"من جُعل قاضياً بين الناس فقد ذُبح بغير سكين"
28-11-2007, 01:03 PM
- ما هو القضاء ؟
- حدد الفقهاء مفهوم القضاء من خلال موضوعه فقالوا عنه بأنه »الحكمبين الناس في دمائهم وأعراضهم وأموالهم وسائر حقوقهم « و هو نفسه ما يكرسه القانون الوضعي في شرائع العالم بمختلف توجهاته و أنظمته إذ تبقى مهمة القضاء النظر في النزاعات المعروضة عليه جزائية كانت أو مدنية و عندما أقول مدنية أقصد بها كل ما يتعلق بالحياة المدنية للشخص من أحوال شخصية و إيجار و مديونية ........الخ.
-
- لكن هل من السهل على الشخص أن يضطلع بمهمة القضاء؟
- هذا ما يجيب عليه بعض الفقهاء بقولهم، القضاء بين الناس مثلما له ميزاته، لما يهدف إليه من استقرار للمراكز القانونية إلا أن خطره عظيم جداً؛ لأنهيُخشى من القاضي أن ينحرف عن النزاهة و الحياد ليميل إلى أحد الخصمين، بسبب صلة قرابة قد تربطه به أو لكونه صديقا أو جارا له أو ذو جاه و نفوذ يبتغي منه خدمة أو منفعة لنفسه أو لذويه كما قد يكون هذا الشخص ذي سلطة أو رئاسة تخشى سلطته فهذه و غيرها من الاعتبارات، فتدفعه إلى الجور على الطرف الآخر، بالحكم عليه ظلما إذا كان متهما إثر متابعة جزائية، أو مدعى عليه في دعوى مدنية أو يكون الجور في الضفة الأخرى و ذلك بتبرئة ساحة المتهم مع وجود دلائل إدانته و رفض دعواه المدنية إذا كان شاكيا أو مدع بحق مدني، و يتذرع القاضي بأية حجج متأثرا بكل ما سبق ، و القضاء لا يخلو من هذه الحالات لضعف النفس البشرية و خضوعها لأي من تلك الأسباب و الدوافع.
فمثلما للقضاء خطره كما جاء موجزا أعلاه فإن له صعوباته لأنه على القاضي تحري و تقصي الحقيقة و ذلك لا يكون إلا ببذله الكثير من الجهد حتى يصل إلى الحكم الذي يقضي به بين المتخاصمين و ذلك ما عبر عنه الفقهاء بمعرفة الحكم الشرعي – القانوني- فالقاضي لا يقف عند الوقائع التي تسرد عليه من قبل أطراف الخصومة بل هو يبحث حتى فيالأدلة التي توضع بين يديه، و هذا بقدر ما فيه إجهاد للنفس من أجل الوصول إلى الحقيقة بقدر ما فيه تحقيق طمأنينة للقاضي من الحكم الذي قد يتوصل إليه.
صحيح أن في هذا الإجهاد إنهاك و إرهاق لبدن القاضي، غير أن فيه راحة لضميره فلا يخاف لومة لائم، ما لم يجر على أحد أما إذا جار، فقد القاضي هيبته و مصداقيته و خسر راحة ضميره و جلب لنفسه لعنة الله و الناس عليه.
قال الله تعالى:"يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِفَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْسَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌشَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ"

و قالرسول الله صلى الله عليه وسلم: "القضاة ثلاثة، اثنان في النار، وواحد فيالجنة، رجل عَلِمَ الحقَّ فقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى للناس على جهل فهو فيالنار، ورجل جارَ في الحكم فهو في النار)". أخرجه أبو داود وابن ماجه.
و قال أيضا،صلى الله عليه وسلم قال: "من جُعل قاضياً بين الناس فقد ذُبح بغير سكين"