في سابقة عالمية لم تحدث سوى مع الأندية الإسبانية في رابطة أوربا.
05-05-2015, 10:28 AM



لأول مرة في تاريخ الكرة الإفريقية، تجد الكاف التي يرأسها الكاميروني حياتو نفسها أمام ظاهرة غريبة بلون جزائري، في دور المجموعتين، الذي ستجري قرعة تحديد مبارياته اليوم الثلاثاء، حيث ستلعب ثلاثة أندية جزائرية ضمن الثمانية أندية من القارة السمراء المتبقية، وهو تواجد لا يمكن اعتباره من الصدفة، بالرغم من أن الوفاق السطايفي ومولودية العلمة تأهلا بضربات الترجيح واتحاد العاصمة اجتاز فريقا غينيا محروما من اللعب على أرضه، ولكن الأندية الجزائرية تألقت قبل بلوغ هذه المرحلة الصعبة والمعقدة، وقد تفعلها في دور المجموعتين وتصل كلها للدور نصف النهائي، وهو احتمال وارد في غياب كبار القارة الذين سقطوا جميعا خاصة الأندية العربية،
إذ سيغيب الأهلي المصري المقصى من فريق مغربي مغمور، كما أقصي الترجي التونسي أمام المريخ السوداني الذي يشرف عليه المدرب السابق للسنافر غارزيتو، ويغيب الرجاء المغربي المقصى على يد الوفاق، وهي فرصة من ذهب لأجل أن تحتفظ الجزائر بهذا اللقب الإفريقي الأهم، والذي يمنح لصاحبه فرصة لعب كأس العالم للأندية، وتمرير العديد من الرسائل خاصة للذين اعتبروا وجود فارق 11 نقطة بين الأول وفاق سطيف والأخير نصر حسين داي مؤشر ضعف الدوري الجزائري، وأيضا على الذين اعتبروا بلوغ أمل الأربعاء ومولودية بجاية نهائي كأس الجزائر هو انهيار كامل للمنظومة الكروية الجزائرية، في الوقت الذي تأهلت ثلاثة أندية ومنها المهددة بالسقوط للدرجة الثانية مثل مولودية العلمة، لدور المجموعتين من رابطة أبطال إفريقيا، في الوقت الذي سيغيب أحسن فريق إفريقي على مدار التاريخ الأهلي المصري.
لا كامرون ولا .. غابون
دور الثمانية أو المجموعتين المكوّنتين من أربعة فرق لكل واحدة، الذي ستجري تفاصيل قرعة مبارياته اليوم الثلاثاء، يتميز بعالم جديد من الأندية، فمولودية العلمة التي لم تكن معروفة حتى على المستوى الوطني، منذ خمس سنوات، تمكنت من أن تبني ناد مازال يحلم بأن ينتزع اللقب الإفريقي الكبير رابطة أبطال أمم إفريقيا، ويشارك في مونديال الأندية ولم يسبق له محليا وأن بلغ الدور النهائي لكأس الجزائر، ولا حتى بلغ المركز الثالث من الدوري الجزائري .
ولولا فوز الوفاق السطايفي بالتاج الإفريقي ومعاقبة شبيبة القبائل إفريقيا بعد حادثة مقتل إيبوسي لما شارك النادي في هذه المنافسة الكبرى، وكان سيشارك في المنافسة الأقل أضواء، وهي كأس الاتحاد الإفريقي التي شهدت خروج ممثلي الجزائر مولودية العاصمة وأولمبي الشلف، اللذين لعباها بدون روح، كما أن غالبية الفرق التي بلغت دور المجموعات بعد تخطيها لثلاث منافسين في ست مباريات، غير معروفة باستثناء ظاهرة الكرة الإفريقية في السنوات الأخيرة مازمبي الكونغولي الذي صار بلوغه دور المجموعتين من المسلّمات.
أما بقية الأندية فكلها من المفاجأت الكبرى، حيث وصل التيطواني المغربي وهو ليس من الأندية المغربية العريقة، وغابت الأندية التونسية عن الحدث، بالرغم من أن لاعبي أنديتها الكبيرة مثل الترجي والصفاقسي تمثل المنتخب التونسي الأول، وتواجدت السودان بفريقين لأول مرة في تاريخها وهما المريخ، الذي يدربه غارزيتو المطرود مرتين من نادي شاب قسنطينة، مرة الموسم الماضي في عهد بوالحبيب ومرة هذا الموسم في عهد بن طوبال، إضافة للهلال السوداني صاحب أكبر مفاجأة بإقصائه للترجي التونسي، وفاجأ النادي المصري المغمور سموحة كل المتتبعين للكرة الإفريقية الذين تعوّدوا على الأهلي المقصى أو الزمالك المتأهل للدور السادس عشرة من كأس الاتحاد الإفريقي، الذي ستشارك فيه الأندية المقصاة من الرابطة الإفريقية مثل الرجاء والترجي والأهلي، وكلها أندية من العيار الثقيل ولكنها متواجدة في المنافسة الأقل مستوى، وأقل مالا ولن تنقل المتوّج بها إلى كأس العالم للأندية، وطبعا غابت بلدان إفريقية كبيرة بأنديتها عن دور المجموعتين ومنها نيجيريا وغانا والسنغال ومالي، التي تأكد بأن كرتها مبنية على ما يردها من المحترفين في أوربا فقط، واختفت الغابون التي فازت بشرف تنظيم كأس أمم إفريقيا عام 2017، وكل البلدان التي تنظم الكان بعد هذا الموعد، كما غابت الكامرون، وكان ناديه القطن يصل في السنوات الماضية إلى أدوار متقدمة، وهو دليل على أن بلاد رئيس الكاف عيسى حياتو لا تعمل قاعديا، ورأس مالها الوحيد هو لاعبيها المتوطنين والمحترفين في أوربا فقط.
