تقرير مفصل عن نشاة الدولة العثمانية
16-10-2012, 02:25 PM
بحث مفصل عن نشأة الدولة العثمانية جاهز للطباعة

كان سليمان أحد أبناء القبيلة يهيم بقبيلته في آسيا الصغرى بعد موقعة ملاذكرد، وقتل سليمان عند مشارف حلب، وترددت القبيلة بين العودة لموطنها الأصلي، ومواصلة المغامرة، وانقسمت القبيلة في ذلك، فاختار ابنه أرطغرل مواصلة السير، فدخل آسيا الصغرى والتحق بخدمة الأمير السلجوقي علاء الدين الثاني الذي كان يواصل الحرب ضد البيزنطيين، وساعده في هذا الكفاح، فأعطاه السلطان السلجوقي المستنقعات الواقعة على الحدود البيزنطية، وترك له توسيع ممتلكاته على حساب البيزنطيين، فاتخذ شكور عاصمة له، وأصبح ابنه عثمان ملازمًا له في حروبه وأعماله الإدارية. وفي هذه الأثناء كانت الحروب الصليبية مشتعلة فشغلت جانبًا كبيرًا من نشاط البيزنطيين مما أتاح فرصة الاستقرار للعثمانيين.


نشأة الدولة العثمانية. عندما توفي أرطغرل تولى عثمان الأول مكانه بموافقة علاء الدين السلجوقي وسار على هدي أبيه في مساعدة السلجوقيين وتأييدهم في حروبهم، فزاد علاء الدين في إكرامه ومنحه نوعًا من الاستقلال، وأقطعه كافة الأراضي والقلاع التي فتحها وأجاز له ضرب العملة باسمه، وذكر اسمه في خطبة الجمعة، ومنحه لقب بك. وهكذا اقترب عثمان من الاستقلال التام، وصار زعيم إمارة من أهم الإمارات، واستمر في التوسع حتى استولى من دولة الروم الشرقية على مدينة قرة حصار، التي جعلها عاصمة له.

وانتهز عثمان فرصة انشغال المغول بحروبهم مع سلاجقة قونية، فسار في فتوحاته ووسع مملكته. وبعد وفاة عثمان الأول جاء ابنه أورخان واستولى على عدة مدن، وتم تكوين أول فرقة من طوائف الانكشارية (العسكر الجديد).



الدولة العثمانية والفتوحات الأوروبية. خلف أورخان الذي توفي عام 761هـ، 1359م ابنه مراد الأول الذي تخطى المضيق واتجه إلى أوروبا، وهاجم شبه جزيرة البلقان، بعد أن أقرَّ النظام وتغلب على بعض العصاة في آسيا الصغرى. وكانت البلقان وقتها خاضعة لعدد من صغار الحكام. فتساقطوا واحدًا بعد الآخر في قبضة العثمانيين. وفي سنة 792هـ ، 1389م، وقعت معركة عنيفة في قوصوة بين العثمانيين بقيادة مراد الأول وأحلاف النصارى الأوروبيين التي تكونت من القوات الصربية وقوات من البشناق والمجر والبلقان والألبانيين، وانتصر مراد الأول، غير أن صربيًا طعنه غدرًا وتولى بايزيد الأول مكان أبيه. وفي عام 793هـ ،1390م فقد البيزنطيون آخر ممتلكاتهم في آسيا الصغرى وهي مدينة آلاشهر.

ونتيجة للفتوحات العثمانية، انتشر الخوف والفزع بين الأوروبيين، وقامت مظاهرات دينية للحث على حربهم، وخرج جيش أوروبي بقيادة سجسمند ملك المجر، ضم إليه كتائب من فرنسا وألمانيا، وانتصر الأوروبيون في بادئ الأمر واستردوا الكثير من المدن، ولكن بايزيد الأول أسرع بتجميع شتات جنوده وهزمهم سنة 799هـ، 1396م.



الخطر المغولي والدولة العثمانية. اشتد الخطر المغولي تحت قيادة عسكري شهير هو تيمور لنك، الذي خطط وخطا خطوات واسعة نحو استعادة ملك جنكيزخان وهولاكو، الذي امتد من موسكو إلى الصين فسوريا.

قامت المعركة الأولى بين العثمانيين والمغول سنة 803هـ، 1400م عند سيواس وانتصر فيها المغول وقتل القائد أرطغرل أكبر أبناء بايزيد الأول. وفي عام 805هـ، 1402م بدأت المعارك الحقيقية عند جيوت أباد، فانتصر فيها المغول أيضًا واتجهوا نحو أنقرة، وهزم بايزيد ووقع في الأسر ومات عام 806هـ، 1403م.

تولى سليمان بن بايزيد (الأول) مكان أبيه، ووافق تيمورلنك على أن يحكم السلطان سليمان تابعًا للسلطان المغولي. وكانت الفترة قصيرة، حيث مات تيمورلنك سنة 808هـ، 1405م، وتقسم أبناؤه مملكته، فأخذ سلطان العثمانيين يعود مرة أخرى وبدأوا يتخلصون من سلطة المغول.



عصر القوة للدولة العثمانية. تعاقب السلاطين العثمانيون حتى تولى مراد الثاني، الذي وضع قواعد الأمن والإصلاح، ثم اتجه لمواصلة الفتوحات حتى مات سنة 855هـ، 1451م وتولى مكانه ابنه محمد الفاتح أو محمد الثاني، وأخذ يخضع الثوار في آسيا الصغرى. وهاجم العثمانيون القسطنطينية سنة 857هـ، 1453م حتى تمَّ لهم النصر.

وبفتح القسطنطينية انمحت البقية الباقية من بيزنطة، وأصبحت القسطنطينية تُسمى إسطنبول أو دار السعادة، وصارت عاصمة للامبراطورية العثمانية حتى نقل أتاتورك العاصمة إلى أنقرة سنة 1342هـ، 1923م.

وبفتح القسطنطينية أصبحت الدولة العثمانية من الدول الإسلامية العظيمة.

استمر العثمانيون يسيرون بنجاح في فتوحاتهم في أوروبا، ففتحوا بلاد الصرب وشبه جزيرة المورة وبلاد ألبانيا إلى حدود البندقية، وحاول محمد الفاتح أن يفتح إيطاليا، ولكنه انصرف عن ذلك لمشاغله الكثيرة وقتها.



ضم البلاد العربية والإسلامية. كانت الدولة المملوكية في مصر وسوريا قد أصيبت بانهيار اقتصادي في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي، عندما اكتشف البرتغاليون طريق رأس الرجاء الصالح، فارتبطت تجارة أوروبا بالهند دون المرور بالموانئ المصرية والعربية. في ضوء هذه الأحداث قامت معركة بين المماليك والعثمانيين في مرج دابق والريدانية سنة 922هـ، 1516م. انظر : مرج دابق، موقعة؛ الريدانية، موقعة.

وبلغت الدولة العثمانية أقصى قوتها في عهد سليمان القانوني أو العظيم كما يسميه الأوروبيون. وامتدت الفتوحات العثمانية إلى دول الشمال الإفريقي التي كانت تعاني من الاضطراب بسبب محاولة أسبانيا الاستيلاء عليها، عقب هزيمة المسلمين بأسبانيا وانسحابهم منها.

استولى العثمانيون على الجزائر بقيادة خير الدين بربروسة عام 924هـ، 1518م، ثم على تونس ثم طرابلس، ثم واصلت القوات العثمانية زحفها حتى استولت على صنعاء سنة 954هـ، 1547م، ثم مسقط 958هـ، 1551م وواصلت زحفها حتى رأس الخليج العربي، وبذلك بلغت الدولة العثمانية أقصى مداها.


الدولة العثمانية ورسالة الإسلام. كان امتداد الإسلام بأوروبا واسعًا في عهد العثمانيين وقد وصلوا إلى فيينا عاصمة النمسا. حرص العثمانيون على نشر الإسلام بالبقاع التي دخلوها بأوروبا، وكانت حملاتهم العسكرية يصحبها الوعاظ والمعلمون الذين يقومون بنشر الإسلام في الأماكن التي وصلت لها الدولة. كما أن السلاطين والأمراء والأثرياء اهتموا اهتمامًا كبيرًا بإقامة المساجد والمعاهد لتعليم الإسلام والدَّعوة له، مما جعل عددًا كبيرًا من الأوروبيين يعرفون الإسلام ويرتبطون به.

وفشلت محاولات الحركة الصهيونية في عهد السلطان عبدالحميد الثاني (1876-1909م) لإقامة وطن يهودي بفلسطين، كما أصدر فرمانًا بمنع هجرة اليهود إلى سيناء، في الوقت الذي اتجه فيه اليهود إلى سيناء لتكون مهجرًا لهم.



أسباب سقوط الخلافة الإسلامية. ظهر ضعف الدولة العثمانية في كل مرافقها، حتى سُمِّيت رجل أوروبا المريض. وكان من أهم العوامل التي أدت إلى هذا الضعف : 1 - ضعف نظام الحكم العثماني، نتيجة لوجود سلاطين ضعفاء انغمسوا في اللهو وتركوا أمر الحكم لغيرهم، فتسلَّط الأمراء والقواد والحريم. 2- ضعف الإدارة في الأقاليم التابعة للدولة العثمانية، فكان منصب الوالي يُمنح لمن يدفع مالاً أكثر. وجعل هذا الوالي يجمع الأموال من الناس بشتى الأساليب ليفي بالمطلوب منه، فتعطلت كافة المشروعات الإصلاحية في الولايات لقلة المال. 3 - عدم التجانس بين شعوب الولايات العثمانية الممتدة في ثلاث قارات. فأدّى هذا إلى جنوحها إلى الثورة والعصيان. 4 - فساد نظام الانكشارية حيث انصرف هؤلاء إلى حياة الخمول والكسل، بعد أن كانوا مضرب الأمثال في الشجاعة وسرعة الحركة. 5 - الامتيازات الأجنبية، حيث بدأ السفراء الأجانب في طلب امتيازات تجارية لرعاياهم، وتطور هذا إلى طلب امتيازات أخرى، منها ما هو ديني، وبهذا تمكَّن السفراء من التَّدخل في شؤون الدولة.