•• الـنَّـارُ .. فَـاكِـهَـةُ الـشِّـتَـاء
18-12-2017, 09:27 AM
النَّـارُ .. فَـاكِـهَـةُ الـشِّـتَـاء








الكُـلُّ يعـرف كيف تَمّ اكتشاف النار ؛ لتصبح هي الخير والشر في حياة البشرية ، ويزداد خيرها وشـرهـا في الشتاء حين يشتد البرد ويهـطـل المطـر؛ ولذلك عـكف الإنسان عـليها ؛ لتكون وسيلة دفاعه الأولى في فصل الشتاء ، وحولها حينما تكون في الموقـد أو المدفأة التي تحتل جزءا من الجدار ، تعـيش الأسرة أحلى لحظاتها، تلك اللحظات التي عادة ما تكون ذكريات قـديمة باسترجاع ما مضى ، وذكريات جديدة سيتحدث عـنها الجالسون في السنوات القادمة .
النار كما يقال عـنها ــ خاصة بالنسبة للفقراء ــ هـي فاكهة الشتاء، ولا أحد يستغـني عـنها، كتقليد وعـادة محببة وكوسيلة لاجتلاب الدفء ، ولكن عـلماء الاجتماع ، لهم رأيهم بالنسبة لاجتماع العائلة حول الموقـد، حيث يؤكدون أن التفاف العائلة في الليالي الباردة التي يطرأ فيها تغـيّر كبير في الأجواء ، يزيد من الروابط الحميمية بين أفرادها ، ويُحـسن من العلاقات بينهم وخصوصا بالنسبة للنّساء .
الحديث عـن ذكريات مفـرحة يعـتبر دافعا ومحفـزا للمضيّ قُـدما نحو الأمام في المستقبل ، وتعـتبر أجواء الشتاء فرصة للتكافل الاجتماعي أيضا، فيتعاون الجميع لتدبير الحياة مثل تخزين مؤونة كافية، وتوفير وسائل التدفئة حيث يتعـذر الخروج من البيوت ، وهـذه المهمة من العائلة تعمل على تقريب القلوب ، سيما أن الأنثى تحب أن تشعر بالحماية الودودة وليس الطاغـية ممن تحب، وتتفنن عـلى ذلك بإعـداد الأكلات الصغـيرة فوق الحطب مثل تحميص الخبز المقرمش وغـلي الشاي، والذي يكتسب نكهة لا توصف بسبب اختلاط رائحة حطب النار مع رائحته.

النار التي يفتخر الفندق الريفي البريطاني بتوفيرها لزبائنه في الشتاء ؛ لأنها تكون متوفرة في كل غرفة مع نوعية حطب جيدة لا تسبب الدخان ولا روائح كريهة ، أو تحـسّـسا مثلا ، تنقسم حسبما قسمها العرب : إلى نار القِـرَى أي الكَـرَم ، ونار الحرب ، وقديما كان العـرب يعـتبرون اشتعال النار من بعـيد ؛ يعـني الاستعـداد لأمرين لا ثالث لهما ، وغَـالبا ما تكون النار للكرم ، في فصل الشتاء، حيث يُـقبل عـلى مصدرها الملهوف ، والمَـقْـرور ، وضال الطريق .

تحتفظ الكثيرمن البيوت العـربية ، ذات المستويات المتفاوتة ــ من حيث الدخل ــ بمساحات خاصة ، يَتم تجميع الحطب فيها ، بعـد شرائه وتقطيعـه لقطع مناسبة ، ليست طويلة ولا قصيرة ، بحيث يمكن إشعـالها بسهولة ولا تسبب الخطر لمن حولها وتمثل عملية الاحتطاب مهنة قاربت على الانقراض، بسبب توفر محلات متخصصة لبيع الحطب وأفضله حطب شجر الزيتون لأن له رائحة زكية مع عـدم تصاعـد الدخان عند اشتعاله، ولكن عيبه الوحيد هو ارتفاع ثمنه .
وأخيرا إذا كانت ليالي الشتاء طويلة ، فلا يزينها إلا النار ، التي إن توافرت في البيت ، فهناك الكستناء والبطاطا المشوية ، ولكن الحَـذر منها واجب ؛ لما تُـسبّـبه من حوادث وحروق ، في كل عـام تتناقلها وسائل الإعلام ، طيلة المواسم ، وتتكرر ولا تنقطع ؛ لعـدم تَـوَخي الحـذر منها ، حيث قال رسول الله ، صلى الله عـليه وسلم ، عـنها :
« إنّ هَـذه النّار إنما هـي عَـدُوٌّ لكم ، فإذا نِمتم فأطفئوها عَـنكم »
أمّا أحد الشعـراء ، فـقد قال ، واصفا أهميتها ، معـتمدا الكناية في وصفه بقوله :
كُـنَّا لَكُمْ حَـطَـبًا فِي كُـلِّ نَازِلَةٍ - - - فَلاَ تَكُونُوا لنَا حَمَّالَةَ الحَطَـبِ





( بـقـلـم : سـما حـسـن ــــ جـريـدة : الـعــربي الـجـديـد )









« رَبِّ اغْـفِـرْ لِي وَلأَِخِي وَأَدْخِلْـنَا فِي رَحْمَتِـكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ »

التعديل الأخير تم بواسطة ** رشاد كريم ** ; 18-12-2017 الساعة 11:26 AM