حياتو أمام كرات نصفها جزائري
عملية القرعة التي ستجري اليوم الثلاثاء لتعيين فرق المجموعتين إضافة إلى تواريخ المباريات، ستكون خالدة بمشهدها العام، لأن الكاف مجبرة على ذكر اسم الجزائر في 40 بالمئة من أسماء الأندية التي ستنشط هذا الدور المتقدم والحاسم، الذي سيعين أربعة أندية لبلوغ الدور نصف النهائي، ومن يدري فقد تتأهل الثلاثة أندية جميعا لهذا الدور، وهو ما لم يحدث أبدا في أي منافسة لرابطة الأبطال سواء في أوربا أو آسيا أو أمريكا الجنوبية، وسبق لإسبانيا في الموسم الكروي الماضي وأن بلغت بأنديتها الثلاثة، ريال مدريد وأتليتيكو مدريد وبرشلونة الدور ربع النهائي أو دور الثمانية في رابطة الأبطال الأوربية، وبلغ فريقيها الريال وأتليتيكو الدور النهائي، ومثلا مدينة واحدة في أكبر كأس للأندية في العالم.
سيتكرر اسم الجزائر وفرقها، كما لم يتكرر اسم أي بلد في تاريخ رابطة الأبطال الإفريقية، اليوم الثلاثاء، وهي رسالة قوية على أن الجزائر بلاد لكرة القدم، وهي القوة القادمة للعبة في القارة السمراء ليس على مستوى المنتخب الجزائري، وإنما محليا، بالرغم من النقطة السوداء التي تعاني منها الأندية بما فيها التي بلغت هذا الدور، حيث مازال اتحاد العاصمة، يتسوّل ملعبا للتدرّب والمنافسة، ومازال ملعب سطيف مهين لمدينة كبيرة، ونادي أحرز كل الألقاب الإفريقية والعربية والمحلية الممكنة، حتى وإن كان حظ العلمة أحسن، بالنظر إلى أن العلمة بلدية وليست ولاية وملعبها معشوشب طبيعيا ويتسع على قدر المدينة لقرابة 30 ألف متفرج، وهي غير بعيدة عن قسنطينة سوى بمسافة ساعة إلا ربع، عبر الطريق السيار، إن أراد ناديها نقل مبارياته لملعب الشهيد حملاوي الذي يجاوره فندق ماريوت، ناهيك عن العلاقة الحميمية بين أنصار العلمة والسنافير.
وتقدّم الأندية الثلاثة، مدارس متنوعة بين الفرنسية التي يقودها مدرب العلمة آكورسي، وألمانية مع مدرب الاتحاد العاصمي أوتو فيستر، وجزائرية مع المدرب نور الدين ماضوي، الذي عليه أن يقتنع بالبقاء مع النادي، بعد أن وصل إلى مرحلة الحسم للدفاع عن لقبه بنكهة جزائرية في وجود سبعة أندية تمثل البلدان العربية، وفريق واحد يمثل إفريقيا السوداء والكثير من الإحراج لهيئة عيسى حياتو.
المحليون يوجّهون رسالة إلى كريستيان غورغوف
مباشرة بعد تحقيق هذا الإنجاز غير المسبوق ليس محليا وإنما إفريقيا، تعالت أصوات لمقارنة دوري أبطال إفريقيا الذي ستلعب فيه العلمة وأخواتها، وبين دوري أبطال أوربا الذي من المفروض أن يلعب فيه براهيمي وفيغولي وربما سليماني إن بقي في لشبونة وجبور إن بقي في قبرص وحتى غولام إن فاز بأوربا ليغ، وبعض لاعبي ليون الذي سيعود لرابطة الأبطال الأوربية وبدأت المقارنة بتشيلسي وريال مدريد وجوفنتوس وما بين التيطواني والمريخ ومازمبي، من أجل التقليل من هذا الانجاز ونسفه واعتباره لا حدث.
ولكن الحقيقة أن الكثير من المنتخبات الإفريقية القوية والمنافسة على الألقاب وبطاقات التأهل لكأس العالم تتكون من لاعبين محليين، لا منافسة طوال السنة لهم غير البطولات الإفريقية للأندية مثل مصر وتونس وجنوب إفريقيا، ولا يمكن أن يكون كل لاعبي اتحاد العاصمة ومولودية العلمة ووفاق سطيف دون مستوى أي لاعب من الخضر، ولا توجد أندية إفريقية شاركت في مونديال العالم، تكبدت الهزائم الكبيرة والساحقة، بل إن مازمبي بلغ الدور النهائي من مونديال الأندية وكاد يتوّج باللقب.
والرسالة واضحة وقوية خاصة إذا تدعّمت بالتقارب الكبير في المستوى بين مختلف الأندية الجزائرية، ولو شاركت مولودية وهران أو شباب قسنطينة أو مولودية بجاية أو حتى اتحاد البليدة من الدرجة الثانية في هذه المنافسة لربما تمكنت من بطاقة العبور لدور المجموعتين، التي تعني المنافسة على اللقب وعلى بطاقة المشاركة في كأس العالم للأندية.