بوتفليقة يصنع الحدث السياسي في صيف راكد
23-07-2015, 09:04 PM

في أقل من أربع وعشرين ساعة، أجرى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تعديلا جزئيا على الحكومة، طرد بموجبه عمارة بن يونس من فريق سلال الوزاري، بينما أعفى عبد القادر خمري من وزارة الشباب والرياضة، لأسباب تبدو صحية، في حين أعاد عبد القادر قاضي واليًا على تيبازة، بعدما أدمج وزارة الفلاحة بالصيد البحري لفائدة سيد أحمد فروخي.

يأتي هذا التعديل الطفيف بعد شهرين ونصف، عن آخر تغيير حكومي موسع منتصف ماي الماضي، غادر على إثره ثمانية وزراء طاقم الحكومة، أبرزهم وزراء الداخلية والطاقة والمالية والثقافة.

وكان الرئيس، قد أجرى أول أمس الأربعاء، حركة واسعة في سلك الولّاة، تم بموجبها تثبيت 11 واليا على رأس ولاياتهم، فيما تم تعيين 14 ولايا جديدا، والتخلي عن خدمات 8 آخرين، في حين اختار16 اسما جديدا لإدارة شؤون الولايات المنتدبة، والتي قفز تعدادها من 13 ولاية منتدبة إلى 23، موزعة بين العاصمة ومدن الجنوب.

وبالتزامن مع ذلك، جمع رئيس الجمهورية ظهر الأربعاء، مجلس الوزراء، حيث صادق على جملة من الإجراءات، أهمها قانون المالية التكميلي الذي جاء في سياق الظروف الاقتصادية الناجمة عن تراجع أسعار النفط.

وإذا كان التعديل الحكومي المعلن عنه أمس، طفيفا وتقنيا برأي البعض، باستثناء رحيل عمارة بن يونس زعيم الجبهة الشعبية الجزائرية، الذي يطرح أكثر من علامة استفهام في خلفياته السياسية، فإنّ الحركة الواسعة في سلك الولاة، تندرج ضمن تفعيل أداء الجهاز التنفيذي المحلّي، بما يسمح باستكمال مشاريع التنمية المعطلة، والتحكم أكثر في تسيير المال العام، في ظلّ توجه الحكومة لخيار التقشف، بفعل تراجع احتياطات الخزينة العمومية.

وتأتي هذه القرارات الهامة أياما قلائل، بعد تأكيد رئيس الجمهورية في خطابه للأمة عشية عيد الاستقلال، عزمه على استكمال عهدته الانتخابية التي فوّضه إياها الشعب، نافيًا بذلك شائعات واسعة راجت بين الساسة ورجال الإعلام عن ترتيب السلطة لاستخلاف الرئيس المريض، وذلك بناء على مؤشرات حساسة ارتبطت بأحزاب الموالاة.

وفي وقت، هلّلت المعارضة المناوئة للرئيس منذ بداية هذا الصيف، لشغور قصر المرادية، وشدّدت على تشكيل هيئة مستقلة للانتخابات، والمندرجة ضمن المطالب الأساسية لتنسيقية الانتقال الديمقراطي، فإنّ رئيس الجمهورية أراد أن يبرهن بالفعل، لا الأقوال، أنه القادر الوحيد على صناعة المشهد السياسي في البلاد، حتىّ في عز الصيف، حيث السكون وركود مياه الحياة السياسية، إذ تنتظر الأحزاب عادة حلول موسم الدخول الاجتماعي، للاستثمار في الاحتجاجات المطلبية، وتغذية مشاعر الغضب ضد الحكومة.

وإذا كان الرئيس قد استفرد حتى الآن بتحريك أطراف اللعبة، في ظل الانكماش الواضح لحركة المعارضة، وقدرتها على المناورة الميدانية منذ مسيرة الغاز الصخري في 24 فيفري الماضي، فإن مراقبين، يقرؤون في قرارات رئيس الجمهورية، محاولة في بعض أبعادها، للتغطية على تأخير وثيقة الدستور، الذي يمثل حجر الأساس في مشروع الإصلاحات السياسية التي أطلقها ربيع 2011، في سياق الانتفاضات العربية، كما أنها تعكس صعوبة الوضع المالي الذي يواجه البلاد منذ نهاية السنة الفائتة، وهو ما عجّل بتفعيل الإدارة والتسيير العام، عبر سلسلة من التغييرات، مسّت الوزراء والولاة ومديري المؤسسات العمومية.