كمالُ الإسلام بدون هذه الطرق بقلم : الشَّيخ السَّلفي خادم العلم : سمير سمراد – حفظه الله
11-01-2013, 09:12 PM
كمالُ الإسلام بدون هذه الطرق

بقلم :
الشَّيخ السَّلفي
خادم العلم : سمير سمراد – حفظه الله


مبحث مستل من الكِتاب الفذّ :
مَواقِفُ المُصْلِحِينَ الجَزَائِريِّينَ مِنْ رُسُومِ المتُصَوّفِينَ وَأَوْضَاعِ الطُّرقيِّينَ


بسم الله الرحمن الرحيم






ثمَّ موقفٌ آخرُ من الإمام ابن باديس ، في سفرته إلى البليدة سنة 1932م ، جمعه مجلسٌ ببعض خصوم الإصلاح من الطرقيين من أهل فاس ، نال من أعراض المصلحين ووصفهم بالمفسدين ، فما كان من ابن باديس إلاَّ أن ردّ عليه ، وتكلم طويلاً في إفحامه ، بما يفهم منه أن الإسلام طريقة واحدةٌ ، وأنه لا يعرف هذه الأوضاع المحدثة ، فقال : " ... ولقينا في البليدة الشَّيخ محمد الحبيب الفيلاني ثم الفاسي في قشابية خضراء وعمامة خضراء ، هيئة لا نعرفها إلا فيمن يريدون التأثير على أنظار العوام ، ينتحل الشَّيخ العلم وينشر الطريق ويرقص في الحضرة ويقصد قصائد الطريق ، ولقد كنا في ضيافة بعض الأفاضل في مجلس حافل فأخذ الشَّيخ يتحدث عن الإصلاحيين بالمغرب الأقصى وأخذ ينتقصهم في أشخاصهم ... وأطال لسانه في الإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، فتركناه حتى فرغ ثم افتتحنا الكلام وقلنا للناس : إننا جئنا لندعو إلى الله وإلى الأخوة الإسلامية العامة ، ولا نحب أن نعيد ذكر طرقيين وإصلاحيين ، ولكن الشَّيخ قد اضطرنا بكلامه هذا إلى بيان الحقّ والدفاع عن هؤلاء الغائبين الَّذين تعرض لهم ، وأسهبنا في ذلك بما نقض قوله ، وبين حقيقة الإصلاح المنشود ، ولما فرغنا انتظرنا أن يكون منه جواب أو معارضة فيما قلنا ، فلا والله ما كان منه شيءٌ ، وقال لي فضيلة الشَّيخ المفتـي في ذلك المحفل ما معناه : " إننا لنتسب للطريق الذكر وتهذيب النفس ونبرأ من كلِّ المفاسد الَّتي يرتكبها من يرتكبها من الطرقيين " ، وقد كان يمكنـنـي أن أقول لفضيلة : إنَّ الذكر وتهذيب النفس قد كان قبل هذه الطرق ، ولكن الأنسب والأَفْيَد هو الاكتفاء بما تقدم في ذلك المقام " (1)
هذا هو الموقفُ العلميُّ الَّذي يعلم من كتابات الإمام ابن باديس وتقريراته ، ونداءاته بالرجوع إلى الكتاب والسنة وعمل السَّلف الأولين ، والَّتي من رجع إليها وحكَّمها أدركَ أنْ "لا طرقية في الإسلام" ، وإنَّ قصد الذكر وتهذيب النفس كان موجودًا عند السلف الأولين على أتمه وأكمله ، فلا حاجة لنا إلى هذه الطرق ، ولا يجوز إحداثها ، فكلُّ محدثة بدعة ، وكلُّ بدعة ضلالة ، وأما غير هذا مما يوهم خلافه ، فيُفهم المراد منه من خلال الوقوف على زمان وملابسات وقوعه !
وقد صرّح الإمام ابن باديس برأيه في "الأوضاع الطرقية" سنة 1934م ، قال تحت عنوان "بدع الذكر" : " تقوم هذه الطرائق المنتسبة للتصوف على أوضاع مخترعة تمتاز كل طريقة بصنف منها ، ومن تلك الأوضاع أوضاع ابتدعوها في الذكر وأذكار انصرفوا وصرفوا بها عن الأذكار النبوية المأثورة ، وانتهى بهم الابتداع إلى قبائح وفضائح ينكرها العقل والشرع ، ويخجل الكاتب من أي يجري بها البنان ، وقد طال إنكار العلماء عليهم قديمًا وحديثًا ، ولكن رؤساء تلك الطرائق والمتعيشين منها كانوا أعظم الصادين عن الانتفاع بإنكار أولئك العلماء الناصحين ، وكثيرًا ما كان علماء السوء الجبناء أو الطماعون سببًا بسكوتهم أو تحسينهم لتمادي الضالين على الضلال ... " (2) ، ليقول سنة 1937م : " البدعة كل ما أحدث على أنه عبادة وقربة ، ولم يثبت عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فعله ، وكل بدعة ضلالة ... الأوضاعُ الطرقية بدعةٌ لم يعرفها السَّلف "(3)
وهنا أذكر موقفًا تعليميًّا للإمام ، فقد حفظ لنا أحد تلاميذ الشَّيخ حماني مثالاً عن طريقة تدريس الإمام لتلاميذه والتربية السَّلفِيَّة الَّتي كان يأخذهم بها ، ولوْ كان في تدريس مادةٍ من علوم الآلة والأدوات ، يقول عن دروس البلاغة في كتاب "الجواهر المكنون" للأخضري : " السنة [الدراسية] الثالثة (1933م-1934م) : " ... فتح لنا مغلقاته ودرسه على أسلوبه الخاص فإذا قال الأخضري –رحمه الله-

كــحبّـــذا طريقة الصوفــية /// تـــهدي إلى المراتـــب العليـــة

حوَّلهُ الشَّيخ إلى قوله :

كــحبّـــذا طريقة الصحابة /// في العلم والعمل والإنابة (4)


الحواشي :
(1) : "الشهاب" ربيع الثاني 1351هــ ، أوت 1932م / "الآثار" (4/254)
(2) : "الشهاب" ، الجزء:(2) ، المجلد 10 ، شعبان 1353هــ ، 9 نفامبر 1934م ،(ص:529)
(3) : "البصائر" ، العدد (71) ، ربيع الثاني 1356هــ ، 18 جوان 1937م / "آثار ابن باديس" (5/154-155)
(4) : "شهداء علماء معهد ابن باديس" للشَّيخ أحمد حماني (ص:15)
التعديل الأخير تم بواسطة السني الجزائري ; 11-01-2013 الساعة 09:16 PM