تخريج حديث: “أكثر منافقي أمتي قراؤها” (منقول)
20-10-2016, 10:46 PM
أولا: المتن:

• “أكثر منافقي أمتي قراؤها”.
• “إن أكثر منافقي أمتي قراؤها”.
• “أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها”.
• “إن أكثر منافقي هذه الأمة لقراؤها”.

ثانيا: تخريج الحديث ودراسته:

روي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وعقبة بن عامر، وعصمة بن مالك الخطمي، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم جميعا:
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص:
روي عنه من طريقين:
الطريق الأول: ومداره على عبد الرحمن بن شريح المعافري، عن شراحيل بن يزيد المعافري، عن محمد بن هدية الصدفي، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا:
ورواه عن عبد الرحمن بن شريح كل من:
أ‌- زيد بن الحباب: أخرجه ابن أبي شيبة في “المصنف” (35476)، وأحمد بن حنبل في “مسنده” (6743)، والفريابي في “صفة النفاق” (36)، وابن بطة في “الابانة” (943).
ب‌- عبد الله بن المبارك: أخرجه أحمد بن حنبل في “مسنده” (6747)، والبخاري في “خلق أفعال العباد” (2/311)، وفي “التاريخ الكبير” (1/257)، والفسوي في “المعرفة والتاريخ” (2/528)، وابن وضاح في “البدع والنهي عنها” (261)، والفريابي في “صفة النفاق” (35) – ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في “صفة النفاق” (155)، وابن عساكر في “معجمه” (608)، والمزي في “تهذيب الكمال” (12/412) – ، والطبراني في “المعجم الكبير” (13/17)، البيهقي في “الشعب” (6560)، وأبو محمد البغوي في “شرح السنة” (39).

ملحوظة: الحديث في “الزهد والرقائق – رواية المروزي” (1/152/رقم 451): أخبرنا ابن المبارك, قال: حدثنا عبد الرحمن بن شريح المعافري, قال: حدثني شراحيل بن يزيد (1)، عن رجل، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثر منافقي أمتي قراؤها.

قلت: والرجل المبهم، هو محمد بن هدية الصدفي، أبهمه الحسين بن الحسن المروزي.

ت‌- عبد الله بن وهب: أخرجه الفسوي في “المعرفة والتاريخ” (2/528)، والبيهقي في “الشعب” (6560).

قلت: وقد اختلف على اسم ابن يزيد المعافري هذا، فقال زيد بن الحباب: شرحبيل بن يزيد.
وخالفه عبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب فقالا: شراحيل بن يزيد. وهو الصواب.
قال البخاري: قال لي محمد بن مقاتل: حدثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن شريح المعافري، قال: حدثني شراحيل بن يزيد، عن محمد بن هدية، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أكثر منافقي أمتي قراؤها”، وتابعه ابن وهب، وقال بعضهم: شرحبيل بن يزيد المعافري، ولا يصح (2).
وقال ابن أبي حاتم في ترجمة محمد بن هدية: روى عن عبد الله بن عمرو روى عنه شراحيل بن يزيد، وقال بعضهم: شرحبيل بن يزيد، وشراحيل أصح، سمعت أبي يقول ذلك (3).
قال البيهقي : “كذا قال زيد بن الحباب: شرحبيل, وقال ابن المبارك: إحدى الروايتين عن عبد الرحمن بن شريح المعافري, عن شراحيل بن يزيد, وتابعه ابن وهب” (4).

قلت: وهذا إسناد حسن لذاته، لأجل محمد بن هدية الصدفي، وشراحيل بن يزيد المعافري، وكلاهما صدوق حسن الحديث.

الطريق الثاني: ومداره على ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا، ورواه عن ابن لهيعة كل من:
أ‌- الحسن بن موسى: أخرجه أحمد بن حنبل في “مسنده” (6744).
ب‌- عبد الله بن وهب: أخرجه ابن بطة في “الابانة” (942).

قلت: وهذا إسناد ضعيف، لأجل عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف الحديث، انظر ترجمته.

حديث عقبة بن عامر:
يرويه عبد الله بن لهيعة، عن مشرح بن عاهان، عن عقبة بن عامر مرفوعا، ورواه عن ابن لهيعة كل من:
أ‌- أبو سعيد مولى بني هاشم: أخرجه أحمد في “مسنده” (17641).
ب‌- سعيد بن أبي مريم: أخرجه الروياني في “مسنده” (211).
ت‌- منصور بن عمار: أخرجه تمام الرازي في “فوائده” (963)، وابن عساكر في “تاريخه” (35/76).
ث‌- أسد بن موسى: أخرجه ابن وضاح في “البدع والنهي عنها” (260).
ج‌- قتيبة بن سعيد: أخرجه الفريابي في “صفة النفاق” (31)، ومن طريقه ابن عدي في “الكامل” (5/243)، وأبو نعيم الأصبهاني في “صفة النفاق” (154)، والخطيب البغدادي في “تاريخه” (2/221)، والذهبي في “سير أعلام النبلاء” (8/27 و 396)، وفي “المعجم اللطيف” (2).
ح‌- عبد الله بن المبارك: واختلف عنه وقفا ورفعا:
فرواه عنه نعيم بن حماد في “زيادات الزهد” (2/16/رقم 64) من كلام عقبة بن عامر موقوفا عليه. وخالفه محمد بن الحسن البلخي، أخرجه الفريابي في “صفة النفاق” (32)، ومن طريقه الذهبي في “سير أعلام النبلاء” (8/396) عن عقبة بن عامر مرفوعا، وهو أصح.
خ‌- عبد الله بن يزيد المقريء: أخرجه أحمد بن حنبل في “مسنده” (17682)، والفريابي في “صفة النفاق” (33).
د‌- عبد الله بن وهب: أخرجه ابن بطة في “الابانة” (944).
ذ‌- موسى بن محمد البجلي: أخرجه أبو بكر الكلاباذي في “بحر الفوائد” (70).

قال أبو نعيم الأصبهاني: “رواه ابن المبارك، والوليد بن مسلم، والمقرئ، وبشر بن السري، عن ابن لهيعة” (5).
وقال الذهبي: “هذا حديث غاية في العلو لكنه ضعيف” (6).

قلت: ثم أن ابن لهيعة قد اضطرب في هذه الرواية، فرواه عن شيخ آخر، وهو أبو عشانة المعافري، واسمه حي بن يؤمن، أخرجه الطبراني في “المعجم الكبير” (17/305): حدثنا أبو يزيد القراطيسي، ثنا أسد بن موسى، ح، وحدثنا بشر بن موسى، ثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني، ح، وحدثنا يحيى بن أيوب العلاف، ثنا سعيد بن أبي مريم، قالوا: ثنا ابن لهيعة، عن أبي عشانة، عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “أكثر منافقي أمتي قراؤها”.

قلت: والصواب هو روايته التي عن مشرح بن هاعان، فقد توبع عليها، تابعه: الوليد بن المغيرة:
أخرجه أحمد في “مسنده” (17683)، والبخاري في “خلق أفعال العباد” (2/312)، والفريابي في “صفة النفاق” (34)، والروياني في “مسنده” (215)، والبيهقي في “شعب الايمان” (6561).
من طريق منصور بن سلمة, قال: أخبرني الوليد بن المغيرة وكان ثبتا, قال: حدثنا مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكثر منافقي أمتي قراؤها. ولفظ أحمد: “إن أكثر منافقي هذه الأمة لقراؤها” .
لذا قال الذهبي : “حديث محفوظ ، قد تابع فيه الوليد بن المغيرة: ابن لهيعة، عن مشرح” (7)، في إشارة إلى أن روايته عن أبي عشانة غير محفوظة.
وانظر : كتاب: “الإرشادات في تقوية الشواهد والمتابعات” (ص 224 – 225) للشيخ المحدث طارق بن عوض الله حفظه الله .

قلت: وهذا إسناد منكر، لأجل مشرح بن هاعان، وهو صدوق لا بأس به، إلا ما تفرد به عن الصحابي الجليل عقبة بن عامر رضي الله عنه، فهو منكر.

ملحوظة: أخطأ محققو طبعة الرسالة لمسند الامام أحمد بن حنبل ، فقالوا في هامش (28/597) : “… والطبراني في “الكبير” 17/ (841) من طريق سعيد بن أبي مريم وأسد بن موسى ويحيى بن إسحاق السَّيلحيني، خمستهم عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد“.
قلت: أي: عن ابن لهيعة، عن مشرح، عن عقبة بن عامر مرفوعا، ولم يتنبهوا إلى أن رواية الطبراني هذه عن أبي عشانة، وليست عن مشرح بن عاهان.

حديث عصمة بن مالك الخطمي:
أخرجه الطبراني في “المعجم الكبير” (17/179)، وابن عدي في “الكامل (7/123).
كلاهما من طريق الفضل بن المختار، عن عبيد الله بن موهب، عن عصمة بن مالك الخطمي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “أكثر منافقي أمتي قراؤها”.

قال الهيثمي: “رواه الطبراني ، وفيه الفضل بن المختار ، وهو ضعيف” (8).

قلت: وهذا إسناد منكر، لأجل الفضل بن المختار أبو سهل البصري، وهو منكر الحديث، لا يتابع على ما يرويه، انظر ترجمته.

حديث عبد الله بن عباس:
أخرجه العقيلي في “الضعفاء” (2/90): وحدثني موسى بن محمد بن كثير الجدي، قال: حدثنا حفص بن عمر العدني، قال: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثر منافقي أمتي قراؤها.

قال العقيلي: ولا يتابع على هذا أيضا من حديث ابن عباس، وقد روي هذا عن عبد الله بن عمرو، عن النبي عليه السلام بإسناد صالح.

قلت: وهذا إسناد منكر، فيه:
1- حفص بن عمر العدني: وهو ضعيف الحديث.
تمييز: قال ابن الجوزي : “وَقد جعل أَبُو حَاتِم ابْن حبَان الحبطي والأيلي وَاحِدًا، وَفرق بَينهمَا الدَّارَقُطْنِيّ، وَهُوَ الصَّحِيح” (9).
2- موسى بن محمد بن كثير الجدي: شيخ العقيلي، لم أقف له على ترجمة.

ثالثا: أقوال العلماء:

قال صالح بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: “أكثر منافقي أمتي قراؤها”: صحيح هو؟، قال: “الله أعلم، ما أدري” (10).
وقال العقيلي: “روي هذا عن عبد الله بن عمرو، عن النبي عليه السلام بإسناد صالح”.
وقال البوصيري عن الطريق الأول من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: “هذا إسناد حسن” (11).
وقال أحمد شاكر: “إسناد صحيح” (12).
وصححه الألباني (13).

فائدة 1:

قال ابن بطة: قال الشيخ عبيد الله بن محمد: فإن سأل سائل عن معنى هذا الحديث, وقال: لم خص القراء بالنفاق دون غيرهم؟ فالجواب عن ذلك: إن الرياء لا يكاد يوجد إلا في من نسب إلى التقوى, ولأن العامة والسوقة قد جهلوه, والمتحلين بحلية القراء قد حذقوه, والرياء هو النفاق, لأن المنافق هو الذي يسر خلاف ما يظهر, ويسر ضد ما يبطن, ويصف المحاسن بلسانه, ويخالفها بفعله, ويقول ما يعرف, ويأتي ما ينكر, ويترصد الغفلات لانتهاز الهفوات.
وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله: هم الزنادقة, لأن النفاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الزندقة من بعده (14).
فائدة 2:
قال البغوي : وقوله: «أكثر منافقي أمتي قراؤها» : فهو أن يعتاد ترك الإخلاص في العمل، كما جاء: «التاجر فاجر»، وأراد: إذا اعتاد التاجر الكذب في البيع والشراء، لا أن نفس التجارة فجور، بل هي أمر مأذون فيه، مباح في الشرع (15).

رابعا: الحكم النهائي:

الحديث حسن لذاته، ولم يثبت من الطرق والوجوه سوى الطريق الأول من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، لأجل محمد بن هدية الصدفي، وشراحيل بن يزيد المعافري، وكلاهما صدوق حسن الحديث.

———–
الهوامش:
(1) في طبعتي دار الكتب العلمية ودار المعراج من كتاب الزهد والرقائق: “شرحبيل بن يزيد”، وهو خطأ، لعله خطأ في النسخة المخطوطة، والمثبت هو الصواب.
(2) “التاريخ الكبير” (1/257).
(3) “الجرح والتعديل” (8/115).
(4) “الشعب” (6559).
(5) “صفة النفاق” (ص 166).
(6) “المعجم اللطيف” (ص 20/ضمن ست رسائل له).
(7) “سير أعلام النبلاء” (8/28).
(8) “مجمع الزوائد” (6/230).
(9) “الضعفاء والمتروكون” (1/223).
(10) “المنتخب من علل الخلال” (161) لموفق الدين المقدسي.
(11) “إتحاف الخيرة المهرة” (6/351).
(12) “تخريجه وتعليقه على المسند” (10/123- 125).
(13) “صحيح الجامع الصغير” (1203)، والسلسلة الصحيحة (750).
(14) “الابانة الكبرى” (2/703) لابن بطة العكبري.
(15) “شرح السنة” (1/77).


سحر الحرف والكلام


شكرا للأخ صقر الأوراس على التوقيع