سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ
03-05-2018, 03:54 AM
سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ




السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة


الآية : 142 {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}



{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ}

أعلم الله تعالى أنهم سيقولون في تحويل المؤمنين من الشام إلى الكعبة ،

و"سيقول"

بمعنى قال ، جعل المستقبل موضع الماضي ، دلالة على استدامة ذلك وأنهم يستمرون على ذلك القول.

-وخص بقوله :

"من الناس"

لأن السفه يكون في جمادات وحيوانات

. والمراد من "السفهاء"

جميع من قال : "ما ولاهم".

والسفهاء جمع ، واحده سفيه ، وهو الخفيف العقل ،

من قولهم : ثوب سفيه إذا كان خفيف النسج ، . والنساء سفائه.

وقيل : السفيه البهات الكذاب المتعمد خلاف ما يعلم. و : الظلوم الجهول ،

- والمراد بالسفهاء هنا اليهود الذين بالمدينة

، وقيل :

المنافقون.

وقيل :

كفار قريش لما أنكروا تحويل القبلة

قالوا : قد اشتاق محمد إلى مولده وعن قريب يرجع إلى دينكم ،

وقالت اليهود : قد التبس عليه أمره وتحير. وقال المنافقون : ما ولاهم عن قبلتهم ، واستهزؤوا بالمسلمين.

و"ولاهم" يعني عدلهم وصرفهم.



: روى الأئمة واللفظ لمالك

- عن ابن عمر قال :

بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال :ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن ، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها ، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة.

متفق علية



- وخرج البخاري عن البراء

أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت ،

وإنه صلى أول صلاة صلاها العصر وصلى معه قوم ،

فخرج رجل ممن كان صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر على أهل المسجد وهم راكعون فقال :

أشهد بالله ، لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل مكة ،

فداروا ؟ ؟كما هم قبل البيت.

وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجال قتلوا لم ندر ما نقول فيهم ، فأنزل الله عز وجل :

{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}



-ففي هذه الرواية صلاة العصر ،

وفي رواية مالك صلاة الصبح.

وقيل :

نزل ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد بني سلمة وهو في صلاة الظهر بعد ركعتين منها فتحول في الصلاة ،

فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين.- .

وكان أول صلاة إلى الكعبة العصر ، والله اعلم.



-وروي أن أول من صلى إلى الكعبة حين صرفت القبلة عن بيت المقدس

أبو سعيد بن المعلى ،

وذلك أنه كان مجتازا على المسجد فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بتحويل القبلة على المنبر وهو يقرأ هذه الآية :

{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}

حتى فرغ من الآية ،

فقلت لصاحبي :

تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكون أول من صلى فتوارينا نعما فصليناهما

، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس الظهر يومئذ.-





: واختلف في وقت تحويل القبلة بعد قدومه المدينة ،

فقيل :

حولت بعد ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ،

كما في البخاري.



: واختلف العلماء أيضا في كيفية استقباله بيت المقدس على ثلاثة أقوال

-، فقال الحسن :

كان ذلك منه عن رأي واجتهاد ،

-. الثاني :

أنه كان مخيرا بينه وبين الكعبة ، فاختار القدس طمعا في إيمان اليهود واستمالتهم ،

، وقيل : امتحانا للمشركين لأنهم ألفوا الكعبة

. - الثالث :

وهو الذي عليه الجمهور : ابن عباس وغيره ،

وجب عليه استقباله بأمر الله تعالى ووحيه لا محالة ، ثم نسخ الله ذلك وأمره الله أن يستقبل بصلاته الكعبة ، واستدلوا بقوله تعالى :

{وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ}

:

: واختلفوا أيضا حين فرضت عليه الصلاة أولا بمكة ، هل كانت إلى بيت المقدس أو إلى مكة ،

على قولين

، فقالت طائفة :

إلى بيت المقدس وبالمدينة سبعة عشر شهرا ، ثم صرفه الله تعالى إلى الكعبة ، قاله ابن عباس.

وقال آخرون

: أول ما افترضت الصلاة عليه إلى الكعبة ، ولم يزل يصلي إليها طول مقامه بمكة على ما كانت عليه صلاة إبراهيم وإسماعيل ، فلما قدم المدينة صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، على الخلاف ، ثم صرفه الله إلى الكعبة.



: في هذه الآية دليل واضح على أن في أحكام الله تعالى وكتابه ناسخا ومنسوخا ،

وأجمعت عليه الأمة إلا من شذ



. وأجمع العلماء على أن القبلة أول ما نسخ من القرآن ، وأنها نسخت مرتين ، على أحد القولين المذكورين في المسألة قبل.



: ودلت أيضا على جواز نسخ السنة بالقرآن ،

وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ، وليس في ذلك قرآن ، فلم يكن الحكم إلا من جهة السنة ثم نسخ ذلك بالقرآن ، وعلى هذا يكون : "كنت عليها"

بمعنى أنت عليها.



: وفيها دليل على جواز القطع بخبر الواحد ،

وذلك أن استقبال بيت المقدس كان مقطوعا به من الشريعة عندهم ، ثم أن أهل قباء لما أتاهم الآتي وأخبرهم أن القبلة قد حولت إلى المسجد الحرام قبلوا قوله واستداروا نحو الكعبة ،

فتركوا المتواتر بخبر الواحد وهو مظنون.




: وفيها دليل على أن من لم يبلغه الناسخ إنه متعبد بالحكم الأول ،


خلافا لمن قال :

إن الحكم الأول يرتفع بوجود الناسخ لا بالعلم به ، والأول أصح ،



وفيها دليل على قبول خبر الواحد

، وهو مجمع عليه من السلف معلوم بالتواتر من عادة النبي صلى الله عليه وسلم في توجيهه ولاته ورسله آحادا للأفاق ، ليعلموا الناس دينهم فيبلغوهم سنة رسولهم صلى الله عليه وسلم من الأوامر والنواهي.



: وفيها دليل على أن القرآن كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد شيء وفي حال بعد حال ، على حسب الحاجة إليه

، حتى أكمل الله دينه ، كما قال :

{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}



{قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ}

أقامه حجة ، أي له ملك المشارق والمغارب وما بينهما ، فله أن يأمر بالتوجه إلى أي جهة شاء ،



: {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}

إشارة إلى هداية الله تعالى هذه الأمة إلى قبلة إبراهيم ، والله تعالى اعلم.

والصراط.

الطريق.

والمستقيم :

الذي لا اعوجاج فيه ،





واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين