تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
26-09-2012, 05:35 PM
القول في الموضع الذي أهبط آدم وحواء إليه من الأرض حين أهبطا إليها
ثم إن الله عز و جل أهبط آدم قبل غروب الشمس من اليوم الذي خلقه فيه وذلك يوم الجمعة من السماء مع زوجته وأنزل آدم فيما قال علماء سلف أمة نبينا صلى الله عليه و سلم بالهند
ذكر من حضرنا ذكره ممن قال ذلك منهم
220 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبدالرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة قال أهبط الله عز و جل آدم إلى الأرض وكان مهبطه بأرض الهند
حدثنا عمرو بن علي قال حدثنا عمران بن عيينة قال أخبرنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال إن أول ما أهبط الله تعالى آدم أهبطه بدهنا أرض الهند
حدثت عن عمار قال حدثنا عبدالله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال أهبط آدم إلى الهند
حدثني ابن سنان قال حدثنا الحجاج قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال قال علي بن أبي طالب عليه السلام أطيب أرض في الأرض ريحا أرض الهند أهبط بها آدم فعلق شجرها من ريح الجنة
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال حدثنا هشام بن محمد عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال أهبط آدم بالهند وحواء بجدة فجاء في طلبها حتى اجتمعا فازدلفت إليه حواء فلذلك سميت المزدلفة وتعارفا بعرفات فلذلك سميت عرفات واجتمعا بجمع فلذلك سميت جمعا قال وأهبط آدم على جبل بالهند يقال له بوذ
حدثنا أبو همام قال حدثني أبي قال حدثنا زياد بن خيثمة عن أبي يحيى بائع القت قال قال لي مجاهد لقد حدثنا عبدالله بن عباس أن آدم نزل حين نزل بالهند
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال وأما أهل التوراة فإنهم قالوا أهبط آدم بالهند على جبل يقال له واسم عند واد يقال له بهيل بين الدهنج والمندل بلدين بأرض الهند قالوا وأهبطت حواء بجدة من أرض مكة
(1/79)
________________________________________
وقال آخرون بل أهبط آدم بسرنديب على جبل يدعى بوذ وحواء بجدة من أرض مكة وإبليس بميسان والحية بأصبهان وقد قيل أهبطت الحية بالبرية وإبليس بساحل بحر الأبلة
وهذا مما لا يوصل إلى علم صحته إلا بخبر يجيء مجيء الحجة ولا يعلم خبر في ذلك ورد كذلك غير ما ورد من خبر هبوط آدم بأرض الهند فإن ذلك مما لا يدفع صحته علماء الإسلام وأهل التوراة والإنجيل والحجة قد ثبتت بأخبار بعض هؤلاء
وذكر أن الجبل الذي أهبط عليه آدم عليه السلام ذروته من أقرب ذرا جبال الأرض إلى السماء وأن آدم حين أهبط عليه كانت رجلاه عليه ورأسه في السماء يسمع دعاء الملائكة وتسبيحهم فكان آدم يأنس بذلك وكانت الملائكة تهابه فنقص من طول آدم لذلك
ذكر من قال ذلك
حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبدالرزاق قال أخبرنا هشام بن حسان عن سوار ختن عطاء عن عطاء بن أبي رباح قال لما أهبط الله عز و جل آدم من الجنة كان رجلاه في الأرض ورأسه في السماء يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم يأنس إليهم فهابته الملائكة حتى شكت إلى الله تعالى في دعائها وفي صلاتها فخفضه إلى الأرض فلا فقد ما كان يسمع منهم استوحش حتى شكا ذلك إلى الله عز و جل في دعائه وفي صلاته فوجه إلى مكة فصار موضع قدمه قرية وخطوته مفازة حتى انتهى إلى مكة وأنزل الله تعالى ياقوتة من ياقوت الجنة فكانت على موضع البيت الآن فلم يزل يطوفه به حتى أنزل الله تعالى الطوفان فرفعت تلك الياقوتة حتى بعث الله تعالى إبراهيم الخليل عليه السلام فبناه فذلك قوله تعالى وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ( 1 )
حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبدالرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة قال وضع الله تعالى البيت مع آدم فكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض فكانت الملائكة تهابه فنقص إلى ستين ذراعا فحزن آدم إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم فشكا ذلك إلى الله فقال الله يا آدم إني أهبطت لك بيتا تطوف به كما يطاف حول عرشي وتصلي عنده كما يصلي عند عرشي فانطلق إليه آدم عليه السلام فخرج ومد له في خطوه فكان بين كل خطوة مفازة فلم تزل تلك المفاوز بعد ذلك فأتى آدم عليه السلام البيت فطاف به ومن بعده من الأنبياء
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال حدثنا هشام بن محمد قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال لما حط من طول آدم عليه السلام إلى ستين ذراعا أنشأ يقول رب كنت جارك في دارك ليس لي رب غيرك ولا رقيب دونك آكل فيها رغدا وأسكن حيث أحببت فأهبطتني إلى هذا الجبل المقدس فكنت أسمع أصوات الملائكة وأراهم كيف يحفون بعرشك وأجد ريح الجنة وطيبها ثم أهبطتني إلى الأرض وحططتني إلى ستين ذراعا فقد انقطع عني الصوت والنظر وذهب عني ريح الجنة فأجابه الله عز و جل لمعصيتك يا آدم فعلت ذلك بك فلم رأى الله تعالى عري آدم وحواء أمره أن يذبح كبشا
(1/80)
________________________________________
من الضأن من الثمانية الأزواج التي أنزل من الجنة فأخذ كبشا فذبحه ثم أخذ صوفه فغزلته حواء ونسجه هو وحواء فنسج آدم جبة لنفسه وجعل لحواء درعا وخمارا فلبسا ذلك وأوحى الله تعالى إلى آدم أن لي حرما بحيال عرشي فانطلق فابن لي فيه بيتا ثم حف كما رأيت ملائكتي يحفون بعرشي فهنالك أستجيب لك ولولدك من كان منهم في طاعتي فقال آدم أي رب فكيف لي بذلك لست أقوى عليه ولا أهتدي له فقيض الله له ملكا فانطلق به نحو مكة فكان آدم إذا مر بروضة ومكان يعجبه قال للملك انزل بنا ها هنا فيقول له الملك مكانك حتى قدم مكة فكان كل مكان نزل به صار عمرانا وكل مكان تعداه صار مفاوز وقفارا فبنى البيت من خمسة أجبل من طور سيناء وطور زيتون ولبنان والجودي وبنى قواعده من حراء فلما فرغ من بنائه خرج به الملك إلى عرفات فأراه المناسك كلها التي تفعلها الناس اليوم ثم قدم به مكة فطاف بالبيت أسبوعا ثم رجع إلى أرض الهند فمات على بوذ
حدثنا أبو همام قال حدثني ابي قال حدثني زياد بن خيثمة عن أبي يحيى بائع القت قال قال لي مجاهد لقد حدثني عبدالله بن عباس أن آدم عليه السلام نزل حين نزل بالهند ولقد حج منها أربعين حجة على رجليه فقلت له يا أبا الحجاج ألا كان يركب قال فأي شيء كان يحمله فوالله إن خطوه مسيرة ثلاثة أيام وإن كان رأسه ليبلغ السماء فاشتكت الملائكة نفسه فهمزه الرحمن همزة فتطأطأ مقدار أربعين سنة
حدثني صالح بن حرب أبو معمر مولى بني هاشم قال حدثنا ثمامة بن عبيدة السلمي قال أخبرنا أبو الزبير قال قال نافع سمعت ابن عمر يقول إن الله تعالى أوحى إلى آدم عليه السلام وهو ببلاد الهند أن حج هذا البيت فحج آدم من بلاد الهند فكان كلما وضع قدمه صار قرية وما بين خطوتيه مفازة حتى انتهى إلى البيت فطاف به وقضى المناسك كلها ثم أراد الرجوع إلى بلادالهند فمضى حتى إذا كان بمأزمي عرفات تلقته الملائكة فقالوا بر حجك يا آدم فدخله من ذلك عجب فلما رأت الملائكة ذلك منه قالوا يا آدم إنا قد حججنا هذا البيت قبل أن تخلق بألفي سنة قال فتقاصرت إلى آدم نفسه
وذكر أن آدم عليه السلام أهبط إلى الأرض وعلى رأسه إكليل من شجر الجنة فلما صار إلى الأرض ويبس الإكليل تحات ورقه فنبت منه أنواع الطيب
وقال بعضهم بل كان ذلك ما أخبر الله عنهما أنهما جعلا يخصفان عليهما من ورق الجنة فلما يبس ذلك الورق الذي خصفاه عليهما تحات فنبت من ذلك الورق أنواع الطيب والله أعلم
وقال آخرون بل لما علم آدم أن الله عز و جل مهبطه إلى الأرض جعل لا يمر بشجرة من شجر الجنة إلا أخذ غصنا من أغصانها فهبط إلى الأرض وتلك الأغصان معه فلما يبس ورقها تحات فكان ذلك أصل الطيب
ذكر من قال ذلك
232 - حدثنا أبو همام قال حدثنا أبي قال حدثنا زياد بن خيثمة عن أبي يحيى بائع القت قال قال لي مجاهد لقد حدثني عبدالله بن عباس أن آدم حين خرج من الجنة كان لا يمر بشيء إلا عبث به فقيل
(1/81)
________________________________________
للملائكة دعوه فليتزود منها ما شاء فنزل حين نزل بالهند وإن هذا الطيب الذي يجاء به من الهند مما خرج به آدم من الجنة
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
26-09-2012, 06:08 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دائمة الذكر مشاهدة المشاركة
شكرا استاذ

اذا احتجت اي عنوانين ساشتريها لك و ارسلها لك

انا بعيد ة عن العاصمنة ب 280 كم

بعد ايام باذن الله ساذهب مع عائلتي طبعا حسب ضروف عمل زوجي

اتمنى ان اجد كتبا لعدنان ابراهيم

و انا ابحث عن كتاب النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية

للمؤرخ حسين مروة

جزاك الله كل خير ..
إني أنزل للبلاد 3أو2 في السانة ولم يساعفني الحظ لأتقي مع المعرض ..
اعلم أن الكتاب في الجزائر باهض الثمن و الحديثة قليلة و غير موجودة..
و إقتناءها من مصر والسعودية أوفق بكثير..
....لكن يبقى المعرض لذوق و الاختيار و الوفرةو الجديد..
أما عن الشيخ عدنان إني سمعت أنه أحيط بكوكبة من الاصدقاء و عشاقه ليبدأ في طباهة عدة كتبعن قريب و تدوين كل مقالاته في كتب ليسهل تناقلها...
..
..
متأسف ..و متمخض و متحصر على حالة البريد الجزائري..
بعث أخيرا بطقات قبلي 20يوم نزلت قبلها 15يوم...
و الكولي من السعودية 12يوم
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
26-09-2012, 07:12 PM
ذكر من قال إنما صار الطيب بالهند لأن آدم حين أهبط إليها علق بأشجارها طيب ريحه
حدثني الحارث بن محمد قال حدثنا ابن سعد قال أخبرنا هشام بن محمد قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال نزل آدم عليه السلام معه ريح الجنة فعلق بشجرها وأوديتها وامتلأ ما هناك طيبا فمن ثم يؤتى بالطيب من ريح الجنة
وقالوا أنزل معه من طيب الجنة
وقال أنزل معه الحجر الأسود وكان أشد بياضا من الثلج وعصا موسى وكانت من آس الجنة طولها عشرة أذرع عل طول موسى ومر ولبان ثم أنزل عليه بعد ذلك العلاة والمطرقة والكلبتان فنظر آدم حين أهبط على الجبل إلى قضيب من حديد نابت على الجبل قال هذا من هذا فجعل يكسر أشجارا قد عتقت ويبست بالمطرقة ثم أوقد على ذلك الغصن حتى ذاب فكان أول شيء ضربه مدية فكان يعمل بها ثم ضرب التنور وهو الذي ورثه نوح وهو الذي فار بالعذاب بالهند وكان آدم حين هبط يمسح رأسه السماء فمن ثم صلع وأورث ولده الصلع ونفرت من طوله دواب البر فصارت وحشا من يومئذ وكان آدم عليه السلام وهو على ذلك الجبل قائم يسمع أصوات الملائكة ويجد ريح الجنة فحط من طوله ذلك إلى ستين
(1/82)
________________________________________
ذراعا فكان ذلك طوله إلى أن مات ولم يجمع حسن آدم عليه السلام لأحد من ولده إلا ليوسف عليه السلام
وقيل إن من الثمار التي زود الله عز و جل آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض ثلاثين نوعا عشرة منها في القشور وعشرة لها نوى وعشرة لا قشور لها ولا نوى فأما التي في القشور منها فالجوز واللوز والفستق والبندق والخشخاش والبلوط والشاهبلوط والرانج والرمان والموز وأما التي لها نوى منها فالخوخ والمشمش والإجاص والرطب والغبيراء والنبق والزعرور والعناب والمقل والشاهلوج وأما التي لا قشور لها ولا نوى فالتفاح والسفرجل والكمثرى والعنب والتوت والتين والأترج والخرنوب والخيار والبطيخ
وقيل كان مما أخرج آدم معه من الجنة صرة من حنطة وقيل إن الحنطة جاءه بها جبرئيل عليه السلام بعد أن جاع آدم واستطعم ربه فبعث الله إليه مع جبرئيل عليه السلام بسبع حبات من حنطة فوضعها في يد آدم عليه السلام فقال آدم لجبرئيل ما هذا فقال له جبرئيل هذا الذي أخرجك من الجنة وكان وزن الحبة منها مائة ألف درهم وثمانمائة درهم فقال آدم ما أصنع بهذا قال انثره في الأرض ففعل فأنبته الله عز و جل من ساعته فجرت سنة في ولده البذر في الأرض ثم أمره فحصده ثم أمره فجمعه وفركه بيده ثم أمره أن يذريه ثم أتاه بحجرين فوضع أحدهما على الآخر فطحنه ثم أمره أن يعجنه ثم أمره أن يخبزه ملة وجمع له جبرئيل عليه السلام الحجر والحديد فقدحه فخرجت منه النار فهو أول من خبز الملة
وهذا القول الذي حكيناه عن قائل هذا القول خلاف ما جاءت به الروايات عن سلف أمة نبينا صلى الله عليه و سلم وذلك أن المثنى بن إبراهيم حدثني أن إسحاق حدثه قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا سفيان بن عيينة وابن المبارك عن الحسن بن عمارة عن المنهال بن عمرو وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته السنبلة فلما أكلا منها بدت لهما سوءاتهما وكان الذي وارى عنهما من سوءاتهما أظفارهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ورق التين يلصقان بعضها إلى بعض فانطلق آدم موليا في الجنة فأخذت برأسه شجرة من الجنة فناداه يا آدم أمني تفر قال لا ولكني استحيتك يا رب قال أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة عما حرمت عليك قال بلى يا رب ولكن وعزتك ما حسبت أن أحدا يحلف بك كاذبا قال وهو قول الله تبارك وتعالى وقاسمهما إني لكما من الناصحين ( 1 ) قال فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض فلا تنال العيش إلا كدا قال فأهبط من الجنة وكانا يأكلان فيها رغدا فأهبط إلى غير رغد من طعام وشراب فعلم صنعة الحديد وأمر بالحرث فحرث وزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حصده ثم داسه ثم ذراه ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه ثم أكله فلم يبلغه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ
حدثنا ابن حميد قال حدثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد قال أهبط إلى آدم ثور أحمر فكان يحرث عليه ويمسح العرق عن جبينه فهو الذي قال الله عز و جل فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى فكان ذلك شقاؤه
(1/83)
________________________________________
فهذا الذي قاله هؤلاء هو أولى بالصواب وأشبه بما دل عليه كتاب ربنا عز و جل وذلك أن الله ذكره لما تقدم إلى آدم وزوجته حواء بالنهي عن طاعة عدوهما قال لآدم يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ( 1 ) فكان معلوما أن الشقاء الذي أعلمه أنه يكون إن أطاع عدوه إبليس هو مشقة الوصول إلى ما يزيل الجوع والعري عنه وذلك هي الأسباب التي بها يصل أولاده إلى الغذاء من حراثة وبذر وعلاج وسقي وغير ذلك من الأسباب الشاقة المؤلمة ولو كان جبرئيل أتاه بالغذاء الذي يصل إليه ببذره دون سائر المؤن غيره لم يكن هناك من الشقاء الذي توعده به ربه على طاعة الشيطان ومعصية الرحمن كبير خطب ولكن الأمر كان والله أعلم على ما روينا عن ابن عباس وغيره
وقد قيل إن آدم عليه السلام نزل معه السندان والكلبتان والميقعة والمطرقة
ذكر من قال ذلك
حدثنا ابن حميد قال حدثنا يحي بن واضح قال حدثنا الحسين عن علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس قال ثلاثة اشياء نزلت مع آدم عليه السلام السندان والكلبتان والميقعة والمطرقة
ثم إن الله عز ذكره فيما ذكر أنزل آدم من الجبل الذي أهبطه عليه إلى سفحه وملكه الأرض كلها وجميع ما عليها من الجن والبهائم والدواب والوحش والطير وغير ذلك وأن آدم عليه السلام لما نزل من رأس ذلك الجبل وفقد كلام أهل السماء وغابت عنه أصوات الملائكة ونظر إلى سعة الأرض وبسطتها ولم ير فيها أحدا غيره استوحش فقال يا رب أما لأرضك هذه عامر يسبحك غيري
فأجيب بما حدثني المثنى بن إبراهيم قا أخبرنا إسحاق بن الحجاج قال حدثنا إسماعيل بن عبدالكريم قال حدثني عبدالصمد بن معقل أنه سمع وهبا يقول إن آدم لما أهبط إلى الأرض فرأى سعتها ولم ير فيها أحدا غيره قال يا رب أما لأرضك هذه عامر يسبح بحمدك ويقدس لك غيري قال الله إني سأجعل فيها من ولدك من يسبح بحمدي ويقدسني وسأجعل فيها بيوتا ترفع لذكري ويسبح فيها خلقي ويذكر فيها اسمي وسأجعل من تلك البيوت بيتا أخصه بكرامتي وأوثره باسمي وأسميه بيتي أنطقه بعظمتي وعليه وضعت جلالي ثم أنا مع ذلك في كل شيء ومع كل شيء أجعل ذلك البيت حرما آمنا يحرم بحرمته من حوله ومن تحته ومن فوقه فمن حرمه بحرمتي استوجب بذلك كرامتي ومن أخاف أهله فيه فقد أخفر ذمتي وأباح حرمتي أجعله أول بيت وضع للناس ببطن مكة مباركا يأتونه شعثا غبرا على كل ضامر من كل فج عميق يرجون بالتلبية رجيجا ويثجون بالبكاء ثجيجا ويعجون بالتكبير عجيجا فمن اعتمده ولا يريد غيره فقد وفد إلي وزارني وضافني وحق على الكريم أن يكرم وفده وأضيافه وأن يسعف كلا بحاجته تعمره يا آدم ما كنت حيا ثم تعمره الأمم والقرون والأنبياء من ولدك أمة بعد أمة وقرنا بعد قرن
ثم أمر آدم عليه السلام فيما ذكر أن يأتي البيت الحرام الذي أهبط له إلى الأرض فيطوف به كما كان يرى الملائكة تطوف حول عرش الله وكان ذلك ياقوتة واحدة أو درة واحدة كما حدثني الحسن بن يحيى
(1/84)
________________________________________
قال أخبرنا عبدالرزاق قال أخبرنا معمر عن أبان أن البيت أهبط ياقوتة واحدة أو درة واحدة حتى إذا أغرق الله قوم نوح رفعه وبقي أساسه فبوأه الله عز و جل لإبراهيم فبناه وقد ذكرت الأخبار الواردة بذلك فيما مضى قبل
فذكر أن آدم عليه السلام بكى واشتد بكاؤه على خطيئته وندم عليها وسأل الله عز و جل قبول توبته وغفران خطيئته فقال في مسألته إياه ما سأل من ذلك كما حدثنا أبو كريب قال حدثنا ابن عطية عن قيس عن ابن أبي ليلى عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه ( 1 ) قال أي رب ألم تخلقني بيدك قال بلى قال أي رب ألم تنفخ في من روحك قال بلى قال أي رب ألم تسكني جنتك قال بلى قال أي رب ألم تسبق رحمتك غضبك قال بلى قال أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة قال بلى قال فهو قوله تعالى فتلقى آدم من ربه كلمات
حدثني بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة قوله تعالى فتلقى آدم من ربه كلمات ذكر لنا أنه قال يا رب أرأيت إن أنا تبت وأصلحت قال إذا أرجعك إلى الجنة قال وقال الحسن إنهما قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ( 2 )
حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال حدثنا أبو أحمد قال حدثنا سفيان وقيس عن خصيف عن مجاهد في قوله عز و جل فتلقى آدم من ربه كلمات قال قوله ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرنا هشام بن محمد قال أخبرنا أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال أنزل آدم معه حين أهبط من الجنة الحجر الأسود وكان أشد بياضا من الثلج وبكى آدم وحواء على ما فاتهما يعني من نعيم الجنة مائتي سنة ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوما ثم أكلا وشربا وهما يومئذ على بوذ الجبل الذي أهبط عليه آدم ولم يقرب حواء مائة سنة
حدثنا أبو همام قال حدثني أبي قال حدثني زياد بن خيثمة عن أبي يحيى بائع القت قال قال لي مجاهد ونحن جلوس في المسجد هل ترى هذا قلت يا أبا الحجاج الحجر قال كذلك تقول قلت أو ليس حجرا قال فوالله لحدثني عبدالله بن عباس أنها ياقوتة بيضاء خرج بها آدم من الجنة كان يمسح بها دموعه وأن آدم لم ترقأ دموعه منذ خرج من الجنة حتى رجع إليها ألفي سنة وما قدر منه إبليس على شيء فقلت له يا أبا الحجاج فمن أي شيء اسود قال كان الحيض يلمسنه في الجاهلية فخرج آدم عليه السلام من الهند يؤم البيت الذي أمره الله عز و جل بالمصير إليه حتى أتاه فطاف به ونسك المناسك فذكر انه التقى هو وحواء بعرفات فتعارفا بها ثم ازدلف إليها بالمزدلفة ثم رجع إلى الهند مع حواء فاتخذا مغارة يأويان إليها في ليلهما ونهارهما وأرسل الله إليهما ملكا يعلمهما ما يلبسانه ويستتران به فزعموا أن ذلك كان من جلود الضأن
(1/85)
________________________________________
والأنعام والسباع وقال بعضهم إنما كان ذلك لباس أولادهما فأما آدم وحواء فإن لباسهما كان ما كانا خصفا على أنفسهما من ورق الجنة ثم إن الله عز ذكره مسح ظهر آدم عليه السلام بنعمان من عرفة وأخرج ذريته فنثرهم بين يديه كالذر فأخذ مواثيقهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى كما قال عز و جل وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفهسم ألست بربكم قالوا بلى ( 1 )
وقد حدثني أحمد بن محمد الطوسي قال حدثنا الحسين بن محمد قال حدثنا جرير بن حازم عن كلثوم بن جبر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان يعني عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا وقال ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إلى قوله بما فعل المبطلون ( 1 )
حدثني عمران بن موسى القزاز حدثنا عبدالوارث بن سعيد قال حدثنا كلثوم بن جبر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى قال مسح ربنا ظهر آدم فخرجت كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة بنعمان هذه وأشار بيده فأخذ مواثيقهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى
حدثنا ابن وكيع ويعقوب بن إبراهيم قالا حدثنا ابن علية عن كلثوم بن جبر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله عز و جل وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى قال مسح ظهر آدم فخرج كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة بنعمان هذا الذي وراء عرفة وأخذ ميثاقهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا واللفظ لحديث يعقوب
حدثنا ابن وكيع قال حدثنا عمران بن عيينة عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أهبط آدم حين أهبط فمسح الله ظهره فأخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة ثم قال ألست بربكم قالوا بلى ثم تلى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم فجف القلم من يومئذ بما هو كائن إلى يوم القيامة
حدثنا أبو كريب قال حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم قال لما خلق الله عز و جل آدم عليه السلام أخذ ذريته من ظهره مثل الذر فقبض قبضتين فقال لأصحاب اليمين ادخلوا الجنة بسلام وقال للآخرين ادخلوا النار ولا أبالي
حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال حدثنا روح بن عبادة وسعد بن عبدالحميد بن جعفر عن مالك بن أنس عن زيد بن أبي أنيسة عن عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب عن مسلم بن يسار الجهني أن عمر بن الخطاب رضي ا لله عنه سئل عن هذه الآية وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم فقال عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن الله خلق آدم ثم مسح على ظهره بيمينه
(1/86)
________________________________________
واستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح على ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل يا رسول الله ففيم العمل قال إن الله تبارك وتعالى إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من عمل أهل الجنة فيدخله الجنة وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من عمل أهل النار فيدخله النار
وقيل إنه أخذ ذرية آدم عليه السلام من ظهره بدحنا
ذكر من قال ذلك
حدثنا ابن حميد قال حدثنا حكام قال حدثنا عمرو بن قيس عن عطاء عن سعيد عن ابن عباس وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم قال لما خلق الله عز و جل آدم مسح ظهره بدحنا فأخرج من ظهره كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة فقال ألست بربكم قالوا بلى قال فيرون يومئذ جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة
وقال بعضهم أخرج الله ذرية آدم من صلبه في السماء قبل أن يهبطه إلى الأرض وبعد أن أخرجه من الجنة
ذكر من قال ذلك
حدثنا ابن وكيع قال حدثنا عمرو بن حماد عن أسباط عن السدي وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى قال أخرج الله آدم من الجنة ولم يهبطه من السماء ثم إنه مسح من آدم صفحة ظهره اليمنى فأخرج منه ذرية كهيئة الذر بيضاء مثل اللؤلؤ فقال لهم ادخلوا الجنة برحمتي ومسح صفة ظهره اليسرى فأخرج منه كهيئة الذر سودا فقال ادخلوا النار ولا أبالي فذلك حين يقول أصحاب اليمين و أصحاب الشمال ثم أخذ الميثاق فقال ألست بربكم قالوا بلى فأعطاه طائفة طائعين وطائفة على وجه التقية
(1/87)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
26-09-2012, 08:21 PM
ذكر الأحداث التي كانت في عهد آدم عليه السلام بعد أن أهبط إلى الأرض
فكان أول ذلك قتل قابيل بن آدم أخاه هابيل وأهل العلم يختلفون في اسم قابيل فيقول بعضهم هو قين بن آدم ويقول بعضهم هو قايين بن آدم ويقول بعضهم هو قاين ويقول بعضهم هو قابيل
واختلفوا أيضا في السبب الذي من أجله قتله
فقال بعضهم في ذلك ما حدثني به موسى بن هارون الهمداني قال حدثنا عمرو بن حماد قال حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قال كان لا يولد لآدم مولود إلا ولد معه جارية فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر ويزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر حتى ولد له ابنان يقال لهما قابيل وهابيل وكان قابيل صاحب زرع وكان هابيل صاحب ضرع وكان قابيل أكبرهما وكانت له أخت أحسن من أخت هابيل وإن هابيل طلب أن ينكح أخت قابيل فأبى عليه وقال هي أختي ولدت معي وهي أحسن من أختك وأنا أحق أن أتزوجها فأمره أبوه أن يزوجها هابيل فأبى وإنهما قربا قربانا إلى الله أيهما أحق بالجارية وكان آدم يومئذ قد غاب عنهما وأتى مكة ينظر إليها قال الله لآدم يا آدم هل تعلم أن لي بيتا في الأرض قال اللهم لا قال فإن لي بيتا بمكة فأته فقال آدم للسماء احفظي ولدي بالأمانة فأبت وقال للأرض فأبت وقال للجبال فأبت فقال لقابيل فقال نعم تذهب وترجع وتجد أهلك كما يسرك فلما انطلق آدم قربا قربانا وكان قابيل يفخر عليه فيقول أنا أحق بها منك هي أختي وأنا أكبر منك وأنا وصي والدي فلما قربا قرب هابيل جذعة سمينة وقرب قابيل حزمة سنبل فوجد فيها سنبلة عظيمة ففركها فأكلها فنزلت النار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل فغضب وقال لأقتلنك حتى لا تنكح أختي فقال هابيل إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إلى قوله فطوعت له نفسه قتل أخيه ( 1 ) فطلبه ليقتله فراغ الغلام منه في رؤوس الجبال فأتاه يوما من الأيام وهو يرعى غنمه في جبل وهو نائم فرفع صخرة فشدخ بها رأسه فمات وتركه بالعراء لا يعلم كيف يدفن فبعث الله غرابين أخوين فاقتتلا فقتل أحدهما صاحبه فحفر له ثم حثا عليه فلما رآه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي ( 1 ) فهوقوله عز و جل فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه ( 1 ) فرجع آدم فوجد ابنه قد قتل أخاه فذلك
(1/88)
________________________________________
حين يقول الله عز و جل إنا عرضا الأمانة على السموات والأرض والجبال إلى آخر الآية إنه كان ظلوما جهولا ( 1 ) يعني قابيل حين حمل أمانة آدم ثم لم يحفظ له أهله
وقال آخرون كان السبب في ذلك أن آدم كان يولد له من حواء في كل بطن ذكر وأنثى فإذا بلغ الذكر منهما زوج منه ولده الأنثى التي ولدت مع أخيه الذي ولد في البطن الآخر قبله أو بعده
فرغب قابيل بتوءمته عن هابيل
كما حدثني القاسم بن الحسن قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج قال أخبرني عبدالله بن عثمان بن خثيم قال أقبلت مع سعيد بن جبير أرمي الجمرة وهو متقنع متوكئ على يدي حتى إذا وازينا بمنزل سمرة الصواف وقف يحدثني عن ابن عباس قال نهي أن تنكح المرأة أخاها توءمها وينكحها غيره من إخوتها وكان يولد في كل بطن رجل وامرأة فولدت امرأة وسيمة وولدت امرأة قبيحة فقال أخو الدميمة أنكحني أختك وأنكحك أختي قال لا أنا أحق بأختي فقربا قربانا فتقبل من صاحب الكبش ولم يتقبل من صاحب الزرع فقتله فلم يزل ذلك الكبش محبوسا عند الله عز و جل حتى أخرجه فداء إسحاق فذبحه على هذا الصفا في ثبير عند منزل سمرة الصواف وهو على يمينك حين ترمي الجمار
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثنا محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم من أهل الكتاب الأول أن آدم عليه السلام كان يغشى حواء في الجنة قبل أن تصيب الخطيئة فحملت له بقين بن آدم وتؤمته فلم تجد عليهما وحما ولا وصبا ولم تجد عليهما طلقا حين ولدتهما ولم تر معهما دما لطهر الجنة فلما أكلا من الشجرة وأصابا المعصية وهبطا إلى الأرض واطمأنا بها تغشاها فحملت بهابيل وتوءمته فوجدت عليهما الوحم والوصب ووجدت حين ولدتهما الطلق ورأت معهما الدم وكانت حواء فيما يذكرون لا تحمل إلا توءما ذكرا وأنثى فولدت حواء لآدم أربعين ولدا لصلبه من ذكر وأنثى في عشرين بطنا وكان الرجل منهم أي أخواته شاء تزوج إلا توءمته التي تولد معه فإنها لا تحل له وذلك أنه لم يكن نساء يومئذ إلا أخواتهم وأمهم حواء
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول أن آدم أمر ابنه قينا أن ينكح توأمته هابيل وأمر هابيل أن ينكح أخته توءمته قينا فسلم لذلك هابيل ورضي وأبى ذلك قين وكره تكرما عن أخت هابيل رغب بأخته عن هابيل وقال نحن ولادة الجنة وهما من ولادة الأرض وأنا أحق بأختي ويقول بعض أهل العلم من أهل الكتاب الأول بل كانت أخت قين من أحسن الناس فضن بها عن أخيه وأرادها لنفسه والله أعلم أي ذلك كان فقال له أبوه يا بني إنها لا تحل لك فأبى قين أن يقبل ذلك من قول أبيه فقال له أبوه يا بني فقرب قربانا ويقرب أخوك هابيل قربانا فأيكما قبل الله قربانه فهو احق بها وكان قين على بذر الأرض وكان هابيل على رعاية الماشية فقرب قين قمحا وقرب هابيل أبكارا من أبكار غنمه وبعضهم يقول قرب بقرة فأرسل الله عز و جل نارا بيضاء فأكلت قربان
(1/89)
________________________________________
هابيل وتركت قربان قين وبذلك كان يقبل القربان إذا قبله الله عز و جل فلما قبل الله قربان هابيك وكان في ذلك القضاء له بأخت قين غضب قين وغلب عليه الكبر واستحوذ عليه الشيطان فاتبع أخاه هابيل وهو في ماشيته فقتله فهما اللذان قص الله خبرهما في القرآن على محمد صلى الله عليه و سلم فقال واتل عليهم يعني أهل الكتاب نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ( 1 ) إلى آخر القصة قال فلما قتله سقط في يديه ولم يدر كيف يواريه وذلك أنه كان فيما يزعمون أول قتيل من بني آدم فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي إلى قوله قوله ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون ( 1 )
قال ويزعم أهل التوراة أن قينا احين قتل أخاه هابيل قال الله له أين أخوك هابي قال ما أدري ما كنت عليه رقيبا فقال الله له إن صوت دم أخيك ليناديني من الأرض الآن أنت ملعون من الأرض التي فتحت فاها فتلقت دم أخيك من يدك فإذا أنت عملت في الأرض فإنها لا تعود تعطيك حرثها حتى تكون فزعا تائها في الأرض فقال قين عظمت خطيئتي من أن تغفرها قد أخرجتني اليوم عن وجه الأرض وأتوارى من قدامك وأكون فزعا تائها في الأرض وكل من لقيني قتلني فقال الله عز و جل ليس ذلك كذلك فلا يكون كل من قتل قتيلا يجزى بواحد سبعة ولكن من قتل قينا يجزي سبعة وجعل الله في قين آية لئلا يقتله كل من وجده وخرج قين من قدام الله عز و جل من شرقي عدن الجنة
وقال آخرون في ذلك إنما كان قتل القاتل منهما أخاه أن الله عز و جل أمرهما بتقريب قربان فتقبل قربان أحدهما ولم يتقبل من الآخر فبغاه الذي لم يتقبل قربانه فقتله
ذكر من قال ذلك
حدثنا ابن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا عوف عن أبي المغيرة عن عبدالله بن عمرو قال إن ابني آدم اللذين قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر كان أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم وأنهما أمرا أن يقربا قربانا وأن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبة بها نفسه وأن صاحب الحرث قرب شر حرثه الكوز والزوان غير طيبة بها نفسه وأن الله عز و جل تقبل قربان صاحب الغنم ولم يتقبل قربان صاحب الحرث وكان من قصتهما ما قص الله في كتابه وقال أيم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين ولكن منعه التحرج أن ينبسط إلى أخيه
وقال آخرون بما حدثني به محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قال كان من شأنهما أنه لم يكن مسكين يتصدق عليه وإنما كان القربان يقربه الرجل فبينا ابنا آدم قاعدان إذ قالا لو قربنا قربانا وكان الرجل إذا قرب قربانا فرضيه الله عز و جل أرسل إليه نارا فأكلته وإن لم يكن رضيه الله خبت النار فقربا قربانا وكان أحدهما راعيا والآخر حراثا وإن صاحب الغنم قرب خير غنمه وأسمنها وقرب الآخر بعض زرعه فجاءت النار فنزلت بينهما فأكلت الشاة وتركت الزرع وإن ابن آدم قال لأخيه أتمشي في الناس وقد علموا أنك قربت قربانا فتقبل منك ورد علي قرباني فلا
(1/90)
________________________________________
والله لا ينظر الناس إلي وإليك وأنت خير مني فقال لأقتلنك فقال له أخوه ما ذنبي إنما يتقبل الله من المتقين
وقال آخرون لم تكن قصة هذين الرجلين في عهد آدم ولا كان القربان في عصره وقالوا إنما كان هذان رجلين من بني إسرائيل وقالوا إن أول ميت مات في الأرض آدم عليه السلام لم يمت قبله أحد
ذكر من قال ذلك
حدثنا سفيان بن وكيع قال حدثنا سهل بن يوسف عن عمرو عن الحسن قال كان الرجلان اللذان في القرآن قال الله عز و جل فيهما واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق من بني إسرائيل ولم يكونا ابني آدم لصلبه وإنما كان القربان في بني إسرائيل وكان آدم أول من مات
وقال بعضهم إن آدم غشي حواء بعد مهبطهما إلى الأرض بمائة سنة فولدت له قابيل وتوءمته قليما في بطن واحد ثم هابيل وتوءمته في بطن واحد فلما شبوا أراد آدم عليه السلام أن يزوج أخت قابيل التي ولدت معه في بطن واحد من هابيل فامتنع من ذلك قابيل وقربا بهذا السبب قربانا فتقبل قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل فحسده قابيل فقتله عند عقبة حرى ثم نزل قابيل من الجبل آخذا بيد أخته قليما فهرب بها إلى عدن من أرض اليمن
حدثني بذلك الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال لما قتل قابيل أخاه هابيل أخذ بيد أخته ثم هبط بها من جبل بوذ إلى الحضيض فقال آدم لقابيل اذهب فلا تزال مرعوبا لا تأمن من تراه فكان لا يمر به أحد من ولده إلا رماه فأقبل ابن لقابيل أعمى ومعه ابن له فقال للأعمى ابنه هذا أبوك قابيل فرمى الأعمى أباه قابيل فقتله فقال ابن الأعمى قتلت يا أبتاه أباك فرفع الأعمى يده فلطم ابنه فمات ابنه فقال الأعمى ويل لي قتلت أبي برميتي وقتلت ابني بلطمتي
وذكر في التوراة أن هابيل قتل وله عشرون سنة وأن قابيل كان له يوم قتله خمس وعشرون سنة
والصحيح من القول عندنا أن الذي ذكر الله في كتابه أنه قتل أخاه من ابني آدم لصلبه لنقل الحجة أن ذلك كذلك وأن هناد بن السري حدثنا قال حدثنا أبو معاوية وكيع جميعا عن الأعمش وحدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير وحدثنا ابن وكيع قال حدثنا جرير وأبو معاوية عن الأعمش عن عبدالله بن مرة عن مسروق عن عبدالله قال قال النبي صلى الله عليه و سلم ما من نفس تقتل ظلما إلا كان ابن آدم الأول كفل منها وذلك لأنه أول من سن القتل
حدثنا ابن بشار قال حدثنا عبدالرحمن بن مهدي وحدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي
جميعا عن سفيان عن الأعمش عن عبدالله بن مرة عن مسروق عن عبدالله عن النبي صلى الله عليه و سلم نحوه
فقد بين هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم صحة قول من قال إن اللذين قص الله في كتابه قصتهما من ابني آدم كانا ابنيه لصلبه لأنه لا شك أنهما لو كانا من بني إسرائيل كما روي عن الحسن لم يكن الذي وصف مهما بأنه قتل أخاه أول من سن القتل إذ ان القتل في بني آدم قد كان قبل إسرائيل وولده
(1/91)
________________________________________
فإن قال قائل فما برهانك على أنها ولدا آدم لصلبه وأن لم يكونا من بني إسرائيل
قيل لا خلاف بين سلف علماء أمتنا في ذلك إذا فسد قول من قال كانا من بني إسرائيل
وذكر أن قابيل لما قتل أخاه هابيل بكاه آدم عليه السلام فقال فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن غياث بن إبراهيم عن أبي إسحاق الهمداني قال قال علي بن ابي طالب كرم الله وجهه لما قتل ابن آدم أخاه بكاه آدم فقال ... تغيرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبر قبيح ... تغير كل ذي طعم ولون ... وقل بشاشة الوجه المليح ...
قال فأجيب آدم عليه السلام
... أبا هابيل قد قتلا جميعا ... وصار الحي كالميت الذبيح ... وجاء بشرة قد كان منها ... على خوف فجاء بها يصيح ...
وذكر أن حواء ولدت لآدم عليه السلام عشرين ومائة بطن أولهم قابيل وتوءمته قليما وآخرهم عبدالمغيث وتوءمته أمة المغيث
وأما ابن إسحاق فذكر عنه ما قد ذكرت قبل وهو أن جميع ما ولدته حواء لآدم لصلبه أربعون من ذكر وأنثى في عشرين بطنا وقال قد بلغنا أسماء بعضهم ولم يبلغنا بعض
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال فكان من بلغنا اسمه خمسة عشر رجلا وأربع نسوة منهم قين وتوءمته وهابيل وليوذا وأشوث بنت آدم وتوءمها وشيث وتوءمتته وحزورة وتوءمها على ثلاثين ومائة سنة من عمره ثم أباد بن آدم وتوءمته ثم بالغ بن آدم وتوءمته ثم أثاثي بن آدم وتوءمته ثم توبة بن آدم وتوءمته ثم بنان بن آدم وتوءمته ثم شبوبة بن آدم وتوءمته ثم حيان بن آدم وتوءمته ثم ضرابيس بن آدم وتوءمته ثم هدز بن آدم وتوءمته ثم يحود بن آدم وتوءمته ثم سندل بن آدم وتوءمته ثم بارق بن آدم وتوءمته كل رجل منهم تولد معه امرأة في بطنه الذي يحمل به فيه
وقد زعم أكثر علماء الفرس أن جيومرت هو آدم وزعم بعضهم أنه ابن آدم لصلبه من حواء
وقال فيه غيرهم أقوالا كثيرة يطول بذكر أقوالهم الكتاب وتركنا ذكر ذلك إذ كان قصدنا في كتابنا هذا ذكر الملوك وأيامهم وما قد شرطنا في كتابنا هذا أنا ذاكروه فيه ولم يكن ذكر اختلاف المختلفين في نسب ملك من جنس ما أنشأنا له صنعة الكتاب فإن ذكرنا من ذلك شيئا فلتعريف من ذكرنا ليعرفه من لم يكن به عارفا فأما ذكر الاختلاف في نسبه فإنه غير المقصود به في كتابنا هذا
وقد خالف علماء الفرس فيما قالوا من ذلك أخرون من غيرهم ممن زعم أنه آدم ووافق علماء الفرس على اسمه وخالفه في عينه وصفته فزعم أن جيومرت الذي زعمت الفرس انه آدم عليه السلام إنما هو جامر بن يافث بن نوح وأنه كان معمرا سيدا نزل جبل دنباوند من جبال طبرستان من أرض المشرق وتملك بها
(1/92)
________________________________________
وبفارس ثم عظم أمره وأمر ولده حى ملكوا بابل وملكوا في بعض الأوقات الأقاليم كلها وأن جيومرت منع من البلاد ما صار إليه وابتنى المدن والحصون وعمرها وأعد السلاح واتخذ الخيل وأنه تجبر في آخر عمره وتسمى بآدم وقال من سماني بغير هذا الاسم ضربت عنقه وأنه تزوج ثلاثين امرأة فكثر منهن نسله وأن ماري ابنه وماريانة أخته ممن كان ولد له في آخر عمره فأعجب بهما وقدمهما صار الملوك بذلك السبب من نسلهما وأن ملكه اتسع وعظم
وإنما ذكرت من أمر جيومرت في هذا الموضع ما ذكرت لأنه لا تدافع بين علماء الأمم أن جيومرت هو أبو الفرس من العجم وإنما اختلفوا فيه هل هو آدم أبو البشر على ما قاله الذين ذكرنا قولهم أم هو غيره ثم مع ذلك فلأن ملكه وملك أولاده لم يزل منتظما على سياق متسقا بأرض المشرق وجبالها إلى أن قتل يزدجرد بن شهريار من ولد ولده بمرو أبعده الله أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه فتأريخ ما مضى من سني العالم على أعمار ملوكهم أسهل بيانا وأوضح منارا منه على أعمار ملوك غيرهم من الأمم إذ لا تعلم أمة من الأمم الذين ينتسبون إلى آدم عليه السلام دامت لها المملكة واتصل لهم الملك وكانت لهم ملوك تجمعهم ورؤوس تحامي عنهم من ناوأهم وتغالب بهم من عازهم وتدفع ظالمهم عن مظلومهم وتحملهم من الأمور على ما فيه حظهم على اتصال ودوام ونظام يأخذ ذلك آخرهم عن أولهم وغابرهم عن سالفهم سواهم فالتأريخ على أعمار ملوكهم أصح مخرجا وأحسن وضوحا
وأنا ذاكر ما انتهى إلينا من القول في عمر آدم عليه السلام وأعمار من كان بعده من ولده الذين خلفوه في النبوة والملك على قول من خالف قول الفرس الذين زعموا أنه جيومرت وعلى قول من قال إنه هو جيومرت أبو الفرس وذاكر ما اختلفوا فيه من أمرهم إلى الحال التي اجتمعوا عليها فاتفقوا على من ملك منهم في زمان بعينه أنه كان هو الملك في ذلك الزمان إن شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم سائق ذلك كذلك إلى زماننا هذا
ونرجع الآن إلى الزيادة في الإبانة عن خطأ قول من قال إن أول ميت كان في أول الأرض آدم وإنكاره الذين قص الله نبأهما في قوله واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا ( 1 ) أن يكون من صلب آدم من أجل ذلك
فحدثنا محمد بن بشار قال حدثنا عبدالصمد بن عبدالوارث قال حدثنا عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي عليه السلام قال كانت حواء لا يعيش لها ولد فنذرت لئن عاش لها ولد لتسمينه عبدالحارث فعاش لها ولد فسمته عبدالحارث وإنما كان ذلك عن وحي الشيطان
وحدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال كانت حواء تلد لآدم فتعبدهم الله عز و جل وتسميهم عبدالله وعبيدالله ونحو ذلك فيصيبهم الموت فأتاها إبليس وآدم عليه السلام فقال إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه به لعاش فولدت
(1/93)
________________________________________
له ذكرا فسمياه عبدالحارث ففيه أنزل الله عز ذكره يقول الله عز و جل هو الذي خلقكم من نفس واحدة إلى قوله جعلا له شركاء فيما آتاهما ( 2 ) إلى آخر الآية
حدثنا ابن وكيع قال حدثنا ابن فضيل عن سالم بن ابي حفصة عن سعيد بن جبير فلما أثقلت دعوا الله ربهما إلى قوله فتعالى الله عما يشركون ( 1 )
قال ولما حملت حواء في أول ولد ولدته حين أثقلت أتاها إبليس قبل أن تلد فقال يا حواء ما هذا في بطنك فقالت ما أدري من فقال أين يخرج من أنفك أو من عينك أو من أذنك قالت لا أدري قال أرأيت إن خرج سليما أمطيعتي أنت فيما أمرك به قالت نعم قال سميه عبدالحارث وقد كان يسمى إبليس لعنه الله الحارث فقالت نعم ثم قالت بعد ذلك لآدم أتاني آت في النوم فقال لي كذا وكذا فقال إن ذاك الشيطان فاحذريه فإنه عدونا الذي أخرجنا من الجنة ثم أتاها إبليس لعنه الله فأعاد عليها فقالت نعم فلما وضعته أخرجه الله سليما فسمته عبدالحارث فهو قوله جعلا له شركاء فيما آتاهما إلى قوله فتعالى الله عما يشركون ( 1 )
حدثنا ابن وكيع قال حدثنا جرير وابن فضيل عن عبدالملك عن سعيد بن جبير قال قيل له أشرك آدم قال أعوذ بالله أن أزعم أن آدم عليه السلام أشرك ولكن حواء لما أثقلت أتاها إبليس قال لها من أين يخرج هذا من أنفك او من عينك أو من فيك فقنطها ثم قال أرأيت إن خرج سويا قال ابن وكيع زاد ابن فضيل لم يضرك ولم يقتلك أتطيعينني قالت نعم قال فسميه عبدالحارث ففعلت زاد جرير فإنما كان شركه في الاسم
حدثنا موسى بن هارون قال حدثنا عمرو بن حماد قال حدثنا أسباط عن السدي فولدت يعني حواء غلاما فأتاها إبليس فقال سموه عبدي وإلا قتلته قال له آدم قد أطعتك وأخرجتني من الجنة فأبى أن يطيعه فسماه عبدالرحمن فسلط عليه إبليس لعنه الله فقتله فحملت بآخر فلما ولدته قال سميه عبدي وإلا قتلته قال له آدم عليه السلام قد أطعتك فأخرجتني من الجنة فأبى فسماه صالحا فقتله فلما كان الثالث قال لهما فإذ غلبتموني فسموه عبدالحارث وكان اسم إبليس الحارث وإنما سمي إبليس حين أبلس ( تحير ) فذلك حين يقول الله عز و جل جعلا له شركاء فيما آتاهما يعني في الأسماء
فهؤلاء الذين ذكرت الرواية عنهم بما ذكرت من أنه مات لآدم وحواء أولاد قبلهما ومن لم نذكر أقوالهم ممن عددهم أكثر من عدد من ذكرت قوله والرواية عنه قالوا خلاف قول الحسن الذي روي عنه أنه قال أول من مات آدم عليه السلام
وكان آدم مع ما كان الله عز و جل قد أعطاه من ملك الأرض والسلطان فيها قد نبأه وجعله رسولا إلى ولده وأنزل عليه إحدى وعشرين صحيفة كتبها آدم عليه السلام بخطه علمه إياها جبرئيل عليه السلام
وقد حدثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب قال حدثنا عمي قال حدثني الماضي بن محمد عن أبي سليمان عن القاسم بن محمد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر الغفاري قال دخلت المسجد فإذا
(1/94)
________________________________________
رسول الله صلى الله عليه و سلم جالس وحده فجلست إليه فقال لي يا أبا ذر إن للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما فلما ركعتهما جلست إليه فقلت يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة قال خير موضوع استكثر أو استقل ثم ذكر قصة طويلة قال فيها قلت يا رسول الله كم الأنبياء قال مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا قال قلت يا رسول الله كم المرسل من ذلك قال ثلثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا يعني كثير طيبا قال قلت يا رسول الله من كان أولهم قال آدم قال قلت يا رسول الله وآدم نبي مرسل قال نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه ثم سواه قبلا
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق عن جعفر بن الزبير عن القاسم بن عبدالرحمن عن أبي أمامة عن أبي ذر قال قلت يا نبي الله أنبيا كان آدم قال نعم كان نبيا كلمه الله قبلا
وقيل إنه كان مما أنزل الله تعالى على آدم تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وحروف المعجم في إحدى وعشرين ورقة
(1/95)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
26-09-2012, 08:37 PM
ذكر ولادة حواء شيثا
ولما مضى لآدم صلى الله عليه و سلم من عمره مائة وثلاثون سنة وذلك بعد قتل قابيل هابيل بخمس سنين ولدت له حواء ابنه شيثا فذكر أهل التوراة أن شيثا ولد فردا بغير توءم وتفسير شيث عندهم هبة الله ومعناه أنه خلف من هابيل
حدثني الحارث بن محمد قال حدثني ابن سعد قال أخبرنا هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال ولدت حواء لآدم شيثا وأخته عزورا فسمي هبة الله اشتق له من هابيل قال له جبرئيل حين ولدته هذا هبة الله بدل هابيل وهو بالعربية شث وبالسريانية شاث وبالعبرانية شيث وإليه أوصى آدم وكان آدم يوم ولد له شيث ابن ثلاثين ومائة سنة
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق قال لما حضرت آدم الوفاة فيما يذكرون والله أعلم دعا ابنه شيتا فعهد إليه عهده وعلمه ساعات الليل والنهار وأعلمه عبادة الخلق في كل ساعة منهن فأخبره أن لكل ساعة صنفا من الخلق فيها عبادته وقال له يا بني إن الطوفان سيكون في الأرض يلبث فيها سبع سنين وكتب وصيته فكان شيث فيما ذكر وصي أبيه آدم عليه السلام وصارت الرياسة من بعد وفاة آدم لشيث فأنزل الله عليه فيما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم خمسين صحيفة
حدثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب قال حدثنا عمي قال حدثنا الماضي بن محمد عن أبي سليمان عن القاسم بن محمد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر الغفاري قال قلت يا رسول الله كم كتاب أنزله الله عز و جل قال مائة كتاب وأربعة كتب أنزل الله على شيت خمسين صحيفة
وإلى شيث أنساب بني آدم كلهم اليوم وذلك أن نسل سائر ولد آدم غير نسل شيث انقرضوا وبادوا فلم يبق منهم أحد فأنساب الناس كلهم اليوم إلى شيث عليه السلام
وأما الفرس الذين قالوا إن جيومرت هو آدم فإنهم قالوا ولد لجيومرت ابنه ميشى وتزوج ميشى أخته ميشانه فولدت له سيامك بن ميشى وسيامى ابنة ميشى فولد لسيامك بن ميشى بن جيومرت أفرواك وديس وبراسب وأجوب وأوراش بنو سيامك وأفرى ودذى وبرى وأوراشىبنات سيامك أمهم جميعا سيامى بنت ميشى وهي أخت ابيهم
وذكروا أن الأرض كلها سبعة أقاليم فأرض بابل وما يوصل إليه مما يأتيه الناس برا أو بحرا فهو إقليم
(1/96)
________________________________________
واحد وسكانه نسل ولد أفرواك بن سيامك وأعقابهم وأما الأقاليم الستة الباقية التي لا يوصل إليها اليوم برا أو بحرا فنسل سائر ولد سيامك من بنيه وبناته
فولد لأفرواك بن سيامك من أفرى بنت سيامك هو شنك بيشداذ الملك وهو الذي خلف جده جيومرت في الملك وأول من جمع له ملك الأقاليم السبعة وسنذكر أخباره إن شاء الله إذا انتهينا إليه وكان بعضهم يزعم أن أوشهنج هذا هو ابن آدم لصلبه من حواء
وأما هشام الكلبي فإنه فيما حدثت عنه قال بلغنا والله أعلم أول ملك ملك الأرض أوشهنق بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح قال والفرس تدعيه وتزعم أنه كان بعد وفاة آدم بمائتي سنة قال وإنما كان هذا الملك فيما بلغنا بعد نوح بمائتي سنة فصيره أهل فارس بعد آدم بمائتي سنة ولم يعرفوا ما كان قبل نوح
وهذا الذي قاله هشام قول لا وجه له لأن هوشهنك الملك في أهل المعرفة بأنساب الفرس أشهر من الحجاج بن يوسف في أهل الإسلام وكل قوم فهم بآبائهم وأنسابهم ومآثرهم أعلم من غيرهم وإنما يرجع في كل أمر التبس إلى أهله وقد
زعم بعض نسابة الفرس أن أوشهنج بيشداذ الملك هذا هو مهلائيل وأن أباه فرواك هو قينان أبو مهلائيل وأن سيامك هو أنوش أبو قينان وأن ميشى هو شيث أبو أنوش وأن جيومرت هو آدم صلى الله عليه و سلم
فإن كان الأمر كما قال فلا شك أن أوشهنج كان في زمان آدم رجلا وذلك أن مهلائيل فيما ذكر في الكتاب الأول كانت ولادة أمه دينة ابنة براكيل بن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم إياه بعد ما مضى من عمر آدم صلى الله عليه و سلم ثلثمائة سنة وخمس وتسعون سنة فقد كان له حين وفاة آدم ستمائة سنة وخمس سنين على حساب ما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في عمر آدم أنه كان عمره ألف سنة
وقد زعمت علماء الفرس أن ملك أوشهنج هذا كان أربعين سنة فإن كان الأمر في هذا الملك كالذي قاله النسابة الذي ذكرت عنه ما ذكرت فلم يبعد ما قال إن ملكه كان بعد وفاة آدم صلى الله عليه و سلم بمائتي سنة
(1/97)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
26-09-2012, 09:13 PM
ذكر وفاة آدم عليه السلام
اختلف في مدة عمره وابن كم كان يوم قبضه الله عز و جل إليه
فأما الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنها واردة بما حدثني محمد بن خلف العسقلاني قال حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا أبو خالد سليمان بن حيان قال حدثني محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال أبو خالد وحدثني الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال أبو خالد وحدثني داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي هريرة ن النبي صلى الله عليه و سلم قال أبو خالد وحدثني ابن أبي ذباب الدوسي قال حدثنا سعيد المقبري ويزيد بن هرمز عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة فسجدوا له فجلس فعطس فقال الحمد لله فقال له ربه يرحمك ربك إيت أولئك الملأ من الملائكة فقل لهم السلام عليكم فأتاهم فقال لهم السلام عليكم قالوا له وعليك السلام ورحمة الله ثم رجع إلى ربه فقال له هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم ثم قبض له يديه فقال له خذ واختر قال اخترت يمين ربي وكلتا يديه يمين ففتحها له فإذا فيها صورة آدم وذريته كلهم فإذا كل رجل مكتوب عنده أجله وإذا آدم قد كتب له عمر ألف سنة وإذا قوم عليهم النور فقال يا رب من هؤلاء الذين عليهم النور فقال هؤلاء الأنبياء والرسل الذين أرسل إلى عبادي وإذا فيهم رجل هو أضوءهم نورا ولم يكتب له من العمر إلا أربعون سنة فقال يا رب ما بال هذا من أضوئهم نورا ولم يكتب له من العمر إلا أربعون سنة فقال ذاك ما كتب له فقال يا رب انقص له من عمري ستين سنة فقال رسول اله صلى الله عليه و سلم فلما أسكنه الله الجنة ثم أهبط إلى الأرض كان يعد أيامه فلما أتاه ملك الموت ليقبضه قال له آدم عجلت علي يا ملك الموت فقال ما فعلت فقال قد بقي من عمري ستون سنة فقال له ملك الموت ما بقي من عمرك شيء قد سألت ربك أن يكتبه لابنك داود فقال ما فعلت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم فنسي آدم فنسيت ذريته وجحد آدم فجحدت ذريته فيومئذ وضع الله الكتاب وأمر بالشهود
حدثني ابن سنان قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يونس بن مهران عن ابن عباس قال لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أول من جحد آدم عليه السلام ثلاث مرات وإن الله تبارك وتعالى لما خلقه مسح ظهره فأخرج منه ما هو ذار إلى يوم القيامة فجعل يعرضهم على آدم فرأى فيهم رجلا يزهر فقال أي رب أي نبي هذا قال هذا ابنك داود قال أي رب كم عمره قال ستون سنة قال أي رب زده في عمره قال لا إلا أن تزيده أنت من عمرك وكان
(1/98)
________________________________________
عمر آدم ألف سنة فوهب له من عمره أربعين عاما فكتب الله عليه بذلك كتابا وأشهد عليه الملائكة فلما احتضر آدم أتته الملائكة لتقبض روحه قال إنه قد بقي من عمري أربعون سنة قالوا إنك قد وهبتها لابنك داود قال ما فعلت ولا وهبت له شيئا فأنزل الله عليه الكتاب وأقام عليه الملائكة شهودا فأكمل لآدم ألف سنة وأكمل لداود مائة سنة
حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله عز و جل وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم إلى قوله قالوا بلى شهدنا ( 1 ) قال ابن عباس إن الله عز و جل لما خلق آدم مسح ظهره وأخرج ذريته كلهم كهيئة الذر فأنطقهم فتكلموا وأشهدهم على أنفسهم وجعل مع بعضهم النور وأنه قال لآدم هؤلاء ذريتك أخذ عليهم الميثاق أني أنا ربهم لئلا يشركوا بي شيئا وعلي رزقهم قال آدم فمن هذا الذي معه النور قال هو داود قال يا رب كم كتبت له من الأجل قال ستين سنة قال كم كتبت لي قال ألف سنة وقد كتبت لكل إنسان منهم كم يعمر وكم يلبث قال يا رب زده قا هذا الكتاب موضوع فأعطه إن شئت من عمرك قال نعم وقد جف القلم عن سائر بني آدم فكتب له من أجل آدم أربعين سنة فصار أجله مائة سنة فلما عمر تسعمائة سنة وستين سنة جاءه ملك الموت فلما أن رآه آدم قال مالك قال له قد استوفيت أجلك قال له آدم إنما عمرت تسعمائة سنة وستين سنة وبقي لي أربعون سنة فلما قال ذلك للملك قال الملك قد أخبرني بها ربي قال فارجع إلى ربك فسله فرجع الملك إلى ربه فقال مالك قال يا رب رجعت إليك لما كنت أعلم من تكرمتك إياه قال الله عز و جل ارجع فأخبره أنه قد أعطى ابنه داود أربعين سنة
حدثنا ابن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير في هذه الآية وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قال أخرجهم من ظهر آدم وجعل لآدم عمر ألف سنة قال فعرضوا على آدم فرأى رجلا من ذريته له نور فأعجبه فسأله عنه فقال هو داود وقد جعل عمره ستين سنة فجعل له من عمره أربعين سنة فلما احتضر آدم عليه السلام جعل يخاصمهم في الأربعين السنة فقيل له إنك قد أعطيتها داود قال فجعل يخاصمهم
حدثنا ابن حميد قال حدثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد في قوله عز و جل وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم قال أخرج ذريته من ظهره في صورة كهيئة الذر فعرضهم على آدم بأسمائهم وأسماء آبائهم وآجالهم قال فعرض عليه روح داود في نور ساطع فقال من هذا قال هذا من ذريتك نبي خلقته قال كم عمره قال ستون سنة قال زيدوه من عمري أربعين سنة قال والأقلام رطبة تجري وأثبتت لداود عليه السلام الأربعون وكان عمر آدم ألف سنة فلما استكملها إلا الأربعين سنة بعث إليه ملك الموت قال يا آدم أمرت أن أقبضك قال ألم يبق من عمري أربعون سنة قال فرجع ملك الموت
(1/99)
________________________________________
إلى ربه عز و جل فقال إن آدم يدعي من عمره أربعين سنة قال أخبر آدم أنه جعلها لابنه داود والأقلام رطبة وأثبتت لداود الأربعون
حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبو داود عن يعقوب عن جعفر عن سعيد بنحوه
وذكر أن آدم عليه السلام مرض قبل موته أحد عشر يوما وأوصى إلى ابنه شيث عليه السلام وكتب وصيته ثم دفع كتاب وصيته إلى شيث وأمره أن يخفيه من قابيل وولده لأن قابيل قد كان قتل هابيل حسدا منه حين خصه آدم بالعلم فاستخفى شيث وولده بما عندهم من العلم ولم يكن عند قابيل وولده علم ينتفعون به
ويزعم أهل التوراة أن عمر آدم عليه السلام كله كان تسعمائة سنة وثلاثين سنة
حدثنا الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام بن محمد قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال كان عمر آدم تسعمائة سنة وستا وثلاثين سنة والله أعلم
والأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم والعلماء من سلفنا ما قد ذكرت ورسول الله صلى الله عليه و سلم كان أعلم الخلق بذلك
وقد ذكرت الأخبار الواردة عنه أنه قال كان عمره ألف سنة وأنه بعد ما جعل لابنه داود من ذلك ما جعل له أكمل الله له عدة ما كان أعطاه من العمر قبل أن يهب لداود ما وهب له من ذلك ولعل ما كان جعل من ذلك آدم عليه السلام لداود عليه السلام لم يحسب في عمر آدم في التوراة فقيل كان عمره تسعمائة وثلاثين سنة
فإن قال قائل فإن الأمر وإن كان كذلك فإن آدم إنما كان جعل لابنه داود من عمره أربعين سنة فكان ينبغي أن يكون في التوراة تسعمائة سنة وستون ليوافق ذلك ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قيل قد روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في ذلك أن الذي كان جعل آدم لابنه داود من عمره ستون سنة وذلك في رواية لأبي هريرة عنه وقد ذكرناها قبل فإن يكن ذلك كذلك فالذي زعموا أنه في التوراة من الخبر عن مدة حياة آدم عليه السلام موافق لما روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في ذلك
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق أنه قال لما كتب آدم الوصية مات صلوات الله عليه واجتمعت عليه الملائكة من أجل أنه كان صفي الرحمن فقبرته الملائكة وشيث وإخوته في مشارق الفردوس عند قرية هي أول قرية كانت في الأرض وكسفت عليه الشمس والقمر سبعة أيام ولياليهن فلما اجتمعت عليه الملائكة وجمع الوصية جعلها في معراج ومعها القرن الذي أخرج أبونا آدم من الفردوس لكيلا يغفل عن ذكر الله عز و جل
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن يحيى بن عباد عن أبيه قال سمعته يقول بلغني أن آدم عليه السلام حين مات بعث الله إليه بكفنه وحنوطه من الجنة ثم وليت الملائكة قبره ودفنه حتى غيبوه
حدثنا علي بن حرب قال حدثنا روح بن أسلم قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن
(1/100)
________________________________________
الحسن عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لما توفي آدم غسلته الملائكة بالماء وترا وألحدوا له وقالت هذه سنة آدم في ولده
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن الحسن بن ذكوان عن الحسن بن أبي الحسن عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أباكم آدم كان كالنخلة السحوق ستين ذراعا كثير الشعر موارى العورة وأنه لما أصاب الخطيئة بدت له سوءته فخرج هاربا في الجنة فتلقاه شجرة فأخذت بناصيته وناداه ربه أفرارا مني يا آدم قال لا والله يا رب ولكن حياء منك مما قد جنيت فأهبطه الله إلى الأرض فلما حضرته الوفاة بعث الله إليه بحنوطه وكفنه من الجنة فلما رأت حواء الملائكة ذهبت لتدخل دونهم إليه فقال خلي عني وعن رسل ربي فإني ما لقيت ما لقيت إلا منك ولا أصابني ما أصابني إلا فيك فلما قبض غسلوه بالسدر والماء وترا وكفنوه في وتر من الثياب ثم لحدوا له فدفنوه ثم قالوا هذه سنة ولد آدم من بعده
حدثني أحمد بن المقدام قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال قال أبي وزعم قتادة عن صاحب له حدث عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كان آدم رجلا طوالأ كأنه نخلة سحوق
حدثنا الحارث بن محمد قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام بن محمد قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال لما مات آدم عليه السلام قال شيث لجبرئيل صلى الله عليهما صل على آدم قال تقدم أنت فصل على أبيك وكبر عليه ثلاثين تكبيرة فأما خمس فهي الصلاة وأما خمس وعشرون فتفضيلا لآدم صلى الله عليه و سلم
وقد اختلف في موضع قبر آدم عليه السلام فقال ابن إسحاق ما قد مضى ذكره وأما غيره فإنه قال دفن بمكة في غار أبي قبيس وهو غار يقال له غار الكنز
وروي عن ابن عباس في ذلك ما حدثني به الحارث قال حدثنا ابن سعد قال حدثنا هشام قال أخبرنا أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال لما خرج نوح من السفينة دفن آدم عليه السلام ببيت المقدس
وكانت وفاته يوم الجمعة وقد مضى ذكرنا الرواية بذلك فكرهنا إعادته
وروي عن ابن عباس في ذلك ما حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام بن محمد قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال مات آدم عليه السلام على بوذ قال أبو جعفر يعني الجبل الذي أهبط عليه وذكر أن حواء عاشت بعده سنة ثم ماتت رحمهما الله فدفنت مع زوجها في الغار الذي ذكرت وأنهما لم يزالا مدفونين في ذلك المكان حتى كان الطوفان فاستخرجهما نوح وجعلهما في تابوت ثم حملهما معه في السفينة فلما غاضت الأرض الماء ردهما إلى مكانهما الذي كانا فيه قبل الطوفان وكانت حواء قد غزلت فيما ذكر ونسجت وعجنت وخبزت وعملت أعمال النساء كلها
ونرجع الآن إلى قصة قابيل وخبره وأخبار ولده شيث وخبر ولده إذ كنا قد أتينا من ذكر آدم وعدوه إبليس وذكر أخبارهما وما صنع الله بإبليس إذ تجبر وتعظم وطغى على ربه عز و جل فأشر وبطر نعمته التي أنعمها الله عليه وتمادى في جهله وغيه وسأل ربه النظرة فأنظره إلى يوم الوقت المعلوم وما صنع الله بآدم صلوات الله عليه إذ خطىء ونسي عهد الله من تعجيل عقوبته له على خطيئته ثم تغمده إياه بفضله
(1/101)
________________________________________
ورحمته إذ تاب إليه من زلته فتاب عليه وهداه وأنقذه من الضلالة والردى حتى نأتي على ذكر من سلك سبيل كل واحد منهما من تباع آدم عليه السلام على منهاجه وشيعة إبليس والمقتدين به في ضلالته إن شاء الله وما كان من صنع الله تبارك وتعالى بكل فريق منهم
فأما شيث عليه السلام فقد ذكرنا بعض أمره وأنه كان وصي أبيه آدم عليه السلام في مخلفيه بعد مضيه لسبيله وما أنزل الله عليه من الصحف
وقيل إنه لم يزل مقيما بمكة يحج ويعتمر إلى أن مات وإنه كان جمع ما أنزل الله عز و جل عليه من الصحف إلى صحف أبيه آدم عليه السلام وعمل بما فيها وأنه بنى الكعبة بالحجارة والطين
وأما السلف من علمائنا فإنهم قالوا لم تزل القبة التي جعل الله لآدم في مكان البيت إلى أيام الطوفان وإنما رفعها الله عز و جل حين أرسل الطوفان وقيل إن شيئا لما مرض أوصى ابنه أنوش ومات فدفن مع أبويه في غار أبي قبيس وكان مولده لمضي مائتي سنة وخمس وثلاثين سنة من عمر آدم عليه السلام وكانت وفاته وقد أتت له تسعمائة سنة واثنتا عشرة سنة وولد لشيث أنوش بعد أن مضى من عمره ستمائة وخمس سنين فيما يزعم أهل التوراة
وأما ابن إسحاق فإنه قال فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة بن الفضل عنه نكح شيث بن آدم أخته حزورة ابنة آدم فولدت له يانش بن شيث ونعمة ابنة شيث وشيث يومئذ ابن مائة سنة وخمس سنين فعاش بعد ما ولد له يانش ثمانمائة سنة وسبع سنين
وقام أنوش بعد مضي أبيه شيث لسبيله بسياسة الملك وتدبير من تحت يديه من رعيته مقام أبيه شيث ولم يزل فيما ذكر على منهاج أبيه لا يوقف منه على تغيير ولا تبديل وكان جميع عمر أنوش فيما ذكر أهل التوراة تسعمائة سنة وخس سنين
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال حدثني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال ولد شيث انوش ونفرا كثيرا وإليه أوصى شيث ثم ولد لأنوش بن شيث بن آدم ابنه قينان من أخته نعمة ابنة شيث بعد مضي تسعين سنة من عمر أنوش ومن عمر آدم ثلثمائة سنة وخمس وعشرين سنة
وأما ابن إسحاق فإنه قال فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق نكح يانش بن شيث أخته نعمة ابنه شيث فولدت له قينان ويانش يومئذ ابن تسعين سنة فعاش يانش بعد ما ولد له قينان ثمانمائة سنة وخمس عشرة سنة وولد له بنون وبنات فكان كل ما عاش يانش تسعمائة سنة وخمس سنين ثم نكح قينان بن يانش وهو ابن سبعين سنة دينة ابنة براكيل بن محويل بن خنوح بن قين بن آدم فولدت له مهلائيل بن قينان فعاش قينان بعدما ولد له مهلائيل ثمانمائة سنة وأربعين سنة فكان كل ما عاش قينان تسعمائة سنة وعشر سنين
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال ولد أنوش قينان ونفرا كثيرا وإليه الوصية فولد قينان مهلائيل ونفرا معه وإليه الوصية
(1/102)
________________________________________
فولد مهلائيل يرد وهو اليارد ونفرا معه وإليه الوصية فولد يرد أخنوخ وهو إدريس النبي صلى الله عليه و سلم ونفرا معه فولد أخنوخ متوشلخ ونفرا معه وإليه الوصية فولد متوشلخ لمك ونفرا معه وإليه الوصية
وأما التوراة فما ذكره أهل الكتاب أنه فيها أن مولد مهلائيل بعد أن مضت من عمر آدم ثلاثمائة سنة وخس وتسعون سنة ومن عمر قينان سبعون سنة
ونكح مهلائيل بن قينان وهو ابن خمس وستين سنة فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق خالته سمعن ابنة براكيل بن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم فولدت له يرد بن مهلائيل فعاش مهلائيل بعد ما ولد له يرد ثمانمائة سنة وثلاثين سنة فولد له بنون وبنات فكان كل ما عاش مهلائيل ثمانمائة سنة وخمسا وتسعين سنة ثم مات
وأما في التوراة فإنه ذكر أن فيها أن يرد ولد لمهلائيل بعدما مضى من عمر آدم أربعمائة سنة وستون سنة وأنه كان على منهاج أبيه قينان غير أن الأحداث بدت في زمانه
(1/103)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
26-09-2012, 10:12 PM
ذكر الأحداث التي كانت في أيام بني آدم من لدن ملك شيث بن آدم إلى أيا
يرد
ذكر أن قابيل لما قتل هابيل وهرب من أبيه آدم إلى اليمن أتاه إبليس فقال له إن هابيل إنما قبل قربانه وأكلته النار لأنه كان يخدم النار ويعبدها فانصب أنت أيضا نارا تكون لك ولعقبك فبنى بيت نار فهو أول من نصب النار وعبدها
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال إن قينا نكح اخته أشوث بنت آدم فولدت له رجلا وامرأة خنوخ بن قين وعذب بنت قين فنكح خنوخ بن قين أخته عذب بنت قين فولدت له ثلاثة نفر وامرأة عيرد بن خنوخ ومحويل بن خنوخ وأنوشيل بن خنوخ وموليث بنت خنوخ فنكح أنوشيل بن خنوخ موليث ابنة خنوخ فولدت لأنوشيل رجا اسمه لامك فنكح لامك امرأتين اسم إحداهما عدي واسم الأخرى صلى فولدت له عدى تولين بن لامك فكان أول من سكن القباب واقتنى المال وتوبيش وكان أول من ضرب بالونج والصنج وولدت رجا اسمه توبلقين فكان أول من عمل النحاس والحديد وكان أولادهم جبابرة وفراعنة وكانوا قد أعطوا بسطة في الخلق كان الرجل فيما يزعمون يكون ثلاثين ذراعا قال ثم انقرض ولد قين ولم يتركوا عقبا إلا قليلا وذرية آدم كلهم جهلت أنسابهم وانقطع نسلهم إلا ما كان من شيث بن آدم فمنه كان النسل وأنساب الناس اليوم كلهم إليه دون أبيه آدم فهو أبو البشر إلا ما كان من أبيه وإخوته ممن لم يترك عقبا
قال ويقول أهل التوراة بل نكح قين أشوث فولدت له خنوخ فولد لخنوخ عيرد فولد عيرد محويل فولد محويل أنوشيل فولد أنوشيل لامك فنكح لامك عدى وصلى فولدتا له من سميت والله أعلم
فلم يذكر ابن إسحاق من أمر قابيل وعقبه إلا ما حكيت
وأما غيره من أهل العلم بالتوراة فإنه ذكر أن الذي اتخذ الملاهي من ولد قايين رجل يقال له توبال اتخذ في زمان مهلائيل بن قينان آلات اللهو من المزامير والطبول والعيدان والطنابير والمعازف فانهمك ولد قايين في اللهو وتناهى خبرهم إلى من بالجبل من نسل شيث فهم منهم مائة رجل بالنزول إليهم وبمخالفة ما أوصاهم به آباؤهم وبلغ ذلك يارد فوعظهم ونهاهم فأبوا إلا تماديا ونزلوا إلى ولد قايين فأعجبوا بما رأوا منهم فلما أرادوا الرجوع حيل بينهم وبين ذلك لدعوة سبقت من آبائهم فلما أبطئوا بمواضعهم ظن من كان في نفسه زيغ ممن كان بالجبل أنهم أقاموا اعتباطا فتسللوا ينزلون عن الجبل ورأوا اللهو فأعجبهم ووافقوا
(1/104)
________________________________________
نساء من ولد قايين متسرعات إليهم وصرن معهم وانهمكوا في الطغيان وفشت الفاحشة وشرب الخمر
قال أبو جعفر وهذا القول غير بعيد من الحق وذلك أنه قول قد روي عن جماعة من سلف علماء أمة نبينا صلى الله عليه و سلم نحو منه وإن لم يكونوا بينوا زمان من حدث ذلك في ملكه سوى ذكرهم أن ذلك كان فيما بين آدم ونوح صلى الله عليهما وسلم
ذكر من روي ذلك عنه
حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا داود يعني ابن أبي الفرات قال حدثنا علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس أنه تلا هذه الآية ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ( 1 ) قال كانت فيما بين نوح وإدريس وكانت ألف سنة وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل وكان رجال الجبل صباحا وفي النساء دمامة وكان نساء السهل صباحا وفي الرجال دمامة وإن إبليس أتى رجلا من أهل السهل في وصورة غلام فآجر نفسه منه وكان يخدمه واتخذ إبليس لعنه الله شيئا مثل الذي يزمر فيه الرعاء فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله فبلغ ذلك من حولهم فانتابوهم يسمعون إليه واتخذوا عيدا يجتمعون إليه في السنة فتتبرج النساء للرجال قال وينزل الرجال لهن وإن رجلا من أهل الجبل هجم عليهم وهم في عيدهم ذلك فرأى النساء وصباحتهن فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك فتحولوا إليهم فنزلوا عليهين فظهرت الفاحشة فيهن فهو قول الله عز و جل ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ( 1 )
حدثنا ابن وكيع قال حدثنا ابن أبي غنية عن أبيه عن الحكم ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى قال كان بين آدم ونوح ثمانمائة سنة وكان نساؤهم أقبح ما يكون من النساء ورجالهم حسان فكانت المرأة تريد الرجل على نفسها فأنزلت هذه الآية ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ( 1 )
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال لم يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا ببوذ
ورأى آدم فيهم الزنا وشرب الخمر والفساد فأوصى ألا يناكح بنو شيث بني قابيل فجعل بنو شيث آدم في مغارة وجعلوا عليه حافظا لا يقربه أحد من بني قابيل وكان الذين يأتونه ويستغفر لهم من بني شيث فقال مائة من بني شيث صباح لو نظرنا إلى ما فعل بنو عمنا يعنون بني قابيل فهبطت المائة إلى نساء صباح من بني قابيل فاحتبس النساء الرجال ثم مكثوا ما شاء الله ثم قال مائة آخرون لو نظرنا ما فعل إخوتنا فهبطوا من الجبل إليهم فاحتبسهم النساء ثم هبط بنو شيث كلهم فجاءت المعصية وتناكحوا واختلطوا وكثر بنو قابيل حتى ملأوا الأرض وهم الذين غرقوا أيام نوح
وأما نسابو الفرس فقد ذكرت ما قالوا في مهلائيل بن قينان وأنه هو أوشهنج الذي ملك الأقاليم السبعة وبينت قول من خالفهم في ذلك نسابي العرب
فإن كان الأمر فيه كالذي قاله نسابو الفرس فإني حدثت عن هشام بن محمد بن السائب أنه هو أول
(1/105)
________________________________________
من قطع الشجر وبنى البناء وأول من استخرج المعادن وفطن الناس لها وأمر أهل زمانه باتخاذ المساجد وبنى مدينتين كانتا أول ما بني على ظهر الأرض من المدائن وهما مدينة بابل التي بسواد الكوفة ومدينة السوس وكان ملكه أربعين سنة
وأما غيره فإنه قال هو أول من استنبط الحديد في ملكه فاتخذ منه الأدوات للصناعات وقدر المياه في مواضع المناقع وحض الناس على الحراثة والزراعة والحصاد واعتمال الأعمال وأمر بقتل السباع الضارية واتخاذ الملابس من جلودها والمفارش وبذبح البقر والغنم والأكل من لحومها وأن ملكه كان أربعين سنة وأنه بنى مدينة الري قالوا وهي أول مدينة بنيت بعد مدينة جيومرت التي كان يسكنها بدنباوند من طبرستان
وقالت الفرس إن أوشهنج هذا ولد ملكا وكان فاضلا محمودا في سيرته وسياسة رعيته وذكروا أنه أول من وضع الأحكام والحدود وكان ملقبا بذلك يدعى فيشداذ ومعناه بالفارسية أول من حكم بالعدل وذلك أن فاش معناه أول وأن داذ عدل وقضاء وذكروا أنه نزل الهند وتنقل في البلاد فلما استقام أمره واستوثق له الملك عقد على رأسه تاجا وخطب خطبة فقال في خطبته إنه ورث الملك عن جده جيومرت وإنه عذاب ونقمة على مردة الإنس والشياطين وذكروا أنه قهر إبليس وجنوده ومنعهم الاختلاط بالناس وكتب عليهم كتابا في طرس أبيض أخذ عليهم في المواثيق ألا يعرضوا لأحد من الإنس وتوعدهم على ذلك وقتل مردتهم وجماعة من الغيلان فهربوا من خوفه إلى المفاوز والجبال والأودية وأنه ملك الأقاليم كلها وأنه كان بين موت جيومرت إلى مولد أوشهنج وملكه مائتا وثلاث وعشرون سنة
وذكروا أن إبليس وجنوده فرحوا بموت أوشهنج وذلك أنهم دخلوا بموته مساكن بني آدم ونزلوا إليهم من الجبال والأودية
ونرجع الآن إلى ذكر يرد وبعضهم يقول هو يارد فولد يرد لمهلائيل من خالته سمعن ابنة براكيل بن محويل بن خنوخ بن قين بعد ما مضى من عمر آدم أربعمائة وستون سنة فكان وصي أبيه وخليفته فيما كان والد مهلائيل أوصى إلى مهلائيل واستخلفه عليه بعد وفاته وكانت ولادة أمه إياه بعد ما مضى من عمر أبيه مهلائيل فيما ذكروا خمس وستون سنة فقام من بعد مهلك أبيه من وصية أجداده وآبائه بما كانوا يقومون به أيام حياتهم
ثم نكح يرد فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق وهو ابن مائة سنة واثنتين وستين سنة بركنا ابنة الدرمسيل بن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم فولدت له أخنوخ بن يرد وأخنوخ إدريس النبي وكان أول بني آدم أعطي النبوة فيما زعم ابن إسحاق وخط بالقلم فعاش يرد بعد ما ولد له أخنوخ ثمانمائة سنة وولد بنون وبنات فكان كل ما عاش يرد تسعمائة سنة واثنتين وستين سنة ثم مات
وقال غيره من أهل التوراة ولد ليرد أخنوخ وهو إدريس فنبأه الله عز و جل وقد مضى من عمر آدم ستمائة سنة واثنتان وعشرون سنة وأنزل عليه ثلاثون صحيفة وهو أول من خط بعد آدم وجاهد في سبيل الله وقطع الثياب وخاطها وأول من سبى من ولد قابيل فاسترق منهم وكان وصي والده يرد فيما كان آباؤه أوصوا به إليه وفيما أوصى به بعضهم بعضا وذلك كله من فعله في حياة آدم
قال وتوفي آدم عليه السلام بعد أن مضى من عمر أخنوخ ثلاثمائة سنة وثماني ستين تتمة تسعمائة
(1/106)
________________________________________
وثلاثين سنة التي ذكرنا أنها عمر آدم قال ودعا أخنوخ قومه ووعظهم وأمرهم بطاعة الله عز و جل ومعصية الشيطان وألا يلابسوا ولد قابيل فلم يقبلوا منه وكانت العصابة بعد العصابة من ولد شيث تنزل إلى ولد قابين
قال وفي التوراة إن الله تبارك وتعالى رفع إدريس بعد ثلاثمائة سنة وخمس وستين سنة مضت من عمره وبعد خمسمائة سنة وسبع وعشرين سنة مضت من عمر أبيه فعاش أبوه بعد ارتفاعه أربعمائة وخمسا وثلاثين سنة تمام تسعمائة واثنتين وستين سنة وكان عمر يارد تسعمائة واثنتين وستين سنة وولد أخنوخ وقد مضت من عمر يارد مائة واثنتان وستون سنة
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال اخبرني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال في زمان يرد عملت الأصنام ورجع من رجع عن الإسلام
وقد حدثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب قال حدثني عمي قال حدثني الماضي بن محمد عن أبي سليمان عن القاسم بن محمد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر الغفاري قال قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم يا أبا ذر أربعة يعني من الرسل سريانيون آدم وشيث ونوح وأخنوخ وهو أول من خط بالقلم وأنزل الله تعالى على أخنوخ ثلاثين صحيفة
وقد زعم بعضهم أن الله بعث إدريس إلى جميع أهل الأرض في زمانه وجمع له علم الماضين وأن الله عز و جل زاده مع ذلك ثلاثين صحيفة قال فذلك قول الله عز و جل إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ( 1 )
وقال يعني بالصحف الأولى الصحف التي أنزلت على ابن آدم هبة الله وإدريس عليهما السلام
وقال بعضهم ملك بيوراسب في عهد إدريس وقد كان وقع إليه كلام من كلام آدم صلوات الله عليه فاتخذه في ذلك الزمان سحرا وكان بيوراسب يعمل به وكان إذا أراد شيئا من جميع مملكته أو أعجبته دابة أو امرأة نفخ بقصية كانت له من ذهب وكان يجيء إليه كل شيء يريده فمن ثم تنفخ اليهود في الشبورات
وأما الفرس فإنهم قالوا ملك بعد موت أوشهنج طهمورث بن ويونجهان بن خبانداذ بن خيايذار بن أوشهنج
وقد اختلف في نسب طهمورث إلى أوشهنج فنسبه بعضهم النسبة الذي ذكرت وقال بعض نسابه الفرس هو طهمورث بن أيونكهان بن أنكهد بن أسكهد بن أوشهنج
وقل هشام بن محمد الكلبي فيما حدثت عنه ذكر أهل العلم أن اول ملوك بابل طهمورث قال وبلغنا والله أعلم أن الله أعطاه من القوة ما خضع له إبليس وشياطينه وأنه كان مطيعا لله وكان ملكه أربعين سنة
وأما الفرس فإنها تزعم أن طهمورث ملك الأقاليم كلها وعقد على رأسه تاجا وقال يوم ملك نحن دافعون بعون الله عن خليقته المردة الفسدة وكان محمودا في ملكه حدبا على رعيته وأنه ابتنى سابور من
(1/107)
________________________________________
فارس ونزلها وتنقل في البلدان وأنه وثب بإبليس حتى ركبه فطاف عليه في أداني الأرض وأقاصيها وأفزعه ومردة أصحابه حتى تطايروا وتفرقوا وأنه أول من اتخذ الصوف والشعر للباس والفرش وأول من اتخذ زينة الملوك من الخيل والبغال والحمير وأمر باتخاذ الكلاب لحفظ المواشي وحراستها من السباع والجوارح للصيد وكتب بالفارسية وأن بيوراسب ظهر في أول سنة من ملكه ودعا إلى ملة الصابئين
ثم رجعنا إلى ذكر أخنوخ وهو إدريس عليه السلام
ثم نكح فيما حدثنا به ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق أخنوخ بن يرد هدانة ويقال أدانة ابنة باويل بن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم وهو ابن خمس وستين سنة فولدت له متوشلخ بن أخنوخ فعاش بعدما ولد له متوشلخ ثلاثمائة سنة وولد له بنون وبنات فكان كل ما عاش أخنوخ ثلاثمائة سنة وخسما وستين سنة ثم مات
وأما غيره من أهل التوراة فإنه قال فيما ذكر عن التوراة ولد لأخنوخ بعد ستمائة سنة وسبع وثمانين سنة خلت من عمر آدم متوشلخ فاستخلفه أخنوخ على أمر الله وأوصاه وأهل بيته قبل أن يرفع وأعلمهم أن الله عزوجل سيعذب ولد قايين ومن خالطهم ومال إليهم ونهاهم عن مخالطتهم وذكر أنه كان أول من ركب الخيل لأنه اقتفى رسم أبيه في الجهاد وسلك في أيامه في العمل بطاعة الله طريق آبائه وكان عمر أخنوخ إلى أن رفع ثلثمائة سنة وخمسا وستين سنة وولد له متوشلخ بعد ما مضى من عمره خمس وستون سنة ثم
نكح فيما حدثني ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق متوشلخ بن أخنوخ عربا ابنة عزرائيل بن أنوشيل بن خنوخ بن قين بن آدم وهو ابن مائة سنة وسبع وثلاثين سنة فولدت له لمك بن متوشلخ فعاش بعد ما ولد له لمك سبعمائة سنة فولد له بنون وبنات وكان كل ما عاش متوشلخ تسعمائة سنة وتسع عشرة سنة ثم مات ونكح لمك بن متوشلخ بن أخنوخ بتنوس ابنة براكيل بن محويل بن خنوح بن قين بن آدم عليه السلام وهو ابن مائة سنة وسبع وثمانين سنة فولدت له نوحا النبي صلى الله عليه و سلم فعاش لمك بعد ما ولد له نوح خمسمائة سنة وخمسا وتسعين سنة وولد له بنون وبنات فكان كل ما عاش سبعمائة سنة وثمانين سنة ثم مات ونكح نوح بن لمك عمذرة ابنة براكيل بن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم وهو ابن خمسمائة سنة فولدت له بنيه سام وحام ويافث بني نوح
وقال أهل التوراة ولد لمتوشلخ بعد ثمانمائة سنة وأربع وسبعين سنة من عمر آدم لمك فأقام على ما كان عليه آباؤه من طاعة الله وحفظ عهوده قالوا فلما حضرت متوشلخ الوفاة استخلف لمك على أمره وأوصاه بمثل ما كان آباؤه يوصون به قالوا وكان لمك يعظ قومه وينهاهم عن النزول إلى ولد قايين فلا يتعظون حتى نزل جميع من كان في الجبل إلى ولد قايين وقيل إنه كان لمتوشلخ ابن آخر غير لمك يقال له صابىء وقيل إن الصابئين به سموا صابئين وكان عمر متوشلخ تسعمائة وستين سنة وكان مولد لمك بعد أن مضى من عمر متوشلخ مائة وسبع وثمانون سنة ثم ولد لمك نوحا بعد وفاة آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة وذلك لألف سنة وست وخمسين سنة مضت من يوم أهبط الله عز و جل آدم إلى مولد نوح عليه السلام فلما أدرك نوح قال له لمك قد علمت أنه لم يبق في هذا الموضع غيرنا فلا تستوحش ولا تتبع الأمة الخاطئة فكان نوح يدعو إلى ربه ويعظ قومه فيستخفون به فأوحى الله عز و جل إليه أنه قد أمهلهم فأنظرهم ليراجعوا ويتوبوا مدة فانقضت
(1/108)
________________________________________
المدة قبل أن يتوبوا وينيبوا
وقال آخرون غير من ذكرت قوله كان نوح في عهد بيوراسب وكان قومه يعبدون الأصنام فدعاهم إلى الله جل وعز تسعمائة وستة وخمسين سنة كلما مضى قرن تبعهم قرن على ملة واحدة من الكفر حتى أنزل الله عليهم العذاب فأفناهم
حدثنا الحارث قال حدثنا ابن سعد قال حدثني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال ولد متوشلخ لمك ونفرا معه وإليه الوصية فولد لمك نوحا وكان للمك يوم ولد نوح اثنتان وثمانون سنة ولم يكن أحد في ذلك الزمان ينهى عن منكر فبعث الله إليهم نوحا وهو ابن أربعمائة سنة وثمانين سنة ثم دعاهم في نبوته مائة وعشرين سنة ثم أمره بصنعة السفينة فصنعها وركبها وهو ابن ستمائة سنة وغرق من غرق ثم مكث بعد السفينة ثلاثمائة سنة وخمسين سنة
وأما علماء الفرس فإنهم قالوا ملك بعد طهمورث جم الشيذ والشيذ معناه عندهم الشعاع لقبوه بذلك فيما زعموا لجماله وهو جم بن ويونجهان وهو أخو طمهورث وقيل إنه ملك الأقاليم السبعة كلها وسخر له ما فيها من الجن والإنس وعقد على رأسه التاج وقال حين قعد في ملكه إن الله تبارك وتعالى قد أكمل بهاءنا وأحسن تأييدنا وسنوسع رعيتنا خيرا وإنه ابتدع صنعة السيوف والسلاح ودل على صنعة الإبريسم والقز وغيره مما يغزل وأمر بنسج الثياب وصبغها ونحت السروج والأكف وتذليل الدواب بها
وذكر بعضهم إنه توارى بعد ما مضى من ملكه ستمائة سنة وست عشرة سنة وستة أشهر فخلت البلاد منه سنة وأنه أمر لمضي سنة من ملكه إلى سنة خمس منه بصنعة السيوف والدروع والبيض وسائر صنوف الأسلحة وآلة الصناع من الحديد ومن سنة خمسين من ملكه إلى سنة مائة بغزل الإبريسم والقز والقطن والكتان وكل ما يستطاع غزله وحياكة ذلك وصبغته ألوانا وتقطيعه أنواعا ولبسه ومن سنة مائة إلى سنة خمسين ومائة صنف الناس أربع طبقات طبقة مقاتلة وطبقة فقهاء وطبقة كتابا وصناعا وحراثين واتخذ طبقة منهم خدما وأمر كل طبقة من تلك الطبقات بلزوم العمل الذي ألزمها إياه ومن سنة مائة وخمسين إلى سنة خمسين ومائتين حارب الشياطين والجن وأثخنهم وأذلهم وسخروا له وانقادوا لأمره ومن سنة خمسين ومائتين إلى سنة ست عشرة وثلاثمائة وكل الشياطين بقطع الحجارة والصخور من الجبال وعمل الرخام والجص والكلس والبناء بذلك وبالطين البنيان والحمامات وصنعة النورة والنقل من البحار والجبال والمعادن والفلوات كل ما ينتفع به الناس والذهب والفضة وسائر ما يذاب من الجواهر وأنواع الطيب والأدوية فنفذوا في كل ذلك لأمره ثم أمر فصنعت له عجلة من زجاج فصفد فيها الشياطين وركبها وأقبل عليها في الهواء من بلده من دنباوند إلى بابل في يوم واحد وذلك يوم هرمز أز فروردين ماه فاتخذ الناس للأعجوبة التي رأوا من إجرائه ما أجري على تلك الحال نوروز وأمرهم باتخاذ ذلك اليوم وخمسة أيام بعده عيدا والتنعم والتلذذ فيها وكتب إلى الناس اليوم السادس وهو خرداذروز يخبرهم أنه قد سار فيهم بسيرة ارتضاها الله فكان من جزائه إياه عليها أن جنبهم الحر والبرد والأسقام والهرم والحسد فمكث الناس ثلاثمائة سنة بعد الثلاثمائة والست عشرة سنة التي خلت من ملكه لا يصيبهم شيء مما ذكر أن الله عز و جل جنبهم إياه
ثم إن جما بطر بعد ذلك نعمة الله عنده وجمع الإنس والجن فأخبرهم أنه وليهم ومالكهم والدافع بقوته
(1/109)
________________________________________
عنهم الأسقام والهرم والموت وجحد إحسان الله عز و جل إليه وتمادى في غيه فلم يحر أحد ممن حضره له جوابا وفقد مكانه بهاءه وعزه وتخلت عنه الملائكة الذين كان الله أمرهم بسياسة أمره فأحس بذلك بيوارسب الذي يسمى الضحاك فابتدر إلى جم لينتهسه فهرب منه ثم ظفر به بيوارسب بعد ذلك فامتلخ أمعاءه واسترطها ونشره بمنشار
وقال بعض علماء الفرس إن جما لم يزل محمود السيرة إلى أن بقي من ملكه مائة سنة فخلط حينئذ وادعى الربوبية فلما فعل ذلك اضطرب عليه أمره ووثب عليه أخوه اسفتور وطلبه ليقتله فتوارى عنه وكان في تواريه ملكا ينتقل من موضع إلى موضع ثم خرج عليه بيوارسب فغلبه على ملكه ونشره بالمنشار
وزعم بعضهم أن ملك جم كان سبعمائة سنة وست عشرة سنة وأربعة أشهر وعشرين يوما
وقد ذكرت عن وهب بن منبه عن ملك من ملوك الماضين قصة شبيهة بقصة جم شاذ الملك ولولا أن تاريخه خلاف تاريخ جم لقلت إنها قصة جم
وذلك ما حدثني محمد بن سهل بن عسكر قال حدثنا إسماعيل بن عبدالكريم قال حدثني عبدالصمد بن معقل عن وهب بن منبه أنه قال إن رجلا ملك وهو فتى شاب فقال إني لأجد للملك لذة وطعما فلا أدري أكذلك كل الناس أم أنا وجدته من بينهم فقيل له بل الملك كذلك فقال ما الذي يقيمه لي فقيل له يقيمه لك أن تطيع الله فلا تعصيه فدعا ناسا من خيار من كان في ملكه فقال لهم كونوا يحضرتي في مجلسي فما رأيتم أنه طاعة لله عز و جل فأمروني أن أعمل به وما رأيتم أنه معصية لله فازجروني عنه أنزجر ففعل ذلك هو وهم واستقام له ملكه بذلك أربعمائة سنة مطيعا لله عز و جل ثم إن إبليس انتبه لذلك فقال تركت رجلا يعبد الله ملكا أربعمائة سنة فجاء فدخل عليه فتمثل له برجل ففزع منه الملك فقال من أنت قال إبليس لا ترع ولكن أخبرني من أنت قال الملك أنا رجل من بني آدم فقال له إبليس لو كنت من بني آدم لقد مت كما يموت بنو آدم ألم تر كم قد مات من الناس وذهب من القرون لو كنت منهم لقد مت كما ماتوا ولكنك إله فادع الناس إلى عبادتك فدخل ذلك في قلبه ثم صعد المنبر فخطب الناس فقال أيها الناس إني قد كنت أخفيت عنكم أمرا بان لي إظهاره لكم تعلمون أني ملكتكم منذ أربعمائة سنة ولو كنت من بني آدم لقد مت كما ماتوا ولكني إله فاعبدوني فأرعش مكانه وأوحى الله إلى بعض من كان معه فقال أخبره أني قد استقمت له ما استقام لي فإذا تحول عن طاعتي إلى معصيتي فلم يستقم لي فبعزتي حلفت لأسلطن عليه بخت ناصر فليضربن عنقه وليأخذن ما في خزائنه وكان في ذلك الزمان لا يسخط الله على أحد إلا سلط عليه بخت ناصر فلم يتحول الملك عن قوله حتى سلط الله عليه بخت ناصر فضرب عنقه وأوقر من خزائنه سبعين سفينة ذهبا
قال أبو جعفر ولكن بين بخت ناصر وجم دهر طويل إلا أن يكون الضحاك كان يدعى في ذلك الزمان ناصر
وأما هشام بن الكلبي فإني حدثت عنه أنه قال ملك بعد طهمورث جم وكان أصبح أهل زمانه وجها وأعظمهم جسما قال فذكروا أنه غبر ستمائة سنة وتسع عشرة سنة مطيعا لله مستعليا أمره مستوثقة له البلاد ثم إنه طغى وبغى فسلط الله عليه الضحاك فسار إليه في مائتي ألف فهرب جم منه مائة سنة ثم
(1/110)
________________________________________
إن الضحاك ظفر به فنشره بمنشار قال فكان جميع ملك جم منذ ملك إلى أن قتل سبعمائة وتسع عشرة سنة
وقد روي عن جماعة من السلف أنه كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على ملة الحق وأن الكفر بالله إنما حدث في القرن الذين بعث إليهم نوح عليه السلام وقالوا إن أول نبي أرسله الله إلى قوم بالإنذار والدعاء إلى توحيده نوح عليه السلام
ذكر من قال ذلك
حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا أبو داود قال حدثنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال كان بين نوح وآدم عليهما السلام عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين قال وكذلك هي في قراءة عبدالله كان الناس أمة واحدة فاختلفوا ( 1 )
حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبدالرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة قوله عز و جل كان الناس أمة واحدة قال كانوا على الهدى جميعا فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين فكان أول نبي بعث نوح عليه السلام
(1/111)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
27-09-2012, 12:09 PM
ذكر الأحداث التي كانت في عهد نوح عليه السلام
قد ذكرنا اختلاف المختلفين في ديانة القوم الذين أرسل إليهم نوح عليه السلام وأن منهم من يقول كانوا قد أجمعوا على العمل بما يكرهه الله من ركوب الفواحش وشرب الخمور والاشتغال بالملاهي عن طاعة الله عز و جل وأن منهم من يقول كانوا أهل طاعة بيوراسب وكان بيوراسب أول من أظهر القول بقول الصابئين وتبعه على ذلك الذين ارسل إليهم نوح عليه السلام وسأذكر إن شاء الله خبر بيوراسب فيما بعد
فأما كتاب الله فإنه ينبئ عنهم أنهم كانوا أهل أوثان وذلك أن الله عز و جل يقول مخبرا عن نوح قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ومكروا مكرا كبارا وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا ( 1 ) فبعث الله إليهم نوحا مخوفهم بأسه ومحذرهم سطوته وداعيا لهم إلى التوبة والمراجعة إلى الحق والعمل بما أمر الله به رسله وأنزله في صحف آدم وشيث وأخنوخ ونوح يوم ابتعثه الله نبيا إليهم فيما ذكر ابن خمسين سنة
وقيل أيضا ما حدثنا به نصر بن علي الجهضمي قال حدثنا نوح بن قيس قال حدثنا عون بن أبي شداد قال إن الله تبارك وتعالى أرسل نوحا إلى قومه وهو ابن خمسين وثلاثمائة سنة فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ثم عاش بعد ذلك خمسين وثلاثمائة سنة
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال حدثنا هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال بعث الله نوحا إليهم وهو ابن أربعمائة سنة وثمانين سنة ثم دعاهم في نبوته مائة وعشرين سنة وركب السفينة وهو ابن ستمائة سنة ثم مكث بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين سنة
قال أبو جعفر فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما كما قال الله عز و جل يدعوهم إلى الله سرا وجهرا يمضي قرن بعد قرن فلا يستجيبون له حتى مضى قرون ثلاثة على ذلك من حاله وحالهم فلما أراد الله عز و جل إهلاكهم دعا عليهم نوح عليه السلام فقال رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا فأمره الله تعالى ذكره أن يغرس شجرة فغرسها فعظمت وذهبت كل مذهب ثم أمره بقطعها من بعد ما غرسها بأربعين سنة فيتخذ منها سفينة كما قال الله له واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ( 2 ) فقطعها
(1/112)
________________________________________
وجعل يعملها
وحدثنا صالح بن مسمار المروزي والمثنى بن إبراهيم قالا حدثنا ابن أبي مريم قال حدثنا موسى بن يعقوب قال حدثني فائد مولى عبيدالله بن علي بن أبي رافع أن إبراهيم بن عبدالرحمن بن أبي ربيعة أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه و سلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لو رحم الله أحدا من قوم نوح لرحم أم الصبي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله عز و جل حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب ثم قطعها ثم جعل يعمل سفينة فيمرون فيسألونه فيقول أعملها سفينة فيسخرون منه ويقولون تعمل سفينة في البر فكيف تجري فيقول سوف تعلمون فلما فرغ منها وفار التنور وكثر الماء في السكك خشيت أم الصبي عليه وكانت تحبه حبا شديدا فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه فلما بلغها الماء خرجت حتى بلغت ثلثي الجبل فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بيدها حتى ذهب به الماء فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي
حدثني ابن أبي منصور قال حدثنا علي بن الهيثم عن المسيب بن شريك عن أبي روق عن الضحاك قال قال سلمان الفارسي عمل نوح السفينة أربعمائة سنة وأنبت الساج أربعين سنة حتى كان طوله ثلاثمائة ذراع والذراع إلى المنكب
فعمل نوح بوحي الله إليه وتعليمه إياه عملها فكانت إن شاء الله كما حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أن طول السفينة ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا وطولها في السماء ثلاثون ذراعا وبابها في عرضها
حدثني الحارث قال حدثنا عبدالعزيز قال حدثنا مبارك عن الحسن قال كان طول سفينة نوح ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن مفضل بن فضالة عن علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال قال الحواريون لعيسى بن مريم لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة فحدثنا عنها فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثيب من تراب فأخذ كفا من ذلك التراب بكفه فقال أتدرون ما هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا قبر حام بن نوح قال فضرب الكثيب بعصاه وقال قم بإذن الله فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه وقد شاب فقال له عيسى عليه السلام هكذا هلكت قال لا ولكني مت وأنا شاب ولكني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت قال حدثنا عن سفينة نوح قال كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع وكانت ثلاث طبقات فطبقة فيها الدواب والوحش وطبقة فيها الإنس وطبقة فيها الطير فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله إلى نوح أن اغمز ذنب الفيل فغمز فوقع فيه خنزير وخنزيرة فأقبلا على الروث فلما وقع الفأر بخرز السفينة يقرضه أوحى الله إلى نوح أن اضرب بين عيني الأسد فخرج من منخره سنور وسنورة فأقبلا على الفأر فقال له عيسى كيف علم نوح أن البلاد قد غرقت قال بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت قال ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجليها فعلم أن البلاد قد غرقت قال فطوقها الخضرة التي في عنقها دعا لها أن تكون في أنس وأمان فمن ثم تألف
(1/113)
________________________________________
البيوت قال فقالت الحواريون يا رسول الله ألا ننطلق به إلى أهلنا فيجلس معنا ويحدثنا قال كيف يتبعكم من لا رزق له قال فقال له عد بإذن الله فعاد ترابا
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال نجر نوح السفينة بجبل بوذ من ثم تبدى الطوفان قال وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع بذراع جد أبي نوح وعرضها خمسين ذراعا وطولها في السماء ثلاثين ذراعا وخرج منها من الماء ستة أذرع وكانت مطبقة وجعل لها ثلاثة أبواب بعضها أسفل من بعض
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عمن لا يتهم عن عبيد بن عمير الليثي أنه كان يحدث أنه بلغه أنهم كانوا يبطشون به يعني قوم نوح بنوح فيخنقونه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون
قال ابن إسحاق حتى إذا تمادوا في المعصية وعظمت في الأرض منهم الخطيئة وتطاول عليه وعليهم الشأن واشتد عليه منهم البلاء وانتظر النجل بعد النجل فلا يأتي قرن إلا كان أخبث من الذي قبله حتى إن كان الآخر منهم ليقول قد كان هذا مع آبائنا ومع أجدادنا هكذا مجنونا لا يقبلون منه شيئا حتى شكا ذلك من أمرهم نوح إلى الله عز و جل فقال كما قص الله عز و جل علينا في كتابه رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا إلى آخر القصة حتى قال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ( 1 ) إلى آخر القصة فلما شكا ذلك منهم نوح إلى الله عز و جل واستنصره عليهم أوحى الله إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ( 2 ) فأقبل نوح على عمل الفلك ولها عن قومه وجعل يقطع الخشب ويضرب الحديد ويهيئ عدة الفلك من القار وغيره مما لا يصلحه إلا هو وجعل قومه يمرون به وهو في ذلك من عمله فيسخرون منه ويستهزئون به فيقول إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ( 3 ) قال ويقولون فيما بلغني يا نوح قد صرت نجارا بعد النبوة قال وأعقم الله أرحام النساء فلا يولد لهم
قال ويزعم أهل التوراة أن الله عز و جل أمره أن يصنع الفلك من خشب الساج وأن يصنعه أزور وأن يطليه بالقار من داخله وخارجه وأن يجعل طوله ثمانين ذراعا وعرضه خمسين ذراعا وطوله في السماء ثلاثين ذراعا وأن يجعله ثلاثة أطباق سفلا ووسطا وعلوا وأن يجعل فيه كوا ففعل نوح كما أمره عز و جل حتى إذا فرغ منه وقد عهد الله إليه إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ( 4 ) وقد جعل التنور آية فيما بينه وبينه فقال إذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين واركب فلما فار التنور حمل نوح في الفلك من أمره الله تعالى به وكانوا قليلا كما قال وحمل فيها من كل زوجين اثنين مما فيه الروح والشجر ذكرا وأنثى فحمل فيه بنيه الثلاثة سام وحام ويافث ونساءهم وستة أناس ممن كان آمن به فكانوا عشرة نفر نوح وبنوه وأزواجهم ثم
(1/114)
________________________________________
أدخل ما أمره الله به من الدواب وتخلف عنه ابنه يام وكان كافرا
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن الحسن بن دينار عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال سمعته يقول كان أول ما حمل نوح في الفلك من الدواب الذرة وآخر ما حمل الحمار فلما أدخل الحمار ودخل صدره تعلق إبليس لعنه الله بذنبه فلم تستقل رجلاه فجعل نوح يقول ويحك ادخل فينهض فلا يستطيع حتى قال نوح ويحك ادخل وإن كان الشيطان معك قال كلمة زلت عن لسانه فلما قالها نوح خلىالشيطان سبيله فدخل ودخل الشيطان معه فقال له نوح ما أدخلك علي يا عدو الله قال ألم تقل ادخل وإن كان الشيطان معك قال اخرج عني يا عدو الله فقال مالك بد من أن تحملني فكان فيما يزعمون في ظهر الفلك فلما اطمأن نوح في الفلك وأدخل فيه كل من آمن به وكان ذلك في الشهر من السنة التي دخل فيها نوح بعد ستمائة سنة من عمره لسبع عشرة ليلة مضت من الشهر فلما دخل وحمل معه من حمل تحرم ينابيع الغوط الأكبر وفتحت أبواب السماء كما قال الله لنبيه صلى الله عليه و سلم ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر ) ( 1 ) فدخل نوح ومن معه الفلك وغطاه عليه وعلى من معه بطبقة فكان بين أن أرسل الله الماء وبين أن احتمل الماء الفلك أربعون يوما وأربعون ليلة ثم احتمل الماء كما يزعم أهل التوراة وكثر واشتد وارتفع يقول الله عز و جل لنبيه محمد صلى الله عليه و سلم وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر ( 1 ) والدسر المسامير مسامير الحديد فجعلت الفلك تجري به وبمن معه في موج كالجبال ونادى نوح ابنه الذي هلك فيمن هلك وكان في معزل حين رأى نوح من صدق موعود ربه ما رأى فقال يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين وكان شقيا قد أضمر كفرا قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء وكان عهد الجبال وهي حرز من الأمطار إذا كانت فظن أن ذلك كما كان يكون قال نوح لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين وكثر الماء وطغى وارتفع فوق الجبال كما يزعم أهل التوراة خمسة عشر ذراعا فباد ما على وجه الأرض من الخلق من كل شيء فيه الروح أو شجر فلم يبق شيء من الخلائق إلا نوح ومن معه في الفلك وإلا عوج بن عنق فيما يزعم أهل الكتاب فكان بين أن أرسل الله الطوفان وبين أن غاض الماء ستة أشهر وعشر ليال
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال أرسل الله المطر أربعين يوما وأربعين ليلة فأقبلت الوحوش حين أصابها المطر والدواب والطير كلها إلى نوح وسخرت له فحمل منها كما أمره الله عز و جل من كل زوجين اثنين وحمل معه جسد آدم فجعله حاجزا بين النساء والرجال فركبوا فيها لعشر ليال مضين من رجب وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم فلذلك صام من صام يوم عاشوراء وأخرج الماء نصفين فذلك قول الله عز و جل ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر يقول منصب وفجرنا الأرض عيونا يقول شققنا الأرض فالتقى الماء على أمر قد قدر فصار الماء نصفين نصف من السماء ونصف من الأرض
(1/115)
________________________________________
وارتفع الماء على أطول جبل في الأرض خمسة عشر ذراعا فسارت بهم السفينة فطافت بهم الأرض كلها في ستة أشهر لا تستقر على شيء حتى أتت الحرم فلم تدخله ودارت بالحرم أسبوعا ورفع البيت الذي بناه آدم عليه السلام رفع من الغرق وهو البيت المعمور والحجر الأسود على أبي قبيس فلما دارت بالحرم ذهبت في الأرض تسير بهم حتى انتهت إلى الجودي وهو جبل بالحضيض من أرض الموصل فاستقرت بعد ستة أشهر لتمام السبع فقيل بعد السبعة الأشهر بعدا للقوم الظالمين ( 1 ) فلما استقرت على الجودي قيل يا أرض ابلعي ماءك يقول أنشفي ماءك الذي خرج منك ويا سماء أقلعي يقول احبسي ماءك وغيض الماء ( 1 ) نشفته الأرض فصار ما نزل من السماء هذه البحور التي ترون في الأرض فآخر ما بقي من الطوفان في الأرض ماء بحسمى بقي في الأرض أربعين سنة بعد الطوفان ثم ذهب
وكان التنور الذي جعل الله تعالى ذكره آية ما بينه وبين نوح فوران الماء منه تنورا كان لحواء حجارة وصار إلى نوح
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هشيم عن أبي محمد عن الحسن قال كان تنورا من حجارة كان لحواء حتى صار إلى نوح قال فقيل له إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت وأصحابك
وقد اختلف في المكان الذي كان به التنور الذي جعل الله فوران مائه آية ما بينه وبين نوح فقال بعضهم كان بالهند
ذكر من قال ذلك
حدثنا أبو كريب قال حدثنا عبدالحميد الحماني عن النضر أبي عمر الخزاز عن عكرمة عن ابن عباس في وفار التنور ( 2 ) قال فار بالهند
وقال آخرون كان ذلك بناحية الكوفة
ذكر من قال ذلك
حدثني الحارث قال حدثنا الحسن قال حدثنا خلف بن خليفة عن ليث عن مجاهد قال نبع الماء في التنور فعلمت به امرأته فأخبرته قال وكان ذلك في ناحية الكوفة
حدثني الحارث قال حدثنا القاسم قال حدثنا علي بن ثابت عن السري بن إسماعيل عن الشعبي أنه كان يحلف بالله ما فار التنور إلا من ناحية الكوفة
واختلف في عدد من ركب الفلك من بني آدم فقال بعضهم كانوا ثمانين نفسا
ذكر من قال ذلك
(1/116)
________________________________________
حدثني موسى بن عبدالرحمن المسروقي قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني حسين بن واقد الخراساني قال حدثنا أبو نهيك قال سمعت ابن عباس يقول كان في سفينة نوح ثمانين رجلا أحدهم جرهم
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج قال قال ابن جريج قال ابن عباس حمل نوح معه في السفينة ثمانين إنسانا
حدثني الحارث قال حدثنا عبدالعزيز قال قال سفيان كان بعضهم يقول كانوا ثمانين يعني القليل الذين قال الله عز و جل وما آمن معه إلا قليل ( 1 )
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال حمل نوح في السفينة بنيه سام وحام ويافث وكنائنه نساء بنيه هؤلاء وثلاثة وسبعين من بني شيث ممن آمن به فكانوا ثمانين في السفينة
وقال بعضهم بل كانوا ثمانية أنفس
ذكر من قال ذلك
حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أنه لم يتم في السفينة إلا نوح وامرأته وثلاثة بنيه ونساؤهم فجميعهم ثمانية
حدثنا ابن وكيع والحسن بن عرفة قالا حدثنا يحيى بن عبدالملك بن أبي غنية عن أبيه عن الحكم وما آمن معه إلا قليل قال نوح وثلاثة بنيه وأربع كنائنه
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج قال قال ابن جريج حدثت أن نوحا حمل معه بنيه الثلاثة وثلاث نسوة لبنيه وامرأة نوح فهم ثمانية بأزواجهم وأسماء بنيه يافث وحام وسام فأصاب حام امرأته في السفينة فدعا نوح أن تغير نطفته فجاء بالسودان
وقال آخرون بل كانوا سبعة أنفس
ذكر من قال ذلك
حدثني الحارث قال حدثني عبدالعزيز قال حدثنا سفيان عن الأعمش وما آمن معه إلا قليل قال كانوا سبعة نوح وثلاث كنائن وثلاثة بنين له وقال آخرون كانوا عشرة سوى نسائهم
ذكر من قال ذلك
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال حمل بنيه الثلاثة سام وحام ويافث ونساءهم وستة أناسي ممن كان آمن به فكانوا عشرة نفر بنوح وبنيه وأزواجهم وأرسل الله تبارك وتعالى الطوفان لمضي ستمائة سنة من عمر نوح فيما ذكره أهل العلم من أهل الكتاب وغيرهم ولتتمة ألفي سنة
(1/117)
________________________________________
ومائتي سنة وست وخمسين سنة من لدن اهبط آدم إلى الأرض
وقيل إن الله عز و جل أرسل الطوفان لثلاث عشرة خلت من آب وإن نوحا أقام في الفلك إلى أن غاض الماء واستوت الفلك على جبل الجودي بقردى في اليوم السابع عشر من الشهر السادس فلما خرج نوح منها اتخذ بناحية قردى من أرض الجزيرة موضعا وابتنى هناك قرية سماها ثمانين لأنه كان بنى فيها بيتا لكل إنسان ممن آمن معه وهم ثمانون فهي إلى اليوم تسمى سوق ثمانين
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال حدثني هشام بن محمد قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال هبط نوح عليه السلام إلى قرية فبنى كل رجل منهم بيتا فسميت سوق ثمانين فغرق بنو قابيل كلهم وما بين نوح إلى آدم من الآباء كانوا على الإسلام
قال أبو جعفر فصار هو وأهله فيه فأوحى الله إليه أنه لا يعيد الطوفان إلى الأرض أبدا
وقد حدثني عباد بن يعقوب الأسدي قال حدثنا المحاربي عن عثمان بن مطر عن عبدالعزيز بن عبد الغفور عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في أول يوم من رجب ركب نوح السفينة فصام هو وجميع من معه وجرت بهم السفينة ستة أشهر فانتهى ذلك إلى المحرم فأرست السفينة على الجودي يوم عاشوراء فصام نوح وأمر جميع من معه من الوحش والدواب فصاموا شكرا لله عز و جل
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج قال كانت السفينة أعلاها الطير ووسطها الناس وأسفلها السباع وكان طولها في السماء ثلاثين ذراعا ودفعت من عين وردة يوم الجمعة لعشر ليال مضين من رجب وأرست على الجودي يوم عاشوراء ومرت بالبيت فطافت به سبعا وقد رفعه الله من الغرق ثم جاءت اليمن ثم رجعت
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثنا الحجاج عن أبي جعفر الرازي عن قتادة قال هبط نوح من السفينة يوم العاشر من المحرم فقال لمن معه من كان منكم صائما فليتم صومه ومن كان منكم مفطرا فليصم
حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أنها يعني الفلك استقلت بهم في عشر خلون من رجب فكانت في الماء خمسين ومائة يوم واستقرت على الجودي شهرا وأهبط بهم في عشر خلون من المحرم يوم عاشوراء
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن أبي معشر عن محمد بن قيس قال ما كان زمان نوح شبر من الأرض إلا إنسان يدعيه
ثم عاش نوح بعد الطوفان فيما حدثني نصر بن علي الجهضمي قال أخبرنا نوح بن قيس قال حدثنا عون بن أبي شداد قال عاش يعني نوحا بعد ذلك يعني بعد الألف سنة إلا خمسين عاما التي لبثها في قومه ثلاثمائة وخمسين سنة
وأما ابن اسحاق فإن ابن حميد حدثنا قال حدثنا سلمة عنه قال وعمر نوح فيما يزعم أهل التوراة بعد أن أهبط من الفلك ثلاثمائة سنة وثمانيا وأربعين سنة قال فكان جميع عمر نوح ألف سنة إلا
(1/118)
________________________________________
خمسين عاما ثم قبضه الله عز و جل إليه
وقيل إن ساما ولد لنوح قبل الطوفان بثمان وتسعين سنة وقال بعض أهل التوراة لم يكن التناسل ولا ولد لنوح ولد إلا بعد الطوفان وبعد خروج نوح من الفلك قالوا إنما الذين كانوا معه في الفلك قوم كانوا آمنوا به واتبعوه غير أنهم بادوا وهلكوا فلم يبق لهم عقب وإنما الذين هم اليوم في الدنيا من بني آدم ولد نوح وذريته دون سائر ولد آدم كما قال الله عز و جل وجعلنا ذريته هم الباقين ( 1 )
وقيل إنه كان لنوح قبل الطوفان ابنان هلكا جميعا كان أحدهما يقال له كنعان قالوا وهو الذي غرق في الطوفان والآخر منهما يقال له عابر مات قبل الطوفان
حدثنا الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال ولد لنوح سام وفي ولده بياض وأدمه وحام وفي ولده سواد وبياض قليل ويافث وفيهم الشقرة والحمرة وكنعان وهو الذي غرق والعرب تسميه يام وذلك قول العرب إنما هام عمنا يام وأم هؤلاء واحدة
فأما المجوس فإنهم لا يعرفون الطوفان ويقولون لم يزل الملك فينا من عهد جيومرت وقالوا جيومرت هو آدم يتوارثه أخر عن أول إلى عهد فيروز بن يزدجرد بن شهريار قالوا ولو كان لذلك صحة كان نسب القوم قد انقطع وملك القوم قد اضمحل وكان بعضهم يقر بالطوفان ويزعم أنه كان في إقليم بابل وما قرب منه وأن مساكن ولد جيومرت كانت بالمشرق فلم يصل ذلك إليهم
قال أبو جعفر وقد أخبر الله تعالى ذكره من الخبر عن الطوفان بخلاف ما قالوا فقال وقوله الحق ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته هم الباقين ( 2 ) فأخبر عز ذكره أن ذرية نوح هم الباقون دون غيرهم
وقد ذكرت اختلاف الناس في جيومرت ومن يخالف الفرس في عينه ومن هو ومن نسبه إلى نوح عليه السلام
حدثنا ابن بشار قال حدثنا ابن عثمة قال حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله وجعلنا ذريته هم الباقين قال سام وحام ويافث
حدثنا بشر قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة في قوله وجعلنا ذريته هم الباقين قال فالناس كلهم من ذرية نوح
حدثني علي بن داود قال حدثنا أبو صالح قال حدثني معاوية عن علي عن أبن عباس في قوله تعالى وجعلنا ذريته هم الباقين يقول لم يبق إلا ذرية نوح
(1/119)
________________________________________
وروي عن علي بن مجاهد عن ابن إسحاق عن الزهري وعن محمد بن صالح عن الشعبي قالا لما هبط آدم من الجنة وانتشر ولده أرخ بنوه من هبوط آدم فكان ذلك التاريخ حتى بعث الله نوحا فأرخوا ببعث نوح حتى كان الغرق فهلك من هلك ممن كان على وجه الأرض فلما هبط نوح وذريته وكل من كان في السفينة إلى الأرض قسم الأرض بين ولده أثلاثا فجعل لسام وسطا من الأرض ففيها بيت المقدس والنيل والفرات ودجلة وسيحان وجيحان وفيشون وذلك ما بين فيشون إلى شرقي النيل وما بين منخر ريح الجنوب إلى منخر الشمال وجعل لحام قسمه غربي النيل فما وراءه إلى منخر ريح الدبور وجعل قسم يافث في فيشون فما وراءه إلى منخر ريح الصبا فكان التاريخ من الطوفان إلى نار إبراهيم ومن نار إبراهيم إلى مبعث يوسف ومن مبعث يوسف إلى مبعث موسى ومن مبعث موسى إلى ملك سليمان ومن ملك سليمان إلى مبعث عيسى بن مريم ومن مبعث عيسى بن مريم إلى أن بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم
وهذا الذي ذكر عن الشعبي من التاريخ ينبغي أن يكون على تاريخ اليهود فأما أهل الإسلام فإنهم لم يؤرخوا إلا من الهجرة ولم يكونوا يؤرخون بشيء من قبل ذلك غير أن قريشا كانوا فيما ذكر يؤرخون قبل الإسلام بعام الفيل وكان سائر العرب يؤرخون بأيامهم المذكورة كتاريخهم بيوم جبلة وبالكلاب الأول والكلاب الثاني
كانت النصارى تؤرخ بعهد الإسكندر ذي القرنين وأحسبهم على ذلك من التاريخ إلى اليوم
وأما الفرس فإنهم كانوا يؤرخون بملوكهم وهم اليوم فيما أعلم يؤرخون بعهد يزدجرد بن شهريار لأنه كان آخر من كان من ملوكهم له ملك بابل والمشرق
(1/120)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
27-09-2012, 03:10 PM
ذكر الأحداث التي كانت في عهد نوح عليه السلام
قد ذكرنا اختلاف المختلفين في ديانة القوم الذين أرسل إليهم نوح عليه السلام وأن منهم من يقول كانوا قد أجمعوا على العمل بما يكرهه الله من ركوب الفواحش وشرب الخمور والاشتغال بالملاهي عن طاعة الله عز و جل وأن منهم من يقول كانوا أهل طاعة بيوراسب وكان بيوراسب أول من أظهر القول بقول الصابئين وتبعه على ذلك الذين ارسل إليهم نوح عليه السلام وسأذكر إن شاء الله خبر بيوراسب فيما بعد
فأما كتاب الله فإنه ينبئ عنهم أنهم كانوا أهل أوثان وذلك أن الله عز و جل يقول مخبرا عن نوح قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ومكروا مكرا كبارا وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا ( 1 ) فبعث الله إليهم نوحا مخوفهم بأسه ومحذرهم سطوته وداعيا لهم إلى التوبة والمراجعة إلى الحق والعمل بما أمر الله به رسله وأنزله في صحف آدم وشيث وأخنوخ ونوح يوم ابتعثه الله نبيا إليهم فيما ذكر ابن خمسين سنة
وقيل أيضا ما حدثنا به نصر بن علي الجهضمي قال حدثنا نوح بن قيس قال حدثنا عون بن أبي شداد قال إن الله تبارك وتعالى أرسل نوحا إلى قومه وهو ابن خمسين وثلاثمائة سنة فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ثم عاش بعد ذلك خمسين وثلاثمائة سنة
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال حدثنا هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال بعث الله نوحا إليهم وهو ابن أربعمائة سنة وثمانين سنة ثم دعاهم في نبوته مائة وعشرين سنة وركب السفينة وهو ابن ستمائة سنة ثم مكث بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين سنة
قال أبو جعفر فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما كما قال الله عز و جل يدعوهم إلى الله سرا وجهرا يمضي قرن بعد قرن فلا يستجيبون له حتى مضى قرون ثلاثة على ذلك من حاله وحالهم فلما أراد الله عز و جل إهلاكهم دعا عليهم نوح عليه السلام فقال رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا فأمره الله تعالى ذكره أن يغرس شجرة فغرسها فعظمت وذهبت كل مذهب ثم أمره بقطعها من بعد ما غرسها بأربعين سنة فيتخذ منها سفينة كما قال الله له واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ( 2 ) فقطعها


وجعل يعملها
وحدثنا صالح بن مسمار المروزي والمثنى بن إبراهيم قالا حدثنا ابن أبي مريم قال حدثنا موسى بن يعقوب قال حدثني فائد مولى عبيدالله بن علي بن أبي رافع أن إبراهيم بن عبدالرحمن بن أبي ربيعة أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه و سلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لو رحم الله أحدا من قوم نوح لرحم أم الصبي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله عز و جل حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب ثم قطعها ثم جعل يعمل سفينة فيمرون فيسألونه فيقول أعملها سفينة فيسخرون منه ويقولون تعمل سفينة في البر فكيف تجري فيقول سوف تعلمون فلما فرغ منها وفار التنور وكثر الماء في السكك خشيت أم الصبي عليه وكانت تحبه حبا شديدا فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه فلما بلغها الماء خرجت حتى بلغت ثلثي الجبل فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بيدها حتى ذهب به الماء فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي
حدثني ابن أبي منصور قال حدثنا علي بن الهيثم عن المسيب بن شريك عن أبي روق عن الضحاك قال قال سلمان الفارسي عمل نوح السفينة أربعمائة سنة وأنبت الساج أربعين سنة حتى كان طوله ثلاثمائة ذراع والذراع إلى المنكب
فعمل نوح بوحي الله إليه وتعليمه إياه عملها فكانت إن شاء الله كما حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أن طول السفينة ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا وطولها في السماء ثلاثون ذراعا وبابها في عرضها
حدثني الحارث قال حدثنا عبدالعزيز قال حدثنا مبارك عن الحسن قال كان طول سفينة نوح ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن مفضل بن فضالة عن علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال قال الحواريون لعيسى بن مريم لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة فحدثنا عنها فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثيب من تراب فأخذ كفا من ذلك التراب بكفه فقال أتدرون ما هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا قبر حام بن نوح قال فضرب الكثيب بعصاه وقال قم بإذن الله فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه وقد شاب فقال له عيسى عليه السلام هكذا هلكت قال لا ولكني مت وأنا شاب ولكني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت قال حدثنا عن سفينة نوح قال كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع وكانت ثلاث طبقات فطبقة فيها الدواب والوحش وطبقة فيها الإنس وطبقة فيها الطير فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله إلى نوح أن اغمز ذنب الفيل فغمز فوقع فيه خنزير وخنزيرة فأقبلا على الروث فلما وقع الفأر بخرز السفينة يقرضه أوحى الله إلى نوح أن اضرب بين عيني الأسد فخرج من منخره سنور وسنورة فأقبلا على الفأر فقال له عيسى كيف علم نوح أن البلاد قد غرقت قال بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت قال ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجليها فعلم أن البلاد قد غرقت قال فطوقها الخضرة التي في عنقها دعا لها أن تكون في أنس وأمان فمن ثم تألف
(1/113)
________________________________________
البيوت قال فقالت الحواريون يا رسول الله ألا ننطلق به إلى أهلنا فيجلس معنا ويحدثنا قال كيف يتبعكم من لا رزق له قال فقال له عد بإذن الله فعاد ترابا
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال نجر نوح السفينة بجبل بوذ من ثم تبدى الطوفان قال وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع بذراع جد أبي نوح وعرضها خمسين ذراعا وطولها في السماء ثلاثين ذراعا وخرج منها من الماء ستة أذرع وكانت مطبقة وجعل لها ثلاثة أبواب بعضها أسفل من بعض
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عمن لا يتهم عن عبيد بن عمير الليثي أنه كان يحدث أنه بلغه أنهم كانوا يبطشون به يعني قوم نوح بنوح فيخنقونه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون
قال ابن إسحاق حتى إذا تمادوا في المعصية وعظمت في الأرض منهم الخطيئة وتطاول عليه وعليهم الشأن واشتد عليه منهم البلاء وانتظر النجل بعد النجل فلا يأتي قرن إلا كان أخبث من الذي قبله حتى إن كان الآخر منهم ليقول قد كان هذا مع آبائنا ومع أجدادنا هكذا مجنونا لا يقبلون منه شيئا حتى شكا ذلك من أمرهم نوح إلى الله عز و جل فقال كما قص الله عز و جل علينا في كتابه رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا إلى آخر القصة حتى قال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ( 1 ) إلى آخر القصة فلما شكا ذلك منهم نوح إلى الله عز و جل واستنصره عليهم أوحى الله إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ( 2 ) فأقبل نوح على عمل الفلك ولها عن قومه وجعل يقطع الخشب ويضرب الحديد ويهيئ عدة الفلك من القار وغيره مما لا يصلحه إلا هو وجعل قومه يمرون به وهو في ذلك من عمله فيسخرون منه ويستهزئون به فيقول إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ( 3 ) قال ويقولون فيما بلغني يا نوح قد صرت نجارا بعد النبوة قال وأعقم الله أرحام النساء فلا يولد لهم
قال ويزعم أهل التوراة أن الله عز و جل أمره أن يصنع الفلك من خشب الساج وأن يصنعه أزور وأن يطليه بالقار من داخله وخارجه وأن يجعل طوله ثمانين ذراعا وعرضه خمسين ذراعا وطوله في السماء ثلاثين ذراعا وأن يجعله ثلاثة أطباق سفلا ووسطا وعلوا وأن يجعل فيه كوا ففعل نوح كما أمره عز و جل حتى إذا فرغ منه وقد عهد الله إليه إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ( 4 ) وقد جعل التنور آية فيما بينه وبينه فقال إذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين واركب فلما فار التنور حمل نوح في الفلك من أمره الله تعالى به وكانوا قليلا كما قال وحمل فيها من كل زوجين اثنين مما فيه الروح والشجر ذكرا وأنثى فحمل فيه بنيه الثلاثة سام وحام ويافث ونساءهم وستة أناس ممن كان آمن به فكانوا عشرة نفر نوح وبنوه وأزواجهم ثم
(1/114)
________________________________________
أدخل ما أمره الله به من الدواب وتخلف عنه ابنه يام وكان كافرا
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن الحسن بن دينار عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال سمعته يقول كان أول ما حمل نوح في الفلك من الدواب الذرة وآخر ما حمل الحمار فلما أدخل الحمار ودخل صدره تعلق إبليس لعنه الله بذنبه فلم تستقل رجلاه فجعل نوح يقول ويحك ادخل فينهض فلا يستطيع حتى قال نوح ويحك ادخل وإن كان الشيطان معك قال كلمة زلت عن لسانه فلما قالها نوح خلىالشيطان سبيله فدخل ودخل الشيطان معه فقال له نوح ما أدخلك علي يا عدو الله قال ألم تقل ادخل وإن كان الشيطان معك قال اخرج عني يا عدو الله فقال مالك بد من أن تحملني فكان فيما يزعمون في ظهر الفلك فلما اطمأن نوح في الفلك وأدخل فيه كل من آمن به وكان ذلك في الشهر من السنة التي دخل فيها نوح بعد ستمائة سنة من عمره لسبع عشرة ليلة مضت من الشهر فلما دخل وحمل معه من حمل تحرم ينابيع الغوط الأكبر وفتحت أبواب السماء كما قال الله لنبيه صلى الله عليه و سلم ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر ) ( 1 ) فدخل نوح ومن معه الفلك وغطاه عليه وعلى من معه بطبقة فكان بين أن أرسل الله الماء وبين أن احتمل الماء الفلك أربعون يوما وأربعون ليلة ثم احتمل الماء كما يزعم أهل التوراة وكثر واشتد وارتفع يقول الله عز و جل لنبيه محمد صلى الله عليه و سلم وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر ( 1 ) والدسر المسامير مسامير الحديد فجعلت الفلك تجري به وبمن معه في موج كالجبال ونادى نوح ابنه الذي هلك فيمن هلك وكان في معزل حين رأى نوح من صدق موعود ربه ما رأى فقال يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين وكان شقيا قد أضمر كفرا قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء وكان عهد الجبال وهي حرز من الأمطار إذا كانت فظن أن ذلك كما كان يكون قال نوح لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين وكثر الماء وطغى وارتفع فوق الجبال كما يزعم أهل التوراة خمسة عشر ذراعا فباد ما على وجه الأرض من الخلق من كل شيء فيه الروح أو شجر فلم يبق شيء من الخلائق إلا نوح ومن معه في الفلك وإلا عوج بن عنق فيما يزعم أهل الكتاب فكان بين أن أرسل الله الطوفان وبين أن غاض الماء ستة أشهر وعشر ليال
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال أرسل الله المطر أربعين يوما وأربعين ليلة فأقبلت الوحوش حين أصابها المطر والدواب والطير كلها إلى نوح وسخرت له فحمل منها كما أمره الله عز و جل من كل زوجين اثنين وحمل معه جسد آدم فجعله حاجزا بين النساء والرجال فركبوا فيها لعشر ليال مضين من رجب وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم فلذلك صام من صام يوم عاشوراء وأخرج الماء نصفين فذلك قول الله عز و جل ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر يقول منصب وفجرنا الأرض عيونا يقول شققنا الأرض فالتقى الماء على أمر قد قدر فصار الماء نصفين نصف من السماء ونصف من الأرض
(1/115)
________________________________________
وارتفع الماء على أطول جبل في الأرض خمسة عشر ذراعا فسارت بهم السفينة فطافت بهم الأرض كلها في ستة أشهر لا تستقر على شيء حتى أتت الحرم فلم تدخله ودارت بالحرم أسبوعا ورفع البيت الذي بناه آدم عليه السلام رفع من الغرق وهو البيت المعمور والحجر الأسود على أبي قبيس فلما دارت بالحرم ذهبت في الأرض تسير بهم حتى انتهت إلى الجودي وهو جبل بالحضيض من أرض الموصل فاستقرت بعد ستة أشهر لتمام السبع فقيل بعد السبعة الأشهر بعدا للقوم الظالمين ( 1 ) فلما استقرت على الجودي قيل يا أرض ابلعي ماءك يقول أنشفي ماءك الذي خرج منك ويا سماء أقلعي يقول احبسي ماءك وغيض الماء ( 1 ) نشفته الأرض فصار ما نزل من السماء هذه البحور التي ترون في الأرض فآخر ما بقي من الطوفان في الأرض ماء بحسمى بقي في الأرض أربعين سنة بعد الطوفان ثم ذهب
وكان التنور الذي جعل الله تعالى ذكره آية ما بينه وبين نوح فوران الماء منه تنورا كان لحواء حجارة وصار إلى نوح
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هشيم عن أبي محمد عن الحسن قال كان تنورا من حجارة كان لحواء حتى صار إلى نوح قال فقيل له إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت وأصحابك
وقد اختلف في المكان الذي كان به التنور الذي جعل الله فوران مائه آية ما بينه وبين نوح فقال بعضهم كان بالهند
ذكر من قال ذلك
حدثنا أبو كريب قال حدثنا عبدالحميد الحماني عن النضر أبي عمر الخزاز عن عكرمة عن ابن عباس في وفار التنور ( 2 ) قال فار بالهند
وقال آخرون كان ذلك بناحية الكوفة
ذكر من قال ذلك
حدثني الحارث قال حدثنا الحسن قال حدثنا خلف بن خليفة عن ليث عن مجاهد قال نبع الماء في التنور فعلمت به امرأته فأخبرته قال وكان ذلك في ناحية الكوفة
حدثني الحارث قال حدثنا القاسم قال حدثنا علي بن ثابت عن السري بن إسماعيل عن الشعبي أنه كان يحلف بالله ما فار التنور إلا من ناحية الكوفة
واختلف في عدد من ركب الفلك من بني آدم فقال بعضهم كانوا ثمانين نفسا
ذكر من قال ذلك
(1/116)
________________________________________
حدثني موسى بن عبدالرحمن المسروقي قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني حسين بن واقد الخراساني قال حدثنا أبو نهيك قال سمعت ابن عباس يقول كان في سفينة نوح ثمانين رجلا أحدهم جرهم
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج قال قال ابن جريج قال ابن عباس حمل نوح معه في السفينة ثمانين إنسانا
حدثني الحارث قال حدثنا عبدالعزيز قال قال سفيان كان بعضهم يقول كانوا ثمانين يعني القليل الذين قال الله عز و جل وما آمن معه إلا قليل ( 1 )
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال حمل نوح في السفينة بنيه سام وحام ويافث وكنائنه نساء بنيه هؤلاء وثلاثة وسبعين من بني شيث ممن آمن به فكانوا ثمانين في السفينة
وقال بعضهم بل كانوا ثمانية أنفس
ذكر من قال ذلك
حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أنه لم يتم في السفينة إلا نوح وامرأته وثلاثة بنيه ونساؤهم فجميعهم ثمانية
حدثنا ابن وكيع والحسن بن عرفة قالا حدثنا يحيى بن عبدالملك بن أبي غنية عن أبيه عن الحكم وما آمن معه إلا قليل قال نوح وثلاثة بنيه وأربع كنائنه
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج قال قال ابن جريج حدثت أن نوحا حمل معه بنيه الثلاثة وثلاث نسوة لبنيه وامرأة نوح فهم ثمانية بأزواجهم وأسماء بنيه يافث وحام وسام فأصاب حام امرأته في السفينة فدعا نوح أن تغير نطفته فجاء بالسودان
وقال آخرون بل كانوا سبعة أنفس
ذكر من قال ذلك
حدثني الحارث قال حدثني عبدالعزيز قال حدثنا سفيان عن الأعمش وما آمن معه إلا قليل قال كانوا سبعة نوح وثلاث كنائن وثلاثة بنين له وقال آخرون كانوا عشرة سوى نسائهم
ذكر من قال ذلك
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال حمل بنيه الثلاثة سام وحام ويافث ونساءهم وستة أناسي ممن كان آمن به فكانوا عشرة نفر بنوح وبنيه وأزواجهم وأرسل الله تبارك وتعالى الطوفان لمضي ستمائة سنة من عمر نوح فيما ذكره أهل العلم من أهل الكتاب وغيرهم ولتتمة ألفي سنة
(1/117)
________________________________________
ومائتي سنة وست وخمسين سنة من لدن اهبط آدم إلى الأرض
وقيل إن الله عز و جل أرسل الطوفان لثلاث عشرة خلت من آب وإن نوحا أقام في الفلك إلى أن غاض الماء واستوت الفلك على جبل الجودي بقردى في اليوم السابع عشر من الشهر السادس فلما خرج نوح منها اتخذ بناحية قردى من أرض الجزيرة موضعا وابتنى هناك قرية سماها ثمانين لأنه كان بنى فيها بيتا لكل إنسان ممن آمن معه وهم ثمانون فهي إلى اليوم تسمى سوق ثمانين
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال حدثني هشام بن محمد قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال هبط نوح عليه السلام إلى قرية فبنى كل رجل منهم بيتا فسميت سوق ثمانين فغرق بنو قابيل كلهم وما بين نوح إلى آدم من الآباء كانوا على الإسلام
قال أبو جعفر فصار هو وأهله فيه فأوحى الله إليه أنه لا يعيد الطوفان إلى الأرض أبدا
وقد حدثني عباد بن يعقوب الأسدي قال حدثنا المحاربي عن عثمان بن مطر عن عبدالعزيز بن عبد الغفور عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في أول يوم من رجب ركب نوح السفينة فصام هو وجميع من معه وجرت بهم السفينة ستة أشهر فانتهى ذلك إلى المحرم فأرست السفينة على الجودي يوم عاشوراء فصام نوح وأمر جميع من معه من الوحش والدواب فصاموا شكرا لله عز و جل
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج قال كانت السفينة أعلاها الطير ووسطها الناس وأسفلها السباع وكان طولها في السماء ثلاثين ذراعا ودفعت من عين وردة يوم الجمعة لعشر ليال مضين من رجب وأرست على الجودي يوم عاشوراء ومرت بالبيت فطافت به سبعا وقد رفعه الله من الغرق ثم جاءت اليمن ثم رجعت
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثنا الحجاج عن أبي جعفر الرازي عن قتادة قال هبط نوح من السفينة يوم العاشر من المحرم فقال لمن معه من كان منكم صائما فليتم صومه ومن كان منكم مفطرا فليصم
حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أنها يعني الفلك استقلت بهم في عشر خلون من رجب فكانت في الماء خمسين ومائة يوم واستقرت على الجودي شهرا وأهبط بهم في عشر خلون من المحرم يوم عاشوراء
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن أبي معشر عن محمد بن قيس قال ما كان زمان نوح شبر من الأرض إلا إنسان يدعيه
ثم عاش نوح بعد الطوفان فيما حدثني نصر بن علي الجهضمي قال أخبرنا نوح بن قيس قال حدثنا عون بن أبي شداد قال عاش يعني نوحا بعد ذلك يعني بعد الألف سنة إلا خمسين عاما التي لبثها في قومه ثلاثمائة وخمسين سنة
وأما ابن اسحاق فإن ابن حميد حدثنا قال حدثنا سلمة عنه قال وعمر نوح فيما يزعم أهل التوراة بعد أن أهبط من الفلك ثلاثمائة سنة وثمانيا وأربعين سنة قال فكان جميع عمر نوح ألف سنة إلا
(1/118)
________________________________________
خمسين عاما ثم قبضه الله عز و جل إليه
وقيل إن ساما ولد لنوح قبل الطوفان بثمان وتسعين سنة وقال بعض أهل التوراة لم يكن التناسل ولا ولد لنوح ولد إلا بعد الطوفان وبعد خروج نوح من الفلك قالوا إنما الذين كانوا معه في الفلك قوم كانوا آمنوا به واتبعوه غير أنهم بادوا وهلكوا فلم يبق لهم عقب وإنما الذين هم اليوم في الدنيا من بني آدم ولد نوح وذريته دون سائر ولد آدم كما قال الله عز و جل وجعلنا ذريته هم الباقين ( 1 )
وقيل إنه كان لنوح قبل الطوفان ابنان هلكا جميعا كان أحدهما يقال له كنعان قالوا وهو الذي غرق في الطوفان والآخر منهما يقال له عابر مات قبل الطوفان
حدثنا الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال ولد لنوح سام وفي ولده بياض وأدمه وحام وفي ولده سواد وبياض قليل ويافث وفيهم الشقرة والحمرة وكنعان وهو الذي غرق والعرب تسميه يام وذلك قول العرب إنما هام عمنا يام وأم هؤلاء واحدة
فأما المجوس فإنهم لا يعرفون الطوفان ويقولون لم يزل الملك فينا من عهد جيومرت وقالوا جيومرت هو آدم يتوارثه أخر عن أول إلى عهد فيروز بن يزدجرد بن شهريار قالوا ولو كان لذلك صحة كان نسب القوم قد انقطع وملك القوم قد اضمحل وكان بعضهم يقر بالطوفان ويزعم أنه كان في إقليم بابل وما قرب منه وأن مساكن ولد جيومرت كانت بالمشرق فلم يصل ذلك إليهم
قال أبو جعفر وقد أخبر الله تعالى ذكره من الخبر عن الطوفان بخلاف ما قالوا فقال وقوله الحق ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته هم الباقين ( 2 ) فأخبر عز ذكره أن ذرية نوح هم الباقون دون غيرهم
وقد ذكرت اختلاف الناس في جيومرت ومن يخالف الفرس في عينه ومن هو ومن نسبه إلى نوح عليه السلام
حدثنا ابن بشار قال حدثنا ابن عثمة قال حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله وجعلنا ذريته هم الباقين قال سام وحام ويافث
حدثنا بشر قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة في قوله وجعلنا ذريته هم الباقين قال فالناس كلهم من ذرية نوح
حدثني علي بن داود قال حدثنا أبو صالح قال حدثني معاوية عن علي عن أبن عباس في قوله تعالى وجعلنا ذريته هم الباقين يقول لم يبق إلا ذرية نوح
(1/119)
________________________________________
وروي عن علي بن مجاهد عن ابن إسحاق عن الزهري وعن محمد بن صالح عن الشعبي قالا لما هبط آدم من الجنة وانتشر ولده أرخ بنوه من هبوط آدم فكان ذلك التاريخ حتى بعث الله نوحا فأرخوا ببعث نوح حتى كان الغرق فهلك من هلك ممن كان على وجه الأرض فلما هبط نوح وذريته وكل من كان في السفينة إلى الأرض قسم الأرض بين ولده أثلاثا فجعل لسام وسطا من الأرض ففيها بيت المقدس والنيل والفرات ودجلة وسيحان وجيحان وفيشون وذلك ما بين فيشون إلى شرقي النيل وما بين منخر ريح الجنوب إلى منخر الشمال وجعل لحام قسمه غربي النيل فما وراءه إلى منخر ريح الدبور وجعل قسم يافث في فيشون فما وراءه إلى منخر ريح الصبا فكان التاريخ من الطوفان إلى نار إبراهيم ومن نار إبراهيم إلى مبعث يوسف ومن مبعث يوسف إلى مبعث موسى ومن مبعث موسى إلى ملك سليمان ومن ملك سليمان إلى مبعث عيسى بن مريم ومن مبعث عيسى بن مريم إلى أن بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم
وهذا الذي ذكر عن الشعبي من التاريخ ينبغي أن يكون على تاريخ اليهود فأما أهل الإسلام فإنهم لم يؤرخوا إلا من الهجرة ولم يكونوا يؤرخون بشيء من قبل ذلك غير أن قريشا كانوا فيما ذكر يؤرخون قبل الإسلام بعام الفيل وكان سائر العرب يؤرخون بأيامهم المذكورة كتاريخهم بيوم جبلة وبالكلاب الأول والكلاب الثاني
كانت النصارى تؤرخ بعهد الإسكندر ذي القرنين وأحسبهم على ذلك من التاريخ إلى اليوم
وأما الفرس فإنهم كانوا يؤرخون بملوكهم وهم اليوم فيما أعلم يؤرخون بعهد يزدجرد بن شهريار لأنه كان آخر من كان من ملوكهم له ملك بابل والمشرق
(1/120)
________________________________________
ذكر بيوراسب وهو الازدهاق
والعرب تسميه الضحاك فتجعل الحرف الذي بين السين والزاي في الفارسية ضادا والهاء حاء والقاف كافا وإياه عنى حبيب بن أوس بقوله ... ما نال ما قد نال فرعون ولا ... هامان في الدنيا ولا قارون ... بل كان كالضحاك في سطواته ... بالعالمين وأنت أفريدون ...
وهو الذي افتخر بادعائه أنه منهم الحسن بن هانىء في قوله
... وكان منا الضحاك يعبده ال ... خابل والجن مساربها ...
قال واليمن تدعيه
حدثت عن هشام بن محمد بن السائب فيما ذكر من أمر الضحاك هذا قال والعجم تدعي الضحاك وتزعم أن جما كان زوج اخته من بعض أشراف أهل بيته وملكه على اليمن فولدت له الضحاك
قال واليمن تدعيه وتزعم أنه من أنفسها وأنه الضحاك بن علوان بن عبيد بن عويج وأنه ملك على مصر أخاه سنان بن علوان بن عبيد بن عويج وهو أول الفراعنة وأنه كان ملك مصر حين قدمها إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام
وأما الفرس فإنها تنسب الازدهاق هذا غير النسبة التي ذكر هشام عن أهل اليمن وتذكر أنه بيوراسب بن ارونداسب بن زينكاو بن ويروشك بن تاز خرواك بن سيامك بن مشا بن جيومرت
ومنهم من ينسبه هذه النسبة غير أنه يخالف النطق بأسماء آبائه فيقول هو الضحاك بن أندرماسب بن زنجدار بن وندريسج بن ثاج بن فرياك بن ساهمك بن تاذي بن جيومرت
والمجوس تزعم أن ثاج هذا هو أبو العرب ويزعمون أن أم الضحاك كانت ودك بنت ويونجهان وأنه قتل أباه تقربا بقتله إلى الشياطين وأنه كان كثير المقام ببابل وكان له ابنان يقال لأحدهما سرهوار وللآخر نفوار
وقد ذكر عن الشعبي أنه كان يقول هو قرشت مسخه الله ازدهاق
ذكر الرواية عنه بذلك
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة بن الفضل عن يحيى بن العلاء عن القاسم بن سلمان عن الشعبي قال أبجد وهوز وحطي وكلمن وسعفص وقرشت كانوا ملوكا جبابرة فتفكر قرشت
(1/121)
________________________________________
يوما فقال تبارك الله أحسن الخالقين فمسخه الله فجعله أجدهاق وله سبعة أرؤس فهو الذي بدنباوند وجميع أهل الأخبار من العرب والعجم تزعم أنه ملك الأقاليم كلها وأنه كان ساحرا فاجرا
وحدثت عن هشام بن محمد قال ملك الضحاك بعد جم فيما يزعمون والله أعلم ألف سنة ونزل السواد في قرية يقال لها نرس في ناحية طريق الكوفة وملك الأرض كلها وسار بالجور والعسف وبسط يده في القتل وكان أول من سن الصلب والقطع وأول من وضع العشور وضرب الدراهم وأول من تغنى وغني له قال ويقال إنه خرج في منكبه سلعتان فكانتا تضربان عليه فيشتد عليه الوجع حتى يطليهما بدماغ إنسان فكان يقتل لذلك في كل يوم رجلين ويطلي سلعتيه بدماغيهما فإذا فعل ذلك سكن ما يجد فخرج عليه رجل من أهل بابل فاعتقد لواء واجتمع إليه بشر كثير فلما بلغ الضحاك خبره راعه فبعث إليه ما أمرك وما تريد قال ألست تزعم أنك ملك الدنيا وأن الدنيا لك قال بلى قال فليكن كلبك على الدنيا ولا يكونن علينا خاصة فإنك إنما تقتلنا دون الناس فأجابه الضحاك إلى ذلك وأمر بالرجلين اللذين كان يقتلهما في كل يوم أن يقسما على الناس جميعا ولا يخص بهما مكان دون مكان
قال فبلغنا أن أهل أصبهان من ولد ذلك الرجل الذي رفع اللواء وأن ذلك اللواء لم يزل محفوظا عند ملوك فارس في خزائنهم وكان فيما بلغنا جلد أسد فألبسه ملوك فارس الذهب والديباج تيمنا به
قال وبلغنا أن الضحاك هو نمرود وأن إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه ولد في زمانه وأنه صاحبه الذي أراد إحراقه
قال وبلغنا أن أفريدون هو من نسل جم الملك الذي كان من قبل الضحاك ويزعمون أنه التاسع من ولده وكان مولده بدنباوند خرج حتى ورد منزل الضحاك وهو عنه غائب بالهند فحوى على منزله وما فيه فبلغ الضحاك ذلك فأقبل وقد سلبه الله قوته وذهبت دولته فوثب به أفريدون فأوثقه وصيره بجبال دنباوند فالعجم تزعم أنه إلى اليوم موثق في الحديد يعذب هناك
وذكر غير هشام أن الضحاك لم يكن غائبا عن مسكنه ولكن أفريدون بن أثفيان جاء إلى مسكن له في حصن يدعى زرنج ماه مهروز مهر فنكح امرأتين له تسمى إحداهما أروناز والأخرى سنوار فوهل بيوراسب لما عاين ذلك وخر مدلها لا يعقل فضرب أفريدون هامته بجرز له ملتوي الرأس فزاده ذلك وهلا وعزوب عقل ثم توجه به أفريدون إلى جبل دنباوند وشده هنالك وثاقا وأمر الناس باتخاذ مهرماه مهرروز وهو المهرجان اليوم الذي أوثق فيه بيوراسب عيدا وعلا أفريدون سرير الملك
وذكر عن الضحاك أنه قال يوم ملك وعقد عليه التاج نحن ملوك الدنيا المالكون لما فيها
والفرس تزعم أن الملك لم يكن إلا للبطن الذي منه أوشهنج وجم وطهمورث وأن الضحاك كان غاصبا وأنه غصب أهل الأرض بسحره وخبثه وهول عليهم بالحيتين اللتين كانتا على منكبيه وأنه بنى بأرض بابل مدينة سماها حوب وجعل النبط أصحابه وبطانته فلقي الناس منه كل جهد وذبح الصبيان
ويقول كثير من أهل الكتب إن الذي كان على منكبيه كان لحمتين طويلتين ناتئتين على منكبيه كل واحدة منهما كرأس الثعبان وأنه كان بخبثه ومكره يسترهما بالثياب ويذكر على طريق التهويل أنهما حيتان يقتضيانه الطعام وكانتا تتحركان تحت ثوبه إذا جاع كما يتحرم العضو من الإنسان عند التهابه بالجوع
(1/122)
________________________________________
والغضب ومن الناس من يقول كان ذلك حيتين وقد ذكرت ما روي عن الشعبي في ذلك والله أعلم بحقيقته وصحته
وذكر بعض أهل العلم بأنساب الفرس وأمورهم أن الناس لم يزالوا من بيوراسب هذا في جهد شديد حتى إذا أراد الله إهلاكه وثب به رجل من العامة من أهل أصبهان يقال له كابي بسبب ابنين كانا له أخذهما رسل بيوراسب بسبب الحيتين اللتين كانتا على منكبيه وقيل إنه لما بلغ الجزع من كابي هذا على ولده أخذ عصا كانت بيده فعلق بأطرافها جرابا كان معه ثم نصب ذلك العلم ودعا الناس إلى مجاهدة بيوراسب ومحاربته فأسرع إلى إجابته خلق كثير لما كانوا فيه معه من البلاء وفنون الجور فلما غلب كابي تفاءل الناس بذلك العلم فعظموا أمره وزادوا فيه حتى صار عند ملوك العجم علمهم الأكبر الذي يتبركون به وسموه درفش كابيان فكانوا لا يسيرونه إلا في الأمور العظام ولا يرفع إلا لأولاد الملوك إذا وجهوا في الأمور العظام
وكان من خبر كابي أنه شخص عن أصبهان بمن تبعه والتف إليه في طريقه فلما قرب من الضحاك وأشرف عليه قذف في قلب الضحاك منه الرعب فهرب عن منازله وخلى مكانه وانفتح للأعاجم فيه ما أرادوا فاجتمعوا إلى كابي وتناظروا فأعلمهم كابي أنه لا يتعرض للملك لأنه ليس من أهله وأمرهم أن يملكوا بعض ولد جم لأنه ابن الملك الأكبر أوشهنق بن فرواك الذي رسم الملك وسبق إلى القيام به وكان أفريدون بن أثفيان مستخفيا في بعض النواحي من الضحاك فوافى كابي ومن كان معه فاستبشر القوم بموافاته وذلك أنه كان مرشحا للملك برواية كانت لهم في ذلك فملكوه وصار كابي والوجوه لأ فريدون أعوانا على أمره فلما ملك وأحكم ما احتاج إليه من أمر الملك واحتوى على منازل الضحاك أتبعه فأسره بدنباوند في جبالها
وبعض المجوس تزعم أنه جعله أسيرا حبيسا في تلك الجبال موكلا به قوم من الجن
ومنهم من يقول إنه قتله وزعموا أنه لم يسمع من أمور الضحاك شيء يستحسن غير شيء واحد وهو أن بليته لما اشتدت ودام جوره وطالت أيامه عظم على الناس ما لقوا منه فتراسل الوجوه في أمره فأجمعوا على المصير إلى بابه فوافى بابه الوجوه والعظماء من الكور والنواحي فتناظروا في الدخول عليه والتظلم إليه والتأني لاستعطافه فاتفقوا على أن يقدموا للخطاب عنهم كابي الأصبهاني فلما صاروا إلى بابه أعلم بمكانهم فأذن لهم فدخلوا وكابي متقدم لهم فمثل بين يديه وأمسك عن السلام ثم قال أيها الملك أي السلام أسلم عليك أسلام من يملك هذه الأقاليم كلها أم سلام من يملك هذا الإقليم الواحد يعني بابل فقال له الضحاك بل سلام من يملك هذه الأقاليم كلها لأني ملك الأرض فقال له الأصبهاني فإذا كنت تملك الأقاليم كلها وكانت يدك تنالها أجمع فما بالنا قد خصصنا بمؤنتك وتحاملك وإساءتك من بين أهل الأقاليم وكيف لم تقسم أمر كذا وكذا بيننا وبين الأقاليم وعدد عليه أشياء كان يمكنه تخفيفها عنهم وجرد له الصدق والقول في ذلك فقدح في قلب الضحاك قوله وعمل فيه حتى انخزل وأقر بالإساءة وتألف القوم ووعدهم ما يحبون وأمرهم بالانصراف لينزلوا ويتدعوا ثم يعودوا ليقضي حوائجهم ثم ينصرفوا إلى بلادهم
وزعموا أن أمه ودك كانت شرا منه وأردى وأنها كانت في وقت معاتبة القوم إياه بالقرب منه تتعرف ما يقولونه فتغتاظ وتنكره فلما خرج القوم دخلت مستشيطة منكرة على الضحاك احتماله القوم وقالت له قد
(1/123)
________________________________________
بلغني كل ما كان وجرأة هؤلاء القوم عليك حتى قرعوك بكذا وأسمعوك كذا أفلا دمرت عليهم ودمدمتهم أو قطعت أيديهم
فلما أكثرت على الضحاك قال لها مع عتوه يا هذه إنك لم تفكري في شيء إلا وقد سبقت إليه إلا أن القوم بدهوني بالحق وقرعوني به فلما هممت بالسطوة بهم والوثوب عليهم تخيل الحق فمثل بيني وبينهم بمنزلة الجبل فما أمكنني فيهم شيء ثم سكتها وأخرجها ثم جلس لأهل النواحي بعد أيام فوفى لهم بما وعدهم وردهم وقد لان لهم وقضى أكثر حوائجهم ولا يعرف للضحاك فيما ذكر فعلة استحسنت منه غير هذه
وقد ذكر أن عمر الأجدهاق هذا كان ألف سنة وأن ملكه منها كان ستمائة سنة وأنه كان في باقي عمره شبيها بالملك لقدرته ونفوذ أمره وقال بعضهم إنه ملك ألف سنة وكان عمره ألف سنة ومائة سنة إلى أن خرج عليه أفريدون فقهره وقتله
وقال بعض علماء الفرس لا نعلم أحدا كان أطول عمرا ممن لم يذكر عمره في التوراة من الضحاك هذا ومن جامر بن يافث بن نوح أبي الفرس فإنه ذكر أن عمره كان ألف سنة
وإنما ذكرنا خبر بيوراسب في هذا الموضع لأن بعضهم زعم أن نوحا عليه السلام كان في زمانه وأنه إنما كان أرسل إليه وإلى من كان في مملكته ممن دان بطاعته واتبعه على ما كان عليه من العتو والتمرد على الله فذكرنا إحسان الله وأياديه عند نوح عليه السلام بطاعته ربه وصبره على ما لقي منه من الأذى والمكروه في عاجل الدنيا بأن نجاه ومن آمن معه واتبعه من قومه وجعل ذريته هم الباقين في الدنيا وأبقى له ذكره بالثناء الجميل مع ما ذخر له عنده في الآجل من النعيم المقيم والعيش الهنيء وإهلاكه الآخرين بمعصيتهم إياه وتمردهم عليه وخلافهم أمره فسلبهم ما كانوا فيه من النعيم وجعلهم عبرة وعظة للغابرين مع ما ذخر لهم عنده في الآجل من العذاب الأليم
ونرجع الآن إلى ذكر نوح عليه السلام والخبر عنه وعن ذريته إذ كانوا هم الباقين اليوم كما أخبر الله عنهم وكان الآخرون الذين بعث نوح إليهم خلا ولده ونسله قد بادوا وذريتهم فلم يبق منهم ولا من أعقابهم أحد
قد ذكرنا قبل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال في قول الله عز و جل وجعلنا ذريته هم الباقين إنهم سام وحام ويافث
حدثني محمد بن سهل بن عسكر قال حدثنا إسماعيل بن عبدالكريم قال حدثنا عبدالصمد بن معقل قال سمعت وهب بن منبه يقول إن سام بن نوح أبو العرب وفارس والروم وإن حام أبو السودان وأن يافث أبو الترك وأبو يأجوج ومأجوج وهو بنو عم الترك
وقيل كانت زوجة يافث أربسيسة بنت مرازيل بن الدرمسيل بن محويل ين خنوخ بن قين بن آدم عليه السلام فولدت له سبعة نفر وامرأة
فممن ولدت له من الذكور جومر بن يافث وهو فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن
(1/124)
________________________________________
إسحاق أبو يأجوج ومأجوج ومارح بن يافث ووائل بن يافث وحوان بن يافث وتوبيل بن يافث وهوشل بن يافث وترس بن يافث وشبكة بنت يافث قال فمن بني يافث كانت يأجوج ومأجوج والصقالبة والترك فيما يزعمون وكانت امرأة حام بن نوح نحلب بنت مارب بن الدرمسيل بن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم فولدت له ثلاثة نفر كوش بن حام بن نوح وقوط بن حام بن نوح وكنعان بن حام فنكح كوش بن حام بن نوح قرنبيل ابنة بتاويل بن ترس بن يافث فولدت له الحبشة والسند والهند فيما يزعمون ونكح قوط بن حام بن نوح بخت ابنة بتاويل بن ترس بن يافث بن نوح فولدت له القبط قبط مصر فيما يزعمون ونكح كنعان بن حازم بن نوح أرتيل ابنة بتاويل بن ترس بن يافث بن نوح فولدت له الأساود نوبة وفزان والزنج والزغاوة وأجناس السودان كلها
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق في الحديث قال ويزعم أهل التوراة أن ذلك لم يكن إلا دعوة دعاها نوح على ابنه حام وذلك أن نوحا نام فانكشف عن عورته فرآها حام فلم يغطها ورآها سام ويافث فألقيا عليها ثوبا فواريا عورته فلما هب من نومته علم ما صنع حام وسام ويافث فقال ملعون كنعان بن حام عبيدا يكونون إخوته وقال يبارك الله ربي في سام ويكون حام عبد أخويه ويقرض الله يافث ويحل في مساكن حام ويكون كنعان عبدا لهم قال وكانت امرأة سام بن نوح صليب ابنى بتاويل بن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم فولدت له نفرا أرفخشد بن سام وأشوذ بن سام ولاوذ بن سام وعويلم بن سام وكان لسام إرم بن سام قال ولا أدري إرم لأم أرفخشد وإخوته أم لا
حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام بن محمد قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال لما ضاقت بولد نوح سوق ثمانين تحولوا إلى بابل فبنوها وهي بين الفرات والصراة وكانت اثني عشر فرسخا في اثني عشر فرسخا وكان بابها موضع دوران اليوم فوق جسر الكوفة يسرة إذا عبرت فكثروا بها حتى بلغوا مائة ألف وهم على الإسلام
ورجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق فنكح لاوذ بن سام بن نوح شبكة ابنة يافث بن نوح فولدت له فارس وجرجان وأجناس فارس وولد للاوذ مع الفرس طسم وعمليق ولا أدري أهو لأم الفرس أم لا فعمليق أبو العماليق كلهم أمم تفرقت في البلاد وكان أهل المشرق وأهل عمان وأهل الحجاز وأهل الشام وأهل مصر منهم ومنهم كانت الجبابرة بالشام الذين يقال لهم الكنعانيون ومنهم كانت الفراعنة بمصر وكان أهل البحرين وأهل عمان منهم أمة يسمون جاسم وكان ساكني المدينة منهم بنو هف وسعد بن هزان وبنو مطر وبنو الأزرق وأهل نجد منهم بديل وراحل وغفار وأهل تيماء منهم وكان ملك الحجاز منهم بتيماء اسمه الأرقم وكانوا ساكني نجد مع ذلك وكان ساكني الطائف بنو عبد بن ضخم حي من عبس الأول
قال وكان بنو أميم بن لاوذ بن سام بن نوح أهل وبار بأرض الرمل رمل عالج وكانوا قد كثروا بها وربلوا فأصابتهم من ا لله عز و جل نقمة من معصية أصابوها فهلكوا وبقيت منهم بقية وهم الذين يقال لهم النسناس
قال وكان طسم بن لاوذ ساكن اليمامة وما حولها قد كثروا بها وربلوا إلى البحرين فكانت طسم
(1/125)
________________________________________
والعماليق وأميم وجاسم قوما عربا لسانهم الذي جبلوا عليه لسان عربي وكانت فارس من أهل المشرق ببلاد فارس يتكلمون بهذا اللسان الفارسي
قال وولد إرم بن سام بن نوح عوص بن إرم وغاثر بن إرم وحويل بن إرم فولد عوص بن إرم غاثر بن عوص وعاد بن عوص وعبيل بن عوص وولد غاثر بن إرم ثمود بن غاثر وجديس بن غاثر وكانوا قوما عربا يتكلمون بهذا اللسان المضري فكانت العرب تقول لهذه الأمم العرب العاربة لأنه لسانهم الذي جبلوا عليه ويقولون لبني إسماعيل بن إبراهيم العرب المتعربة لإنهم إنما تكلموا بلسان هذه الأمم حين سكنوا بين أظهرهم فعاد وثمود والعماليق وأميم وجاسم وجديس وطسم هم العرب فكانت عاد بهذه الرمل إلى حضرموت واليمن كله وكانت ثمود بالحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله ولحقت جديس بطسم فكانوا معهم باليمامة وما حولها إلى البحرين واسم اليمامة إذ ذاك جو وسكنت جاسم عمان فكانوا بها
وقال غير ابن إسحاق إن نوحا دعا لسام بأن يكون الأنبياء والرسل من ولده ودعا ليافث بأن يكون الملوك من ولده وبدأ بالدعاء ليافث وقدمه في ذلك على سام ودعا على حام بأن يتغير لونه ويكون ولده عبيدا لولد سام ويافث
قال وذكر في الكتب أنه رق على حام بعد ذلك فدعا له بأن يرزق الرأفة من إخوته ودعا من ولد ولده لكوش بن حام ولجامر بن يافث بن نوح وذلك أن عدة من ولد الولد لحقوا نوحا فخدموه كما خدمه ولده لصلبه فدعا لعدة منهم
قال فولد لسام عابر وعليم وأشوذ وأرفخشد ولاوذ وإرم وكان مقامه بمكة
قال فمن ولد أرفخشد الأنبياء والرسل وخيار الناس والعرب كلها والفراعنة بمصر ومن ولد يافث بن نوح ملوك الأعاجم كلها من الترك والخزر وغيرهم والفرس الذي آخر من ملك منهم يزدجرد بن شهريار بن أبرويز ونسبه ينتهي إلى جيومرت بن يافث بن نوح
قال ويقال إن قوما من ولد لاوذ بن سام بن نوح وغيره من إخوته نزعوا إلى جامر هذا فأدخلهم جامر في نعمته وملكه وأن منهم ما ذي بن يافث وهو الذي تنسب السيوف الماذية إليه قال وهو الذي يقال إن كيرش الماذوي قاتل بلشصر بن أولمرودخ بن بختنصر من ولده
قال ومن ولد حام بن نوح النوبة والحبشة وفزان والهند والسند وأهل السواحل في المشرق والمغرب
قال ومنهم نمرود وهو نمرود بن كوش بن حام
قال وولد لأرفخشد بن سام ابنه قينان ولا ذكر له في التوراة وهو الذي قيل إنه لم يستحق أن يذكر في الكتب المنزلة لأنه كان ساحرا وسمى نفسه إلها فسيقت المواليد في التوراة على أرفخشد بن سام ثم على شالخ بن قينان بن أرفخشد من غير أن يذكر قينان في النسب لما ذكر من ذلك
قال وقيل في شالخ إنه شالخ بن أرفخشد من ولد لقينان وولد لشالخ عابر وولد لعابر ابنان
(1/126)
________________________________________
أحدهما فالغ ومعناه بالعربية قاسم وإنما سمي بذلك لأن الأرض قسمت والألسن تبلبلت في أيامه وسمي الآخر قحطان فولد لقحطان يعرب ويقطان ابنا قحطان بن عابر بن شالخ فنزلا أرض اليمن وكان قحطان أول من ملك اليمن وأول من سلم عليه ب أبيت اللعن كما كان يقال للملوك وولد لفالغ بن عابر أرغوا وولد لأرغوا ساروغ وولد لساروغ ناحورا وولد لناحوارا تارخ واسمه بالعربية آزر وولد لتارخ إبراهيم صلوات الله عليه وولد لأرفخشد أيضا نمرود بن أرفخشد وكان منزله بناحية الحجر وولد للاوذ بن سام طسم وجديس وكان منزلهما اليمامة وولد للاوذ أيضا عمليق بن لاوذ وكان منزله الحرم وأكناف مكة ولحق بعض ولده بالشام فمنهم كانت العماليق ومن العماليق الفراعنة بمصر وولد للاوذ أيضا أميم بن لاوذ بن سام وكان كثير الولد فنزع بعضهم إلى جامر بن يافث بالمشرق وولد لإرم بن سام عوص بن إرم وكان منزله الأحقاف وولد لعوص عاد بن عوص
وأما حام بن نوح فولد له كوش ومصرايم وقوط وكنعان فمن ولد كوش نمرود المتجبر الذي يكان ببابل وهو نمرود بن كوش بن حام وصارت بقية ولد حام بالسواحل من المشرق والمغرب والنوبة والحبشة وفزان
قال ويقال إن مصرايم ولد القبط والبربر وإن قوطا صار إلى أرض السند والهند فنزلهما وإن أهلها من ولده
وأما يافث بن نوح فولد له جامر وموعج وموادي وبوان وثوبال وماشح وتيرش ومن ولد جامر ملوك فارس ومن ولد تيرش الترك والخزر ومن ولد ماشج الأشبان ومن ولد موعج يأجوج ومأجوج وهم في شرقي أرض الترك والخزر ومن ولد بواهن الصقالبة وبرجان والأشبان كانوا في القديم بأرض الروم قبل أن يقع بها من وقع من ولد العيص وغيرهم وقصد كل فريق من هؤلاء الثلاثة سام وحام ويافث أرضا فسكنوها ودفعوا غيرهم عنها
حدثني الحارث بن محمد قال حدثنا محمد بن سعد قال أخبرنا هشام بن محمد بن السائب عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال اوحى الله إلى موسى عليه السلام إنك يا موسى وقومك وأهل الجزيرة وأهل العال من ولد سام بن نوح وقال ابن عباس والعرب والفرس والنبط والهند والسند من ولد سام بن نوح
حدثني الحارث قال حدثنا محمد بن سعد قال أخبرنا هشام بن محمد عن أبيه قال الهند والسند بنو توقير بن يقطن بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح ومكران بن البند وجرهم اسمه هذرم بن عابر بن سبأ بن يقطن بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح وحضرموت بن يقطن بن عابر بن شالخ ويقطن هو قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح في قول من نسبه إلى غير إسماعيل والفرس بنو فارس بن تيرش بن ناسور بن نوح والنبط بنو نبيط بن ماش بن إرخ بن سام بن نوح وأهل الجزيرة والعال من ولد ماش بن إرم بن سام بن نوح وعمليق وهو غريب وطسم وأميم بنو لوذ بن سام بن نوح وعمليق هو أبو العمالقة ومنهم البربر وهو بنو ثميلا بن مارب بن فاران بن عمرو بن عمليق بن لوذ بن سام بن نوح ما خلا صنهاجة وكتامة فإنهما بنو فريقيش بن قيس بن صيفي بن سبأ
(1/127)
________________________________________
ويقال إن عمليق أول من تكلم بالعربية حين ظعنوا من بابل فكان يقال لهم ولجرهم العرب العاربة وثمود وجديس ابنا عابر بن إرم بن سام بن نوح وعاد وعبيل ابنا عوص بن إرم بن سام بن نوح والروم بنو لنطى بن يونان بن يافث بن نوح ونمرود بن كوش بن كنعان بن حام بن نوح وهو صاحب بابل وهو صاحب إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه
قال وكان يقال لعاد في دهرهم عاد إرم فلما هلكت عاد قيل لثمود إرم فلا هلكت ثمود قيل لسائر بني إرم إرمان فهم النبط فكل هؤلاء كان على الإسلام وهم ببابل حتى ملكهم نمرود بن كوش بن كنعان بن حام بن نوح فدعاهم إلى عبادة الأوثان ففعلوا فأمسوا وكلامهم السريانية ثم أصبحوا وقد بلبل الله ألسنتهم فجعل لا يعرف بعضهم كلام بعض فصار لبني سام ثمانية عشر لسانا ولبني حام ثمانية عشر لسانا ولبني يافث ستة وثلاثون لسانا ففهم الله العربية عادا وعبيل وثمود وجديس وعمليق وطسم وأميم وبني يقطن بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح
وكان الذي عقد لهم الألوية ببابل بوناظر بن نوح وكان نوح فيما حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال أخبرني هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس تزوج امرأة من بني قابيل فولدت له غلاما فسماه بوناظر فولده بمدينة بالمشرق يقال لها معلون شمسا فنزل بنو سام المجدل سرة الأرض وهو ما بين ساتيدما إلى البحر وما بين اليمن إلى الشام وجعل الله النبوة والكتاب والجمال والأدمة والبياض فيهم ونزل بنو حام مجرى الجنوب والدبور ويقال لتلك الناحية الداروم وجعل الله فيهم أدمة وبياضا قليلا وأعمر بلادهم وسماءهم ورفع عنهم الطاعون وجعل في أرضهم الأثل والأراك والعشر والغار والنخل وجرت الشمس والقمر في سمائهم ونزل بنو يافث الصفون مجرى الشمال والصبا وفيهم الحمرة والشقرة وأخلى الله أرضهم فاشتد بردها وأخلى سماءهم فليس يجري فوهم شيء من النجوم السبعة الجارية لأنهم صاروا تحت بنات نعش والجدي والفرقدين فابتلوا بالطاعون ثم لحقت عاد بالشحر فعليه هلكوا بواد يقال له مغيث فلحقتهم بعد مهرة بالشحر ولحقت عبيل بموضع يثرب ولحقت العماليق بصنعاء قبل أن تسمى صنعاء ثم انحدر بعضهم إلى يثرب فأخرجوا منها عبيل فنزلوا موضع الجحفة فأقبل السيل فاجتحفهم فذهب بهم فسميت الجحفة ولحقت ثمود بالحجر وما يليه فهلكوا ثم ولحقت طسم وجديس باليمامة فهلكوا ولحقت أميم بأرض أبار فهلكوا بها وهي بين اليمامة والشحر ولا يصل إليها اليوم أحد غلبت عليها الجن وإنما سميت أبار بأبار بن أميم ولحقت بنو يقطن بن عابر باليمن فسميت اليمن حيث تيامنوا إليها ولحق قوم من بني كنعان بالشأم فسميت الشأم حيث تشاءموا إليها وكانت الشأم يقال لها أرض بني كنعان ثم جاءت بنو إسرائيل فقتلوهم بها ونفوهم عنها فكانت الشأم لبني إسرائيل وثم وثبت الروم على بني إسرائيل فقتلوهم وأجلوهم إلى العراق إلا قليلا منهم ثم جاءت العرب فغلبوا على الشأم وكان فالغ وهو فالغ بن عابر بن أرفخشد بن سام بن نوح هو الذي قسم الأرض بين بني نوح كما سمينا
وأما الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وعن علماء سلفنا في أنساب الأمم التي هي في الأرض اليوم فعلى ما حدثني أحمد بن بشير بن أبي عبدالله الوراق قال حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة عن
(1/128)
________________________________________
الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم سام أبو العرب ويافث أبو الروم وحام أبو الحبش
حدثني القاسم بن بشر بن معروف قال حدثنا روح قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ولد نوح ثلاثة سام وحام ويافث فسام أبو العرب وحام أبو الزنج ويافث أبو الروم
حدثنا أبو كريب قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا عباد بن العوام عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم سام أبو العرب ويافث أبو الروم وحام أبو الحبش
حدثني عبدالله بن أبي زياد قال حدثني روح قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ولد نوح سام وحام ويافث قال عبدالله قال روح أحفظ يافث وسمعت مرة يافت
وقد روي هذا الحديث عن عبدالأعلى بن عبدالأعلى عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة وعمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه و سلم
حدثني عمران بن بكار الكلاعي قال حدثنا أبو اليمان قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد قال سمعت سعيد بن المسيب يقول ولد نوح ثلاثة وولد كل واحد ثلاثة سام وحام ويافث فولد سام العرب وفارس والروم وفي كل هؤلاء خير وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج وليس في واحد من هؤلاء خير وولد حام القبط والسودان والبربر
وروي عن ضمرة بن ربيعة عن ابن عطاء عن أبيه قال ولد حام كل أسود جعد الشعر وولد يافث كل عظيم الوجه صغير العينين وولد سام كل حسن الوجه حسن الشعر قال ودعا نوح على حام ألا يعدو شعر ولده آذانهم وحيثما لقي ولده ولد سام استعبدوهم
وزعم أهل التوراة أن سام ولد لنوح بعد أن مضى من عمره خمسمائة سنة ثم ولد لسام أرفخشد بعد أن مضى من عمر سام مائة سنة وسنتان فكان جميع عمر سام فيما زعموا ستمائة سنة ثم ولد لأرفخشد قينان وكان عمر أرفخشد أربعمائة سنة وثمانيا وثلاثين سنة وولد قينان لأرفخشد بعد أن مضى من عمره خمس وثلاثون سنة ثم ولد لقينان شالخ بعد أن مضى من عمره تسع وثلاثون سنة ولم يذكر مدة عمر قينان في الكتب فيما ذكر لما ذكرنا من أمره قبل ثم ولد لشالخ عابر بعد أن مضى من عمره ثلاثون سنة وكان عمر شالخ كله أربعمائة سنة وثلاثا وثلاثين سنة
ثم ولد لعابر فالغ وأخوه قحطان وكان مولد فالغ بعد الطوفان بمائة وأربعين سنة فلما كثر الناس بعد ذلك مع قرب عهدهم بالطوفان هموا ببناء مدينة تجمعهم فلا يتفرقون أو صرح عال يحرزهم من الطوفان إن كان مرة أخرى فلا يغرقون فأراد الله عز و جل أن يوهن أمرهم ويخلف ظنهم ويعلمهم أن الحول والقوة له فبدد شملهم وشتت جمعهم وفرق ألسنتهم وكان عمر عابر أربعمائة سنة وأربعا وسبعين سنة
ثم ولد لفالغ أرغوا وكان عمر فالغ مائتين وتسعا وثلاثين سنة وولد أرغوا لفالغ وقد مضى من عمره ثلاثون سنة ثم ولد لأرغوا ساروغ وكان عمر أرغوا مائتين وتسعا وثلاثين سنة وولد له ساروغ بعد ما مضى
(1/129)
________________________________________
من عمره اثنتان وثلاثون سنة ثم ولد لساروغ ناحور وكان عمر ساروغ مائتين وثلاثين سنة وولد له ناحور وقد مضى من عمره ثلاثون سنة
ثم ولد لناحور تارخ أبو إبراهيم صلوات الله عليه وكان هذا الاسم اسمه الذي سماه أبوه فلما صار مع نمرود قيما على خزانة آلهته سماه آزر وقد قيل إن آزر ليس باسم أبيه وإنما هو اسم صنم فهذا قول يروى عن مجاهد وقد قيل إنه عيب عابه به بمعنى معوج بعد ما مضى من عمر ناحور سبع وعشرون سنة وكان عمر ناحور كله مائتين وثمانيا وأربعين سنة
وولد لتارخ إبراهيم وكان بين الطوفان ومولد إبراهيم ألف سنة وتسع وسبعون سنة وكان بعض أهل الكتاب يقول كان بين الطوفان ومولد إبراهيم ألف سنة ومائتا سنة وثلاث وستون سنة وذلك بعد خلق آدم بثلاثة آلاف وثلثمائة سنة وسبع وثلاثين سنة
وولد لقحطان بن عابر يعرب فولد يعرب يشجب بن يعرب فولد يشجب سبأ بن يشجب فولد سبأ حمير بن سبأ وكهلان بن سبأ وعمرو بن سبأ والأشعر بن سبأ وأنمار بن سبأ ومر بن سبأ وعاملة بن سبأ فولد عمرو بن سبأ عدي بن عمرو فولد عدي لخم بن عدي وجذام بن عدي
وقد زعم بعض نسابي الفرس أن نوحا هو أفريدون الذي قهر الازدهاق وسلبه ملكه وزعم بعضهم أن أفريدون هو ذو القرنين صاحب إبراهيم عليه السلام الذي قضى له ببئر السبع الذي ذكر الله في كتابه وقال بعضهم هو سليمان بن داود
وإنما ذكرته في هذا الموضع لما ذكرت فيه من قول من قال إنه نوح وإن قصته شبيهة بقصة نوح في أولاد له ثلاثة وعدله وحسن سيرته وهلاك الضحاك على يده وأنه قيل إن هلاك الضحاك كان على يد نوح وأن نوحا إنما كان أرسل في قول من ذكرت عنه أنه قال كان هلاك الضحاك على يدي نوح حين أرسل إلى قومه وهم كانوا قوم الضحاك فأما الفرس فإنهم ينسبونه النسبة التي أنا ذاكرها وذلك أنهم يزعمون أن أفريدون من ولد جم شاذ الملك الذي قتله الازدهاق على ما قد بينا من أمره قبل وأن بينه وبين جم عشرة آباء
وقد حدثت عن هشام بن محمد بن السائب قال بلغنا أن أفريدون وهو من نسل جم الملك الذي كان من قبل الضحاك قال ويزعمون أنه التاسع من ولده وكان مولده بدنباوند خرج حتى ورد منزل الضحاك فأخذه وأوثقه وملك مائتي سنة ورد المظالم وأمر الناس بعبادة الله والإنصاف والإحسان ونظر إلى ما كان الضحاك غصب الناس من الأرضين وغيرها فرد ذلك كله على أهله إلا ما لم يجد له أهلا فإنه وقفه على المساكين والعامة قال ويقال إنه أول من سمى الصوافي وأول من نظر في الطب والنجوم وإنه كان له ثلاثة بنين اسم الأكبر سلم والثاني طوج والثالث إيرج وأن أفريدون تخوف ألا يتفق بنوه وأن يبغي بعضهم على بعض فقسم ملكه بينهم ثلاثا وجعل ذلك في سهام كتب أسماءهم عليها وأمر كل واحد منهم فأخذ سهما فصارت الروم وناحية المغرب لسلم وصارت الترك والصين لطوج وصارت للثالث وهو إيرج العراق والهند فدفع التاج والسرير إليه ومات أفريدون فوثب
(1/130)
________________________________________
بإيرج أخواه فقتلاه وملكا الأرض بينهما ثلثمائة
سنة قال والفرس تزعم أن لأفريدون عشرة آباء كلهم يسمى أثفيان باسم واحد قالوا وإنما فعلوا ذلك خوفا من الضحاك على أولادهم لرواية كانت عندهم بأن بعضهم يغلب الضحاك على ملكه ويدرك منه ثأر جم وكانوا يعرفون ويميزون بألقاب لقبوها فكان يقال للواحد منهم أثفيان صاحب البقر الحمر وأثفيان صاحب البقر البلق وأثفيان صاحب البقر الكدر وهو أفريدون بن أثفيان بوكاو وتفسيره صاحب البقر الكثير بن أثفيان نيككاو وتفسيره صاحب البقر الجياد بن أثفيان سيركاو وتفسيره صاحب البقر السمان العظام بن أثفيان بوركاو وتفسيره صاحب البقر التي بلون حمير الوحش بن أثفيان أخشين كاو وتفسيره صاحب البقر الصفر بن أثفيان سياه كاو وتفسيره صاحب البقر السود بن أثفيان اسبيذكاو وتفسيره صاحب البقر البيض بن أثفيان كيركاو وتفسيره صاحب البقر الرمادية بن أثفيان رمين وتفسيره كل ضرب من الألوان والقطعان بن أثفيان بنفروسن بن جم الشاذ
وقيل إن أفريدون أول من سمي بالكيية فقيل له كي أفريدون وتفسير الكيية أنها بمعنى التنزيه كما يقال روحاني يعنون به أن أمره أمر مخلص منزه يتصل بالروحانية وقيل إن معنى كي أي طالب الدخل ويزعم بعضهم أن كي من البهاء وأن البهاء تغشى أفريدون حين قتل الضحاك
وتذكر العجم من الفرس أنه كان رجلا جسيما وسيما بهيا مجربا وأن أكثر قتاله كان بالجرز وأن جرزه كان رأسه كرأس الثور وأن ملك ابنه إيرج العراق ونواحيها كان في حياته وأن أيام إيرج داخلة في ملك أفريدون وأنه ملك الأقاليم كلها وتنقل في البلدان وأنه لما جلس على سريره يوم الملك قال نحن القاهرون بعون الله وتأييده للضحاك القامعون للشيطان وأحزابه ثم وعظ الناس فأمرهم بالتناصف وتعاطي الحق وبذل الخير بينهم وحثهم على الشكر والتمسك به ورتب سبعة من القوهياريين وتفسير ذلك محولو الجبال سبع مراتب وصير إلى كل واحد منهم ناحية من دنباوند وغيرها على شبيه بالتمليك قالوا فلما ظفر بالضحاك قال له الضحاك لا تقتلني بجدك جم فقال له أفريدون منكرا لقوله لقد سمت بك همتك وعظمت في نفسك حين قدرتها لهذا وطمعت لها فيه وأعلمه أن جده كان أعظم قدرا من أن يكون مثله كفئا له في القود وأعلمه أنه يقتله بثور كان في دار جده وقيل إن أفريدون أول من ذلل الفيلة وامتطاها ونتج البغال واتخذ الإوز والحمام وعالج الدرياق وقائل الأعداء فقتلهم ونفاهم وأنه قسم الأرض بين أولاده الثلاثة طوج وسلم وإيرج فملك طوجا ناحية الترك والخزر والصين فكانوا يسمونها صين بغا وجمع إليها النواحي التي اتصلت بها وملك سلما ابنه الثاني الروم والصقالبة والبرجان وما في حدود ذلك وجعل وسط الأرض وعامرها وهو إقليم بابل وكانوا يسمونها خنارث بعد أن جمع إلى ذلك ما اتصل به من السند والهند والحجاز وغيرها لأيرج وهو الأصغر من بنيه الثلاثة وكان أحبهم إليه وبهذا السبب سمي إقليم بابل إيرانشهر وبه أيضا نشبت العداوة بين ولد أفريدون وأولادهم بعد وصار ملوك خنارث والترك والروم إلى المحاربة ومطالبة بعضهم بعضا بالدماء والترات
وقيل إن طوجا وسلما لما علما أن أباهما قد خص إيرج وقدمه عليهما أظهرا له البغضاء ولم يزل التحاسد ينمي بينهم إلى أن وثب طوج وسلم على أخيهما إيرج فقتلاه متعاونين عليه وأن طوجا رماه بوهق
(1/131)
________________________________________
فخنقه فمن أجل ذلك استعملت الترك الوهق وكان لإيرج ابنان يقال لهما وندان وأسطوبة وابنة يقال لها خوزك ويقال خوشك فقتل سلم وطوج الابنين مع أبيهما وبقيت الابنة
وقيل إن اليوم الذي غلب فيه أفريدون الضحاك كان روزمهر من مهرماه فاتخذ الناس ذلك اليوم عيدا لارتفاع بلية الضحاك عن الناس وسماه المهرجان فقيل إن أفريدون كان جبارا عادلا في ملكه وكان طوله تسعة أرماح كل رمح ثلاثة أبواع وعرض حجرته ثلاثة أرماح وعرض صدره أربعة أرماح وأنه كان يتبع من كان بقي بالسودان من آل نمرود والنبط وقصدهم حتى أتى على وجوههم ومحا أعلامهم وآثارهم وكان ملكه خمسمائة سنة
(1/132)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
التعديل الأخير تم بواسطة بنالعياط ; 27-09-2012 الساعة 03:14 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-12-2008
  • الدولة : فرنسا
  • المشاركات : 6,030
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • بنالعياط will become famous soon enough
الصورة الرمزية بنالعياط
بنالعياط
شروقي
رد: مكتبتي
27-09-2012, 03:19 PM
________________________________________
ذكر الأحداث التي كانت بين نوح وإبراهيم خليل الرحمن عليهما السلام
قد ذكرنا قبل ما كان من أمر نوح عليه السلام وأمر ولده واقتسامهم الأرض بعده ومساكن كل فريق منهم وأي ناحية سكن من البلاد وكان ممن طغا وعتا على الله عز و جل بعد نوح فأرسل الله إليهم رسولا فكذبوه وتمادوا في غيهم فأهلكهم الله هذان الحيان من إرم بن سام بن نوح أحدهما عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح وهي عاد الأولى والثاني ثمود بن جاثر بن إرم بن سام بن نوح وهم كانوا العرب العاربة
فأما عاد فإن الله عز و جل أرسل إليهم هود بن عبدالله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح ومن أهل الأنساب من يزعم أن هودا هو عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح وكانوا أهل أوثان ثلاثة يعبدونها يقال لإحداها صداء وللآخر صمود وللثالث الهباء فدعاهم إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة دون غيره وترك ظلم الناس فكذبوه وقالوا من أشد منا قوة فلم يؤمن بهود منهم إلا قليل فوعظهم هود إذ تمادوا في طغيانهم فقال لهم أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين فاتقوا الله وأطيعون واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم فكان جوابهم له أن قالوا سواء أوعظت أم لم تكن من الواعظين ( 1 ) وقالوا له يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ( 2 ) فحبس الله عنهم فيما ذكر القطر سنين ثلاثا حتى جهدوا فأوفدوا وفدا ليستسقوا لهم
فكان من قصتهم ما حدثنا أبو كريب قال حدثنا أبو بكر بن عياش قال حدثنا عاصم عن أبي وائل عن الحارث بن حسان البكري قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فمررت بامرأة بالربذة فقالت هل أنت حاملي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قلت نعم فحملتها حتى قدمت المدينة فدخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه و سلم على المنبر وإذا بلال متقلد السيف وإذا رايات سود قال قلت ما هذا قالوا عمرو بن العاص قدم من غزوته فلما نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن منبره أتيته فاستأذنته فأذن لي فقلت يا رسول الله إن بالباب امرأة من بني تميم قد سألتني أن أحملها إليك قال يا بلال ائذن لها قال فدخلت فلما جلست قال لي رسول الله
(1/133)
________________________________________
صلى الله عليه و سلم هل كان بينكم وبين تميم شيء قلت نعم وكانت الدبرة عليهم فإن رأيت أن تجعل الدهناء بيننا وبينهم فعلت قال تقول المرأة فأين تضطر مضرك يا رسول الله قال قلت مثلي مثل معزى حملت حتفا قال قلت أو حملتك تكونين علي خصما أعوذ بالله أن أكون كوفد عاد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم وما وفد عاد قال قلت على الخبير سقطت إن عادا قحطت فبعثت من يستسقي لها فمروا على بكر بن معاوية بمكة يسقيهم الخمر وتغنيهم الجرادتان شهرا ثم بعثوا رجلا من عنده حتى أتى جبار مهرة فدعا فجاءت سحابات قال وكلما جاءت قال اذهبي إلى كذا حتى جاءت سحابة فنودي منها خذها رمادا رمددا لا تدع من عاد أحدا قال فسمعه وكتمهم حتى جاءهم العذاب
قال أبو كريب قال أبو بكر بعد ذاك في حديث عاد قال فأقبل الذي أتاهم فأتى جبال مهرة فصعد فقال اللهم إني لم أجئك لأسير فأفاديه ولا لمريض أشفيه فأسق عادا ما كنت مسقيه قال فرفعت له سحابات قال فنودي منها اختر فجعل يقول اذهبي إلى بني فلان اذهبي إلى بني فلان قال فمرت آخرها سحابة سوداء فقال اذهبي إلى عاد قال فنودي منها خذها رمادا رمددا لا تدع من عاد أحدا قال وكتمهم والقوم عند بكر بن معاوية يشربون قال وكره بكر بن معاوية أن يقول لهم من أجل أنهم عنده وأنهم في طعامه قال فأخذ في الغناء وذكرهم
حدثنا أبو كريب قال حدثنا زيد بن حباب قال حدثنا سلام أبو المنذر النحوي قال حدثنا عاصم عن أبي وائل عن الحارث بن يزيد البكري قال خرجت لأشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فمررت بالربذة فإذا عجوز منقطع بها من بني تميم فقالت يا عبدالله إن لي إلى رسول الله حاجة فهل أنت مبلغي إليه قال فحملتها فقدمت المدينة قال أبو جعفر أظنه أنا قال فإذا رايات سود قال قلت ما شأن الناس قالوا يريد أن يبعث بعمرو بن العاص وجها قال فجلست حتى فرغ قال فدخل منزله أو قال رحله فاستأذنت عليه فأذن لي قال فدخلت فقعدت فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم هل كان بينكم وبين تميم شيء قال قلت نعم وكانت الدبرة عليهم وقد مررت بالربذة فإذا عجوز منهم منقطع بها فسألتني أن أحملها إليك وها هي بالباب فأذن لها رسول الله صلى الله عليه و سلم فدخلت فقلت يا رسول الله اجعل بيننا وبين تميم الدهناء حاجزا فحميت العجوز واستوفزت وقالت فأين تضطر مضرك يا رسول الله قال قلت أنا كما قالوا معزى حملت حتفا حملت هذه ولا أشعر أنها كائنة لي خصما أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد قال وما وافد عاد قلت على الخبير سقطت قال وهو يستطعمني الحديث قلت إن عادا قحطوا فبعثوا قيلا وافدا فنزل على بكر فسقاه الخمر شهرا وتغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان فخرج إلى جبال مهرة فنادى إني لم أجئ لمريض فأداويه ولا لأسير فأفاديه اللهم أسق عادا ما كنت تسقيه فمرت به سحابات سود فنودي منها خذها رمادا رمددا لا تبقي من عاد أحدا قال فكانت المرأة تقول لا تكن كوافد عاد فما بلغني أنه أرسل عليهم من الريح يا رسول الله إلا قدر ما يجري في خاتمي قال أبو وائل وكذلك بلغني
وأما ابن إسحق فإنه قال كما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عنه أن عادا لما أصابهم من القحط ما أصابهم قالوا جهزوا منكم وفدا إلى مكة فيستسقوا لكم فبعثوا قيل بن عتر ولقيم بن هزال بن هزيل بن عتيل بن صد بن عاد الأكبر ومرثد بن سعد بن عفير وكان مسلما يكتم إسلامه وجلهمة بن الخبيري خال
(1/134)
________________________________________
معاوية بن بكر أخا أمه ثم بعثوا لقمان بن عاد بن فلان بن صد بن عاد الأكبر فانطلق كل رجل من هؤلاء القوم معه رهط من قومه حتى بلغ عدة وفدهم سبعين رجلا فلما قدموا مكة نزلوا على معاوية بن بكر وهو بظاهر مكة خارجا من الحرم فأنزلهم وأكرمهم وكانوا أخواله وصهره وكانت هزيلة ابنة بكر أخت معاوية بن بكر لأبيه وأمه كلهدة ابنة الخيبري عند لقيم بن هزال بن عتيل بن صد بن عاد الأكبر فولدت له عبيد بن لقيم بن هزال وعمرو بن لقيم بن هزال وعامر بن لقيم بن هزال وعمير بن لقيم بن هزال فكانوا في أخوالهم بمكة عند آل معاوية بن بكر وهم عاد الأخيرة التي بقيت من عاد الأولى فلما نزل وفد عاد على معاوية بن بكر أقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان قينتان لمعاوية بن بكر وكان مسيرهم شهرا ومقامهم شهرا فلما رأى معاوية بن بكر طول مقامهم وقد بعثهم قومهم يتغوثون بهم من البلاء الذي أصابهم شق ذلك عليه فقال هلك أخوالي وأصهاري وهؤلاء مقيمون عندي وهم ضيفي نازلون علي والله ما أدري كيف أصنع بهم أستحي أن آمرهم بالخروج إلى ما بعثوا إليه فيظنوا أنه ضيق مني بمقامهم عندي وقد هلك من وراءهم من قومهم جهدا وعطشا أو كما قال
فشكا ذلك من أمرهم إلى قينتيه الجرادتين فقالتا قل شعرا نغنيهم به لا يدرون من قاله لعل ذلك أن يحركهم فقال معاوية بن بكر حين أشارتا عليه بذلك ... ألا يا قيل ويحك قم فهينم ... لعل الله يسقينا غماما ... فيسقي أرض عاد إن عادا ... قد أمسوا لا يبينون الكلاما ... من العطش الشديد فليس نرجو ... به الشيخ الكبير ولا الغلاما ... وقد كانت نساؤهم بخير ... فقد أمست نساؤهم عيامى ... وإن الوحش تأتيهم جهارا ... ولا تخشى لعادي سهاما ... وأنتم ها هنا فيما اشتهيتم ... نهاركم وليلكم التماما ... فقبح وفدكم من وفد قوم ... ولا لقوا التحية والسلاما ...
فلما قال معاوية ذلك الشعر غنتهم به الجرادتان فلما سمع القوم ما غنتا به قال بعضهم لبعض يا قوم إنما بعثكم قومكم يتغوثون بكم من هذا البلاء الذي نزل بهم وقد أبطأتم عليهم فادخلوا هذا الحرم فاستسقوا لقومكم فقال مرثد بن سعد بن عفير إنكم والله لا تسقون بدعائكم ولكن إن أطعتم نبيكم وأنبتم إليه سقيتم فأظهر إسلامه عند ذلك فقال لهم جلهمة بن الخيبري خال معاوية بن بكر حين سمع قوله وعرف أنه قد تبع دين هود وآمن به ... أبا سعد فإنك من قبيل ... ذوي كرم وأمك من ثمود ... فإنا لن نطيعك ما بقينا ... ولسنا فاعلين لما تريد ... أتأمرنا لنترك آل رفد ... وزمل وآل صد والعبود ... ونترك دين آباء كرام ... ذوي رأي ونتبع دين هود ...
ورفد وزمل وصد قبائل من عاد والعبود منهم ثم قال لمعاوية بن بكر وأبيه بكر احبسا عنا مرثد بن سعد فلا يقدمن معنا مكة فإنه قد اتبع دين هود وترك ديننا ثم خرجوا إلى مكة يستسقون بها لعاد فلما ولو
(1/135)
________________________________________
إلى مكة خرج مرثد بن سعد من منزل معاوية حتى أدركهم بها قبل أن يدعوا الله بشيء مما خرجوا له فلما انتهى إليهم قام يدعو الله وبها وفد عاد قد اجتمعوا يدعون فقال اللهم أعطني سؤلي وحدي ولا تدخلني في شيء مما يدعوك به وفد عاد وكان قيل بن عتر رأس وفد عاد وقال وفد عاد اللهم أعط قيلا ما سألك واجعل سؤلنا مع سؤله وقد كان تخلف عن وفد عاد لقمان بن عاد وكان سيد عاد حتى إذا فرغوا من دعوتهم قال اللهم إني جئتك وحدي في حاجتي فأعطني سؤلي وقال قيل بن عتر حين دعا يا إلهنا إن كان هود صادقا فاسقنا فإنا قد هلكنا فأنشأ الله سحائب ثلاثا بيضاء وحمراء وسوداء ثم ناداه مناد من السحاب يا قيل اختر لنفسك وقومك من هذا السحاب فقال قد اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر السحاب ماء فناداه مناد اخترت رمادا رمددا لا تبقي من عاد أحدا لا والدا تترك ولا ولدا إلا جعلته همدا إلا بني اللوذية المهدى وبنو اللوذية بنو لقيم بن هزال بن هزيل بن هزيلة ابنة بكر كانوا سكانا بمكة مع أخوالهم لم يكونوا مع عاد بأرضهم فهم عاد الآخرة ومن كان من نسلهم الذي بقوا من عاد
وساق الله السحابة السوداء فيما يذكرون التي اختار قيل بن عتر بما فيها من النقمة إلى عاد حتى خرجت عليهم من واد لهم يقال له المغيث ولما رأوها استبشروا بها وقالوا هذا عارض ممطرنا يقول الله عز و جل بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها ( 1 ) أي كل شيء أمرت به فكان أول من أبصر ما فيها أنها ريح فيما يذكرون امرأة من عاد يقال لها مهدد لما تبينت ما فيها صاحت ثم صعقت فلما أفاقت قالوا ماذا رأيت يا مهدد قالت رأيت ريحا فيها كشهب النار أمامها رجال يقودونها فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما كما قال الله والحسوم الدائمة فلم تدع من عاد أحدا إلا هلك
فاعتزل هود فيما ذكر ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبه ومن معه منها إلا ما تلين عليه الجلود وتلتذ الأنفس وإنها لتمر من عاد بالظعن ما بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة وخرج وفد عاد من مكة حتى مروا بمعاوية بن بكر وأبيه فنزلوا عليه فبيناهم عنده إذ أقبل رجل على ناقة له في مقمرة مسي ثالثة من مصاب عاد فأخبرهم الخبر فقالوا فأين فارقت هودا وأصحابه قال فارقتهم بساحل البحر فكأنهم شكوا فيما حدثهم فقالت هزيلة ابنة بكر صدق ورب مكة ومثوب بن يعفر بن أخي معاوية بن بكر معهم وقد كان قيل فيما يزعمون والله أعلم لمرثد بن سعد ولقمان بن عاد وقيل بن عتر حين دعوا بمكة قد أعطيتم مناكم فاختاروا لأنفسكم إلا أنه لا سبيل إلى الخلد فإنه لا بد من الموت فقال مرثد بن سعد يا رب أعطني برا وصدأ فأعطي ذلك وقال لقمان بن عاد أعطني عمرا فقيل له اختر لنفسك إلا إنه لا سبيل إلى الخلد بقاء أيعار ضأن عفر في جبل وعر لا يلقى به إلا القطر أم سبعة أنسر إذا مضى نسر حلوت إلى نسر فاختار لقمان لنفسه النسور فعمر فيما يزعمون عمر سعبة أنسر يأخذ الفرخ حين يخرج من بيضته فيأخذ الذكر منها لقوته حتى إذا مات أخذ غيره فلم يزل يفعل ذلك حتى أتى على السابع وكان كل نسر فيما زعموا يعيش ثمانين سنة فلما لم يبق غير السابع قال ابن أخ للقمان أي عم ما بقي من عمرك إلا عمر هذا النسر فقال له لقمان أي ابن أخي هذا لبد ولبد بلسانهم الدهر فلما أدرك نسر لقمان
(1/136)
________________________________________
وانقضى عمره طارت النسور غداة من رأس الجبل ولم ينهض فيها لبد وكانت نسور لقمان تلك لا تغيب عنه إنما هي بعينه فلما لم ير لقمان لبدا نهض مع النسور نهض إلى الجبل لينظر ما فعل لبد فوجد لقمان في نفسه وهنا لم يكن يجده قبل ذلك فلما انتهى إلى الجبل رأى نسره لبدا واقعا من بين النسور فناداه انهض لبد فذهب لبد لينهض فلم يستطع عريت قوادمه وقد سقطت فماتا جميعا
وقيل لقيل بن عتر حين سمع ما قال له في السحاب اختر لنفسك كما اختار صاحباك فقال أختار أن يصيبني ما أصاب قومي فقيل إنه الهلاك قال لا أبالي لا حاجة لي في البقاء بعدهم فأصابه ما أصاب عادا من العذاب فهلك فقال مرثد بن سعد بن عفير حين سمع من قول الراكب الذي أخبر عن عاد بما أخبر من الهلاك ... عصت عاد رسولهم فأمسوا ... عطاشا ما تبلهم السماء ... وسير وفدهم شهرا ليسقوا ... فأردفهم مع العطش العماء ... بكفرهم بربهم جهارا ... على آثار عادهم العفاء ... ألا نزع الإله حلوم عاد ... فإن قلوبهم قفر هواء ... من الخبر المبين أن يعوه ... وما تغني النصيحة والشفاء ... فنفسي وابنتاي وأم ولدي ... لنفس نبينا هود فداء ... أتانا والقلوب مصمدات ... على ظلم وقد ذهب الضياء ... لنا صنم يقال له صمود ... يقابله صداء والهباء ... فأبصره الذين له أنابوا ... وأدرك من يكذبه الشقاء ... فإني سوف ألحق آل هود ... وإخوته إذا جن المساء ...
وقيل إن رئيسهم وكبيرهم في ذلك الزمان الخلجان
حدثني العباس بن الوليد قال حدثنا أبي عن إسماعيل بن عياش عن محمد بن إسحاق قال لما خرجت الريح على عاد من الوادي قال سبعة رهط منهم أحدهم الخلجان تعالوا حتى نقوم على شفير الوادي فنردها فجعلت الريح تدخل تحت الواحد منهم فتحمله ثم ترمي به فتندق عنقه فتتركهم كما قال الله عز و جل صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ( 1 ) حتى لم يبق منهم إلا الخلجان فمال إلى الجبل فأخذ بجانب منه فهزه فاهتز في يده ثم أنشأ يقول ... لم يبق إلا الخلجان نفسه ... نالك من يوم دهاني أمسه ... بثابت الوطء شديد وطسه ... لو لم يجئني جئته أجسه ...
فقال له هود ويحك يا خلجان أسلم تسلم فقال له وما لي عند ربك إن أسلمت قال الجنة قال فما هؤلاء الذين أراهم في هذا السحاب كأنهم البخت قال هود تلك ملائكة ربي قال فإن أسلمت أيعيذني ربك منهم قال ويلك هل رأيت ملكا يعيذ من جنده قال لو فعل ما رضيت قال ثم جاءت الريح
(1/137)
________________________________________
فألحقته بأصحابه أو كلاما هذا معناه
قال أبو جعفر فأهلك الله الخلجان وأفنى عادا خلا من بقي منهم ثم بادوا بعد ونجى الله هودا ومن آمن به وقيل كان عمر هود مائة سنة وخمسين سنة
حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن المفضل قال حدثنا أسباط عن السدي قال وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ( 1 ) إن عادا أتاهم هود فوعظهم وذكرهم بما قص الله في القرآن فكذبوه وكفروا وسألوه أن يأتيهم العذاب فقال لهم إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ( 2 ) وإن عادا أصابهم حين كفروا قحط من المطر حتى جهدوا لذلك جهدا شديدا وذلك أن هودا دعا عليهم فبعث الله عليهم الريح العقيم وهي الريح التي لا تلقح الشجر فلما نظروا إليها قالوا هذا عارض ممطرنا فلما دنت منهم نظروا إلى الإبل والرجال تطير بهم الريح بين السماء والأرض فلما رأوها تبادروا إلى البيوت حتى دخلوا البيوت دخلت عليهم فأهلكتهم فيها ثم أخرجتهم من البيوت فأصابتهم في يوم نحس والنحس هو الشؤم مستمر ( 3 ) استمر عليهم بالعذاب سبع ليال وثمانية أيام حسوما ( 4 ) حسمت كل شيء مرت به حتى أخرجتهم من البيوت قال الله تبارك وتعالى تنزع الناس عن البيوت كأنهم أعجاز نخل منقعر ( 5 ) انقعر من أصوله خاوية ( 6 ) خوت فسقطت فلما أهلكهم الله أرسل عليهم طيرا سودا فنقلتهم إلى البحر فألقتهم فيه فذلك قوله عز و جل فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ( 7 ) ولم تخرج الريح قط إلا بمكيال إلا يومئذ فإنها عتت على الخزنة فغلبتهم فلم يعلموا كم كان مكيالها فذلك قوله فأهلكوا بريح صرصر عاتية ( 8 ) والصرصر ذات الصوت الشديد
حدثني محمد بن سهل بن عسكر قال حدثنا إسماعيل بن عبدالكريم قال حدثني عبدالصمد أنه سمع وهبا إن عادا لما عذبهم الله بالريح التي عذبوا بها كانت تقلع الشجرة العظيمة بعروقها وتهدم عليهم بيوتهم فمن لم يكن في بيت هبت به الريح حتى تقطعه الجبال فهلكوا بذلك كلهم
وأما ثمود فإنهم عتوا على ربهم وكفروا به وأفسدوا في الأرض فبعث الله إليهم صالح بن عبيد بن أسف بن ماسخ بن عبيد بن خادر بن ثمود بن جاثر بن إرم بن سام بن نوح رسولا يدعوهم إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة
وقيل صالح هو صالح بن أسف بن كماشج بن إرم بن ثمود بن جاثر بن إرم بن سام بن نوح
(1/138)
________________________________________
فكان من جوابهم له أن قالوا له يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب ( 1 ) وكان الله عز و جل قد مد لهم في الأعمار وكانوا يسكنون الحجر إلى وادي القرى بين الحجاز والشام ولم يزل صالح يدعوهم إلى الله على تمردهم وطغيانهم فلا يزيدهم دعاؤه إياهم إلى الله إلا مباعدة من الإجابة فلما طال ذلك من أمرهم وأمر صالح قالوا له إن كنت صادقا فأتنا بآية
فكان من أمرهم وأمره ما حدثنا الحسن بن يحيى قال حدثنا عبدالرزاق قال أخبرنا إسرائيل عن عبدالعزيز بن رفيع عن أبي الطفيل قال قالت ثمود لصالح ائتنا بآية إن كنت من الصادقين قال فقال لهم صالح اخرجوا إلى هضبة من الأرض فإذا هي تتمخض كما تتمخض الحامل ثم تفرجت فخرجت من وسطها الناقة فقال صالح عليه السلام هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم ( 2 ) لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ( 3 ) فلما ملوها عقروها فقال لهم تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ( 4 ) قال عبدالعزيز وحدثني رجل آخر أن صالحا قال لهم إن آية العذاب أن تصبحوا غدا حمرا واليوم الثاني صفرا واليوم الثالث سودا فصبحهم العذاب فلما رأوا ذلك تحنطوا واستعدوا
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن أبي بكر بن عبدالله عن شهر بن حوشب عن عمرو بن خارجة قال قلنا له حدثنا حديث ثمود قال أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ثمود كانت ثمود قوم صالح عمرهم الله عز و جل في الدنيا فأطال أعمارهم حتى يجعل أحدهم يبني المسكن من المدر فيتهدم والرجل منهم حي فلما رأوا ذلك اتخذوا من الجبال بيوتا فرهين فنحتوها وجابوها وجوفوها وكانوا في سعة من معايشهم فقالوا يا صالح ادع لنا ربك يخرج لنا آية نعلم أنك رسول الله فدعا صالح ربه فأخرج لهم الناقة فكان شربها يوما وشربهم يوما معلوما فإذا كان يوم شربها خلوا عنها وعن الماء وحلبوها لبنا وملأوا كل إناء ووعاء وسقاء فإذا كان يوم شربهم صرفوها عن الماء ولم تشرب منه شيئا فملأوا كل إناء ووعاء وسقاء فأوحى الله عز و جل إلى صالح أن قومك سيعقرون ناقتك فقال لهم فقالوا ما كنا لنفعل قال إلا تعقروها أنتم أوشك أن يولد فيكم مولود يعقرها قالوا ما علامة ذلك المولود فوالله لا نجده إلا قتلناه قال فإنه غلام أشقر أزرق أصهب أحمر قال فكان في المدينة شيخان عزيزان منيعان لأحدهما ابن يرغب له عن المناكح وللآخر ابنة لا يجد لها كفئا فجمع بينهما مجلس فقال أحدهما لصاحبه ما يمنعك أن تزوج ابنك قال لا أجد له كفئا قال فإن ابنتي كفء له وأنا أزوجك فزوجه فولد منهما ذلك المولود
وكان في المدينة ثمانية رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون فلما قال لهم صالح إنما يعقرها مولود فيكم اختاروا ثماني نسوة قوابل من القرية وجعلوا معهن شرطا كانوا يطوفون في القرية فإذا وجدوا المرأة تمخض نظروا ما ولدها فإن كان غلاما قتلنه وإن كانت جارية أعرضن عنها فلما وجدوا ذلك المولود صرخ
(1/139)
________________________________________
النسوة وقلن هذا الذي يريد رسول الله صالح فأراد الشرط أن يأخذوها فحال جداه بينه وبينهم وقالوا إن أراد صالح هذا قتلناه وكان شر مولود وكان يشب في اليوم شباب غيره في الجمعة ويشب في الجمعة شباب غيره في الشهر ويشب في الشهر شباب غيره في السنة فاجتمع الثمانية الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون وفيهم الشيخان فقالوا استعمل علينا هذا الغلام لمنزلته وشرف جديه فصاروا تسعة وكان صالح عليه السلام لا ينام معهم في القرية بل كان في مسجد يقال له مسجد صالح فيه يبيت بالليل فإذا أصبح أتاهم فوعظهم وذكرهم فإذا أمسى خرج إلى مسجده فبات فيه
قال حجاج قال ابن جريج لما قال لهم صالح عليه السلام إنه سيولد غلام يكون هلاكهم على يديه قالوا فكيف تأمرنا قال آمركم بقتلهم فقتلوهم إلا واحدا قال فلما بلغ ذلك المولود قالوا لو كنا لم نقتل أولادنا لكان لكل واحد منا مثل هذا هذا عمل صالح فأنمروا بينهم بقتله وقالوا نخرج مسافرين والناس يروننا علانية ثم نرجع من ليلة كذا وكذا فنرصده عند مصلاه فنقتله فلا يحسب الناس إلا أنا مسافرون كما نحن فأقبلوا حتى دخلوا تحت صخرة يرصدونه فأنزل الله عز و جل عليهم الصخرة فرضختهم فأصبحوا رضخا فانطلق رجال ممن قد اطلع على ذلك منهم فإذا هم رضخ فرجعوا يصيحون في القرية أي عباد الله أما رضي صالح أن أمرهم أن يقتلوا أولادهم حتى قتلهم فاجتمع أهل القرية على عقر الناقة أجمعون فأحجموا عنها إلا ذلك ابن العاشر
قال أبو جعفر ثم رجع الحديث إلى حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم قال فأرادوا أن يمكروا بصالح فمشوا حتى أتوا على سرب على طريق صالح فاختبأ فيه ثمانية وقالوا إذا خرج علينا قتلناه وأتينا أهله فبيتناهم فأمر الله عز و جل الأرض فاستوت عليهم قال فاجتمعوا ومشوا إلى الناقة وهي على حوضها قائمة فقال الشقي لأحدهم ائتها فاعقرها فأتاها فتعاظمه ذلك فأضرب عن ذلك فبعث آخر فأعظم ذلك فجعل لا يبعث أحدا إلا تعاظمه أمرها حتى مشى إليها وتطاول فضرب عرقوبيها فوقعت تركض فأتى رجل منهم صالحا فقال أدرك الناقة فقد عقرت فأقبل فخرجوا يتلقونه ويعتذرون إليه يا نبي الله إنما عقرها فلان إنه لا ذنب لنا قال انظروا هل تدركون فصيلها فإن أدركتموه فعسى الله أن يرفع عنكم العذاب فخرجوا يطلبونه فلما رأى الفصيل أمه تضطرب أتى جبلا يقال له القارة قصيرا فصعده وذهبوا ليأخذوه فأوحى الله عز و جل إلى الجبل فطال في السماء حتى ما تناله الطير قال ودخل صالح القرية فلما رآه الفصيل بكى حتى سالت دموعه ثم استقبل صالحا فرغا رغوة ثم رغا أخرى ثم رغا أخرى فقال صالح لكل رغوة أجل يوم تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب إلا أن آية العذاب أن اليوم الأول تصبح وجوهكم مصفرة واليوم الثاني محمرة واليوم الثالث مسودة فلما أصبحوا إذا وجوههم كأنما طليت بالخلوق صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم ألا قد مضى يوم من الأجل وحضركم العذاب فلما أصبحوا اليوم الثاني إذا وجوههم محمرة كأنما خضبت بالدماء فصاحوا وضجوا وبكوا وعرفوا أنه العذاب فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم ألا قد مضى يومان من الأجل وحضركم العذاب فلما أصبحوا اليوم الثالث فإذا وجوههم مسودة كأنما طليت بالقار فصاحوا جميعا ألا قد حضركم العذاب فتكفنوا وتحنطوا وكان حنوطهم الصبر والمقر وكانت أكفانهم الأنطاع ثم ألقوا أنفسهم إلى الأرض فجعلوا يقلبون أبصارهم إلى السماء مرة وإلى الأرض مرة لا يدرون من حيث يأتيهم العذاب من فوقهم من السماء أو من تحت أرجلهم من
(1/140)
________________________________________
الأرض خشعا وفرقا فلما أصبحوا اليوم الرابع أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شيء له صوت في الأرض فتقطعت قلوبهم في صدورهم فأصبحوا في ديارهم جاثمين
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثنا حجاج عن ابن جريج قال حدثت أنه لما أخذتهم الصيحة أهلك الله من بين المشارق والمغارب منهم إلا رجلا واحدا كان في حرم الله منعه حرم الله من عذاب الله قيل ومن هو يا رسول الله قال أبو رغال وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم حين أتى على قرية ثمود لأصحابه لا يدخلن أحد منكم القرية ولا تشربوا من مائهم وأراهم مرتقى الفصيل حين ارتقى في القارة
قال ابن جريج وأخبرني موسى بن عقبة عن عبدالله بن دينار عن ابن عمران أن النبي صلى الله عليه و سلم حين أتى على قرية ثمود قال لا تدخلن على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم ما أصابهم
قال ابن جريج قال جابر بن عبدالله إن النبي صلى الله عليه و سلم لما أتى على الحجر حمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فلا تسألوا رسولكم الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا رسولهم الآية فبعث الله لهم الناقة فكانت ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم وردها
حدثني إسماعيل بن المتوكل الأشجعي قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا عبدالله بن واقد عن عبدالله بن عثمان بن خثيم قال حدثنا أبو الطفيل قال لما غزا رسول الله صلى الله عليه و سلم غزاة تبوك نزل الحجر فقال أيها الناس لا تسألوا نبيكم الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث لهم آية فبعث الله تعالى ذكره لهم الناقة آية فكانت تلج عليهم يوم وردها من هذا الفج فتشرب ماءهم ويوم وردهم كانوا يتزودون منه ثم يحلبونها مثل ما كانوا يتزودون من مائهم قبل ذلك لبنا ثم تخرج من ذلك الفج فعتوا عن أمر ربهم وعقروها فوعدهم الله العذاب بعد ثلاثة أيام وكان وعدا من الله غير مكذوب فأهلك الله من كان منهم في مشارق الأرض ومغاربها إلا رجلا واحدا كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله قالوا ومن ذلك الرجل يا رسول الله قال أبو رغال
فأما أهل التوراة فإنهم يزعمون أن لا ذكر لعاد ولا ثمود ولا لهود وصالح في التوراة وأمرهم عند العرب في الشهرة في الجاهلية والإسلام كشهرة إبراهيم وقومه
قال ولولا كراهة إطالة الكتاب بما ليس من جنسه لذكرت من شعر شعراء الجاهلية الذي قيل في عاد وثمود وأمورهم بعض ما قيل ما يعلم به من ظن خلاف ما قلنا في شهرة أمرهم في العرب صحة ذلك
ومن أهل العلم من يزعم أن صالحا عليه السلام توفي بمكة وهو ابن ثمان وخمسين سنة وأنه أقام في قومه عشرين سنة
قال أبو جعفر نرجع الآن إلى
(1/141)
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...61&oe=550ADE81

يأتي في آخر الزمــان قوم: حدثــاء الأسنان، سفهاء الأحــلام، يقولون من خير قــول البــرية ، يقتــلون أهل الإسلام ويدعون أهـل الأوثان، كث اللحيـة (غزيرو اللحيــة)، مقصرين الثيــاب، محلقيــن الرؤوس، يحسنون القــيل ويسيئون الفعــل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا مــنه في شيء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يحملون هذه الصفات:
يقرأون القرآن لا يتجـاوز حنــاجرهم، يمــرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّــة، فأينما لقيـتموهم فاقتــلوهم، فإن قتــلهم أجر لمن قتــلهم يوم القــيامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: فإن أنـا أدركتهــم لأقتــلنهم قتــل عاد.
مصــادر الحديث:
===========
صحيح بخارى - صحيح مسلم-مسند احمد بن حنبل - السنن الكبرى للنسائى- السنن الكبرى للبيهقى - الجمع بيين الصحيحين بخارى ومسلم - كتاب الأحكام الشرعية الكبرى - سنن أبى داود
التعديل الأخير تم بواسطة بنالعياط ; 27-09-2012 الساعة 03:32 PM
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 04:45 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى