الجزائر في المركز 4000 عالميا 70 جامعة جزائرية... خارج التصنيف العالمي!
09-10-2015, 06:40 AM
ناصر
صحافي، ومدير المكتب الجهوي لجريدة الشروق بقسنطينة
صدم التصنيف، الذي قدّمه، بحر الأسبوع الحالي، معهد التعليم العالي التابع لجامعة جياو تونغ شانغهاي في الصين، أسرة التعليم العالي في الجزائر، التي باشرت سنتها الجامعية الجديدة 2015 ـ 2016 ببعض الأمل لإعطاء ومضات عن إمكانية الجامعة في المساهمة لخروج الجزائر من التبعية، بعد انهيار أسعار النفط... حيث سقطت أسماء مختلف الجامعات الجزائرية التي ناهز عددها 70 بين مركز جامعي وجامعة، عن الـ 500 جامعة عالمية، وهو ترتيب منتظر خاصة أن الجامعات التي كانت توجد في المراكز الـ 4000 وما فوق، تم تقسيمها إلى جامعات مثل جامعة منتوري بقسنطينة، التي تحوّلت إلى ثلاث جامعات فقلّت بحوثها وتدحرجت إلى الخلف.
من 900.. إلى مليون ونصف مليون طالب
عندما تحصلت الجزائر على استقلالها عام 1962، لم يكن رقم طلبتها الجامعيين يتجاوز 900 طالب، ولكنهم كانوا جميعا يوفرون النوعية على قلتهم. وفي الذكرى الأربعين للاستقلال عام 2002 بلغ رقم الطلبة الجامعيين نصف مليون طالب لأول مرة. وبلغ في الموسم الجامعي الحالي أكثر من مليون ونصف مليون طالب، أي بزيادة تقارب مليون طالب في السنوات العشر الأخيرة. وهو تطور كمّي على شكل متتالية هندسية، ينذر بانفجار، ما دامت الكمية هي الطاغية في عالم التعليم العالي في الجزائر. ولا يبدو أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قلقة من التصنيفات العالمية لهيئات رسمية كبيرة، تضع مع توالي السنوات الجامعات الجزائرية في مؤخرة الترتيب، وأحيانا تخرجها نهائيا من الترتيب العام، وغير قلقة حتى من رفض معادلة الشهادة الجامعية الجزائرية بنظيرتها، ليس في أوربا فقط وإنما في دول أخرى من قارات أخرى.
وتوجد حاليا ثلاثة تصنيفات عالمية معترف بها تسوّق للجامعات ضمن مقاييس علمية تركز على البحث العلمي وما تنجزه كل جامعة من فكر ولا تهتم إطلاقا بالكمية، ولا بجمال وشساعة الجامعات، وجميعها لا تدرج الجامعات الجزائرية ضمن الألف جامعة الأحسن في العالم، بالرغم من وجود جامعات مصرية وسعودية وجنوب إفريقية ضمن الترتيب العام.
ولا تكاد الجامعات الجزائرية توجد في سوى تصنيف غير معترف به وفاقد للمصداقية، وهو تصنيف بيومتريكس، الذي سبق له أن وضع جامعة تلمسان في المرتبة 4132 عالميا، ووضع جامعة قسنطينة غير بعيد عنها، وجامعة سطيف في المركز 6993 وهذا منذ أربع سنوات.
في ماليزيا أربع جامعات فقط.. وفي إسرائيل 20 ألف طالب فقط
وحتى التفاخر بالأرقام غير ممكن إطلاقا، فرقم السبعين جامعة في الجزائر لا يعني شيئا، إذ يوجد في مدينة بوسطن الأمريكية 48 جامعة، ولكن الفارق شاسع جدا، لأن جامعات بوسطن أعطت 102 جامعي حصلوا على جائزة نوبل في مختلف العلوم. ومعظم جامعاتها معاهد مختصة فقط على علاقة مباشرة بكبريات المؤسسات الاقتصادية والبنكية في الولايات المتحدة الأمريكية. والأرقام في ميدان العلم لا تهمّ بدليل أن ماليزيا، القنبلة العلمية القادمة، لا تمتلك غير أربع جامعات نوعية عملاقة. والحاصل على شهادة البكالوريا لن يجد بالضرورة مقعدا في الجامعات الكبرى، بسبب وجود معاهد مختلفة على علاقة بالتنمية والاقتصاد توفر للطالب العمل المستقبلي المضمون، قبل ولوجه هذه المعاهد. وتحافظ الجامعات على قدسيتها في إنتاجها الفكر والعبقرية، والمؤكد أن هذه الجامعات العلمية الأربع تقدم فكريا أكثر مما تقدمه كل الجامعات الجزائرية مجتمعة.
وحتى الدولة العبرية حققت ثورة علمية كبيرة منذ ستينيات القرن الماضي. فهي في تصنيف 2015 قفزت بجامعة تل أبيب إلى المركز 67 عالميا، حسب تصنيف جامعة جياو تونغ شانغهاي الصينية. ففي عام 2003 مثلا، لم تقدم الجامعات الجزائرية إلا 615 بحث، بينما قدمت الجامعات الصهيونية 29524 بحث، بالرغم من أن عدد الطلبة في الدولة العبرية لا يزيد عن عشرين ألف طالب جامعي والبقية في معاهد فلاحية وعسكرية وصناعية وخدماتية تهتم بالناتج القومي. أما الطالب الجامعي الإسرائيلي، فلا همّ له سوى التاريخ والعلم بدليل حصول أكثر من مائتي يهودي، بدعم من إسرائيل، على جائزة نوبل تحت راية الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإنجلترا وألمانيا. وعادوا إلى تقديم ما جنوه للدولة العبرية التي توجد جامعاتها على الدوام ضمن الأوائل في مختلف التصنيفات. والجامعة العبرية في القدس لوحدها تنتج فكريا ضعف ما تنتجه 49 جامعة عربية، لأن 21 دولة عربية تصرف في كل عام قرابة 400 مليون دولار في البحث العلمي. وتصرف إسرائيل مع الدول الأوروبية في كل عام 300 مليار دولار، وجاوزت ميزانية أمريكا في العام الواحد التي تصرفها على البحث العلمي رقم 200 مليار دولار. والنتيجة هي هذا التطور الرهيب الذي تعرفه هذه الجامعات التي طورّت بلدانها وأنقذتها من مختلف الهزات الاقتصادية العاصفة التي شهدها العالم، بينما تصرف الجزائر 99 بالمائة من ميزانية وزارة التعليم العالمي في الخدمات الجامعية، من إطعام ونقل ومبيت وخدمات أخرى غير علمية أو بيداغوجية، وحتى الأموال المخصصة للبحث العلمي يستفيد منها بعض الأساتذة في سفريات سياحية، إلى الأردن وألمانيا، بحجة التربص وحضور الملتقيات الفكرية. والنتيجة هي الترتيب الضعيف، وأحيانا لا ترتيب إطلاقا، للجامعات الجزائرية، مقارنة بالجامعات العربية والإفريقية.. ولا نقول الأوربية والآسياوية والأمريكية.
