تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
موضوع مغلق
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية dakka
dakka
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 14-11-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 1,813
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • dakka will become famous soon enough
الصورة الرمزية dakka
dakka
شروقي
كتاب الفتاوي السهمية في بن تيمية
16-05-2008, 02:40 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

إنطلاقا من حقي في الدفاع عن السنة والجماعة
إليكم إخواني الرأي الصحيح لعلماء أهل السنة و الجماعة في الشيخ بن تيمية الحراني زعيم الوهابية أو من يحبون أن يسمو أنفسهم السلفية

طبعا العناوين اللماعة يحبها كل الناس لكن الحقيقة يكرهها كل الناس إلا العقلاء الصافية قلوبهم من درن النفاق

الفتاوى السهمية

في ابن تيمية


أجاب عنها جماعة من العلماء هم

الإمام المحقق المدقق شيخ الإسلام
تقي الدين الحصني الشافعي الدمشقي

وقاضي القضاة الإمام العلامة
نجم الدين أبو الفتوح عمر بن حجي

وقاضي القضاة الإمام العالم
برهان الدين ابن خطيب عذراء

ومعه
ختام الفتاوى السهمية للمحقق








جميع الحقوق محفوظة


مقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله خمن شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
ونصلي ونسلم على خاتم الرسل والأنبياء والمبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
وبعد:

فقد تبين لنا أثناء تحقيقنا لكتاب » دفع شبه من شبه وتمرد « للإمام تقي الدين الحصني ؛ أن لمؤلفه فتوى مختصرة في ابن تيمية وآرائه ، قد يكون كتبها قبل هذا الكتاب .
وتابعه على هذه الفتوى وأيدها عالمان كبيران من أكابر فقهاء عصره كما سيتضح من ترجمتهما، وهما:

نجم الدين عمر بن حجي.

وأبو إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد المعروف بابن خطيب عذراء.

ويعنينا من أمرهما- مثلما فعلنا مع الإمام الحصني- :

أولا: اتصافهما بالأمانة والورع والمجاهرة بالحق.
وثانياً: العلم الراسخ والتحرّي ودقة الفهم.

والفتوى التالية للإمام الحصني وصاحبيه مسايرة لما ذكره في دفع الشبه في مضمونها ودلالاتها.

وزيادة في الفائدة فقد ألحقنا بالفتاوى السهمية بعض آراء العلماء في ابن تيمية ومنهم من صحبه فترة كالذهبي، حتى يتضح أن الإمام الحصني لم ينفرد بآرائه التي ذكرها فيه.
نسأل الله تعالى أن يرحمهم وينوّر مراقدهم ويعلي في الجنة منازلهم، إنه سميع مجيب.

وصف المخطوط

المخطوط الأول للفتوى، وسنرمز له بالرمز (م)

وهو الخاص بالفتوى الملحقة بنهاية الكتاب ويحمل اسم (الفتاوي السهمية في ابن تيمية) وهو من محفوظات مكتبة صاحب الفضيلة الإمام العلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي رحمه الله بمجموعة (33) دولاب (15) وقد تم تصويرها من معهد المخطوطات العربية بالقاهرة.
ويقع في 11 لوحة كل منها صفحتان وخطها نسخي جميل ومسطرتها 23 سطر بمتوسط 10 كلمات في السطر وقد اعتبرناه أصلا للفتوى ورمزنا له بالرمز (م) وقد ذكر ناسخها أنه نقلها من خط المؤلف رحمه الله.

المخطوط الثاني للفتوى وسنرمز له بالرمز (ن)

وهو ضمن مجموع من ورقة (11) إلى ورقة (17) وهذا المجموع موجود في مكتبة حادي بشير أغا التابعة للمكتبة السليمانية ورقمه 142 ذكره بروكلمان في ذيل تاريخ الأدب العربي 2/112 وقد حصلنا على صورة له من مكتبة برلين بألمانيا وتتكون كل ورقة من عمودين كل عمود به 37 سطرا بكل سطر متوسط 7 كلمات بخط مقروء وقد رمزنا لها بالرمز (ن).
وذكر ناسخها أنه نقلها من خط من نقل من خط المؤلف أي أنه يوجد ناسخ بينه وبين المصنف رحمه الله وبملاحظة وجود بعض العبارات في النسخة الأولى (م) غير ثابتة في الثانية (ن) فهما من طريقان مختلفان.

وصلى الله وسلم وبارك على سيد الخلق نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هذا الرجل المسئول عنه في الاستفتاء كان عالما متعبداً، ولكنه ضلّ في مسائل عديدة عن الطريق المستقيم والمنهج القويم، لا جرم سجن بسجن الشرع الشريف بعد الترسيم وأفضى به إعجابه بنفسه إلى الجنوح إلى التجسيم الذي ابتدعه اليهود الذين أشركوا بالواحد الأحد المعبود.

وتغالى فيه أصحابه وأتباعه حتى قدموه على جميع الأئمة وعلى علماء الأمة ، وهجر مذهب الإمام أحمد الذي أتباعه بالإجماع أولى وأحمد، ورد عليه العلماء المحققون.

وسجنه حكام الشريع الأقدمون ونودي بدمشق أن لا ينظر أحدٌ في كلامه وكتبه وهرب كلٌّ من أتباعه ومَن هو على مذهبه واعتقاده.

والعجب كل العجب من جُهَّال حنابلة هذا الزمان يغضبون إذا قيل لهم: (أخطأ ابن تيمية)، وربما اعتقد بعضهم أن قائل ذلك ملحد، ولا يغضبون إذا قيل لهم: أخطأ الشافعي وأبو حنيفة ومالك والإمام أحمد.

اللهم اشهد أني برئ من كل مجسم ومشبه ومعطل وإباحي وحلولي واتحادي وزنديق وملحد ومن كل من خالف اعتقاد أهل السنة والجماعة.

وبرئ من كل من منع من زيارة قبر سيدنا رسول الله ومن شد الرحل إليه ومن زيارة قبور الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين.

اللهم وإني أسألك وأتوسل إليك بسيد الأولين والآخرين ورسول رب العالمين والأولياء والصالحين أن تحييني على الإسلام وتميتني على الإيمان على اعتقاد أهل السنة والجماعة سالما من اعتقاد أهل الزيغ والضلال والبدع والإضلال.

ونفعنا والمسلمين ببركة سيدنا الشيخ [ الإمام ] الرباني المجيب عن هذا السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
كتبه عمر بن حجي الشافعي
وهو ثقتي

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد سيد الأولين والآخرين وخاتم النبيين وآله وصحبه أجمعين([1]).

[ نص السؤال ]

ما تقول السادة العلماء أئمة الدين أجمعين، في رجل يقال له أحمد بن تيمية الحراني سئل عن شد الرحال إلى زيارة قبر النبي وإلى زيارة قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقال: » هو معصية بالإجماع، مقطوع « ([2]) بها ولا يجوز قصر الصلاة في هذا السفر.
وسئل عن الأحاديث الواردة في زيارة قبر رسول الله كقوله » من زار قبري وجبت له شفاعتي « . فقال: كلها ضعيفة باتفاق أهل العلم بل هي موضوعة لم يرو أحدٌ من أهل السنن المعتمدين شيئاً منها.

وأن السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة لم يفعلها أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أمر بها رسول الله ، ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين.

فمن اعتقد ذلك قربة أو عبادة([3]) وفعلها فهو مخالف للسنة وإجماع([4]) الأمة « .
وسئل عمن توسل بغائب أو ميت ما حكمه؟ فقال: »من استغاث بميت أو غائب من البشر بحيث يدعوه في الشدائد و[ الكربات ] ([5]) ويطلب منه قضاء الحاجات، فيقول »يا سيدي الشيخ فلان أنا في حسبك أو في جوارك«. أو يقول عند هجوم العدو عليه: سيدي فلان أنا في حسبك أو في جَوارك [ أوْ يقول عند هجوم العدو » يا سيدي فلان « يستوحيه أو يستغيث به ] ([6]) أو يقول نحو ذلك عند مرضه وفقره، وغير ذلك من حاجاته فهو ظالم [ ضال ] ([7]) مشرك عاصي لله تعالى باتفاق المسلمين؛ فإنهم متفقون على أن الميت لا يسأل ولا يدعى ولا يطلب منه شيء سواء كان نبياً أو شيخاً أو غير ذلك « .

والمسئول من الأئمة أن يذكروا لنا بعد ذلك ما وقع له مع العلماء الشاميين والمصريين؟ وأين مات؟ وما نودي عليه؟ أرشدونا إلى الحق المبين([8]) فقد فُتِنَ بابن تيمية خلق كثير باعتبار أنه محق وغيره مُبطل. وبينوا لنا وجه الصواب الذي نلقي الله تعالى به وهو راض عنا أثابكم الله تعالى وهداكم، آمين.

والحمد لله رب العالمين([9]) [2-أ ] .

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين وحسبنا الله ونعم الوكيل.

فأجاب شيخنا وسيدنا ومولانا الإمام العارف الورع العابد الزاهد المحقق المدقق شيخ الإسلام ومفتي الأنام وعلم الأعلام الربّاني والصدر النوراني منقح الألفاظ ومحقق المعاني بحر العلوم والمبرز عن ذوي الفهوم داعي الخلق للحق الناصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، بقية السلف وزين الخلف شافعي زمانه وسيبويه أوانه، القطب الكبير والغوث الشهير والعلم المنير والعلامة النحرير والمجتهد الخير، البحر الزاخر والسيف الباتر زبدة المتقدمين وعمدة المتأخرين، كعبة الزهاد ومفزع العباد وحجة الله على العباد، وصمصامة أهل الزيغ والفساد، رحلة وقته ووحيد عصره وفريد دهره، ونسيج وحده، جامع أشتات العلوم والفضائل، والقائم في نصر الحق بالبراهين والدلائل، قدوة أهل الأصول والفروع، وناثر فوائد المعقول والمسموع، الحسيب النسيب، والمتصل في الدين بالمصطفى الحبيب الشيخ: تقي الدين أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن بن حريز بن سعيد بن داود بن قاسم بن علي بن علوي بن ناشيء بن جوهر بن علي بن أبي القاسم بن سالم بن عبد الله بن عمر بن موسى بن يحيى بن علي الأصغر بن محمد التقي بن حسن العسكري بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي ابن أبي طالب الحسني الشافعي الأشعري الحصني قدّس الله روحه ونوّر ضريحه وجعل من الرحيق المختوم غبوقه وصبوحه وضاعف له جزيل هباته وأعاد علينا وعلى المسلمين من بركاته ونفعنا بعلومه الجمة وفوائده كما حلّى أجياد الدهر بقلائد فرائده آمين بجاه سيد الأولين والآخرين:


[ جواب الإمام تقي الدين الحصني]

[ أ- الزيارة: ]

الحمد لله مستحق الحمد. زيارة قبر سيد الأولين والآخرين محمد وكرّم ومجّد من أفضل المساعي وأنجح القرب إلى رب العالمين، وهي سنة من سنن المسلمين ومجمع عليها [2-ب ] عند الموحدين، ولا يطعن فيها إلا من في قلبه خبث ومرض المنافقين وهو من أفراخ السامرة واليهود وأعداء الدين من المشركين.

ولم تزل هذه الأمة المحمدية على شد الرحال إليه([10]) على ممر الأزمان من جميع الأقطار والبلدان سواء في ذلك الزرافات والوحدان، والعلماء والمشايخ والكهول والشبان. حتى ظهر في طيز الزمان، في السنين الخداعة مبتدع من حران، لبّس على أتباع الدجال ومن شابههم من شين الأفهام والأذهان، وزخرف لهم من القول غروراً كما صنع إمامه الشيطان، فصدهم بتمويهه عن سبل أهل الإيمان، وأغواهم عن الصراط السوي إلى بُنيات الطريق ومدرجة الشيطان فهم بتزويقه في ظلمة الخطأ والإفك يعمهون، وعلى منوال بدعته يهرعون، صم بكم عمي([11]) فهم لا يعقلون.

قال القاضي عيــاض في أشهر كتبه وهو ( الشفاء ) : » فصل في حكم [ زيارة ] ([12]) قبره عليه الصلاة والسلام وفضيلة من زاره وكيف يسلم عليه ويدعو: وزيارة قبره عليه الصلاة والسلام من سنن المسلمين مجمع([13]) عليها ومرغب فيها، روى([14]) عن ابن عمر قال قال رسول الله : ( من زار قبري وجبت له شفاعتي ( .

وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله ( من زارني محتسباً كان في جواري وكنت له شفيعاً يوم القيامة ) .

وفي حديث آخر (من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ) انتهى.

هذا لفظه بحروفه وكذا ذكر هبة الله في كتاب (توثيق عرى الإيمان) وهو كتاب نفيس مشتمل على تعظيم النبي وهو من أجلاء العلماء وفضلائهم، فهذا نقل الإجماع على خلاف على ما نقله.

وأما غير هذين الإمامين ممن نقل الندب إلى زيارة قبره عليه الصلاة والسلام فخلق لا يحصون وأذكر نبذة يسيرة منهم إذ لو وسّعت الباع في ذلك لجاء([15]) مجلداً ضخماً، وسأذكر كلامهم مختصراً وإن كان في الطول فوائد لأن الغرض موضع الاستشهاد وبيان فجوره وقلب [3- أ ] حقائق الشريعة وهو كفر.

قال القاضي أبو الطيب من أصحاب الشافعي ومن أجلِّهم: »يستحب أن يزور قبر النبي بعد أن يحج ويعتمر « .انتهي.

وكيف يزور من غير سفر سواء كان راكباً أو ماشياً ؟! وقال المحاملي في كتاب التجريد: » ويستحب للحاج إذا فرغ من مكة شرفها الله تعالى أن يزور قبر النبي « .انتهى.

وقال الحليمي في (المنهاج) عند ذكر تعظيم النبي وذكر جملة ثم قال: »وهذا كان من الذين رزقوا مشاهدته وصحبته فأما([16]) اليوم فمن التعظيم بيان تعظيمه وزيارته« . انتهى.
وقال الماوردي في كتابه([17]) الحاوي :

أما زيارة قبر النبي فمأمور بها ومندوب إليها . وقال في الأحكام السلطانية في باب الولاية على الحج([18]) وذكر كلاما متعلقا بأمير الحاج ثم قال: فإذا قضى الناس الحج أمهلهم الأيام التي جرت عادتهم بها فإذا رجعوا سار بهم على طريق مدينة النبي ليجمع لهم بين حج بيت الله عز وجل وزيارة قبر النبي رعاية لحرمته وقياماً بحقوق طاعته وذلك وإن لم يكن من فروض الحج فهو من مندوبات الشرع المستحبة وعبادات الحج المستحبة([19]) . انتهى. وقال الإمام الجليل المتفق على علمه ودينه وورعه وزهده الشيخ أبو إسحق الشيرازي: يستحب زيارة قبر النبي .وذكر القاضي حسين نحوه. كذلك([20]) (الرّوياني) فقال: يستحب إذا فرغ من حجه أن يزور قبر النبي.

ولا حاجة إلى الإطالة([21]) بذكر من قال بمثل ذلك من أصحاب الشافعي مع كثرتهم ومن جملتهم : السيد الجليل أبو زكريا يحيى النووي قال في مناسكه وغيرها: فصل في زيارة قبر النبي سواء كان ذلك طريقه أم([22]) لا فإن زيارته عليه الصلاة والسلام من أهم القربات وأربح المساعي وأفضل الطلبات. فهذه نصوص هذه الأئمة . فمن جعل المستحب والمندوب ونحوهما معصية فقد كفر قطعاً [ بل ] ([23]) من جعل المباح حراماً فضلاً عن المطلوب شرعاً لأنه قلب لحقائق الشريعة المطهرة .

وأتبرع بزيادة على ذلك ليتحقق فجوره وزندقته: فمن ذلك ما قاله [3-ب ] الأئمة الحنفية([24]) قدس الله تعالى أرواحهم أن زيارة قبر النبي من أفضل المندوبات والمستحبات بل تقرب من درجة الواجبات وممن صرح منهم بذلك أبو منصور محمد الكرماني([25]) في مناسكه، ومنهم عبد الله بن محمود في (شرح المختار)، ومنهم أبو العباس السروجي فإنه قال: فإذا انصرف الحاج من مكة شرفها الله تعالى فليتوجهوا إلى طيبة مدينة رسول الله وزيارة قبره الشريف فإنها من أنجح المساعي. ولا نطول بذكر من ذكر نحو ذلك من أئمة الحنفية وعن إمامهم .

وأتبرع بزيادة على ذلك وأقتصر بعد استحضارك ما تقدم من قول القاضي عياض وغيره أن الإجماع على أن زيارة قبره عليه الصلاة والسلام سنة من سنن .

ومرغب([26]) المسلمين فيها. فأقول في كتاب (تهذيب الطالب) لعبد الحق الصقلي عن أبي عمران المالكي أن زيارة قبر النبي واجبة وهو فقه([27]) حسنٍ لأن تعظيمه عليه أفضل الصلاة والسلام واجبٌ بالإجماع ومن جملة التعظيم الزيارة وشد الرحال([28]) وذلك من أظهر أنواع التعظيم .

وقال عبد الحق في هذا الكتاب: رأيت في بعض المسائل التي سئل عنها أبو محمد بن زيد([29]) قيل له في رجلٍ استؤجر بمالٍ ليحج به وشرطوا عليه الزيارة فلم يستطع تلك السنة أن يزور لعذر منعه. فقال: يرد من الأجرة بقدر مسافة تلك الزيارة.وفي كتاب (النوادر) لابن زيد فائدة أخرى، فإنه بعد أن حكى في زيارة القبور من كلام بن حبيب المجموعة([30]) عن مالك ومن كلام القرْطبي([31]) – بإسكان الراء والطاء المهملة – ثم قال عقبه: ويأتي قبور الشهداء بأحد ويسلم عليهم كما يسلم على قبر النبي([32]) وعلى صحبه . وفي الكتاب المذكور: ويدل على التسليم على أهل القبور ما جاء في السنة في التسليم على النبي وأبي بكر وعمر مقبورين .

قال العبدي المالكي في شرح الرسالة : أن المشي إلى المدينة لزيارة قبر النبي أفضل من المشي إلى الكعبة [4-أ ] وبيت المقدس .

وهو فقهٌ حسنٌ لأن الموضع الذي ضمّ ذاته الشريفة أفضل بقاع الأرض بلا نزاع وبالإجماع وكلام أئمة المالكية y وعن إمامهم كثير ومطول .

وكذا الحنابلة الذين هم خلف الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه عنهم: قال أبو الخطاب محفوظ الكلوماذي الحنبلي في كتابه الهداية في آخر باب صفة الحج استحب له زيارة قبره وصاحبيه. وقال ابن أحمد الحنبلي في (الرعاية الكبرى): ويسنُ لمن فرغ من نسكه زيارة قبر النبي وقبر صاحبيه رضي الله عنهما وذلك بعد فراغ حجه وإن شاء قبل([33]). وعقد الإمام أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه (مثير الغرام([34]) الساكن) باباً في زيارة قبره ([35]) واستدل لذلك بحديث ابن عمر وأنس y. وأما ابن قدامة فذكر في المغني فصلاً في ذلك فقال: يستحب زيارة قبر النبي . واستدل بحديث ابن عمر وأبي هريرة y . وقد اقتصرت لأنه اللائق بالفتاوى .
فهذه نقول ونصوص أئمة الدين من جميع المذاهب الذي مدار الإسلام عليهم وعلى أئمتهم فليت شعري دعواه هذه الخبيثة [ أن هذه معصية ] ([36]) من أين له ذلك ومن هم الذين عني عنهم الإجماع والقطع بذلك؟! قاتله الله تعالى([37]) وأتباعه الجهال الجمادات أنى يؤفكون وبأي وجه يلقونه عليه الصلاة والسلام في عرصات القيامة وله العظمة التامة آدم فمن دونه تحت لوائه والله أعلم.

وأما قوله أن الأحاديث في زيارة قبر النبي فكلها ضعيفة باتفاق أهل العلم بالحديث فهذا من البهتان والافتراء جريا على عادته في القدح في الشيء الذي لا غرض له فيه فإن الذين رووا أحاديث الزيارة من أعيان أئمة الحديث منهم الدارقطني والبيهقي والعقيلي وابن عساكر والبزار وابن عدي وأبو داود الطيالسي وابن خزيمة وأبو الفتح الأزدي وغيرهم من أئمة الحديث المشهورين بالحفظ والإتقان ومنهم الإمام العلامة أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن وألفاظ هذه الأحاديث مختلفة ويحصل من مجموع طرقها أنها بمنزلة الصحيح أو الحسن [4-ب ] ولفظ الحديث الذي ذكره ابن السكن »من جاءني زائراً لا يُعمله حاجة إلا زيارتي كان حقاً عليّ أن أكون له شفيعاً يوم القيامة « .

وفي رواية » من جاءني زائراً لم ينزعه حاجة إلا زيارتي .. « .وهو من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ذكره في صحاحه ومقتضى قاعدته فيه وشرطه أن هذا الحديث صحيح قطعاً ورواه أيضاً الطبراني في معجمه الكبير والدراقطني في أماليه وغيرهم.

ثم أنه لم تخمد نار خبثه وطويته بقوله أنها كلها ضعيفة حتى أردفها([38]) بقوله أنها موضوعة . أي كذب [ كذبها ] ([39]) هؤلاء الأئمة على رسول الله !! . فهذا شيء لم يقله أحدٌ قبله ولا في عصره لا من برٍ ولا فاجر وفي قوله (موضوعة)([40]) رمز إلى أن هؤلاء الأئمة كفار لأن من قاعدته أن من كذب على النبي متعمداً فهو كافر ومن كفر أحداً من هذه الأئمة فهو الكافر.

وقوله (وأن السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة لم يفعلها أحد من الصحابة ولا التابعين . ولا أمر بها رسول الله ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين فمن اعتقد ذلك عبادة([41]) أو قربة وفعلها فهو مخالف للسنة وإجماع الأمة..)([42]) هذه عادته يأتي بمثل ذلك ليروج على أتباع([43]) الدجال وأصحاب الأذهان الجامدة، فقوله أن السفر إلى قبور الأنبياء عليهم السلام يشمل([44]) قبر إبراهيم ونبينا محمد عليهما الصلاة والسلام .
ما قبر إبراهيم عليه السلام فلم يزل الناس يزورونه بشد الرحل وغيره سلفاً وخلفاً من غير نكير بل يرون ذلك من أعظم المساعي وأنجح القرب. ولما عمل ابن قيم الجوزية مجلس وعظ في القدس الشريف وقال أن السفر إلى زيارة قبر الخليل معصية وها أنا أرجع من هنا ولا أزوره وقال في نابلس كذلك في زيارة قبر رسول الله فأجمع المسلمون على كفره وأرادوا أن يضربوا عنقه فطلع إلى الصالحية بخفية([45]) واستسلمه محمد بن مسلم الحنبلي.

وهذا بلال مؤذن رسول الله سار([46]) من الشام إلى المدينة لزيارة قبر رسول الله وممن ذكر ذلك الحافظ [5-أ ] بن عساكر وذكره الحافظ عبد الغني [المقدسي([47]) ] في كتابه (الكمال) في ترجمة بلال وقال فيه: ولم يؤذن لأحد بعد النبي فيما روى إلا مرة واحدة في قدمةٍ قدمها المدينة لزيارة قبر النبي طلب([48]) الصحابة رضي الله تعالى عنهم ذلك فأذن لهم ولم يتم([49]) الآذان وقيل أنه أذن لأبى بكر في خلافته.

وممن ذكر ذلك إمام الأئمة([50]) في الحديث أبو الحجاج الشهير بالمزي وسبب سفر بلال لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام أنه رأى في منامه النبي فقال له ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني([51]) يا بلال فانتبه من نومه حزينا وجلا خائفا فقعد على راحلته وأتى قبر رسول الله فجعل يبكي عنده ويمرّغ وجهه عليه فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنها إليه وجعل([52]) يضمهما ويقبلهما فقالا له يا بلال نشتهي نسمع أذانك الذي كانت تؤذّن لرسول الله في المسجد فعلا سطح المسجد ووقف موقفه الذي كان يقفه فلما قال الله أكبر ارتجت المدينة فلما قال أشهد أن لا إله إلا الله ازدادت رجتها فلما قال أشهد أن محمداً رسول الله خرجن([53]) العواتق من خدورهن و[ قلن ] ([54]) بعث([55]) رسول الله فما رؤى يوما أكثر باكيا ولا باكية بالمدينة بعد رسول الله من ذلك اليوم .

فهذا بلال من سادات الصحابة رضي الله عنهم قد شد رحله وسافر لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام وأعلم بذلك الحسن والحسين وطار ذلك في المدينة([56]) وكان في خلافة عمر ولم ينكره أحد من الصحابة ولو كان السفر مخالفا للكتاب والسنة وإجماع الأمة لما سكتوا له([57]) لأنهم ينكرون الأشياء التي هي نذرة في الدين ولا سيما عمر بن الخطاب .

وهذا عمر بن عبد العزيز كان يبعث من يزوره من الشام ويبرد البريد لذلك ويقول لمن يرسله: (سلم على رسول الله ) وممن ذكر ذلك القاضي عياض في أشهر كتبه وهو الشفاء وكذا الإمام هبة الله في كتابه توثيق عرى الإيمان وكذا الإمام العلامة بن الجوزي في كتابه [5-ب ] (مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن) وذكره غيرهم وكان ذلك في صدر التابعين ولم([58]) ينكر ذلك أحد.

ولم يزل أهل التوحيد المعظمين للأنبياء من العلماء وغيرهم يزورون الأنبياء في مشارق الأرض ومغاربها ويرون ذلك([59]) مما يترجون([60]) فيه الفضل والمغفرة والتقرب إلى الله عز وجل بزيارتهم حتى جاء هذا الزنديق يهدم عليهم ذلك لدسيسة في اعتقاده.
فمن تتبع كتبه المدخرة عند متبعيه رأى ذلك وغيره من الخبائث التي لو أظهروا بعضها لحرّقوهم فضلا عن ضرب رقابهم وفي صحيح مسلم من حديث بُريدة أنه عليه الصلاة والسلام قال: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) زاد بن ماجه: (فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة)(1) وهو من رواية بن مسعود وهو مطلق يشمل القريب والبعيد .
وقال عليه الصلاة والسلام: (ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام) رواه جماعة(2) وصححه عبدالحق .

ورُوى أنه عليه الصلاة والسلام قال: أسرّ([61]) ما يكون الميت إذا زاره من كان يحبه في دار الدنيا) .

وفي حديث أخر: (ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده ، إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم) رواه ابن أبي الدنيا(3) [62]

ورواه ابن عبد البر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بنحوه ورواه عبد الحق الإشبيلي وصححه .

ففي زيارة القبور فضيلة للزائر والمزور والأحاديث في ذلك كثيرة جداً.
والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ومن يضلل الله أي ببدعته فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون والله أعلم .




[ ب – التوسل والاستغاثة ]

وأما قوله » من استغاث بميت أو غائب من البشر بحيث يدعوه في الشدائد والكربات ويطلب منه قضاء الحاجات فيقول يا سيدي الشيخ فلان أنا في حسبك أو في جــوارك أو يقول عند هجوم العدو عليـــه سيدي فلان [ أنا في حسبك أو في جوارك أو يقول عند هجوم العدو يا سيدي فلان ]([63]) يستوحيه أو يستغيث به أو يقول نحو ذلك عند مرضه وسفره وغير ذلك من حاجاته فهو ظالم ضال مشرك عاصي لله تعالى باتفاق المسلمين فإنهم متفقون على أن الميت لا يسأل ولا يدعى [6-أ ] ولا يطلب منه سواء كان شيخاً أو نبياً أو غير ذلك « .
وأنت أرشدك الله تعالى إذا تأملت هذا الكلام اقشّعر جلدك وقضيت العجب مما فيه من الخبائث والفجور وما فيه من ادعاء اتفاق المسلمين(1) وما فيه من الرمز إلى الزندقة وتكفير الأنبياء عليهم الصلاة السلام وغيرهم. فقوله (سواء كان شيخا أو نبيا) قال الإمام أبو الحسن السبكي: (هذا كفر بيقين لأنه حطّ رتبة الأنبياء عليهم السلام وسّوى([64]) بينهم وبين غيرهم) وصدق وأحسن في هذا المأخذ اللطيف لأنه([65]) من حط رتبة نبي مما([66]) يجب له كفر بلا نزاع وفي قوله: (شيخاً كان أو نبيا) عثرة عظيمة وهو أن آدم عليه السـلام ضال مشرك لتوسله بالنبي وكذا موســــى عليه الصلاة والسلام [ فإنه ] ([67]) لما قحط بنو إسرائيل فاستسقى لهم مراراً فلم يُسقوا فقال: (يا رب إن خَلُقَ جاهي عندك فأسألك بجاه محمد عندك إلا ما سقيتنا) إلى ما ذكره أبو الفرج بن الجوزي في([68]) (اللفظ الرائق).

وأما توسل آدم عليه السلام فمشهور([69]) جدًا فمن ذلك ما حكاه أبو محمد مكي وأبو الليث السمرقندي وغيرهما أن آدم عليه السلام عند اقترافه قال (اللهم بحق محمد عليك اغفر لي ويروى فقيل، فقال الله عز وجل: من أين عرفت محمداً؟

قال رأيت في كل موضع من الجنة مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويروى محمد عبدي ورسولي فعلمت أنه أكرم خلقك عليك فتاب الله عليه وغفر له) وهذا عند قائله تأويل قوله تعالى » فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه « أي تجاوز عنه وفي رواية الحافظ الآجري (فقال آدم عليه السلام لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه ليس أحد أعظمَ قدراً عندك ممن جعلت اسمه مع اسمك فأوحى الله عز وجل إليه وعزتي وجلالي إنه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك) وخرّج الحاكم في مستدركه على الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام قال (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك [6-ب ] ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تُضِفْ إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلىّ وإذ سألتني بحقه قد غفرت لك ولو لا محمد ما خلقتك) قال الحاكم صحيح الإسناد ورواه الطبراني أيضاً وزاد (وهو آخر الأنبياء من ذريتك) توسلت يا ربي إليك بحقه لتغفر زلاتي وتقبل توبتي.

ولما ناظر أبو جعفر المنصور مالكا في مسجد رسول الله فقال له مالك يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله عز وجل أدب قوما فقال لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي « ومدح قوما فقال » إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله « الآية وذم أقواما فقال } إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون { الآية وإن حرمته ميتا كحرمته حيا، فاستكان لها أبو جعفر وقال يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعوا أم أستقبل رسول الله r؟ فقال ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم. إلى يوم القيامة بل استقبله واستشفع به يشفعك الله قال الله تعالى }ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاوك { الآية. كذا ذكر هذه القصة القاضي عياض في أشهر كتبه وهو (الشفاء) ساقها بسنده وممن ساق هذه القصة الإمام العلامة هبة الله في كتابه (توثيق عرى الإيمان) وذكرها غيرهما وهي قصة مشهورة ولم يطعن فيها أحد إلا هذا الخبيث الطوية وهذا شأنه إذا جاء إلى شيء لا غرض له يطعن فيه ولا عليه من الله ولا من غيره كما طعن في رواة الأحاديث في الزيارة كما تقدم وقد تتبعت مواضع مما فيها تعظيم النبي فلم أجده يَلْوِي عليها بل ولا يذكرها ألبتة، أو يطعن فيها!!(1) وهذا يدل على أن في قلبه ضغينة لهذا السيد الكريم([70]) الممجد المعظم قال القاضي عياض في كتابه الشفاء الفصل الثاني في حرمته بعد وفاته: » وأما حرمة النبي وتوقيره وتعظيمه فهو لازم كما كان في حياته وذلك عند ذكره عليه الصلاة السلام وذكر حديثه وسنته وسماع اسمه [7-أ ] وسيرته ومعاملته آله وتعظيم أهل بيته وصحابته واجب على كل مؤمن متى ذكر عنده أن يخضع ويخشع ويتوقر [ ويسكن ] ([71]) من حركته ويأخذ في هيبته وإجلاله بما كان يأخذه بعينه لو كان بين يديه ويتأدب بما أدبنا الله تعالى به انتهى.
وقال جبريل عليه السلام (قلبّت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد أكرم على الله عز وجل من محمد) وقال بن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى »لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون « : (ما خلق الله تعالى نفسا أكرم عليه من محمد وما أقسم الله تعالى بحياة أحد إلا بحياته) قيل أقسم الله عز وجل في الأزل بحياته ليظهر شرفه وعلو قدره وسنوّ([72]) مرتبته ليتوسل المتوسلون به إليه قبل بروزه إلى الوجود وبعد وجوده وفي حياته وبعد وفاته وفي عرصات القيامة.

وهذا وغيره لم يزل أهل الإيمان يتوسلون به في حياته وبعد وفاته من غير نكير بل أهل الذمة من أهل الكتاب كانوا يتوسلوا به قبل وجوده فيستجاب لهم كما قال تعالى }وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا{ الآية وقال ابن عباس رضي الله عنهما (كانت أهل خيبر تقاتل غطفان كلما التقوا هزمت غطفان يهود فعاذت يهود بهذا الدعاء اللهم إنا نسألك بحق هذا النبي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم وكانوا([73]) إذا التقوا ودعوا بهذا الدعاء فتهزم يهود غطفان فلما بعث النبي كفروا به فأنزل الله عز وجلّ } وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا{ أي يدعون بك يا محمد إلى قوله تعالى } فلعنة الله على الكافرين { .

وإذا كان عز وجل يستجيب لأعدائه بالتوسل به إليه مع علمه عز وجل بأنهم يكفرون به ويؤذونه ولا يتبعون النور الذي أنزل معه قبل بروزه إلى الوجود فما الظن بمن يؤمنون به ويعزرونه أي يعظمونه ويوقرونه ويكرمونه ويتبعون النور الذي أنزل معه وهو القرآن العظيم مع بروزه إلى الوجود وإرساله رحمة للعالمين وإذا كان رحمة للعالمين فكيف لا [7-ب ] يُتوسل به ويستشفع به وهو الشافع([74]) المشفع، فمن أنكر التوسل به والتشفع به بعد وفاته فقد أعلم الناس ونادى على نفسه أنه أسوأ حالا من اليهود الذين توسلوا به قبل بروزه إلى الوجود وأن في قلبه نزغة([75]) هي أخبث النزغات([76]) ومن قال بأن جاهه زال بموته فلا يقال: يا جاه محمد يا جاه رسول الله يا جاه المصطفى ونحو ذلك فهو من أعظم الزنادقة على أنواع فرقها وجاحد للربوبية فإن جاهه هو الله عز وجل فكأن هذا القائل يقول: لا تقولواْ يا الله وهو كفر محقق ومخالفة([77]) لما عليه هذه الأمة في جميع الأزمان في سائر الأقطار والبلدان وهي نزغة([78]) حاكمية حكمية فنسأل الله تعالى [ العافية] ([79]) من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن .

[ حـ : محاكمة ابن تيمية وسجنه ]

وما ذكر المستفتي من أن نذكر([80]) لهم ما وقع لابن تيمية مع علماء الشاميين والمصريين([81]) وأين مات وما نودى [ عليه ] ([82]) فقد، ذكر أهل التواريخ([83]) ومنهم صاحب عيون([84]) التواريخ محمد بن شاكر أن([85]) في سنة خمس وسبعمائة عُقد مجلس بالفقهاء والقضاة لأجل ابن تيمية بحضرة نائب السلطان بدمشق بالقصر الأبلق فُسئل ابن تيمية عن عقيدته فأملى شيئاً منها ثم أحضرت عقيدته([86]) الواسطية وقرئت في المجلس ووقع بحوث كثيرة وبقى [ 6/أ ] مواضع أخر إلى مجلس ثاني .

ثم اجتمعوا يوم الجمعة ثاني عشر شهر([87]) رجب وأحضر([88]) ابن تيمية وحضر المجلس صفي الدين الهندي وبحثوا معه وسألوه عن مواضع ثم اتفقوا([89]) على أن تكون المناظرة بين ابن تيمية وبين كمال الدين بن الزملكان([90]) فألزمه ابن الزملكان ببعض كلامه فعلم ابن تيمية أنه إن بحث وقع تحت الخطر وترتب محظور عظيم فأشهد على نفسه في المجلس أنه يعتقد ما يعتقده الشافعي وأنه شافعي المذهب فرضوا منه بذلك وانصرفوا ثم إن أتباع([91]) ابن تيمية أشاعوا أن الحق ظهر مع شيخنا([92]) فأحضر القاضي جلال الدين القزويني واحدًا منهم وصفعه ورسم بتعزيره وكذا الحنفي فعل باثنين وجرت([93]) أمور لا نطول بذكرها .

ثم ورد كتاب من مصر/ بتجهيز القاضي ابن صصري وإحضار ابن تيمية فبادر النائب إلى ذلك.
وفي سابع شوال دخل([94]) بريدي إلى دمشق وأخبر بوصلهما إلى القاهرة وأنه عقد مجلس بقلعة الجبل بالقاهرة([95]) وحضر القضاة والعلماء والأمراء فتكلم شمس الدين بن عدلان([96]) الشافعي وادعى دعوى شرعية على ابن تيمية في أمر العقيدة وذكر منها فصولا فقام ابن تيمية وحمد الله تعالى وأراد أن يتكلم فمنعوه وقالوا أنت في دعوى أجب عنها فأعاد ذكر الخطبة فمنعوه وقالوا هذا الذي تقول نعرفه أجب فلم يفعل وكرروا عليه القول فلم يزدهم على إعادة أن يريد أن يخطب وطال الأمر على الدولة فحكم القاضي المالكي بحبسه وحبس أخويه معه عبد الله وعبد الرحمن في برج من أبراج القلعة قلعة الجبل فتردد إليه جماعة من الأمراء فبلغ ذلك القاضي فاجتمع بالأمراء وعاتبهم في ذلك وقال يجب التضييق عليه إذا لم يقتل وإلا فقد وجب قتله وثبت كفره ثم نقلوه إلى جُبِّ البرج ثم في ست وسبعمائة وصل الأمير حسام الدين إلى القاهرة واجتمع بالسلطان فأكرمه وخلع عليه وزاد في إكرامه فخاطب السلطان في ابن تيمية فأجابه فحضر حسام الدين بنفسه إلى الجب وأخرجه فلما سمع الشيخ ابن عطاء وشيخ الخانقاه بذلك [ اجتمعا] واجتمع معهما من الصوفية أكثر من خمسمائة نفس وطلعوا إلى القلعة وانضاف [ 6-ب ] إليهم خلق كثير فلما رأتهم الدولة قالوا لهم ما([97]) مرادكم فقالوا ابن تيمية يتكلم في مشايخ الصوفية([98]) وأنه وقع في أمر عظيم من جهة الجناب الرفيع وأنه لا يستغاث به وسألوا أن يعقد لهم وله مجلس فردوا الأمر إلى قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة ففوضه إلى المالكي الزواوي فرده إلى الحبس ثم بعد ذلك أرسلوه إلى الإسكندرية([99]) فحبس في برج شرقي الإسكندرية ثم لم يزل ينقل من حبس إلى حبس وآخر ما حبس في قلعة دمشق ووصل القاضي ابن صصري وجلس [ يوم الجمعة ] ([100]) في الشباك الكمالي وحضر القراء والمنشدون وكان قد وصل معه كتب لم يعرضها على نائب/ السلطنة فلما كان بعد أيام عرضها عليه فرسم له بقراءتها والعمل بما فيها امتثالا للمراسيم السلطانية وكانوا قد بيّتوا على جميع الحنابلة بأن يحضروا إلى مقصورة([101]) الخطابة بعد الصلاة فلما كان بعد الصلاة حضر القضاة والأمراء والفقهاء وخلق كثير فقرئ المرسوم وفيه ما يتعلق بمخالفة ما يعتقده ابن تيمية وإلزام الناس بذلك خصوصا الحنابلة مع التوعد الشديد عليهم والعزل من المناصب والحبس وأخذ المال والروح وفي الكتاب إفتاء الأئمة الأربعة بكفره وفي الكتاب كلام كثير .

ثم نودي على رؤوس الأشهاد من كان على عقيدة ابن تيمية فليجدد الإسلام وأشاعوا ذلك خوفا على العامة من([102]) أن يكونوا على عقيدته فيلقوا الله تعالى على غير دين أهل التوحيد لما تضمنته كتبه من التشبيه والتجسيم والازدراء بالأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وأرادوا أن يضربوا عنقه فقال لهم المالكي بلغني أن أهل الذمة شنعوا على علماء المسلمين وقالوا للعوام [ انظروا ] ([103]) علماء المسلمين كيف يضل([104]) بعضهم بعضا فلو كان دينهم حقا لما اختلف علماؤهم وأمر بحبسه فمات في سجن الكفر باتفاق إفتاء العلماء من الشاميين والمصريين على ما بلغني والأمر على ما([105]) أفتوا به بل يجزئه مما هو موجود في فتاويه وفي مصنفاته هو كفر بيقين لا يشك فيه من له أدنى أدنى دراية [ 7-أ] بالعلم.




[ د: وفاة ابن تيمية ]

واختلف([106]) النقل في كيفية هلاكه فقيل هلك حتف أنفه.
وقيل قتل بسيف الشرع([107]).

وقيل لما علم أتباعه أنه مقتول لا محالة دسوا عليه من قتله مخافة أن يشتهر قتله([108]) بسيف الشرع فيبطل اعتقاد أتباعه بسبب ذلك.

وهذا شئ لم يسمع بمثله في مبتدع.

ولهذا ترى أتباعه في الغاية من التعصب والدعاء إلى اعتقاده مع ما يلقونه من الإهانة والضرب بالأسياط وغيرها.

وكان من أكبر أتباعه:
× ابن قيم الجوزية
× وإسماعيل بن كثير

وكانا يفتيان بأن الطلاق الثلاث واحدة وضربا على ذلك وجُرِّصا على باب الجوزية فعل العلماء ذلك/ صيانة للأبضاع.

ثم إن ابن كثير طُلب على شيء عظيم وهو أنه ضُبط عليه أن التوراة لم تبدل، فأرادوا ضرب عنقه.

وهو كان من الغلاة في ابن تيمية وأطنب([109]) في الثناء عليه
فما وجدتموه في تاريخه فلا يلتفت([110]) إليه.
وقد أدركته وهو وأولاده أحمد وعبد الوهاب يرتكبون عظائم.
فنسأل الله العظيم العافية من كل ما يبعد عنه([111]) ويورث غضبه([112]) وغضب رسوله([113]) .

اللهم كما جعلتنا نبات نعمك فلا تجعلنا حصائد نقمك واحشرنا في زمرة من تستنزل الرحمة بذكرهم وترتجى([114]) المغفرة والخيرات بشكرهم وكشفت لهم عن سر بعض تحقيق توحيدك فشاهدتهم بعض الملكوتيات وذلك من بعض الكرامات وأشهدتهم بعض أنوار قدسك فلاح لهم بعض التجليات، إنك مجيب الدعوات وكاشف الكربات وراحم العبرات يا من عمت رحمته الأحياء والأموات.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد([115]) صاحب المعجزات الظاهرات والآيات الباهرات وسلم تسليما كثيرا.
والله تعالى أعلم.

وكتب هذه المعاني([116]) أبو بكر بن([117]) محمد الحسيني الحصني الشافعي.
وهذا آخر ما وجد بخطه وأرضاه وجعل الجنة متقلبه ومثواه بمحمد وآله ونفعنا به في الدنيا والآخرة.

[ صورة ما وجد بخط قاضي القضاة نجم الدين بن حجي ] *
تغمده الله تعالى برحمته([118]) الله الهادي للصواب

هذا الرجل المسئول عنه في الاستفتاء كان عالما متعبداً، ولكنه ضلّ في مسائل عديدة عن الطريق المستقيم والمنهج القويم، لا جرم سجن بسجن الشرع الشريف بعد الترسيم وأفضى به إعجابه بنفسه إلى الجنوح إلى التجسيم الذي ابتدته([119]) اليهود الذين أشركوا بالواحد الأحد المعبود.

وتغالى فيه أصحابه وأتباعه حتى([120]) قدموه على جميع([121]) الأئمة وعلى علماء الأمة./ [9-ب ].

وهجر مذهب الإمام أحمد الذي أتباعه بالإجماع أولى وأحمد، ورد عليه العلماء المحققون.
وسجنه حكام الشريع([122]) الأقدمون ونودى بدمشق أن لا ينظر أحدٌ في كلامه وكتبه وهرب كلٌّ من أتباعه ومَن هو على مذهبه واعتقاده([123]).

والعجب كل العجب من جُهَّال حنابلة هذا الزمان يغضبون إذا قيل لهم: (أخطأ ابن تيمية)، وربما اعتقد بعضهم أن قائل ذلك ملحد، ولا يغضبون إذا قيل لهم: أخطأ الشافعي وأبو حنيفة ومالك والإمام أحمد.

اللهم اشهد أني برئ من كل مجسم ومشبه ومعطل وإباحي وحلولي واتحادي وزنديق وملحد ومن كل من خالف اعتقاد أهل السنة والجماعة.

وبرئ من كل من منع من زيارة قبر سيدنا رسول الله ومن شد الرحل إليه ومن زيارة قبور الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين.

اللهم وإني أسألك وأتوسل إليك بسيد الأولين والآخرين ورسول([124]) رب العالمين([125]) والأولياء والصالحين أن تحييني على الإسلام وتميتني على الإيمان على اعتقاد أهل السنة والجماعة سالما من اعتقاد أهل الزيغ والضلال والبدع والإضلال([126]).
ونفعنا والمسلمين ببركة سيدنا الشيخ [ الإمام ] ([127]) الرباني المجيب عن هذا السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

كتبه عمر بن حجي الشافعي

[ صورة ما وجد بخط الشيخ برهان الدين بن خطيب عذراء ]
رحمه الله تعالى ورضي عنه ([128]) *

الحمد لله وحده وصلواته على خير خلقه.

وقفت على ما أفتى به سيدنا الشيخ الإمام العلامة الرباني المقبل على الله المعرض عن الدنيا القائم بعظيم مآثر سيدنا([129]) رسول الله والحاث على ذلك.

وجوابي فيما أفتى به سيدنا المشار إليه فيما يتعلق بزيارة قبر سيدنا رسول الله كجوابه فزيارة قبره والتوسل به إلى ربه هو اعتقادي عليه أحيا وعليه أموت فإن ذلك من جملة تعظيمه [10-أ ] ومن أخل بتعظيمه في محياه ومماته فهو([130]) محروم شفاعته يوم القيامة وهو إما خبيث الباطن أو جاهل بمقدار سيدنا رسول الله عند ربه وجاهل بكلام العلماء وما نقلوه في([131]) ذلك.

فمن ذلك ما رأيته في تفسير الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى أن جبريل عليه السلام جاء إلى رسول الله فقال([132]) يا أخي يا محمد كنت الساعة خلف جبل قاف رأيت([133]) ملكا من ملائكة([134]) الله تعالى كنت أعرفه في السماء الرابعة وفي خدمته أربعمائة ألف ملك رأيته مكسور الأجنحة ملقى خلف جبل قاف فسألته ما السبب في ذلك فقال يا أخي يا جبريل مرّ علىّ محمد رسول الله([135]) ليلة الإسراء ما قمت له فصيرني إلى هذه الحالة فقال رسول الله يا أخي يا جبريل أما أشفع له إلى ربه ليعيده؟ فقال: الأمر إليك فشفع له فأعاده إلى منزلته.

ورأيت في أوائل الشفاء للقاضي عياض رحمه الله([136]) عن وهب بن منبه أنه قال قرأت سبعين كتابا فكلها أجد فيها أن عقول الخلائق بالنسبة إلى عقل محمد([137]) كرملة بين رمال الدنيا فمن أكرمه ربه بذلك كيف لا يتوسل به إليه؟
انظر إلى من كانت له حاجة عند مخلوق وأحب قضائها فإنه يتوسل إليه بمن يحبه وقد ورد:
» اللهم إني أتوسل إليك بكتابك الذي أنزلت [ ونبيك ]([138]) الذي أرسلت « .
وقد توسل به آدم وغيره إلى ربه قبل وجوده في الظاهر فما ظنك بعد بروزه إلى الوجود؟
وقد توسل عمر بعمه العباس عام الرمادة([139]) حين استسقى فما رجعوا حتى خاضوا الغدران .
وفي الأحكام السلطانية للماوردي أنه قال » من [ زار قبري ] وجبت له شفاعتي « كما قاله الشيخ المجيب أولا وتخريجه كما قاله أيضاً .
وحكى العُتبي قال كنت عند قبر رسول الله فأتاه أعرابي فقال يا رسول الله إني وجدت الله تعالى([140]) يقول ولو أنهم [10- ب ] إذ ظلموا أنفسهم الآية وقد جئت مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى([141]) ربي ثم أنشد الأبيات المعروفة وهي:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه
نفـسى الفداء لقـبر أنت ساكنه

فطاب من طيبهن القاع والأكم
فيـه العفـاف وفيه الجود والكرم
زاد([142]) الشيخ تقي الدين الحصني في بعض كتبه هذين البيتين .
وفيه كل خصال الخير قد جمعت
وهـو الـذي نـرتجي في كل نائبة

فلذ به فهو من تدعى له الذمم
وفي المعـاد إذا زلـت بنـا القـدم
ثم ركب راحلته وانصرف قال العتبي تعقبت([143]) إغفاءه فرأيت رسول الله يقول يا عُتبي إلحق الأعرابي وأخبره أن الله تعالى غفر له .
والكلام في مثل ذلك لا يحصى ولا يعد وقصد الشيخ المجيب من([144]) ذلك الرد على أتباع ابن تيمية والتحذير من الاغترار بأقوالهم وإلا فهو قد انقضى وأفضى إلى ما قدم وجهل أتباعه وخطأهم أظهر من أن تنصب([145]) عليهم دليلا .
وقد ذكر البغوي في أوائل تفسيره أن الكفر على أربعة أقسام:
كفر إنكار، وكفر جحود، وكفر عناد، وكفر نفاق.
وهذا الأخير هو أن يقر باللسان ولا يعتقد بالقلب وباقي الأقسام معروفة.
وقد استوفى المجيب أولا أبقاه الله تعالى ولا حاجة إلى الزيادة عليه والله تعالى أعلم.
وكتبه([146]) إبراهيم بن الخطيب الشافعي.
والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله. أهل بيته الطيبين الطاهرين ورضي الله تعالى عن السادة الصحابة أجمعين.

ختام الفتاوى السهمية للمحقق
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين وبعد:

فإن هناك كثيرين آخرين ذهبوا إلى كفر ابن تيمية أو على الأقل وصفوا بعض آراءه ومعتقداته وفتاويه بأنها كفريات مخرجة من الملة وإن لم يخرج القائل بها لعذر مّا، ونصُّوا على ذلك، منهم:

1- الإمام تقي الدين السبكي

والمطالع لكتابه الدرة المضية والاعتبار ببقاء الجنة والنار وغيرهما يجد ذلك في كلامه وقد سبق نقل مقدمة الدرة المضية، وأثناء كلامه فيها أثبت إجماع الأمة على وقوع الطلاق المعلق ثم ذكر أن من العلماء من ذهبوا إلى كفر الخارج على الإجماع وجلالة الإمام السبكي ورفعة قدره معلومة بما يغني عن ذكرها ملحق نموذج لرده عليه في موضوع طلاق الثلاث.

أما بعد فإنه لما أحدث ابن تيمية ما أحدث في أصول العقائد ونقض من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد بعد أن كان مستتراً بتبعية الكتاب والسنة مظهراً أنه داع إلى الحق هاد إلى الجنة فخرج عن الاتباع إلى الابتداع وشذ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدسة وأن الافتقار إلى الجزء ليس بمحال وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى وأن القرآن محدث تكلم الله به بعد أن لم يكن وأنه يتكلم ويسكت ويحدث في ذاته الإرادات بحسب الخلوقات وتعدى في ذلك إلى استلزام قدم العالم (والتزامه ) بالقول بأنه لا أول للمخلوقات فقال بحوادث لا أول لها فأثبت الصفة القديمة حادثة والمخلوق الحادث قديماً ولم يجمع أحد هذين القولين في ملة من الملل ولا نحلة من النحل فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاثة والسبعين التي افترقت عليها الأمة ولا وقف به مع أمة من الأمم همة، وكل ذلك وإن كان كفراً شنيعاً مما نقل جملته بالنسبة إلى ما أحدث في الفروع فإن متلقي الأصول عنه وفاهم ذلك منه هم الأقلون والداعي إليه من أصحابه هم الأرذلون وإذا حوققوا في ذلك أنكروا وفروا منه كما يفرون من المكروه، ونبهاء أصحابه ومتدينوهم لا يظهر لهم إلا مجرد التبعية للكتاب والسنة والوقوف عند ما دلت عليه من غير زيادة ولا تشبيه ولا تمثيل.

وأما ما أحدثه في الفروع فأمر قد عمت به البلوى وهو الإفتاء في تعليق الطلاق على وجه اليمين بالكفارة عند الحنث وقد استروح العامة إلى قوله وتسارعوا إليه وخفت عليهم أحكام الطلاق وتعدى إلى القول بأن الثلاث لا تقع مجموعة إذا أرسلها الزوج على الزوجة وكتب في المسألتين كراريس مطولة ومختصرة أتى فيها بالعجب العجاب وفتح من الباطل كل باب.

وكان الله تعالى قد وفق لبيان خطئه وتهافت قوله ومخالفته لكتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة، وقد عرف ذلك خواص العلماء ومن يفهم من عوام الفقهاء، ثم بلغني أنه بث دعاته في أقطار الأرض لنشر دعوته الخبيثة وأضل بذلك جماعة من العوام ومن العرب والفلاحين وأهل البلاد البرانية وليس عليهم مسألة اليمين بالطلاق حتى أوهمهم دخولها في قوله تعالى } لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم { الآية وكذلك في قوله تعالى } قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم { الآية فعسر عليهم الجواب وقالوا هذا كتاب الله سبحانه وبقى في قلوبهم شبه من قوله حتى ذاكرني بذلك بعض المشايخ ممن جمع علماً وعملا وبلغ من المقامات الفاخرة الموصلة إلى الآخرة أملا ورأيته متطلعاً إلى الجواب عن هذه الشبهة وبيان الحق في هذه المسألة على وجه مختصر يفهمه من لم يمارس كتب الفقه ولا ناظر في الجدل فكتبت هذه الأوراق على وجه ينتفع به من نور الله قلبه وأحب لزوم الجماعة وكره تبعية من شذ من الشياطين وبالله أستعين وعليه توكلت وهو حسبي ونعم الوكيل.
وقد رتبت الكلام على ثلاثة فصول:
الفصل الأول في بيان حكم هذه المسألة.
الفصل الثاني: في كلام إجمالي يدفع الاستدلال المذكور.
الفصل الثالث: في الجواب عن ذلك الاستدلال بخصوصه تفصيلا.

الفصل الأول:

اعلم أن الطلاق يقع على وجه محرم ويسمى طلاق البدعة كالطلاق في الحيض، وعلى وجه غير محرم ويسمى الطلاق السني، وقد أجمعت الأمة على نفوذ الطلاق البدعي كنفود السني إلا ما يحكى في جمع الثلاث على قولنا أنه بدعي فإذا طلق امرأته على الوجه المنهي عنه وهذا ليس فيه بين الأمة خلاف يعتبر إلا أن الظاهرية الذين يخالفون الإجماع في مسائل من الطلاق وغيره خالفوا في هذه المسألة وهم محجوجون بالإجماع والحديث فقد طلق ابن عمر رضي الله عنهما امرأته وهي حائض فسأل عمر رسول الله عن ذلك فقال مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء وهو في الصحيحين وفي لفظ قال ابن عمر فطلقها وحسبت لها التطليقة التي طلقها وهو في الصحيح مع أن أهل الظاهر يقولون لو طلقها في الحيض ثلاثاً نفذ وكذلك لو طلقها في طهر مسها فيه، والقصد أن الطلاق في الحيض على وجه البدعة نافذ على ما دل عليه الحديث المذكور، وما ورد في بعض روايات هذا الحديث أن عبد الله بن عمر قال فردها علي ولم يرها شيئاً متأول عند العلماء ومحمول على معنى الرواية الأخرى وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما من غير وجه الاعتداد بتلك الطلقة وإنفاذها عليه وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز } يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن { يعني لقبل عدتهن وقد قرئ كذلك والمراد أن يوقع الطلاق على وجه تستقبل المرأة العدة بعده وإذا وقع الطلاق في الحيض لم تعتد المرأة بأيام بقية الحيض من عدتها فتطول عليها العدة وقيل ليطلق في الطهر فربما كان الطلاق في الحيض لعدم حل الوطء فيه وقد جاء في بعض ألفاظ هذا الحديث » فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء « يعني في هذه الآية فقد دل الكتاب والسنة على أن الطلاق في الحيض محرم ومع ذلك فقد قضي النبي بنفوذه والاعتداد به وإن كان قد خالف الوجه الذي شرع الطلاق فيه فرأينا الشرع أوقع بدعة الطلاق كما أوقع سنته وما ذلك إلا لقوة الطلاق ونفوذه وكذلك إذا جمع الطلقات الثلاث في كلمة فهو مخالف لوجه السنة في قول جماعة من السلف بل أكثرهم ومع ذلك يلزمونه الثلاث.

وقد أتى ابن العباس رجل فقال أن عمي طلّق امرأته ثلاثاً فقال إن عمك عصى الله فأندمه الله ولم يجعل له مخرجاً وعن أنس قال كان عمر إذا أتى برجل طلق امرأته ثلاثاً في مجلس واحد أوجعه ضربا وفرق بينهما، وعن عمران بن حصين أنه سئل عن رجل طلق امرأته ثلاثا في مجلس قال: (أثم وحرمت عليه امرأته)، وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (من طلق امرأته ثلاثاً فقد عصى ربه وبانت منه امرأته).

فهذه أقوال الصحابة في إثم من جمع الطلقات الثلاث لمخالفته السنة ومع ذلك يوقعونها عليه وما ذلك إلا لقوة الطلاق ونفوذه وقد قال النبي »ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة « فجعل هزل الطلاق جداً ولم نعرف بين الأمة خلافاً في إيقاع طلاق الهازل وما ذلك إلا لأنه أطلق لفظ الطلاق مريداً معناه ولكنه لم يقصد حل قيد نكاح امرأته بذلك ولا قصد إيقاع الطلاق عليها بل هزل ولعب ومع ذلك فلم يعتبر الشارع قصده وإنما ألزمه موجب لفظه الذي أطلقه وواخذه به وما ذلك إلا لقوة الطلاق ونفوذه.

ثم إن الطلاق يكون منجزاً ويكون معلقاً على شرط فالمنجز كقوله أنت طالق والمعلق كقوله إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق وإن دخلت الدار فأنت طالق، وقد أجمعت الأمة على وقوع المعلق كوقوع المنجز فإن الطلاق مما يقبل التعليق، لم يظهر الخلاف في ذلك إلا عن طوائف من الروافض، ولما حدث مذهب الظاهرية المخالفين لإجماع الأمة المنكرين للقياس خالفوا في ذلك فلم يوقعوا الطلاق المعلق ولكنهم قد سبقهم إجماع الأمة فلم يكن قولهم معتبراً لأن من خالف الإجماع لم يعتبر قوله وقد سبق إجماع الأمة على وقوع الطلاق المعلق قبل حدوث الظاهرية، وإنما اختلف العلماء إذا علق الطلاق على أمر واقع أو مقصود كقوله إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق هل يتنجز الطلاق من حين علق ولا يتأخر إلى وقوع الشرط وهو مجئ رأس الشهر فيه قولان فيه للعلماء مشهوران لأنه لمّا علق على شرط واقع فقد قصد إيقاع الطلاق ورضي به فتنجز من وقته.

وهذا ابن تيمية لم يخالف في تعليق الطلاق وقد صرح بذلك فليس مذهبه كمذهب الظاهرية في منع نفوذ الطلاق المعلق، ثم إن الطلاق المعلق منه ما يعلق على وجه اليمين ومنه ما يعلق على غير وجه اليمين فالطلاق المعلق على غير وجه اليمين كقوله إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق أو إن أعطيتني ألفاً فأنت طالق، والذي على وجه اليمين كقوله إن كلمت فلاناً فأنت طالق أو إن دخلت الدار فأنت طالق وهو الذي يقصد به الحث أو المنع أو التصديق فإذا علق الطلاق على هذا الوجه ثم وجد المعلق عليه وقع الطلاق وهذه المسألة التي ابتدأ ابن تيمية بدعته وقصد التوصل بها إلى غيرها إن تمت له وقد اجتمعت الأمة على وقوع الطلاق المعلق سواء كان على وجه اليمين أو لا على وجه اليمين هذا مما لم يختلفوا فيه وإجماع الأمة معصوم من الخطأ وكل من قال بهذا من العلماء لم يفرق بين المعلق على وجه اليمين أو لا على وجه اليمين بل قالوا الكل يقع .

