ثورة في الطب : محو طفرة جينية بنجاح
06-04-2014, 10:41 AM



نجح فريق في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في عكس اضطراب في الكبد لدى الفئران بتصحيح طفرة جينية
نجح فريق من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، باستخدام نظام تعديل جيني جديد يقوم على البروتينات البكتيرية، في شفاء فئران تعاني اضطراباً نادراً في الكبد سببه طفرة جينية واحدة.

تقدّم هذه الاكتشافات (نُشرت في عدد 30 مارس من مجلة Nature Biotechnology)
CRISPR الأدلة الأولى على أن تقنية تحرير الجينات هذه، التي تُعرف أيضاً بـ
تستطيع عكس أعراض مرض لدى حيوان حي. ولا شك في أن هذه التقنية، التي تقدّم طريقة سهلة للتخلص من الطفرات في الحمض النووي واستبدالها بتسلسل سليم، فرصة محتملة لمعالجة الكثير من الاضطرابات الجينية، وفق فريق البحث هذا
يذكر دانيال أندرسون، بروفسور مساعد متخصص في الهندسة الكيماوية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وعضو في معهد كوش لأبحاث السرطان التكاملية وأحد أبرز معدي هذا البحث: {ما يثير الاهتمام في هذا الباحث واقع أننا نستطيع تصحيح جينة فيها خلل في حيوان حي بالغ}.

يعتمد نظام CRISPR المطوَّر حديثاً على آلية خلوية تستخدمها البكتيريا للدفاع عن نفسها ضد العدوى الفيروسية. وقد نسخ الباحثون هذا النظام الخلوي وأعدوا آلية معقدة لتحرير الجينات تشمل إنزيماً يقطع الحمض النووي يُدعى Cas9. يرتبط هذا الإنزيم بطاق (strand) قصير من الحمض النووي الريبي الموجِّه يُبرمَج ليرتبط بتسلسل جينوم معين، محدداً للإنزيم المواضع التي يجب فيها قطع الحمض النووي.

في الوقت عينه، قدّم الباحثون طاقاً نموذجاً من الحمض النووي. فعندما تصلح الخلية الضرر الناجم عن إنزيم Cas9، تستعين بالطاق النموذجي، مدخلة مواد جينية جديدة إلى الجينوم. ويتوقع العلماء أن يساهم هذا النوع من تحرير الجينوم ذات يوم في معالجة أمراض مثل الناعور، مرض هنتنغتون، وغيرهما من الأمراض التي تعود إلى طفرات جينية واحدة.

طوّر العلماء أنواعاً أخرى من أنظمة التحرير الجيني بالاستناد إلى إنزيمات تقطع الحمض النووي وتُعرف أيضاً بـ نوكلياز. لكن هذه الآليات قد تكون مكلفة وصعبة التطبيق.
يوضح أندرسون، عضو في معهد الهندسة الطبية والعلوم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: {من السهل ضبط نظام CRISPR وتعديله}. ويضيف أن من الممكن استخدام الأنظمة الأخرى {بالطريقة عينها كما نظام CRISPR. ولكن معها يصعب إعداد نوكلياز يستهدف الطفرة الجينية المرجوة}.



تصحيح الأمراض

صمم الباحثون في هذه الدراسة ثلاثة طوق موجِّهة من الحمض النووي الريبي تستهدف تسلسلات حمض نووي مختلفة قرب الطفرة التي سببت فَرْط تيروزين الدم من النمط الأول في جينة تحمل شفرة إنزيم يُدعى FAH. لا يستطيع المرضى الذين يعانون هذا المرض (علماً أنه يصيب نحو 1 من كل 100 ألف) تفكيك حمض تيروزين الأميني. فيتراكم في الدم، وقد يؤدي إلى قصور الكبد. وتشمل علاجاته الراهنة اتباع حمية منخفض البروتين وتناول دواء NTCB الذي يعيق إنتاج هذا الحمض.

في التجارب التي أُجريت على فئران بالغة تحمل طفرة إنزيم FAH، أعطى الباحثون هذه الحيوانات طوق حمض نووي ريبي موجّه مع جينة Cas9 ونموذجاً للحمض النووي يحتوي على 199 نوكليوتيداً ويحمل التسلسل الصحيح لجينة FAH.

باستخدام هذه المقاربة، أُدرجت الجينة الصحيحة في واحدة من كل 250 خلية كبدية (الخلايا التي يتألف منها الكبد). وخلال الثلاثين يوماً التالية، بدأت تلك الخلايا السليمة بالتكاثر وحلت محل خلايا الكبد المريضة، حتى صارت تشكّل في النهاية ثلث مجموعة الخلايا الكبدية. وكان ذلك كافياً لشفاء المرض، ما أتاح للفئران البقاء على قيد الحياة بعد توقفها عن تناول دواء NCTB.

يذكر هاو ين، عالِم يتابع دراساته العليا في معهد كوش وأحد الباحثين البارزين المشاركين في تقرير Nature Biotechnology : {يمكننا إخضاع المريض للعلاج مرة واحدة وعكس حالته}.

يشير تشارلز جيرسباش، بروفسور مساعد متخصص في الهندسة الطبية الحيوية في جامعة ديوك لم يشارك في فريق البحث هذا: «يُظهر هذا العمل أن من الممكن استخدام CRISPR بنجاح في حالة البالغين، فضلاً عن الاستعانة به لتحديد عدد من التحديات التي يجب حلها للمضي قدماً في تطوير العلاجات البشرية. يشير معدو هذا البحث خصوصاً إلى ضرورة تحسين فاعلية التحرير الجيني قبل التمكن من استعمالها في علاج معظم الأمراض. كذلك يجب تطوير أساليب استخدام هذا العلاج للتمكن من استعمالها في حالة البشر. رغم ذلك، يشكّل هذا العمل خطوة أولى مثيرة للاهتمام تعتمد على أدوات عصرية لتحرير الجينات، هدفها تصحيح الأمراض الجينية المدمرة التي لا يتوافر اليوم أي علاج لها}.

لإيصال مركبات CRISPR، يعتمد الباحثون على تقنية تُعرَف بالحقن العالي الضغط وتعتمد على حقنة عالية القوة تفرغ محتواها بسرعة في الوريد. تنجح هذه المقاربة في إيصال المواد بفاعلية إلى خلايا الكبد. إلا أن أندرسون يعتقد أن من الممكن التوصل إلى أساليب إيصال أكثر فاعلية. لذلك يعمل مختبره اليوم على أساليب قد تكون أكثر أماناً وفاعلية، بما فيها الجسيمات النانوية المستهدفة.