الشعر الحر (شعر التفعيلة) مميزاته وخصائصه , مسمياته وملامحة ,رواده وأنماطه.( بالشرح المفصل)
29-01-2017, 06:20 PM
بسم الله الرحمان الرحيم

الشعر الحر (شعر التفعيلة)


طريقة استخدام جديدة للبحور الخليلية (وعددها ستة عشر بحراً)،حيث يصاغ الشعر الحر من البحور الصافية وهي:(المتقارب-المتدارك-الرمل-الرجز-الكامل-ومجزوء هذه الأبحر). لا تخرج عن التفاعيل العشرة، فكان التطوير في الشكل الخارجي بحيث أنَّها لم تعد تعتمد على نظام البيت، وإنَّما اعتمادها على نظام السطر الشعري، فيتم تكرار التفعيلة بأي عدد في السطر الواحد، لذا هي قصيدة موزونة، ولكن لا يُشترط التزامها القافية (مُرسل). ومثال على ذلك ما يقوله الشاعر الفلسطيني محمود درويش:

أسَّمي الترابَ امتداداً لروحي

أسَّمي يدَيَّ رصيفَ الجروحِ

أسمي الحصى أجنحهْ

أسمي العصافيرَ لوزاً وتينْ

والآن دعنا نركز انتباهنا على الوزن:
نلاحظ ان الشطر الأول من البيت :
أسَّمي الترابَ امتداداً لروحي

جاء بوزن (( فعولن -فعولن-فعولن - فعولن ))

وهكذ أتت ا ببقية الأبيات ما عدا كلمة نحة (نصف كلمة اجنحة) التي بوزن فعو أو فَعِلْ وهو من الجوازات. وكذلك كلمة وتين في البيت الأخير أتت بوزن/ فَعَولْ/.

وطبعاُ شعر التفعيلةُ هذا من بحر المتقارب ومفتاح هذا البحر هو :
عن المتقارب قال الخليل فعولن فعولن فعولن فعولن


مسميات الشعر الحر وأنماطه.
- يطلق مصطلح الشعر الحر على الشعر العربي الحديث الذي أخذ يطغى وينتشر منذ حوالي عام 1950م , وله مسميات وأنماطا مختلفة كانت مدار بحث من قبل النقاد والباحثين ، فقد أطلقوا عليه في إرهاصاته الأولى منذ الثلاثينيات اسم " الشعر المرسل" والنظم المرسل المنطلق " و"الشعر الجديد" و"شعر التفعيلة"، أما بعد الخمسينيات فقد أطلق عليه مسمى "الشعر الحر". ويتصف بعدة صفات منها: ( خروجه على الأوزان الشعرية المعهودة ).
-وقد بدأ شعرنا يتغير منذ بدايات القرن العشرين, عندما بدأ يتحوّل من الشعر الغنائي , فعرف القصة الشعرية والمسرحية الشعرية على يد الشعر الدرامي خليل مطران وأحمد شوقي والأخطل الصغير, وكان الخروج على الوزن فيها يعد نتيجة طبيعية للمؤثرات الاجتماعية والثقافية من جهة ولتطور القصيدة العربية من جهة أخرى.

-يمكن أن نطلق على الشعر الجديد اليوم اسم ( شعر التفعيلة) لأن ركيزته الأساسية هي التفعيلة , وهو تمييز شكلي صرف.


أهم رواد الشعر الحر :
أسس هذه المدرسة الشعرية الشاعرة العراقية لميعة عباس عمارة والشاعر العراقي بدر شاكر السياب. ومن روادها:
نازك الملائكة
عبد الباسط الصوفي
صلاح عبد الصبور
أحمد عبد المعطي حجازي
محمد الفيتوري
أمل دنقل

محمود حسن إسماعيل


ممهدات شعر التفعيلة:
-التجديد في الشعر الذي كان ينظم للغناء.
-الموشحات ثم الثنائيات والرباعيات والمخمسات.
-الخروج على نظام التفعيلة والعروض في أوائل هذا القرن كما في قصيدة النهاية لنسيب عريضة, ومنها:
-المزج بين وزنين معاً , كما في قصيدة (المواكب) التي نظمها جبران عام 1919.
-هناك اختلاف على الأولوية والسبق في الشعر الحديث بين مجموعة من القصائد منها:
قصيدة الشراع للشاعر خليل شيبوب عام 1932.
وقصيدة السياب : هل كان حباً , وقصيدة نازك الملائكة : الكوليرا.
وكلاهما نظمتا قبيل منتصف القرن العشرين.


ومما يميز الشعر الحر أو شعر التفعيلة للشاعر المعاصر :

1. تتيح الأوزان الحرة للشاعر المعاصر أن يهرب من الأجواء الخيالية (الرومانسية) إلى جو الحقيقة الواقعية التي تتخذ العمل والجد غايتها العليا.

2. إثبات شخصية الشاعر المعاصر باتخاذ سبيل شعري جديد , يتميز به عن شخصية الشاعر القديم.

3. الابتعاد عن الشكل التقليدي للقصيدة, وابتداع شكل آخر, يقابل الفكر الذي يجب أن يستوعبه الشكل الجديد.

