الله غالب يا ((قطر الندى ))
01-11-2008, 12:42 PM
عيد الديموقراطية في الجزائر
تسع عشرة سنة مرت على انتفاضة الخامس من أكتوبر من عام ثمانية وثمانين؛ ذلك اليوم الذي خرج فيه الشعب الجزائري إلى الشوارع والساحات العامة في المدن الكبرى؛ ليُدمّر كل شيئ يرمز إلى السلطة.
في ساحة الشهداء وسط العاصمة وحدها تقول مصادر غير رسمية أن قوات الأمن قتلت أربعمئة متظاهر,,
وإلى حد كتابة هذه الأسطر لم تخرج إلى النور الرواية الكاملة! هناك من قال إن جهات في الحزب الواحد الذي لا شريك له(جبهة التحرير الوطني), حرّكت تلك الاحداث ضد خصومها وهناك من وصفها بالعفوية!
سقط حزب الديناصورات وتعددت الأحزاب, فتحررت الصحافة وتغيّر الدستور ودخلت الجزائر في مرحلة الديموقراطية والتعددية, فيما كانت الدول العربية ودول العالم الثالث تنام في العسل وتقمع الديكتاتورية شعوبها , فظن العالم أجمع أن بوابة إفريقيا ستكون القدوة لجاراتها في الحرية!



الآن وبعد تسعة عشر عاما,, سقط جدار برلين و انتفضت الشعوب في اوروبا وفي آسيا فأُسقطت الديناصورات في دول أوربا الشرقية وسقط بعدها الدب السوفياتي , وتغيّر العالم ,, وتطور بتطور تكنولوجيا الاتصالات, فأصبح قرية تؤثروتتأثر ,, الثورات البرتقالية والأرجوانية استطاعت أن تُوصل المعارضات إلى السلطة ,,فمات من مات وحكم من حكم وهاجر من هاجر ,,,
حتى رهبان بوذا لم يتحملوا الرهبانية فخرجوا لينضموا إلى الأصوات المنادية بالحرية,,, اتسع ثقب طبقة الأوزون فخرجت في بريطانيا ضفادع فريدة من نوعها لم يعرفها العالم من قبل ,,وعزفت الدببة عن النوم مع ظاهرة الاحتباس الحراري,,,
جدتي التي كانت تعتبرالكهرباء مؤامرة صهيونية أصبح لديها تلفونا محمولا …
الآن وبعد تسعة عشر عاما ,, ورغم تلك الانتفاضة ,,مايزال الحزب الواحد الأوحد جاثما على قلوبنا في الحكومة وفي البرلمان,,, وما يزال ديناصوراته يحكموننا باسم الشرعية الثورية,, ومازلنا نتمتع والحمد لله بتلفزيون واحد أوحد,, ,,الذي تغير هو أن دائرة الفقر اتسعت,, أمام الأسعار التي التهبت,, أما دائرة الحرية فضاقت ,, بما رحبت الجزائر واتسعت!
وبقي الواحد الأوحد….وحّدوووووووووووووه


(صورة لعبد العزيز بلخادم رئيس الحكومة و الأمين العام للحزب الأوحد حاليا -من المفارقات- كان رئيسا للبرلمان الصوري في الخامس من أكتوبر عام ثمانية وثمانيين)





* تحيا الجزائر:
في مباراة لكرة القدم بين شباب الأحياء في مدينة وهران غربي الجزائر ارتدى اللاعبون قمصانا كُتب عليها (لا للحرقة) بمعنى لا للهجرة السرية… الحُرقة، ليست الغيرة على شيء بالتعبير الفصيح وإنما هي كلمة مشتقة من أحرق يحرق حرقا ؛ إذن فهو حراق! يعني أحرق الشعارات الرنانة للسلطة ؛ وأحرق حاجز الخوف ؛ فألقى بنفسه في البحر !
وبما أن الشاب أحرق كل الحواجز فلماذا يرتدي هؤلاء قمصانا عليها شعارات لا تُسمن ولا تُغني من جوع!
إلى جانب هذا الشعار كُتب ( تحيا الجزائر) أقول : نعم تحيا الجزائر ,,,الدولة التي أسسها الامير عبد القادر, وناضل من أجلها المجاهدون والثوار, لكن لا لجزائر السلطة التي تحرم أبنائها أدنى ضروريات الحياة! ولا لجزائر تُعطي لمواطنين يُعدون على الأصابع دون الأغلبية الساحقة!
جاءتني رسالة من شاب جزائري , فنان , طموح, نشط, يترجاني فيها أن أجد له أي عمل في الخارج , لأنه سئم من الشعارات الطنانة , ويخاف على موهبته الكوميدية في التمثيل من الاندثار,,,وهذا هو عنوانه:
www.mehiaoui.skyblog.com
رياض كان كغيره من الشباب الجزائري ضحية (المعريفة , الواسطة) والجهوية والمحسوبية, وكم تألّمت كثيرا حينما أسرّ لي بأنه يعاني من إعاقة في عموده الفقري,,, اتصلت به في بيته بوهران ولم أستطع أن أقول له الحقيقة المرّة ,,,
الحقيقة تقول: كلما تمتعت بمواهب أكثر وكلما عملت أكثر فأنت تدفع بنفسك إلى عالم البطالة في تلك البلاد! وكلما كنت تافها ومتسلقا ومخادعا , كلما ارتقيت في سلّم المناصب!وأقول لأصحاب القمصان أرجو أن تُخفوها عن رياض فلا نريده ان يتألم أكثر. وبالجزائري الفصيح ( اللي فيه يكفيه).

رمضان في لندن يشبه في طعمه تلك السَّلطَة الجافة التي ألتهمها في المطاعم اللبنانية في إدجوار راود؛ وكأنها قطع بلاستيكية ألوّكها بين فكّي وأُجهد لساني على تدويره حتى يدوخ !لعله يكتشف طعمها . منذ مدة قررت في عاصمة الضباب أن أتمتّع بمنظر الأكل لا بطعمه (والعين تعشق قبل اللسان أحيانا)
رمضان في لندن مع بداية الخريف موحش ؛ فالساعة تشير إلى الرابعة بعد الظهر وحبات المطر تقبّل زجاج نافذتي التي تطل على حديقة صغيرة , أتمنى أن يمر على جنباتها أحد الجيران ولو من باب تذكيري بأنني في حي سكني ولست في مقبرة يسودها الصمت ! موعد الإفطار سيطول انتظاره إلى السابعة ! قلت في نفسي لماذا لأ أجرب تصفح الجرائد الجزائرية التي تنقل صخب الجزائر العميقة وفوضى الاسواق وأخبار انتحار الشباب في الجبال أو في عرض البحر!حيث يتنشلهم الكافرون الضالون على ضفاف جزيرة سردينيا!!!


فكرة جيدة قادتني إلى اكتشاف كاتب جديد عليّ! الشيخ عشراتي : صاحب مقال يومي (أُلغي) كان يكتب في جريدة الشروق، المقال كان يحمل عنوان(حجرة في الصباط) بمعنى حصاه في الحذاء، جريدة المحقق السري (شارلوك هولمز) هكذا قدمته!
قالت إنه مشاغب وينتقد السلطة ودفع الثمن، ما أعجبني في ردوده التي تميزت بالسخرية حينما سُئل عن وزيرة ثقافتنا المصونة خليدة مسعودي؟ قال ماذا أجيب ,,إنه قضاء وقدر! بمعنى آخر ، إنها بلوى الأمة! ومادام القضاء والقدر يتحكمان في تعيين الوزراء ؛ فالحل لكل الأمراض المزمنة التي تعاني منها الجزائر من اختلاس المليارات من البنوك إلى مساءلة المواطنين عن سبب العزوف


عن الانتخاب : يكون حلها بانتظار المهدي



على فكرة هذه صورة صاحب الحجرة في الصّباط وليس للمهدي المنتظر.
خليدة مسعودي التي تحولت في موقفها 180 درجة من معارضة السلطة وسبها ثم اختباؤها تحت برنوص ( رداء جزائري للرجال من وبر الجمل) الارسي دي حزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية، كثرت انتقادات بعض الصحف لها وأغلبية المدونات الجزائرية من الخارج تتهمها بتقاضي التشيبا cheepa وهو تعبير جزائري عن الرشوة ! حتى أُنشئت مدونة خصيصا بهذا الإسم !
http://culturechippa.centerblog.net/
حسب اتهامات أولاد الحلال الذين يقفون وراء هذا البلوغ لخليدة فإنها أصبحت مليارديرة!!!! ليس بالعملة الجزائرية وإنما بالدولار!!!عجبا لهذه الأخبار ! هل هي حقيقة أم أنها أخبار ملفقة يقف وراءها مسؤولون سابقون في وزارة الثقافة تخلصت منهم خليدة كما تخلص التلفزيون الجزائري من امبراطور نشرة الثامنة الرئيسية في الجزائر ,,أبو بكر سالم ,,لا هذا مطرب سعودي! لا يحضرني اسمه الآن لكن من المؤكد أن اسمه يحتوي على سلم و كرم,







وهو مذيع رغم أنه ضخم الجثة ويسيطر جسمه على ثلاثة أرباع الشاشة ، إلا أنه حرفي في اللغة ( شاهدته أربع مرات في التلفزيون عندما قبلت عزومة أصدقائي أصحاب اللاقطات الهوائية ولس الساقطات, لأنني حلفت أن لا أدفع لا للاقطات ولا للساقطات كي لا أتابع الاخبار العربية التي تصيب القولون)!

أعود إلى خليدة ( التي تحاول تقليد ضحكة الشاب خالد المشهورة في الصورة)
وما دامت أنها تحولت إلى مليارديرة فلماذا لا تشتري حصة في أسهم القناة الأولى الفرنسية تي أف 1 أو لا تبني مركزا تجاريا ضخما في العاصمة! من خلال عملي في التلفزيونات والجرائد العربية عرفت أن تسعين في المئة من هذه المؤسسات الإعلامية ترجع إلى لصوص ظرفاء على رأي أسامة فوزي في جريدته عرب تايمز.
http://www.arabtimes.com/
ما أكثر اللصوص في الدول العربية، لكنني أقسمهم إلى إيجابيين وسلبين:
الإيجابيون ينهبون المال العام ويُشغّلون أبناء بلدهم في شركات النهب, أو يُحمّلون هذه الأموال في أكياس ويهربونها إلى الخارج!
هناك من استعمل اللوري (سومي رومورك بالفرنسيسة)لنقل مليارات على طريقة علي بابا واللصوص الأربعين ( لا تصدقوا هذا الكلام) الأموال التي ينقلها اللصوص الظرفاء أو الإيجابيون إلى الخارج، يفتحون بها مؤسسات إعلامية أو دور نشر أو يشترون بها أسهم في البورصة ! يمكن أن نضيف تسمية أخرى لصوص مثقفون!
أما اللصوص السلبيون فينهبون مليار دولار ويفتحون محل ( لحام) جزار على تعبير إخواننا في قاعدة بلاد الغال والبغال! أو محلا لبيع الكسكس في برباس, الحي العربي في باريس !هذا اللص سلبي وغبي وجاهل…. لكنه ذكي في السرقات!!! (موهبة إلاهية)
هذا الكلام يقودني إلى صحافي جزائري تافه تحول في ليلة الثامن من أبريل نيسان 2005 (ليلة القدر) إلى ملياردير , ويأمر وينهي في عشرات الصحافيين الأغبياء( أصحاب المبادئ) على فكرة ليلة القدر كانت الإنتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس بوتفليقة بعهدة رئاسية ثانية!!هل تصدقون هذا؟ صحافي تافه تحول إلى ملياردير…. هذا ماقاله لي عدد غفير من الصحافيين الجزائريين ! لم أر هذا الصحافي في حياتي لكنني من الأخبار التي تصلني من (أصدقاء السوء) رسمتُ له صورة جيمس بوندية في مخيلتي! قدّ وطول وبهاء و بدلات فارهة وسيارات آخر موديل تركن في فيلات ,,,فيلات ؟؟!لا.. قصور شامخة!وحوله حور عين يتمتع بهن !
وبالمناسبة الإنسان أو اللص يسرق في حالتين :عندما تنعدم لديه المبادئ والضوابط العامة، وعندما تتوفر الشروط الملائمة للسرقة ؛ كالتسيب والمبالاة من المسؤولين على حراسة الأموال و الممتلكات.
وبعد السرقة يحاول اللص أن يتمتع بتلك الأموال.
كم كان اندهاشي كبيرا عندما شاهدت الصحافي الذي اتُهم من قبل رفاق السوء بالشيتة( مداراة السلطة) ونهب الأموال!!!! إنه لا يملك المال حتى لتثبيت أسنان مركبة في فمه المعوج من تساقط أسنانه الطبيعية!!!!




هناك أرقام ( للمعارضة الحسودة) تشير إلى اختلاس 5مليار دولار سنويا من المصارف الجزائرية وتحويلها إلى الخارج ، لكن هذه الأموال لم تظهر نعمها على مختلسيها!!!
لذلك أوجه نداء لهم رجاء ألبسوا وكلوا واشربوا هنيئا مريئا، ولا تخافوا من الحساب فالحكومات القادمة ستتبع النصيحة الغالية ( عفا الله عما سلف).وكم يحزنني منظر مسؤولين متهمين باختلاس المليارات وعلى جثثهم ثياب مترهلة ورثّة ويركبون سيارات ترجع إلى عهد البهانقة ( مصطلح مخترع)!
أعود إلى الأخبار التي تصيب القولون وترفع الضغط، وإذا لم تصبك هذه الأمراض بعد ’ فلا تفتح التلفزيون الجزائري في رمضان! (حال وأحوال) برنامج يومي من المفروض أن يكون فكاهي ( هستيري) تعرضه قناة اليتيمة بعد الإفطار مباشرة لتساعد مشاهديها على هضم البطاطا الكندية التي كانت تُقدم للخنازير واستوردت لإشباع البطون الخاوية في الجزائر!هو عبارة عن حلقات لا تتعدى الدقائق لكنها مرت عليّ وكأنها سبعة أيام حسوما ,,,النص من المؤكد كتبه إما شخص مشوش مُحبط وغير متوازن وإما حشاش!!الممثلون أنصحهم بالاعتكاف في أقصى قرية في الصحراء كي يقوا الناس شر ظهورهم!!وأنا متأكد من أن هؤلاء لم يتحصلوا على مستوى الإبتدائي! وإن كان هذا ليس عيبا في الجزائر بل شرف !


رن هاتفي قبل الإفطار ,, وتركت سمك السالمون فوق النار ,فهرولت إليه , وقبل أن أكتشف مكان الهاتف الملعون تحت الكتب وأقراص الديفيدي كان الزيت قد حوّل الأوراق إلى صفراء فاقع لونها تسر الناظرين !

ظهر رقم جزائري على الموبايل ( خير ان شاء الله) صديقي عمر على الخط يسأل عني وعن أحوالي في رمضان الغربة!

تجاذبنا أطراف الحديث ونعى إليّ خبر وفاة صديقنا حميد ! الذي لا يتعدى عمره الثلاثين,,سالته عن أسباب الوفاة فأجاب قضاء وقدر!!! أصرّيت على معرفة السبب فقال حتى الأطباء في العاصمة لم يعرفوا السبب! لكن على الأرجح أنه سرطان ! لقد تشوه وجهه وجسمه خلال شهر واحد وفقد قدرة التحكم في أطرافه فمات!!!
عاد بي هذا الخبر إلى خبر وفاة والدة صالح وأربعة أصدقاء لي في عز الشباب بفعل السرطان!!!قلت لصديق لي (طبيب)في البلدة هل اصبح السرطان الآن كالسكري والأمراض المحلية, فأجاب بحسرة ,, بل أكثر إنه يحصد المئات خلال الأعوام الأخيرة!! ما السبب؟ هناك من يقول إن سبب انتشاره , عواميد التقاط الهاتف المنصوبة في الأحياء السكنية وهناك من يرجعه الى مادة سامة تضاف الى الخبز لتحليته,,وهكذا , سألته هل هنك تحقيقات ؟ قال لا لأن الناس هنا يقولون إن الموت قضاء وقدر,,ولا يضغطون على المسؤولين لمباشرة أي تحقيقات!!! أي تحقيقات؟ النحقيقات تُباشر عندما تكون هناك قضية أو جريمة ! أما أولياؤنا في قصور السياسة فينكرون أنه هناك سرطان
!حالة الإنكار ( state of denial) هذه تذكرني بحالة المريض النفسي الذي ينكر لطبيبه أنه موجود في حالة غير طبيعية , وتقودني أيضا إلى انتشار حالات مرض الطاعون في مدينة وهران غرب الجزائر, التي تغنى بها الشاب خالد حيث توقع أن تصبح شيكاغو بعد استفحال الجريمة في أحيائها, لكن خالد ولأنه (أمي) ليس جدي!! لم يتوقع أن يصيبها مرض الطاعون في القرن الواحد والعشرين , لقد توقعت أن تكون رواية ( الطاعون) للروائي الفرنسي المولود بوهران ( ألبيرتو كاموس الحائز على جائزة نوبل للآداب عام سبعة وخمسين ) قد انتهى مفعولها مع وضع الحرب العالمية الثانية أوزارها ! لكن الطاعون الذين أنكره سكان وهران في بداية الخمسينيات عاد ليضرب مجددا الاجساد النحيلة التي تقتات مع الجرذان في المزابل!!!
لماذا يحتاج الجزائريون إلى جريدة تسمي نفسها ( المحقق السري) أو إلى قائمة طويلة عريضة من المفتشين والأطباء والمسؤولين لكشف انتشار أمراض كالطاعون أو الجذري أو مرض (خفة اليد) التي تسلب خزينة الشعب أموالها! فالصور الحية أغنى عن كل لجنة تحقيق!
الفرق بين طاعون ألبيرت كاموس وطاعون القرن الواحد والعشرين, أن الأول كان ينتشر في زمانه حيث الاستعمار والفقر ونقص الرعاية الطبية, أما الثاني فينتشر وخزينة الشعب تنوء مفاتيحها بالذهب ( مئة مليارررررررررررر دولاررر) ياعباد الله!



الإسلاموجيون والسلطة!

رن موبايلي وإذا بالرقم الذي يظهر على شاشته يوناني ! لا أعرف أحدا باليونان!! لكن قد يكون المصور التلفزيوني اليوناني الذي غطى معي الحرب اللبنانية الاخيرة من مطار و ميناء لارناكا القبرصييْن حيث أعددنا معا تقارير عن معاناة اللاجئين الفارين من لبنان!
كنت مخطئا ؛ فالصوت في الجانب الآخر لزميلة صحافية كانت تشتغل بالتلفزيون الفلسطيني في غزة قبل أن تتحول إلى دولة حماسستان!
صوتها مرعوب ونفسيتها تعبانة, هكذا بدت لي,,ثم قالت إنها فرت من جحيم تحرشات رجال حماس بالصحافيين وتخويفهم بالتهديد والوعيد : فإما أنت معنا أو ضدنا!!
الصحفية فرت بجلدها إلى اليونان لتبدأ حياة جديدة هناك! تاركة وراءها منزلها وأغراضها وذكرياتها الحلوة!
تحرشات أعضاء حركة حماس لم تقتصر على الصحافيين بل تعدت إلى كل من تسول له نفسه بأن يحضر حفلا غنائيا أو يسمع الموسيقى في بيته! أو أن يجاهر برفضه لمشروعهم الرجعي !
حماس ليست الحركة الإسلاموية الأولى ولا الأخيرة التي تضايق الناس في معيشتهم الضنكة أصلا! فتصرفاتها ذكرتني بصعود أسهم الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر عام تسعين, كنت حينها طالبا في الجامعة بالعاصمة الجزائرية, حيث تحول طلبة فاشلون في دراستهم إلى (مطاوعة) وأبظيات ! يرمون الطلاء على شعر البنات السافرات الفاسقات ويأمرون الطلبة باطلاق لحاهم, وبالانتخاب للجبهة لأن صوتهم أمانة يُحاسبون عليه يوم القيامة هذا ما كُتب في اللافتات التي استُعملت في حملة الفيس الانتخابية ,
وبالمناسبة أفرط من الضحك كلما سمعت من ( المحللين) أن الانتخابات التي فازت فيها الجبهة كانت أكثر الانتخابات نزاهة في الجزائر منذ الاستقلال!!!
وفي هذه الفوضى التي أثارها العائدون من أفغانستان والشيشان وبلاد الجهلان, افترش أصحاب اللحى المصبوغة بالحناء والقمصان القصيرة والقبعات الأفغانية , الساحات العامة والشوارع الرئيسة في عصيان مدني ومنعوا الناس من العمل والدراسة!
رددوا معي مرة واحدة,,, (لا دراسة لا تدريس حتى يسقط الرئيس) حتى تُطبق الشريعة الإسلامية!,,, والرئيس المسكين هو الشاذلي بن جديد الذي تحالف مع الإسلاميين آنذاك ودفع ثمن ذكل بإقالته من طرف الجنرالات.
سألت طالبا كان معروفا بالتجارة في الحشيش ثم تحول الى شيخ في فترة الحملة الانتخابية للجبهة التي نشطها المهوسون بالشهرة والسلطة, ماذا ستقدمون للشعب الجزائري , إن فزتم بالانتخابات؟؟ أجاب : إن فزنا بعون الله ( بعون قوائم الأموات الذين صوتوا في الانتخابات, والملايين من الدولارات التي تصل من دول الخليج, وبفعل ترهيب الناس) سنحّرم الخمر والميسر ونحرم التبرج والإختلاط في الأماكن العامة, ونغلق محلات بيع السجائر والخمور, ونغلق دكاكين الحلاقة خصوصا للنساء, ونهدم الأصنام التي تركتها فرنسا, ونفك جهاز المخابرات لان الله ينهانا عن التجسس!!! (بالمناسبة مناضلو الجبهة ألبسوا التماثيل الرومانية قطعا من القماش لستر عوراتها) ,,,, وهكذا فإن الإسلامويين لا يملكون مشروعا غير التحريم والغلق والترهيب والضرب والزجر ما يؤدي إلى التعفين!!!
فهؤلاء يتصورون أن الجزائري يعيش في سويسرا حيث يتمتع المواطن بالإشباع satisfaction ولا يرون أن الجزائري يعيش الحرمان بكل المقاييس, ويريد حلا لمشكلاته الاقتصادية!
وفي نهاية هذه الدردشة التي نكّدت عليكم يومكم أترحم على أرواح كل الصحافيين الذين اغتالهم الإرهاب في الجزائر وعلى رأسهم الشاب اسماعيل يفصح,,الذي كان آخر تقرير تلفزيوني ينجزه , في حي المرادية بالعاصمة,, حيث هدده إسلاماوجي بالقتل وقال له: أنت شيوعي ونعرفك جيدا,,, أنت عدو الله!!!
وهذا مظهر من مظاهر الدولة التي سعى من أجلها مجانين الجبهة:
الغرب والدول المنهارة.
من حسن حظ الجزائر أنها تطل على حوض البحر الأبيض المتوسط ولا تفصلها سوى ساعة بالطيران عن أول نقطة في الضفة الشمالية, وهذا القرب الجغرافي لم يؤثر في ذهنية الكثير من الجهلة كي يبذلوا جهدا في الالتحاق بركب الحضارة الاوروبية وأروبا ماتزال مركز الإشعاع الحضاري في العالم منذ أربعمئة عام, ويرجع الفضل في ذلك إلى العلماء التنويريين الذين حرّكوا المياه الراكدة وانتقدوا السلطان والرعية للتحرر من أغلال التخلف والجهل
أبو جهل أوروبا في ذلك الوقت كان الملك الفرنسي لويس الخامس عشر الذي طارد كل من نادى بالتحرر أما العلماء والمثقفون فقد عانوا الامرّين من رجال الدين والملوك المتسلطين خصوصا في فرنسا
أعود إلى القرب الجغرافي الذي جعل المساكين من شباب الجزائر والمغرب يرمون بأنفسهم في عرض البحر للوصول الى أقرب نقطة في قارة الحضارة فالوثائق التي يكشف عنها مركز الارشيف البريطاني كل سنة, تُبرز التقارير التي كان يبعث بها السفراء الغربيون في بلاد العربان إلى بلادهم تشيرإلى أن الغرب يكره أن تتحول دولة قريبة من حدوده الى دولة منهارة تتحكم فيها الجماعات المسلحة
والأمثلة كثيرة على الدول المنهارة مثل العراق وافغانستان والصومال والكونغو ,,, والحبل على الجرار
دول الشمال الإفريقي تحظى بعناية إلاهية , عفوا غربية كي لا تنهار,,كما حظيت البوسنة بهذه العناية وتدخّل حلف شمال الاطلسي لإنقاذها لأن هذه الدول وفي حال انهيارها ستكون مرتعا للإرهابيين والمافيا و الحثالات البشرية كما هو العراق اليوم , ما سيشكل خطرا على الدول الأوروبية التي تبذل أقصى جهدها لأن تكون تلك الدول بديلا للمهاجرين الافارقة كما هي إمارة دبي اليوم التي تمتص الايدي العاملة
وهذا الامتياز يجعلني أقنع نفسي بأن هناك فسحة من الأمل للبدء في دخول عالم التحضر
وأتمنى أنني لا ألاحق سرابا