الدّعوة السّلفيّة: دعوة الأمن والحقّ والصّواب وبراءتها من فكر التّكفير والتطرف والإرهاب بقلم الشيخ
25-01-2014, 10:26 AM
الدّعوة السّلفيّة: دعوة الأمن والحقّ والصّواب
وبراءتها من فكر التّكفير والتطرف والإرهاب

بقلم الشيخ:علي أبو هنيّة


الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فقد اختلطت الأوراق كثيراً في الآونة الأخيرة -للأسف الشديد- حول فهم حقيقة السلفية حتى صار ينسب إليها ما ليس منها, ويحسب عليها من هو غريب عنها, وهذا لا يضرها -إن شاء الله- لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء".
وأنا أعلم تماماً أن جلستنا هذه من غربة هذا الدين وعدم فهم هذا المنهج القويم عند بعض الناس.
لذلك أبتدئ وأقول: فليعلم القاصي والداني أن الدعوة السلفية هي امتداد لدعوة الأنبياء والمرسلين..
وخلاصة ما جاء به نبينا الأمين الذي قال الله فيه:[وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين].
الدعوة السلفية امتداد لدعوة الخلفاء الراشدين ومن معهم من الصحابة والتابعين..
الدعوة السلفية امتداد لدعوة الأئمة الأربعة المرضيين ومن بعدهم من العلماء الراسخين..
الدعوة السلفية سبيل صدق ومنهج حياة جاءت لتنظم علاقة الناس بربهم ومعبودهم أولاً, وببعضهم ثانياً..
الدعوة السلفية دعوة علمية جاءت تدعو الناس بالتي هي أحسن للتي هي أقوم بالحكمة والموعظة الحسنة..
الدعوة السلفية جاءت لتنظم علاقة الحاكم بالمحكوم في السمع والطاعة له بالمعروف..
الدعوة السلفية جاءت لتخرج الناس في الدنيا من الظلمات إلى النور, وتضيء لهم في البرزخ عتمة القبور, وتثبتهم على الصراط حتى يدخلوا الجنان يوم البعث والنشور..
الدعوة السلفية دعوة المحبة والرحمة, دعوة التسامح والأخوّة, دعوة السلام والسلامة والأمان, دعوة الخير والبر والإحسان إلى بني الإنسان, دعوة العطف والشفقة واللين مع الناس أجمعين..
الدعوة السلفية دعوة الرفق بالناس كافة مؤمنهم وكافرهم, برهم وفاجرهم, عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ. قَالَ: وَعَلَيْكُمْ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: السَّامُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَهْلًا يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ أَوْ الْفُحْشَ. قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟! قَالَ: أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ؟! رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ.
الدعوة السلفية دعوة هادئة هادية كانت ولا زالت وستبقى تحذر من الغلو في الدين والتطرف, وتنبذ العنف والإرهاب بشتى صوره وأشكاله وإن تسمى بالجهاد زوراً وبهتاناً, ظلماً وعدواناً...
وكم وكم حذرت الدعوة السلفية من الأفكار المنحرفة, والفئات الضالة, والمناهج الإرهابية, التي اتخذت القتل والتكفير لها مسلكاً, والترويع والتفجير والتدمير لها ديناً وديدناً, مما لا يقره شرع ولا عقل ولا فطرة سليمة.
وبأي عقل أم بأي دين يكون سفك الدماء وقتل الأبرياء, وتدمير الممتلكات وتفجير المنشآت جهاداً؟!إن هذا لشيء عجاب!
وكم ألقينا من محاضرات, وكم كتبنا من مقالات, وكم خطبنا على المنابر, وسكبنا من محابر, وكم طبعنا كتباً ومؤلفات, وأصدرنا المصنفات تلو المصنفات للتحذير من فتنة هؤلاء الحركيين المفتونين من الجماعات والتنظيمات الإرهابية ممن ينتسب -أو ينسب- إلى السلفية بغير حق, ممن تبرّأ منها, وأعرض عنها, وجعل بينه وبينها سدًّا, واتخذها خصماً ألدًّا, ثم يأتي من ينسبهم إلينا ويحسبهم علينا, ويقحمهم عنوةً في السلفية, وهي منهم براء براءة الذئب من دم ابن يعقوب!
كيف ينسب إلى السلفية من جهّل علماءها, وسفّه كبراءها, وخالف أصولها, وناطح وعولها ؟!
فشتان شتان بين من مرجعهم أبو زيد الشمالي, وكبيرهم أبو عمرو الجنوبي, ومن حبرهم أبو فلان الزرقاوي, وعالمهم أبو علان البرقاوي, وبين من اتخذ علماء الإسلام الراسخين من أهل السنة مرجعاً يرجع إليه, ومثابة يعرج عليه, وشتان بين من يستبدل بالعقيدة الواسطية وشرح الطحاوية الظلال والكواشف الجلية؟ أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟!
وشتان بين من يدعو إلى الخروج على ولاة أمور المسلمين ويؤلب العامة عليهم ويثوّر عليهم الدهماء ويشهر بأخطائهم على المنابر وينازعهم الحكم والسلطة ويشهر سيفه في وجوههم سيراً على خطى سلفه من الخوارج المارقين, وبين من يناصحهم سرًّا ويدعو إلى طاعتهم بالمعروف وعدم الخروج عليهم بالكلمة أو السيف امتثالاً لقوله تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم), ويسير في معاملتهم على هدي سيد المرسلين القائل: "عليكم بالسمع والطاعة".
فمن تقريرات علماء الإسلام وسُرُج الأنام التي تتبناها الدعوة السلفية ولا زالت تصرخ بها صرخة نذير, وتنادي بها في مسألة التكفير: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما؛ إن كان كما قال, وإلا رجعت عليه». وأن من ثبت له عقد الإسلام بيقين لم يخرج منه إلا بيقين. وأن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار. وأن باب التكفير, باب عظمت الفتنة فيه والمحنة, وكثر فيه الافتراق, وتشتت فيه الأهواء والآراء. وأنه من أعظم البغي أن يُشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار.
وأن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة, المصرحين بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله خطأ, والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من سفك دمٍ لمسلم. وأن باب التكفير باب خطير, أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا, وتوقف فيه الفحول فسلموا, ولا نعدل بالسلامة شيئاً.
يقول الإمام الألباني رحمه الله:" إن أمر التكفير خطير جداً؛ ولذلك قال العلماء: إذا كان هناك تسعةٌ وتسعون قولاً في تكفير شخص معين, وقول واحد في عدم تكفيره؛ فالحيطة والحذر في أن نتبنى هذا القول الوحيد, بدل تلك الأقوال؛ لأن الأمر فيه خطورة".
فواعجباً لهذا الزمان! كيف ينسب إلى الدعوة السلفية سفك الدماء وقتل الأبرياء وأبناؤها يتلون قول الله تعالى:[ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ].وقوله سبحانه:[وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا]؟!، ويقرؤون قول نبيهم صلى الله عليه وسلم:"كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه"؟!.
وكيف ينسب إلى الدعوة السلفية ترويع الآمنين, وتخويف السالمين المسالمين, وأهلها يعلمون قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً"؟!
وقوله صلى الله عليه وسلم:" من أشار على أخيه بالسلاح لعنته الملائكة حتى ينتهي ولو كان أخاه من أبيه وأمه"؟!
فإذا كانت الإشارة بالسلاح منهياً عنها مجرد الإشارة, فكيف بالقتل؟!
والله إن المسلم الورع ليقتل حشرة بغير حق فيحاسب نفسه على ذلك, وإن الله -جل وعلا- قد عاتب نبياً من أنبيائه على قتل قرية من النمل من أجل نملة قرصته, فقال له:" من أجل نملة قرصتك قتلت أمة تسبح"؟!
فكيف بإزهاق أرواح من البشر؟ وكيف إذا كانوا من المسلمين المؤمنين المسبِّحين؟ وكيف إذا كانوا من النساء والأطفال؟!
بل إن من كان من غير المسلمين من أهل الدماء المعصومة يحرم قتله والاعتداء عليه؛ كالذمي, والمعاهِد, والمستأمَن, قال سبحانه في حق قتل غير المسلم الذي له ذمه بالخطأ:" وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة".
فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قتل خطأً فيه الدية والكفارة، فكيف إذا قتل عمداً؟ لا شك أن الجريمة تكون أعظم، والإثم يكون أكبر, وقد قال صلى الله عليه وسلم:" من قتل معاهِداً لم يرح رائحة الجنة".
وهكذا, وبعد هذا التوضيح والبيان، فإن الدعوة السلفية تأبى أن يزج باسمها كلما طفا على السطح أحداث دموية أو حوادث فوضوية, في عُرض هذه الأحداث؛ لما علمتم من وضوحها وجلائها, وجمالها وبهائها, وحسنها وصفائها, وبعدها كل البعد عن تطبيقات الثائرين, ومراهقات الطائشين, ممن يبرأ من فعلهم أصغر العاقلين فضلاً عن العالمين.
وإن الدعوة السلفية في فلسطين ممثلة بجمعياتها ومؤسساتها, وبالمدرسة السلفية ممثلة بإدارتها وطاقمها التدريسي وطلبتها تعلن أن كل ما قُرّر أو يقرر خارج سقف هذه القاعة في مسألة التكفير والخروج عن طاعة ولاة الأمر وما يتبعها مما يخالف ما تم طرحه اليوم من تقريرات علمائنا الأكابر هي بريئة منه وبعيدة عنه ولا يحسب عليها بحال من الأحوال.
هذا ديننا وهذا منهجنا وهذه عقيدتنا السلفية التي لا نرتضي بها بدلاً ولا نبغي عنها حولاً..
والله أعلم. والحمد لله رب العالمين.




بقلم الشيخ:علي أبو هنيّة


الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فقد اختلطت الأوراق كثيراً في الآونة الأخيرة -للأسف الشديد- حول فهم حقيقة السلفية حتى صار ينسب إليها ما ليس منها, ويحسب عليها من هو غريب عنها, وهذا لا يضرها -إن شاء الله- لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء".
وأنا أعلم تماماً أن جلستنا هذه من غربة هذا الدين وعدم فهم هذا المنهج القويم عند بعض الناس.
لذلك أبتدئ وأقول: فليعلم القاصي والداني أن الدعوة السلفية هي امتداد لدعوة الأنبياء والمرسلين..
وخلاصة ما جاء به نبينا الأمين الذي قال الله فيه:[وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين].
الدعوة السلفية امتداد لدعوة الخلفاء الراشدين ومن معهم من الصحابة والتابعين..
الدعوة السلفية امتداد لدعوة الأئمة الأربعة المرضيين ومن بعدهم من العلماء الراسخين..
الدعوة السلفية سبيل صدق ومنهج حياة جاءت لتنظم علاقة الناس بربهم ومعبودهم أولاً, وببعضهم ثانياً..
الدعوة السلفية دعوة علمية جاءت تدعو الناس بالتي هي أحسن للتي هي أقوم بالحكمة والموعظة الحسنة..
الدعوة السلفية جاءت لتنظم علاقة الحاكم بالمحكوم في السمع والطاعة له بالمعروف..
الدعوة السلفية جاءت لتخرج الناس في الدنيا من الظلمات إلى النور, وتضيء لهم في البرزخ عتمة القبور, وتثبتهم على الصراط حتى يدخلوا الجنان يوم البعث والنشور..
الدعوة السلفية دعوة المحبة والرحمة, دعوة التسامح والأخوّة, دعوة السلام والسلامة والأمان, دعوة الخير والبر والإحسان إلى بني الإنسان, دعوة العطف والشفقة واللين مع الناس أجمعين..
الدعوة السلفية دعوة الرفق بالناس كافة مؤمنهم وكافرهم, برهم وفاجرهم, عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ. قَالَ: وَعَلَيْكُمْ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: السَّامُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَهْلًا يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ أَوْ الْفُحْشَ. قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟! قَالَ: أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ؟! رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ.
الدعوة السلفية دعوة هادئة هادية كانت ولا زالت وستبقى تحذر من الغلو في الدين والتطرف, وتنبذ العنف والإرهاب بشتى صوره وأشكاله وإن تسمى بالجهاد زوراً وبهتاناً, ظلماً وعدواناً...
وكم وكم حذرت الدعوة السلفية من الأفكار المنحرفة, والفئات الضالة, والمناهج الإرهابية, التي اتخذت القتل والتكفير لها مسلكاً, والترويع والتفجير والتدمير لها ديناً وديدناً, مما لا يقره شرع ولا عقل ولا فطرة سليمة.
وبأي عقل أم بأي دين يكون سفك الدماء وقتل الأبرياء, وتدمير الممتلكات وتفجير المنشآت جهاداً؟!إن هذا لشيء عجاب!
وكم ألقينا من محاضرات, وكم كتبنا من مقالات, وكم خطبنا على المنابر, وسكبنا من محابر, وكم طبعنا كتباً ومؤلفات, وأصدرنا المصنفات تلو المصنفات للتحذير من فتنة هؤلاء الحركيين المفتونين من الجماعات والتنظيمات الإرهابية ممن ينتسب -أو ينسب- إلى السلفية بغير حق, ممن تبرّأ منها, وأعرض عنها, وجعل بينه وبينها سدًّا, واتخذها خصماً ألدًّا, ثم يأتي من ينسبهم إلينا ويحسبهم علينا, ويقحمهم عنوةً في السلفية, وهي منهم براء براءة الذئب من دم ابن يعقوب!
كيف ينسب إلى السلفية من جهّل علماءها, وسفّه كبراءها, وخالف أصولها, وناطح وعولها ؟!
فشتان شتان بين من مرجعهم أبو زيد الشمالي, وكبيرهم أبو عمرو الجنوبي, ومن حبرهم أبو فلان الزرقاوي, وعالمهم أبو علان البرقاوي, وبين من اتخذ علماء الإسلام الراسخين من أهل السنة مرجعاً يرجع إليه, ومثابة يعرج عليه, وشتان بين من يستبدل بالعقيدة الواسطية وشرح الطحاوية الظلال والكواشف الجلية؟ أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟!
وشتان بين من يدعو إلى الخروج على ولاة أمور المسلمين ويؤلب العامة عليهم ويثوّر عليهم الدهماء ويشهر بأخطائهم على المنابر وينازعهم الحكم والسلطة ويشهر سيفه في وجوههم سيراً على خطى سلفه من الخوارج المارقين, وبين من يناصحهم سرًّا ويدعو إلى طاعتهم بالمعروف وعدم الخروج عليهم بالكلمة أو السيف امتثالاً لقوله تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم), ويسير في معاملتهم على هدي سيد المرسلين القائل: "عليكم بالسمع والطاعة".
فمن تقريرات علماء الإسلام وسُرُج الأنام التي تتبناها الدعوة السلفية ولا زالت تصرخ بها صرخة نذير, وتنادي بها في مسألة التكفير: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما؛ إن كان كما قال, وإلا رجعت عليه». وأن من ثبت له عقد الإسلام بيقين لم يخرج منه إلا بيقين. وأن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار. وأن باب التكفير, باب عظمت الفتنة فيه والمحنة, وكثر فيه الافتراق, وتشتت فيه الأهواء والآراء. وأنه من أعظم البغي أن يُشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار.
وأن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة, المصرحين بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله خطأ, والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من سفك دمٍ لمسلم. وأن باب التكفير باب خطير, أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا, وتوقف فيه الفحول فسلموا, ولا نعدل بالسلامة شيئاً.
يقول الإمام الألباني رحمه الله:" إن أمر التكفير خطير جداً؛ ولذلك قال العلماء: إذا كان هناك تسعةٌ وتسعون قولاً في تكفير شخص معين, وقول واحد في عدم تكفيره؛ فالحيطة والحذر في أن نتبنى هذا القول الوحيد, بدل تلك الأقوال؛ لأن الأمر فيه خطورة".
فواعجباً لهذا الزمان! كيف ينسب إلى الدعوة السلفية سفك الدماء وقتل الأبرياء وأبناؤها يتلون قول الله تعالى:[ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ].وقوله سبحانه:[وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا]؟!، ويقرؤون قول نبيهم صلى الله عليه وسلم:"كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه"؟!.
وكيف ينسب إلى الدعوة السلفية ترويع الآمنين, وتخويف السالمين المسالمين, وأهلها يعلمون قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً"؟!
وقوله صلى الله عليه وسلم:" من أشار على أخيه بالسلاح لعنته الملائكة حتى ينتهي ولو كان أخاه من أبيه وأمه"؟!
فإذا كانت الإشارة بالسلاح منهياً عنها مجرد الإشارة, فكيف بالقتل؟!
والله إن المسلم الورع ليقتل حشرة بغير حق فيحاسب نفسه على ذلك, وإن الله -جل وعلا- قد عاتب نبياً من أنبيائه على قتل قرية من النمل من أجل نملة قرصته, فقال له:" من أجل نملة قرصتك قتلت أمة تسبح"؟!
فكيف بإزهاق أرواح من البشر؟ وكيف إذا كانوا من المسلمين المؤمنين المسبِّحين؟ وكيف إذا كانوا من النساء والأطفال؟!
بل إن من كان من غير المسلمين من أهل الدماء المعصومة يحرم قتله والاعتداء عليه؛ كالذمي, والمعاهِد, والمستأمَن, قال سبحانه في حق قتل غير المسلم الذي له ذمه بالخطأ:" وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة".
فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قتل خطأً فيه الدية والكفارة، فكيف إذا قتل عمداً؟ لا شك أن الجريمة تكون أعظم، والإثم يكون أكبر, وقد قال صلى الله عليه وسلم:" من قتل معاهِداً لم يرح رائحة الجنة".
وهكذا, وبعد هذا التوضيح والبيان، فإن الدعوة السلفية تأبى أن يزج باسمها كلما طفا على السطح أحداث دموية أو حوادث فوضوية, في عُرض هذه الأحداث؛ لما علمتم من وضوحها وجلائها, وجمالها وبهائها, وحسنها وصفائها, وبعدها كل البعد عن تطبيقات الثائرين, ومراهقات الطائشين, ممن يبرأ من فعلهم أصغر العاقلين فضلاً عن العالمين.
وإن الدعوة السلفية في فلسطين ممثلة بجمعياتها ومؤسساتها, وبالمدرسة السلفية ممثلة بإدارتها وطاقمها التدريسي وطلبتها تعلن أن كل ما قُرّر أو يقرر خارج سقف هذه القاعة في مسألة التكفير والخروج عن طاعة ولاة الأمر وما يتبعها مما يخالف ما تم طرحه اليوم من تقريرات علمائنا الأكابر هي بريئة منه وبعيدة عنه ولا يحسب عليها بحال من الأحوال.
هذا ديننا وهذا منهجنا وهذه عقيدتنا السلفية التي لا نرتضي بها بدلاً ولا نبغي عنها حولاً..
والله أعلم. والحمد لله رب العالمين.