4. إيثار المضمون على الشكل.

والأسلوب الذي اختطه الشاعر المعاصر في قصيدته هو أسلوب الشطر الواحد الذي ليس له طول ثابت,بحيث

يصح أن تتغير عدد التفعيلات من سطر شعري إلى سطر شعري آخر.

ويكون تغيير عدد هذه التفعيلات وفق قانون عروضي, يتحكم فيه الشاعر الذي يسلك ذلك الشكل من الشعر الجديد.

ملامح الشعر الحر :
- الإنسان فيها جوهر التجربة.
- الجنوح إلى الأسطورة، والرمز، والتراث الشعبي، والإشارات التاريخية.
- تأثره بروافد مسيحية وصوفية ووثنية وإبتداعية " رومانسية ".
- تعرية الزيف الإجتماعي والثورة على التخلف.
- الوحدة العضوية مكتملة، فالقصيدة بناء شعوري متكامل يبدأ من نقطة بعينها ثم يأخذ بالنمو العضوي حتى يكتمل.
- شعر واضح : يتحدث فيه الشاعر ببساطة وعفوية , وبلغة تقترب من لغة التخاطب اليومي حتى قد تصل لدرجة العامية والسوقية أو اللغة الدارجة كما تسمى.
- شعر سريالي"غير واضح " : ويتميز بالغموض، والاغراق بالإبهام والرمز والأسطورة ويستعصي الكثير منه على التحليل والتقويم والنقد بمقاييسنا المألوفة.

سمات وخصائص الشعر الحر أو شعر التفعيلة:
للشعر الحر أو شعر التفعيلة سمات عدة ، من أهمها:
- أنه موزون: فلو لم يكن موزونا لما جازت تسميته شعرا.
- يعتمد التفعيلة وحدة للوزن الموسيقي، ولكنه لا يتقيد بعدد ثابت من التفعيلات في الاسطر الشعرية .
- أنه يقبل التدوير: بمعنى أنه قد يأتي جزء من التفعيلة في آخر البيت، ويأتي جزء منها في بداية البيت التالي.
- استعمال الصور الشعرية التي تعمق التأثير بالفكرة التي يطرحها الشاعر.
- اللجوء إلى الرمزية التي يموه بها الشاعر على مشاعره الخاصة أو ميوله السياسية. وقد يصعب على القارئ إدراك المقصود من القصيدة.
- تبلور شخصية الشاعر الحديث الذي فطن الى مكانه الصحيح من الموكب فلم يعد مزهوا بالغناء والحداء والهجاء بل رام منزله أكرم حين اضطلع بتوجيه الجموع بشعره.
- الظاهرة الثانية : زهد الشعر الحديث في الفخر الشخصي حين استيقظ فيه الشعور الوطني والإحساس بالشعب.
- وحده الموضوع ثم وحده الديوان وتحرر الشعر الحر من سلطان القافية الموحدة.
- وثب الخيال في الشعر الحر وثبة واسعة.
-شيوع السخرية وأسبابها .. ويتصل بشيوع السخرية شيوع السؤال الحائر .. ما الإنسان ؟ ما سر وجوده؟
- روح العطف على الخاطئات مما عزاه الدكتور طه حسين الى الروح التي سرت في الأدب الغربي في القرن التاسع عشر والرغبة في تقليدها.
- الرمزية التي خلا الأدب القديم منها بمفهومها الحديث وما أثاره الشعر الرمزي من خلافات واسعة شأن كل جديد طارئ.
- ومن الظاهرات او النزعات الجديدة في الشعر الحر ( السريالية) وهي اشد غموضاً وإبهاماً من الرمزية. وهي منطلق للاوعي الذي تردد كثيراً في البحوث الجديدة لعلم النفس ..
- غزو العامية الشعبية له على يد حسين شفيق المصري وبيرم التونسي..
- تميز الزوجة في الشعر ايضاً حيث في السابق لم يكن للزوجة ذكر بل كانت الحبيبة تنفرد بالحب والغزل.
- ظهور الشاعرات.
- ظهور الملاحم الشعرية.
- احتفال الشعر الحر بالطبيعة والنفاذ الى أسرارها المبثوثة في الكون.

- نضوج الشعر الاجتماعي.

أمثلة عن الشعر الحر للشاعر بدر شاكر السياب :
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر
عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
وترقصُ الأضواءُ.. كالأقمارِ في نهر
يرجُّهُ المجذافُ وَهْناً ساعةَ السحر...
كأنّما تنبُضُ في غوريهما النجوم


الأن دعونا نقطع البيت الأول تقطيع عروضي والذي هو على وزن (مستفعلن) .

وهو الوزن التي تمت كتابة الأبيات على أساسه .
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر

عيناكي غـ \ بتانخيلن \ساعتلل \ساحاري

ويجب في التقطيع العروضي أن نضع الحركات على هيئة حروف فتكون هكذا :

عيناكي غابتاا نخيلن ساعتلل ساحاري

مستفعلن \ مستفعلن \ مستفعلن


وهكذا في كل الأبيات يتم التقطيع وتكون بنمط واحد . منقول للفائدة