باطنية العصر الجديد
14-03-2017, 11:38 AM
باطنية العصر الجديد



بسم الله الرحمن الرحيم

ظهرت في العالم الإسلامي خلال العقدين الماضيين:" عدد من الأفكار والممارسات التي يمكن تصنيفها تحت مظلة ما اصطلح المختصون على تسميتها: الباطنية الحديثة، أو الروحانيات المحدثة، أو تطبيقات العصر الجديد!!؟".
وهي:" منظومة فكرية متفرعة عن الفلسفات الشرقية المتمثلة بالهندوسية والبوذية والطاوية، ومتأثرة بالتيارات الباطنية في الغرب كالثيوصوفي و"الفكر الجديد"، بالإضافة للديانات الوثنية المحدثة والتصوف الفلسفي المغالي".

وقد اجتمع في هذه المذاهب المتفرقة عوامل مشتركة شكلت القاعدة التي بُنيت عليها تطبيقات الباطنية الحديثة، تتلخص هذه العوامل بالمبادئ التالية:


١- عقيدة الحلول والاتحاد ووحدة والوجود.
٢- الاعتقاد بالألوهية الكامنة للنفس البشرية.
٣- الاعتقاد بالوحي الذاتي المستغني عن التوسط النبوي.
٤- الاعتقاد بنسبية الحق ووحدة الأديان.
٥- السعي "للاستنارة" أو "الإشراق" المتمثل باتحاد المخلوق بالخالق.

تتجلى هذه المبادئ بشكل صريح وظاهر في طرح رموز الباطنية الحديثة عند الغرب من أمثال:( إكهارت تولي، وأوشو، وديباك تشوبرا، وواين داير وغيرهم )، ولكنها تظهر بدرجات متفاوتة في الوضوح والصراحة عند أتباع هؤلاء في العالم العربي.

ورغم وضوح الإشكالات العقدية الشديدة في تطبيقات الباطنية الحديثة لأي متابع مطلع ومختص، إلا أن الجدل فيها لا يزال قائمًا بين عوام الناس لأسباب متعددة، لعل من أهمها:" غياب الفتوى وصوت كبار العلماء في البت في هذه النوازل الخطيرة منذ سنوات طويلة!!؟".

وفيما يلي ملخص لأبرز أنواع الممارسات مع التوضيح الموجز والتمثيل:



أولاً: الممارسات المتعلقة بفلسفة "الطاقة الكونية".
"الطاقة الكونية" في الفلسفة الشرقية وتطبيقات الباطنية الحديثة هي: تعبير عن الوجود الكلي المطلق، وإحدى صور عقيدة وحدة الوجود، ويُبنى عليها تصورهم عن الصحة والمرض، فكلما كانت "الطاقة" متوازنة: كان الإنسان أقرب لأصله "الإلهي" الذي لا يصيبه المرض، ولا يتضرر بالآفات والعلل.

ووجه الإشكال في التشافي بها من جهتين:
عدم ثبوت سببيتها - ولا حتى وجودها كونًا، ولارتباطها بمعتقدات باطلة لا تنفك عنها.
ومن أمثلة الممارسات المبنية على "فلسفة الطاقة":
١- أنواع العلاج بالطاقة.
٢- الريكي.
٣- العلاج بالبرانا.
٤- الأيورفيدا.
٥- وخز مسارات الطاقة بالإبر.
٦- الماكروبيوتيك.

ثانيًا: الممارسات المتعلقة بالقدرات الخارقة.
من فروع القول بوحدة الوجود والألوهية الكامنة بالنفس البشرية: برزت مزاعم امتلاك الإنسان لقدرات خارقة يتم كشفها عبر رياضات روحية معينة، وبعدها يتمكن الإنسان من القيام بأفعال فوق بشرية.
ومن أمثلة ذلك:
١- المشي على الجمر .
٢- الخروج من الجسد:( الإسقاط النجمي ).
٣- قراءة الأفكار وإرسالها:( التخاطر ).
٤- تحريك الأشياء عن بعد:( تليكنيسيس ).

ثالثًا: الممارسات الشركية.
وهذه الممارسات مع ارتباطها بالمبادئ المذكورة آنفًا: يظهر فيها جانب شركي أكثر وضوحًا، يشبه حكم التمائم واعتقاد التأثير فيما لا يؤثر.
ومن أمثلة ذلك:
١- الاستشفاء "بطاقة" الأحجار وذبذباتها:( بتعليقها أو وضعها في المنزل).
٢- استخدام الأحجار في جلب النفع أو دفع الضر، كحل المشاكل الزوحية أو جذب الخب وشريك الحياة.
٣- الفونغ شوي وطاقة المكان، حيث يقسم المكان لعدة مناطق مؤثرة في حياة الساكن، ركن الثروة، ركن الصحة .. الخ، وبالتغير في ذلك الركن: تتأثر الحياة، كوضع شجرة المال في ركن الثروة لزيادة الدخل، أو شلال في ركن الصحة لجلب العافية.

رابعًا: الممارسات المناقضة للإيمان بالقضاء والقدر.
وهي من نتائج الاعتقاد بوحدة الوجود، حيث إن العالم المشهود عندهم وهم، وليس سوى انعكاس للوجود الحقيقي الذي يعبرون عنه «بالوعي"، ومن ثم: يكون التغيير في الوعي عن طريق التفكير والتركيز سبب في تجلي تلك الأفكار وظهورها في الواقع، وبذلك يكون الإنسان مدبر لأقداره موجد لها بإرادته أو تركيزه.

وهم يصرحون بأن الإنسان ليس فقط يخلق فعله، بل يخلق قدره كله، ويكثرون من الاستشهاد الخاطئ بالنصوص لتأييد هذا المعتقد، كحديث:"أنا عند ظن عبدي بي".
ومن أمثلة ذلك :
١- كتاب السر .
٢- قانون الجذب.
٣- القوانين الروحية المتفرعة عن قانون الجذب: كقانون التركيز وقانون الامتنان...

خامسًا: الممارسات المثبتة للغنوص.
والمراد به: الاعتقاد بوجود وسيلة مباشرة لتحصيل المعارف من مصدرها الإلهي دون الحاجة إلى الوحي، ويعبر عنه -كثيرًا- بالإلهام أو الكشف، ويوجد متفرقًا في طرح المتأثرين بالباطنية الحديثة.
ومن الأمثلة القائمة على هذه الفكرة:
١- دورة فن استفتاء القلب.
٢- دورة "النوتة".

سادسًا: نشر الأفكار الصوفية وتمجيد رموز التصوف.
نظرًا لقرب الفلسفات الشرقية والباطنية الغربية من مبادئ التصوف الفلسفي: أدت محاولة "أسلمة" تلك المبادئ إلى ظهور فكر مطابق للفكر الصوفي القديم، ووجد المتأثرون بهذا الفكر ضالتهم في كتابات زنادقة الصوفية كابن عربي والحلاج وجلال الدين الرومي.
ومن أمثلة ذلك:
١- وعي الحب الإلهي:( قواعد العشق للرومي ).
٢- الوصول إلى البصيرة.

سابعًا: الممارسات المتضمنة لمشابهة الكفار فيما هو من خصائصهم
نظرًا لأن أصول الباطنية الحديثة ترجع للفلسفات والديانات الشرقية، فإنها تظهر في تطبيقاتها: آثار تلك الديانات، سواء في المرجعية كالإحالات المتكررة إلى بوذا ولاوتسي ( الطاوي ) وغيرهما، أو في الألفاظ والممارسات.
ومن أمثلة ذلك:
١- اليوغا:( رياضة هندوسية يراد بها عندهم: الاتحاد بالإله ).
٢- المشي على الجمر، في دورات أطلق المارد / العملاق الذي بداخلك.
٣- مصطلحات: الكارما، المانترا، الشاكرا.

ثامنًا: ممارسات الكهانة ودعوى معرفة الغيب.
تظهر عند بعض المتأثرين بالباطنية الحديثة ممارسات متنوعة فيها شيء من الدعاوى الغيبية، وقد يعتمد بعضها على تصور معيّن للوجود، وبعضها ليس له تعلق مباشر بالفلسفة، وإنما تمرر ضمن ما يُعرف بتحليل الشخصية.
ومن أمثلة ذلك:
١- الداوزينج، وهو نوع من "التكهن" عن طريق البندول.
٢- بعض صور تحليل الخط والتوقيع.
٣- قراءة وتشخيص هالات الجسد.


وختاما:
ما ذكرناه في هذا المقال: ليس إلا طرفًا يسيرًا مما يبثه هؤلاء في مجتمعاتنا المسلمة المحافظة بشكل متسارع مخيف، وإلا لو أردنا التفصيل والاستقصاء: لطال بنا المقام جدًا، فإنما هي إشارات تبين خطورة الأمر، والضرورة الشديدة لالتفات العلماء لمعالجته وصده، وتحذير الناس من خطره.

علمًا أن جميع ما سبق - مع ما فيه من خلل عقدي بيّن - يُروَّج على زعم "ثبوت منفعته أو تأثيره علميًا!!؟"، وبالرجوع إلى الثقات والمحايدين من الأطباء وعلماء النفس وعلماء الفيزياء: يتبين أن ذلك ليس إلا دعاوى فارغة، وأن الآثار المظنونة في الممارسات المذكورة آنفا هي:" خليط من الأثر الوهمي وقوة الإيحاء النفسي، وبعض المنافع التي لا تختص بها تلك الممارسات!!؟".


منقول بتصرف يسير.
جزى الله خيرا راقمه.