رسالة في فلسفة الأرادة*بقلم بدر السلام موفق*
03-03-2009, 04:31 AM
قرأت لأحدهم رسالة في التغيير..و ضرورته ..و ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.و كان جوابي له أن أصل التغيير هو الأرادة...كما أن أصل الحياة هو الماء....منه

تنشأ .وبه تعيش..و بتوفره تكون..و بغيابه تضمحل

بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة والسلام على نبيه وآل بيته..فان رسالتي هذه في الأرادة جوابا عن رسالتك في التغيير...

فالله أسال أن تجد منك أذنا صاغية..و نفسا واعية

الأرادة***********

كانت باريس تحتفل بعودة امبراطور ها المظفر...بعدما جرع اوروبا نبيذا فرنسيا خالصا..

.لم تشهد فرنسا في تاريخها احتفالا يشبه هذا...و لا نصرا يوازي ما تحققه امبراطوريتها المجيدة هاتيك الأيام......

اما الفتى الصغير ابن الثالثة عشر فقد اعتلا قوسا برونزيا مشرفا على موقع الحفل...لم يكن ينظر الى امواج البشر المتحدرين بمئات الألاف لمقابلة امبراطورهم المنصور كغيره..على الأقل لم يكن تفكيره يشبه تفكير طفل في الثالثة عشرة...

يمكن القول انه كان تفكير رجل في الثالثة عشر ...

اما الأم المسكينة فلم تكد تصل الى ابنها الضال الا بشق النفس ...فاختراق وسط ميدان باريس في هكذا أحوال قد يستغرق يوما كاملا...

لم يكن انزعاج بلزاك من والدته أساسا لقطعها اتصاله الماورائي بروح نابليون العبقرية...فلقد كانت تحمل اليه خبرا عاصفا أقسا من معارك الأمبراطورية في قلب أوروبا...

لقد تم فصله من المدرسة الكنسية بسبب كتاب الفه .....

الحق أن مشاعر الام في تلك اللحظة كانت مزيجا من الذهول ..بين اعجاب بصغيرها الفذ الذي الف كتابا في هذه السن المبكرة لقي اعتراف الكنيسة نفسها..ولو بشكل معكوس حين نظرت الى أفكاره الهدامة بزعمها....ولم تنظر الى سنه الناعم....

وبين غضب عارم على ابنها..... أمل

الأسرة...وحامل مشعل مستقبلها...والمنوطة به كل الأحلام..لا سيما أن ذكاءه الخارق يجعل كل أحلام المجد الأسري مشروعة...

كان الكتاب الذي الفه الصغير تحت مسمى الأرادة.........
ربما كنت تتوقع من غلام لم ييفع بعد ان ينهار لخبر كهذا...طبعا غلام في نجابته..و تعلقه بالمعرفة التي لم يكن لها رافد في تلك الأيام الا المدارس الكنسية ..أعني في فرنسا...و سائر أوروبا....أوروبا النصرانية...ربما يختلف الأمر بعض الشيء في بريطانيا التي هجرت الكثلكة...واستقلت بكنيستها...

أما بلزاك الخجل من والدته...فقد استيقظ تلك الليلة من فراشه بعد فشل كل محاولات النوم ليخط بأنامله الرقيقة على أديم الورق.....كلمات كتبها الذين بعده بحروف الذهب

***ما حققه نابليون بحد السيف سأصنعه أنا بسنان القلم****

اخترت يا صديقي هذا التقديم القصصي لكتابي اليك لعلمي بولعك ببلزاك وادباء فرنسا العظام....ونفورك من التصويرات الجافة للفلسفة ومادتها...ومن لغة التعقيد اللفظي والمعنوي التي تميزها...حتى أن الواحد منا كلما زاد أقبالا عليها ازداد عدم فهم ...أو اضاع بعض الفهم الذي كان عنده....

حسنا الامر يتطلب منك بعض الأرادة...مثلي تماما فانا أبذل جهدا عظيما لتحميل نفسي ما تكرهه لبلوغ ما تحب..

جيد لننطلق يا صاح من هذا التعبير الأخير.....تحميل النفس ما تكره لبلوغ ما تحب

..أن كلمة تحميل فيها من العنف..و اجبار النفس ما يظهر من وزن الكلمة وموسيقاها..وهذا لا يخفى على من كان مثلك...

أما النفس فهي عنصر معنوي رقيق الجوهر لطيفه...يختزن كل طاقات الأنسان ومداركه...و معارفه...من عقل ولغة..وبلاغة..و تخيل..و تصور وتصوير....ومشاعر...


لا أعلم أن كان تصويري لهذه المفاهيم دقيقا وصحيحا...الا اني آمل ذلك...

..طبعا لن أكون كذلك ما لم اشرح لك ضرورة ربط أول الكلام بآخرة..و أهمية جزئية**ما تكره لتبلغ ما تحب***

.....أن تحميل النفس عندي وهي آلية الارادة كما ازعم لك.لا يكون ألا بدافع وراءه..يعلله..نسميه جدلا المسئولية...التي تنشأ عن أمرين النظام والسعادة

اللذان لبا تحقق لهما الا من خلال الوفاء بالمسئولية...وبالتالي توفر الأرادة...و لأن الوجود نفسه ينبني على هذين..صارت الارادة هي طبيعته....وآليته...
انت محق اذا قلت ان ما تحدثت عنه للتو..هو الصبر...ولكنك مخطئ اذا اعتقدت انه ليس الارادة...أو أن الصبر شيء آخر غير الأرادة..بل هو الأرادة نفسها في ارقى تصوراتها...
وتجسداتها..بل المثال المعنوي والتطبيقي الأمثل...لها..
****ولاارى في تاريخ البشر رجلا اجتمعتا فيه بشكل يكاد يلامس الكمال ببنانه كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.....
و هل ترى ارادة كارادة الرجل المتنور العالم الذي تنحصر الحقيقة في شخصه وسط عالم يعيش الحالة الأخرى التي نسميها الجهل..وننسب الزمان اليها فنقول جاهلية..و الأشخاص فنقول وجاهليون


.أو لم يخرجه هؤلاء الجاهليون ويطاردوه...في كل بر ...ود سوا له الدسائس وحاربوه سرا وعلانية..و حاصروه جهارا نهارا..و حاولوا قتله....أكثر من مرة..و ألبوا عليه الناس وسعوا في الحجز بينه وبينهم ..ومنع رسالته من الوصول اليهم...و قتلوا أصحابه..و عذبوا أبناءهم ممن وجد الأسلام في نفوسهم هوى.....أو لم يحصبه ذرء الطائف ...وماجنوها بالحصى ...حتى تنزل عله الملك ان لو شئت لأطبقت عليهم الجبلين.....لكنه كان غارقا في الدعاء لهم بالهداية.....هل تر يا سيدي صبرا كهذا وارادة كهذه
**انه الصبر نفسه والأرادة ذاتها التي مكنت لدين الله في الأرض تمكينا...
فالأرادة أذن هي جوهر الوجود اللطيف .. وسره البديع...و نفسه الجميل...هي التي تحول الصعب الى سهل..والوعر الى ذلول...والمستحيل الى ممكن..هي القوة الخفية التي بواسطتها يتحقق التغيير....ويقع التمكين للفكر...والتصوير للابداع.....
*****هي ذلك الكائن الخلاق الذي تحدث عنه ميشال شارانغ النمساوي في قصته **قوة الارادة**** ولانك تعشق القصص فلا بأس ان أروي لك فصول هذه القصة كما ترجمتها الاستاذة عشتار البابلي...
**عندما كنت صغيراً كنت أرغب أن أرافق جدتي في تسلق الجبل اكثر من أي شيء آخر أقوم به حيث كنا نجلب الحليب من الفلاحين، كانت جدتي تقطع الطريق صعوداً مرتين، في كل أسبوع حاملة جرة الحليب في يد ممسكة بيدها الأخري عصا من شجرة البندق، في الأيام الفائضة الحر كانت تطلق لعناتها علي الذباب ولم يكن أي شخص يجاريها في ابتكار أنواع اللعنات، وكنت أحاول بكل قواي ان أقلدها، ولكنها في نهاية المطاف كانت علي استعداد لتحمل أي عناء من اجل الحصول علي حليبها الدسم، وذلك لأن الحليب غير الدسم الذي كان يباع في أعقاب الحرب في مدينتنا الصغيرة لم يكن يروق لها هذا ما كانت تدعيه علي أية حال.
عندما لم يكن بإمكانها صعود الجبل في كل مرة، لأن الثلج علي ارتفاع متر واحد كانت تشرب الماء فقط أذن، فهي لم تكن تعرف مذاق الحليب غير الدسم، وهي ذاتها لم تكن تريد ان تعرف ذلك، ولذلك كان الجميع باستثنائي يعتقدون أنها عنيدة وغريبة الأطوار، وأنا بطبيعة الحال كنت أفهم موقفها بصورة جيدة.
أنا شخصياً كنت أتقزز من أي نوع من الحليب، وخاصة من حليب البقر الطازج وبما ان المرء كان محكوماً عليه بشرب الحليب كطفل فقد كان الحليب غير الدسم بالنسبة لي من أصغر صغائر سائر أنواع الحليب، وكما يبدو لي فأن الجدة فقط كانت تدرك ذلك فهي لم ترغمني ولو لمرة واحدة علي تذوق حليبها، اجل حتي أنها كانت تأخذ جرة الحليب بيدها اليمني عندما كنت أسير إلي جانبها لكي تجنبني رؤية الجرة وعندما كان الطريق يصبح ضيقاً كانت تدعني أتقدمها، لكن عبر مرور السنوات أصبحت أتوقع منها أكثر من هذا التفهم الصامت، وفي النهاية أخذ الآخرون يكيلون لي أنواع العتاب بسبب نفوري من الحليب، وكانوا يضعون نصب عيني دوماً الجدة كأفضل مثال علي ذلك، أذن كان يجوز لي أن أتوقع منها في الأقل ان تقول: أنت تعي حبي لحليب البقر، وأنا أفهم نفورك منه، ومع ذلك لم تقل ما شابه ذلك، أردت ذات يوم مفاجأتها في مسكنهما بباقة من طلع النخل المفاجآت لا تعني هنا، ان اجلب لها طلع النخل ببساطة، لأنني غالباً ما كنت أقوم بذلك لأنها كانت الوحيدة التي تشاركني الرأي في ان النمل لن يجوع بسبب وجود باقة طلع النخل في الغرفة، ان مفاجأتها تعني ان أتسلل إلي مسكنها وانتصب أمامها بصورة غير متوقعة، بحيث يجب عليها ان ترتعب، ولكنها بسبب طلع النخل ستتظاهر وكأنها غير مرتعبة بل وكأنها مسرورة بذلك تسللت داخل المسكن وفتحت باب المطبخ فتحة ضيقة كالشق ورأيت كيف أخذت الجدة جرة الحليب من دكة الشباك ورفعت غطائها وعند رؤيتي القطرات الدسمة شعرت في الحال بانقباض في معدتي وماذا فعلت الجدة عند ذاك؟ لم استطع أن اصدق ذلك لقد سكبت ما تحتويه الجرة في دلو وغسلت الجرة بماء حار من أناء الماء الموجود فوق الموقد.
ومنذ ذلك الوقت أصبحت اشعر بمزيد من المتعة لمرافقة الجدة، لأنني أدركت آنذاك بأنها لم تكن مرغمة علي تسلق الجبل بسبب هذا الحليب المقزز.
ان تموه الجدة سرورها بتسلق الجبل عن طريق جلب الحليب، فهذا أمر قد اكتشفته أنها لم تود ان تعارض الناس الذين كانوا في ذلك الوقت العسير يركضون ليلاً ونهاراً للحصول علي المواد الغذائية من أي مكان كان، لم تكن الجدة بحاجة لمثل ذلك، ليس لأنها كانت من أولئك الذين يجرون وراء جشعهم بل لأنها كانت تعيش وحيدة وتقريباً لم تكن تفهم كيف تعيش، يمكن ان تكون هذه الحال من جانب آخر، ما يسرها ان تقوم به، كانت تدخن مثل مدخنة آنذاك، كان من الممكن لامرأة فقيرة مثلها ان تقوم بذلك فقط، إذا كانت تزرع التبغ بنفسها بين شتلات الفاصوليا لكي لا يراه أي شخص لأن زراعة التبغ كانت محظورة آنذاك، ولكنها في غريزتها لم تكن تنتظر إلي ان تجف النباتات فوق السقف بصورة جيدة بل كانت تتلقفها بوقت مبكر، لتمم جسمها بالتبغ الرطب كانت المضاعفات تثير الدهشة، كان جسد الجدة يتضاءل وسرعان ما أصبح متكوناً تقريباً من العظام والأعصاب والجلد فقط، أصبح لون بشرتها يميل إلي الأزرق البني ومظهرها، البشرة، كالجلد، وكانت تتهاوي في مشيتها عندما تتسلق الجبل وكانت تهبط من الجبل قافزة مثل الصبية، وعندما كانت تتوقف، لم يحدث ذلك لكي تستعيد أنفاسها، بل لكي تأخذ كيس التبغ من حمالتها وتلف سيجارة.
عندما رقدت في سريرها طوال اليوم بسبب إصابتها بالبرد جلبت الجارة طبيباً رغم معارضة الجدة، وهذا الرجل الشيخ لم يكن بإمكانه ان يفعل شيئاً سوي الأمر بنقلها إلي المستشفي التهاب رئوي هذا ما ادعاه.
أظهرت الجدة في المستشفي أنها في صحة لا تسر، فما أن وضعوها في السرير ودثروها، وإذا بها تنهض وتتنزه ذهاباً وإياباً في الممر مدخنة بصورة جعلت الأطباء يرمقونها بنظرات الغيرة والحقد كان الأطباء بصورة خاصة في مدة ما بعد الحرب يأخذون أكبر كمية من الأدوية والعقاقير الطبية، لأنها كانت آنذاك نادرة، وان ما لا يملكه الآخرون يكون طعمه الأفضل مذاقاً دائماً، وهكذا كان الأطباء آنذاك الأكثر مرضاً بين فئات السكان من العجب لي ان تكون الجدة بمثابة المتحدبة غير المرغوب بها، لقد منعوها من التدخين في الممر.
فذهبت إلي الحديقة ومنعوها من التدخين في الحديقة فذهبت إلي الشارع ومنعوها من مغادرة أرض المستشفي وإلا فانهم سيرمونها خارج المستشفي، فأخذت توسع نزهتها إلي حدود النهر وعندما اكتشفوا ذلك قدموا لها استمارة لتوقع عليها، كما قالوا لها بأنها تخالف قواعد علاج المستشفي والإرشادات الطبية برغبتها الذاتية وهي تتحمل مسؤولية ذلك وقعت الجدة وكأنها قائد حربي يوقع علي وثيقة هزيمة العدو، صباحاً كما قيل سيسلمها أحدهم ملابسها وحمالتها ومن ثم عليها ان تختفي، وبمثل هذه الكلمات وما شابها من عبارات الكراهية حاول الرجل تبريد سرورها، ولكن بلا جدوي في الصباح التالي كانت قد نامت حقاً هاجموها وحذروها ونقلوها إلي صالة العمليات وبتروا ساقها الأيمن واستغرقت يوماً كاملاً لكي تتخلص من رعبها وعندما تحل زيارة لها، كان الأطباء يكيلون الثناء عليها، في ان العملية كانت قضية حياة أو موت، أي ان تقطع الساق أو أنها ستموت في القريب العاجل، وليس هناك أية إمكانية أخري، لم اصدف أية كلمة من الأطباء ويبدو ان الجدة قد قرأت حتما وجهي سألتهم بتأدب رجاء هل أتمكن من مشاهدة استمارة موافقتي، نظرت إلي الاستمارة، وشاهدت توقيعها وفي أثناء ذلك اختفي أي لون من وجهها وأية حركة من جسمها.
كان الأمر وكان امرأة ميتة تتفحص وثيقة موتها ثم تعيدها إلي الطبيب هذا ما عرفته حقاً ابتداءا من الآن بدأت أساعدها عصر كل يوم علي التدريب في المشي بواسطة العكازة وبعد ان أخذت تمضغ الجذور والأعشاب التي جلبتها لها من حديقتها لم تعد تلمس غذاء المستشفي وواصلت تدريبها بهوس، وان التعاليم البالية في المشي علي العكازة كما وصفها لها الأطباء والممرضات قد رفضتها الجدة منذ البداية بإصرار، وكان طموحها ينصب علي الاستغناء عن العكازة اليمني والتحرك إلي الأمام بالساق اليسري والعكازة اليسري فقط، وكان هذا الأمر كما جربته أنا شخصياً صعباً للغاية وما كان علي ان اسندها ولو لمرة واحدة علي الإطلاق، وإلا فأنها كانت ستسقط علي الأرض وكانت تستخدم العكازة اليمني في الأساس للموازنة أثناء المشي فقط. عندما قطعت شوطاً متقدماً في مواصلة هذه الحركة محققة قسطاً من حريتها اعتقدت بأنني قد أدركت مرامها لقد أرادت كما يبدو العودة علي المشي بساقين فعندما كانت تخجل علي هذه الصورة كان المرء يري من علي بعد قريب حقا ساقها الوحيدة اليسري وكأنها الساق اليمني والعكازة اليسري وكأنها الساق اليسري وما لم افهمه هو: لماذا لم تعد الجدة تستخدم العكازة اليمني للموازنة في المشي بل أصبحت تلوح بها في الهواء كالسيف.
كانت تقول أنها تقوم بذلك كتدريب جيد لكي تمالك توازنها ولكني في مقابل ذلك اقترحت عليها ان تترك العكازة اليمني نهائياً، وبإمكاننا ان نحمل عوضاً عنها حقيبة يدوية أو جرة الحليب لان ذلك تمرين مثمر في الحياة خارج المستشفي وافضل من التلويح بالعكازة كالسيف، ومع ذلك فلم تصغ الجدة إلي حديثي.
كانت الجدة أثناء أقامتها في المستشفي قد أصبحت مثل الطفل الأعجوبة الذي يثير دهشة الآخرين، بسبب طريقة مشيتها الفتية الاكروباتيكية بالعكازة، وقبل يومين من تسريحها من المستشفي اقترح عليها رئيس الأطباء الذي أجري عمليتها صفقة تجارية قال لها رغم مهارتها الفائقة في طريقة مشيتها الفتية، فان من المحتمل أنها لن تستطيع القيام بشيء، واحد، إلا هو تسلق الجبل، وقال لها بان هذا الأمر هو بمثابة مجازفة خطيرة، أيضاً، خاصة وأنها في مثل هذا العمر والخلاصة انك سوف لن تحتاجي إلي استخدام حمالة حاجياتك وأنا مستعد لشرائها، لان المرء لا يمكنه الحصول علي مثل ذلك من المتاجر في مثل هذا الوقت، وأنا بحاجة لمثل هذه الحمالة، لاستخدامها بصورة مفيدة فأنا في النهاية يجب علي الاهتمام بصحتي فتسلق الجبل بين آونة وأخري سوف لن يضرني وفي أثناء ذلك ربت رئيس الأطباء علي بطنه المتدلية فوق سرواله الأبيض.
وافقت علي الصفقة التجارية وفي الحال اتجه الاثنان إلي الغرفة التي كانت تحوي الحاجيات الشخصية للجدة المريضة وعندما فتح الطبيب الدولاب الأبيض، كانت الجدة متأهبة بعكازتها اليمني وهوت بها بحركة عنيفة محطمة جمجمته لقد مات رئيس الأطباء في مكانه وفي اليوم التالي قرأ أهالي المدينة خبر مقتل الطبيب في الجريدة المحلية

لننس العجوز النمساوية بعض الشيء..

الحق أني أربأ بذكائك وبك ان تعتقد ان نزوعي عن الفلسفة الى البساطة في الطرح
..يمكن أن يحصر معاني في قوالبها اللغوية المحضة....فتعتقد أن الأرادة التي أعني هي الرغبة....مع ان مفهوم الرغبة حاضر نفسي في مفهوم الأرادة التي أن شئت هي مؤسسة تشمل عديد العناصر....تتضامن بينها....لتحقق معناها....
الأرادة يا سيدي فضلا عن كونها رغبة في أداء شيء أو تركه....هي دراسة لا شعورية...لمشاريع في الحياة ..يتحقق من خلالها الهدف الأسمى من الحياة ..و هو السعادة..
اقول دراسة لا شعورية ولا أقول غير منطقية..بل هي عين المنطق...حين تقرر النفس أنها تستطيع فضلا عن كونها ترغب.....و ذلك يكون تبعا لأحاطتها بعنصر الكفاية فيها...
والكفاية يااخي هي مجموع العناصر اللازم توافرها لاداء مهمة أو وظيفة..أو لأنجاز مشروع
هذا ما قد تسميه أنت القدرة....
...الأشكال ياأخي في من يحدد معالم هذه القدرة
سأضرب لك مثلا...حين وقف طارق بن زياد على الجبل المسمى به اليوم و اشرف بهامته الطويلة على برالأندلس الجميل....طبعا لم يكن ما يشغل الفتى الاشقر في ذلك الصباح هو نسيم هاته البلاد العليل.....ولا اختلاف سمائها أو أرضها عماعرف قبل.....
المؤكد أنه كان يفكر في كيفية فتحها....ذلك أنه كان يريد....الأرادة هنا لم تتعد مفهوم الرغبة..لكن حين حرك جيشه..و اكتبت رغبته صورة الفعل والسعي..صار مفهومنا عن أرادته المفهوم المراد من الموضوع برمته.....حسنا ستقول أن الجيوش لم تكن متماثلة
وطارق في غير أرضه..الخلاصة انم تعتقد أن طارق في موقف ضعف شديد..و أن الهزيمة بمنطق الرياضيات محتمة على فرض انك لا تعرف القصة....
حسنا ستقول حتى و أن لم تكن تعرف القصة فستعتقد ان طارق المسلم وجيشه المؤمن سينتصر
ولو سألتك لم تعتقد هذا؟ قلت ..هذا أيمانك..
رائع الأيمان....
ماذا تكون الأرادة اذن..يا سيدي أن لم تكن غير الايمان..؟ألا تر أنك تستحق الشكر...
لأنك اعطيتني هذا المفهوم الرائع عن الأرادة..؟..الأيمان.....
التعديل الأخير تم بواسطة بدرالسلام موفق ; 03-03-2009 الساعة 04:46 AM