رد: السيرة النبوية وحجيّتها ببعض الأقوال " مُدارسة "
19-03-2015, 08:42 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبقى وإيّاكم بالكلام عن تدوين سيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم.
والذي أشير إليه، كما أشار إلى ذلك أهل العلم:
أن السنة إنما هي بيانٌ وشرحٌ لما قد يشكل على فهم العباد ما جاء به آي القرآن الكريم، ومن يظن غير ذلك فعليه بقراءة قوله تعالي:
" وأنزلنا إليك الذكر لتبيّنَ للناس ما نزّل إليهم ".
حتى أن بعض طلبة العلم قال عن السنة:
" فهي بالنسبة للقرآن كالمذكرة التفسيرية للدستور في لغة هذا العصر وكالقوانين التي تعبّر عن المبادئ العامة التي يتضمنها الدستور في الأنظمة المعاصرة".
وما دامت السنة عبارة لتفسير وفهم ما جاء به القرآن الكريم، ذلك مما جعل السلف الصالح حتى من عصر الصحابة ـــــ رضي الله عنهم ــــ وكذلك من جاء من بعدهم يعتنون بسنته صلى الله عليه وسلم عناية كبيرة وفائقة، وينكبون عليها حفظًا وكتابة، كما يعودون إليها في فتاويهم وأقضيتهم، ويعملون بها عملاً وعلمًا، ومذاكرة .
لأجل ذلك ظهر ما يُعرف بـ ( علم الحديث )
وكما أشرتُ إليه سابقًا.
أن هناك في بعض الاتجاهات الفكرية أن هناك بعض " المفكّرين " وخصوصا المستشرقين منهم ـــــ وذلك لغرض ما ــــــ وما هو يدور في فلكهم، من " المهتمّين " بالبحث في الفقه الإسلامي ومنابعه أو عناصره التشريعية ( القرآن الكريم والسنة النبوية ).
يزعم البعض من هؤلاء أن "السنة كانت تُنقل بالرواية الشفوية حتى عصر التدوين، مما يستدعي التشكيك في صحتها "
يعني بالفصيح هو ضرب عنصرٍ ومصدرٍ مهمٍّ من مصادر التشريع الإسلامي، ليخلصوا في النهاية إلى ضرب الإسلام برمّته.
ولكل ذي بصرٍ وفكرٍ ثاقبٍ يكتشف أن ما ذهب إليه هؤلاء يحتاج إلى مزيدٍ من البحث والتقصي بطرقٍ علمية ترتكز على مسلّمات وقواعد ذات أعمدة راسخة.
ولا يتأتّى ذلك إلاّ بالغور والغوص في أعماق التاريخ، وذلك لتفنيد ودحض مزاعم هؤلاء الذين لا همّ لهم سوى النيل من الإسلام،
وذلك للكشف عن أغالطهم ومدى صحتها ومطابقة كل ذلك على الواقع
وحتى يكون الكلام له المصداقية.
لابد بالإشارة إلى الظروف والإرهاصات التي أحاطت بتدوين السنة.
وكذلك الإشارة إلى من قالوا عن إباحة التدوين، والذين قالوا بكراهة التدوين
وقبل الخوض في ذلك الشأن على المرء أن يتكلم بإسهاب في كلٍّ لهذه المفردات وشرحها لغة واصطلاحا والكلمات كم من مرة جاءت على ألسنة، أو في مصنّفات الذين بحثوا في السنة النبوية .
والمفردات إنما هي:
( تدوين )، ( تأليف )، (تصنيف) السيرة، وكذلك ( كتابة ) السيرة.
فما إن يصل المرء إلى فهم تلك الكلمات وتقييدها أو مقارنتها.
مع إعمال ما ترمي إليه كل كلمة بالاعتماد على لغة الضاد.
فلا محالة سيخلُص إلى فهمٍ جمٍّ، وعلمٍ وفيرٍ.
ويتأكد من صدق ومصداقية الذين بحثوا في علم الحديث وذلك النزهاء منهم.
وخصوصًا أصحاب الكتب الستة.
عندها ستظهر حجية السيرة وهي ناصعة البياض.