تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > منتدى الدعوة والدعاة

> (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن...)لابن باديس-رحمه الله-.

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
أبو عبد الرحمن يوسف
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 13-12-2007
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 1,991
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • أبو عبد الرحمن يوسف is on a distinguished road
أبو عبد الرحمن يوسف
شروقي
(وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن...)لابن باديس-رحمه الله-.
17-06-2009, 11:52 AM
منقول
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه.
أما بعد فهذا كلام نادر (!) لإمام مصلح ، وداعية سلفي ، ظهر في حقبة حرجة من مراحل الأمة الجزائرية المسلمة ، ألا و هي حقبة الاستدمار الفرنسي الغاشم،ذكر فيه كلاما نفيسا ، يجدر بأي شخص مسلم أن يقف عنده ، ويتدبّره ، و هذا منقول من كتابه التفسير الموسوم ب:مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير، و قد ولد هذا الإمام سنة :1889وتوفي سنة :1940.فرحمه الله رحمة واسعة .
ودونكم مقاله :
قال رحمه الله:
(وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن)(الإسراء:53.).
اللسان أداة البيان ، وترجمان القلب والوجدان ، و الكلام به يتعارف الناس و يتقاربون ، وبه يتحاجون ويتفاصلون ، ولولاه لما ظهرت ثمرات العقول والمدارك ، ولما تلاحقت الأفكار والمشاعر ، و لما تزايدت العلوم و المعارف، و لما ترقى الإنسان في درجات أنواع الكمالات ، و لما امتاز على بقية الحيوانات.
فهو رابطة أفراد النوع الإنساني وعشائره وأممه ، و بريد عقله و واسطة تفاهمه.
فإذا حسن قويت روابط الألفة ، وتمكّنت أسباب المحبة ، وامتد رواق السلام بين الأفراد و العشائر و الأمم ، وتقاربت العقول والقلوب بالتفاهم ، وتشابكت الأيدي على التعاون والتوازر، و جنى العَالَمُ من وراء ذلك تقرر الأمن واطرد العمران.
وإذا قبح كان الحال على ضدّ ذلك.
فالكلام السيئ قاطع لأواصر الأخوة ، باعث على البغضاء و النفرة، يبعد بين العقول فتحرم الاسترشاد والاستمداد و التعاون، وبين القلوب فتفقد عواطف المحبة وحنان الرحمة ، و هما أشرف ما تتحلى به القلوب، وإذا بطلت الرحمة و المحبة بطلت الألفة و التعاون ، و حلت القساوة و العداوة، وتبعهما التخاصم والتقاتل ، ومن ذلك كلّ الشرّ لأبناء البشر.
فالمحصل للناس سعادتهم وسلامتهم ، والمبعد لهم عن شقاوتهم وهلاكهم هو القول الحسن ، ولهذا أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يرشد العباد إلى قول التي أحسن فقال تعالى :(و قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن).
والعباد المأمورون هنا هم المؤمنون ، لوجهين :
الأول : أنهم أضيفوا إليه ، و هذه إضافة شرف لا تكون إلا للمؤمنين به.
الثاني : أن الذين يخاطبون بهذا الإرشاد و يكون منهم الامتثال إنما هم من حصلوا على أصل الإيمان.
والتي هي أحسن : هي الكلمة الطيبة ، والمقالة التي هي أحسن من غيرها ، فيعم ذلك ما يكون من الكلام في التخاطب العادي بين الناس حتى ينادي بعضهم بعضا بأحبّ الأسماء إليه ، و ما يكون من البيان العلمي فيختار أسهل العبارات وأقربها للفهم ، حتى لا يحدث الناس بما لا يفهمون فيكون عليهم حديثه فتنة وبلاء ، وما يكون من الكلام في مقام التنازع والخصام فيقتصر على ما يوصله إلى حقه في حدود الموضع المتنازع فيه ، دون إذاية لخصمه ، و لا تعرض لشأن من شؤونه الخاصة به ، و ما يكون من باب إقامة الحجة و عرض الأدلّة ، فيسوقها بأجلى عبارة و أوقعها في النفس ، خالية من السّبّ و القدح ، ومن الغمز و التعريض ، و من أدنى تلميح إلى شيئ قبيح.
و هذا يطالب به المؤمنون سواء كان ذلك فيما بينهم أو بينهم وبين غيرهم.
وقد جاء في (الصحيح)أنّ رهطا من اليهود دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلّم فقالوا :السام عليكم ن ففهمتها عائشة -رضي الله عنها -، فقالت: وعليكم السام واللعنة ...فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهلا يا عائشة ! إن الله يحب الرفق في الأمر كلّه...).فقالت : ألم تسمع ما قالوا ؟ فقال : (قد قلت : وعليكم.).
فكان الرد عليهم بمثل قولهم بأسلوب العطف على كلامهم و هو قوله :(وعليكم) أحسن من الرد عليهم باللعنة .فقال صلى الله عليه وسلم القولة التي هي أحسن، و هذا هو أدب الإسلام للمسلمين من جميع الناس.
و أفاد قوله تعالى : (أحسن) بصيغة اسم التفضيل ، أن علينا أن نتخير في العبارات الحسنة فننتقي أحسنها في جميع ما تقدم من أنواع مواقع الكلام .
فحاصل هذا التأديب الرباني هو اجتناب الكلام السيئ جملة ، والاقتصار على الحسن ، وانتقاء واختيار الأحسن من بين ذلك الحسن.
و هذا يستلزم استعمال العقل والروية عند كلّ كلمة تقال ولو كلمة واحدة، فربّ كلمة واحدة أوقدت حربا ، وأهلكت شعبا ، أو شعوبا ، و ربّ كلمة واحدة أنزلت أمنا ، وأنقذت أمة أو أمما.
وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم مكانة الكلمة الواحدة من الأثر في قوله :(الكلمة الطيبة صدقة..)البخاري، (واتقوا النار و لو بكلمة طيّبة)البخاري.
و هذا الأدب الإسلامي -وهو التروي عند القول ، واجتناب السيئ، واختيار الأحسن-ضروري لسعادة العباد و هنائهم.
و ما كثرت الخلافات ، وتشعبت الخصومات ، وتنافرت المشارب ، و تباعدت المذاهب ، حتى صار المسلم عدوّ المسلم ،والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(المسلم أخو المسلم)البخاري ومسلم، إلا بتركهم هذا الأدب ، وتركهم للتروّي عند القول ،و التعمّد للسيئ بل للأسوء في بعض الأحيان.
(إن الشيطان ينزغ بينهم إنّ الشيطان كان للإنسان عدوّاً مبينا).
نزغ الشيطان : وسوسته ليهيج الشر والفساد.
و عداوته باعتقاده البغض ، وسعيه في جلب الشر والضر.
وإبانته لعداوته بإعلانه لها كما علمنا القرآن.
وهو يلقي للإنسان كلمة الشر والسوء، و يهيج غضبه ليقوله ، ويهيج السامع ليقول مثلها، وهكذا حتى يشتدّ المراء ، ويقع الشر والفساد.
و لون آخر من نزغه ، وهو أنه يحسن للمرء قول الكلمة التي يكون فيها احتمال سوء ، و يلح عليه في قولها ، ويبالغ في تحسين الوجه السالم منه ، وفي تهوين أمر وجهها القبيح -حتى يقولها ، فإذا قالها أعاد لسامعه بالنزغ يطمس عنه الوجه السالم منها ، ويكبر له الوجه القبيح ، ولا يزال به يثير نخوته ، و يهيج غضبه ، حتى يثور ، فيقع الشر و الفساد بينه و بين صاحبه.
فحذر الله تعالى عباده من كيده حتى يحترسوا منه إذا تكلموا وإذا سمعوا ، فيتباعدون عما فيه احتمال السوء فضلا عن صريحه ، ويحملون الكلام على وجهه الحسن عند احتماله له ، و يتجاوزون عن سيئه الصريح ما أمكن التجاوز.
(ربكم أعلم بكم إن يشأ يُعذبكم و ما أرسلناك عليهم وكيلا).
أقوى الأحوال مظنة لكلمة السوء هي حال المناظرة و المجادلة ، وأقرب ما تكون إلى ذلك إذا كان الجدال في أمر الدين والعقيدة.
فما أكثر ما يضلل بعضٌ بعضا أو يفسقه أو يكفره فيكون ذلك سببا لزيادة شقة الخلاف اتساعا ، وتمسك كلٍّ برأيه و نفوره من قول خصمه ، دع ما يكون عن ذلك من البغض و الشر.
فذكّر الله تعالى عباده بأنه هو العالم ببواطن خلقه و سرائرهم و عواقب أمرهم ، فيرحم من يشاء بحكمته وعدله ، فلا يقطع لأحد أنه من أهل النار لجهل العاقبة ، سواء كان من أهل الكفر ،أو من أهل الفسق ، أو من أهل الابتداع ، كما لا يقطع لأحد بالجنة كذلك ، إلا من جاء نصّ بهم.
فلا يقال للكافر عند دعوته أو مجادلته أنك من أهل النار ،ولكن تذكر الأدلة على بطلان الكفر و سوء عاقبته.
و لا يقال للمبتدع: يا ضال ، وإنما تبين البدعة و قبحها.
ولا يقال لمرتكب الكبيرة : يا فاسق ، ولكن يبين قبح تلك الكبيرة و ضررها و عظم إثمها.
فتقبح الرذائل في نفسها ، وتجتنب أشخاص مرتكبيها ، إذْ رُبَّ شخص هو اليوم من أهل الكفر و الضلال تكون عاقبته إلى الخير والكمال ،و ربّ شخص هو اليوم من أهل الإيمان ينقلب-والعياذ بالله-على عقبه في هاوية الوبال.
و خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم -أنه لم يرسله وكيلا على الخلق ، حفيظا عليهم ، كفيلا بأعمالهم .
فما عليه إلا تبليغ الدعوة ونصرة الحق بالحق ، و الهداية والدلالة إلى دين الله وصراطه المستقيم.
خاطبه بهذا ليؤكد لخلقه ما أمرهم به من قول التي هي أحسن للموافق و المخالف ، فلا يحملنهم بغض الكفر و المعصية على السوء في القول لأهلهما ، فإنما عليهم تبليغ الحق كما بلغه نبيهم صلى الله عليه و سلم ، ولن يكون أحد أحرص منه على تبليغه ، فحسبهم أن يكونوا على سنته وهديه .
أحيانا الله عليهما ، وأماتنا عليهما ، و حشرنا في زمرة أهلهما، آمين.
انتهى كلامه رحمه الله، واسكننا وإياه الفردوس الأعلى.
و الفقيه -الفطين-من تدبر كلماته ، وساس واقعه بها ، فما عليه من خسارة إن عمل بها ، و ما على غيره من خير إن تركها ، فهو بعدها يسوم إخوانه سيئ الكلام ، فعليه أن يقتدي بنبيه صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ، فهو رأس سلفنا الصالح ، وهو صلى الله عليه وسلم قدوتنا المنشودة ، (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا.)الأحزاب-21-.
ونظيره قوله تعالى: { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا [لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ] (6) } [ الأنعام : 115 ] أي: كلماته الشرعية. وهي إما خبر صدق، وإما طلب عدل إن كان أمرًا أو نهيًا، ومن ذلك هذه الآية الكريمة: { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ } أي: قام بهن. قال: { إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } أي: جزاء على ما فَعَل، كما قام بالأوامر وتَرَكَ الزواجر، جعله الله للناس قدوة وإمامًا يقتدى به، ويحتذى حذوه.
هذا ما أردت أن أنفع به إخواني السلفيين عموما ، مما يكون لهم عونا في دنياهم ، وأخراهم.
و فقنا الله للعلم النافع و العمل الصالح ، وللكلمة الطيّبة -خصوصا في هذه الأزمان-، نسأل الله تعالى الثبات .




  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية منتصر أبوفرحة
منتصر أبوفرحة
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-11-2008
  • الدولة : الاردن
  • المشاركات : 3,502
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • منتصر أبوفرحة is on a distinguished road
الصورة الرمزية منتصر أبوفرحة
منتصر أبوفرحة
شروقي
رد: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن...)لابن باديس-رحمه الله-.
17-06-2009, 03:12 PM
رحم الله الشيخ ابن باديس
وبارك الله فيك اخي يوسف على هذا النقل الطيب
منتصر
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك
وفجاءة نقمتك
وجميع سخطك
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 07:19 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى