العرب والعربية في عصر الثورة الحاسوبية كتاب ييسر معرفة أسرار التكنولوجيا
21-09-2008, 11:49 AM
العرب والعربية في عصر الثورة الحاسوبية كتاب ييسر معرفة أسرار التكنولوجيا
كتاب العرب والعربية في عصر الثورة الحاسوبية يكشف بعين المستخدم للتكنولوجيا الواقع الثقافي الذي يغلف واقعنا العربي المعلوماتي وحضوره التقني واللغوي على شبكة الإنترنت ويلقي المؤلف في كتابة الذي هو عبارة عن سلسلة المقالات التي نشرتها له مجلة pc الشهيرة في نسختها العربية الكثير من الأسئلة يجيب على بعض منها ، ويترك أهمها للنقاش الجمعي. ويحاول والمهندس السوري فداء الجندي الخروج من جفاف الكتابة عن التكنولوجيا وتطعيمها بمكسبات ثقافية أدبية لمناقشة العديد من القضايا المعلوماتية والبرمجية العربية فيجسد المؤلف مأساة المستخدمين العرب للإنترنت بل والتواجد العربي عموماً على الإنترنت حيث يقول تحت عنوان " مأساة العربية على الشبكة العالمية " " إن حاجة المستخدمين العرب للتواصل عبر الشبكة العالمية ، بواسطة البريد الإلكتروني والمنتديات وغرف الدردشة ، هذه الحاجة قد نتج عنها ابن عاق ، بل فوق عقوقه ممسوخ مشوه " .
ويقترب أكثر إلى من الداء حيث يؤكد أن اللغة الهجينية التي تستخدمها شريحة كبيرة من أبناء الضاد عند التواصل عبر الشبكة تختلط فيها اللهجات العامية بالفصحى ، والإنجليزية ، بالفرنسية ، بالسنسكريتية ، بل إن البعض وللأسف يكتب العربية سواء الفصحى أو العامية ، بحروف لاتينية ، وتدعي أن ذلك أسها عليه من الكتابة بالحروف العربية. وبعد أن شخص فداء أسباب القصور والضعف في استخدام العربية على الإنترنت يجتهد عبر عدة مستويات في تقديم الحلول ، المستوى الأول وهو المستوى الحكومي ، مستوى النخبة المثقفة ، المستوى الشعبي ، ويؤكد المؤلف أن هذه المستويات الثلاث تقع على عاتقها معا مسئولية النهوض بلغة الضاد ، إن لم يكن بشون الأمة كلها ، ثم يطالب فداء كل شريحة من الشرائح الثلاث بعدة متطلبات للارتقاء بمستوى اللغة العربية .
وفي الكتاب ذي الأبواب الست والملفت للانتباه بتشكيلة من العناوين الغربية التي قد تكون مدبرة عن قصة أو نادرة من التاريخ القديم مثل (يا أبا عمير ما فعل النفير) أو (لا تقطعوا رأس العروس) أو (الشبكة العالمية قرية بلا مختار) أو (أبو محجن الشبكي) وخلافه ، يناقش العديد أوجه لقصور العربي من اتصل منه بجانب لغوى أو جانب تقني .
وينتقل فداء بين أوجه التكنولوجيا الحاسبية المختلفة يلحظ فيه ضعف أو قصور يحاول أن يجتهد في التشخيص أو بيان العلاج ، وتحت عنوان البرمجيات العربية في سن المراهقة يؤكد فداء أن البرمجيات العربية بها أوجه قصور بتركيزها على بعض الجوانب وإغفال جوانب أخرى كثيرة حيث يقول " إذا حذفنا من مكتبة البرامج العربية برامج الأطفال التعليمية ، والترفيهية ، والبرامج التراثية ، كالقران الكريم والحديث الشريف ، وغيرها فماذا سيبقى منها؟ " يجيب فداء " أقل من الربع " ويشير إلى أن أبرز أوجه المجالات التي تعاني من غياب البرمجة العربية لها هي " البرامج العلمية ، والبرامج الطبية ، والموسوعات الشاملة " مشيراً في الوقت نفسه إلى أن صناعة البرمجيات العربية تعاني من أزمة خفية خطيرة وهي ازدياد وعي المستخدم العربي الذي كان متعطشاً لأي برنامج يجعل حاسوبه يتكلم " بالعربي " ويطالب فداء أن هناك ثورة أساسية لا تحتمل الانتظار هي ثورة البحث والترجمة لمشاركة العالم الآخر الذي يسبقنا، وحتى لا تصبح اللغة العربية مشاعاً تخترقها مصطلحات اللغات الأخرى وهي التي صمدت لأكثر من خمسة عشر قرناً. مع التذكير بأن كل الجهود التي بذلت حتى الآن والطفرات المهمة التي حدثت في صناعة البرمجيات العربية، وجعلت ذلك الجهاز يتحدث بلساننا، كانت من خلال الشركات الأجنبية مثل مايكروسوفت لأسباب تجارية طبعاً وليس لسواد عيوننا، كإصدارها (Windows95) مثلاً ثم قرارها المهم عام 1996 بنقل اللغة العربية إلى المجموعة الثانية من اللغات من حيث أولوية الترجمة إليها، ما أعطاها المرتبة ذاتها التي تتمتع بها اللغات الأجنبية المعروفة.
ويختتم فداء كتابة بمجموعة من الوصايا بأن فالثقافة الحاسوبية التي نأمل أن تدخل حياتنا كرافد أساسي من روافد الحياة العصرية تتطلب منا، كحكومات ومجتمعات، جملة من الثورات المرادفة والضرورية، منها ما يتعلق بالتعليم في المدارس بعيداً عن ذلك الذي تكرس عبر العقود الطويلة، ومنها ما يتعلق بسياسة زرع المواقع العلمية والتاريخية والفنية على شبكة الإنترنت. ومنها ما يدفع المستثمرين العرب إلى ولوج ميادين صناعة الرقائق الإلكترونية، باعتبارها استراتيجية مثل القمح والماء. ويحذ المؤلف قبل أن تختتم كتابة من أن يكتفي العرب بهذا القادم إليهم فقط، إذاً فهذه الثقافة التي ستصبح جزءاً منا، إن على المستوى الحكومي أو النخبوي أو حتى الشعبي، شئنا أم أبينا، هي ما يجب الاستعداد له واحتضانه والتفاعل معه، بل وتكريسه بحب وسعادة، وثقة كذلك، بأن العامل الوحيد لاستمرار نبض الحياة فينا.


والعربية في عصر الثورة الحاسوبية
أبو محجن ((الشبكي))
أبو محجن الثقفي شاعر وفارس عربي مسلم مغوار من بني ثقيف، له في كتب التاريخ قصة مشهورة، وهي أنه كان واحداً من أفراد جيش القادسية بقيادة سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، غير أنه كان مغرماً بالخمر، وأقيم الحد عليه مرات عديدة قيل: إنها سبع، حتى ضاق به سيدنا سعد ذرعاً وأمر بحبسه. فلما نشبت معركة القادسية، وسمع هيعة الحرب وصلصلة السلاح وهو في السجن، ندم على ما فرط، وشعر بضيق شديد لأن الواجب دعاه فلم يتمكن من تلبيته، فقال أبياتاً من الشعر يتحسر فيها على حاله، ويعبر عن أسفه الشديد، لأنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً في هذه المعركة الفاصلة، ومن هذه الأبيات:
وأُتْرَكَ مشدوداً عليَّ وِثَاقياكفى حَزَناً أن تلتقي الْخَيْلُ بالقناولا سامعٌ صوتي ولا من يَرَانيايُقَطِّع قلبي حسرةً أن أرى الوغىفلا أُنجدَ الإسلام حينَ دعانياوأن أشهدَ الإسلام يدعو مُغَوِّثاًإلى أن يلتفت إلى زوجة القائد سعد ويناشدها أن تطلق سراحه ليشهد المعركة معلناً توبته:
فسيفيَ أضحى وَيْحَهُ اليومَ صادياسُلَيْمى دعيني أروِ سيفي من العداتُفَرِّجُ من همّي وتشفي فؤاديادعيني أَجُلْ في ساحةِ الحربِ جَوْلَةًلئن فُرِّجت أَنْ لا أزورَ الحوانياوللهِ عهدٌ لا أَخيسُ بعهدهفأطلقت سلمى سراحه، وانضم إلى إخوانه المجاهدين، وأبلى أحسن البلاء وهو ملثم، لكي لا يعرفه سعد فيعيده إلى السجن، حتى إن بعض أفراد الجيش ظنوه مَلَكاً أرسله الله غوثاً وعوناً لشدة بلائه واستبساله، وعندما عرف سعد قصته بعد المعركة، أطلق سراحه مكافأة له، وأعلن أبو محجن توبته ليعود إلى الجيش جندياً صالحاً باسلاً.
أما أبو محجن ((الشبكي))، فهو يمثل شريحة من آلاف الشباب العرب والمسلمين، كانوا يدخلون إلى الشبكة العالمية، فيمضون أوقاتهم في منتديات الحوار، في دردشات لا طائل من ورائها إلا إضاعة الوقت والمال، ويزورون من المواقع ما لا ينبغي أن يزوروه، حتى إذا سمعوا هيعة الانتفاضة، وشاهدوا دماء شقيقهم محمد الدرة وأقرانه تسيل كل يوم على أرض فلسطين المقدسة، تحرك من نخوتهم وشهامتهم ورغبتهم في الدفاع عن شرف الأمة ومقدساتها، مثل ما تحرك في نفس أبي محجن الثقفي عندما كان سجيناً، فأداروا ظهورهم لمواقع اللهو والدردشة الفارغة، كما أدار سلفهم الثقفي ظهره للخمر وللهو، وانضموا إلى إخوانهم الذين لا يستخدمون الشبكة إلا فيما يفيد، وشكلوا معهم جيشاً إلكترونياً عرمرماً، أذاق المواقع الصهيونية الأمرَّين، وإذا بالقصف الإلكتروني يأتيها من حيث تدري ولا تدري، فأصيب العديد منها بالشلل. ومنها على سبيل المثال مواقع مكتب رئيس الوزراء الصهيوني والكنيست ووزارة الخارجية ووزارة المالية وغيرها، حتى إن بعض الصحف نقلت نداءات يائسة من الصهاينة، ومنهم عضو الكنيست ((ميخائيل إيتان)) تطلب وقف إطلاق النار الإلكتروني، ولكن هيهات...
لقد أوردت صحيفة ((فايننشال تايمز)) اللندنية خبراً عن هذا الموضوع أنقل بعضاً منه بنصه كما ورد مترجماً في صحيفة الخليج الإماراتية في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر)2000:
((مثلما تمكنت الانتفاضة وتظاهرتها العظيمة من تحدي آلة الجيش الإسرائيلي (يقصدون الصهيوني) المدجج بأحدث أنواع الأسلحة بالحجر، فإن المهاجمين العرب يرغبون في تحدي إسرائيل المتطورة تقنياً، بالشيفرة الإلكترونية والفيروس، وفي نقاش جرى على أحد المواقع العربية، وصف المناقشون العرب هذا الأسلوب في شل المواقع العدوة النشطة، ومهاجمة الأجهزة والشبكات العدوة، في عقر دارها، وقال أحد هؤلاء العرب: (إنها فكرة جيدة فإن ذلك سيؤدي إلى التأثير على الاقتصاد الصهيوني)، وقبل أن يلتهب نقاش الموقع العربي، قال أحد المشاركين العرب في النقاش مفسراً دوافعه وراء هذه الأفعال: (إننا جميعاً نشعر بالحزن والغضب، ولكنا لا نستطيع الذهاب إلى الحرب مع أشقائنا هناك في فلسطين، فلماذا لا نستخدم براعتنا للهجوم على هؤلاء الأوغاد بأدمغتنا))).
هذا ما نقلته صحيفة الفايننشال تايمز، وهو خبر يتحدث عن جانب واحد من جوانب الاستنفار الإلكتروني الذي تشهده ساحاتنا الشبكية، ولهذا الاستنفار جوانب أخرى عديدة، منها تبادل الصور والأخبار عبر الشبكة ومن ثم تعميمها على أكبر قدر ممكن من المواقع العالمية، وذلك ليعلم العالم مدى بشاعة الجرائم الصهيونية، ومنها تعميم الرسائل الإلكترونية بين أبناء العرب والمسلمين للدعوة إلى مقاطعة البضائع الصهيونية والأمريكية، ولفضح الشركات والمؤسسات التي تمارس التطبيع مع العدو الصهيوني، ومنها إرسال الرسائل الإلكترونية إلى منظمة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وإلى البيت الأبيض، حيث تم جمع الآلاف من التواقيع الإلكترونية على رسائل تفضح الممارسات الصهيونية، ومنها ما قام به العديد من الأشخاص والمؤسسات والهيئات والجمعيات والجامعات، حين أنشؤوا العديد من المواقع الجديدة على الشبكة العالمية، يشرحون فيها للعالم عدالة القضية الفلسطينية، وبطلان المزاعم الصهيونية، وبشاعة الجرائم التي يرتكبها الصهاينة بحق شعبنا الفلسطيني وبحق الإنسانية، ومنها الدخول إلى منتديات الحوار المشهورة التي يعيث فيها الصهاينة فساداً وينشرون أباطيلهم المسمومة، ثم فضح زيف ادعاءاتهم وأكاذيبهم المكشوفة، إلى غير ذلك من مظاهر الحرب الضارية التي تدور رحاها عبر الشبكة العالمية، ويحقق فيها أبناؤنا كل يوم نصراً جديداً.
إن المتأمل في هذه الحرب الإلكترونية يخرج منها بدلالات وعبر ونتائج عديدة، أهمها أمران اثنان واضحان لكل ذي بصيرة، الأول أن الأمة بخير، وأن الانتفاضة قد بثت في روح شبابها نبضات من روح الشعور بالمسؤولية والتمسك بالحق، وهكذا أمتنا دائماً توحدها الأزمات ويستصرخها نداء المقدسات، والأمر الثاني هو أن ما يحدث الآن في أنحاء الشبكة العالمية، لهو دليل آخر على ما نادينا به مراراً وتكراراً على هذه الصفحات، من أن محو الأمية الحاسوبية والشبكية لم يعد أمراً كمالياً، بل هو قضية وجود لا غنى لأمتنا عنها.
* * *
مكائد الصهيونية على الشبكة العالمية
لم أجد مناصاً من العودة إلى قصة الفتى النابغة زيد بن ثابت، رضي الله عنه، والتي افتتحت بها مقالة ((شبهات وردود)) (2)، أعود إليها للاستشهاد بها في قصة لا علاقة لها باللغة العربية هذه المرة، بل برسالة حملها لي البريد الإلكتروني تشتكي من مكر الصهاينة وعنصريتهم، وكذبهم وخداعهم، ومحاولاتهم المستميتة لقلب الحق باطلاً والباطل حقاً.
لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للفتى زيد: ((تعلَّم لغةَ يهود، فإني لا آمنهم على كتابي)).
فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمن اليهود على رقعة مكتوبة وعهد موثوق، فاتخذ لذلك الإجراءات اللازمة للمراقبة والحماية، وأمر واحداً من أصحابه أن يتعلم لغتهم وأن يراجع كتبهم ورسائلهم خوفاً من التزوير والتحريف، فماذا فعلنا نحن اليوم، والشبكة العالمية مفتوحة على مصراعيها، يعيث فيها الصهاينة فساداً، وينشرون أكاذبيهم وأراجيفهم ليل نهار
والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، منها ما حصل معي عندما صادفت أثناء تصفحي لبعض المواقع على الشبكة العالمية، صفحة حسنة الإخراج، بديعة الألوان، مدعمة بالصور والخرائط والرسوم، تتحدث عن مرتفعات الجولان السورية، فلما قرأت محتوياتها، شعرت بغيظ شديد، لأنها تتحدث عن الغزو السوري لإسرائيل، عام 1948 (حين لم يكن هناك إسرائيل)، وكيف تمكن الجيش الصهيوني من صد الغزاة واسترداد البلاد منهم!!، ولكن الجولان بقي بيد الأعداء!!! وكان من نتيجة ذلك سقوط مائة وأربعين قتيلاً يهودياً من بين عامي 1948 و1967 (أما آلاف الأرواح العربية التي كانت تسفك باستمرار فلا حساب لها)، غير أن الجيش ((الإسرائيلي)) تمكن، كما تزعم هذه الصفحة، من تحرير (!!!) الجولان عام 1967، واستطاع سكان ما يسمونه شمال ((إسرائيل)) أن يناموا آمنين لأول مرة منذ عشرين عاماً؛ (أما سكان المخيمات الفلسطينية وعمال مصنع أبي زعبل وأطفال مدرسة بحر البقر فلا قيمة لأمنهم وأرواحهم).
لست مضطراً لتفنيد هذه الأكاذيب لقرائنا الكرام، فهي مكشوفة لهم، ولكن الذي يهمنا هو ما ينبغي علينا أن نفعله في مواجهة أمثال هذه المواقع.
إن الجواب الطبيعي على هذا السؤال هو أن تقوم المؤسسات والهيئات، بل والأفراد العرب أيضاً، بإنشاء مواقع مضادة، يضعون فيها الحقائق المتعلقة بصراعنا مع العدو الصهيوني، ويشرحون فيها قضيتنا العادلة، داعمين ذلك بالوثائق والدلائل والبراهين، وما أكثرها، ولقد قامت جهات عديدة بإنشاء مثل هذه المواقع، وبذلت في ذلك جهوداً كبيرة ومخلصة، غير أن المواقع العربية في هذا الخصوص تشكو من أمرين اثنين:
الأول: أنها لا تضارع المواقع الصهيونية من حيث الكم والكيف، وخاصة تلك التي بلغات أجنبية، ولقد قمت بتجربة بسيطة، فأدخلت كلمة فلسطين (باللغة الإنكليزية) في أحد محركات البحث الشهيرة، فكانت نتيجة البحث وجود أكثر من مائتي ألف وثيقة أو صفحة على الشبكة العالمية تحوي هذه الكلمة، ولكنني عندما أدخلت كلمة ((إسرائيل))، أشار محرك البحث إلى وجود حوالي مليونين ونصف المليون من الوثائق أو الصفحات التي تحوي اسم الدولة الصهيونية، ولا تحتاج هذه الأرقام إلى تعليق!
أما الأمر الثاني: الذي تعاني منه المواقع العربية، فهو الحرب الشعواء التي تشنها عليها الصهيونية العالمية، مسلحة بنفوذها وسطوتها على العالم الغربي، وبتفوقها التقني علينا، والرسالة التي أشرت لها في أول الكلام، تحكي قصة من قصص هذه الحرب، وهي قصة مجموعة من الشباب العرب، قاموا بإنشاء موقع على الشبكة العالمية، يحكي بالصور والوثائق، التاريخ الدموي للصهاينة على أرضنا العربية، ويركز على وضع صور حقيقية للمجازر التي ارتكبت في حق شعبنا، مثل دير ياسين وصبرا وشاتيلا وقانا، ونظراً لضعف إمكاناتهم المادية، قاموا بوضع موقعهم على أحد المزودات المجانية، فاستقطب الموقع عدداً كبيراً من الزوار، لأن الصور الحقيقية التي كان يحتوي عليها الموقع أبلغ أثراً من أي كلام يقال، فما كان من يد الصهيونية العالمية إلا أن امتدت لتؤثر على الشركة المالكة للمزود المجاني، وتدفعها إلى إزالة الموقع من مزودها، فراح أولئك الشباب العرب، ينتقلون من مزود مجاني إلى آخر، والأيدي الخفية تلاحقهم، إلى أن تمكنوا أخيراً من وضع موقعهم على مزود مدفوع الأجر، وحجزوا اسم نطاق عالمي خاص بهم، وأضافوا إلى موقعهم تقارير عدد من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، تكشف الانتهاكات الصهيونية لحقوق الإنسان في فلسطين ولبنان، ودراسة مقارنة للأصول التلمودية للحركة الصهيونية، فراح الموقع يستقطب الزوار بعشرات الآلاف، وذلك لما يحويه من حقائق تاريخية موثقة، ودراسات موضوعية، باللغتين العربية والإنكليزية، إلى أن فوجئ الشباب القائمون على الموقع، برسالة من الشركة المالكة للمزود الذي حجزوا عليه مساحة موقعهم واسمه، تقول بأنها قد قررت وقف الاسم وحذف محتويات الموقع، لأن فيه حسب زعمها مواد تحض على الكراهية وتروج لأفكار نازية!!!!
عجباً لديمقراطية الغرب التي تسمح بوجود مواقع للشذوذ الجنسي والإباحية ولكل الحركات العنصرية والضالة، ولا تسمح بوجود مواقع للشعوب المظلومة المطالبة بحقوقها، على كل حال فإن هذه المقالة ليست موضعاً لشرح الحقوق العربية وبيان الأكاذيب الصهيونية وتفنيد ما جاء في رسالة الشركة المذكورة من مغالطات، ولكن الذي نريد أن نقوله هو أن الصهاينة تمكنوا من استغلال عنصرية الغرب ونفوذهم عليه، ومن استغلال تفوقهم التقني علينا، فراحوا يعيثون فساداً في عباب الشبكة العالمية، ويحاربون المواقع العربية والإسلامية، ونحن نتفرج عليهم دون أن نتمكن من فعل شيء، وما ذكرناه مثال واحد فقط، فالأمثلة كثيرة.
قد لا نستطيع تغيير العقلية الصهيونية العنصرية العدوانية، ولا أن نغير تحز الغرب الأعمى لها، ولكن الذي نستطع أن نفعله هو ما فعله زيد بن ثابت رضي الله عنه، بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي أن نتعلم لغة الصهاينة لنأمن شرهم، ولغة اليوم هي التقنية والمعلوماتية المتقدمة، فالدولة الصهيونية كما رأينا، أضافت إلى قرصنة البلاد والعباد، تفوقها في القرصنة الحاسوبية وبرامج الشبكات، وفي كل ما يتعلق بتقنيات الشبكة العالمية، فهي بؤرة للقرصنة المعلوماتية، وموطن لإنتاج الفيروسات وبرامج اختراق الشبكات، وما لم ندرك أنفسنا قبل فوات الأوان، وتصبح لنا تقنياتنا وبرامجنا لخاصة التي تحمي شبكاتنا، ومزوداتنا الخاصة التي تستضيف مواقعنا، وقدراتنا التقنية الذاتية التي نضارع بها قدرات أعدائنا، فسنبقى أمة منعزلة عن الشبكة العالمية، ولن نستطيع إيصال صوتنا للعالم، بينما يرتع أعداؤنا فيها ويحاولون السيطرة عليها، بل إننا لا نأمن أن يكون خلف شاشة كل حاسوب من حواسبينا، صهيوني يحصي علينا أنفاسنا.
www.elkawader-dz.com