برهان جديد على الديمقراطية
05-10-2008, 02:09 PM
برهان جديد على الديمقراطية
كم كان الأمر فضيحة! أن ننتظر الأميركيين كي يعلنوا عمّا يجري في سجن أبو غريب حتى ننتفض ونقيم القيامة ولا نقعدها، اللّهم إلا إذا أقعدها الأميركيون لاحقا، حينها قد نعيد النظر.وكأن الآلاف من العراقيين لم يدخلوا ذلك السجن الرهيب، ويخرجوا محمّلين على طريق الجبّانات والمقابر، أو إلى المشافي، أو إلى منازلهم حيث يتلطّون خلف فيافي ذلّ الذكرى الرهيبة.غريب أمرنا، ننتفض الآن وكأنّنا لا نصدّق، أو نحتاج إلى الديمقراطيّة الأميركيّة حتّى تقودنا من جديد.وكأنّ الكذبة الحضاريّة الكبيرة مارّة علينا بسلام ودعة، فكرة التفوّق الحضاري للفرد الغربي، المنزّه عن توحّشنا نحن المشرقيين، الفرد الغربي الأرقى الذي لا يعذّب، ولا يشمت، ويراجع كتيّب حقوق الناس والحيوان والبيئة، والذي لا يفارق جيبه ثانيةً، ثمّ فجعنا بمرأى العسكريّة الأميركيّة تشير إلى عوراتنا المكشوفة أمامها بقوّة القهر التي أسّسها التفوّق الحضاري إيّاه، والذي لم نرَ منه إلا الطائرات تملأ سمواتنا، والمخابرات تتلطّى في أسرّتنا، والقليل من اليورانيوم والذي نضّبوه تخفيفا لتكلفته ثمّ رموه علينا هربًا من ضيق أماكن دفنه، ومن سمسرات زعماء العالم الثالث التي تُغلّي من سعر رميه في أراضينا.
نفاجأ بالبريطاني يبوّل علينا ونحن معصوبي الأعين مرميين على الأرض لا حول لنا ولا قوّة... لماذا جاء في الأساس؟وغدًا قد نفاجأ بالأسترالي والبولندي والبلغاري، والسلفادوري حتّى لا ننسى.أزعجني المرأى، وأحسست بالعقم أمام هذه المستذئبة التي تستبيح ذكورتي، وأحسست بحرارة السائل تهمي على هامتي، وبالرائحة النفّاذة لبوله المليء بالبيرة التي تؤمّنها له باردةً العواصم العربيّة، لكن ذلك لم يقتلني، إنّما ما قتلني هو من تفاجأ.بمَ التفاجؤ؟ أيخيفنا أن يكون البشر يشبهوننا؟ أنّ سجن أبو غريب ما زال يمارس مهامه التي طالعنا بها النظام العراقي السابق؟أيخيفنا أن نعرف أن الأميركيين قوّة احتلال تذلّ الشعب العراقي وتدفع به في النهاية إلى مقاومتها؟ أم إننا لا نريد أن نرى الشبه بين الأميركيين والإسرائيليين؟من تفاجأ كان أحمق، كان يبحث في النوايا الحضاريّة ويراهن على عوامل التمدّن في التفوّق الحضاري، وكان يداعب خياله وهم أن يكون الأميركيون نسلا من جنس الملائكة، وأن ينسى البريطانيون ماضيهم الذي تتذكّره مقابر الشعوب.من تفاجأ كان يرتكز على نشرات الأخبار التي تشبه جحا الذي كذب فصدّق كذبته.من تفاجأ لم يطرح على نفسه السؤال ماذا تفعل وسائل الإعلام في العراق، العربيّة والعالميّة، فالقصص في كلّ بيت، وعند كلّ رجل، وفي الصور التي تمرّ بدون تعليق وهي تُظهر عصابات المارينز تقتحم البيوت في الليالي، وتعتقل الآباء أمام عويل أبنائهم، لكن هذه الصور تمرّ دائما دون تعليق، ونحن نستمرّ في البحث عن تأكيدات لهواجسنا حيال الأميركيين، وما إن تطالعنا وسائل الإعلام الأميركيّة بالخبر، حتّى نفتح الأبواق.أليس في ذلك تأكيد جديد على الديمقراطيّة الأميركيّة الرائدة؟؟
بدون تعليق
x-adolf [email protected]
من مواضيعي
0 التغذية: نصائح وحيل حول الأكل الصحي اهمالها قد يسبب لنا مشاكل صحية لا نعرف اين سببها؟
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
