أم المؤمنين حفصة بنت الفاروق
20-09-2007, 08:14 PM


من أمهات المؤمنين حفصة بنت عمر
هي أم المؤمنين حفصة بنت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأمها زينب بنت مظعون ولدت في مكة قبل البعثة بخمس سنوات، وهو العام الذي شارك فيه النبي صلى الله عليه وسلم في بناء الكعبة، ولما بلغت سن الزواج تقدم اليها خنيس بن حذافة السهمي فتزوجها، حتى جاء ذلك اليوم المبارك الذي أشرقت فيه نفوسهما بأنوار الإيمان، واستجابا لدعوة الحق والهدى، فكانا من السابقين الأولين.
ومات زوجها سنة ثلاث للهجرة، بعد أن شهد بدرا واحدا.
وشق ذلك على عمر، واكتنفته مشاعر الشفقة والحزن على ابنته، فأراد ان يواسيها في مصابها، ويعوضها ذلك الحرمان، فقام يبحث لها عن زوج صالح، حتى وقع اختياره على عثمان بن عفان رضي الله عنه، فأتاه فعرض عليه ابنته لفضله ومكانه ومنزلته، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 'لقيت عثمان بن عفان، فعرضت عليه حفصة، فقلت: إن شئت زوجتك حفصة بن عمر، قال عثمان: سأنظر في أمري، فلبث عثمان ليالي، ثم اعتذر لعمر بأنه لا رغبة له في الزواج، قال عمر: فلقيت أبا بكر، فقلت: إن شئت زوجتك حفصة بن عمر، فسكت أبو بكر، ولم يرجع الى عمر بجواب، قال عمر: فكان غضبي من فعل أبي بكر وعدم رده أشد من غضبي لرد عثمان، قال عمر: فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجته إياها، فلقيني أبو بكر، فقال: لعله كان في نفسك شيء علي حين لم أرجع إليك جوابا في حفصة؟، قلت: نعم، قال: فإنه لم يمنعني من ذلك إلا أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها لقبلتها'.
وهكذا شرفها الله سبحانه لتكون زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم، تقتبس من أنواره، وتنهل من علمه، بما حباها الله من ذكاء وفطنة، وشغف للمعرفة، ونلمس ذلك من أسئلتها التي تلقيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم استفهاما للحكمة واستيضاحا للحقيقة، فمن ذلك أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يأتي جيش من قبل المشرق يريدون رجلا من أهل مكة، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم، فرجع من كان إمامهم لينظر ما فعل القوم، فيصيبهم مثل ما أصابهم.
فقالت: يا رسول الله، فكيف بمن كان منهم مستكرها؟، فقال لها: يصيبهم كلهم ذلك، ثم يبعث الله كل امرئ على نيته.
وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني لأرجو ألا يدخل النار ان شاء الله أحد شهد بدرا والحديبية، فقالت: أليس الله عز وجل يقول: 'وإن منكم إلا واردها'، فأجابها: 'ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا' (مريم: 72). يقول الإمام النووي معلقا: 'فيه دليل للمناظرة والاعتراض، والجواب على وجه الاسترشاد، وهو مقصود حفصة، لا أنها أرادت رد مقالته صلى الله عليه وسلم.
وقد شهد لها جبريل بصلاحها وتقواها، وذلك حينما طلب من النبي صلى الله عليه وسلم ان يراجعها بعد ان طلقها تطليقة، وقال له: إنها صوامة، قوامة، وهي زوجتك في الجنة.
أما أعظم مناقبها رضي الله عنها، فهو اختيارها لتحفظ نسخة المصحف الأولى، والتي جمعها أبو بكر رضي الله عنه من أيدي الناس بعد أن مات أكثر القراء، وظلت معها حتى خلافة عثمان رضي الله عنه.
ماتت حفصة سنة واحد وأربعين في المدينة عام المجاعة.
رضي الله عنها و عن سائر أزواج الرسول صلى الله عليه و سلم و أرضاهن