مضحكة بالأبيض والأسود!
20-03-2018, 01:16 PM
مضحكة بالأبيض والأسود!
جمال لعلامي

قرار وزارة التربية اعتماد الإنترنت في تسليم كشوف نقاط التلاميذ، بداية من الفصل الثاني، الذي انتهى، هو قرار متسرّع بشهادة مديري مؤسسات تربوية، وارتجالي برأي أولياء، وغير مدروس بالنسبة للكثير من الأساتذة، وهو ما يطرح الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام والتعجّب!

تـُرى: ما هو مصير الأولياء "الأمّيين" تكنولوجيا ممّن لا يتحكمون في الانترنت؟ هل تريد وزارة التربية "محو الأمية التكنولوجية" عن الأولياء وهي من مازالت "حاصلة" في تحديد موعد البكالوريا فلجأت إلى استفتاء التلاميذ؟.. أليس مثل هذا القرار عملية استباقية لرفض استقبال الأولياء بالمدارس، مثلما كان معمولا به منذ أن تمّ فتح أوّل مدرسة في تاريخ الجزائر المستقلة؟

كان بعض الأساتذة يلومون في وقت سابق، بعض الأولياء، على عدم المجيء إلى المدرسة، للسؤال عن أبنائهم التلاميذ، إلاّ عندما تنتهي الفصول، فيقصدونها مضطرين لسحب كشوف النقاط، والتوقيع على دفاتر العلامات، لكن الآن بعد قرار "تكنلجة" المدرسة، سيجد الأولياء أنفسهم ملزمين بالبقاء في بيوتهم، وبدل "مساءلة" الأساتذة وسماع ملاحظاتهم حول مسار وسيرة أبنائهم، سيحلّ محلهم الكمبيوتر أو "السيبار كافي" أو الهاتف الجوّال!

صدق من قال قديما: "واش خصّك يا العمياء.. قالت الكحل"(..)، فهل فعلا ما ينقص مدرستنا وأبناءنا وأساتذتنا، هي "المعلوماتية" في وقت ضاعت على الجميع المعلومات وطريقة التعليم والتعلـّم، وتضاعف عدد الرافضين للتعلم، بعدما قالوا وقلنا: لن يتعلـّم من لا رغبة له في التعلّم!.

مريض هو وغبيّ وجاهل ورجعي، من يعادي التكنولوجيا، أو يرفض تطوير المدرسة كغيرها من الإدارات والمؤسسات، لكن هل بهذه الطريقة الاستعراضية والفلكلورية، يتمّ الانتقال من وضعية عرجاء إلى أخرى بلهاء؟. ألم يكن مطلوبا التريّث والتغيير التدريجي حتى لا تتعثر الحكاية، ويفشل المشروع، وينتفض الذين تفاجؤوا به أو وجدوا صعوبة في التكيّف معه؟.

ليس هكذا تورّد الإبل يا وزارة التربية، فقد تسبب القرار المباغت، في انفجار فوضى واستياء، ليس وسط الأولياء فقط، ولكن حتى من طرف مديري مدارس وأساتذة، يعتقدون، وهم محقون، أنهم غير مستعدّين حاليا لهذا "التطوّر"، لأن عملية الإخطار كانت عشوائية أو متأخرة أو أنها شملت جزءا من المجموعة التربوية، وأقصت أو تناست الأجزاء الأخرى؟.

من الصعب عدم "الموت ضحكا" على مدرسة مهترئة، من دون تدفئة ولا إطعام ولا نقل، ولا أساتذة، تقبع في شطّ الجبل، بربوة منسية في قرية متهالكة، ترغمها الوصاية على التواصل مع "بقايا" الأولياء التعساء عن طريق "النت"، وهي في الأصل والفصل قتلتها رائحة البصل ولا تعرف طعم العسل!.