العرب هم سفاحو غزة
02-01-2009, 10:35 AM
محرقة غزة التي استدعت تضامن الشعوب وتخاذل الأنظمة تكشف بشكل واضح أن العدو الحقيقي لغزة وأهلها المقتولين بقنابل الاحتلال الصهيوني ليسوا حكومة أولمرت وليفني وباراك بقدر ما هي الأنظمة العربية التي ترفض مساندتها، ولو بعقد قمة عربية شكلية، لن تخرج عن صيغ التنديد والاستنكار التي لا تدفع عدوا ولا تطعم جائعا ولا تكسو عاريا.
غزة التي يموت أهلها بقنابل أمريكية يموتون أيضا بفعل التخاذل العربي الذي تطفو على سطحه الخلافات عند كل قمة، فمصر لاتزال تحتكر جامعة الدول العربية وتريد أن تعقد قممها على أرضها، وتتحفظ أن تبادر قطر التي أرادت سحب البساط من أرجل السعودية لعقد القمة في الدوحة، والسعودية تتحفظ من المشاركة في قمة تشارك فيها سوريا التي تحولت، للأسف، إلى عدو يرفض محور الرياض ـ القاهرة التعامل معه، ومن العجيب أن يجلس المصريون وجها لوجه مع الصهاينة، في عز العدوان على فلسطين، ويتحفظون على الجلوس أمام سوريا لمناقشة مصير أطفال غزة وشيوخها وأيتامها.
الوجه الآخر الذي يكشف هذا العداء العربي هو الإصرار على تحميل حماس مسؤولية العدوان الصهيوني، وكما سعت السعودية والقاهرة لتحميل حزب الله مسؤولية العدوان الإسرائيلي، وسموه "مغامرة غير محسوبة العواقب"، هاهم يحمّلون اليوم حماس، الحلقة الأضعف عسكريا في المنطقة والأقوى سياسيا والأكثر مصداقية، مسؤولية خراب غزة التي خربت في الأساس بفعل تخاذل العرب وانبطاحهم اللامحدود أمام أمريكا وإسرائيل.
الأنظمة العربية أكدت اليوم أن صمتها لا يعني التخوف من رد الفعل الإسرائيلي والأمريكي، بقدر ما يعني التواطؤ من أجل إبادة غزة وأهلها، تحت ذريعة القضاء على حماس. والسلطة الفلسطينية التي تتغدى في القاهرة وتتعشى في الرياض، وتحافظ على الأمن الإسرائيلي بقمع المقاومين واعتقالهم أفلست مرة أخرى، بعد ما انخرطت في صفقة صهيونية لا ترتبط أدنى ارتباط بالمصلحة الفلسطينية التي اتخذت من شعار الانتفاضة دعاية تنقض بها كل قيم الانتفاضة نفسها، بما فيها استرجاع الأرض وحفظ العرض ورد الطغيان.
كان الطغيان على امتداد عقود إسرائيليا بالدرجة الأولى، وكانت الأنظمة العربية، في مجملها، رغم قصورها السياسي ووعيها الإستراتيجي تحافظ على خطوط حمراء في التعامل مع القضية الفلسطينية، ولهذا دخل العرب في حروب خسروا أكثرها، بسبب الخيانة والعمالة، وباعوا نصر أكتوبر 1973 إلى إسرائيل على طبق كامب ديفيد. أما اليوم، فإن الطغيان هو بالدرجة الأولى عربي بامتياز، ما بين دول تتواطأ مع العدو وأخرى تحفظ أمنه، وثالثة تحاصر الفلسطينيين ورابعة وخامسة وسادسة تمنع شعوبها من التضامن، ولو بالقول، مع غزة وأهلها.