وأخيرا: تجميد الإصلاحات التربوية
19-04-2018, 10:40 AM
وأخيرا: تجميد الإصلاحات التربوية
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:
بالأمس، وفي خرجة مفاجئة وغير متوقعة: أعلنت وزارة التربية الوطنية تجميد الإصلاحات التربوية لمدة سنة مع تحيين مناهج سنوات الإصلاح المجمدة، وهي:( الخامسة ابتدائي والرابعة متوسط).
ما نتمناه هو أن يكون دافع هذا القرار الهام هو:عودة مسؤولي قطاع التربوية إلى سماع صوت العقل الذي بحت به حناجر مختصينا التربويين عند مطلع هذه الإصلاحات، والتي حذرت من تداعياتها الخطيرة على مستقبل أجيالنا ومدرستنا، والظاهر أن وزارة التربية قد اقتنعت أخيرا بصواب رأي من خالفها، فقررت تجميد الإصلاحات بعد ثلاث سنوات كاملة من الإصرار على الرؤية الأحادية التي أوصلتها إلى ما وصلت إليه!!؟.
ولكن، وكما يقال في الحكمة:" أن تأتي متأخرا خير من عدم إتيانك".
والذي نأمله هو: أن يكون قرار تجميد الإصلاحات فرصة سانحة لفتح صفحة جديدة بين وزارة التربية وكل شركائها دون إقصاء لأي طرف للالتقاء على طاولة واحدة ومراجعة تلك الإصلاحات بعد أن ظهر للجميع سوء أثرها على المدرسة الجزائرية بإحصائيات ناطقة لوزارة التربية نفسها!!؟، والرجوع عن الخطأ لن ينقص من قدر المخطئ شيئا، بل هو دليل على رجاحة عقله، وسداد رأيه، وفي هذه المسألة: ما أجمل ما قاله أمير المؤمنين: الفاروق عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما حين أرسل له كتابه المشهور في القضاء قائلا:
"وَلَا يَمْنَعُك قَضَاءٌ قَضَيْته بِالْأَمْسِ، فَرَاجَعْت فِيهِ عَقْلَك، وَهُدِيت فِيهِ لِرُشْدِك: أَنْ تَرْجِعَ فِيهِ لِلْحَقِّ، فَإِنَّهُ قَدِيمٌ، وَمُرَاجَعَتُهُ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ".
ينبغي على وزارة التربية أن تراجع مواضع الخلل التي نبهت إليها سابقا، فتصححها لتصحيح الاختلالات التي أقرت بها، والتي انجرت عن إصلاحاتها كما اعترفت، ونذكر بعضا منها فاسحين المجال لغيرنا، ليضيف ما فاتنا ذكره: مساهمة من الجميع في الرقي بمدرستنا وصناعة مستقبل أفضل لأجيالنا، وإلى التنبيهات:
1) البعد عن الغموض والسرية بجعل الإصلاحات في متناول كل المختصين.
2) إشراك الكفاءات التربوية الوطنية، ولا بأس مع ذلك بإشراك الكفاءات الأجنبية.
3) الاستفادة من المناهج التربوية الناجحة مثل: النموذج الفنلندي والسنغافوري.
4) إعادة كتابة مناهج سنوات الإصلاح بعد إعادة النظر في الاختلالات الكثيرة التي شابتها.
5) التأني في إقرار برامج الإصلاح بعدم العجلة في التطبيق.
6) التدرج في الإصلاح بأن يكون تصاعديا عبر سنوات الابتدائي، وبعد الانتهاء منه ننتقل للمتوسط، وليس كما هو حاصل الآن: إصلاح متوازي: الابتدائي والمتوسط في نفس الوقت!!؟.
7) رفع سن بداية التمدرس إلى 7 سنوات كما هو حاصل في الدول المتطورة كألمانيا نموذجا، وهذا الأمر: لنا فيه أصل تربوي نبويحيث قال المربي الأعظم والنبي الأكرم: محمد صلى الله عليه وسلم:
"علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعا".( حديث: 4026 في صحيح الجامع).
8) تخفيف برامج السنوات الأولى للابتدائي بالتركيز على اللغة والكتابة والرياضيات، فلا معنى للضغط على عقل الناشئ بسبع مواد أو أكثر، إذ لا طاقة لقدرته العقلية على تحمل كل ذلك في مثل سنه المبكر، ومن المعلوم: أن مفتاح العلوم هو: إتقان لغة العلم، ومزاحمتها بمواد يمكن تأجيلها يضعفها من جهة، و من جهة أخرى: لا تمكنه من تحصيل المواد المتبقية.
9) تعزيز القيم الدينية والوطنية لتثبيت عناصر الهوية الجزائرية في عقول وقلوب ناشئتنا.
10) مراجعة الإصلاحات دوريا على أرض الواقع لتدارك النقائص التي قد تظهر مع الحرص على مواكبة التطور الحاصل في المجال التربوي بتوظيف التكنولوجيا الحديثة في عملية التعليم والتعلم.
هذا ما سنح به الخاطر من تنبيهات نأمل أن تؤخذ بعين الاعتبار، وهي:" جهد المقل"، كما نلتمس من كل وطني جزائري محب لوطنه: أن يساهم في النهضة الحضارية للجزائر، ولو بكلمة طيبة، أودعاء صادق.
وختاما:
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى: أن يوفق القائمين على شؤون التربية في الجزائر ويلهمهم رشدهم لحسن إدارتها على الوجه الذي يرضيه، ويعود على الجزائر بالخير واليمن والبركات، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.