وقد لبس ابن تيمية بوجود خلاف في هذه المسألة وهو كذب وافتراء وجرأة منه على الإسلام وقد نقل إجماع الأمة على ذلك أئمة لا يرتاب في قولهم ولا يتوقف في صحة نقلهم فممن نقل ذلك الإمام الشافعي وناهيك به فإنه الإمام القرشي الذي يملأ طبق الأرض علماً، وثناء إمام هذا المبتدع الذي ينتسب إليه وهو برئ من بدعته- وهو الإمام أحمد - على الشافعي معروف وتبعيته له ومشيه في ركابه وأخذه عنه مشهور، وممن نقل الإجماع على هذه المسألة الإمام المجتهد أبو عبيد وهو من أئمة الاجتهاد كالشافعي وأحمد وغيرهما وكذلك نقله أبو ثور وهو من الأئمة أيضاً، وكذلك نقل الإجماع على وقوع الطلاق الإمام محمد بن جرير الطبري وهو من أئمة الاجتهاد أصحاب المذاهب المتبوعة.
وكذلك نقل الإجماع الإمام أبو بكر بن المنذر ونقله أيضاً الإمام الرباني المشهور بالولاية والعلم محمد بن نصر المروزي ونقله الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتاببه » التمهيد « و »والاستذكار « وبسط القول فيه على وجه لم يبق لقائل مقالا ونقل الإجماع الإمام ابن رشد في كتاب » المقدمات « له ونقله الإمام الباجي في »المنتقي « وغير هؤلاء من الأئمة ،
وأما الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأتباعهم فلم يختلفوا في هذه المسألة بل كلهم نصوا على وقوع الطلاق وهذا مستقر بين الأمة والإمام أحمد أكثرهم نصاً عليها فإنه نص على وقوع الطلاق ونص على أن يمين الطلاق والعتاق ليست من الأيمان التي تكفر ولا تدخل فيها الكفارة وذكر العتق وذكر الأثر الذي استدل به ابن تيمية فيه وهو خبر ليلى بنت العجماء الذي بني ابن تيمية حجته عليه وعلله ورده وأخذ آخر صح عنده وهو أثر عثمان بن حاضر وفيه فتوى ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وجابر رضي الله عنهم بإيقاع العتق على الحانث في اليمين به ولم يعمل بأثر ليلي بنت العجماء ولم يبق في المسألة إلباساً بل كان قصده الحق.

وإذا كانت الأمة مجمعة على وقوع الطلاق لم يجز لأحد مخالفتهم فإن الإجماع من أقوى الحجج الشرعية وقد عصم الله هذه الأمة عن أن تجتمع على الخطأ فإن إجماعهم صواب.

وقد أطلق كثير من العلماء القول بأن مخالف إجماع الأمة كافر وشرط المفتي أن لا يفتي بقول يخالف أقوال العلماء المتقدمين وإذا أفتى بذلك ردت فتواه ومنع من أخذ بقوله، ودل الكتاب والسنة على أنه لا يجوز مخالفة الإجماع قال الله تعالى }ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً { فقد توعد على مخالفة سبيل المؤمنين واتباع غير سبيلهم بهذا الوعيد العظيم، ومخالف إجماع الأمة متبع غير سبيل المؤمنين فكيف يعتبر قوله، وقال تعالى }وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس « والوسط الخيار والشهداء على الناس العدول عليهم فلا يحتمعون على الخطأ، وقال تعالى }كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر { وهذا يدل على أن مجموعهم يأمرون بكل معروف([147]) وينهون عن كل منكر فلو أجمعوا على الخطأ لأمروا ببعض المنكر ونهوا عن بعض المعروف ومحال أن يتصفوا بذلك وقد وصفهم الله بخلافه.

وقد ورد في الأحاديث ما يدل مجموعه على عصمة جماعتهم عن الخطأ والضلال والمسألة مبسوطة مقررة في موضعها والقصد هنا أن الأمة مجتمعة على وقوع هذا الطلاق فمن خالفهم فقد خالف الجماعة وخالف النبي في أمره بلزوم الجماعة وكان الشيطان معه فإن الشيطان مع الواحد .
ثم إن هذا المبتدع ابن تيمية ادعى أن هذا القول قال به طاووس واعتمد على نقل شاذ وجده في كتاب ابن حزم الظاهري »عن مصنف عبد الرزاق « ولم ينقل هذا القول عن أحد بخصوصه في الطلاق إلا عن طاووس كما ذكر وعن أهل الظاهر.

أما طاووس فقد صح النقل عنه بخلاف ذلك وقد أفتى بوقوع الطلاق في هذه المسألة ونقل ذلك عنه بالسند الصحيح في عدة مصنفات جليلة منها كتاب » السنن « لسعيد بن منصور ومنها » مصنف عبد الرزاق « الذي ادعى المخالف أن النقل عنه بخلاف ذلك وقد وضح كذبه في هذا النقل فإن المنقول في مصنف عبد الرزاق عن طاووس خلاف هذا الذي نسبه إليه ابن تيمية والأثر الذي نقله عن طاووس إنما ذكره عبد الرزاق في طلاق المكره فلبَّسَ ابن حزم الظاهري النقل وتبعه هذا المبتدع.
وعن كلام طاوس- لو صح عنه أجوبة- كثيرة غير هذا مبينة في كتابنا ( الرد على ابن تيمية) .

وأما أهل الظاهر فيقولون أن الطلاق المعلق كله لا يقع ولم يقل ابن تيمية بذلك وهم مخالفون للإجماع لا يعتبر قولهم، ويقولون أن الطلاق المعلق على وجه اليمين لا كفارة فيه ولم يقل ابن تيمية بذلك فهو مخالف لهم في بدعته متمسك بقولهم الذي لا يعتبر، وقد قال ابن حزم أن جميع المخالفين له لا يختلفون في أن اليمين.

وقال هذا المبتدع أن هذه المسألة لم يتكلم فيها الصحابة لأنه لم يكن يحلف بالطلاق في زمانهم: ثم بعد هذا القول نسب إلى الصحابة رضوان الله عليهم أنهم يقولون بقوله فكذب أولاً وآخراً .

أما كذبه أولاً فإنه قال أن الصحابة لم تتكلم في هذه المسألة وليس كذلك ففي صحيح البخاري فتوى ابن عمر رضي الله عنهما بالإيقاع قال البخاري قال نافع طلق رجل امرأته ألبتة إن خرجت فقال ابن عمر إن خرجت فقد بانت منه وإن لم تخرج فليس بشيء .

وهذه فتوى ظاهرها في هذه المسألة بإيقاع الطلاق ألبتة إن خرجت وهو وقوع المعلق عليه وبه يحصل الحنث فأوقع ابن عمر الطلاق على الحالف به عند الحنث في يمينه.

ومن مثل ابن عمر رضي الله عنهما في دينه وعلمه وزهده وورعه وصحة فتاويه، ولا يعرف أحد من الصحابة خالف ابن عمر في هذه الفتوى ولا أنكرها عليه، وقد قضى علي في يمين بالطلاق بما يقتضي الإيقاع فإنهم رفعوا الحالف إليه ليفرقوا بينه وبين الزوجة بحنثه في اليمين فاعتبر القضية فرأى فيها ما يقتضي الإكراه فرد الزوجة عليه لأجل الإكراه وهو ظاهر في أنه يرى الإيقاع لو لا الإكراه .

وفي » سنن البيهقي « بسند صحيح عن ابن مسعود في رجل قال لامرأته إن فعلت كذا وكذا فهي طالق ففعلته قال هي واحدة وهو أحق بها فأوقع الطلاق واحدة عند الحنث بمقتضى اللفظ ولم يوجب كفارة.

ومن مثل عبد الله بن مسعود الذي قال النبي » كنيف ملئ علما« وقال » من أراد أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد « ولم يخالفه أحد من الصحابة رضي الله عنهم في ذلك.
وقول الصحابة حجة شرعية في قول جمهور العلماء وقد أخبر النبي أنهم كالنجوم يهتدى بهم فلا هدى أتم من هديهم.

وأما كذبه ثانيا فلأنه قال لم يكن يحلف بالطلاق في عهد الصحابة وهذه وقائع فيها الحالف بالطلاق ونقلت أيضاً حكومة أخرى وقعت عند علي في رجل حلف بالطلاق أنه لا يطأ امرأته حتى يعظم ولده، بل نقل عن بعض الصحابة أنه حلف بالطلاق وهو أبو ذر لما سألته امرأته عن الساعة التي يستجاب الدعاء فيها يوم الجمعة وأكثرت فقال لها: (زيغ الشمس) يشير إلى ذراع (فإن سألتني بعدها فأنت طالق) فحلف عليها بالطلاق أن لا تعاود المسألة، وفي ذلك آثار كثيرة غير هذا مذكورة في المصنف المبسوط،

وأما كذبه آخراً فلأنه نسب إلى الصحابة رضوان الله عليهم القول بأن الطلاق لا يقع وأنه تجب الكفارة مع اعترافه أن ذلك لم يقع في عهدهم وهذه مكابرة قبيحة وكذب صريح .

وقد قالت عائشة رضي الله عنها: (كل يمين وإن عظمت ليس فيها طلاق ولا عتاق ففيها كفارة يمين) فاستثنت يمين الطلاق ويمين العتاق من الكفارة ، وهذا الأثر نقله ابن عبد البر في »التمهيد« وفي »الاستذكار« بهذا اللفظ مسنداً، ونقله هذا المبتدع فأسقط منه قوله: (ليس فيها طلاق ولا عتاق) ليوهم أن عائشة رضي الله عنها تقول بالكفارة في يمين الطلاق والعتق.

فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون!

فهذا عصر الصحابة لم ينقل فيه إلا الإفتاء بالوقوع وأما التابعون رضي الله عنهم فأئمة العلم منهم معدودون معروفون وهم الذين تنقل مذاهبهم وفتاويهم ولم ينقل هذا المبتدع عن أحد منهم بعينه نصاً في هذه المسألة غير مانسبه إلى طاووس مع أنه يدعي إجماعهم على قوله مكابرة كما فعل في الصحابة، وقد نقلنا من الكتب المعروفة الصحيحة كجامع عبد الرزّاق« و »مصنف ابن أبي شيبة« و »سنن سعيد بن منصور« و» السنن الكبرى للبيهقي« وغيرها فتاوى التابعين أئمة الاجتهاد وكلهم بالأسانيد الصحيحة أنهم أوقعوا الطلاق بالحنث في اليمين ولم يقضوا بالكفارة وهم: سعيد بن المسيب أفضل التابعين والحسن البصري وعطاء والشعبي وشريح وسعيد بن جبير وطاووس ومجاهد وقتادة والزهري وأبو مخلد والفقهاء السبعة فقهاء المدينة وهم: عروة بن الزبير والقاسم بن محمد بن أبي بكر وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وخارجة بن زيد وأبو بكر بن عبد الرحمن وسالم بن عبد الله بن عمر، وسليمان بن يسار، وهؤلاء إذا اجمعوا على مسألة كان قولهم مقدماً على غيرهم، وأصحاب ابن مسعود السادات وهم: علقمة والأسود ومسروق وعبيدة السلماني وأبو وائل شقيق بن سلمة وطارق ابن شهاب وزر بن حبيش وغير هؤلاء من التابعين مثل ابن شبرمة وأبو عمرو الشيباني وأبو الأحوص وزيد بن وهب والحكم وعمر بن عبد العزيز وخلاص بن عمرو .

كل هؤلاء نقلت فتاويهم بإيقاع الطلاق لم يختلفوا في ذلك.

ومن هم علماء التابعين غير هؤلاء !

فهذا عصر الصحابة وعصر التابعين كلهم قائلون بالإيقاع ولم يقل أحد أن هذا مما يجري به الكفارة.
وأما من بعد هذين العصرين فمذاهبهم معروفة مشهورة كلها تشهد بصحة هذا القول كأبي حنيفة وسفيان الثوري ومالك والشافعي وأحمد وإسحق وأبي عبيد وأبي ثور وابن المنذر وابن جرير الطبري .

وهذه مذاهبهم منقولة بين أيدينا ولم يختلفوا في هذه المسألة فإذا كان الصدر الأول وعصر الصحابة رضي الله عنهم وعصر التابعين لهم بإحسان بعدهم وعصر تابعي التابعين لم ينقل عنهم خلاف في هذه المسألة.

وهذا المبتدع يسلم أن بعد هذه الأعصار الثلاثة لم يقل إمام مجتهد بخلاف قولنا فكيف يسوغ مخالفة قول استقر من زمن النبي وإلى الآن بقول مبتدع يقصد نقض عرى الإسلام ومخالفة سلف الأمة.
أكان الحق قد خفي عن الأمة كلها في هذه الأعصار المتتابعة حتى ظهر هذا الزائغ بما ظهر به! هيهات .

وهذا واضح لذوي البصائر وأرباب القلوب المنورة بنور اليقين.

} أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين { .

ولكن قد عميت البصائر والناس سراع إلى الفتنة راغبون في المحدثات وقد قال النبي » كل محدثة ضلالة «.



2- الإمام علاء الدين محمد بن محمد بن محمد البخاري([148])
يقول السخاوي عنه في (الضوء اللامع) ج11/292- 293:
» ثم بعد ذلك سنة أربع وثلاثين أو قبلها تحول إلى دمشق فقطنها وصنف رسالته فاضحة الملحدين بين فيها زيف ابن عربي وقرأها عليه شيخنا العلاء القلقشندي هناك في شعبان سنة أربع وثلاثين ثم البلاطنسي وآخرون وكذا اتفقت له حوادث بدمشق منها أنه كان يسأل عن مقالات التقي بن تيمية التي انفرد بها فيجيب بما يظهر له من الخطأ فيها وينفر عنه قلبه إلى أن استحكم أمره عنده فصرح بتبديعه ثم تكفيره ثم صار يصرح في مجلس بأن من أطلق على ابن تيمية أنه شيخ الإسلام فهو بهذا الإطلاق كافر واشتهر ذلك فانتدب حافظ الشام الشمس بن ناصر الدين لجمع كتاب سماه (الرد الوافر على من زعم أن من أطلق على بن تيمية أنه شيخ الإسلام كافر) .
جمع فيه كلام من أطلق عليه ذلك من الأئمة الأعلام من أهل عصره من جميع أهل المذاهب سوى الحنابلة وذلك شيء كثير وضمنه الكثير من ترجمة ابن تيمية وأرسل منه نسخة إلى القاهرة فقرظه من أئمتها شيخنا والعلم البلقيني والتفهني والعيني والبساطي ولكي يتضح وجهة نظر المعارضين له ننقل بعض كلام أحدهم (البساطي) وهو من خصوم علاء الدين البخاري يقول البساطي موجهاً كلامه للبخاري:
» … لو فرضنا أنك اطلعت على ما يقتضي هذا في حقك فما مستندك في الكلام الثاني وكيف تصلح لك هذه الكلية المتناولة لمن سبقك ولمن هو آت بعدم إلى يوم القيامة؟ وهل يمكنك أن تدعي أن الكل اطلعوا على ما اطلعت أنت عليه ؟!… « الخ انظر الضوء اللامع.
وواضح من ذلك أنه لم ينكر عليه اجتهاده ورأيه في تكفير ابن تيمية رغم عدم موافقته له فيما يبدو، بل كان اعتراضه منصبا على تبرئة من وصف ابن تيمية بأنه شيخ الإسلام والاعتذار به بأنه لم يطلع على مخالفاته المكفرة او على وجه الخطأ فيها ومداه، وهو محق في ذلك.
لكن من تتلمذ على ابن تيمية وشرب آراءه واتبرى للدفاع عنها مثل ابن القيم مثلا لا شك في أنه يشمله نفس حكم ابن تيمية أيا كان نوع الحكم.
وعلى جميع الحالات فآراء ابن تيمية المشكلة وسلوكه المشين كانا وراء وضعه في هذا الموقف الصعب ووراء تمزيق الأمة إلى يومنا هذا فعليه وزر ضلاله وضلال متبعيه وليس العلاء البخاري- وإمامته ليست محل شك- بالذي يلقي الكلام على عواهنه أو يخبط خبط عشواء على الأقل في تقييمه لأفكار ابن تيمية وآرائه نسأل الله السلامة في الدين والبعد عن كل من يشق عصا المؤمنين ويتبع غير سبيلهم .
3- الإمام على القاري الحنفي
نقلنا عنه من شرحه على (الشفا) للقاضي عياض قوله في تكفير من قال بتحريم ما أجمع العلماء على استحبابه وأنه أقرب وآكد من تكفير من حرم المباح وقد سبق ذكره في تعليقنا على دفع الشبه.
وكل هذا بناء على تحليل أسلوبه الذي ينم عن تلاعبه بالشريعة وليس مجرد اجتهاد في الرأي فالاجتهاد في الرأي لا يبيح لصاحبه الكذب في نقل الإجماع في مسائل ويكون الإجماع في الحقيقة على خلافها أو ليس فيها إجماع أصلا !.
والاجتهاد لا يبيح لصاحبه أن يروى الأحاديث ويبتر منها ما يدل على عكس مراده الخ وإذا لم يكن هذا رغبة في نشر الباطل- الذي يعلم أنه باطل- بين المسلمين ، فماذا نسميه؟ هذا السلوك موجود في فتاويه في :
أ- التوسل.
ب- زيارة قبر النبي .
ج) الطلاق المعلق وطلاق الثلاث.
نسأل الله الهداية لمن خدعوا ببعض أفكاره أو أفكار أتباعه ونناشد علماء الأمة غربلة كل ما دخل من آرائه في حياة المسلمين منعا للفتنة وسداً لبابها وعدم اعتباره بعد الآن قدوة يتبع في أحكام الدين وعقائده فجمهور الأمة المعصومة قد أغنانا الله بهم عن ذلك والحمد لله أولا وآخراً وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وأصحابه المهتدين وأتباعه إلى يوم الدين.


4- شمس الدين محمد الذهبي (النصيحة الذهبية)
(عن أصل منقول بخط الفقيه ابن قاضي شهبة عن خط البرهان بن جماعة التي كتبها من نسخة الحافظ الصلاح العلائي المأخوذة من خط الذهبي نفسه)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على ذلتي يا رب ارحمني وأقلني عثرتي. واحفظ علي إيماني. وآحزناه على قلة حزني. وآأسفاه على السنة وذهاب أهلها. وآشوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونونني على البكاء. وآحزناه على فقد أناس كانوا مصابيح العلم وأهل التقوى وكنوز الخيران. آه على وجود درهم حلال وأخ مؤنس.
طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس وتباً لمن شغله عيوب الناس عن عيبه. إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينك؟ إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك وتذم العلماء وتتبع عورات الناس مع علمك بنهي الرسول : » لا تذكروا موتاكم إلا بخير فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا « . بلى أعرف إنك تقول لي لتنصر نفسك: إنما الوقيعة في هؤلاء الذين ما شموا رائحة الإسلام ولا عرفوا ما جاء به محمد وهو جهاد.
بلى والله عرفوا خيراً مما إذا عمل به العبد فقد فاز وجعلوا شيئاً كثيراً مما لا يعنيهم و: » من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه «.
يا رجل بالله عليك كف عنا فإنك محجاج عليم اللسان لا تقر ولا تنام.
إياكم والأغلوطات في الدين، كره نبيك المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال وقال: » أن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان« ، وكثرة الكلام بغير زلل تقسي القلب إذا كان في الحلال والحرام فكيف إذا كان في العبارات اليونسية والفلاسفة وتلك الكفريات التي تعمي القلوب؟ والله قد صرنا ضحكة في الوجود. فإلى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية لنرد عليها بعقولنا.
يا رجل قد بلعت سموم الفلاسفة ومصنفاتهم مرات، وبكثرة استعمال السموم يدمن عليها الجسم وتكمن والله في البدن.
واشوقاه إلى مجلس فيه تلاوة بتدبر، وخشية بتذكر، وصمت بتفكر، وآها لمجلس يذكر فيه الأبرار فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة، لا عند ذكر الصالحين يذكرون بالازدراء واللعنة، كان سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما ! بالله خلونا من ذكر بدعة الخميس وأكل الحبوب، وجدوا في ذكر بدع كنا نعدها رأساً من الضلال قد صارت هي محض السنة وأساس التوحيد ومن لم يعرفها فهو كافر أو حمار ومن لم يكفر فهو أكفر من فرعون، وتعد النصارى مثلنا، والله أن في القلوب شكوك أن سلم لك إيمانك بالشهادتين فأنت سعيد .
يا خيبة من اتبعك فإنه معرض للزندقة والانحلال، ولا سيما إذا كان قليل العلم والدين باطوليا شهوانيا، لكنه ينفعك ويجاهد عنك بيده ولسانه وفي الباطن عدو لك، بحاله وقلبه فهل معظم اتباعك إلا قعيد مربوط خفيف العقل أو عامي كذاب بليد الذهن أو غريب واجم قوي بالمكر، أو ناشف صالح عديم الفهم، فإن لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل، يا مسلم أٌدم حمار شهوتك لمدح نفسك، إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار؟ إلى كم تصدقها وتزدري بالأبرار؟ إلى كم تعظمها وتصغر العباد؟ إلى متى تخاللها وتمقت الزهاد؟ إلى متى تمدح كلامك بكيفية لا مدح بها والله أحاديث الصحيحين، يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف، والأهدار، أو بالتأويل والأنكار.
أما آن لك أن ترعوي؟ أما حان لك أن تتوب وتنيب؟ أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل؟، بلى والله ما أذكر أنك تذكر الموت بل تزدري بمن يذكر الموت. فما أظنك تقبل على قولي ولا تصغي إلى وعظي بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات وتقطع لي أذناب الكلام ولا تزال تنتصر حتى أقوالك: والبتة سكتت .
فإذا كان حالك عندي وأنا الشفوق المحب الواد، فكيف يكون حالك عند أعدائك، وأعداؤك والله فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء كما أن أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر، قد رضيت منك بأن تسبني علانية وتنتفع بمقالتي سراً » رحم الله امرء أهدى إلى عيوبي «، فإني كثير العيوب غزير الذنوب، الويل لي إن أنا لا أتوب، ووافضيحتي من علام الغيوب ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه وهدايته. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين.


([1]) في ن: صورة فتيا رفعت للشيخ تقي الدين الحصني في ابن تيمية فأجاب ونقلت هذه مِن خط مَنْ مِن خطِّه نقل:
([2]) في ن: مقطوعاً.
([3]) في ن: عبادة أو قربة.
([4]) في ن: لإجماع الأمة.
([5]) في م: الكرامات وهو خطأ من الناسخ.
([6]) في م: سقطت عبارة [ أو يقول عند هجوم … يستغيث به ].
([7]) في م: سقطت كلمة (ضال).
([8]) في ن: البيِّن.
([9]) من هنا (وصلى الله … ) وحتى بداية كلام الإمام الحصني غير موجود في النسخة ن.
([10]) في ن : سقطت (إليه).
([11]) في ن : سقطت (عمى).
([12]) في م : سقطت (زيارة).
([13]) في ن: وجمع.
([14]) في ن : وروى.
([15]) في ن : جاء.
([16]) في ن: وأما.
([17]) في ن: كتاب.
([18]) في ن: الحجيج.
([19]) في ن: المستحسنة.
([20]) في ن : وذكر.
([21]) في م: في صلب الصفحة (الإحاطة) وأشار إليها في الهامش بأنها (الإطالة).
([22]) في ن: أو.
([23]) في س: سقطت ( بل).
([24]) في ن: الأئمة من الحنفية.
([25]) في ن: الرماني.
([26]) في ن: (مرغب) بدون واو العطف.
([27]) في ن: وهو من فقه.
([28]) في ن: زيارته وشد الرحال.
([29]) في م: رند.
([30]) في ن: ومن المجموعة …
([31]) في ن: القرطبي.
([32]) في ن: قبره .
([33]) في ن: قبله.
([34]) في ن: العزم.
([35]) في ن: عليه الصلاة والسلام.
([36]) في م: سقطت (أن هذه معصية).
([37]) في ن : عز وجل.
([38]) في ن: أردف ذلك بأنها.
([39]) في م: كذب.
([40]) في ن: أنها موضوعة.
([41]) في ن: عباة سقطت منها الدال.
([42]) في ن: ولإجماع هذه الأمة.
([43]) في ن: تباع.
([44]) في ن: ليشمل.
([45]) في ن: خفية.
([46]) في ن: سافر.
([47]) في س: النابلسي وهو خط من الناسخ.
([48]) في ن: طلب إليه الصحابة.
([49]) في ن: فأذن لهم ولم يتمم.
([50]) في ن: الإمام.
([51]) في ن: تزرني.
([52]) في ن: فجعل.
([53]) في ن: خرجت.
([54]) في م : قالوا.
([55]) في ن: أبعث.
([56]) في ن: ذلك بالمدينة.
([57]) في م : في طلب الصفحة (عليه) وأشار لتصحيحها بالهامش لتصير (له).
([58]) في ن: فلم.
([59]) في ن: أن ذلك.
([60]) في ن: يرجون.
([61]) في ن: آنس.
---------------------
(1) انظر صحيح مسلم كتاب (الجنائز) باب (زيارة القبور)، سنن ابن ماجة كتاب (الجنائر) باب (ما جاء في زيارة القبور) وإسناد ابن ماجة حسن كما نص عليه الحافظ البوصيري.
(2) منهم الخطيب في تاريخه وابن عساكر وابن أبي الدنيا وزاد (وإن لم يعرفه رد عليه السلام) وذكره صاحب (الفردوس) موقوفاً على أبي هريرة. وقد اعترف ابن القيم بأن هذا الحديث نص في أن الميت يعرف الزائر بنفسه ويرد عليه السلام.
(3) في كتاب القبور من حديث عائشة رضي الله عنها. يقول الحافظ العراقي في تخريج أحاديث (الإحياء): » … وفيه عبد الله بن سمعان ولم أقف على حاله ورواه ابن عبد البر في التمهيد من حديث ابن عباس نحوه وصححه عبد الحق الإشبيلي « أ.هـ. بقول الإمام مرتضى الزبيدي في الإتحاف: » إن كان هو عبد الله بن محمد بن أبي يحيى لقبه سحبل واسم أبيه سمعان فهو ثقة وهو الظاهر فإنه ينسب إلى جده… « إلى أن قال: » ويحتمل أن يكون هو عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي المدني وهو أحد الضعفاء المشهورين اتهمه أبو داود بالكذب وقد روى له أبو داود في المراسيل وابن ماجه… « إلى أن حكى قول الذهبي فيه: (تركوه) كل ذلك في حديث عائشة عند ابن أبي الدنيا في كتاب (القبور) ثم قال العلامة الزبيدي: =

---------------------
وأما حديث ابن عباس الذي رواه ابن عبد البر في التمهيد فلفظه » ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام « وقد رواه كذلك في الاستذكار، وهذا الذي صححه عبد الحق في العاقبة، وروى نحو ذلك من حديث أبي هريرة »ما من رجل يزور قبر أخيه فيسلم عليه ويقعد عنده إلا ردّ عليه السلام وأنس به حتى يقوم من عنده« رواه أبو الشيخ والديلمي « .
فالميت مدرك لزائره مستأنس بمن يحبه منهم والشواهد على ذلك كثيرة فقد ثبت في السنة:
1- أن الميت بعد دفنه يسمع نعال مشيعيه.
2- لما وقف رسول الله ينادي قتلى المشركين بعد دفنهم في القليب في بدر، وسأله عمر : (يا رسول الله أتنادي قوما قد جيفوا) وذلك لمرور ثلاثة أيام بعد قتلهم قال : »والله ما أنتم بأسمع لما أقول منهم … « الحديث رواه مسلم.
3- يقول عمرو بن العاص لأهله لما حضرته الوفاة: » فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنّا ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي … « صحيح مسلم- كتاب الإيمان- باب كون الإسلام يهدم ما قبله حديث رقم (314).
([63]) في س: سقط ما بين المعقوفتين.
([64]) في س: وغيرهم وسوى … وهو خطأ من الناسخ.
([65]) في ن: لأن من حط.
([66]) في ن: فيما.
------------------
(1) ذكر الطبرى في تاريخه أحداث معركة اليمامة وفيها أن خالدين الوليد: » … وقف بين الصفين ودعا البراز، ، وقال: أنا ابن الوليد العود أن ابن عامر وزيد ثم نادى بشعار المسلمين وكان شعارهم يومئذ: يا محمداه، وجعل لا يبرز له أحد إلا قتله… « أ.هـ وتناقل المؤرخون هذا الخبر ولم يتهموا سيدنا خالد أو بقية الصحابة والمسلمين في هذه المعركة بالشرك بل رواها ابن كثير تلميذ ابن تيمية في تاريخه ولم يعلق عليها ولم يتهم أحدًا بشرك أو غيره !!
([67]) في س: سقطت ( فإنه ).
([68]) في ن: في كتابه اللفظ …
([69]) في ن: (فمشور) بإسقاط الهاء وهو خطأ من الناسخ.
([70]) في ن: المكرم.
-----------------------
(1) أي إذا ذكرها.
([71]) سقطت من م.
([72]) في ن: (ودتو) وهو خطأ من الناسخ.
([73]) في ن: فكانوا.
([74]) في ن: الشفيع.
([75]) في ن: نزعة.
([76]) في ن: النزعات.
([77]) في ن: ومخالفة.
([78]) في ن: نزعة.
([79]) سقطت من م.
([80]) في ن: أذكر.
([81]) في ن: الشاميين وأين مات..
([82]) في م: سقطت كلمة [ عليه ].
([83]) في ن: التاريخ.
([84]) في م: عون، وهو خطأ من الناسخ.
([85]) في ن: سقطت ( أن ).
([86]) في ن: عقيدة.
([87]) في ن: سقطت كلمة شهر.
([88]) في ن: حضر ابن تيمية.
([89]) في ن: ثم إنهم اتفقوا.
([90]) في ن: الزملكاني.
([91]) في ن: تباع.
([92]) في ن: شيخهم.
([93]) في ن: جرى.
([94]) في ن: وصل.
([95]) في ن: قلعة القاهرة.
([96]) في ن: عدنان وهو خطأ.
([97]) في ن: إيش مرادكم.
([98]) في ن: الطريقة.
([99]) في ن: الإسكندرية.
([100]) في م: سقطت ( يوم الجمعة ).
([101]) في ن: مقطورة وهو خطأ من الناسخ.
([102]) في ن: سقطت ( من ).
([103]) في م: سقطت كلمة (انظروا).
([104]) في م: يضلوا وهو خطأ من الناسخ.
([105]) في ن: والأمر كما أفتوا.
([106]) في م: واختلف العلماء.
([107]) في ن: الشريعة.
([108]) في أ: إن اشتهر قتل.
([109]) في ن: فأطنب.
([110]) في ن: تلتفتوا.
([111]) في ن: عنك.
([112]) في ن: غضبك.
([113]) في ن: رسولك.
([114]) في ن: ترجى.
([115]) على صاحب المعجزات…
([116]) في ن: وكتبه أبو بكر.
([117]) في ن: سقطت (بن).
* قال عنه ابن قاضي شهبة في طبقاته:
عمر بن حجي بن موسى بن أحمد بن سعد، الإمام العالم، المفنن، ناصر السنة، وقامع الظلمة والمبتدعة، قاضي القضاة نجم الدين أبو الفتوح ابن العلامة فقيه الشام، علاء الدين أبي محمد، السعدي، الحسباني، الدمشقي. مولده سنة سبع- بتقديم السين- وستين وسبعمائة، وحفظ التنبيه في ثمانية أشهر، وحفظ غيره من المختصرات، وأسمعه أخوه من جماعة من مشايخه وغيرهم، واستجاز له وسمع هو بنفسه من خلق بمصر والشام والحجاز وغيرها، وأخذ العلم عن أخيه، وعن المشايخ الموجودين في ذلك العصر، منهم شهاب الدين الزهري، وشرف الدين ابن الشريشي، ونجم الدين ابن الجابي، وشرف الدين الغزي؛ ورحل إلى القاهرة سنة تسع- بتقديم التاء- وثمانية، وأخذ عن المشايخ بها: الشيخ سراج الدين البلقيني وزين الدين العراقي وسراج الدين ابن الملقن وبدر الدين الزركشي وغيرهم . وأجازه ابن الملقن بالتدريس، وكتب بخطه من مصنفات البلقيني وغيره. ولازم الشيخ شرف الدين الأنطاكي مدة طويلة، وانتفع به كثيراً في النحو وكان هو أجل علومه، وطالع شرح المحصول للأصفهاني وكتب منه أجوبة أسئلة ذكرها الإسنوي في شرحه، ولم يتعرض لأجوبتها- كذا حكاه لي رحمه الله تعالى. وحج سنة ست وثمانين مع أخيه. وولي إفتاء دار العدل في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين، ثم ولي مشيخة خانقاه عمر شاه.
ووقع بينه وبين جماعة من معاصريه من النياب والقضاة وغيرهم فتن وشرور، وحصل له بذلك محن، وأوذى فصبر، وأظهر من الشجاعة وثبات الجأش ما يعجز عن مثله، وكل ذلك والله ينصره على أعدائه، ويرفع كلمته عليهم. وقد درس بالشاميتين، والركنية، والظاهرية، والغزالية. وفي أواخر عمره في جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين ولي كتابة السر بالديار المصرية، فباشرها دون سنة.
وكان حسن التصرف في العلوم إلى الغاية، جيد الذهن، حادّ القريحة، ذكياً، فصيحاً، يلقي الدروس بتأنٍ وتؤدة، ويرد على من يبحث معه بالعلم، لا بالقوة.
وكان يعتني بدروسه كثيراً. وكان حسن الملتقى للناس، كثير المباسطة لهم، محسناً للغرباء والواردين عليه، كثير المباسطة لهم، وكان قامعاً للظلمة والمبتدعة، لا يهاب أحداً منهم ولا يبالي، والله ينصره ويؤيده، وحصل للفقهاء به عز ورفعة. وكان يعتقد الفقراء والصالحين ويكرمهم ويزورهم. ومحاسنه جمة، ومناقبه كثيرة، وعليه مآخذ، رحمه الله تعالى رحمة واسعة. قتل بمنزله بين الربوة. =
([118]) في ن: وكتب قاضي القضاة نجم الدين بن منجي.
بالإضافة إلى أن هذه الفتوى أتت عقب فتوى قاضي القضاة برهان الدين بن خطيب عذراء في نسخة ألمانيا.
([119]) في ن: ابتدعه.
([120]) في ن: حين.
([121]) في ن: سقطت كلمة (جميع).
-------------------------
= والنيرب أماكن في ضواحي دمشق- في ذي القعدة سنة ثلاثين وثمانمائة، ودفن إلى جانب أخيه- رحمهما الله تعالى- عن ثلاث وستين سنة وكسر. ورئيت له منامات حسنة تدل على سعادته في الآخرة، كما كان في الدنيا- إن شاء الله تعالى « أ. هـ بتصرف واختصار من طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 4/95-98.
ووصفه الإمام ابن حجر العسقلاني في (إنباء الغمر) بأنه كان قليل الاستحضار لكنه جيد الذهن حسن التصرف وأنه كان ذكيا فصيحا حسن الملتقى والمباسطة يلقي الدروس بتأن وتؤدة، انظر جـ8/129- 131 وذكر الحافظ السخاوي في (الضوء اللامع) جـ/78 أنه كان حاكماً صارماً مقداماً رئيساً ذا حرمة ومهابة كما وصفه السخاوي وابن حجر رحمهما الله أنه كان حاد الطباع متقلبا… والذي يعنينا في موضوع فتواه المنقولة هو الوثوق من:
أ- علمه وتحريه ودقة فهمه وقد شهدوا له بذلك.
ب- ورعه وأمانته وتقواه بما يمنعه من الكذب في العزو أو التزوير في النقول كما فعل ابن تيمية.
([122]) في ن: الشريعة.
([123]) في ن: على اعتقاده ومذهبه.
([124]) في ن: والآخرين رسول ..
([125]) في ن: رسول رب العالمين محمد وسائر الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين…
([126]) في م: والإظلال وهو خطأ من الناسخ.
([127]) في م: الإيمان وهو خطأ من الناسخ.
([128]) في ن: وكتب تحت هذه الفتيا القاضي برهان الدين بن خطيب عذراء.
* ترجم له ابن قاضي شهبة فقال: إبراهيم بن محمد بن عيسى بن عمر بن زياد العجلوني الدمشقي الإمام العالم، قاضي القضاة، برهان الدين، أبو إسحاق، المعروف بابن خطيب عذارء. ولد سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، حفظ المنهاج، واشتغل على مشايخ ذلك الوقت، ولازم الشيخ علاء الدين حجي كثيراً، وفضل في الفقه، وأنهاه ابن خطيب يبرود بالشامية البرانية بغير كتابة، شهد له باستحقاق ذلك الشيخ جمال الدين بن قاضي الزبداني، ثم توجه إلى حلب أيام الشيخ شهاب الدين الأذرعي، فأقام بها مدة طويلة وصحب الخطيب ابن عشائر وغيره. وحكى لي الشيخ شهاب الدين ابن حجي تغمده الله برحمته أن الشيخ برهان الدين كان في زمن الأذرعي يستحضر الروضة بحيث أنه إذا أفتى الأذرعي بشيء يعترضه، ويقول: المسألة في الروضة في الموضع الفلاني. ودرس بحلب بجامع منكلي بغا. ولما عاد البلقيني من حلب أثنى عليه ثناء حسنا، ووصفه بالفضل والاستحضار. ثم ولي قضاء صفد في حياة الملك الظاهر بواسطة الشيخ محمد المغيربي وغيره، ثم عزل، وولي بعد الفتنة مرتين أو ثلاثاً. ثم قدم دمشق في رمضان سنة ست وثمانمائة، وهو سليم الخاطر، سهل الانقياد ، وكان شكلاً حسناً، بهياً وقد كتب شرحاً على المنهاج في أجزاء، غالبه مأخوذ من الرافعي، وفيه فوائد غريبة، ولم يكن له اعتناء بكلام المتأخرين، ولا يد له في شيء من العلوم سوى الفقه توفى في المحرم سنة خمس وعشرين وثمانمائة، ودفن بمقبرة الشيخ رسلان بالقرب من المسجد الذي هناك على جادة الطريق على يمين المتوجه إلى باب شرقي- رحمه الله تعالى « أ.هـ. طبقات ابن قاضي شهبة 4/72-74 وذكره الإمام ابن حجر العسقلاني في (إنباء الغمر) فقال في ترجمته: تصدى للقاضي شهاب الدين ابن أبي الرضى حتى أخذ عليه في ثلاثين فتيا أخطأ فيها حتى نسبه في بعضها لمخالفة الإجماع مع شدة ذكاء ابن أبي الرضي إذ ذاك. وكان البلقيني يفرط في تقريظه والثناء عليه « ثم ذكر واقعة له مع الإمام البلقيني تدل على ذلك فقال: » وقرر (ابن منكلي بغا) له في جامع والده بحلب تدريسا وذلك في سنة ثلاث وتسعين، فاتفق حضور الشيخ سراج الدين البلقيني صحبة الملك الظاهر فسأله أن يحضر إجلاسه، فلما حضر قال له: تدرس أنت أو أنوب عنك؟ فقال: تكلم يا مولانا شيخ الإسلام « أ.هـ. 7/471- 472 قلت: وحسبه منقبة له ثناء الإمام البلقيني عليه وامتداحه له ووصفه الإمام الحافظ شمس الدين السخاوي بأنه » سليم الباطن فقيها مفتيا « ثم قال: » وهو في الشاميين نظير البيجوري في المصريين « أ.هـ. (الضوء اللامع) 9/157.
([129]) في ن: القائم بتعظيم ما يتعلق بسيدنا…
([130]) في ن: فهو كافر محروم..
([131]) في ن: من.
([132]) في ن: وقال.
([133]) في ن: فرأيت.
([134]) في ن: ملائكة.
([135]) في ن: (أربعمائة ملك) وبالهامش (أربعة آلاف).
([136]) في ن: ما أشفع.
([137]) في ن: عياض عن وهب…
([138]) في ن: إلى عقل محمد كرملة.
([139]) في ن: أيّ.
([140]) في ن: الزيادة وهو خطأ من الناسخ.
([141]) في ن: عند ربي.
([142]) في ن: سقط من أول (زاد الشيخ .. ) حتى (بنا القدم).
([143]) في ن: فأغفبت.
([144]) في ن: في.
([145]) في ن: ينصب بالياء .
([146]) في ن: كتبه.
([147]) أفاد الأستاذ/ سعيد فوده بالآتي:
ربما تدل الآية على أن مجموعهم لا يأمر إلاّ بالمعروف، ولا يلزم أن يأمروا بكل معروف لئلا يلزم حصر المعروف فيما وقع عليه الإجماع وهذا باطل قطعاً فالأصح حمل لام المعروف على العهد لا على الاستغراق. أ.هـ.
([148]) ترجم له الإمام ابن حجر فقال: على ابن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد، البخاري العجمي علامة الوقت علاء الدين، مولده في سنة 779 ببلاد العجم، ونشأ ببخارى فتفقه بأبيه وعمه العلاء عبد الرحمن، وأخذ الأدبيات والعقليات عن الشيخ سعد الدين التفتازاني وغيره، ورحل إلى الأقطار واجتهد في الأخذ عن العلماء حتى برع في المعقول والمنقول والمفهوم والمنظوم واللغة العربية وصار إمام عصره، وتوجه إلى الهند فاستوطنه مدة، وعظم أمره عند ملوكه إلى الغاية لما شاهدوه من غزير علمه وزهده وورعه، ثم قدم مكة فأقام بها، ودخل مصر فاستوطنها، وتصدر للإقراء بها فأخذ عنه غالب من أدركناه من كل مذهب وانتفعوا به علماً وجاهاً ومالاً، ونال عظمة بالقاهرة مع عدم تردد إلى أحد من أعيانها حتى ولا السلطان والكل يحضر إليه، وكان ملازما للإشعال والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام بذات الله مع ضعف كان يعتريه، وآل أمره إلى أن توجه إلى الشام فسار إليها بعد أن سأله السلطان في الإقامة بمصر مراراً فلم يقبل، وسار إليها فأقام بها حتى مات في رمضان ولم يخلف بعده مثله لما اشتمل عليه من العلم والورع والزهذ والتحري » في مأكله ومشربه وعدم قبوله العطاء من السلطان وغيره، ولما سافر السلطان إلى آمد ركب إليه وزاره أول ما دخل دمشق … « أ. هـ المقصود منه.
انظر إنباء الغمر بأبناء العمر (9/22) وفيات سنة 841هـ وانظر الضوء اللامع وغيرهما.
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2008
  • الدولة : البليدة
  • العمر : 36
  • المشاركات : 7,183
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • جمال البليدي is on a distinguished road
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
رد: كتاب الفتاوي السهمية في بن تيمية
16-05-2008, 05:54 PM
يا أخي داكا ما نقلته أنت ليس نقدا علميا لأن الكاتب لم يعطينا المصادر من كلام شيخ الإسلام فكيف تريدون أن نرد
وقد وقع في الكذب الصريح
وهذا مثال على ذلك
قال الكاتب:
اقتباس:
ما تقول السادة العلماء أئمة الدين أجمعين، في رجل يقال له أحمد بن تيمية الحراني سئل عن شد الرحال إلى زيارة قبر النبي وإلى زيارة قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقال: » هو معصية بالإجماع، مقطوع « ([2]) بها ولا يجوز قصر الصلاة في هذا السفر.
وسئل عن الأحاديث الواردة في زيارة قبر رسول الله كقوله » من زار قبري وجبت له شفاعتي « . فقال: كلها ضعيفة باتفاق أهل العلم بل هي موضوعة لم يرو أحدٌ من أهل السنن المعتمدين شيئاً منها.


وأن السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة لم يفعلها أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أمر بها رسول الله ، ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين.


فمن اعتقد ذلك قربة أو عبادة([3]) وفعلها فهو مخالف للسنة وإجماع([4]) الأمة « .

.
أقول:هذا كذب وإفتراء على شيخ الإسلام ابن تيمية
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
شد الرحال إلى مكان للتعريف فيه بدعة
وأيضاً، فإن شد الرحال إلى مكان للتعريف فيه، مثل الحج، بخلاف المصر، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا". هذا مما لا أعلم فيه خلافا. فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السفر إلى غير المساجد الثلاثة، ومعلوم أن إتيان الرجل مسجد مصره إما واجب كالجمعة وإما مستحب كالاعتكاف فيه.
وأيضا فإن التعريف عند القبر اتخاذ له عيدا، وهذا بنفسه محرم، سواء كان فيه شد للرحل، أو لم يكن، وسواء كان في يوم عرفة أو في غيره، وهو من الأعياد المكانية مع الزمانية.
ما أحدثه الناس في الأعياد من ضرب البوقات والطبول مكروه
وأما ما أحدث في الأعياد، من ضرب البوقات والطبول فإن هذا مكروه في العيد وغيره، لا اختصاص للعيد به، وكذلك لبس الحرير، أو غير ذلك من المنهي عنه في الشرع وترك السنن من جنس فعل البدع، فينبغي إقامة المواسم على ما كان السابقون الأولون يقيمونها، من الصلاة والخطبة المشروعة، والتكبير والصدقة في الفطر، والذبح في الأضحى. فإن من الناس من يقصر في التكبير المشروع. ومن الأئمة من يترك أن يخطب للرجال والنساء. كما كان............إنتهى
من كتاب إقتضاء الصراط المستقيم
فلماذا الكذب على شيخ الإسلام؟؟؟؟
أعطيني المصادر من فضلك حتى نرد عليك
التعديل الأخير تم بواسطة جمال البليدي ; 16-05-2008 الساعة 06:00 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2008
  • الدولة : البليدة
  • العمر : 36
  • المشاركات : 7,183
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • جمال البليدي is on a distinguished road
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
رد: كتاب الفتاوي السهمية في بن تيمية
16-05-2008, 06:16 PM
وبما ان الوقت يضايقني سأقف معك وقفات :

اقتباس:
وأما قوله » من استغاث بميت أو غائب من البشر بحيث يدعوه في الشدائد والكربات ويطلب منه قضاء الحاجات فيقول يا سيدي الشيخ فلان أنا في حسبك أو في جــوارك أو يقول عند هجوم العدو عليـــه سيدي فلان [ أنا في حسبك أو في جوارك أو يقول عند هجوم العدو يا سيدي فلان ]([63]) يستوحيه أو يستغيث به أو يقول نحو ذلك عند مرضه وسفره وغير ذلك من حاجاته فهو ظالم ضال مشرك عاصي لله تعالى باتفاق المسلمين فإنهم متفقون على أن الميت لا يسأل ولا يدعى
نعم صدق الشيخ
ثم بعد ذلك علق الكاتب على كلام شيخ الإسلام الخيالي الذي لم يأتي بمصدره
قائلا:
اقتباس:
وأنت أرشدك الله تعالى إذا تأملت هذا الكلام اقشّعر جلدك وقضيت العجب مما فيه من الخبائث والفجور وما فيه من ادعاء اتفاق المسلمين(1) وما فيه من الرمز إلى الزندقة وتكفير الأنبياء عليهم الصلاة السلام وغيرهم. فقوله (سواء كان شيخا أو نبيا) قال الإمام أبو الحسن السبكي: (هذا كفر بيقين لأنه حطّ رتبة الأنبياء عليهم السلام وسّوى([64]) بينهم وبين غيرهم)
أقول:بلا شك أنه لا يجوز أن نسوي الأنبياء المعصومون بالبشر ولكن يجوز أن نقول أن كلهم بشر
لهذا قال الله تعالى"رسل منكم"
ففي البشرية نحن متساوون أما في العبادة فهم أفضل منا بلا شك لا تدلس إذن

وأما توسل آدم عليه السلام فمشهور([69]) جدًا فمن ذلك ما حكاه أبو محمد مكي وأبو الليث السمرقندي وغيرهما أن آدم عليه السلام عند اقترافه قال (اللهم بحق محمد عليك اغفر لي ويروى فقيل، فقال الله عز وجل: من أين عرفت محمداً؟

اقتباس:
قال رأيت في كل موضع من الجنة مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويروى محمد عبدي ورسولي فعلمت أنه أكرم خلقك عليك فتاب الله عليه وغفر له) وهذا عند قائله تأويل قوله تعالى » فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه « أي تجاوز عنه وفي رواية الحافظ الآجري (فقال آدم عليه السلام لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه ليس أحد أعظمَ قدراً عندك ممن جعلت اسمه مع اسمك فأوحى الله عز وجل إليه وعزتي وجلالي إنه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك) وخرّج الحاكم في مستدركه على الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام قال (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك [6-ب ] ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تُضِفْ إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلىّ وإذ سألتني بحقه قد غفرت لك ولو لا محمد ما خلقتك) قال الحاكم صحيح الإسناد ورواه الطبراني أيضاً وزاد (وهو آخر الأنبياء من ذريتك) توسلت يا ربي إليك بحقه لتغفر زلاتي وتقبل توبتي.
هذا الحديث باطل لا تجوز روايته فضلاً عن الاستدلال به.
فقد رواه الحاكم في "المستدرك" (2/615) من طريق أبي الحارث عبد الله بن مسلم الفهري: حدثنا إسماعيل بن مسلمة: أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر.
وقال: صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب. فتعقبه الذهبي فقال: بل موضوع، وعبد الرحمن واهٍ، وعبد الله بن أسلم الفهري لا أدري من ذا.
ورواه البيهقي ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق" (7ـ436) عن أبي عبد الله الحافظ إملاء وقراءة نا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل إملاء نا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي نا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري بمصر قال أبو الحسن هذا من رهط أبي عبيدة بن الجراج أنا إسماعيل بن مسلمة أنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ..... .
ورواه من نفس الطريق الطبراني في "المعجم الصغير" (207): ثنا محمد بن داود بن أسلم الصدفي المصري: ثنا أحمد ابن سعيد المدني الفهري: ثنا عبد الله بن إسماعيل المدني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم به. وهذا سند مظلم فإن كل من دون عبد الرحمن لا يعرفون، وقد أشار إلى ذلك الحافظ الهيثمي رحمه الله حيث قال في "مجمع الزوائد" (8/253): (رواه الطبراني في الأوسط والصغير وفيه من لم أعرفهم))
ورواه أبو بكر الآجري في كتاب "الشريعة" (427) من نفس الطريق أيضاً عن عبد الله ابن إسماعيل بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن زيد به، وعبد الله هذا لم أعرفه أيضاً، فلا يصح عن عمر مرفوعاً ولا موقوفاً، ثم رواه الآجري من طريق آخر عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال: من الكلمات التي تاب الله بها على آدم قال: اللهم أسألك بحق محمد عليك.. الحديث نحوه مختصراً، وهذا مع إرساله ووقفه، فإن إسناده إلى ابن أبي الزناد ضعيف جداً، وفيه عثمان بن خالد والد أبي مروان العثماني، قال النسائي: ليس بثقة.
ومما تقدم يظهر لنا أن مدار هذا الحديث على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقد ضعفه الحافظ ابن حجر في التلخيص وفي فتح الباري وغيرهما, وقال البيهقي: (تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، من هذا الوجه، وهو ضعيف) وكذلك ضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد ، وقال ابن الجوزي: أجمعوا على ضعفه وهو متهم بالوضع، رماه بذلك الحاكم نفسه ، فقد قال في كتاب "المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم": (عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة ، لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه).
وقد أورد الحاكم أيضا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في كتابه "الضعفاء" وقال في آخره: (فهؤلاء الذين قدمت ذكرهم قد ظهر عندي جرحهم، لأن الجرح لا يثبت إلا ببينة، فهم الذين أبين جرحهم لمن طالبني به، فإن الجرح لا أستحله تقليداً، والذي أختاره لطالب هذا الشأن أن لا يكتب حديث واحد من هؤلاء الذين سميتهم، فالراوي لحديثهم داخل في قوله: من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبَيْن).
وقد ضعفه أيضا أحمد بن حنبل وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والدارقطني والحافظ العلائي والزيلعي والسخاوي والشوكاني وغيرهم.
قال الترمذي: (وعبدُ الرحمَن بنُ زَيْدِ بنِ أسْلَمَ ضَعِيفٌ في الحَديثِ، ضَعفَهُ أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ وعليّ بنُ المَدِينيّ وغيْرُهُما مِنْ أهلِ الحَديثِ، وهو كَثِيرُ الغَلَطِ.)
وقال ابن حبان: (كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك من روايته من رفع المراسيل، وإسناد الموقوف، فاستحق الترك).
وقال أبو نعيم: (روى عن أبيه أحاديث موضوعة).
والفهري أورده الذهبي في "الميزان" وساق له هذا الحديث وقال: (خبر باطل)?
وكذا قال الحافظ ابن حجر في "اللسان" (3/360) وزاد عليه قوله في الفهري هذا: (لا أستبعد أن يكون هو الذي قبله فإنه من طبقته)
والذي قبله هو عبد الله بن مسلم بن رُشيد، قال الحافظ: ذكره ابن حبان، متهم بوضع الحديث، يضع على ليث ومالك وابن لهيعة، لا يحل كتب حديثه، وهو الذي روى عن ابن هدية نسخة كأنها معمولة).
وأورد صاحب كنز العمال طريقاً آخر فقال: عن علي رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} فقال: إن الله أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة وإبليس بميسان، والحية بأصبهان، وكان للحية قوائم كقوائم البعير ومكث آدم بالهند مائة سنة باكيا على خطيئته، حتى بعث الله تعالى إليه جبريل وقال: يا آدم ألم أخلقك بيدي؟ ألم أنفخ فيك من روحي؟ ألم أسجد لك ملائكتي؟ ألم أزوجك حواء أمتي؟ قال بلى، قال: فما هذا البكاء؟ قال: وما يمنعني من البكاء وقد أخرجت من جوار الرحمن، قال فعليك بهذه الكلمات، فإن الله قابل توبتك وغافر ذنبك قل: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد، سبحانك، لا إله إلا أنت، عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم، اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم، فهؤلاء الكلمات التي تلقى آدم.
ثم قال: رواه (الديلمي) وسنده واه وفيه حماد بن عمرو النصيبي عن السري بن خالد واهيان.
وهذه بعض ما قيل في حماد النصيبي
قال عنه الحافظ ابن حجر: "متروك" وفي موضع آخر: "مذكور بوضع الحديث"
وقال يحيى بن معين: هو ممن يكذب ويضع الحديث.
وقال عمرو بن علي الفلاس، وأبو حاتم: منكر الحديث ضعيف جداً.
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: كان يكذب.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال أبو زرعة: واهي الحديث.
وقال النسائي: متروك.
وقال ابن حبان: يضع الحديث وضعاً.
وأورد صاحب اللآلئ المصنوعة طريقاً آخر فقال: قال الدارقطني: حدثنا أبو ذر أحمد بن محمد بن أبي بكر الواسطي حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار حدثنا حسين الأشقر حدثنا عمرو بن ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس سألت النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فقال: قال سأل بحق محمد وعلي وفاطمة.
تفرد به عمرو عن أبيه أبي المقدام ، وتفرد به حسين عنه.
أما عمرو بن ثابت فقد قال عنه يحيى: لا ثقة ولا مأمون.
وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الإثبات.
وكذلك أورده صاحب تذكرة الموضوعات وقال: فيه حسين بن حسن اتهمه ابن عدي.
وأما حسين الأشقر:
فقد قال عنه البخارى: فيه نظر. وقال في موضع آخر: عنده مناكير.
وقال أبو زرعة: منكر الحديث.
وقال أبو حاتم: ليس بقوى.
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى: غال من الشتامين للخيرة.
وقال أبو أحمد بن عدى: وليس كل ما يروى عنه من الحديث فيه الإنكار يكون من قبله ، و ربما كان من قبل من يروى عنه ، لأن جماعة من ضعفاء الكوفيين يحيلون بالروايات على حسين الأشقر ، على أن حسينا هذا في حديثه بعض ما فيه.
وذكره ابن حبان في كتاب " الثقات "
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" 2/336:
وذكره العقيلي في " الضعفاء " ، و أورد عن أحمد بن محمد بن هانيء قال: قلت لأبى عبد الله ـ يعنى ابن حنبل ـ: تحدث عن حسين الأشقر ! قال: لم يكن عندي ممن يكذب وذكر عنه التشيع ، فقال له العباس بن عبد العظيم: أنه يحدث في أبى بكر و عمر. وقلت أنا: يا أبا عبد الله إنه صنف بابا في معائبهما. فقال: ليس هذا بأهل أن يحدث عنه.
وذكر ابن عدي له أحاديث مناكير ، وقال في بعضها: البلاء عندي من الأشقر.
وقال النسائي و الدارقطني: ليس بالقوي.
وقال الأزدي: ضعيف ، سمعت أبا يعلى قال: سمعت أبا معمر الهذلي يقول: الأشقر كذاب.
وقال ابن الجنيد: سمعت ابن معين ذكر الأشقر ، فقال: كان من الشيعة الغالية.
وأما عمرو بن ثابت:
فقد قال المزي عنه في "تهذيب الكمال":
قال على بن الحسن بن شقيق: سمعت ابن المبارك يقول: لا تحدثوا عن عمرو بن ثابت ، فإنه كان يسب السلف.
وقال الحسن بن عيسى: ترك ابن المبارك حديث عمرو بن ثابت.
وقال هناد بن السري: مات عمرو بن ثابت ، فلما مر بجنازته فرآها ابن المبارك دخل المسجد وأغلق عليه بابه حتى جاوزته.
وقال أبو موسى محمد بن المثنى: ما سمعت عبد الرحمن يحدث عن عمرو بن ثابت.
وقال عمرو بن على: سألت عبد الرحمن بن مهدى عن حديث عمرو بن ثابت ، فأبى أن يحدث عنه ، وقال: لو كنت محدثا عنه لحدثت بحديث أبيه عن سعيد بن جبير في التفسير.
وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين: ليس بثقة ، و لا مأمون ، لا يكتب حديثه. و قال في موضع آخر: ليس بشيء.
وقال أبو داود ، عن يحيى: هو غير ثقة.و قال معاوية بن صالح ، عن يحيى: ضعيف.
وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث.
وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث ، يكتب حديثه ، كان رديء الرأي ، شديد التشيع.
وقال البخاري: ليس بالقوى عندهم.
وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن عمرو بن ثابت بن أبى المقدام ،فقال: رافضي خبيث.
وقال في موضع آخر: رجل سوء ، قال هناد: لم أصل عليه ; قال: لما مات النبي صلى الله عليه وسلم كفر الناس إلا خمسة. و جعل أبو داود يذمه.
وقال النسائي: متروك الحديث.
وقال في موضع آخر: ليس بثقة ، و لا مأمون.
وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الأثبات".
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" 8/10:
وقال ابن سعد: كان متشيعا مفرطا ، ليس هو بشيء في الحديث ، و منهم من لا يكتب حديثه لضعفه و رأيه ، وتوفي في خلافة هارون.
وقال عبد الله بن أحمد ، عن أبيه: كان يشتم عثمان ، ترك ابن المبارك حديثه.
وقال الساجي: مذموم ، و كان ينال من عثمان و يقدم عليا على الشيخين.
وقال العجلي: شديد التشيع غال فيه ، واهي الحديث.
وبهذا يظهر لنا أن الحديث باطل ، لا تجوز روايته.

وبالتالي الحديث باطل

  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2008
  • الدولة : البليدة
  • العمر : 36
  • المشاركات : 7,183
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • جمال البليدي is on a distinguished road
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
رد: كتاب الفتاوي السهمية في بن تيمية
16-05-2008, 06:23 PM
خرافة صوفية

اقتباس:
ولما ناظر أبو جعفر المنصور مالكا في مسجد رسول الله فقال له مالك يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله عز وجل أدب قوما فقال لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي « ومدح قوما فقال » إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله « الآية وذم أقواما فقال } إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون { الآية وإن حرمته ميتا كحرمته حيا، فاستكان لها أبو جعفر وقال يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعوا أم أستقبل رسول الله r؟ فقال ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم. إلى يوم القيامة بل استقبله واستشفع به يشفعك الله قال الله تعالى }ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاوك { الآية. كذا ذكر هذه القصة القاضي عياض في أشهر كتبه وهو (الشفاء) ساقها بسنده وممن ساق هذه القصة الإمام العلامة هبة الله في كتابه (توثيق عرى الإيمان) وذكرها غيرهما وهي قصة مشهورة ولم يطعن فيها أحد إلا هذا الخبيث الطوية وهذا شأنه إذا جاء إلى شيء لا غرض له يطعن فيه ولا عليه من الله ولا من غيره كما طعن في رواة الأحاديث في الزيارة كما تقدم وقد تتبعت مواضع مما فيها تعظيم النبي فلم أجده يَلْوِي عليها بل ولا يذكرها ألبتة، أو يطعن فيها!!(1) وهذا يدل على أن في قلبه ضغينة لهذا السيد الكريم([70]) الممجد المعظم قال القاضي عياض في كتابه الشفاء الفصل الثاني في حرمته بعد وفاته: » وأما حرمة النبي وتوقيره وتعظيمه فهو لازم كما كان في حياته وذلك عند ذكره عليه الصلاة السلام وذكر حديثه وسنته وسماع اسمه [7-أ ] وسيرته ومعاملته آله وتعظيم أهل بيته وصحابته واجب على كل مؤمن متى ذكر عنده أن يخضع ويخشع ويتوقر [ ويسكن ] ([71]) من حركته ويأخذ في هيبته وإجلاله بما كان يأخذه بعينه لو كان بين يديه ويتأدب بما أدبنا الله تعالى به انتهى.
هذه القصة باطلة سندا ومتنا
القصة لا تصح لعدة أمور ، منها:


من جهةِ السندِ:

قال في " الفتاوى " (1/228):

فَهَذَا كُلُّهُ نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفَةِ ثُمَّ ذَكَرَ حِكَايَةً بِإِسْنَادِ غَرِيبٍ مُنْقَطِعٍ رَوَاهَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ إجَازَةً ... فذكرها بسندها عن القاضي عياض ، ثم قال: قُلْت: وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ مُنْقَطِعَةٌ ؛ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حميد الرَّازِيَّ لَمْ يُدْرِكْ مَالِكًا ، لَا سِيَّمَا فِي زَمَنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ ، فَإِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ ، وَتُوُفِّيَ مَالِكٌ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ . وَتُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ حميد الرازي سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَلَدِهِ حِينَ رَحَلَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إلَّا وَهُوَ كَبِيرٌ مَعَ أَبِيهِ ، وَهُوَ مَعَ هَذَا ضَعِيفٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، كَذَّبَهُ أَبُو زُرْعَةَ ، وَمحمد بن مسلم بْنُ وارة.

وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأسدي: مَا رَأَيْت أَحَدًا أَجْرَأَ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ وَأَحْذَقَ بِالْكَذِبِ مِنْهُ .

وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَبِيبَةَ: كَثِيرُ الْمَنَاكِيرِ .

وَقَالَ النسائي: لَيْسَ بِثِقَةِ . وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَنْفَرِدُ عَنْ الثِّقَاتِ بِالْمَقْلُوبَاتِ .

وقال ابن خراش: حدثنا ابن حميد ، وكان والله يكذب !

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: فرأيت بعد ذلك أبي إذا ذكر ابن حميد: نفض يده !

وَآخِرُ مَنْ رَوَى الْمُوَطَّأَ عَنْ مَالِكٍ هُوَ أَبُو مُصْعَبٍ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ .

وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ هُوَ أَبُو حُذَيْفَةَ أَحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ السَّهْمِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ ، وَفِي الْإِسْنَادِ أَيْضًا مَنْ لَا تُعْرَفُ حَالُهُ.ا.هـ

وقال أيضا في " الفتاوى " (1/225):

وَكَذَلِكَ مَنْ نَقَلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ جَوَّزَ سُؤَالَ الرَّسُولِ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ أَوْ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ إمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ - غَيْرِ مَالِكٍ - كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ ، وَلَكِنْ بَعْضُ الْجُهَّالِ يَنْقُلُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ ، وَيَسْتَنِدُ إلَى حِكَايَةٍ مَكْذُوبَةٍ عَنْ مَالِكٍ ... وَأَصْلُهَا ضَعِيفٌ .ا.هـ.

وقال أيضا في " الفتاوى " (1/353): وَالْحِكَايَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لِلْمَنْصُورِ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْحُجْرَةِ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ ، وقال: " هُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ " كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ ، لَيْسَ لَهَا إسْنَادٌ مَعْرُوفٌ .


من جهةِ نقلها عن أصحابِ مالك:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (1/228):

وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ لَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفِينَ بِالْأَخْذِ عَنْهُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حميد ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ إذَا أَسْنَدَ ، فَكَيْفَ إذَا أَرْسَلَ حِكَايَةً لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ ؟ هَذَا إنْ ثَبَتَ عَنْهُ ، وَأَصْحَابُ مَالِكٍ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ بِمِثْلِ هَذَا النَّقْلِ لَا يَثْبُتُ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ لَهُ فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْفِقْهِ ؛ بَلْ إذَا رَوَى عَنْهُ الشَّامِيُّونَ كَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، وَمَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطاطري ضَعَّفُوا رِوَايَةَ هَؤُلَاءِ ، وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ فَكَيْفَ بِحِكَايَةِ تُنَاقِضُ مَذْهَبَهُ الْمَعْرُوفَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ رَوَاهَا وَاحِدٌ مِنْ الْخُراسانِيِّينَ لَمْ يُدْرِكْهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ؟ .ا.هـ.

سببُ إيرادِ القاضي عياضٍ لها:

قال في " الفتاوى " (1/225 – 226): وَالْقَاضِي عِيَاضٌ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي كِتَابِهِ فِي بَابِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ ؛ بَلْ ذَكَرَ هُنَاكَ مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي سِيَاقِ أَنَّ حُرْمَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتَوْقِيرَهُ وَتَعْظِيمَهُ لَازِمٌ ؛ كَمَا كَانَ حَالَ حَيَاتِهِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَذِكْرِ حَدِيثِهِ وَسُنَّتِهِ وَسَمَاعِ اسْمِهِ.ا.هـ.

الثابتَ عن مالكٍ خلافُ القصةِ:

قال في " الفتاوى " (1/353): وَهُوَ خِلَافُ الثَّابِتِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ بِأَسَانِيدِ الثِّقَاتِ فِي كُتُبِ أَصْحَابِهِ كَمَا ذَكَرَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ إسْحَاقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِثْلَ مَا ذَكَرُوا عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَقْوَامٍ يُطِيلُونَ الْقِيَامَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ يَدْعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ، فَأَنْكَرَ مَالِكٌ ذَلِكَ ، وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَقَالَ: لَا يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إلَّا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا .

وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ ، فَإِنَّ الْآثَارَ الْمُتَوَاتِرَةَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ تُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِهِمْ وَعَادَتِهِمْ ، وَلَوْ كَانَ اسْتِقْبَالُ الْحُجْرَةِ عِنْدَ الدُّعَاءِ مَشْرُوعًا لَكَانُوا هُمْ أَعْلَمَ بِذَلِكَ ، وَكَانُوا أَسْبَقَ إلَيْهِ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ وَالدَّاعِي يَدْعُو اللَّهَ وَحْدَهُ .ا.هـ.
نقدُ بعضِ عباراتها:

وقف شيخ الإسلام مع بعض عباراتها بشيء من التفصيل والإيضاح ، فمن ذلك أنه قال (1/229 – 230): مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ " وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى تَوَسُّلِ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهَذَا هُوَ التَّوَسُّلُ بِشَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهَذَا حَقٌّ ؛ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ حِينَ تَأْتِي النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمَ لِيَشْفَعَ لَهُمْ فَيَرُدَّهُمْ آدَمَ إلَى نُوحٍ ثُمَّ يَرُدَّهُمْ نُوحٌ إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمُ إلَى مُوسَى وَمُوسَى إلَى عِيسَى وَيَرُدَّهُمْ عِيسَى إلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ: " أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ آدَمَ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ " ، وَلَكِنَّهَا مُنَاقِضَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفِ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: قَوْلُهُ " أَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَأَدْعُو أَمْ أَسْتَقْبِلُ رَسُولَ اللَّهِ وَأَدْعُو ؟ " فَقَالَ " وَلِمَ تَصْرِفُ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ " فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ ، وَسَائِر السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ الدَّاعِيَ إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ ، فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ ، وَيَدْعُو فِي مَسْجِدِهِ ، وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ ؛ بَلْ إنَّمَا يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ عِنْدَ السَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدُّعَاءِ لَهُ .ا.هـ.

وقال أيضا (1/233) بعد تقرير طويل لمذهب مالك في المسألة:

فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا فِي الْحِكَايَةِ الْمُنْقَطِعَةِ مِنْ قَوْلِهِ: " اسْتَقْبِلْهُ وَاسْتَشْفِعْ بِهِ " كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ مُخَالِفٌ لِأَقْوَالِهِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَفْعَالِهِمْ الَّتِي يَفْعَلُهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَنَقَلَهَا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ إذْ كَانَ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَسْتَقْبِلْ الْقَبْرَ لِلدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ وَيَسْتَشْفِعَ بِهِ يَقُولُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ اشْفَعْ لِي أَوْ اُدْعُ لِي ، أَوْ يَشْتَكِي إلَيْهِ مَصَائِبَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا ، أَوْ يَطْلُبُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوْتَى مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَوْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ لَا يَرَاهُمْ أَنْ يَشْفَعُوا لَهُ ، أَوْ يَشْتَكِيَ إلَيْهِمْ الْمَصَائِبَ ، فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ فِعْلِ النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ، وَمَنْ ضَاهَاهُمْ مِنْ مُبْتَدِعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ؛ لَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ ، وَلَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ إذْ كَانَ يَسْمَعُ السَّلَامَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَرِيبِ وَيُبَلَّغُ سَلَامَ الْبَعِيدِ .ا.هـ.

وقال أيضا (1/239):

وَمِمَّا يُوهِنُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ أَنَّهُ قَالَ فِيهَا " وَلَمْ تَصْرِفْ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ إلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَوَسَّلُ النَّاسُ بِشَفَاعَتِهِ ، وَهَذَا حَقٌّ كَمَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ ، لَكِنْ إذَا كَانَ النَّاسُ يَتَوَسَّلُونَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا كَانَ أَصْحَابُهُ يَتَوَسَّلُونَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ فِي حَيَاتِهِ فَإِنَّمَا ذَاكَ طَلَبٌ لِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ فَنَظِيرُ هَذَا - لَوْ كَانَتْ الْحِكَايَةُ صَحِيحَةً - أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ الدُّعَاءُ وَالشَّفَاعَةُ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ قَبْرِهِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا سَنَّهُ لِأُمَّتِهِ ، وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا اسْتَحَبَّهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا مَالِكٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى مَالِكٍ مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَقُولُهُ إلَّا جَاهِلٌ لَا يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ ، وَلَا الْأَحْكَامَ الْمَعْلُومَةَ أَدِلَّتُهَا الشَّرْعِيَّةُ مَعَ عُلُوِّ قَدْرِ مَالِكٍ وَعِظَمِ فَضِيلَتِهِ وَإِمَامَتِهِ ، وَتَمَامِ رَغْبَتِهِ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَذَمِّ الْبِدَعِ وَأَهْلِهَا ؟ وَهَلْ يَأْمُرُ بِهَذَا أَوْ يَشْرَعُهُ إلَّا مُبْتَدِعٌ ؟ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ يُنَاقِضُ هَذَا لَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَقُولُ مِثْلَ هَذَا .

ثُمَّ قَالَ فِي الْحِكَايَةِ: " اسْتَقْبِلْهُ وَاسْتَشْفِعْ بِهِ فَيُشَفِّعْك اللَّهُ " وَالِاسْتِشْفَاعُ بِهِ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الشَّفَاعَةَ كَمَا يَسْتَشْفِعُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَمَا كَانَ أَصْحَابُهُ يَسْتَشْفِعُونَ بِهِ .ا.هـ.

فهذا هو نقد شيخ الإسلام ابن تيمية للقصة ، رحمه الله رحمة واسعة .

وممن نقد القصة أيضا الإمام ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي في الرد على السبكي " (ص 259 – 267) .
قال عن سندها (ص 260): ذكرها القاضي عياض ورواها بإسناده عن مالك ليست بصحيحة عنه ، وقد ذكر المعترض – يعني ابن عبد الهادي بالمعترض السبكي – في موضع من كتابه أن إسنادها إسناد جيد ، وهو مخطىء في هذا القول خطأ فاحشاً ، بل إسنادها إسناد ليس بجيد ، بل هو إسناد مظلم منقطع ، وهو مشتمل على من يتهم بالكذب وعلى من يجهل حاله ، وابن حميد هو محمد بن حميد الرازي ، وهو ضعيف كثير المناكير غير محتج بروايته ، ولم يسمع من مالك شيئاً ولم يلقه ، بل روايته عنه منقطعة غير متصلة ، وقد ظن المعترض أنه أبو سفيان محمد بن حميد المعمري أحد الثقات المخرج لهم في صحيح مسلم قال: فإن الخطيب ذكره في الرواة عن مالك ، وقد أخطأ فيما ظنه خطأ فاحشاً ووهم وهما قبيحا .ا.هـ.

يتبع بإذن الله










  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2008
  • الدولة : البليدة
  • العمر : 36
  • المشاركات : 7,183
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • جمال البليدي is on a distinguished road
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
رد: كتاب الفتاوي السهمية في بن تيمية
16-05-2008, 06:46 PM
اقتباس:
وقال جبريل عليه السلام (قلبّت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد أكرم على الله عز وجل من محمد) وقال بن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى »لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون « : (ما خلق الله تعالى نفسا أكرم عليه من محمد وما أقسم الله تعالى بحياة أحد إلا بحياته)
نعم ولكن هذا ليس دليل على جواز التوسل بالنبي عليه الصلاة والسلام
والله عيب ثم عيب عليكم تشوهون الإسلام بهذه الخرافات
التوسل يكون بالله العلي القدير وحده لا شريك له
أو التوسل بأسمائه وبس
ولله الأسماء الحسنى فأدعوه بها

اقتباس:
أهل الذمة من أهل الكتاب كانوا يتوسلوا به قبل وجوده فيستجاب لهم كما قال تعالى }وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا{ الآية وقال ابن عباس رضي الله عنهما (كانت أهل خيبر تقاتل غطفان كلما التقوا هزمت غطفان يهود فعاذت يهود بهذا الدعاء اللهم إنا نسألك بحق هذا النبي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم وكانوا([73]) إذا التقوا ودعوا بهذا الدعاء فتهزم يهود غطفان فلما بعث النبي كفروا به فأنزل الله عز وجلّ } وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا{ أي يدعون بك يا محمد إلى قوله تعالى } فلعنة الله على الكافرين { .

وإذا كان عز وجل يستجيب لأعدائه بالتوسل به إليه مع علمه عز وجل بأنهم يكفرون به ويؤذونه ولا يتبعون النور الذي أنزل معه قبل بروزه إلى الوجود فما الظن بمن يؤمنون به ويعزرونه أي يعظمونه ويوقرونه ويكرمونه ويتبعون النور الذي أنزل معه وهو القرآن العظيم مع بروزه إلى الوجود وإرساله رحمة للعالمين وإذا كان رحمة للعالمين فكيف لا [7-ب ] يُتوسل به ويستشفع به وهو الشافع([74]) المشفع، فمن أنكر التوسل به والتشفع به بعد وفاته فقد أعلم الناس ونادى على نفسه أنه أسوأ حالا من اليهود الذين توسلوا به قبل بروزه إلى الوجود وأن في قلبه نزغة([75]) هي أخبث النزغات([76]) ومن قال بأن جاهه زال بموته فلا يقال: يا جاه محمد يا جاه رسول الله يا جاه المصطفى ونحو ذلك فهو من أعظم الزنادقة على أنواع فرقها وجاحد للربوبية فإن جاهه هو الله عز وجل فكأن هذا القائل يقول: لا تقولواْ يا الله وهو كفر محقق ومخالفة([77]) لما عليه هذه الأمة في جميع الأزمان في سائر الأقطار والبلدان وهي نزغة([78]) حاكمية حكمية فنسأل الله تعالى [ العافية] ([79]) من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن .

هههههههه
1-أهل الكتاب يتوسلون بالأنبياء لأن هذه عقيدتهم دائما فشيء طبيعي أنهم يتوسلون بخير الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام وبالتالي دليلك مردود عليك بل حجة عليك لأن هذا تشبه باليهود والنصارى
2-الرواية المذكورة ضعيفة
وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن ابن عباس قال‏:‏ كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود، فعاذت بهذا الدعاء‏:‏ اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم، فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا فهزموا غطفان، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به، فأنزل الله ‏{‏وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا‏}‏ يعني وقد كانوا يستفتحون بك يا محمد إلى قوله ‏{‏فلعنة الله على الكافرين‏}‏‏.‏
من كتاب الدرر المنثور
http://www.al-eman.com/IslamLib/view...BID=248&CID=20

  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2008
  • الدولة : البليدة
  • العمر : 36
  • المشاركات : 7,183
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • جمال البليدي is on a distinguished road
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
رد: كتاب الفتاوي السهمية في بن تيمية
16-05-2008, 09:32 PM
اقتباس:
حـ : محاكمة ابن تيمية وسجنه ]

وما ذكر المستفتي من أن نذكر([80]) لهم ما وقع لابن تيمية مع علماء الشاميين والمصريين([81]) وأين مات وما نودى [ عليه ] ([82]) فقد، ذكر أهل التواريخ([83]) ومنهم صاحب عيون([84]) التواريخ محمد بن شاكر أن([85]) في سنة خمس وسبعمائة عُقد مجلس بالفقهاء والقضاة لأجل ابن تيمية بحضرة نائب السلطان بدمشق بالقصر الأبلق فُسئل ابن تيمية عن عقيدته فأملى شيئاً منها ثم أحضرت عقيدته([86]) الواسطية وقرئت في المجلس ووقع بحوث كثيرة وبقى [ 6/أ ] مواضع أخر إلى مجلس ثاني .


ثم اجتمعوا يوم الجمعة ثاني عشر شهر([87]) رجب وأحضر([88]) ابن تيمية وحضر المجلس صفي الدين الهندي وبحثوا معه وسألوه عن مواضع ثم اتفقوا([89]) على أن تكون المناظرة بين ابن تيمية وبين كمال الدين بن الزملكان([90]) فألزمه ابن الزملكان ببعض كلامه فعلم ابن تيمية أنه إن بحث وقع تحت الخطر وترتب محظور عظيم فأشهد على نفسه في المجلس أنه يعتقد ما يعتقده الشافعي وأنه شافعي المذهب فرضوا منه بذلك وانصرفوا ثم إن أتباع([91]) ابن تيمية أشاعوا أن الحق ظهر مع شيخنا([92]) فأحضر القاضي جلال الدين القزويني واحدًا منهم وصفعه ورسم بتعزيره وكذا الحنفي فعل باثنين وجرت([93]) أمور لا نطول بذكرها .


ثم ورد كتاب من مصر/ بتجهيز القاضي ابن صصري وإحضار ابن تيمية فبادر النائب إلى ذلك.
وفي سابع شوال دخل([94]) بريدي إلى دمشق وأخبر بوصلهما إلى القاهرة وأنه عقد مجلس بقلعة الجبل بالقاهرة([95]) وحضر القضاة والعلماء والأمراء فتكلم شمس الدين بن عدلان([96]) الشافعي وادعى دعوى شرعية على ابن تيمية في أمر العقيدة وذكر منها فصولا فقام ابن تيمية وحمد الله تعالى وأراد أن يتكلم فمنعوه وقالوا أنت في دعوى أجب عنها فأعاد ذكر الخطبة فمنعوه وقالوا هذا الذي تقول نعرفه أجب فلم يفعل وكرروا عليه القول فلم يزدهم على إعادة أن يريد أن يخطب وطال الأمر على الدولة فحكم القاضي المالكي بحبسه وحبس أخويه معه عبد الله وعبد الرحمن في برج من أبراج القلعة قلعة الجبل فتردد إليه جماعة من الأمراء فبلغ ذلك القاضي فاجتمع بالأمراء وعاتبهم في ذلك وقال يجب التضييق عليه إذا لم يقتل وإلا فقد وجب قتله وثبت كفره ثم نقلوه إلى جُبِّ البرج ثم في ست وسبعمائة وصل الأمير حسام الدين إلى القاهرة واجتمع بالسلطان فأكرمه وخلع عليه وزاد في إكرامه فخاطب السلطان في ابن تيمية فأجابه فحضر حسام الدين بنفسه إلى الجب وأخرجه فلما سمع الشيخ ابن عطاء وشيخ الخانقاه بذلك [ اجتمعا] واجتمع معهما من الصوفية أكثر من خمسمائة نفس وطلعوا إلى القلعة وانضاف [ 6-ب ] إليهم خلق كثير فلما رأتهم الدولة قالوا لهم ما([97]) مرادكم فقالوا ابن تيمية يتكلم في مشايخ الصوفية([98]) وأنه وقع في أمر عظيم من جهة الجناب الرفيع وأنه لا يستغاث به وسألوا أن يعقد لهم وله مجلس فردوا الأمر إلى قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة ففوضه إلى المالكي الزواوي فرده إلى الحبس ثم بعد ذلك أرسلوه إلى الإسكندرية([99]) فحبس في برج شرقي الإسكندرية ثم لم يزل ينقل من حبس إلى حبس وآخر ما حبس في قلعة دمشق ووصل القاضي ابن صصري وجلس [ يوم الجمعة ] ([100]) في الشباك الكمالي وحضر القراء والمنشدون وكان قد وصل معه كتب لم يعرضها على نائب/ السلطنة فلما كان بعد أيام عرضها عليه فرسم له بقراءتها والعمل بما فيها امتثالا للمراسيم السلطانية وكانوا قد بيّتوا على جميع الحنابلة بأن يحضروا إلى مقصورة([101]) الخطابة بعد الصلاة فلما كان بعد الصلاة حضر القضاة والأمراء والفقهاء وخلق كثير فقرئ المرسوم وفيه ما يتعلق بمخالفة ما يعتقده ابن تيمية وإلزام الناس بذلك خصوصا الحنابلة مع التوعد الشديد عليهم والعزل من المناصب والحبس وأخذ المال والروح وفي الكتاب إفتاء الأئمة الأربعة بكفره وفي الكتاب كلام كثير .


ثم نودي على رؤوس الأشهاد من كان على عقيدة ابن تيمية فليجدد الإسلام وأشاعوا ذلك خوفا على العامة من([102]) أن يكونوا على عقيدته فيلقوا الله تعالى على غير دين أهل التوحيد لما تضمنته كتبه من التشبيه والتجسيم والازدراء بالأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وأرادوا أن يضربوا عنقه فقال لهم المالكي بلغني أن أهل الذمة شنعوا على علماء المسلمين وقالوا للعوام [ انظروا ] ([103]) علماء المسلمين كيف يضل([104]) بعضهم بعضا فلو كان دينهم حقا لما اختلف علماؤهم وأمر بحبسه فمات في سجن الكفر باتفاق إفتاء العلماء من الشاميين والمصريين على ما بلغني والأمر على ما([105]) أفتوا به بل يجزئه مما هو موجود في فتاويه وفي مصنفاته هو كفر بيقين لا يشك فيه من له أدنى أدنى دراية [ 7-أ] بالعلم
القصة طويلة يا ولدي لو كنت تعرف حقيقتها وصبر شيخ الإسلام ومحنته ما تجرأت على هذا النقل الصوفي
هذه لمحات عن القصة التي تدندن حولها ذكرها الإمام الذهبي رحمه الله
يوم الإثنين ثامن رجب من سنة خمس وسبعمائة طلب القضاة والفقهاء وطلب الشيخ تقي الدين إلى القصر إلى مجلس نائب السلطنة الأفرم فاجتمعوا عنده وسأل الشيخ تقي الدين وحده عن عقيدته
وقال له هذا المجلس عقد لك وقد ورد مرسوم السلطان أن أسألك عن اعتقادك
فأحضر الشيخ عقيدته الواسطية وقال هذه كتبتها من نحو سبع سنين قبل مجيء التتار إلى الشأم
فقرئت في المجلس وبحث فيها وبقي مواضع أخرت إلى مجلس آخر
ثم اجتمعوا يوم الجمعة بعد الصلاة ثاني عشر رجب المذكور وحضر المخالفون ومعهم الشيخ صفي الدين الهندي واتفقوا على أنه يتولى المناظرة مع الشيخ تقي الدين
فتكلم معه
ثم أنهم رجعوا عنه واتفقوا على الشيخ كمال الدين بن الزملكاني فناظر الشيخ وبحث معه وطال الكلام وخرجوا من هناك والأمر قد انفصل
وقد أظهر الله من قيام الحجة ما أعز به أهل السنة
وانصرف الشيخ تقي الدين إلى منزله
واختلفت نقول المخالفين للمجلس وحرفوه ووضعوا مقالة الشيخ على غير موضعها وشنع ابن الوكيل وأصحابه بأن الشيخ قد رجع عن عقيدته فالله المستعان
والذي حمل نائب السلطنة على هذا الفعل كتاب ورد عليه من مصر في هذا المعنى
وكان القائم في ذلك بمصر القاضي ابن مخلوف المالكي والشيخ نصر المنبجي والقروي واستعانوا بركن الدين الجاشنكير
ثم بعد ذلك عزر بعض القضاة بدمشق شخصا يلوذ بالشيخ تقي الدين وطلب جماعة ثم أطلقوا ووقع هرج في البلد وكان الأمير نائب السلطنة قد خرج للصيد وغاب نحو جمعة ثم حضر
وكان الحافظ جمال الدين المزي يقرأ صحيح البخاري لأجل الاستسقاء فقرأ يوم الإثنين الثاني والعشرين من رجب في أثناء ذلك فصلا في الرد على الجهمية وأن الله فوق العرش من كتاب أفعال العباد تأليف البخاري تحت النسر
فغضب لذلك بعض الفقهاء الحاضرين وقالوا نحن المقصودون بهذا ورفعوا الأمر إلى قاضي القضاة الشافعي
فطلبه ورسم بحبسه
فبلغ ذلك الشيخ تقي الدين فتألم له وأخرجه من الحبس بيده وخرج إلى القصر إلى ملك الأمراء وتخاصم هو والقاضي هناك وأثنى على الشيخ جمال الدين وغضب القاضي وانزعج
وقال لئن لم يرد إلى حبسي عزلت نفسي فأرضاه ملك الأمراء بأن أعاد الشيخ جمال الدين إلى حبسه فاعتقله بالقوصية أياما
وذكر الشيخ تقي الدين للنائب ما وقع في غيبته في حق بعض أصحابه من الأذى فرسم بحبس جماعة من أصحاب ابن الوكيل وأمر فنودي في البلد إنه من تكلم في العقائد حل دمه وماله ونهب داره وحانوته وقصد بذلك تسكين الفتن والشر
وفي يوم الثلاثاء سابع شعبان عقد للشيخ تقي الدين مجلس ثالث بالقصر ورضي الجماعة بالعقيدة
وفي هذا اليوم عزل قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى نفسه عن الحكم بسبب كلام سمعه من الشيخ كمال الدين بن الزملكاني لا أحب حكايته
وفي اليوم السادس والعشرين من شعبان ورد كتاب السلطان إلى القاضي باعادته إلى الحكم وفيه
إنا كنا رسمنا بعقد مجلس للشيوخ تقي الدين وقد بلغنا ما عقد له من المجالس وأنه على مذهب السلف وما قصدنا بذلك إلا براءة ساحته
ملخص ما حصل للشيخ في تلك المجالس
وقد ذكر الشيخ رحمه الله صورة ما جرى في هذه المجالس ملخصا وعلق في ذلك شيئا مختصرا فقال بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ظهير ولا معين وأشهد أن محمدا عبده ورسول الذي أرسله إلى الخلق أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وعلى سائر عباد الله الصالحين
أما بعد فقد سئلت غير مرة أن أكتب ما حضرني ذكره مما جرى في المجالس الثلاثة المعقودة للمناظرة في أمر الاعتقاد بمقتضى ما ورد به كتاب السلطان من الديار المصرية إلى نائبه أمير البلاد لما سعى إليه قوم من الجهمية والاتحادية والرافضة وغيرهم من ذوي الأحقاد فأمر الأمير بجمع القضاة الأربعة فضاة المذاهب الأربعة وغيرهم من نوابهم والمفتين والمشايخ ممن له حرمة وبه اعتداد وهم لا يدرون ما قصد بجمعهم في هذا الميعاد وذلك يوم الإثنين ثامن رجب المبارك عام خمس وسبعمائة
فقال لي هذا المجلس عقد لك فقد ورد مرسوم السلطان أن أسألك عن اعتقادك وعما كتبت به إلى الديار المصرية من الكتب التي تدعو بها الناس إلى الاعتقاد
وأظنه قال وأن أجمع القضاة والفقهاء وتتباحثون في ذلك
فقلت أما الاعتقاد فلا يؤخذ عني ولا عمن هو أكبر مني بل يؤخذ عن الله ورسوله وما أجمع عليه سلف الأمة فما كان في القرآن وجب اعتقاده وكذلك ما ثبت في الأحاديث الصحيحة مثل صحيح البخاري ومسلم
وأما الكتب فما كتبت إلى أحد كتابا ابتداء أدعوه به إلى شيء من ذلك ولكنني كتبت أجوبة أجبت بها من يسألني من أهل الديار المصرية وغيرهم
وكان قد بلغني أنه زور علي كتاب إلى الأمير ركن الدين الجاشنكير أستاذ دار السلطان يتضمن ذكر عقيدة محرفة ولم أعلم بحقيقته لكن علمت أن هذا مكذوب وكان يرد علي من مصر وغيرها من يسألني
مسائل في الاعتقاد أو غيره فأجيبه بالكتاب والسنة وما كان عيه سلف الأمة
فقال نريد أن تكتب لنا عقيدتك
فقلت اكتبوا
فأمر الشيخ كمال الدين أن يكتب
وكتبت له جمل الاعتقاد في أبواب الصفات والقدر ومسائل الإيمان والوعيد والإمامة والتفضيل
وهو أن اعتقاد أهل السنة والجماعة الإيمان بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل وأن القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود والإيمان بأن الله خالق كل شيء من أفعال العباد وغيرها وأنه ما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن وأنه أمر بالطاعة ورضيها وأحبها ونهى عن المعصية وكرهها والعبد فاعل حقيقة والله خالق فعله وأن الأيمان والدين قول وعمل يزيد وينقص وأن لا نكفرأحدا من أهل القبلة بالذنوب ولا نخلد في النار من أهل الإيمان أحدا وأن الخلفاء بعد رسول الله أبو بكرثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم وأن مرتبتهم في الفضل كمرتبتهم في الخلافة ومن قدم عليا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار
وذكرت هذا ونحوه فإني الآن قد بعد عهدي ولم أحفظ لفظ ما أمليته إذ ذاك
ثم قلت للأمير والحاضرين أنا أعلم أن أقواما يكذبون علي كما قد كذبوا علي غير مرة وإن أمليت الاعتقاد من حفظي ربما يقولون كتم بعضه أو داهن ودارى فانا احضر عقيدة مكتوبة من نحو سبع سنين قبل مجيء التتر إلى الشأم قلت قبل حضورها كلاما قد بعد عهدي به وغضبت غضبا شديدا لكني أذكر أني قلت
أنا أعلم أن أقواما كذبوا علي وقالوا للسطان أشياء وتكلمت بكلام احتجت إليه مثل أن قلت من قام بالإسلام في أوقات الحاجة غيري ومن الذي أوضح دلائله وبينه وجاهد أعداءه وأقامه لما مال حين تخلى عنه كل أحد فلا أحد ينطق بحجته ولا أحد يجاهد عنه وقمت مظهرا لحجته مجاهدا عنه مرغبا فيه
فإذا كان هؤلاء يطمعون في الكلام في فكيف يصنعون بغيري ولو أن يهوديا طلب من السلطان الإنصاف لوجب عليه أن ينصفه وأنا قد أعفو عن حقي وقد لا أعفو بل قد أطلب الإنصاف منه وأن يحضر هؤلاء الذين يكذبون ليحاققوا على افترائهم
وقلت كلاما أطول من هذا من هذا الجنس لكن بعد عهدي به
فأشار الأمير إلى كاتب الدرج محيي الدين أن يكتب ذلك وقلت أيضا كل من خالفني في شيء مما كتبته فأنا أعلم بمذهبه منه وما أدري هل قلت هذا قبل حضورها أو بعدها
لكنني قلت أيضا بعد حضورها وقراءتها ما ذكرت فيها فصلا إلا وفيه مخالف من المنتسبين إلى القبلة وكل جملة فيها خلاف لطائفة من الطوائف
ثم أرسلت من أحضرها ومعها كراريس بخطي من المنزل فحضرت العقيدة الواسطية
وقلت لهم هذه كان سبب كتابتها أنه قدم من ارض واسط بعض قضاة نواحيها شيخ يقال له رضي الدين الواسطي قدم علينا حاجا وكان من أهل الخيروالدين وشكا ما الناس فيه بتلك البلاد
وفي دولة التتر من غلبة الجهل والظلم ودروس الدين والعلم وسألني أن أكتب له عقيدة تكون عمدة له ولأهل بيته
فاستغفيت من ذلك وقلت قد كتب الناس عقائد متعددة فخذ بعض عقائد أئمة السنة فألح في السؤال وقال ما أحب إلا عقيدة تكتبها أنت
فكتبت له هذه العقيدة وأنا قاعد بعد العصر
وقد انتشرت بها نسخ كثيرة في مصر والعراق وغيرهما
فأشار الأمير بأن لا أقرأها أنا لرفع الريبة وأعطاها لكاتبه الشيخ كمال الدين
فقرأها على الحاضرين حرفا حرفا والجماعة الحاضرون يسمعونها ويورد المورد منهم ما شاء ويعارض فيما شاء والأمير أيضا يسأل عن مواضع فيها
وقد علم الناس ما كان في نفوس طائفة من الحاضرين من الخلاف والهوى ما قد علم الناس بعضه وبعضه بسبب الاعتقاد وبعضه بغير ذلك
ولا يمكن ذكر ما جرى من الكلام والمناظرات في هذه المجالس فإنه كثير لا ينضبط
لكن أكتب ملخص ما حضرني من ذلك مع بعد العهد بذلك
ومع أنه كان يجري رفع أصوات ولغط لا ينضبط فكان مما اعترض عليه بعضهم لما ذكر في أولها ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله محمد ص من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل
فقال ما المراد بالتحريف والتعطيل
ومقصوده أن هذا ينفي التأويل الذي يثبته أهل التأويل الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره إما وجوبا وإما جوازا
فقلت تحريف الكلم عن مواضعه كما ذمه الله في كتابه وهو إزالة اللفظ عما دل عليه من المعنى مثل تأويل بعض الجهمية لقوله تعالى وكلم الله موسى تكليما أي جرحه بأظافيرالحكمة تجريحا
ومثل تأويلات القرامطة والباطنية وغيرهم من الجهمية والرافضة والقدرية وغيرهم فسكت وفي نفسه ما فيها
وذكرت في غير هذا المجلس أني عدلت عن لفظ التأويل إلى لفظ التحريف لأن التحريف اسم جاء القرآن بذمه وأنا تحريت في هذه العقيدة اتباع الكتاب والسنة فنفيت ما ذمه الله من التحريف ولم أذكر فيها لفظ التأويل بنفي ولا إثبات لأنه لفظ له عدة معان كما بينته في موضعه من القواعد فإن معنى لفظ التأويل في كتاب الله غير معنى لفظ التأويل في اصطلاح المتأخرين من أهل الأصول والفقه وغير معنى لفظ التأويل في اصطلاح كثير من أهل التفسير والسلف ولأن من المعاني التي قد تسمى تأويلا ما هو صحيح منقول عن بعض السلف فلم أنف ما تقوم الحجة على صحته إذ ما قامت الحجة على صحته وهو منقول عن السلف فليس من التحريف
وقلت له أيضا ذكرت في النفي التمثيل ولم أذكر التشبيه
لأن التمثيل نفاه الله بنص كتابه حيث قال ليس كمثله شيء وقال هل تعلم له سميا فكان أحب إلي من لفظ ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله وإن كان قد يعنى بنفيه معنى صحيح كما قد يعنى به معنى فاسد
ولما ذكرت أنهم لا ينفون عنه ما وصف به نفسه ولا يحرفون الكلم عن مواضعه ولا يلحدون في أسماء الله وآياته
جعل بعض الحاضرين يمتعض من ذلك لاستشعاره ما في ذلك من الرد لما هو عليه ولكن لم يتوجه له ما يقوله
وأراد أن يدور علي بالأسئلة التي أعلمها فلم يتمكن لعلمه بالجواب ولما ذكرت آية الكرسي أظن سأل الأمير عن قولنا لا يقربه شيطان حتى يصبح
فذكرت له حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الذي كان يسرق صدقة الفطر وذكرت أن البخاري رواه في صحيحه
وأخذوا يذكرون نفي التشبيه والتجسيم ويطنبون في هذا ويعرضون بما ينسبه بعض الناس إلينا من ذلك
فقلت قولي من غير تكييف ولا تمثيل ينفي كل باطل وإنما أخذت هذين الاسمين لأن التكييف مأثور نفيه عن السلف كما قال ربيعة ومالك وابن عيينة وغيرهم المقالة التي تلقاها العلماء بالقبول الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة
فاتفق هؤلاء على أن الكيف غير معلوم لنا فنفيت ذلك

والقصة طويلة يا ولدي



التعديل الأخير تم بواسطة جمال البليدي ; 16-05-2008 الساعة 09:46 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
قتيبة الوادي
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 12-02-2008
  • المشاركات : 268
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • قتيبة الوادي is on a distinguished road
قتيبة الوادي
عضو فعال
رد: كتاب الفتاوي السهمية في بن تيمية
16-05-2008, 10:07 PM
قال المسكين :


الإمام المحقق المدقق شيخ الإسلام
تقي الدين الحصني الشافعي الدمشقي

وقاضي القضاة الإمام العلامة
نجم الدين أبو الفتوح عمر بن حجي

وقاضي القضاة الإمام العالم
برهان الدين ابن خطيب عذراء


سؤال : هل تعرف عن هولاء غير اسمائهم..؟؟؟

تلميع في الألقاب فقط لأنهم انتقدوا ابن تيمية...

ربي يهديك ويفرج عليك
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية dakka
dakka
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 14-11-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 1,813
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • dakka will become famous soon enough
الصورة الرمزية dakka
dakka
شروقي
رد: كتاب الفتاوي السهمية في بن تيمية
17-05-2008, 01:37 PM
بسم الله الرحمان الرحيم
إخواني أعزائي السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
بدون ضغا ئن وبدون عصبية و بدون سب و بدون شتم
فليكن حوارنا أو نقاشنا الساخن في إطار الموضوع فكلنا يدعي إتباع السنة و الجماعة و كلنا يدعي محبة رسول الله و طاعته و كلنا يدعي الحق و الصواب فليكن ذالك في إطار الأدب و حرية الرأي
لا تلزمني إتباعك و إتباع أئمتك و لن ألزمك إتباعي و إتباع أئمتي
وكفى بالله حسيبا ورقيبا على السرائر و الضمائر
هذا عنوان أردت أن أبدأ به هذه المحاورة التي أرجوها أن تكون في سبيل الله فالفكرة أخطر من السيف و البدعة أخطر من القنبلة وحالنا الآن يكفي كدلالة لما آلت إليه الأمة من التشرذم و التفكك و الكراهية و التكبر و الإزدراء و فرض الرأي و نكران الآخر
سبب نشر هذه الرسالة .:
كنت أكتب مواضيع أحذر فيها من المنظومة الفكرية التي جائت بها الحركة الوهابية مع الإستعمار الإنجليزي وكما أني مهتم بالتاريخ الإسلامي و مشدود طول الوقت في فهم أسراره تراكمت لدي الكثير من القناعات الأساسية حول الكثير من المشكلات التي لم نجد لها حلا في زمننا الحالي
و النتيجة الهامة التي خلصت إليها من خلال إستقراء التاريخ أن العالم الإسلامي مر بأيام مظلمة في القرن السابع و الثامن خصوصا بعد سقوط بغداد ثم غرناطة حيث إستفاقت أروبا و المسيحية و إنتبهت ان دور ريادتها العالم قد حان فكان واست فاليا وبداية عصر النهضة الأروبية 1648
إن الإستعمار الأروبي _(المسيحي اليهودي ) لم يكن إستعمارا عسكريا إقتصاديا فقط
بل كانت له أبعاد أشد خطورة و طعناته كانت أشد غورا في كبد الأمة وهذ كله من شدة الحقد و الحسد لهذه الأمة التي أحبها الله و كرمها وشرفها
وليكن في علمكم إخواني أن أسباب النهضة الإسلامية يعرفها الغرب أكثر منا
و لذالك عملو وما زالو يعملون ليل نهار حتى لا نتمكن من أسبابها
لأنه لو يتيسر لنا ذالك في يوم ما وهو قريب إن شاء الله ستكون النهاية لدولة الطغيان (الصهيونية العالمية )
و أهم شيئ يرتكز عليه اليهود و النصارى عن طريق أعوانهم من الأعراب و المنافقين هو :
1- إبعاد الأمة من كتاب الله و جعلها أمة تهجر القرآن لأن مفاتيح قوتنا كلها بين دفتيه الشريفتين
2- إبعاد الأمة عن نبيها سيدنا محمد لأنه رمز وحدتنا و كفيل نصرتنا و إمامنا ومعلمنا الأول
3- زرع المذاهب التي تدعو إلى الفرقة و التفرق و تشجيع أفكار الشواذ و مذاهب الخوارج لتشريع القتل و إباحة الفوضى بين الأمة المسلمة
4- تقوية هذه الأفكار والمذاهب الشاذة بالمال والسلاح و الدعاية
5- قتل العلماء المصلحين الراشدين المرشدين و إغتيالهم لأنهم من أسباب وحدة الأمة

هذا بإيجاز أهم النقاط في أجندة الإستعمار منذ زمن بعيد و هو منطق وحقيقة تاريخية تأكدها الشواهد الكثيرة
كان مذهب بن تيمة الحراني من المذاهب الأكثر شذوذا عن أهل السنة والجماعة وإن إدعى أنه من اهل السنة والجماعة
لأن الإدعاء لا يعني شيئ بدون دليل
أنا لا يهمني الشعار بقدر ما يهمني المضمون لأنني أحترم عقلي و حريتي و أقدر مسؤوليتي
أنت تقول بن تيمية إمام أهل السنة طيب شو المشكلة أنا لا أعتبره من اهل السنة والجماعة ...مشكلة ؟؟؟
أنا أعتبر الإمام الحصني شيخ الإسلام و أنت تعتبر بن تيمية شيخ الإسلام شو المشكلة ؟؟؟؟؟
أنت تقول الإمام الحصني قبوري أو صوفي و لا يعجبك منظره ....و انا أقول أن بن تيمية مجسم و مبغض للإمام علي بالدليل من كتبه ..... شو المشكلة هل ستقتلني لأني لا أفكر مثلك
هذه مواقف مختلفة حسب أنواع الكتب التي نطالعها و الأفكار التي نتبناها فكلنا مبرمجين بثقافة معينة

و الكلام على مفهو م السنة والجماعة كلام شائك وواسع لكن لو أردنا أن نفهم و نتفق على فكرة أساسية
وهي أن الأفكار الشاذة ليست من السنة الجماعة
السنة والجماعة محاطة بجيش كبير من العلماء يشد بعضه بعضا شدا متينا وإذا رأينا إختلافا بين أبو حامد و إبن رشد فهو ليس إختلافا في الأسس بل في مسائل أخرى أما العقيدة و أصول الدين أو أصول الشريعة فلا خلاف وكذالك إذا ذهبنا إلى العز بن عبد السلام سلطان العلماء و الإمام الشاطبي فلا خلاف في الأصول العامة لكن قد يختلفون في مسائل معينة
و هكذ الإمام مالك و الشافعي و الإمام أحمد و أبو حنيفة و الإشاعرة والماتريدية و غيرهم
لكن الدعوة التي جاء بها بن تيمية كانت دعوى خطيرة و رهيبة على جميع الأصعدة وكان يعتمد إستراتيجية عالية في الذكاء للعب بعقول العامة و الدهماء في عصر مظلم متلاطم الأمواج و إرتكز في حركته على الدهماء و العوام و شحن عقولهم الصغيرة بطامات المسائل الكلامية التي نهى العلماء خوض العوام فيها لأنها من مواضيع أهل الإختصاص لها مجالس خاصة لكنه كان يفضل اللعب مع الصغار لحاجة في نفسه الله يعلمها
لكن المتفق عليه أن هذا سلوك منحرف لا ينبغي للعالم أن يقع فيه إن كان عالما
سنحاول أن ننقاش هذه المسائل بكل هدوء و أتمنى ان يحضر العلم و الدليل و الأدب
المسألة الأولى : عقيدة بن تيمية في آيات الصفات حيث هو متهم بالتجسيم
سنبحث هذه المسألة بكل هدوء و سنبدأ أولا برأي السلف الصالح ثم رأي بن تيمية ثم رأي الخصوم وثبوت التهمة عليه و نترك الناس تحكم وتهتدي من خلال النقاش إلى الحق و كلنا مأجورين حسب النية والقصد
المسألة الثانية : عقيدة بن تيمية في الإمام علي كرم الله وجهه حيث يتهمه الخصوم بأن عقيدته هي عقيدة الخوارج و النواصب الذين يلعنون الإمام على على المنابر و منهم من يتهمه بتقديس اليزيد (اليزيدية )
و الأتباع يبرأونه من ما إلتبس عليه المهم سنناقش وحدة وحدة
المسألة الثالثة : موقف الإمام من الاحاديث و كيف هو في الحديث هل حقا كما يقول الوهابية أنه كان إماما في الحديث سنرى ذالك بهدوء وثبات و دون شطحات و دون رقصات
المسألة الثالثة : موقف بن تيمية من الإجماع و كيف تعامل مع الإجماع و سيكون لنا في هذا الباب كلام جميل و مفيد لمن لا يعرف بن تيمية أو مازال لم يتبين له شيئ في أمره
المسألة الرابعة : محاكمة بن تيمية أسبابها حيثياتها عدالتها تشكيلتها أهميتها بمعنى هل الذين حكمو على بن تيمية بالكفر و الزندقة كانو عادلين في قضائهم حاكمين بكتاب الله وسنة رسوله أم كانو أصحاب أهواء فإذ تبين أنهم كانو حكام عدل وجب سلوك مسلكهم و الإرتداع بما أقره إجماع القضاة المسلمين في بن تيمية الحراني
المسألة الخامسة : خطورة العقيدة الوهابية على الإمة الإسلامية التي تنشد التقارب و التواد و التوحد
الوهابية هي الخنجر الذي زرعته الصهيونية في قلب الأمة أم هي قارب النجاة الأوحد هذا ما سنراه وحدة وحدة

الجواب على مداخلة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قتيبة الوادي مشاهدة المشاركة
قال المسكين :


الإمام المحقق المدقق شيخ الإسلام
تقي الدين الحصني الشافعي الدمشقي

وقاضي القضاة الإمام العلامة
نجم الدين أبو الفتوح عمر بن حجي

وقاضي القضاة الإمام العالم
برهان الدين ابن خطيب عذراء


سؤال : هل تعرف عن هولاء غير اسمائهم..؟؟؟

تلميع في الألقاب فقط لأنهم انتقدوا ابن تيمية...

ربي يهديك ويفرج عليك
هذه مخطوطة لشيخ الإسلام الإمام الحصني
الذي رد على بن تيمية في كراسات أخرى لتنبيه العوام على إفتراءاته على أهل السنة والجماعة
وهو إمام جليل القدر و تستطيع أن تقرأ ترجمة الإمام الذهبي له و ترجمة إبن حجر و غيرهم
و نكرانك لمقام هذا العالم ليس مشكلة لنا بل هو مشكلة لك لأنك ضحية إعلام موجه و برمجة ثقافية معينة أنت أحد ضحاية هذه السياسة التربوية التعليمية لديننا الحنيف
سأعطيك مثال لعلك تنتبه . عندما يذهب الحجاج لبيت الله الحرام لأداء مناسكهم تقدم لهم كتب كهدايا مجانية خدمتا للإسلام على نفقة المملكة و حتى عن طريق البريد يقدمون الكتب مجانا و أهم هذه الكتب فتاوي بن تيمية الكبرى
طبعا لا يقدمون إحياء علوم الدين لأنه مليئ بالأحاديث الضعيفة و لكنهم يقدمون تفسير إبن كثير لأنه مليئ بالإسرائيليات و الأحاديث الشاذة و المنكرة لكنه لا بأس به عند الوهابية مادام يفسر القرآن بضاهر النص ودون تأويل
المهم دون الخوض في التفاصيل هذه السياسة التربوية التعليمية الموجهة جعلت الناس يستقون أفكارهم من عين واحدة وهي العين الوهابية السخية بهذه الكتب على أبناء الامة لكن في الحين يموت الناس بالجوع في الصومال المسلم و السودان و فلسطين
أنت واحد من الذين إلتهمتهم السياسة الوهابية و أنت الآن سجين افكارهم حتى تنتبه لحالك و ربما لو طرحت بعض الأسئلة على نفسك و إتبعت دليل عقلك لوجدت ظالتك دون عناء
إسأل نفسك لماذا لا تعرف الإمام الحصني أليس عالما جليلا أين كتبه و تراثه العلمي لنطالعه ؟؟؟؟؟؟؟؟
إسأل نفسك لماذا لا تعرف القاضي عياض
لماذا لا تعرف الإمام الألوسي
لماذا لا تعرف سلطان العلماء العز إبن عبد السلام
لماذا لا تعرف الإمام النووي و الإمام البيهقي
لماذا لا تعرف الإمام أبو حامد الغزالي
لماذا لا تعرف الإمام الجويني
لماذا لا تعرف عطاء الله الإسكندري
لماذا لا تعرف الإمام إبن رفعة
لماذا لا تعرف الإمام إبن جهبل
لماذا لا تعرف الإمام الأخنائي
لماذا لا تعرف الإمام السبكي ووالده
لماذا لا تعرف الإمام إبن جماعة
و المآت غيرهم لا نعرف عنهم إلا الأسماء كما قلت إلى من إجتهد وبحث عن مصادر تحكي عنهم و عن أمجادهم و علومهم
هذه هي السياسة الإعلامية التي عمت الامة و أظلت كثيرا من الخلق حتى ظنو ان السنة والجماعة هي بن تيمة و ابن القيم
لا حول ولا قوة إلا بالله
و الله لو إطلعت فقط على علماء الشافعية فقط لما امكنك دهرك من جمعهم و معرفتهم
و ليكن في علمك سيدي أن العالم ليس بالشهرة و ذيوع الصيت
فها هو الشافعي إمام الأئمة يحكي عن حاله لما إستشكل عنه الامر و لم يفهم ما هو أكبر منه يذهب ويسأل وكيع و يسترشده الطريق فيدله . و الكثير الكثير من الناس لا يعرفون من هذا وكيع و من يكون لم يتك كتبا ظخام و لا متونا ولا ولا و لكنه ترك تلميذا صنع طريقا متينا للعلوم الشرعية و أسس للعلم بيتا شريفا لا تتسرب إليه الأهواء و الأراء الشاذة الدخيلة على الدين
المهم يا حبيبي هذا الذي حقرته هو إمام الشافعية في زمانه وكلهم أئمة و قضاة
والحقيقة الألقاب و الأسماء يطلقها أناس مختصون في ذالك ويتعارف بها عند العلماء فتصبح لقبا علميا كقولنا حجة الإسلام و شيخ الإسلام وو وهي من الأداب في إجلال العلماء و وضعهم في مقاماتهم بحق
و أنا أتفق معك دعنا من الألقاب و التشريفات و هي نرى ماذا كتبو هؤولاء الخصوم في كتبهم وردودهم على بن تيمية
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية dakka
dakka
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 14-11-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 1,813
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • dakka will become famous soon enough
الصورة الرمزية dakka
dakka
شروقي
رد: كتاب الفتاوي السهمية في بن تيمية
17-05-2008, 01:59 PM
سأنقل لكم في هذه المرة ردا علميا على بن تيمية من إمام قلمه ساطور قاطع لا يجوز اللعب معه بقال يقول
في مسألة الطلاق المشهورة عن بن تيمية مخالفته فيها إجماع العلماء و هي من بين الأسباب التي أدت غلى سجنه لمخالفته الإجماع حيث يقر هو بنفسه في كتاب الإيمان بأن مخالفة الإجماع كفر وكأنه حكم على نفسه و الحمد لله وكفى الله المؤمنين القتال
هذا ليس رأيي أنا فأنا مثلكم أسمع و أرى و لا حول لي ولا قوة في نش ذبابة عن نفسي لكن ميزنا الله بالفهم و أقل الفهم أن تعرف الشاذ النشاز من السواد الأعظم و أن تعرف الرفد الكبير و الحبل المتين و الحمد لله الكثير الكثير من العلماء الفطاحل بكل مسؤولية حسمو امر بن تيمة و يشهد الله و الناس و التاريخ انهم قامو بواجبهم و حاربو البدعة ببسالة و نافحو عن الدين كتفا لكتف و قدما لقدم و إنا لا نراهم إلا قد عملو ما أرضى الله ورسوله وإنا لنحسن الظن بهم بعدما بينو ما بينو مما يستوجب تكفيره من الكتاب والسنة
وما بقي بعد ذالك كلام إلا المكابرة على الحق و إستحباب العمى وهذا لا مناص منه فقول الله في هذا المقام بين
"إذا قيل لهم آمنو كما آمن الناس قالو آنومن كما آمن السفهاء "
نعم هؤولاء العلماء االكبار مع جلالة قدرهم و شهادة الناس على نزاهتهم وتقواهم و عدالتهم يصبحون أهل أهواء هكذا بجرة قلم من الوهابية حيث يجوز لهم وحدهم وزن العلماء بقدر ما يمتون بصلة لشيخهم و عقيدته
لا إله إلا الله و الله أكبر و لا حو ل و لا قوة إلا بالله
دون إطالة إليكم نص الكتاب ثم نناقش :

الدُّرَّةُ الْمُضِـيَّـة في الرَّدِّ علَى ابنِ تَيمِيَّة



تصنيف

الإمام الفقيه الأصولي المجتهد النظَّار

تقي الدين أبي الحسن علي بن عبد الكافي السبكي الأنصاري الشافعي رحمه الله تعالى

(683 – 756 هـ)
و هو من المعاصرين لبن تيمية الحراني




بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أرسلَ رسولَه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.

والصلاة والسلام على سيدنا محمَّدٍ الذي نصر دينه بالجلاد والجدال، وتكفَّلَ لأمَّته أن لا يزالوا على الحق ظاهرين حتى يقاتل آخرَهم الدجال، وعلى آله الطيبين، وأصحابه الذين وصفهم بأنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم، وألحق التابعين بإحسان في رضاه بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد ...

فإنه لما أحدثَ ابنُ تيمية ما أحدثَ في أصول العقائد، ونقضَ من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد، بعد أن كان مستتراً بتبعية الكتاب والسنة، مظهراً أنه داعٍ إلى الحق هادٍ إلى الجنة، فخرج عن الاتِّباع إلى الابتداع، وشذَّ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع، وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدسة، وأن الافتقار إلى الجزء ليس بمحال، وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى، وأنَّ القرآن محدَثٌ تكلَّم اللهُ به بعد أن لم يكن، وأنه يتكلم ويسكت ويحدث في ذاته الإرادات بحسب المخلوقات، وتعدى في ذلك إلى استلزام قدم العالم (والتزامه) بالقول بأنه لا أول للمخلوقات[1]!!، فقال بحوادث لا أول لها فأثبت الصفة القديمة حادثة، والمخلوق الحادث قديماً، ولم يجمع أحد هذين القولين في ملّةٍ من الملل، ولا نحلة من النحل، فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاثة والسبعين التي افترقت عليها الأمة، ولا وقفت به مع أمة من الأمم همة[2].

وكلُّ ذلك وإن كان كفراً شنيعاً مما تَقِـلُّ جملته بالنسبة إلى ما أحدث في الفروع، فإن متلقي الأصول عنه وفَاهِمَ ذلك منه هم الأقلُّون[3]، والداعي إليه من أصحابه هم الأرذلون، وإذا حُوققوا في ذلك أنكروه وفروا منه كما يفرون من المكروه، ونبهاء أصحابه ومتدينوهم لا يظهر لهم إلا مجرَّد التبعية للكتاب والسنة والوقوف عند ما دلت عليه من غير زيادة ولا تشبيه ولا تمثيل.

وأما ما أحدثه في الفروع فأمرٌ قد عمَّت به البلوى، وهو الإفتاء في تعليق الطلاق على وجه اليمين بالكفارة عند الحنث.

وقد استروحَ العامَّة إلى قوله وتسارعوا إليه وخَـفَّت عليهم أحكام الطلاق، وتعدى إلى القول بأن الثلاثَ لا تقع مجموعة إذا أرسلها الزوج على الزوجة، وكتب في المسألتين كراريسَ مطوَّلة ومختصرة، أتى فيها بالعجب العجاب، وفتح من الباطل كلَّ باب[4]!!

وكان الله تعالى قد وفَّقَ لبيان خطئه وتهافت قوله ومخالفته لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة.

وقد عرف ذلك خواصُّ العلماء ومن يفهم من عوام الفقهاء.

ثم بلغني أنه بثَّ دعاته في أقطار الأرض لنشر دعوته الخبيثة، وأضلَّ بذلك جماعة من العوام ومن العرب والفلاحين وأهل البلاد البرَّانية، ولبَّس عليهم مسألة اليمين بالطلاق حتى أوهمهم دخولها في قوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية، وكذلك في قوله تعالى: (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم).

فعسر عليهم الجواب وقالوا: هذا كتاب الله سبحانه!!

وبقي في قلوبهم شُبَهٌ من قوله، حتى ذاكرني بذلك بعض المشايخ ممن جمع علماً وعمَلاً، وبلغ من المقامات الفاخرة الموصلة إلى الآخرة أملاً، ورأيتُه متطلعاً إلى الجواب عن هذه الشبهة، وبيان الحق في هذه المسألة على وجه مختصر يفهمه من لم يمارس كتب الفقه ولا ناظر في الجدل، فكتبت هذه الأوراق على وجهٍ ينتفع به من نوَّر الله قلبه وأحب لزوم الجماعة، وكره تبعية من شذَّ من الشياطين، وبالله أستعين وعليه توكلتُ، وهو حسبي ونعم الوكيل.

وقد رتبت الكلام على ثلاثة فصول:

الفصل الأول: في بيان حكم هذه المسألة.

الفصل الثاني: في كلام إجمالي يدفع الاستدلال المذكور.

الفصل الثالث: في الجواب عن ذلك الاستدلال بخصوصه تفصيلاً.



الفصل الأول

[بيان مجمل عن أنواع الطلاق]



اعلم أن الطلاق يقع على وجهٍ محرَّمٍ، ويسمى طلاقَ البدعة، كالطلاق في الحيض، وعلى وجهٍ غير محرم ويسمى الطلاق السني.

وقد أجمعت الأمة على نفوذ الطلاق البدعي كنفوذ السني، إلا ما يحكى في جمع الثلاث على قولنا إنه بدعي، فإذا طلق امرأته على الوجه المنهي عنه، وهذا ليس فيه بين الأمة خلافٌ يعتبر.

إلا أن الظاهرية الذين يخالفون الإجماع في مسائل من الطلاق وغيره خالفوا في هذه المسألة، وهم محجوجون بالإجماع[5] والحديث، فقد طلَّق ابن عمر رضي الله عنهما امرأته وهي حائض، فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: (مُرْهُ فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلّق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلَّق لها النساء)، وهو في الصحيحين.

وفي لفظٍ قال ابن عمر: (فطلقها وحسبت لها التطليقة التي طلقها)، وهو في الصحيح، مع أن أهل الظاهر يقولون لو طلقها في الحيض ثلاثاً نَفَذَ، وكذلك لو طلقها في طُهرٍ مسها فيه.

والقصدُ أن الطلاق في الحيض على وجه البدعة نافذٌ على ما دلَّ عليه الحديث المذكور.

وما ورد في بعض روايات هذا الحديث أن عبد الله بن عمر قال: (فردَّها عليَّ ولم يرها شيئاً) متأوَّلٌ عند العلماء، ومحمولٌ على معنى الرواية الأخرى.

وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما من غير وجهٍ الاعتدادُ بتلك الطلقة وإنفاذُها عليه، وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (يا أيها الذين آمنوا إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) يعني لقبل عدتهن، وقد قرئ كذلك.

والمراد أن يوقع الطلاق على وجه تستقبل المرأة العدّة بعدَه، وإذا وقع الطلاق في الحيض لم تعتد المرأة بأيام بقية الحيض من عدتها، فتطول عليها العدة.

وقيل ليطلق في الطهر فربما كان الطلاق في الحيض لعدم حل الوطء فيه.

وقد جاء في بعض ألفاظه هذا الحديث: (فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء)، يعني في هذه الآية فقد دل الكتاب والسنة على أن الطلاق في الحيض محرم ومع ذلك فقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم بنفوذه والاعتداد به، وإن كان قد خالف الوجه الذي شرع الطلاق فيه، فرأينا الشرع أوقع بدعة الطلاق كما أوقع سنته، وما ذلك إلا لقوة الطلاق ونفوذه، وكذلك إذا جمع الطلقات الثلاث في كلمةٍ فهو مخالفٌ لوجه السنة في قول جماعة من السلف، بل أكثرهم، ومع ذلك يلزمونه الثلاث.

وقد أتى ابنَ العباس رجلٌ فقال: إن عمي طلق امرأته ثلاثاً، فقال: إنَّ عمك عصى الله، فأندمه الله ولم يجعل له مخرجاً.

وعن أنس قال كان عمر رضي الله عنه إذا أتى برجل طلق امرته ثلاثاً في مجلس واحدٍ أوجعه ضرباً وفرق بينهما.

وعن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه سئل عن رجل طلق امرأته ثلاثاً في مجلس قال: أثم وحرمت عليه امرأته.

وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما قال:من طلق امرأته ثلاثاً فقد عَصَى ربَّه، وبانت منه امرأته.

فهذه أقوال الصحابة في إثم من جمع الطلقات الثلاث لمخالفته السنة، ومع ذلك يوقعونها عليه، وما ذلك إلا لقوة الطَّلاق ونفوذه.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة)، فجعل هزل الطلاق جداً.

ولم نعرف بين الأمة خلافاً في إيقاع طلاق الهازل، وما ذلك إلا لأنه أطلق لفظ الطلاق مريداً معناه، ولكنه لم يقصد حِلَّ قَيدِ نكاحِ امرأته بذلك ولا قصد إيقاع الطلاق عليها، بل هزل ولعب، ومع ذلك فلم يعتبر الشارع قصده وإنما ألزمه موجب لفظه الذي أطلقه وواخذه به، وما ذلك إلا لقوة الطلاق ونفوذه.

ثم إن الطلاق يكون منجَّزاً، ويكون معلَّقاً على شرط:

فالمنجز كقوله: (أنت طالق)، والمعلَّق كقوله: (إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق، وإن دخلت الدار فأنت طالق)، وقد أجمعت الأمة على وقوع المعلَّق كوقوع المنجَّز، فإن الطلاق مما يقبل التعليق، لم يظهر الخلاف في ذلك إلا عن طوائف من الروافض.

ولما حدث مذهب الظاهرية المخالفين لإجماع الأمة المنكرين للقياس خالفوا في ذلك فلم يوقعوا الطلاق المعلّق، ولكنهم قد سبقهم إجماع الأمة فلم يكن قولهم معتبراً؛ لأن من خالف الإجماع لم يعتبر قوله، وقد سبق إجماع الأمة على وقوع الطلاق المعلق قبل حدوث الظاهرية.

وإنما اختلف العلماء إذا علَّق الطلاق على أمرٍ واقع أو مقصودٍ، كقوله: (إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق)، هل يتنجز الطّلاقُ من حين علَّق ولا يتأخر إلى وقوع الشرط، وهو مجيء رأس الشهر، أو يتأخر إلى مجيء رأس الشهر؟

فيه قولان للعلماء مشهوران؛ لأنه لمّا عُلِّق على شرط واقع فقد قصد إيقاع الطلاق ورضي به فتنجز من وقته.

وهذا ابن تيمية لم يخالف في تعليق الطلاق، وقد صرَّح بذلك، فليس مذهبه كمذهب الظاهرية في منع نفوذ الطلاق المعلق.

ثم إن الطلاق المعلَّق منه ما يعلق على وجه اليمين، ومنه ما يعلَّق على غير وجه اليمين: فالطلاق المعلَّق على غير وجه اليمين كقوله: (إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق) أو (إن أعطيتني ألفاً فأنت طالق)، والذي على وجه اليمين كقوله: (إن كلمت فلاناً فأنت طالق) أو (إن دخلت الدار فأنت طالق) وهو الذي يقصد به الحث أو المنع أو التصديق، فإذا علَّق الطلاق على هذا الوجه ثم وجد المعلق عليه وقع الطلاق.

وهذه المسألة التي ابتدأ ابن تيمية بدعته، وقصد التوصل بها إلى غيرها إن تمت له.

وقد اجتمعت الأمة على وقوع الطلاق المعلَّق، سواء كان على وجه اليمين أو لا على وجه اليمين، هذا مما لم يختلفوا فيه وإجماع الأمة معصوم من الخطأ.

وكل من قال بهذا من العلماء لم يفرِّق بين المعلَّق على وجه اليمين أو لا على وجه اليمين، بل قالوا: الكلُّ يقع.

وقد لبَّس ابن تيمية بوجود خلاف في هذه المسألة، وهو كذب وافتراء وجرأة منه على الإسلام.

وقد نقل إجماع الأمة على ذلك أئمة لا يرتاب في قولهم، ولا يتوقف في صحة نقلهم.

فممن نقل ذلك الإمام الشافعي رضي الله عنه، وناهيك به فانه الإمام القرشي الذي ملأ طبق الأرض علماً، وثناء إمام هذا المبتدع الذي ينتسب إليه وهو برئ من بدعته -وهو الإمام أحمد رضي الله عنه- على الشافعي معروف، وتبعيته له ومشيه في ركابه وأخذه عنه مشهور.

وممن نقل الإجماع على هذه المسألة الإمام المجتهد أبو عبيد، وهو من أئمة الاجتهاد كالشافعي وأحمد وغيرهما.

وكذلك نقله أبو ثور وهو من الأئمة أيضاً.

وكذلك نقل الإجماع على وقوع الطلاق الإمام محمد بن جرير الطَّبري، وهو من أئمة الاجتهاد أصحاب المذاهب المتبوعة.

وكذلك نقل الإجماع الإمام أبو بكر بن المنذر.

ونقله أيضاً الإمام الرباني المشهور بالولاية والعلم محمد ابن نصر المروزي.

ونقله الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابيه (التمهيد) و(الاستذكار)، وبسط القول فيه على وجهٍ لم يبق لقائل مقالاً.

ونقل الإجماع الإمام ابن رشد في كتاب (المقدمات) له.

ونقله الإمام الباجي في (المنتقى)، وغير هؤلاء من الأئمة.

وأما الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأتباعهم فلم يختلفوا في هذه المسألة، بل كلهم نصُّوا على وقوع الطلاق وهذا مستقر بين الأمة، والإمام أحمد أكثرهم نصاً عليها، فإنه نص على وقوع الطلاق ونص على أن يمين الطلاق والعتاق ليست من الأيمان التي تكفر ولا تدخل فيها الكفارة، وذكرَ[6] العتقَ وذكر الأثر الذي استدل به ابن تيمية فيه، وهو خبر ليلى بنت العجماء، الذي بنى ابن تيمية حجَّته عليه وعلَّله وردَّه، وأخذ بأثر آخر صحَّ عنده، وهو أثر عمان بن حاضر، وفيه فتوى ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وجابر رضي الله عنهم بإيقاع العتق على الحانث في اليمين به، ولم يعمل بأثر ليلى بنت العجماء، ولم يُبقِ في المسألة إلباساً رضي الله عنه، بل كان قصده الحق.

وإذا كانت الأمة مجمعة على وقوع الطلاق لم يجز لأحد مخالفتهم، فإن الإجماع من أقوى الحجج الشرعية، وقد عصم الله هذه الأمة عن أن تجتمع على الخطأ فان إجماعهم صواب.

وقد أطلق كثيرٌ من العلماء القول بأن مخالف إجماع الأمة كافرٌ.

وشرطُ المفتي أن لا يفتي بقول يخالف أقوال العلماء المتقدمين، وإذا أفتى بذلك ردتْ فتواه ومُنع من أخذ بقوله.

ودل الكتاب والسنة على أنه لا يجوز مخالفة الإجماع قال الله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً)، فقد توعد على مخالفة سبيل المؤمنين واتباع غير سبيلهم بهذا الوعيد العظيم، ومخالف إجماع الأمة متبع غير سبيل المؤمنين فكيف يعتبر قوله.

وقال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) والوسط الخيار، والشهداء على الناس العدول عليهم، فلا يجتمعون على الخطأ.

وقال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) وهذا يدل على أن مجموعهم يأمرون بكلِّ معروف وينهون عن كل منكر، فلوا أجمعوا على الخطأ لأمروا ببعض المنكر ونهوا عن بعض المعروف، ومحال أن يتصفوا بذلك وقد وصفهم الله بخلافه!!

وقد ورد في الأحاديث ما يدلُّ مجموعه على عصمة جماعتهم لهن عن الخطأ والضلال، والمسألة مبسوطة مقررة في موضعها.

والقصد هنا أن الأمةَ مجتمعةٌ على وقوع هذا الطلاق، فمن خالفهم فقد خالف الجماعة وخالف النبي صلى الله عليه وسلم في أمره بلزوم الجماعة، وكان الشيطان معه فان الشيطان مع الواحد.

ثم إن هذا المبتدع ابن تيمية ادَّعى أن هذا القول قال به طاوس، واعتمد على نقلٍ شاذٍ وجَدَه في كتاب ابن حزم الظاهري عن مصنف عبد الرزاق.

ولم يُنقل هذا القول عن أحدٍ بخصوصه في الطلاق إلا عن طاوس كما ذكر وعن أهل الظاهر.

أما طاوس فقد صحَّ النقل عنه بخلاف ذلك، وقد أفتى بوقوع الطلاق في هذه المسألة، ونقل ذلك عنه بالسند الصحيح في عدة مصنفات جليلة منها كتاب (السنن) لسعيد بن منصور، ومنها (مصنف عبد الرزاق) الذي ادعى المخالف أن النقل عنه بخلاف ذلك، وقد وَضَحَ كذبه في هذا النقل، فإن المنقول في مصنَّف عبد الرزاق عن طاوس خلاف هذا الذي نسبه ابن تيمية، والأثر الذي نقله عن طاوس إنما ذكره عبد الرزاق في طلاق المكره، فلبس ابن حزم الظاهري النقل وتبعه هذا المبتدع.

وعن كلام طاوس لو صحَّ عنه أجوبةٌ كثيرة غير هذا مبينة في كتابنا (الرد على ابن تيمية).

وأما أهل الظاهر فيقولون إن الطلاق المعلَّق كلَّه لا يقع، ولم يقل ابن تيمية بذلك، وهم مخالفون للإجماع لا يعتبر قولهم، ويقولون إن الطلاق المعلَّق على وجه اليمين لا كفارة فيه، ولم يقل ابن تيمية بذلك، فهو مخالف لهم في بدعته متمسك بقولهم الذي لا يعتبر.

وقد قال ابن حزم: إن جميع المخالفين له لا يختلفون في أن اليمين بالطلاق والعتق لا كفارة في حنثه، بل إما الوفاء بالمحلوف عليه أو باليمين.

وقال هذا المبتدع: إن هذه المسألة لم يتكلم فيها الصحابة، لأنه لم يكن يحلف بالطلاق في زمانهم، ثم بعد هذا القول نسب إلى الصحابة رضوان الله عليهم أنهم يقولون بقوله فكذب أولاً وآخراً:

أما كذبه أولاً فلأنه قال: (إن الصحابة لم تتكلم في هذه المسألة)، وليس كذلك، ففي صحيح البخاري فتوى ابن عمر رضي الله عنهما بالإيقاع.

قال البخاري: قال نافع: طلق رجل امرأته البتة إن خرجت، فقال ابن عمر: إن خرجت فقد بانت منه، وإن لم تخرج فليس بشيء.

وهذه فتوى ظاهرها في هذه المسألة بإيقاع الطلاق البتة إن خرجت، وهو وقوع المعلَّق عليه، وبه يحصل الحنث، فأوقع ابن عمر الطلاق على الحالف به عند الحنث في يمينه، ومن مثل ابن عمر رضي الله عنهما في دينه وعلمه وزهده وورعه وصحة فتاويه؟!

ولا يُعرَفُ أحدٌ من الصحابة خالف ابن عمر في هذه الفتوى ولا أنكرها عليه، وقد قضى علي رضي الله عنه في يمين بالطلاق بما يقتضي الإيقاع، فإنهم رفعوا الحالف إليه ليفرقوا بينه وبين الزوجة بحنثه في اليمين فاعتبر القضية، فرأى فيها ما يقتضي الإكراه، فردَّ الزوجة عليه لأجل الإكراه، وهو ظاهرٌ في أنه يرى الإيقاع لولا الإكراه.

وفي (سنن البيهقي) بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه في رجل قال لامرأته: إن فعلتْ كذا وكذا فهي طالق ففعلته، قال: هي واحدة، وهو أحقُّ بها، فأوقع الطلاق واحدة عند الحنث بمقتضى اللفظ ولم يوجب كفارة.

ومن مثل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كنيف مليء علماً)، وقال: (من أراد أن يقرأ القرآن غضَّاً كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد)، ولم يخالفه أحد من الصحابة رضي الله عنهم في ذلك.

وقول الصحابة حجَّةٌ شرعيةٌ في قول جمهور العلماء، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في أنهم كالنجوم يُهتدى بهم، فلا هدي أتمَّ من هديهم.

وأما كذبه ثانياً فلأنه قال: (لم يكن يحلف بالطلاق في عهد الصحابة)، وهذه وقائع فيها الحلف بالطلاق.

ونُقلت أيضاً حكومة أخرى وقعت عند علي رضي الله عنه في رجل حلف بالطلاق أنه لا يطأ امرأته حتى يعظم ولده، بل نقل عن بعض الصحابة أنه حلف بالطلاق وهو أبو ذر رضي الله عنه لما سألته امرأته عن الساعة التي يستجاب الدعاء فيها يوم الجمعة وأكثرت فقال لها: (زيغ الشمس) يشير إلى ذراع فإن سألتني بعدها فأنت طالق، فحلف عليها بالطلاق أن لا تعاود المسألة، وفي ذلك آثار كثيرة غير هذا مذكورة في المصنَّف المبسوط.

وأما كذبه آخراً فلأنه نسب إلى الصحابة رضوان الله عليهم القول بأن الطلاق لا يقع، وأنه تجب الكفارة، مع اعترافه أن ذلك لم يقع في عهدهم.

وهذه مكابرة قبيحة وكذبٌ صريح، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: (كل يمين وإن عظمت ليس فيها طلاق ولا عتاق ففيها كفارة يمين)، فاستشنت يمين الطلاق ويمين العتاق من الكفارة.

وهذا الأثر نقله ابنُ عبد البر في (التمهيد) وفي (الاستذكار) بهذا اللفظ مسنداً، ونقلَه هذا المبتدع فأسقط منه قولها: (ليس فيها طلاق ولا عتاق) ليوهم أن عائشة رضي الله عنها تقول بالكفارة في يمين الطلاق والعتق، (فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون).

فهذا عصر الصحابة لم ينقل فيه إلا الإفتاء بالوقوع.

وأما التابعون رضي الله عنهم فأئمة العلم منهم معدودون معروفون، وهم الذين تنقل مذاهبهم وفتاويهم، ولم ينقل هذا المبتدع عن أحدٍ منهم بعينه نصَّاً في هذه المسألة غير ما نسبه إلى طاوس، مع أنه يدعي إجماعهم على قوله مكابرة كما فعل في الصحابة.

وقد نقلنا من الكتب المعروفة الصحيحة (كجامع عبد الرزاق) و(مصنف ابن أبي شيبة) و(سنن سعيد بن منصور) و(السنن الكبرى للبيهقي) وغيرها فتاوى التابعين أئمة الاجتهاد، وكلهم بالأسانيد الصحيحة أنهم أوقعوا الطلاق بالحنث في اليمين ولم يقضوا بالكفارة، وهم: سعيد بن المسيب أفضل التابعين، والحسن البصري، وعطاء، والشعبي، وشريح، وسعيد بن جبير، وطاوس، ومجاهد، وقتادة، والزهري، وأبو مخلد.

والفقهاء السبعة فقهاء المدينة وهم: عروة بن الزبير والقاسم بن محمد بن أبي بكر وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وخارجة بن زيد وأبو بكر بن عبد الرحمن وسالم بن عبد الله بن عمر وسليمان بن يسار، وهؤلاء إذا أجمعوا على مسألة كان قولهم مقدَّماً على غيرهم.

وأصحاب ابن مسعود السادات وهم: علقمة والأسود ومسروق وعبيدة السلماني وأبو وائل شقيق بن سلمة وطارق ابن شهاب وزر بن حبيش.

وغير هؤلاء من التابعين مثل ابن شبرمة وأبو عمرو الشيباني وأبو الاحوص وزيد بن وهب والحكم وعمر بن عبد العزيز وخلاس بن عمرو.

كل هؤلاء نقلت فتاويهم بإيقاع الطلاق لم يختلفوا في ذلك، ومن هم علماء التابعين غير هؤلاء.

فهذا عصر الصحابة وعصر التابعين كلهم قائلون بالإيقاع، ولم يقل أحدٌ أن هذا مما يجري به الكفارة.

وأما من بعد هذين العصرين فمذاهبهم معروفة مشهورة كلها تشهد بصحة هذا القول، كأبي حنيفة وسفيان الثوري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور وابن المنذر وابن جرير الطبري، وهذه مذاهبهم منقولة بين أيدينا ولم يختلفوا في هذه المسألة.

فإذا كان الصدر الأول وعصر الصحابة رضي الله عنهم وعصر التابعين لهم بإحسان بعدهم وعصر تابعي التابعين لم ينقل عنهم خلاف في هذه المسألة، وهذا المبتدع يسلِّم أنَّ بعد هذه الأعصار الثلاثة لم يقل إمام مجتهد بخلاف قولنا، فكيف يسوغ مخالفة قولٍ استقر من زمن النبي صلى الله عليه وسلم والى الآن، بقولِ مبتدِعٍ يقصد نقض عرى الإسلام ومخالفة سلف الأمة ؟!

أكان الحقُّ قد خفي عن الأمة كلها في هذه الأعصار المتتابعة حتى ظهر هذا الزائغ بما ظهر به؟!!

هيهات هيهات وهذا واضح لذوي البصائر وأرباب القلوب المنورة بنور اليقين، (أفمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين) ولكن قد عميت البصائر والناس سراع إلى الفتنة، راغبون في المحدثات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل محدثة ضلالة).



الفصل الثاني

في كلام إجمالي يدفع الاستدلال المذكور



وذلك أنَّ الناس على قسمين:

عالم مجتهد متمكن من استخراج الأحكام من الكتاب والسنة أو عامي مقلد لأهل العلم:

ووظيفة المجتهد إذا وقعت واقعة أن يستخرج الحكم فيها من الأدلة الشرعية، ووظيفة العامية أن يرجع إلى قول العلماء،

وليس لغير المجتهد إذا سمع آية أو حديثاً أن يترك به أقوال العلماء، فإنه إذا رآهم قد خالفوا ذلك مع علمهم به عَلِمَ أنهم إنما خالفوه لدليلٍ دلَّهم على ذلك، وقد قال الله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وقال: (ولو ردُّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم).

وللمفسرين في الآية كلامٌ ليس هذا موضع ذكره، والقصد أنَّ غير العالم المجتهد -ولا سيما العوام-، إذا سمعوا آية فيها عمومٌ أو إطلاقٌ لم يكن لهم أن يأخذوا بذلك العموم أو الإطلاق إلا بقول العلماء، ولا يعمل بالعمومات والإطلاقات إلا من عَرَفَ الناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين، والحقيقة والمجاز.

فإذا سمع قوله تعالى: (أو مما ملكت أيمانكم) وأخذ بعمومه في الجمع بين الأختين المملوكتين كان مخطئاً، فإذا سمع معه قوله تعالى: (وأن تجمعوا بين الأختين) قال: هذا يعم الأختين المملوكتين والمنكوحتين، فيتحير بأي العمومين يعمل ؟ فإذا سمع قول عثمان رضي الله عنه: (أحلتها آية وحرمتها آية والتحريم أولى)، عَلِمَ أنَّ العمل على دليل التحريم، وله ترجيحات أُخَر غير هذا يعرفها العلماء، فيعلم العامي أنه لا يمكنه الاستقلال بأخذ الحكم من الكتاب.

وكذلك إذا سمع الأدلة الدالة على تحريم اللواط والتأكيد، وسمع قوله تعالى: (أو ما ملكت أيمانكم)، فقد يخطر له أنَّ هذا يقتضي حل المملوك، وقد خطر ذلك لبعض الجهال، فإذا أخذ بهذا العموم ضلَّ.

وقد قال بعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه: إن من تأول هذا التأويل سَقطَ عنه الحدُّ، وأخطأ في هذا القول خطأً عظيماً.

وكذلك إذا سمع أنَّ قائلاً قال: يحل وطأ الزوجة في الدبر مستنداً إلى قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شيءتم)، ظَنَّ ذلك صحيحاً، وأن القرآن دلَّ على حِلِّ ذلك، وهو مخطئ؛ لأن هذا القول شاذٌّ، يقال إنه رواية عن مالك ولم يصح، والمالكية ينكرونه، وصحَّ عن مالك تحريم ذلك، والآية دالَّة على التحريم بخلاف ما يظن الجهال، فإن الحرث لا يكون إلا في موضع البذر، والحديث الصحيح في سبب نزول الآية يوضح المعنى، وهو أن اليهود كانوا يقولون: إن الرجل إذا أتى امرأته في قبلها من دبرها جاء الولد أحول، فأنزل الله هذه الآية: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شيءتم) أي كيف شيءتم، وفي الحديث الصحيح: (في صمام واحد)، وفي لفظٍ: (غير أن لا تأتوا في غير المأتي).

فإذا لم يجمع الإنسان بين الأدلة، وبين الكتاب والسنة، ويعرف سبب نزول الآية ومحملها، لا ينبغي أن يأخذ بظاهر من فهمه لا يعرف ما وراءه.

وإذا سمع العامي الحديث: (من شرب الخمر فاجلدوه) إلى أن قال في الرابعة: (فإن شربها فاقتلوه)، فعمل به وقتل الشارب في الرابعة كان مخطئاً؛ لأن الأمة أجمعت على ترك العمل بهذا الحديث.

وكذلك إذا سمع حديث ابن عباس رضي الله عنه الذي في صحيح مسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين في المدينة من غير خوف ولا مطر)، وقد رواه مسلم من طرق عدة، فيقول العامي بهذا الحديث، ولا يعلم أن الأمة أجمعت على ترك العمل به، إلا ما يروى عن ابن سيرين انه يجوز الجمع في الحضر للحاجة، وقد روى أبو العالية أنَّ عمر رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: (واعلم أنَّ جمع ما بين الصلاتين من الكبائر إلا من عذر)، وقد أخرجَ هذين الحديثين الترمذيّ، وقال في آخر كتابه: (ليس في كتابي هذا حديثٌ ترك العمل به بالإجماع سوى حديثين) فذكر هذين الحديثين.

وكذلك حديث ابن عباس كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدر من خلافة عمر الثلاث واحدة، فلما رآهم عمر قد تتابعوا فيه قال: أجيزوهن عليهم، وهذا الحديث متروك الظاهر بالإجماع، ومحمول عند العلماء على معان صحيحة، وقد صحت الرواية عن ابن عباس بخلافه من وجوه عدة.

فإذا سمعه العامي وحده وقف عنده ولم يعلم أنه معارض بما يدفعه، ومردود الظاهر بإجماع الأمة.

وأحاديث المتعة صحيحة، وقد صَحَّ فعلها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وصحَّ النهي عنها، فأبيحت مرتين ونسخت مرتين، فإذا سمع العامي الأحاديث الصحيحة بإباحتها ظَنَّ أنها مباحة ولم يعلم أن ذلك نسخ، وقد وقع هذا للمأمون وهو خليفة، فنادى بتحليل المتعة، فدخل عليه القاضي يحيى ابن أكثم وقال له: أحللت الزنى، وعرَّفه الحديث الصحيح في النسخ، ولم يكن سمعه، فنادى من وقته بتحريم المتعة.

وحديث قدامة بن مظعون رضي الله عنه صحيحٌ، وكان قد شرب الخمر فرفع الأمر إلى عمر رضي الله عنه فاعترف وذكر أنه إنما شربها متأولاً قوله تعالى: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فما طعموا) فردَّ عليه عمر وقال: (أخطأت التأويل ألم يقل الله سبحانه: (إذا ما اتقوا وآمنوا).) ولم يجعل تأويله موجباً لإسقاط الحد، بل حدَّه؛ لأنه لم يستنبط الحكم استنباطاً صحيحاً، ولكنَّه أخذ بعموم نفي الجناح في كل مطعوم وغفل عن القيد المخصص وهو قوله: (إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات) إلى آخر الآية.

وهذا يوضح أن العمل بالعموم بمجرده من غير نظر في أدلَّة التخصيص والتقييد خطأٌ من العاملِ به، وأمثلة ذلك كثيرة لا نطيل بذكرها.

والآية التي احتجَّ بها هذا المبتدِع وهي قوله تعالى: (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) إلى آخر الآية والآية الأخرى وهي قوله تعالى: (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) إذا سمعها العامي يظن دخول يمين الطلاق في ذلك وقال: هي يمين، والله جعل في كل يمين كفارة، واعتقد صحَّة قول هذا المبتدع وتلبَّس عليه باطله، فإذا اعترف أنه لا ينبغي له أن يعمل بالعموم حتى يعرف هل له مخصّص ويعرف ما يعارضه من الأدلة فوَّضَ الأمر إلى أهله، وعلم أن فوق كل ذي علم عليم.

وكذلك لا ينبغي أن يأخذ بأدلة الكتاب حتى يعلم ما في السنة مما يبينه أو يخصصه أو يقيِّده قال الله تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب لتبين للناس ما نزل إليهم)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري فيقول لا أدري ما سمعنا في كتاب الله اتبعناه)..الحديث.

والحديث الصحيح عن علي رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريةً، واستعمل عليهم رجلاً من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأغضبوه في شيء، فقال: اجمعوا لي حطباً، فجمعوا له، ثم قال: أوقدوا لي نارا، فأوقدوا، ثم قال: ألم يأمركم رسول إليه صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى، قال: فادخلوها، فنظر بعضهم إلى بعضٍ وقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار، فكانوا كذلك حتى سكن غضبه وطفئت النار، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (لو دخلوها لم يخرجوا منها أبداً)، وقال: (لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف)، ولم يعذرهم النبي صلى الله عليه وسلم في الأخذ بإطلاق قوله: (اسمعوا له وأطيعوا)، لما دلت الأدلة على أنَّ الطاعة إنما تكون فيما وافق الحق، ولا طاعة في المعصية، مع أنَّهم قد لا يكونون ممن سمع تلك الأدلة، فإن الممتنعين من الدخول فيها لم يأخذوا إلا بأنهم إنما أسلموا ليسلموا من النار، فكيف يؤمرون بالدخول فيها، فقيدوا إطلاق الأمر بالسمع والطاعة بدليل قياسي، ومع عدم علمهم بتلك الأدلة لم يعذرهم النبي صلى الله عليه وسلم، بل حكم باستمرارهم بالنار لو دخلوها لتقصيرهم في البحث عن الأدلة في محل الإشكال.

فمن لم يعرف الكتاب والسنة وأقوال الأئمة لم يكن له أن يقف عند دليل يسمعه من غير إمام يرشده.

وقد نقل عن جماعة من الأئمة أنه ليس في القرآن عمومٌ إلا وقد دخله التخصيص، إلا قوله تعالى: (والله بكل شيء عليم)، وقوله تعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه) إذا أريد بالوجه الذات والصفات المقدسة، حتى قالوا في قوله: (خالق كل شيء) ليس محمولاً على عمومه، بل هو مخصوص، فإن الله سبحانه شيء وليس مخلوقاً تعالى عن ذلك.

وفي هذا ومثله كلامٌ لا يليق بهذا الموضع، فعلمنا من ذلك أن قوله تعالى: (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) الآية، وقوله: (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) لا يعمل بعمومه حتى ننظر فيما يخصصه أو يعارضه من كتاب أو سنة، فإذا تحقق المراد منه وأي مخرج خرج تبين ما فيه من الدليل أو عدمه.

ولكن هذا المبتدع قصده الترويج على العوامِ ومَن لا يعرف شروط الأدلة وكيفية استخراج الحكم، ويهوِّل عليهم بقوله: هذا نص القرآن وهذا قول الله، فتنخلع أفئدتهم لقوله، ولا يعلمون ما وراء ذلك.



الفصل الثالث

في الجواب عن استدلاله بالآيتين المذكورتين على وجه التفصيل



أما الآية الأولى وهي قوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون).

وإنما يتم الاستدلال بها إذا تبين دخول يمين الطلاق في عموم قوله: (ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم) ولم يكن لذلك معارض يمنع دخولها فيه.

والكلام على هذه الآية يلتفت على الكلام على الآية الأخرى في سورة البقرة، قال الله تعالى: (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم).

وللمفسرين في معنى قوله تعالى: (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا) قولان:

أحدهما: أن المراد لا تجعلوا اليمين بالله تعالى متعرضة بينكم وبين أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس، فتحلفوا لا تفعلوا ذلك، فتبقى اليمين متعرضة بين الحالف وبين البرِّ والتقوى، فنهاهم الله عن اليمين على ذلك، ثم شرع لهم الكفارة للتخلص من هذا المنع؛ ليكون طريقاً لحالف إلى الرجوع إلى البر والتقوى والإصلاح.

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يمين وأتيت الذي هو خير).

والقول الثاني: أن المراد لا تجعلوا اسم الله عرضة لأيمانكم، فتبتذلوه بالحلف به في كل شيء، وقوله: (أن تبروا) معناه إرادة أن تبروا، يعني إذا لم تبتذلوا اسم الله في كل يمين قدرتم على البر.

ثم شرع لهم الكفارة لتكون جابرة لما يحصل من انتهاك حرمة الاسم المعظم، ولا شك أن اليمين بالله تعالى مراده في الآيتين هي اليمين الشرعية، وهي التي شرعت الكفارة فيها أصلاً، فالحالف يعقد اليمين بالله على أن يفعل كذا أو أن لا يفعل كذا فإذا قال: والله لا أفعل أو والله لأفعلن فقد أكَّد عقده بهذا الاسم المعظم، كأنه يقول: إن فعلت كذا فقد خالفت موجب تعظيم ما عقدت به اليمين من الاسم المعظم، ولست معظماً له حقَّ تعظيمه.

هذا موضوع اليمين فإذا عقدها على الوجه ثم خالف موجبها وحنث فقد لزمه ما ألزم نفسه من انتهاك حرمة الاسم بالمخالفة، فجعل الله سبحانه الكفَّارة جابرة لهذا الأمر الذي ألزمه نفسه تعظيماً لاسمه المستحق للتعظيم.

وهذا أمرٌ لا يستحقه غير الله عز وجلَّ، فلا يشاركه غيره فيه، ولهذا نهي عن الحلف بغير الله عز وجل.

ونقل ابن عبد البر إجماع العلماء على أن اليمين بغير الله مكروهة منهي عنها، لا يجوز لأحدٍ الحلف بها، ومن ههنا قال أهل الظاهر: لا كفارة إلا في اليمين بأسماء الله عز وجل وصفاته، ولا تجب الكفارة في يمين غير ذلك.

وممن قال بهذا القول الشعبي والحكم والحارث العكلي وابن أبي ليلى ومحمد بن الحسن، نقله ابن عبد البر وقال: هو الصواب عندنا، والحمد لله.

وقال جمهور العلماء بوجوب الكفارة في أيمانٍ غيرها، لكن على سبيل الإلحاق بها؛ لوجود علة وجوب الكفارة عندهم.

هذه أقوال المعتبرين من العلماء، وقد شذَّ بعضهم بأقوال لا يعرج عليها ولا يتأتى بيان ذلك إلا بتفصيل أنواع الأيمان، وسنبين ذلك إن شاء الله تعالى.

هذا مع اتفاق العلماء كلهم على أمرين:

أحدهما: أن يمين الطلاق لا كفارة فيها، ولو قلنا هي يمين.

والثاني: أن عموم الآية مخصوصٌ، فلا تجب الكفارة في كلِّ ما يطلق عليه اسم اليمين لغةً، وإذا كانت الكفارة لا تجب في كل ما يسمى يميناً في اللغة لم تبق الاية الكريمة مجراة على عمومها.

وحينئذ فالآية إما محمولة على اليمين الشرعية، أو على اليمين اللغوية، والحمل على الموضوع الشرعي أولى عند المحققين من العلماء، فإذا كان للفظٍ معنى في اللغة ومعنى في الشرع إما يقاربه وإما يباينه، ووجدنا ذلك اللفظ في خطاب الشارع حملناه على معناه في الشرع، فإن تعذَّر حملناه على معناه في اللغة والعرف.

وههنا في الآية زيادة، وهي أنَّ الحمل فيها على الموضوع اللغوي يوجب تخصيص عمومها، والحمل على المعنى الشرعي قد لا يوجب ذلك، وما سَلِم من التخصيص أو كان أقل تخصيصاً كان أولى، فيتعين حمل الأيمان في الآية الكريمة على المعنى الشرعي.

واليمين الشرعية هي ما شرع الحلف به أو لم يكره شرعاً ولم يحرم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)، وهو في الصحيحين، وفي لفظٍ لمسلم: (من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله)، وكانت قريش تحلف بآبائها فقال: (لا تحلفوا بآبائكم).

وفي سنن النسائي من رواية أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحلفوا إلا بالله ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون)، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل يمين بغير الله عزَّ وجل، وما نهى عنه لم يكن شرعياً، ولا فرق بين اليمين باسم الله عز وجل أو غيره من الأسماء الحسنى والصفات العليا، والكل شرعي ينعقد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحلف فيقول: (لا ومقلب القلوب).

وفي حديث صفة الجنة أن جبريل قال: (وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها)، ولما حلف الصحابة بالكعبة قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (قولوا ورب الكعبة)، فكل هذه أيمان شرعية؛ لأن المعنى في النهي عن الحلف بغير الله أن الحلف تعظيم للمحلوف به على وجه لا يليق بغير الله عز وجل، فبأي اسم من أسماء الله عز وجل أو صفة من صفاته حَلَفَ لم يكن معظِّماً لغير الله تعالى.

فإذا كانت اليمين الشرعية هي اليمين بالله عز وجل وصفاته، كانت الآية محمولة على ذلك، فدلت الآية على أن كل يمين بالله أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته يوجب الكفارة عند الحنث؛ لأن اللفظ شرعي فيحمل على المعنى الشرعي، وتكون الآية على عمومها في كل الأيمان الشرعية؛ فلا تكون الآية دالة على إيجاب الكفارة في شيء من الأيمان سوى الأيمان الشرعية، وهي الأيمان بالله وبأسمائه وصفاته.

ولا تدخل اليمين بالطلاق ولا غيرها في ذلك.

ثم إن العلماء رأوا أن بعض الأيمان ملحق باليمين بالله تعالى في إيجاب الكفارة، فألحقوه بذلك لوجود المعنى الذي شرعت الكفارة لأجله فيها، وعند هذا اختلف نظرهم فمنهم من يلحق أنواعاً كثيراً، ومنهم من يلحق أقل من ذلك على اختلاف نظرهم واجتهادهم.

ويوجد هذا الاختلاف للصحابة والتابعين ومن بعدهم، فنتكلم فيما وعدنا به من تفصيل الأيمان التي جوَّزَ فيها العلماء المعتبرون الكفارة، ثم نتكلم على الطلاق والعِتَاق.

فمنها النَّذر الذي يسمى نذر اللجاج والغضب والغلق وقد قيل فيه بالوفاء، وقيل: بالكفارة على وجه التخيير.

فاعلم أن النذر في أصله قربة، ووضعه الأصلي أن يعلق التزام قربة على مطلوبٍ يريده: إما جلب نعمة أو دفع نقمة كقوله: إن شفى الله مريضي فلله عليَّ صوم شهر، أو إن ردَّ الله تعالى الغائب فلله علي أن أتصدق بكذا.

وهذا نذر شرعي، ويسمى عند الفقهاء نذر التبرر والوفاء اللازم، فإذا حصل ما طلبه وهو المعلَّق عليه وجب عليه الوفاء بما نذر، ولا تجزئة في ذلك كفارة يمين.

هذا أصلُ البابِ ووضعه في الشرع، فإن التزم قربةً على غير مطلوب كقوله: لله علي أن أصوم كذا أو أن أتصدق بكذا، فهل يسمى هذا نذراً ؟ فيه خلاف، وأكثر العلماء على أنه نذر يجب الوفاء به.

ولكن أصل الباب هو التَّعليق، ثم إنَّ الناس توسعوا في ذلك فصاروا يعلِّقون لزوم القربة على ما يريدون الحثَّ عليه أو المنع منه، كقول القائل: إنْ كلمت فلاناً فعليَّ صوم شهر، وإنْ لم أعطِ فلاناً كذا فعليَّ صدقة وما أشبه ذلك، فهذا تعليقُ قربةٍ على أمرٍ يطالب وقوعه أو المنع منه، فهو تعليق قربة على مطلوب فمن هذا الوجه هو نذر يشبه نذر التَّبرر؛ لما فيه من صريح التعليق للقربة على مطلوب.

وفي معناه شبه اليمين من جهة أنَّه لا على التزام القربة على وجه التِّقرب، بل قصد حثّ نفسه أو منعها بما علّق من لزوم القربة التي إن خالف ولم يلتزمها عند وقوع الشرط فقد ترك حق الله ولم يقم به ولم يعظمه حق تعظيمه، فصار ذلك في المعنى كقول القائل: والله لأفعلن أو والله لا أفعل، فإنَّ معنى كلامه إني إنْ فعلت فقد خالفت ما عقدت به قولي من الاسم المعظَّم، فلست معظماً له حق تعظيمه، فصار في هذا النَّذر شبه من اليمين في المعنى، وهو بلفظ النذر لأجل الذي يجب الوفاء به، وقد مدح الله قوماً على الوفاء بالنذر فقال تعالى: (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شرُّه مستطيراً) وذم النبي صلى الله عليه وسلم قوماً على ترك الوفاء بالنذر، فقال في حديث عمران بن حصين، وهو في الصحيح، (خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة، (ثم إن من بعدهم قوماً يشهدون ولا يستشهدون ،ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن).

وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)، وهو حديث صحيح.

فأوجب أولاً الوفاء، وهذا قول مالك رضي الله عنه في المشهور عنه ومن تبعه، وقول ربيعة وإحدى الروايات عن أبي حنيفة، وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال بوجوب الوفاء.

روى ابن المنذر بإسناد صحيح إلى الهيثم بن سنان أنه سمع ابن عمر وسأله بعض أهله أنه كسى امرأته كسوةً فسخطتها، فقالت: إن لبستها في رتاج الكعبة، قال ابن عمر: لتجعل مالها في رتاج الكعبة، قال: إنما مالها في الغنم والإبل، قال ابن عمر: لِتَبِع الغنم والإبل في رتاج الكعبة.

وروي عن أنس رضي الله عنه مثل ذلك عن مالك بن دينار، وأن امرأة أتته فقالت: إن زوجها كساها كسوة وأنها غضبت فجعلتها هدية إلى بيت الله إن لبستها، قال: فانطلقت إلى أنس فسألته فقال: إن لبستها فلتهدها، وإسناد هذا الأثر أيضاً جيد.

ونقل هذا القول وهو وجوب الوفاء عن إبراهيم النخعي.

وإنما سقت هذه الأقوال لأن هذا المبتدع قال: إن القول بوجوب الوفاء لم ينقل عن الصحابة ولا عن التابعين، وقد صحَّ ذلك عمَّن ذكرنا.

وسيأتي أثر آخر فيه ابن عمر وابن عباس والزبير وجابر رضي الله عنهم إن شاء الله تعالى.

وقال طائفة أخرى: يكفِّر إن شاء ولا يلزمه الوفاء به، وهؤلاء أجروا هذا النذر مجرى اليمين لما ذكرنا من حصول المعنى الذي شرعت الكفارة في اليمين لأجله، وهو أنه عقد يمينه بما التزمه من طاعة الله التي إن خالف عند لزومها فقد انتهك حرمة الحق، فجبره بكفارة يمين كما يجبر انتهاك حرمة الاسم المعظم إذا حنث بكفارة يمين.

وقد أفتى بذلك جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين.

وقد قال الشافعي رضي الله عنه: إن هذا قول عائشة رضي الله عنها وعدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال الشافعي في ذلك: يتخير بين الوفاء بما نذر وبين كفارة يمين.

ومن العلماء من يفرق بين التزام الحج وغيره فيقول: إن التزم حجا لزمه وإن التزم غيره كان له الخروج بكفارة يمين.

ومنهم من فرَّق أن يكون قد التزم صدقةَ مالِه كلِّه أو جعله في سبيل الله فقال: يجزئه الثلث من ماله؛ لحديث أبي لبابة بن عبد المنذر، فإنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن من توبتي أن انخلع من مالي صدقة لله عز وجل ولرسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يجزئ عنك الثلث).

وفي الصحيحين في حديث كعب بن مالك -أحد الثلاثة الذين خلفوا وتاب الله عليهم-، أنه قال: يا رسول الله، إن من توبتي أن انخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمسك عليك بعض مالك فهو خيرٌ لك)، قال: قلتُ: إني أمسك سهمي بخيبر.

ومنهم من أوجب الصدقة بقدر الزكاة، ويروى ذلك عن ابن عمر وابن عباس، وسيأتي الأثر بذلك إن شاء الله تعالى.

والقول بأن يتخير بين الوفاء بما نذر وبين كفارة يمين هو القول المرضي، وهو قول كثيرٍ من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وسببه ما ذكرنا أن اللفظ لفظ نذر والمعنى معنى يمين، فإن وفَّى فقد أتى بموجب اللفظ، وإن كفَّر فقد أتى بموجب المعنى، فهذا النوع يلحق بالأيمان الشرعية من هذا الوجه، وليس يميناً في الحقيقة بما يعظم كالكعبة والنبي فلا كفارة فيها.

وفي مذهب أبي حنيفة قول إنه تجب الكفارة بالحلف بالنبي؛ لأن حقه من حق الله عز وجل فأشبه اليمين بالله، وهو ضعيف وجمهور العلماء على خلافه.

وأما الحلف بملة غير الإسلام فليس من الأيمان الشرعية، ولا ينبغي أن يعتقد دخوله في قوله تعالى: (ذلك كفارة أيمانكم)، لأنها يمين محرمة، والمحرم لا يكون شرعياً.

وأكثر العلماء على أن لا كفارة فيها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال، وان كان صادقا لم يعد إلى الإسلام سالماً)، وفيه غير ذلك.

وورد فيه أن كفارته قول لا إله إلا الله، وفي مذهب أبي حنيفة إيجاب الكفارة، وهذه اليمين لا تحتاج إلى ذكرها.

لكن هذا المبتدع جعل إيجاب من وأوجب الكفارة فيها حجة له، وقال: لو لزمه ما التزم لحكم بكفره؛ لأنه التزم الكفر في قوله: إن فعلتُ كذا فأنا يهودي أو نصراني، وهذا خطأ، فإن التكفير مداره على اعتقاد القلب، واللسان ترجمان ذلك، فإذا صدر منه لفظ دلَّ على كفره في عقد قلبه حكمنا بكفره، وإذا صدر منه لفظ لا يدل على كفره في قلبه لم نحكم بكفره، وإن تلفظ بالكفر، ولهذا لم نحكم بكفر المكره على التلفظ بالكفر، وقد قال الله تعالى: (إلا من أكره وقبله مطمئن بالإيمان)، والقائل: إن فعلتُ كذا فأنا يهودي أو نصراني، لا يقوله ليكون يهودياً أو نصرانياً بقلبه، ولكنه يمنع نفسه من الفعل لئلا يلزمه أن يكون يهودياً أو نصرانياً، والممتنع من الفعل خشية من هذا اللزوم لم يعقد قبله على الكفر، وإنما عقده على الإيمان، فلم نحكم بكفره.

وأما الطلاق فمداره على إطلاق اللفظ للمعنى، وان لم يقصد به حل قيد النكاح، ولهذا اختلف العلماء في إيقاعه على المكره والسكران، وقد قال كثير من الصحابة والتابعين بوقوع طلاق السكران، بل الأكثرون على ذلك، فلم يعتبروا فيه قصد حل قيد النكاح، ولهذا يلزم الهازل ويقع عليه، وما ذلك إلا لإطلاق اللفظ.

وإنما كفر الهازل بالكفر لأن كفره دلَّ على استهانته بالدين بقلبه، فهو كافر بعقد القلب الذي دلَّ عليه لفظه، والمطلِّق بالهزل مطلق اللفظ، لا بعقد القلب على الطلاق، فلا يقاس أحد البابين على الآخر.

وأما إيجاب الكفارة في مذهب أبي حنيفة في يمين الكفر فلأنه إذا قال: إن فعلت كذا فأنا كافر، كان قد علَّق يمينه بتعظيم حق الله عز وجل على أن يكفر به، فأشبه تعظيم اسم الله أن تنتهك حرمته إذا حلت به، فألحق باليمين بالله تعالى في إيجاب الكفارة فله وجه من القياس، وان كان الأصح أن الكفارة لا تجب.

وأما يمين العتق وهو ما إذا قال: إن فعلت كذا فعبدي حر، فإن جمهور العلماء على لزوم العتق عند الحنث، وأنه لا تجزئ في ذلك كفارة يمين، هذا هو القول المشهور الذي استقرت عليه المذاهب المتبوعة، حتى قال بعضهم: إن الأمة مجمعة عليه.

وروي عن أبي عبيد وأبي ثور أنهما قالا: تجزئ فيه الكفارة، وأما الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد فقالوا بالعتق، وهو مذهب عامة علماء الأمصار.

وما يروى من أثر ليلى بنت العجماء أنها حلفت بالهدي والعتاق لتفرقن بين عبدها وأمتها، فأفتاها ابن عمر وزينب ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهما بالكفارة، فهذا الأثر تختلف الألفاظ في روايته روي من عدة [طرق]، ومداره على أبي رافع مولى ليلى بنت العجماء، وبعضهم يذكر فيه العتق وبعضهم لا يذكره، وقد ذكرنا عنه عدة أجوبة في الكتاب المطول ظاهرة، وقد ذكر هذا الأثر الإمام أحمد، ولم يأخذ به، بل قال بلزوم العتق، وروى أثراً يعارضه عن عثمان بن حاضر، قال: حلفت امرأة من ذي أصبح فقالت: مالي في سبيل الله وجاريتي حرة إن لم تفعل كذا وكذا، لشيء ذكره زوجها أن تفعله، فذكر ذلك لابن عمر وابن عباس فقالا: أما الجارية فتعتق، وأما قولها مالي في سبيل الله فلتتصدق بزكاة مالها.

وروي هذا الأثر من طرق وفيه أيضاً فتوى ابن الزبير وجابر بن عبد الله بذلك، فهؤلاء أربعة من الصحابة وعلمائهم أفتوا بالعتق.

وقد أخذ بهذا الأثر الإمام أحمد بن حنبل إمام هذا المبتدع في غير بدعته، ورد خبر ليلى بنت العجماء.

وقال الشيخ موفق الدين المقدسي الحنبلي: إن أحمد رضي الله عنه قال في خبر ليلى بنت العجماء: إن الصحابة قالوا لها: كفِّري يمينك واعتقي جاريتك، وقال: هذه زيادة يجب قبولها، فاتفق الخبران على لزوم العتق.

وقول عائشة: (كل يمين ليس فيها طلاق ولا عتاق ففيها كفارة يمين) يدل على أنها لا ترى في العتق كفارة.

وقال الشافعي رضي الله عنه لما ذكر الكفارة في نذر اللجاج والغضب إن هذا مذهب عائشة وعدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأن من قال هذا يقوله في كل ما يحنث فيه سوى العتق والطلاق.

فالشافعي قد نقل عن عائشة والصحابة القائلين بالكفارة في نذر اللجاج والغضب أنهم لا يقولون بالكفارة في العتق والطلاق.

ثم إذا قلنا بالقول الشاذ الضعيف في إيجاب الكفارة في العتق فسببه أن العتق قربة، فإذا التزمه فقد التزم قربة على تقدير المخالفة، كما التزمها بالنذر الذي يخرج مخرج اليمين تجزئه الكفارة؛ لكونه قربة ملتزمة على تقدير الحنث، فشبهوه باليمين من هذا الوجه كما قدمنا؛ لكونه التزم قربة لله إن خالف ترك تعظيم حق لله فيها، وهذا المعني موجود في التزام العتق فقالوا فيه بالكفارة، هذا توجيه المذهب الشاذ.

ومن هنا يخرج الفرق بينه وبين الطلاق، فإن الطلاق يعلَّق ويقع معلقاً كما يقع منجَّزاً بالإجماع، فإذا علَّقه على وجه اليمين فهو لفظ تعليق، ولفظ التعليق في الطلاق نافذ، وما عرض له من معنى اليمين لا يؤثر في إيجاب الكفارة، لأن الطلاق ليس قربة حتى يقال: التزم قربة إن تركها عند الحنث لم يعظم حق الله فيها، كما أنه إذا حلف باسمه فخالف لم يعظم حرمة اسمه، فلم تجب الكفارة فيه؛ لأنها شرعت هناك للجبر في حرمة اسم الله وفي القربة إليه، وليس كذلك في الطلاق فنفذ تعليقه على وجهه.

ومن وجه آخر أنَّا إذا أوجبنا الكفارة في باب القربة أمكننا أن نوجبها على وجه التخيير فنقول: قد لزمك ما التزمت من القربة، فان شئت أن تقوم به فلك، وإن شئت أن تخرج منه بكفارة يمين فلك، وأما الطلاق فلا يقع مخيراً إن شاء أمضاه بعد وقوعه وإن شاء دفعه بكفارة، هذا لا يقوله عاقل ولا من مارس الشريعة ولا من فهم مقاصدها، فإن الطلاقَ حَلُّ قيد النكاح، فإذا انحلَّ فليت شعري ماذا عقده بعد حلّه، ولا سيما في يمين الثلاث وقد قال الله تعالى: (فإن طلقها فلا تحل به من بعد حتى تنكح زوجا غيره).

فلو فكَّر المسكين في منتهى قوله لاستحيا من الله ومن الناس، ولكن غَطَّى عليه الهوى ومحبة الرياسة والطاعة وقبول الكلمة !! اللهم أعذنا من هذه البلوى، وقنا شر الهوى وحظوظ النفوس برحمتك.

ثم إنا نقول: قد أجمعت الأمة على أن يمين الطلاق ليست داخلة في أيمان الكفارة، فلا مَعدِلَ عن الإجماع، إذ لا يُعارض الإجماعُ بدليلٍ غيره، هذا أيضاً لم يقله أحد من المسلمين.

ثم إن هذه الأيمان التي ذكرناها هل تسمى أيماناً ؟

فيه خلافٌ، والأصح أنها لا تسمى أيماناً.

قال ابن عبد البر: وأما الحلف بالطلاق والعتق فليس بيمين عند أهل التحصيل والنظر، وإنما هو طلاقٌ بصفةٍ أو عتقٌ بصفةٍ إذا أوقعه مُوقِعٌ وقع على حسب ما يجب في ذلك عند العلماء، كلٌّ على أصله.

وقول المتقدمين: (الأيمان بالطلاق والعتق) إنما هو كلامٌ خرج على الامتناع والمجاز والتقريب، وأما الحقيقة فإنما هو طلاقٌ على وصف وعتق على وصف ما، ولا يمين في الحقيقة إلا بالله عز وجل.

فقد تبيَّن خروج يمين الطلاق من الآية الكريمة.

وأما الآية الثانية، وهي قوله تعالى: (قد فرض الله لكم تحلَّة أيمانكم)، فإن هذا المبتدع تعلَّق بها بناء على أنَّ الكفارةَ وجبت في التحريم خاصَّةً، وأن الله سبحانه وتعالى جعله يميناً وأجراه مجرى اليمين في الكفارة.

ونبَّه على دخوله في الآية المذكورة قبلها، وهذا ليس كذلك؛ فإن هذه الواقعة قد قيل إنها في قصة ماريّة، وقيل في قصة العسل.

ومن العلماء من لم يذكر فيها يميناً بالله تعالى وجعل الكفارة للتحريم، وعلى هذا القول يخرج الجواب ممَّا تقدم.

والنبي صلى الله عليه وسلم توقف عن الكفارة حتى قال له الله سبحانه ما قال، فلو كان الحرام يسمى يميناً حقيقةً لعلم دخوله في الآية الأولى، فلمَّا احتاج إلى إعلام الله إياه دلَّ على أنه لم يدخل في اليمين إلا في الحكم لا في الاسم الحقيقي.

وفي مسألة التحريم أقوال كثيرة للعلماء، وأكثرهم على أنه ليس بيمين على الإطلاق، فلا يدخل في الآية الكريمة إلا في الحكم لا في الاسم الحقيقي.

هذا على قول من يوجب الكفارة لكونه تحريماً، وأما من لم يقل بذلك فيقول: الكفارة ليمين بالله تعالى اقترنت بالتحريم.

وقد قال هذا المبتدع: من قال بأن النبي صلى الله عليه وسلم حَلَفَ مع الكفارة فقد قال ما لم يقله أحدٌ!!

وقد روى البيهقي بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه وحرم، فجعل الحلال حراماً، وجعل في اليمين الكفارة.

وروى أبو داود مرسلاً عن قتادة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة، فدخلت فرأت معه فقالت: في بيتي وفي يومي!! فقال: (اسكتي فوالله لا أقربها وهي علي حرام).

وقد روى البيهقي مرسلاً أيضاً عن مسروق أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف لحفصة أن لا يقرب أمته وقال: (هي علي حرام)، فنزلت الكفارة ليمينه، وأُمر أن لا يحرم ما أحل الله له.

وأما قصَّة العسل وهي أشهر في سبب نزول الآية، فروى البيهقي أن‌ عبيد بن عمير قال: سمعت عائشة تخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينت بنت جحش ويشرب عندها عسلاً، فتواصيت أنا وحفصة أيتنا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فليقل: إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير؟ فدخل على إحداهما فقالت ذلك له، فقال: بل شربت عسلاً عند زينب، ولن أعود له، فنزلت (لم تحرم ما أحل الله لك) إلى (إن تتوبا إلى الله) لعائشة وحفصة (وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً) لقوله: بل شربت عسلاً.

قال البيهقي: رواه البخاري في الصحيح عن الحسن بن محمد، ورواه مسلم عن محمد بن حاتم، كلاهما عن حجاج.

قال البخاري: وقال إبراهيم بن موسى عن هشام بن يوسف عن ابن جريح عن عطاء في هذا الحديث: (ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحداً).

قال ابن عبد البر: وقد روي عن ابن عباس في تأويل قوله تعالى: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك): والله لا أشرب العسل بعدها.

فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حلف بالله فالكفارة لليمين بالله.

وهذا معني قول عائشة: فجعل الحلال حراماً، وجعل في اليمين الكفارة، فلم تكن الكفارة إلا في اليمين بالله تعالى، ولا يحتاج إلى الجواب عن الآية والله أعلم.





[الخاتمة]

فهذه لمعة إقناعية لمن نظرها بعين الإنصاف، ووراء هذا من الأبحاث العقلية والمنقولات الصحيحة والنظر الفقهي ما لا يسعه إلا كتاب مطوَّل.

وقد ذكرنا في كتابنا في الردِّ عليه كثيراً منها ومن دقيقها طرد الباب كلِّه وجعل إيقاع الطلاق في اليمين بالطلاق نظيرَ إيجاب الكفارة في اليمين بالله تعالى عند الحنث، ومقتضى قياسه، فالعلةُ التي أوجبت ثبوت الكفارة في اليمين بالله تعالى هي بعينها التي اقتضت إيقاع الطلاق وإيقاع العتق عند الحنث.

هذا ما لا يفهمه إلا الفقيه المحقق، ولا يدركه من دأبه التخبيط والهذر، وهو في التحقيق على مفاوز.

أعاذنا الله من هوى يسد باب الإنصاف، ويصدُّ عن جميل الأوصاف بمنِّه وكرمه.

الحمد لله رب العالمين

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم





[1] وقد ردَّ عليه في هذه المسألة الإمام الإخميمي، في رسالة مفردة، مطبوعة مع تعليقات نفيسة للأستاذ العلامة سعيد فودة حفظه الله تعالى، ومنشورة على صفحات الانترنت في موقع الإمام الرازي. (جلال)

[2] للاطلاع على آراء ابن تيمية العقائدية، والوقوف على ما خالف فيه أهل السنة والجماعة، انظر لزاماً (الكاشف الصغير عن عقائد ابن تيمية) تصنيف الأستاذ العلامة أبي الفداء سعيد فودة حفظه الله تعالى، وهو مطبوع، وقد امتاز عن غيره من الكتب بالدِّقة والتحقيق، وقد اشترط أن كل رأي ينسبه إلى ابن تيمية ينقل فيه عدة نقول من كلامه من كتبه المتفرقة، ولذا لم يستطع مدافعوه أن يجيبوا عمَّا فيه، ولا أن يشاغبوا عليه، ولا يغرنك في هذا الباب الدعاية الكبيرة التي حظي بها ابن تيمية في هذا العصر، فلذلك أسبابه السياسية المعروفة. (جلال)

[3] وذلك أنهم يمنعون البحث في مسائل العقائد، ويعتبرون الحديث عنها من البدع المحدثة في الدين، مع أن ابن تيمية قد غاص في مذموم الكلام بغير إتقان، ففاه بما لا يقبله شرع، ولا يصدق به عقل صحيح، ولا يغرنك دعاوى التحقيق في مقلديه اليوم، فجلهم لا يتقن علوم العقائد، وعند المباحثة يتجلى مدى ما هم عليه من زيع، والله المستعان. (جلال)

[4] حتى تعدى ذلك إلى زماننا، رغم بعد الزمان، فدعا أهلُ الجهل إلى ترك أحكام الطلاق بالجملة، وسهلوا على الناس عدم إيقاعه لأدنى خلاف شاذ أو قول باطل لا اعتداد به، فأحلوا الفروج المحرمة، وخالفوا أمر الله تعالى في هذا الباب.

وقد تصدى الإمام الكوثري رحمه الله تعالى لبعض هذه المحاولات في كتابه (الإشفاق على أحكام الطلاق)، بين فيها مدى خطورة الأمر، ودحض بالدليل والبرهان تسهيلات المتساهلين، رحمه الله تعالى. (جلال)

[5] وولع مبتدعة العصر ومدعو الاجتهاد ممن لم يحقق شروطه ولا شم رائحته، بإنكار حجية الإجماع، والتقليل من شأنه، ظاهرٌ في كل كتاباتهم، وما فتئوا يصيحون بعدم حجيته وعدم إمكانية وقوعه، وكل ذلك باطل عند علماء الأصول، كما تجده مفصلاً في تلخيص إمام الحرمين الجويني رحمه الله تعالى، وغيرها من كتب الأصول. (جلال)

[6] أي الإمام أحمد. (جلال
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2008
  • الدولة : البليدة
  • العمر : 36
  • المشاركات : 7,183
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • جمال البليدي is on a distinguished road
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
رد: كتاب الفتاوي السهمية في بن تيمية
17-05-2008, 02:13 PM
اقتباس:
سبب نشر هذه الرسالة .:
لقد تم الرد على أبرز ما في هذه الرسالة
اقتباس:
كنت أكتب مواضيع أحذر فيها من المنظومة الفكرية التي جائت بها الحركة الوهابية
شيخ الإسام ابن تيمية جاء قبل محمد بن عبد الوهاب فمادخله في الوهابية المزعومة
اقتباس:
التي جائت بها الحركة الوهابية مع الإستعمار الإنجليزي
1-لا يوجد حركة إسمها الوهابية
2-ما تسميه بالوهابية لا علاقة لهم بالإنجليز
راجع هذا الرابط المشاركة رقم 16

http://207.210.95.221/~echorouk/mont...E1%CE%ED%ED%E4
اقتباس:
النتيجة الهامة التي خلصت إليها من خلال إستقراء التاريخ أن العالم الإسلامي مر بأيام مظلمة في القرن السابع و الثامن خصوصا بعد سقوط بغداد ثم غرناطة حيث إستفاقت أروبا و المسيحية و إنتبهت ان دور ريادتها العالم قد حان فكان واست فاليا وبداية عصر النهضة الأروبية 1648
إن الإستعمار الأروبي _(المسيحي اليهودي ) لم يكن إستعمارا عسكريا إقتصاديا فقط
بل كانت له أبعاد أشد خطورة و طعناته كانت أشد غورا في كبد الأمة وهذ كله من شدة الحقد و الحسد لهذه الأمة التي أحبها الله و كرمها وشرفها
1-هذا لا دخل له بالوهابية
2-التاريخ ليس دليل شرعي نحن عندنا الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح
اقتباس:
إبعاد الأمة من كتاب الله و جعلها أمة تهجر القرآن لأن مفاتيح قوتنا كلها بين دفتيه الشريفتين
2- إبعاد الأمة عن نبيها سيدنا محمد لأنه رمز وحدتنا و كفيل نصرتنا و إمامنا ومعلمنا الأول
3- زرع المذاهب التي تدعو إلى الفرقة و التفرق و تشجيع أفكار الشواذ و مذاهب الخوارج لتشريع القتل و إباحة الفوضى بين الأمة المسلمة
4- تقوية هذه الأفكار والمذاهب الشاذة بالمال والسلاح و الدعاية
5- قتل العلماء المصلحين الراشدين المرشدين و إغتيالهم لأنهم من أسباب وحدة الأمة
أوافقك في هذه النقطة
اقتباس:
أنا لا يهمني الشعار بقدر ما يهمني المضمون لأنني أحترم عقلي و حريتي و أقدر مسؤوليتي
أنت تقول بن تيمية إمام أهل السنة طيب شو المشكلة أنا لا أعتبره من اهل السنة والجماعة ...مشكلة ؟؟؟
أنا أعتبر الإمام الحصني شيخ الإسلام و أنت تعتبر بن تيمية شيخ الإسلام شو المشكلة ؟؟؟؟؟
المشكلة أنك تعرفون الحق بالرجال وليس الرجال بالحق
اقتباس:
و هكذ الإمام مالك و الشافعي و الإمام أحمد و أبو حنيفة و الإشاعرة والماتريدية و غيرهم
الإختلاف بين الإمام مالك والشافعي والإمام أحمد وأبو حنيفة هو في الفروع فقط أما الإختلاف مع الأشاعرة هو في الصفات
ولكن الأشاعرة صنفين
صنف إتبع كتاب الإبانة وهؤلاء من أهل السنة
وصنف أول الصفات فهؤلاء ليسو من أهل السنة

اقتباس:
لمسألة الأولى : عقيدة بن تيمية في آيات الصفات حيث هو متهم بالتجسيم
سنبحث هذه المسألة بكل هدوء و سنبدأ أولا برأي السلف الصالح ثم رأي بن تيمية ثم رأي الخصوم وثبوت التهمة عليه و نترك الناس تحكم وتهتدي من خلال النقاش إلى الحق و كلنا مأجورين حسب النية والقصد
3
من هنا الرد على هذه الشبهة:
http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=1735
اقتباس:
المسألة الثانية : عقيدة بن تيمية في الإمام علي كرم الله وجهه حيث يتهمه الخصوم بأن عقيدته هي عقيدة الخوارج و النواصب الذين يلعنون الإمام على على المنابر و منهم من يتهمه بتقديس اليزيد (اليزيدية )
لقد تم الرد على هذه الشبهة في إحدى مواضيعك ولكنها حذفت من قبل المشرف للأسف الشديد
من هنا الرد:
http://www.islamicweb.com/arabic/shia/taimiyyah_ali.htm
اقتباس:
المسألة الثالثة : موقف الإمام من الاحاديث و كيف هو في الحديث هل حقا كما يقول الوهابية أنه كان إماما في الحديث سنرى ذالك بهدوء وثبات و دون شطحات و دون رقصات
سنرى ذلك
اقتباس:
المسألة الثالثة : موقف بن تيمية من الإجماع و كيف تعامل مع الإجماع و سيكون لنا في هذا الباب كلام جميل و مفيد لمن لا يعرف بن تيمية أو مازال لم يتبين له شيئ في أمره
لقد تم الرد على هذه الشبهة فلتراجع المشاركة السابقة
اقتباس:
المسألة الرابعة : محاكمة بن تيمية أسبابها حيثياتها عدالتها تشكيلتها أهميتها بمعنى هل الذين حكمو على بن تيمية بالكفر و الزندقة كانو عادلين في قضائهم حاكمين بكتاب الله وسنة رسوله أم كانو أصحاب أهواء فإذ تبين أنهم كانو حكام عدل وجب سلوك مسلكهم و الإرتداع بما أقره إجماع القضاة المسلمين في بن تيمية الحراني
لقد تم الرد عليها أيضا فلتراجع
اقتباس:
لمسألة الخامسة : خطورة العقيدة الوهابية على الإمة الإسلامية التي تنشد التقارب و التواد و التوحد
الوهابية هي الخنجر الذي زرعته الصهيونية في قلب الأمة أم هي قارب النجاة الأوحد هذا ما سنراه وحدة وحدة
ما دخل الوهابية في شيخ الإسلام ابن تيمية شيخ الإسلام ان تيمية توفي قبل الشيخ محمد بن عبد الوهاب بكثير
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع


الساعة الآن 09:00 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى