بين المسجد والجامع .
17-08-2018, 01:49 PM
بين المسجد والجامع
.°°في قريتنا الصغيرة المتواضعة أربعةٌٌ من المساجد تؤدى فيها الصلوات الخمس ، ويتم فيها تحفيظ القرآن وتقديم الدروس ، ونجتمع كلنا في واحد منها أيام الجمعة وألأعياد نسميه ( الجامع أمقران ) وهو ما يعني أن أسلافنا ميزوا وفرقوا بين ماهو ( مسجد) وما هو ( جامع) .
°°بالمختصر المفيد المسجد هو بناء يتوسط الدور والبنايات للتقرب إلى الله فيه بالعبادات والصلاة ، أما الجامع أو (المسجد الجامع ) فقد تتوسع نشاطاته إلى لقاءات أكبر حجما وأكثر استقطابا أهمها أداء شعيرة الجمعة وصلاة العيدين [الفطر والأضحى ] . فقد كان الجامع النبوي في المدينة في عهد البعثة مقرا للإجتماع والمناقشة لمعالجة الأوضاع المستجدة والطارئة ، فهو صرح للتوعيظ و الدرس الديني و في نفس الوقت مكان للمناقشة وإبداء الرأي والإعتراض ، فصلاةالجماعة و الجمعة في ذلك الزمن ( يتداخل فيها أمر الدين والدنيا )، ففي جنباته تجري المداولات ، وتعلن الحرب ، و تعقد الألوية و توزع القيادات ...وتجد مشاكل الحياة حلولها .
الأمويون القدامى قيدوا دور الجامع .
°° حدثت انتكاسة في دور( المسجد الجامع) الذي حوله [ الأمويون] مقرا لأداء فرائض الصلاة والإستماع للخطب المؤيدة للسلطان لترسيخ قيم الجبر ، فيقف المصلون في وضع سلبي يستمعون مطآطأي الرؤوس ، تُفرغ في آذانهم أفكار الدين مطعمة بما يريده الخليفة وزبانيته بغرض تعضيد الدولة وضمان دوامها وديمومتها، فلا خطيب إلا الخطيب الذي تعينه الدولة ! ، ولا نقاش في أمر الدنيا فيه ! ، فالأمر الدنيوي احتكرته السلطة الأموية ، فالبت فيه لا يكون إلا في حضرة الخليفة ودواوينه ، وهو ما يعني أن [ هناك فصل بين أمر الدين وأمر الدنيا ]في خلافتنا الإسلامية منذ حكم بني أمية.
جوامعنا التي كانت تراقب ، وأصبحت مراقبة .
°°° ما نشاهده اليوم من هيمنة( الدولة والنظام) في عالمنا الإسلامي على المؤسسا ت الدينية بجعلها مراقبة وتحت النظر عائدٌ لخطورتها بسبب اتساع تواصلها مع المجتمع ، لذا كان الحرص على انتقاء أئمة خطباء يعرفون كيف يدغدغون مشاعر الناس لجعلهم مواطنين صالحين ُتبّعا صادقين لا يتدخلون في شأن الدولة لا يناقشون ولا يعترضون ، فالنظام حاليا يشجع على توظيف الإئمة المتشبعين بالفكر الوهابي السلفي لأنه يشجع الحكام ويحارب من يعارضه ويكفر الخروج عنه .
فلتساهم جوامعنا في اليقظة الفكرية للأمة .
°°° الدعوة السلفية كان واجبها المساهمة في جعل جوامعنا ومساجدنا مرابض للمؤمنين في عباداتهم، وفي نفس الوقت منارات وقلاع لمعالجة مشاكل دنيانا في قرانا وأحيائنا ومدننا ،ووطننا ، فالمؤمنون هم عيون الدولة وحراسها ، وهم الوقود الذي تتحرك به السلطة التنفيذية ، وبذالك يكون الجامع عامل بناء للدنيا و الآخرة معا ، فليفسح المجال لمفكرينا في تبوء الخطابة في الجوامع في شتى المجالات الدينية و السياسية والفكرية والعلمية فكثير من رجالات النهضة اتخذوا منابر الجوامع وسيلة لتفطين الأمة و ترشيدها (كابن باديس ، والإبراهيمي ، و محمد عبده ، و جمال الدين الأفغاني ) وغيرهم كثير في زمننا الرديء .