزمةُ الأمور يُعطِي ويمنع، ويخفِضُ ويرفع، ويُعِزّ ويُذِلّ، ويقبِضُ ويبسُطُ، ويهدِي ويُضِلّ، ويُغنِي ويُفقِر، ويُضحِكُ ويُبْكِي {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [النجم: 43]، فالأمر كلّه بيد الله.
وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} [آل عمران: 26]، فالأمر كلّه بيد الله {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الملك: 1].
فأساس قاعدة السّعادة ومرتكزها الذي عليه تدور، ومحورها الذي إليه ترجع هو الإيمان بالله - تبارك وتعالى -؛ الإيمان به - جلّ وعلا - ربًّا وخالقًا ورازقًا، متصرِّفًا ومدبِّرًا، معطيًا ومانعًا، وخافضًا ورافعًا، قابضًا وباسطًا، والإيمان بأنه - جلّ وعلا - المعبود بحقٍّ ولا معبود بحق سواه، والإيمان بأنه - جلّ وعلا - الأمور كلّها بيده وبقضائه وقَدَره، لا مُعقِّبَ لحُكمه ولا رادَّ لقضائه، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
وعلى ضوء هذا الأساس وبناءً على هذا المُرتَكَز الذي هو الإيمان بالله وبما يقتضيه الإيمان من الطاعات والأعمال الصالحات تكون السعادة، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
فالحياة الطّيبة التي ليس فيها نكد ولا مكدرات ولا آلام ولا هموم ولا غموم هي حياة الإيمان وحياة الطاعة؛ ولهذا فإن المسلم دائمًا وأبدًا يعيش حياة الهناء والسعادة وقرّة العين بما أكرمه الله به من إيمان؛ ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الإيمان بالله ورسوله هو جماع السعادة وأصلها"؛ أي: أصلها الذي عليه تُبنى، وأساسها الذي عليه ترتكز.
فأهلُ الإيمان هم أهل السعادة، ومن فَارَقه الإيمانُ فارقَته السعادة وكان من أهل الشّقاء في الدنيا والآخرة.
ولهذا ينبغي أن يُعلم أن الإيمان لذَّة وسعادة وجنّة مُعجَّلة للمؤمن في الدنيا، ولهذا قال شيخ الإسلام - مقرِّرًا هذا المعنى -: "في الدنيا جنّةٌ من لم يدخلها لم يدخل جنةَ الآخرة"؛ يقصد: جنّة الإيمان، ولذّة الإيمان، وحلاوة الإيمان، وما يجدُه المؤمن في إيمانه من قرّة عين وراحة قلب، يقول - عليه الصلاة والسلام -: «جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ»، ويقول: «أَرِحْنَا بِالصَّلاَةِ يَا بِلاَل».
فالإيمانُ وتوابعُ الإيمان ومُتمّماته ومُكمّلاته هذه هي السعادة الحقيقية, وهي سعادة في الدنيا والآخرة، ولهذا فإن من كان من أهل الإيمان تحقيقًا له وتتميمًا وقيامًا بمقتضياته وما يستوجبه الإيمان نال من السعادة بحسب ما عنده من الإيمان، وإذا ضعف الإيمان ضعف حظُّه من السعادة، وإذا ذهب الإيمان ذهبت السعادة وفارقت الإنسان. فبالإيمان يسعد وبالإيمان يطمئن وبالإيمان تقر العين وبالإيمان ينشرح الصدر وبالإيمان يرتاح البال. {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد: 28، 29].
فالسعادةُ أمرٌ مرتبطٌ بالإيمان وجودًا وعدمًا، كما جاء في الحديث الصّحيح: «عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ».
فالمؤمن في سرّائه شاكر، وفي ضرّائه صابر، وفي وقوعه في الذنب مستغفر، وهذه الأمور الثلاثة هي عنوان سعادة العبد: إذا أذنب استغفر، وإذا أُنعِم عليه شكر، وإذا ابتُلِي صبر.
وقد قرّر هذا المعنى العلامة ابن القيم رحمه الله تقريرًا لا مزيد عليه في أول كتابه "الوابل الصيب"؛ وبيَّن - رحمه الله تعالى - أنّ العبد المؤمن في حياته لا يخلو من هذه الأحوال الثلاثة:
الأمر الأول: إذا أذنب استغفر، لأنّ المؤمن يدعوه إيمانُه عندما يذنب إلى الإنابة والتوبة، ولهذا نادى الله - عز وجل - أهلَ الإيمان إلى التوبة باسم الإيمان {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]، {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31]، فالمؤمن إذا أذنب فزع إلى إيمانه فأرشده إيمانه إلى التوبة والاستغفار، وهداه إيمانه إلى أنّ له ربًّا توّاب غفور رحيم يقبل التوبة ويعفو عن السيئات ويغفر الذنوب والخطيئات ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
فيدعوه إيمانه إلى الاستغفار وإلى الإنابة والرجوع إلى الله - عزّ وجلّ - ومراقبته - سبحانه وتعالى -، وإذا كان العاصي المتمادي في عصيانه يجد لذة في تتبعه لشهواته، فإنّ مَن حقّق الإيمان ومراقبة الرجمن يجد لذةً لا تقارَن بلذة العصاة، وهي لذَّة الطاعة والاستجابة والامتثال لأوامر الله - تبارك وتعالى - فيسعد سعادةً حُرمها أهل العصيان ولم يظفروا بها، وهم ينالون في معاصيهم وشهواتهم لذةً تنقضي في حينها وتبقى تبعاتها وحسراتها.
تفنى اللَّذَاذَةُ ممَنّ نال صفوتَها
مِنَ الحَرام ويبقى الخِزِيُ والعارُ
وتبقى عَواقِبُ سوءٍ من مغبَّتِهَا
لا خَيْرَ في لَذَّةٍ مِنْ بَعْدِهَا النَّارُ
والأمر الثاني: إذا أُنعم عليه شكر؛ نعم الله على عبده كثيرة لا تعد ولا تحصى، نعم في بدنه، ونِعم في ماله، ونِعم في ولده، ونعم في مسكنه، وفي جميع شؤونه {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34].
فالسعادة تكون في حمد الله وشكره على نعمائه وعلى مَنِّه وفضله - سبحانه وتعالى - وعطائه، والشكر سبب زيادة النّعم ودوامها، وقرارها وثبوتها ونمائها وبركتها {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7].
والمؤمن الشاكرُ يجِدُ لذَّة الشكر، ولذَّة الحمد، ولذَّة الاعتراف بنعمة المُنعِم - سبحانه - فتقرّ عينُه بذلك.
والأمر الثالث: إذا ابتُلِي صَبَر، قال - جلّ وعلا -: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11].
قال علقمة رحمه الله: "هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلِّم".
ولهذا المؤمن في نعمائه يفوز بثواب الشاكرين، وفي مصابه وضرَّائه وابتلائه يفوز بثواب الصابرين، فهو مأجورٌ على كل حال، فهو على خير في كل حال، ولهذا قال - عليه الصلاة والسلام -: "عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير .."، وإذا تأمَّل المسلم في هذا عرف قيمة الإيمان ومكانته العظمى في تحصيل السعادة واكتسابها، وبهذا يعلم أن الإيمان مفزع لصاحبه، يفزع إليه عند الطاعة، ويفزع إليه عند المعصية، ويفزع إليه عند النعمة، ويفزع إليه عند المصيبة.
فالمؤمن يفزع إلى الإيمان في كل مشكلة وفي كل عارض وفي كل نازلة ويجد الإيمان هاديًا ومسدّدا وقائدًا إلى كل فضيلة وخير، وهنا تتحقق السعادة.
إذا أصابته النعمة لا يدخله كِبْر ولا بَطَر ولا عُجْب ولا غرور ولا شيء من الأمور المنافية للإيمان الواجب؛ بل إيمانه يهديه أن هذه نعمة الله عليه ومنته وفضله سبحانه وتعالى، فتجده معترفًا بالنعمة للمنعم، شاكرًا مستعملًا للنعمة في طاعة الله فيوفَّق لكل خير، ويفزع إلى إيمانه في ضرّائه وفي شدّته وبلائه فيأتيه الإيمان بالهدايات المباركة؛ يرشده إلى الصبر، يدعوه إلى الرضا والتوكل على الله سبحنه وتعالى وحسن اللجوء إليه، يرشده إلى الدعاء والمناجاة ولذة الإقبال على الله - سبحانه وتعالى -.
وإذا وُفِّق للطاعة من علمٍ نافعٍ، أو قولٍ سديدٍ، أو عملٍ صالحٍ، أو بذلٍ، أو إحسانٍ، أو غير ذلك، يفزع إلى الإيمان فيهدِيه الإيمان إلى أن هذه منة الله عليه {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} [النور: 21].
{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم} [الحجرات: 8].
فيحمد الله الذي هداه لهذه الطاعة ووفَّقَه لهذه العبادة ولا يدخل في عجب، والعجب من أكبر ما يكون ضررًا على الإنسان.
والعُجْبَ فاحْذَرْهُ إنَّ العُجْبَ مُجْتَرِفٌ
أعْمالَ صاحِبِهِ في سَيْلِهِ العَرِمِ
العُجب دمارٌ على الإنسان وهلاك، ومجترف لأعماله، فإذا وُفق للطاعات والعبادات وأبواب من الخير يقول، هذا فضل الله عليّ، هذا نعمة الله، هذا توفيق الله، أسأل الله أن يزيدني من فضله، يعرف نعمة الله عليه فيسعد.
وإذا وقع في معصية فزع إلى الإيمان فهداه إيمانُه إلى التوبة والإنابة والحياء من الله والرجوع إلى الله فيجد لذة الرجوع إلى الله - سبحانه وتعالى -.
ولهذا إذا لم يحسن الإنسان في هذا الباب باب الطاعة والمعصية ولم يُحسن الفزع إلى الله يتضرّر وربما يكون فيه هلاكه، كما قال ابن القيم رحمه الله: "وهذا معنى قول بعض السلف: إنّ العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة، ويعمل الحسنة يدخل بها النار، قالوا: كيف؟ قال: يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه منه مشفقًا وجلًا باكيًا نادمًا مُستحيًا من ربِّه تعالى ناكس الرأس بين يديه منكسر القلب له، فيكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثيرة بما ترتب عليه من هذه الأمور التي بها سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب سبب دخوله الجنة، ويفعل الحسنة فلا يزال يمنّ بها على ربِّه ويتكبر بها ويرى نفسه ويعجب بها ويستطيل بها ويقول: فعلت وفعلت فيورثه من العجب والكبر والفخر والاستطالة ما يكون سبب هلاكه فإذا أراد الله تعالى بهذا المسكين خيرًا ابتلاه بأمر يكسره به ويذل به عنقه ويصغر به نفسه عنده وإن أراد به غير ذلك خلاه وعجبه وكبره وهذا هو الخذلان الموجب لهلاكه" اهـ.
وهذا الموضوع العظيم النافع تكلَّم عنه بكلام مفيد للغاية العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي في آخر كتابه "التوضيح والبيان لشجرة الإيمان"، وأنصح كثيرًا بقراءة هذا الكتاب كاملًا.
وله أيضًا منظومة جميلة جدًا في السير إلى الله والدار الآخرة صدّرها بقوله:
سَعِدَ الَّذِينَ تَجَنَّبُوا سُبُلَ الرَّدَى
وَتَيَمَّمُوا لِمَنَازِلِ الرِّضْوَانِ
ثم ذكر أوصاف هؤلاء، والمنظومة يصلح أن تُوصَف بأوصاف السُّعداء، ذكر فيها أوصافًا عظيمة للسائرين إلى الله، فمن أراد أن يقرأ أوصاف السعداء فليقرأ تلك المنظومة مع شرحه لها - رحمه الله تعالى -.
والعلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى - في كتابه "زاد المعاد" عَقَدَ فصلًا عظيمًا جدًا أيضًا جديرًا بأن يُطلع عليه وأن يُقرأ في أسباب شرح الصدر، وشرح الصدر هو السعادة وهو اللذة والطمأنينة، فذكر - رحمه الله - أمورًا عديدةً يُنال بها شرحُ الصدر.
والمقصود: أنّ الإيمان مفزع للمؤمن في المسار والمكاره، في الطاعات والمعاصي، في المصائب والنعم، وأن المؤمن في أحواله كلّها يفزع إلى الإيمان فيجد في ذلك السعادة في الدنيا والآخرة. والله - جلّ وعلا - يقول: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: 13]؛ أي: نعيم - كما قال أهل العلم - في دورهم الثلاثة: في الدنيا، والبرزخ، ويوم القيامة، {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 14]؛ أي: في دورهم الثلاثة: في الدنيا، والبرزخ، ويوم القيامة.
أسال الله الكريم ربّ العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكتب لنا جميعًا بحياة السعداء وأن يصلح لنا جميعًا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأن يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأن يصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا وأن يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر.

وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.


  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية لونجة بنت السلطان
لونجة بنت السلطان
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 24-07-2009
  • الدولة : جزائرية حرة
  • المشاركات : 1,953

  • المرتبة 3 مسابقة الطبخ 

  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • لونجة بنت السلطان is on a distinguished road
الصورة الرمزية لونجة بنت السلطان
لونجة بنت السلطان
شروقي
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 08:13 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى