مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال رضوان الله عليه
01-05-2009, 02:40 PM
بلال بن رباح مولى أبي بكر

اسم أمه حمامة - أسلم قديما فعذبه قومه وجعلوا يقولون له: ربك اللات والعزى، وهو يقول: أحد أحد.

فأتى عليه أبو بكر فاشتراه بسبع أواق وقيل بخمس، فأعتقه فشهد بدر وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو أول من أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يؤذن له حضرا وسفرا، وكان خازنه على بيت ماله: وكان آدم شديد الأدمة نحيفا طوالا أجنأ، له شعر كثير، خفيف العارضين، به شمط كثير لا يغيره.

عن مجاهد قال: إن أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وبلال وصهيب، وخباب، وعمار، وسمية أم عمار، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه عمه، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأخذ الآخرون فألبسوهم أدراع الحديد ثم صهروهم في الشمس حتى بلغ الجهد منهم ما بلغ فأعطوهم ما سألوا فجاء إلى كل رجل منهم قومه بأنطاع الأدم فيها الماء وألقوهم فيه وحملوا بجوانبه إلا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله حتى ملوه وجعلوا في عنقه حبلا ثم أمروا صبيانهم أن يشتدوا به بين أخشبي مكة فجعل بلال يقول: أحد أحد )وقد روي هذا عن ابن مسعود إلا أنه جعل مكان خباب المقداد(.

عن زر بن حبيش، عن عبد الله، قال: كان أول من أظهر إسلامه: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد. فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في الشمس، فما منهم إنسان إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلال فإنه هانت عليه نفسه في الله عز وجل وهان على قومه فأعطوه الولدان فأخذوا يطوفون به شعاب مكة وهو يقول أحد أحد )رواه الإمام أحمد(.
وعن عروة بن الزبير، عن أبيه، قال: كان ورقة بن نوفل يمر ببلال وهو يعذب، وهو يقول: أحد أحد، فيقول: أحد أحد الله يا بلال. ثم أقبل ورقة على أمية بن خلف وهو يشنع ذلك ببلال فيقول: أحلف بالله عز وجل إن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا. حتى مر به أبو بكر الصديق يوما وهم يصنعون ذلك به فقال لأميه: ألا تتقي الله عز وجل في هذا المسكين? حتى متى? قال: أنت أفسدته فأنقذه عما ترى، قال أبو بكر: أفعل، عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى على دينك أعطيكه به. قال: قد قبلت. قال: هو لك فأعطاه أبو بكر غلامه ذلك، فأخذ أبو بكر بلالا فأعتقه ثم أعتق معه على الإسلام، قبل أن يهاجر من مكة، ست رقاب بلال سابعهم.

قال محمد بن إسحاق: وكان أمية يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول له: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى. فيقول وهو في ذلك البلاء: أحد أحد.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال عمر رضي الله عنه: كان أبو بكر سيدنا وأعتق بلالا سيدنا.

وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلال سابق الحبشة. عن القاسم بن عبد الرحمن قال: أول من أذن بلال.

وعن أبي عبد الله الهوزني قال: لقيت بلالا فقلت: يا بلال حدثني كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم? فقال: ما كان له شيء، كنت أنا الذي ألي له ذلك منذ بعثه الله عز وجل حتى توفي: وكان إذ أتاه الرجل المسلم فرآه عاريا يأمرني فأنطلق فأستقرض وأشتري البردة فأكسوه وأطعمه.

وعن عبد الله قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على بلال وعنده صبرة من تمر قال: ما هذا يا بلال? قال: يا رسول الله ادخرته لك ولضيفانك فقال: أما تخشى أن يكون له بخار في النار? أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا.


وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أخفت في الله وما يخاف أحد، ولقد أوذيت في الله وما يؤذي أحد، ولقد أتت علي ثلاثون ما بين ليلة ويوم مالي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال )رواه الترمذي(.

وعن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي يقول: أصبح النبي صلى الله عليه وسلم فدعا بلالا فقال: يا بلال بم سبقتني إلى الجنة? ما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامي، إني دخلت البارحة فسمعت خشخشتك. قال: ما أحدثت إلا توضأت وصليت ركعتين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بهذا.

قال محمد بن إبراهيم التيمي: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن بلال ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبر، فكان إذا قال: أشهد أن محمدا رسول الله انتحب الناس في المسجد. فلما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أبو بكر: أذن يا بلال. فقال: إن كنت إنما أعتقتني لأكون معك فسبيل ذلك، وإن كنت أعتقتني لله فخلني ومن أعتقتني له. فقال: ما أعتقتك إلا لله. قال: فإني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فذك إليك. قال: فقام حتى خرجت بعوث الشام فخرج معهم حتى انتهى إليها.

وعن سعيد بن المسيب قال: لما كانت خلافة أبي بكر تجهز بلال ليخرج إلى الشام فقال له أبو بكر: ما كنت أراك يا بلال تدعنا على هذا الحال، لو أقمت معنا فأعنتنا. قال: إن كنت إنما أعتقتني لله عز وجل فدعني أذهب إليه، وإن كنت إنما أعتقتني لنفسك فاحبسني عندك. فأذن له فخرج إلى الشام فمات بها.

)قال الشيخ( رحمه الله: وقد اختلف أهل السير أين مات? فقال بعضهم: مات بدمشق، وقال بعضهم: مات بحلب سنة عشرين، وقيل سنة ثمان عشرة وهو ابن بضع وستين سنة. رحمه الله.