الطريق
12-11-2011, 08:43 PM
الطريق
الطريق الذي نحسب أنه يؤدي إلى رضا الله ومحبته يتلخص في جملة واحدة تحتاج إلى تفصيل .. وهذه الجملة هي:
«أصلح نفسك ... وادع غيرك .. »
والذي يطمئننا أن هذا الطريق هو المسلك السليم ما جاء في كتاب الله تعالى من آيات كثيرة هذا ومنها سورة العصر .. {بسم الله الرحمن الرحيم ..
{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} فأقسم سبحانه على خسران نوع الإنسان إلا من كمل نفسه بالإيمان والعمل الصالح، وكمل غيره بوصيته لها بهما، ولهذا قال الشافعي رحمه الله: لو فكر الناس كلهم في سورة العصر لكفتهم.
ومنها قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
ولقد فهم الصحابة هذا الأمر جيداً ... وهذا من أسباب تفوقهم على غيرهم ولهذا قال بعضهم: «مَا سَبَقَكُمْ أَبُو بَكْرٍ بِكَثْرَةِ صَوْمٍ وَلَا صَلَاةٍ .. وَلَكِنْ بِشَيْءٍ وَقَرَ فِي صَدْرِهِ .. » والذي كان في صدر أبي بكر رضي الله عنه المحبة لله والنصيحة لعباده
ويصف الحسن البصري هذا العبد الذي أصلح نفسه بعمل الصالحات ودعا غيره إلى الله فيقول: هذا حبيب الله، هذا ولي الله، أسلم لله وعمل بطاعة الله، ودعا الخلق إليه
فإصلاح النفس ودعوة الغير إلى الله هما وسيلتا المسلم في طريقه للوصول إلى رضا الله.
نظرة إلى الواقع:
المتأمل لأحوالنا يجد أننا تركنا نفوسنا مهملة وقلوبنا خربة، عشعش فيها الشيطان وباض وفرّخ ...
أصبحنا كالبيت العفن .. خارجه مزركش وداخله نتن .. السجدة أصبحت بغير خشوع، والصلاة صارت بلا روح .. المصاحف تشكو هجرها، والكتب التي نتبارى على شرائها تشكو أكوام التراب التي تعلوها ..
السَّحر يئن من قلة القائمين ...
ندعو الله فلا نجد استجابة .. ونذكره فلا نلمس لهذا الذكر أثراً ..
لا يقيم أكثرنا من الطاعات إلا الصلوات المكتوبة ..
من منا يحاسب نفسه قبل النوم؟؟
من منا يختم القرآن مرة على الأقل في كل شهر؟؟
من منا يصوم خلاف شهر رمضان؟؟ كالاثنين والخميس؟؟
من منا يقوم الليل؟؟ كم ليلة قمناها بعد رمضان؟؟
من منا يزور القبور للاعتبار؟؟
من منا إذا ذكر الله خالياً فاضت عيناه؟؟
من منا لا يفتر لسانه عن ذكر الله؟؟
من منا إذا أصبح لا ينتظر المساء وإذا أمسى لا يتوقع في الصباح أن يكون مع الأحياء؟؟
من منا لا يفارق ذكر الموت قلبه؟؟
من منا يحب لأخيه ما يحب لنفسه؟؟
من منا غلب حب الله ورسوله حب ما سواهما؟؟
من منا .. من منا .. ؟؟
ليسأل كل منا نفسه هذه الأسئلة وغيرها ..
سيفاجأ بإجابات قاسية .. يفاجأ بأنه أصبح كالآلة يؤدي الفروض بغير روح، وهذا أقصى ما يربطه بالإسلام ..
قلوبنا منغمسة في حب الدنيا .. في الدراسة .. الوظيفة .. الزواج .. وآخر ما يخطر ببالنا هو التفكير في أمر الآخرة .. وكأن النار قد خلقت لغيرنا، أما نحن فقد ضمنا الجنة وأمنا مكر الله!!!
كأن القلوب ليست منا، وكأن هذا الكلام يعني به غيرها وكأن
آيات ذكر النار في القرآن وما أعده الله لأهلها لا تخصنا!!!
لم هذه الغفلة؟؟ ماذا ننتظر؟ ومتى نفيق؟؟
إن الموت أقرب إلى أحدنا من شراك نعله، ومع ذلك ضعف هذا اليقين في قلوبنا، وبات طول الأمل هو المسيطر على حياتنا فانعكس ذلك على تصرفاتنا وأفعالنا .. فملأ الحسد قلوبنا ..
وانشغالنا بعيوب الناس وتركنا عيوبنا ..
يرى أحدنا القذى في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه .. أكثر ما يجمعنا هو اللهو والضحك، فإذا نادى المنادي أن هلمّوا إلى ربكم وهيا بنا نؤمن ساعة .. نقر ونختلق المعاذير للتهرب من الالتقاء على الطاعة.

ليسأل كل منا نفسه: أيحب أن يكون من أهل النار مع إبليس
وجوده؟ ومع فرعون وهامان؟؟