قصيدة الفرزدق في علي بن الحسين
08-12-2009, 05:22 PM

هَذا الّذي تَعــرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ وَالبَيـْتُ يعْرِفُهُ وَالحِـلُّ وَالحـــــَرَمُ
هذا بــنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِـــمُ هذا التّقيّ النّقيّ الطّـاهِـــرُ العَـلَــمُ
هـــذا بنُ فاطمَةٍ، إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ بِجَدّهِ أنْبِيـــــَاءُ الله قَدْ خُتِمُــــوا
وَلَيْسَ قَوْلُكَ: مَــن هذا؟ بضَائـرِه العُرْبُ تَعـــرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجــمُ
كِلْتا يَدَيْهِ غِيَـــاثٌ عَمَّ نَفعُهُمــَا يُسْتَوْكَفــــانِ، وَلا يَعرُوهُمـا عَــدَمُ
سَهْلُ الخَلِيقَــةِ، لا تُخشـى بَوَادِرُهُ يَزِينُهُ اثنانِ: حُســنُ الخَلـــقِ وَالشّيمُ
حَمّالُ أثقالِ أقوَامٍ، إذا افتُدِحُــــوا حُلوُ الشّمائــلِ، تَحلُـو عندَهُ نَعَــــمُ
ما قــال: لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُـّدِهِ لَوْلا التّشَهّـــدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَـــــمُ
عَمَّ البَرِيّــةَ بالإحسانِ، فانْقَشَعَـتْ عَنْها الغَياهِبُ والإمــْلاقُ والعَــــدَمُ
إذا رَأتْـــهُ قُرَيْشٌ قال قائِلُهـــا: إلى مَكَــارِمِ هذا يَنْتَهِـــي الكَــرَمُ
يُغْضِي حَياءً، وَيُغضَى مـن مَهابَتِه فَمَا يُكَلَّــــمُ إلاّ حِينَ يَبْتَسِــــــمُ
بِكَفّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُـــهُ عَبِــقٌ من كَفّ أرْوَعَ، في عِرْنِينِــهِ شمَـــمُ
يَكادُ يُمْسِكُــهُ عِرْفــانَ رَاحَتِـهِ رُكْنُ الحَطِيـــمِ إذا ما جَاءَ يَستَلِـــمُ
الله شَرّفَهُ قِدْمــــاً، وَعَظّمــَهُ جَــــرَى بِذاكَ لَــهُ في لَوْحِهِ القَلَـمُ
أيُّ الخَلائِقِ لَيْسَـتْ في رِقَابِهِــمُ لأوّلِيّـــةِ هَـــذا، أوْ لَهُ نِعــــمُ
مَن يَشكُرِ الله يَشكُــرْ أوّلِيّــةَ ذا فالدِّينُ مـــِن بَيتِ هذا نَالــَهُ الأُمَـمُ
يُنمى إلى ذُرْوَةِ الدّينِ التي قَصُرَتْ عَنها الأكــفُّ، وعن إدراكِهــا القَـدَمُ
مَنْ جَدُّهُ دان فَضْلُ الأنْبِيــاءِ لَـهُ وَفَضــْلُ أُمّتِـــهِ دانَتْ لَهُ الأُمَـــمُ
مُشْتَقّةٌ مِنْ رَسُـولِ الله نَبْعَتُـــه طَابَتْ مَغارِسُـهُ والخِيـــمُ وَالشّيَــمُ
يَنْشَقّ ثَوْبُ الدّجَـى عن نورِ غرّتِهِ كالشمس تَنجابُ عـــن إشرَاقِها الظُّلَـمُ
من مَعشَرٍ حُبُّهُمْ دِيــنٌ، وَبُغْضُهُمُ كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنجـــىً وَمُعتَصَــــمُ
مُقَدَّمٌ بعد ذِكْـــرِ الله ذِكْرُهُــمُ في كلّ بَدْءٍ، وَمَختـــومٌ به الكَلِــــمُ
إنْ عُدّ أهْلُ التّقَى كانــوا أئِمّتَهـمْ أوْ قيل: «من خيرُ أهل الأرْض؟» قيل: هم
لا يَستَطيعُ جَوَادٌ بَعــدَ جُودِهِــمُ وَلا يُدانِيهِـمُ قَــــوْمٌ، وَإنْ كَرُمُــوا
هُمُ الغُيُوثُ، إذا ما أزْمَةٌ أزَمَــتْ وَالأُسدُ أُســــدُ الشرَى، وَالبأسُ محتدمُ
لا يُنقِصُ العُسرُ بَسطاً من أكُفّهِــمُ سِيّانِ ذلك: إن أثَـــرَوْا وَإنْ عَدِمُــوا
يُستدْفَعُ الشرُّ وَالبَلْوَى بحُبّهِــــمُ وَيُسْتَرَبّ بِـهِ الإحْسَـــانُ وَالنِّعَـــمُ
تماسين مجد وأجداد