"سمير" سائق الحافلة يترك رسالة مؤثرة عبر "فايسبوك" قبل المجزرة!
27-01-2018, 12:34 AM


ابن حمزة/ م. مراد


فاجعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تلك التي ألمت بعائلات فقدت أبنائها، والمتهم إرهاب الطرقات الذي مرة أخرى يحصد مزيدا من الأرواح عبر طرقاتنا، آخرها ما حدث الخميس الفارط على الطريق الوطني رقم 6 الرابط سعيدة بالجنوب الغربي؛ فكانت الحصيلة ثقيلة؛ 17 قتيلا و20 جريحا في اصطدام حافلة بسيارة أجرة قادمة في الاتجاه المعاكس.
الفاجعة كانت مسرحا لها منطقة سفيد التابعة لبلدية سيدي احمد على بعد مسافة 30 كلم عن مقر ولاية سعيدة وهذا مساء الخميس، جراء اصطدام عنيف ما بين سيارة أجرة جماعية قادمة من ولاية بشار بحافلة لنقل المسافرين متجهة نحو مدينة بوقطب بولاية البيض، على الساعة الرابعة والنصف من مساء خميس الحزن، خلف رسميا هلاك 17 قتيلا بعد أن سجلت الحصيلة الأولى 14 قتيلا لقوا مصرعهم بعين مكان الحادث، فيما أصيب 20 جريحا تم نقلهم إلى مصلحة الاستعجالات لمستشفى احمد مدغري بسعيدة، من ضمنهم 7 جرحى وصفت حالتهم بالخطيرة تم نقلهم على جناح السرعة نحو مستشفى سيدي بلعباس، في حين نقل ثلاثة جرحى إلى عيادة الخيثر بولاية البيض حالتهم الصحية لا تدعو للقلق حسب مصدر استشفائي.
وحسب مصدر استشفائي بسعيدة، فإن أربعة جرحى لا يزالون تحت العناية المركزة بمصلحة الاستعجالات، حيث أصيبوا بكسور، من بينهم امرأة من ولاية البيض أجريت لها عملية جراحية على مستوى البطن.

"أريد إلقاء نظرة على جثة أختي الصغرى"
الصدمة كانت كبيرة، ولا توصف في مشهد وقفت عليه "الشروق"، في مصلحتي الاستعجالات وحفظ الجثث لمستشفى احمد مدغري بسعيدة، حيث صادفنا عائلات قادمة من مدينتي بوقطب والبيض، وأخرى من سعيدة وملامح حزن على محياها، وبكاء على فراق فلذات أكبادها. وفي خضم هذه المشاهدة المحزنة، كان شاب وهو شقيق طالبة تزاول دراستها بجامعة بسعيدة، تدعى شفيقة جوادي، يقف أمام مصلحة حفظ الجثث، وهو في غاية التأثر، قال وهو يعتريه حزن كبير: "لن يرتاح لي بال إلا بإلقاء نظرة على أختي الصغرى". هي من بين الصور المؤثرة تقاسمها هذا الشاب مع عائلات هي الأخرى أرادت إلقاء النظرة الأخيرة على ضحاياها، بعد أن قطعت مسافات طويلة وشاقة ليلا بغرض نقل جاثمين ذويهم الهالكين لدفنهم بمسقط رأسهم أمس الجمعة، واستحسنت عائلات الضحايا موقف جمعية التضامن والإحسان "وافعلوا الخير" بسعيدة، التي قام أعضاؤها بمساعدة العائلات في عملية تغسيل جثث الضحايا والتكفل بمستلزمات الدفن.

هذا ما قاله السائق سمير قبل الكارثة!
ومن غرائب الصدف، تلك الرسالة التي نشرها سائق الحافلة المتوفى، والمقيم بمدينة بوقطب بولاية البيض، حول وضعية الطريق الوطني رقم 6، حيث يقول صاحب الرسالة "إنه طريق الموت بامتياز"؛ نظرا للحوادث اليومية معظمها مميتة التي يسجلها ذات الطريق. وعلّل سمير سائق الحافلة إطلاق هذا الوصف، بسوء الانجاز وانعدام الصيانة واهتراء الطريق بسبب زيادة حمولة الشاحنات ذات الوزن الثقيل، والممهلات العشوائية. سمير أحد ضحايا طريق الموت كما سماه في منشوره قبل وقوع المجزرة، قال إنّ العوامل سالفة الذكر، تجعل هذا الطريق خطيرا جدا ويزيد من عصبية السائقين ويضاعف من أخطائهم.

"فقدت الوعي لأجد نفسي على سرير المستشفى"
علامات الأسى والحسرة كانت بادية على وجهه، وهو يروي تفاصيل الحادث المروع كما وصفه، حيث لم يصدق شاب في العقد الرابع من العمر، أنّه نجا من المجزرة بأعجوبة، قائلا: "إنّ التصادم العنيف الذي شعرت به وأنا في مؤخرة الحافلة والهلع الذي لحق بالركاب قبل الارتطام بسيارة الأجرة القادمة بالاتجاه المعاكس، جعلني أهيئ نفسي للنطق بالشهادتين، ولم أشعر بشيء، حتى وجدت نفسي على سرير المستشفى. وأضاف هذا الناجي: "أردت معرفة ماذا جرى بالضبط وأسأل عن الركاب من بينهم من تربطني علاقة عائلية بهم، لا أعرف لحد الساعة مصيرهم إن نجوا أو ماتوا، وهنا نشير أن الأطباء وضعوا الجرحى بعيدا عن الضجيج الذي ساد مصلحة الاستعجالات لمستشفى سعيدة.

طريق الموت يواصل حصد الأرواح
الطريق الوطني رقم 6، خاصة في شطره الرابط ما بين عاصمة ولاية سعيدة وعين الحجر، بوراشد، القلايعة، تيمطلاس وسفيد، هي من ضمن النقاط السوداء عبر طريق الموت، حيث شهد مؤخرا عدة حوادث من بينها، حادثين مروريين خطيرين، تمثل الأول اصطدام تسلسلي مابين سيارتين الأولى من نوع "جي 5"، والثانية سيارة أجرة جماعية بشاحنة ذات مقطورة، على مستوى الطريق الوطني رقم 6 وبالضبط بقرب من مفترق الطرق لبلدية سيدي احمد وقرية سفيد على بعد مسافة 35 كلم عن مقر ولاية سعيدة.
هذا الحادث خلف هلاك شخص 45 سنة من العمر وإصابة أربعة جرحى تتراوح أعمارهم ما بين 25 و42 سنة وصفت حالتهم الصحية بالمتفاوتة الخطورة، أما الحادث الثاني تمثل في دهس شاحنة ذات مقطورة على مستوى نفس الطريق الوطني، وبالضبط عند مقبرة سيدي معمر على بعد مسافة 5 كلم عن مقر ولاية سعيدة، أدى إلى هلاك بعين المكان امرأة في العقد الستينيات وإصابة مرافقة الضحية بجروح وصفت بالخطيرة تم نقلها على جناح السرعة إلى مصلحة الاستعجالات بمستشفى احمد مدغري بسعيدة، وهي نفس المنطقة التي عرفت منذ سنتين مقتل 12 شخصا وجرحى في حادث انقلاب حافلة لنقل المسافرين، بدون الحديث عن حوادث مماثلة مميتة سجل ذات الطريق. وكان مواطنون قد طالبوا بانجاز طريق ازدواجي يربط سعيدة بالبيّض؛ وهو المشروع الذي يراوح مكانه.

أطباء بلعباس يعلقون إضرابهم للتكفل بضحايا مجزرة سعيدة
استقبلت ليلة أمس، مصلحة الاستعجالات الطبية التابعة للمستشفى الجامعي عبد القادر حساني بسيدي بلعباس، العديد من المصابين بالمجزرة المرورية التي وقعت مساء نفس اليوم بالطريق الوطني رقم 6 الرابط بين ولايتي سعيدة والبيض، و قد وصفت 4 مصابين بالحرجة جدا، استلزمت خضوعهم للعناية الطبية المركزة، بينما حالة واحدة حولت مباشرة على غرفة العمليات، بينما تم تحويل مصابين إلى مصلحة معالجة الكسور، وكانت مصلحة الاستعجالات الطبية قد عرفت توافدا كبيرا لأهالي المصابين، الذين صرح أحدهم للشروق أن الحادث كان سببه السرعة المفرطة والتجاوز الخطير، مضيفا أن الحافلة التي كانت تقل قرابة 28 راكبا، كان أغلبهم طلبة جامعيون في طريقهم لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بمنازلهم بمدينة بوقطب، مضيفا "كل ما أتذكره أن امرأة حامل كانت بجانبي توفيت برفقة زوجها، بينما ابنتها البالغة من العمر سنتان نجت من المجزرة، بسبب أنها كانت تجلس في حضن راكبة أخرى يقول.
وكان الوضع، قد أجبر الأطباء المقيمين على تعليق إضرابهم والالتحاق تطوعيا بمختلف المصالح الطبية، لمساعدة الأطقم الطبية التي كانت تضمن المداومة في تقديم الإسعافات للجرحى المتوافدين على المستشفى، وبلغ عدد قرابة 40 طبيبا مقيما سهروا إلى جانب كل عمال المستشفى على التكفل الجيد بالمرضى.

قائمة ضحايا الحادث :
عويسات محمد ابن بوزيان 1976 (مرين سيدي بلعباس) / رحماني سمير 1987 سائق الحافلة (بوقطب ولاية البيض) / زواوي عبد القادر 1994 (عشعاشة ولاية مستغانم) / زواوي محمد رمزي 1994 ( ولاية سوق اهراس ) / كريم محمد الامين 1971 ( ولاية معسكر) / قاصب بشير سائق سيارة الأجرة ( ولاية بشار) / جوادي شفيقة 1997 طالبة جامعية بوقطب ( ولاية البيض) / لبرص خالد 27 سنة طالب جامعي / بوصوار فاطمة 55 سنة (مدينة بوقطب ولاية البيض) / ميموني زهرة 1973 / بوزيدي فاطمة 1955 / حميدي يسمين / بوزيدي يوزيان، إضافة إلى أربع ضحايا لم يتعرف بعد على هويتهم (امرأتين رجل وطفلة)
قائمة الجرحى تضم 7 تم نقلهم على جناح السرعة من مصلحة الاستعجالات لمستشفى سعيدة نحو مستشفى سيدي بلعباس وهم:
صحراوي خيرة / سلاماني يوسف / محاري وهيبة / زحوف رشيدة / عليوي محمد / داودي عبد الكريم / خليفة جيلالي.